قبر يوسف الرامي
«أَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ ... وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ»
( متى 27: 59 ، 60)
بعد أن مات ربنا يسوع المسيح كان لا بد له أن يُدفن، حسب الكتب، لأنه هكذا مكتوب ( 1كو 15: 3 ، 4). ثم كان لا بد للمسيح أن يُدفن إكرامًا لناسوته القدوس. لكن كان لا بد له أيضًا أن يُدفن لكي تُستعلن بوضوح حقيقة القيامة. وهنا تقدمت المحبة لتكفّنه وتدفنه. والشيء اللافت للنظر أنه من لحظة موت المسيح أصبح جسده القدوس بعيدًا عن متناول الأشرار وأياديهم الملوثة المدنسة. ولم تلمسه سوى أيدي الأحباء. فكفَّنت الجسد الكريم وأضجعته في القبر.
لكن في أي قبر يُدفن المسيح؟ إن الرب - له المجد - كان غريبًا في الأرض، وكما لم يكن له في مولده موضع في المنزل، وكما لم يكن له في حياته أين يسند رأسه، هكذا لم يكن له عند موته قبر. ومع أن إبراهيم الخليل لم يكن له في الأرض سوى مُلك قبر، لكن ذلك المجيد، الذي افتقر وهو غني لكي نستغني نحن بفقره، لم يملك هذا القبر، ولذا فقد دُفن في قبر مُستعار.
وهنا أظهرت العناية الإلهية يوسف الرامي، الذي كان تلميذ يسوع، ولكن خفية بسبب الخوف من اليهود. وحياة ربنا يسوع المسيح كان فيها يوسفان: كلاهما بارٌ وكريم. الأول ظهر في بداية حياته على الأرض، والثاني في نهاية حياته. الأول يوسف الناصري رجل مريم، والثاني يوسف الرامي. الأول رجل رقيق الحال وفقير، بينما الثاني رجل غني ومُشير. الأول كان أول مَنْ تلقى الطفل الوليد، والثاني كان آخر مَنْ لامس جسد المسيح الذبيح. كأن يوسف الغني الذي دَفن الرب في مقبرته الجديدة حلَّ محل يوسف الفقير الذي كان واقفًا إلى جوار المطوَّبة مريم حول مذود المسيح.
وكما دخل المسيح العالم وقد حُبل به بلا دنس في بطن بكرٍ، هو بطن مريم العذراء خطيبة يوسف النجار، هكذا خرج من العالم دون أن يرى جسده فسادًا، في قبر بكرٍ كان ملكًا ليوسف الرامي.