|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
انكماش الكنيسة الغربية وكونها سبب من أسباب الثورة الفرنسية كانت الكنيسة الفرنسية في القرن 18 هيئه شبه مستقلة استقلالا ذاتيا، تتدخل في حياة المجتمع السياسي والاجتماعي والاقتصادي على جميع المستويات، وتفلت في الوقت المناسب من هيمنة الدولة. ومع أن الكهنة هناك لم يتجاوز عددهم المائة ألف فإنهم ملكوا عشر الأرض فضلا عن التمتع بدخل لا يُستهان به من العشور المفروضة على الفلاحين، وكانوا يحكمون أنفسهم بمجامع تعقد مرة كل خمس سنوات. وكان للكنيسة أرادتها الخاصة وهي مسئولة عن مالياتها وكانت معفاة من الضرائب، ولكنها قدمت منحة استطاعت بها أن تفرض الضغط المالي على الحكومة عن طريق التهديد بقطع هذه المعونة للخزانة أو خفضها. ولم تكن الكنيسة مستقلة ذاتيًا وحسب بل أنها مارست كثيرًا من السلطة التي طالبت بها الحكومات المدنية فيما بعد فقد كانت تهيمن على التعليم هيمنة تكاد تكون تامة، وكان الأعلام في قبضتها جزئيا لأن منبر الكنيسة كان الوسيلة الوحيدة لنشر الدعوة لسياسات الحكومة على جمهور كبير معظمة من الأميين، أضف إلى ذلك أن الكنيسة كان في استطاعتها منع المطبوعات التي كانت تري فيها خطرا على الدين أو على الأخلاق. ولم تكن الكنيسة مالكه كبيرة للأرض فقط، بل كانت مصدر للعمالة في المدن وعلي سيبل المثال فقد كانت الطوائف والطرق الدينية تمد معظم المستشفيات بموظفيها وكان النبلاء والبورجوازيون قد تربوا في مدارسها، والسكان جميعاُ يحتفلون بأعيادها الدينية وكانت أملاكها تشغل أجزاء كبيرة من المدن، ففي تولوز في الجنوب وابخيه شغلت المباني الكنسية وحدائقها نحو نصف مساحة المدينة وكان نظام الكنيسة الفرنسية مرآه تعكس نظام المجتمع العلماني، فقد فرق هذا النظام تفرقه حادة بين القيادة الكهنوتية الحاكمة والقاعدة من رجال الدين الفقراء، وكانت هذه التفرقة تقوم أساسا على شرف المولد " فقد كان الأساقفة كلهم من النبلاء، كذلك كانت رئاسة كثير من المجامع الكنسية والبيوت الدينية للرجال والنساء حكرًا على الطبقة الإقطاعية دون غيرها، بل كثيرا ما كان رؤساء الأديرة ورئيساتها ونظار الكنائس يعينون وهم ما يزالون أحداثًا. وشاع المجتمع بين المناصب، وكفلت الرواتب السخية والمنافع المتجمعة رزقا مربحا لرجال الدين النبلاء. وقد عين بعض كهنة المجامع الصغيرة في مناصبهم بفضل أسرهم البرجوازية القوية، ولكن الغنائم الكبرى ظلت بعيدة عنهم فقد كانت العشور تنقل لصالح الأديرة أو كهنة الكاتدرائيات، ويترك للخوري إعانة بسيطة، مما دعا الكثيرين منهم إلى استكمالها عن طريق القيام بعمل إضافي متواضع. أما القساوسة الوكلاء الذين لم يتيسر لهم هذا العمل الإضافي فكانوا يعيشون في فقر موقع. والي جانب التناقض الداخلي في الكنيسة بين الأساقفة من أصل نبيل ورجال الدين من المراتب الدنيا فقد قام التناقض بينهما وبين الفلاحين، فقد شاركت الكنيسة بوصفها مالكه كبري للأرض، ومالكه ملكية إقطاعية في إدارة أملاكها إدارة غلبت عليها روح الكسب الأمر الذي رأي فيه الفلاحون جشعا وبخلا قبيحين. وقبل الثورة الفرنسية كان رجال الطبقة الدنيا من الكهنة قد أخذوا يهاجمون ما أسموه بتسليط النبلاء الأرستقراطي داخل الكهنوت. ويطالبون بالمزيد من النفوذ داخل المجامع الخمسية وقد أدي تمرد الخوارنة (جمع خوري) عام 1780 الذي طالبوا فيه بتمثيل أكبر في مكاتب الأسقفيات إلى إعلان ملكي حرم عليهم "تشكيل اتحاد أو حِلف" ولما كان قسس الإيبرشيات يسيطرون في الغالب على مسامع جهود كنائسهم متحققين بعطف الناقدين المثقفين لكبار رجال الدين فقد ضاعف هذا التصدع في صفوف الكنيسة من الخطر على رؤساء الإكليروس. وقد أتيح لكهنة مدينة انجية فيما بعد الحصول للقساوسة على كل المقاعد الأربعة في مجلس طبقات الأمة 1789. وقد بلغت التطورات الكامنة داخل الكنيسة ذروتها في عام 1788 حين خرج المجمع الكهنوتي على تحالفه التقليدي مع التاج وانضم إلى النبلاء في الهجوم على الملكية فقد أسفرت هذه المواجهة السياسية التي قام بها رجال الدين عن تفاقم الصراعات الداخلية وتحريض القسس على التحالف بدورهم مع البرجوازية عندما شبت نار الثورة الفرنسية 1789. |
|