شهادة يوحنا للمسيح:
كان يوحنا يدرك تمامًا أنه مُرسَل لخدمة خاصة وهو الذي تنبأ عنه ملاخي: «هأنذا أرسل ملاكي فيهيِّئ الطريق أمامي» (ملاخي3: 1). لذا قال للجموع: «أنا أعمدكم بماء ولكن يأتي من هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أحل سيور حذائه. هو سيعمدكم بالروح القدس ونار» (لوقا3: 16).
أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه: "من أنت؟" فكانت إجابته: «أنا صوتُ صارخٍ في البرية» مُقتَبِسًا ما جاء عنه في نبوَّة إشعياء4: 3.
لم يرَ في نفسه أكثر من مجرد صوت لصارخ في البرية، لم يلفت النظر لنفسه أو خدمته التي كانت قد هزت أرجاء البلاد كلها.
لما رأى المسيح مقبلاً إليه قال: «هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم»، ولما رأه ماشيًا بعد ذلك قال: «هوذا حمل الله» (يوحنا1:29، 36). وسمعه اثنان من تلاميذه، فتبعا يسوع وتركاه. بحسب الظاهر خسر يوحنا تلميذين لكنه سُرَّ برؤيتهما يتبعان يسوع. وفي مناسبة أخرى جاء إليه بعض تلاميذه وبعض اليهود وأخبروه أن المسيح يعمِّد وأن الجميع يأتون إليه. ترُى كيف كان رد فعله؟ إن كلماته التالية تكشف عمَّا كان في قلبه نحو المسيح: «لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئًا إن لم يكن قد أُعطي من السماء. من له العروس فهو العريس. وأما صديق العريس، الذي يقف ويسمعه، فيفرح فرحًا من أجل صوت العريس. إذا فرحي هذا قد كمل. ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص» (يوحنا3: 27-30).