|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما معنى وضع رقعة جديدة على ثوب عتيق (مر 2: 21)؟ ج: قال السيد المسيح: " لَيْسَ أَحَدٌ يَخِيطُ رُقْعَةً مِنْ قِطْعَةٍ جَدِيدَةٍ عَلَى ثَوْبٍ عَتِيق وَإِلَّا فَالْمِلْءُ الْجَدِيدُ يَأْخُذُ مِنَ الْعَتِيقِ فَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَرْدَأَ" (مر 2: 21) فلو أن ثوبًا تعرَّض للتمزق أو ثُقِب نتيجة القِدَم، وأخذ الإنسان قطعة قماش جديدة وخاطها على الثوب العتيق ليعالج الثقب أو التمزق، ثم إذا تعرَّض الثوب للجذب فأن الرقعة الجديدة تتسبب في تمزق أكثر للثوب العتيق، وقصد السيد المسيح بهذا التشبيه التعبير عن مفهوم الصوم بين العهدين العتيق والجديد، فالصوم في العهد القديم كان تعبيرًا عن الحزن والدموع والحرمان، أما في العهد الجديد فصار الصوم إنعاش للحياة الروحية وتحرير للنفس. ويقول "الأب متى المسكين": "هنا أعتبر المسيح مبدأ الصوم تعبيرًا عن الحزن لا يتناسب أن يندس في تعليم العهد الجديد القائم على الفرح بالأخبار السارة أي الإنجيل. والقصد النهائي أنه لا يمكن الجمع بين القديم والجديد في وحدة واحدة، القديم بقدمه يبقى كما هو قديمًا ليُترَك جانبًا ويأتي الجديد بجديته وحده دون الخلط بين القديم وبينه. ويعلق العالِم راولنسن على هذا المَثَل بأنه ساطع وذو تأثير نفسي لأنه من واقع الحياة المنزلية. وفي الحقيقة ينسحب هذا المثل على كل وصايا وتعاليم الناموس القديم فيما لا يخص المسيَّا بالذات.." . وأيضًا قصد السيد المسيح من هذا التشبيه أن يوضح أنه من المستحيل الجمع بين الأفكار الفريسية البالية مع التعاليم الجديدة، فالفريسي الذي يظن أنه يستطيع أن يحتفظ بما لديه من مفاهيم وأعمال الناموس ويضيف إليها تعاليم المسيح، فأنه لن ينجح على الإطلاق في هذا المزج. قارن بولس الرسول بين عهد الله القديم للآباء بامتلاك الأرض وعهده الجديد الذي صنعه بدم صليبه قائلًا: " لأَنَّ هذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ يَقُولُ الرَّبُّ أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي أَذْهَانِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ" (عب 8: 10).. " لاَ فِي أَلْوَاحٍ حَجَرِيَّةٍ بَلْ فِي أَلْوَاحِ قَلْبٍ لَحْمِيَّةٍ" (2 كو 3: 3). أما عن العهد القديم بامتلاك الأرض فقال عنه أنه شاخ: " فَإِذْ قَالَ جَدِيدًا عَتَّقَ الأَوَّلَ. وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الاضْمِحْلاَلِ" (عب 8: 13) أن ما عُتِق وشاخ القريب من الاضمحلال هو هذا العتيق، أما العهد الجديد فقال عنه السيد المسيح: " وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلًا هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ" (لو 22: 20).. فالخلاص الذي صنعه السيد المسيح بدمه ليس من قبيل وضع رقعة جديدة على ثوب عتيق، بل هو ثوب كامل جديد من البر، أشار إليه إشعياء النبي في قوله: " فَرَحًا أَفْرَحُ بِالرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلهِي لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ. كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ" (إش 61: 10).. " لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً خَطِيَّةً لأَجْلِنَا لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ الله فِيهِ" (2 كو 5: 21). |
|