لا تحكم سريعًا على ما تراه، ولا تتسرع في تكوين رأي قد يكون واقعيًا في ظاهره لكنه مدمِّر في باطنه.
ففي السؤال الأول الذي طرحه ذلك الصحفي قد نراه من الواقعية أن نختار المرشح الثالث، لكن النتيجة النهائية تؤكد لنا أن الذهن البشري في أفضل حالاته قد يصدر أحكامًا خاطئة؛ لأنه في النهاية هو ذهن محدود وغير مُلِمّ بكل الأمور؛ لأن المرشح الثالث صار في النهاية واحد من أشرس الزعماء وأكثرهم سفكًا للدماء، رغم أن بداياته ربما لم تكن تُنبئ بذلك. وكذلك في السؤال الثاني قد يكون من الواقعية أن نحكم بالتخلص من الجنين، لكن بعد أن عرفنا أن ذلك الجنين صار هو بيتهوفن، فإننا حتمًا سنحكم على أنفسنا بالتسرع في إصدار الأحكام حتى ولو كانت واقعية في مظهرها. كذلك لا تحكم على الآخرين حكمًا سريعًا من خلال ما تراه بعينيك، فالله يعمل في الخفاء وبشكل لا تتوقعه في حياة أولاده، ومن تراه اليوم غير نافع قد تراه فيما بعد نافعًا جدًا، ومن تحسبه اليوم صغيرًا ضعيفًا قد تكتشف مع الأيام مقدار حبه لله وتتعجب لما تراه يحمل كنزًا روحيًا داخله نتيجة معاملات الله معه في الخفاء.
*