|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
“توب علينا” والرجوع للنفس! ولكي نفهم هذه التغيرات الفكرية الثلاثية، فعلينا أن نلقي نظرة على أوضح أمثلة التوبة في العهد الجديد، والذي رواه لنا فم الرب يسوع الكريم؛ وهو مثل الابن الضال. فهذا الابن الذي ترك أبيه، وكفر بوصايا أبيه وبمبادئه، لم يَعُد من ضلاله المُبين إلى أبيه المشتاق، إلا بعد أن تغيرت أفكاره الثلاثية تمامًا؛ فقد تغيرت أفكاره عن أبيه (ممثلاً لله)، وعن نفسه، وعن الخطية. فنقرأ هذه الكلمات الخالدة «فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا! أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ» (لوقا15: 17، 18). فهنا فَطن الابن الضال أن أباه ليس هو الأب القاسي الصامت “البخيل” الذي يحرمه من الخير والسعادة، ولكنه الأب الصالح الكريم الذي يُمتِّع حتى أجراه بالأكل الشهي وفيضان الخير، لدرجة أنه يفيض عنهم الخبز، وبهذا غيَّر أفكاره عن أبيه، وتاب عن طلبته القديمة الأنانية الحمقاء: «أَعْطِنِي الْقِسْمَ الَّذِي يُصِيبُنِي مِنَ الْمَالِ» (لوقا15: 12). وتغيرت أفكاره عن خطيته، فلم تعُد مجرد حرية واستخدام طبيعي ومبكر لميراثه الأصيل، ولكن أصبحت خطيته بمثابة الجريمة نحو أبيه ونحو السماء: «أخطأت إلى السماء»، وهذا عامل جديد لم يلتفت إليه الابن، وهو يترك بيته هاربًا وفرحًا بحريته المزعومة. وأخيرًا تغيَّرت أفكاره عن نفسه، فلم يبقَ هو الابن الذكي المُخطِّط الذي لا تقف أمامه مشكلة أو ضيقة، والذي لا يغلب في اتصالاته وعلاقاته، ولكنه وجد نفسه جائعًا ذليلاً، عاجزًا ومُحبَطًا: «أنا أهلك جوعًا»، بعد أن كان ابنًا مُعَزَّزًا مُكَرَّمًا، مُحَاطًا بحماية الأب ورغدته. ولما تغيرت هذه الأفكار الثلاثة، اتخذ القرار الصحيح بالرجوع لأبيه، واعترف له بكلمات رقيقة، ولكن قبل كل هذا تغيرت أفكاره عن أبيه وعن الخطية وعن نفسه، و«رجع إلى نفسه»، وهذا هو معنى التوبة الحقيقي المراد لنا، والذي به نختبر يوميًا روعة هذه الكلمات: “توب علينا يا رب!” |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
التوبة والرجوع |
أشير والرجوع |
هلم خارجا ولا تخف من السقوط والرجوع |
الشباب والرجوع الى الله |
الخطية والرجوع الى الله |