|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كسر السبت: 19 هكَذَا قَالَ الرَّبُّ لِي: «اذْهَبْ وَقِفْ فِي بَابِ بَنِي الشَّعْبِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ مُلُوكُ يَهُوذَا وَيَخْرُجُونَ مِنْهُ، وَفِي كُلِّ أَبْوَابِ أُورُشَلِيمَ، 20 وَقُلْ لَهُمُ: اسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا مُلُوكَ يَهُوذَا، وَكُلَّ يَهُوذَا، وَكُلَّ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ الدَّاخِلِينَ مِنْ هذِهِ الأَبْوَابِ. 21 هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: تَحَفَّظُوا بِأَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَحْمِلُوا حِمْلًا يَوْمَ السَّبْتِ وَلاَ تُدْخِلُوهُ فِي أَبْوَابِ أُورُشَلِيمَ، 22 وَلاَ تُخْرِجُوا حِمْلًا مِنْ بُيُوتِكُمْ يَوْمَ السَّبْتِ، وَلاَ تَعْمَلُوا شُغْلًا مَّا، بَلْ قَدِّسُوا يَوْمَ السَّبْتِ كَمَا أَمَرْتُ آبَاءَكُمْ. 23 فَلَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يُمِيلُوا أُذُنَهُمْ، بَلْ قَسَّوْا أَعْنَاقَهُمْ لِئَلاَّ يَسْمَعُوا وَلِئَلاَّ يَقْبَلُوا تَأْدِيبًا. 24 وَيَكُونُ إِذَا سَمِعْتُمْ لِي سَمْعًا، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلَمْ تُدْخِلُوا حِمْلًا فِي أَبْوَابِ هذِهِ الْمَدِينَةِ يَوْمَ السَّبْتِ، بَلْ قَدَّسْتُمْ يَوْمَ السَّبْتِ وَلَمْ تَعْمَلُوا فِيهِ شُغْلًا مَّا، 25 أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي أَبْوَابِ هذِهِ الْمَدِينَةِ مُلُوكٌ وَرُؤَسَاءُ جَالِسُونَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ، رَاكِبُونَ فِي مَرْكَبَاتٍ وَعَلَى خَيْل، هُمْ وَرُؤَسَاؤُهُمْ رِجَالُ يَهُوذَا وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ، وَتُسْكَنُ هذِهِ الْمَدِينَةُ إِلَى الأَبَدِ. 26 وَيَأْتُونَ مِنْ مُدُنِ يَهُوذَا، وَمِنْ حَوَالَيْ أُورُشَلِيمَ وَمِنْ أَرْضِ بِنْيَامِينَ وَمِنَ السَّهْلِ وَمِنَ الْجِبَالِ وَمِنَ الْجَنُوبِ، يَأْتُونَ بِمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ وَتَقْدِمَاتٍ وَلُبَانٍ، وَيَدْخُلُونَ بِذَبَائِحِ شُكْرٍ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. 27 وَلكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لِي لِتُقَدِّسُوا يَوْمَ السَّبْتِ لِكَيْلاَ تَحْمِلُوا حِمْلًا وَلاَ تُدْخِلُوهُ فِي أَبْوَابِ أُورُشَلِيمَ يَوْمَ السَّبْتِ، فَإِنِّي أُشْعِلُ نَارًا فِي أَبْوَابِهَا فَتَأْكُلُ قُصُورَ أُورُشَلِيمَ وَلاَ تَنْطَفِئُ». طالب الله إرميا النبي أن يقف في باب "بني الشعب" [19]. يرى البعض أنه باب "بنيامين"، وهو باب خاص بالمدينة (إر 37: 13؛ 38: 7)، وإن كان البعض يرى أنه يتحدث عن باب خاص بالهيكل كان يدخل منه ويخرج منه الشعب؛ ليقف بعد ذلك في كل أبواب أورشليم [19]. طالبه أن يوجه حديثه إلى "ملوك يهوذا وكل يهوذا وكل سكان أورشليم الداخلين من هذه الأبواب" [20]. لماذا يقول "ملوك يهوذا" وليس "ملك يهوذا"؟ يرى البعض أنه يقصد بالملوك هنا كل الشعب كمقابل للكهنة ، ربما لأن كل واحد صار كملكٍ يريد أن يتسلط ويسيطر، ليس من يقبل أن يسمع أو يطيع! موضوع الحديث هو "حفظ السبت"، وهو موضوع الأجيال كلها، تحدث عنه الأنبياء كأمرٍ أساسي، بل هو موضوع حياتنا اليومي: تقديس يوم الرب كباكورة لتقديس أيامنا فتصير كلها للرب! يطالبهم بحفظ السبت لأجل حياتهم لأنها صارت في خطرٍ، إذ يقول"تحفزوا بأنفسكم" [21]، فلا يحملوا فيه حملًا ولا يمارسون عملًا [22-23]، (خر 20: 10؛ تث 5: 14)، هذا من الجانب السلبي، أما من الجانب الإيجابي فيقول: "قدسوا يوم السبت" [22]، أي اسلكوا في نقاوة قلب وقدسية حياة وكما جاء في رسالة برناباس: [نخطئ إذا اعتقدنا إننا نستطيع أن نقدس اليوم الذي قدسه الرب بدون أن نكون أنقياء القلوب]. أما بركاته فهي: أ. قمة الوعد الإلهي لحفظ السبت هو أن يدخل ملوك ورؤساء من الأبواب ويجلسون على العروش ويركبون مركبات وخيولْ. بمعنى آخر إن حفظ الشعب سبت الرب، يحفظ الرب مملكتهم ويعطيهم وملوكهم كرامة وقوة وسلطانًا، فيعيشون في حرية ومجدٍ، قائلين مع القديس يوحنا: "جعلنا ملوكًا وكهنة لله أبينا" (رؤ 1: 6). إن قدسنا عمرنا بروح الله القدوس، تصير حياتنا مقدسة له، سبتًا دائمًا، تُفتح أبواب قلوبنا، أورشليم الداخلية، ليدخل فيها ملك المجد، ويقيم مملكة ابن داود في داخلنا، ويجعل منا ملوكًا أصحاب سلطان على الفكر والإرادة كما على الحواس، لنفكر وننطق ونعمل حسب مشيئته الملوكية السماوية. ب. أما البركة الثانية فهي أنهم يأتون من ست مناطق ليقدموا محرقات وذبائح وتقدمات ولبان مع الشكر: "ويأتون من مدن يهوذا ومن حواليّ أورشليم ومن أرض بنيامين ومن السهل ومن الجبال ومن الجنوب، يأتون بمحرقات وذبائح وتقدمات ولُبان ويدخلون بذبائح شكر إلى بيت الرب" [26]. إذ يُقدس الشعب يوم الرب تُجتذب نفوس كثيرة من كل جانب كعابدين حقيقيين للرب يقدمون محرقات حب وذبائح شكر مع ذبائح وتقدمات عن الخطايا والضعفات ليتمتعوا بالمصالحة مع الله. هكذا إذ تتحول حياتنا إلى يومٍ مقدسٍ للرب، نجتذب نفوسًا كثيرة للرب، تشترك معنا في العبادة الروحية. نقدم في أعماقنا حياتنا ذبيحة حب دائمة، ونبذل حياتنا تقدمة للرب الذي بذل ذاته لأجلنا، يرتفع في داخلنا بخور صلاة مقبولة لديه، ونُحسب أهلًا أن نشترك مع السمائيين في الشكر والتسبيح الدائم. أما ثمرة العصيان وعدم تقديس السبت فهو: "إني أشعل نارًا في أبوابها، فتأكل قصورها أورشليم ولا تنطفئ" [27]. حفظ السبت ليس هبة نقدمها لله، ولا عطية من جانبنا، إنما هو حفظ لأورشليمنا الداخلية، فيكون كسورٍ ناري مقدس يحفظنا من ضربات العدو وسهامه النارية. فإن تراخينا نفقد القداسة وتشتعل الأبواب كما القصور بالنار لا للتطهير بل للإبادة. تفقد أورشليمنا أسوارها وإمكانياتها، كقول الرب عن يهوذا "لأنهم رفضوا ناموس الله ولم يحفظوا فرائضه وأضلتهم أكاذيبهم التي سار آباؤهم وراءها، فأرسل نارًا على يهوذا فتأكل قصور أورشليم" (عا 2: 5). أساء اليهود إلى السبت بتفسيره بطريقة حرفية. يقدم لنا العلامة أوريجينوس أمثلة للتفسير الحرفي اليهودي والذي دخل بهم إلى خرافات لا حد لها (1 تي 1: 4) ففسروا القول: "لا تحملوا حملًا يوم السبت" [21]، بأنه إن كان نعل الإنسان به مسامير يُحسب ذلك "حملًا" فلا يلبسه يوم السبت، وإن لم توجد مسامير فلا يُحسب حملًا. أيضًا أن حمل إنسان حملًا على كتفٍ واحدة فيحسب ذلك حملًا، أما إن حمله على كتفيه فلا ُيحسب كذلك . قدم لنا الكتاب المقدس "حفظ السبت" من جوانب كثيرة، لكنه ركز عليه كعيدٍ مفرحٍ وراحة في الرب القدوس. فمن الجانب الظاهري كان السبت امتناعًا عن العمل، حتى عن جمع المن النازل كهبةٍ إلهيةٍ (خر 16: 21-30)، من يعمل يتعرض للغضب الإلهي. وجاء السبت يحمل فكرًا اجتماعيًا روحيًا، فقُدم راحة للغرباء والأجراء والعبيد حتى الحيوانات، فيه يذكر الشعب أنه كان قبلًا متغربًا في مصر تحت العبودية فلا يقسوا على خليقة الله (خر 23: 12؛ تث 5: 12-15). وحمل السبت فكرًا أخرويًا انقضائيًا بكونه رمزًا للراحة المقبلة (إر 17: 21-27؛ عب 4). أخيرًا فإن السبت هو فرصة لا للخمول والتوقف عن العمل، بل للتمتع بالعبادة لله القدوس لينعم الكل بشركة الحياة الإلهية (لا 23: 3؛ عد 28: 9-10). وكأن السبت كما يحدثنا عنه سفر اللاويين هو التقاء مع الله خلال العبادة المقدسة والذبيحة، لا لنكرم الله بعبادتنا، لكن ما هو أعظم لكي ننعم بعمل الله فينا واهبّا إيانا الشركة معه لندخل به إلى قداسته. تقديس السبت في جوهره هو تمتع بالراحة، إذ كلمة "سبت" في العبرية تعني "راحة"، سرها اتحادنا مع ربنا يسوع المسيح القدوس لننعم به بالحياة الجديدة المقدسة. لقد دعاه إشعياء النبي: "مسرة"، "مقدس يهوه"، "المكرم" (إش 38: 53)، وقدم لنا سفر المزامير تسبحة خاصة بالسبت هي تسبحة فرح وحمد لله (مز 92). السبت هو عيد التمتع بالراحة في الرب السماوي، فيه نذكر راحة الله في اليوم السابع (تك 2: 3) كرمزٍ ليوم الرب الأبدي كما يقول القديس أغسطينوس الذي فيه [نستريح ونرى، نرى ونحب ونسبح. هذا ما سيكون في النهاية التي بلا نهاية]. هو عيد الراحة لا من عبودية فرعون (تث 2: 15) وإنما من عبودية الشر كقول القديس إكليمنضس الإسكندري: [إننا نتمسك بالسبت الروحي حتى مجيء المخلص، إذ استرحنا من الخطية ]. هو عيد مفرح ننعم به هنا كعربونٍ للحياة السماوية كعيد تسبيح لا ينقطع، وكما يقول القديس جيروم معلقًا على مزمور يوم السبت (مز 92): [لا يمكن أن يوجد سبت ما لم يسبقه ستة أيام. نحن نعمل الستة أيام لنستريح في السابع. لا نقدر أن نسبح الرب إلا في يوم السبت (مز 92) مادمنا مشغولين بأعمال العالم، أي مادمنا في الستة أيام لا نستطيع أن نُغني للرب... ليس أحد في يوم السبت، أي في راحة الرب، يعمل عملًا دنيئًا، أي يرتبك بأعمال العالم، إنما يلزمه أن يعمل ما يخص السبت. أتريد أن تعرف أنه في السبت يعمل الكهنة في هيكل الرب بينما لا يُسمح لأحدٍ أن يقطع فيه حطبًا، ففي الحقيقة الرجل الذي اُكتشف أنه يجمع حطبًا في البرية رُجم للموت (عد 15: 32-36). في السبت لا يشعل أحد نارًا ولا يمارسأي عمل... إذن لنرى أنه يليق بنا أن نسبح في السبت عندما نترك أعمال هذا العالم]. |
|