|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنْ يَصْنَعَ رَحْمَةً، بَلْ طَرَدَ إِنْسَانًا مِسْكِينًا وَفَقِيرًا، وَالْمُنْسَحِقَ الْقَلْبِ لِيُمِيتَهُ [16]. من هو الإنسان المسكين والفقير والمنسحق إلا السيد المسيح الذي من أجلنا افتقر، ولم يكن له أين يسند رأسه، وقد طلب اليهود صلْبه وموته. هذا كله قلبه لكي يغنينا بفقره، ويحيينا بموته. ويرى القديس أغسطينوس أن السيد المسيح صار مستعطيًا (متسولًا)، يطلب من المرأة السامرية: "أعطيني لأشرب" (يو 4: 7)، ويقول على الصليب: "أنا عطشان" (يو 19: 28) وذلك من أجل خلاصنا. * "من أجل أنه لم يذكر رحمة". من الأفضل فَهْم "لم يذكر" أنها بخصوص الشعب (اليهودي)، فإنهم إن كانوا قد قتلوا المسيح كان يليق بهم أن يذكروا هذا في توبةٍ، ويتعاملون مع أعضائه بالرحمة، هؤلاء الذين أصروا على اضطهادهم. القديس أغسطينوس * "من أجل أنه لم يذكر أن يظهر رحمة". تعلموا ما هو لطف الرب! إنه يرى يهوذا قادمًا مع الحراس والعسكر، رآه قادمًا ومعه العصي، ويقدم قُبْلَة. جاء ليخون الرب، والرب يقدم قبلَّة، حتى أن ذاك الذي فيه خوف السيد يُقهَر بالحنو. "بل اضطهد إنسانًا مسكينًا وفقيرًا". من هو هذا إلا الغني الذي افتقر لأجلنا (2 كو 8: 9). دعا الرب نفسه مُعْدَمًا وشحاذًا، فمن من حقه أن يفتخر بثروته؟ لتتعزى أيها الفقير، فالرب فقير معك. "ومنسحق القلب ليميته". ماذا يعني بالمنسحق القلب ليميته؟ نفس ما يُقال في الإنجيل: "نفسي حزينة حتى الموت" (مت 26: 38). وأيضًا: "يا أبتاه، إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس" (مت 26: 39). أو ربما تعني: كنتُ حزينًا وكنتُ في ألمٍ عميق من أجل مُضْطَهِدي، لأنهم يرفضون أن يتوبوا. كنتُ مُعَلَّقًا على الصليب وبدمي غسلتُ أدناسهم، وهم يرفضون الندمة. هذا هو حزني وانكسار قلبي إنني عاجز عن أن أُخَلِّص الذين يضطهدونني. القديس جيروم القديس يوحنا الذهبي الفم* هذه هي علامة القسوة المتناهية، علامة الوحشية الشديدة عندما لا يُصدِر فقط خططًا، وإنما يمارس هذا ضد من كان حاله يحتاج إلى من يرحمه ويحنو عليه. مثل هذا الشخص في الواقع ينحدر إلى ضراوة الوحوش المفترسة - أو بالحري يبرهن على أنه أبشع منها. الهمجية -فوق كل شيء- هي ممارسة لطبيعة الحيوانات الوحشية. أما هذا الشخص فصادر النبل لممارسة الشر... بينما لدى الوحوش نوعًا من الحب والحنو على من هم من ذات فصيلتها وعلى علاقة بها. مثل هذا لا يحترم الطبيعة العامة، بل يأخذ موقفًا مضادًا ومنحرفًا، بينما كان يلزم أن يُظهِر الرحمة والرفق والإصلاح. |
|