منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 30 - 08 - 2023, 11:58 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,281

آرميا النبي | الالتقاء مع الله



الالتقاء مع الله

سر تعزيته أنه اعتزل مجالس الأشرار المازحين، الذين يطلبون الفرح الزمني المملوء مزاحًا ليجلس مع الله وحده، يبكي على خطايا الشعب ويحزن ويغضب بسبب هلاكهم، دون أن يفقد سلامه وبهجته. إذ يقول: "لم أجلس في محفل المازحين مبتهجًا، من أجل يدك جلست وحدي، لأنك قد ملآتني غضبا" [17].
إن كانت ثروة الملك ورجاله مع كل الشعب وخزائنهم قد دُفعت للنهب فافتقروا ودخلوا في ذلٍ وعارٍ مع مرارة، فإن ثروة إرميا النبي وخزائنه هي كلمة الله التي لا يقدر عدو أن ينهبها أو يسلبها منه، فيبقى وسط الآلام والمتاعب مملوء شبعًا وفرحًا! هذا هو كل ما تُرك لإرميا، كلمة الله، التي يراها القيادات والشعب حتى عائلته إنها كلا شيء، وكانوا يسخرون منه، ولم يدركوا أنها هي كل شيء!
المزاح هو عدم الجدية في اهتمام الإنسان بخلاص نفسه وخلاص الآخرين، سواء في عبادته الخاصة أو العامة أو خدمته للغير. أخبروا هيرودس عن موقع ميلاد المسيح، لكنهم لم يفكروا في الالتقاء معه بجدية، بينما جاء المجوس من المشرق يعبرون مسافات طويلة في جدية ليلتقوا بمخلصهم!
كان إرميا النبي جادًا لذلك كانت نفسه مُرّة من أجل خلاص إخوته... وهذا يهبه فرحًا داخليًا لا يُعبر عنه.
قيل عن الإنسان المازح: "مثل المجنون الذي يرمي نارًا وسهامًا وموتًا، هكذا الرجل الخادع قريبه ويقول: ألم ألعب أنا؟!" (أم 26: 18). هكذا من يخدع أخاه تحت ستار المزاح يلقي بنارٍ في قلبه ليحرق ويبدد، ويصوب سهامًا لنفسه فيقتلها ويفقد كل حياة!
استخدمت كلمة المزاح بالعبرية عن النساء اللواتي لعبن وقلن "ضرب شاول ألوفه وداود ربواتهِ" (1 صم 18: 7)، فكن يسخرن بالملك شاول مما أثار فيه حمية الحسد وفكر جديًا في قتل داود. هذا هو عمل المزاح القاتل والمثير للمتاعب!
ورد في زكريا (زك 8: 5): "وتمتلئ أسواق المدينة من الصبيان والبنات لاعبين في أسواقها"، فالمزاح من سمة الصبيان لا الناضجين.
مجلس المازحين يعني مجلس المستهزئين بخلاصهم، في القيادات اليهودية في أيام السيد المسيح كانوا مجالس مازحين.
مجلس المازحين هم جماعة الأنبياء الكذبة الذين نطقوا بغير الحق، وظنوا في ذلك بهجة وسلامًا، أما إرميا الناطق بالحق فبقى وحده، إذ تركه الجميع وحسبوه متشائمًا... أدرك غضب الله على شعبه فامتلأ حزنًا!
من أجل يد الله جلس إرميا وحده وامتلأ بغضب الله، ويقصد بيد الله هنا الإعلان النبوي أو الكشف عن خطة الله... وكأن يد الله قد امتدت لتكشف لإرميا عن الحق الإلهي الذي رفضه الشعب، وما سيحل بهم من تأديبات كأنها حلت به هو شخصيًا. إنه يردد مع المرتل: "لأن سهامك قد انتشبت في، ونزلت عليّ يدك. ليست في جسدي صحة من جهة غضبك. ليست في عظامي سلامة من جهة خطيتي" (مز 38: 2-3).
"جلست وحدي لأنك قد ملأتني غضبًا" [17]
سبق أن رأينا في (إر 12: 6) أن عائلته قد دعته: "مملوء سكرًا"، وها هو يقول لهم: "إنني لست مملوء سكرًا، بل مملوءً بالغضب الإلهي، أحمله عنكم. إن ما يسكرني ليس الخمر بل رؤيتي للغضب الذي تسقطون تحته".
"جلست وحدي" [17].
يرى العلامة أوريجينوس في هذه العبارة دعوة كتابية لكي تكون لنا الحياة المميزة الفريدة!
["جلست وحدي" [17]. ينبغي أن نتعلم من هذه العبارة عندما تكون هناك جماعة من الخطاة لا تحتمل أن ترى إنسانًا تقيًا يعيش في حياة التقوى، لهذا يليق بالإنسان أن يهرب من محفل الرذيلة، يفعل مثل إرميا الذي قال: "جلست وحدي"، ومثل إيليا الذي قال: "يا رب قتلوا أنبيائك وهدموا مذابحك وبقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي" (رو 11: 3).
لكن إذا نظرت بطريقة أعمقإلى كلمات "جلست وحدي"، ربما تجد لها تفسيرًا أكثر عمقًا يليق بها.
عندما نحيا مثلما يحيا جميع الناس، ولا تكون لنا حياة مستقلة خاصة ومميزة بالنسبة لباقي الناس، لن نستطيع أن نقول: "جلست وحدي"، إنما نقول: "جلست مع أناسٍ كثيرين". لكن - على العكس - إذا أصبحت حياتي مميزة بحيث يصعب على الناس تقليدها، لا يستطيع أن يشابهني أحد لا في أعمالي ولا في عقيدتي ولا في حكمتي، عندئذ يمكنني أن أقول "جلست وحدي". إذن يمكنك أن تقول هذه الكلمات، حتى ولو لم تكن كاهنًا أو أسقفًا وليس لك أية رتبة كنسية، ذلك حينما تحيا الحياة التي تمكّنك من أن تقول: "جلست وحدي"].
قوله: "جلست وحدي لأنك قد ملأتني غضبًا" [17]، ينطبق على السيد المسيح الذي دخل البستان وحده ليحمل غضب الله عنَّا، إذ يقول لتلاميذه "وتتركوني وحدي..." كما يقول: "نفسي حزينة جدًا حتى الموت". جلس وحده في البستان لأنه حمل خطايانا على كتفيه. لنتشبه به فندخل معه في البستان وحدنا لكي نئن من أجل سقطات كل أحدٍ، ونحسبها سقطاتنا فنقول:
"جلست وحدي لأنك قد ملأتني مرارة" [17](LXX) .
يقول العلامة أوريجينوس:
["لأنني قد امتلأت مرارة" [17]. إن كان الطريق المؤديإلى الحياة ضيق وكرب (مت 7: 14) لا يمكنك أن تتمتع بأية عذوبة الآن، بل عليك أن تمتلئ بمرارةٍ في هذه الحياة. ألا تعلَم أن عيدك يُحتفل به على أعشاب مُرّة؟ يقول الكتاب المقدس أنه حينما تحتفل بالعيد لا بالعهد الإلهي أن تأكل فطيرًا على أعشابٍ مُرّة (خر 12: 8). ماذا يعني الكتاب حينما يؤكد أنه للاحتفال بأي عيدٍ خاص بالرب لا بالعهد الإلهي من أكل الفطير على أعشابٍ مُرّة؟ هلموا نبحث هذا الموضوع. موضوع "الفطير" سبق أن شرحه لنا بولس الرسول عندما قال: "إذًا لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الإخلاص والحق" (1 كو 5: 8). ينبغي أن يكون التفسير الذي أضيفه موافقًا ومناسبًا لتفسير الرسول ومكملًا له. يجب عليك أن تفهم ماهي الأعشاب المُرّة، حينما تربط بينها وبين كون الفطير "فطير الإخلاص والحق"؛ فبمجرد أن يكون عندك إخلاص وحق تجد أمامك أعشابًا مُرّة، وتأكل مع الأعشاب المُرّة فطير الإخلاص والحق.
ينطبق هذا على بولس الرسول: فلأنه كان يأكل فعلًا فطير الإخلاص والحق، بسبب ذلك كان يأكل أيضًا "الأعشاب المُرّة".
كيف كان ذلك؟
قال: "أفقد صرت إذًا عدوًا لكم لأني أَصْدُقُ لكم؟!" (غلا 4: 16). كيف كان يأكل أيضًا الأعشاب المُرّة؟ كان يأكلها كالآتي: "في كدٍ وتعبٍ، في أسهارٍ مرارًا كثيرة، في جوعٍ وعطشٍ إلخ." (2 كو 11: 27-28). ألا يعتبر ذلك كله "حقًا" مع أعشابٍ مُرّة؟ أو فطيرًا على أعشاب مُرّة؟
تقول الشريعة: "كلوا فطيرًا مع أعشاب مُرّة" ولم تقل: "كلوا فطيرًا مع أعشاب مُرّة حتى تمتلؤا وتشبعوا"؛ لذا فإن النبي قد فعل أكثر مما تتطلبه الشريعة، فهو يقول: "لقد امتلأت مرارة" ولم يقل: "قد أكلت مرارة"، أي: قد أخذت نصيبي من المرارة بما فيه الكفاية].
لماذا كان وجعي دائمًا؟!
["لماذا يكرهوني ويغضبون على دائمًا؟" (LXX) لقد عانَى إرميا من مضايقات كثيرة، وتألم بسبب الذين لم يريدوا أن ينصتوا للحق والذين كانوا أقوى منه هنا على الأرض فقط، لأن ملكوت الله ليس من هذا العالم بل من فوق. كما يقول المخلص: "لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود" (يو 18: 36). إذًا الذين كانوا يضايقون النبي كانوا يضايقونه في هذا العالم فقط. انظروا أيضًا الشهداء: يجلس القاضي على مقعده على منصة الحكم ليقضي ويحكم وهو في غاية الراحة، بينما يقف الإنسان المسيحي الذي "يحاكم السيد المسيح فيه"، وقد "امتلأ مرارة" وهو موضوع تحت رحمة إنسانٍ غير عادل ليُحكم عليه ].
"لماذا كان وجعي دائمًا؟!
وجرحى عديم الشفاء؟! يأبى أن ُيشفي!
أتكون لي مثل (جدول مياه) كاذب، مثل مياه غير دائمة" [18].
كثيرًا ما استخدم إرميا النبي اصطلاحات طبية، فقد شعر بخطورة المرض الذي أصاب شعبه (إر 6: 7؛ 8: 21-22؛ 20: 12، 15)، مظهرًا تعاطفًا شديدًا معهم.
والآن يشعر بالجراحات قد أصابته هو، ربما بسبب شدة اضطهادهم له، فصار مريضًا وجريحًا، جرحه عديم الشفاء...
إنه لا يعاتب الشعب الذي اضطهده، وإنما في مرارة نفسه ودالة الحب يعاتب الله الذي أرسله للخدمة، قائلًا له: "لماذا؟" ربما في جسارة يعاتبه: "أتكونلي مثل كاذب، مثل مياه غير دائمة"... فقد سخر به الكل، وبدى كأنه قد هُزم مع أن الله وعده بالنصرة والحماية الدائمة... بقوله "مثل" يؤكد إرميا أن الله لم يخدعه ولن يكون كمجرى ماء كاذب، لكن هكذا ظهر الله في عيني أعداء إرميا الذين عيروه.
هذا ويمكن القول بأن ما نطق به إرميا هنا إنما نطقه باسم الشعب وهو يعاني من السبي، مؤكدًا لشعبه أنه لا يشمت فيهم بل يحسب جراحاتهم جراحاته وأمراضهم أمراضه.
كأنه يقول: لن ينتهي وجعي إلا بانتهاء آلامكم، ولن يُشفي جرحي ما لم تُشفً جراحاتكم. هذا ما عبر عنه الرسول بولس قائلًا: "من يعثر وأنا لا التهب؟! من يضعف وأنا لا أضعف؟!"
وقد عبر القديس يوحنا الذهبي الفم عن هذا الحب العجيب نحو الغير، قائلًا:
[لا نعجب من الرسول بولس في إقامته الميت، ولا تطهيره الأبرص، إنما نعجب من قوله: "من يضعف وأنا لا أضعف؟! من يعثر وأنا لا ألتهب؟!" (2 كو 11: 21).
لو كان في قدرتك صنع آلاف المعجزات، فإنها لن تعادل هذا القول... كلماته هذه أثمن من اللآلئ].
جرح عديم الشفاء

يعلق العلامة أوريجينوس على العبارات السابقة، قائلًا:
["جرحي عديم الشفاء.
من أين يأتيني الشفاء؟" [18].
الذين يضايقونني يضربوني، وجرحي عديم الشفاء.
يمكن أن تكون هذه العبارة نبوة عن صلب السيد المسيح، كما يمكن أن يكون المقصود بها كل الأبرار الذين يتحمل السيد المسيح فيهم جرحًا عديم الشفاء. أو يمكن أن يكون المقصود هو إرميا النبي نفسه لأنه قاسي أتعابًا وآلامًا كثيرة. يمكن أن يطبق النص على جميع هذه الحالات.
من أين يأتيني الشفاء؟" إن كان السيد المسيح هو الذي يقول ذلك، فهو يتنبأ بذلك عن قيامته من الأموات بعد الجرح العديم الشفاء.
"لقد صارت لي مثل مياه مضللة وغير مخلصة" ].
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
آرميا النبي | طلب الله من إرميا النبي أن يمارس عملًا
آرميا النبي | يقدم الله أيضًا إجابة لتساؤل النبي
آرميا النبي | كأّن الله يعاتب إرميا النبي
آرميا النبي | كأن الله يُعطي لإرميا النبي طمأنينة
آرميا النبي | تمتع إرميا النبي بتقديس الله


الساعة الآن 07:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024