|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
“فُرجت” والخطر وهنا نأتي للفكرة الأخيرة، وهي الخطر الذي نكون معرضين له أوقات الراحة والفرج، والذي يكمن في أن الإنسان يكون قريبًا جدًا من الله وقت الضيق، ويفكِّر ألف مرة قبل أي خطوة عصيان أو تمرد، ولكن حين يأتي الفرج، وتُحَلّ المشكلة، يبدأ في فك جماح شهواته المكبوتة، ورغباته العاصية، ويُخرِج الوجه الحقيقي له، ولسان حاله مبتسمًا: هيا لفعل الخطية، فقد “فُرجت” المشكلة المستعصية!! وهذا بالضبط ما حدث مع فرعون مصر، فبعد ضربات كثيرة موجَّهة من الله القدير عليه وعلى آلهته الوهمية، وبعد أن تضايق بشدة من مزاحمة الضفادع له في بيته وملابسه ومضجعه، فإذ به يطلب من موسى وهارون أن يصليا لأجله، لكي يرفع الله عنه هذا البلاء، وبالفعل يستجيب الله الحنان الرقيق : «فَفَعَلَ الرَّبُّ كَقَوْلِ مُوسَى. فَمَاتَتِ الضَّفَادِعُ مِنَ الْبُيُوتِ وَالدُّورِ وَالْحُقُولِ»، ولكن نفاجأ برد فعل فرعون الغريب بعدها: «فَلَمَّا رَأَى فِرْعَوْنُ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ الْفَرَجُ أَغْلَظَ قَلْبَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ» (خروج8: 13، 15)، فحصول الفرج له بدلَ أن يوجِّهه إلى الشكر والامتنان، على هذا المعروف والإحسان، فإذ به يفعل العكس، ويتعمد التمرد والعصيان. وإذا كان الخطر حاضرًا مع فرعون، فإنه يتضاعف في وقتنا الحالي، فقلوبنا - أو قلبي أنا على الخصوص - ليس أقل قساوة من قلب فرعون، فنحن معشر البشر نكون أقرب ما يمكن لإلهنا وقت ضيقتنا، وتكون “هوائيات antenna” آذاننا حساسة لكل همسة إلهية، لكننا للأسف نتناساه وقت الفرج، وتكون أذهاننا عنه بعيدة وملهية!! * |
|