|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما أعجب شخصية إرميا الرقيقة كل الرقة خاصة نحو شعبه، إذ جدران قلبه توجعه، ورأسه ينبوع ماء لا يجف من أجل ما حلّ بهم، وقد جاءت كلمة الرب إليه تعلن تأديباته الحازمة، فكانت كنارٍ محرقة محصورة في عظامه لا يطيقها (إر 20: 9)، كان لا بُد أن ينطق بها، وفي تسليمه الكامل وإدراكه لمراحم الله الكلي الحب قال: "آمين يا رب" [5]، وهو يتوقع خراب شعبه المحبوب لديه جدًا. لا نعجب إن رأينا الكنيسة المنتصرة قد اقتنت نفس الروح، هذه التي تدربت على دروس الحب، بل اقتنت في داخلها مسيحها كلي الحب، فإنه إذ دان الله الزانية العظيمة التي أفسدت الأرض بزناها وانتقم لدم عبيده من يدها ودخانها يصعد إلى أبد الآبدين، صرخت قائلة: "آمين هلليلويا" (رؤ 9: 1-3). نحن أيضًا إذ نصلي في كل يوم، قائلين من كل قلوبنا: "لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض" تتحول صلواتنا إلى تسبحة مستمرة، خلالها يلهج قلبنا وفكرنا بالتسبيح: "آمين يا رب!" يقول العلامة أوريجينوس: [إجابة على قول الرب: "ملعون الإنسان الذي لا يسمع كلام هذا العهد"، يقول النبي: "فأجبت وقلت آمين يا رب"، ما معنى كلمة آمين يا رب؟ أي: "آمين يا رب أن الذي لا يسمع كلام هذا العهد يصير ملعونًا". "فقال الرب لي: نادِ بكل هذا الكلام في مدن يهوذا وفي شوارع أورشليم (وخارج أورشليم)" - إننا ننادى بكلام الرب حتى للذين هم في الخارج لندعوهم إلى الخلاص - "قائلًا: اسمعوا كلام هذا العهد واعملوا به... فلم يسمعوا... ولم يصنعوه. وقال الرب لي: توجد فتنة بين رجال يهوذا وسكان أورشليم". ألا يجب علينا نحن بالأولى أن نتوب عن خطايانا، بكوننا رجال يهوذا، أي رجال السيد المسيح، كما سبق لنا القول. حيث يوجد بيننا أناس خاطئون وأناس يسلكون حسب الباطل، قال النبي: "توجد فتنة بين رجال يهوذا وسكان أورشليم" "قد رجعوا إلى آثام آبائهم الأولين"... لم يقل مجرد "آثام آبائهم" فقط، وإنما أضاف كلمة الأولين. قلنا أن هذا الكلام موجه لنا وللخطاة الموجودين بيننا. كيف رجع هؤلاء الخطاة لا إلى آثام آبائهم فقط، بل إلى آثام آبائهم الأولين؟ أليس لأن لنا نوعان من الآباء، منهما نوع فاسد. قبل أن نقبل الإيمان كنا أولادًا للشيطان، كما يوضحه الإنجيل "أنتم من أب هو إبليس"، وعندما آمنَّا صرنا أولاد الله. ففي كل مرة نخطئ، نرجع إلى آثام آبائنا الأولين. لكي نوضح أن آباءنا نوعان استعين بالمزمور 45، حينما يقول: "اسمعي يا ابنتي وانظري وأميلي أذنيكِ وانسي شعبكِ وبيت أبيكِ"، إذ يقول لها: "اسمعي يا ابنتي" فهو أبوها، كيف إذًا يقول أب لابنته "انسي بيت أبيكِ"؟ لأن الآباء نوعان. انسي بيت أبيك، أي أبيك الأول؛ إذا عدت للخطايا بعد أن تكوني قد نسيتي بيت أبيك الأول، تكونين أنتِ المقصودة بهذه الآية: "قد رجعوا إلى آثام آبائهم الأولين". قلت كان الشيطان أبانا، قبل أن يصير الله أبانا - إن لم يكن الشيطان أبانا حتى الآن - هذا نوضحه أيضًا من رسالة القديس يوحنا: "من يفعل الخطية فهو من إبليس (مولود من إبليس)" (1 يو 3: 8).وبما أن كل من يفعل الخطية مولود من إبليس، فإننا كنا مولودين من الشيطان عدة مرات حسب كل مرة نخطئ فيها. مسكين الإنسان الذي يولد من الشيطان بلا توقف، وطوبى لمن يُولد من الله باستمرار. لا أقول إن البار يولد من الله مرة واحدة فقط طوال حياته، إنما يولد من الله باستمرار في كل عمل صالح يقوم به... وعندما أوضح لك بخصوص المخلص، كيف أن الآب لم يلد الابن بطريقة تجعله (أي الابن) يحتاج أن يولد منه مرة أخرى بعد ذلك، إنما يلده باستمرار، هكذا أيضًا بالنسبة للإنسان البار. لنرى ما يخص مخلصنا: إنه يشع مجدًا، إشعاع المجد لم يحدث (لم يولد) مرة واحدة للأبد، وإنما طالما يتولد منه النور، فإن مجد الرب يشع باستمرار. مخلصنا هو حكمة الله؛ والحكمة هي "إشعاع النور الأبدي". فإذا كان المخلص مولودًا باستمرار من الآب، هكذا أنت أيضًا إذا كان عندك روح التبني، فإن الله يلدك باستمرار في المسيح يسوع عند كل عمل من أعمالك وعند كل فكر من أفكارك. هكذا بميلادك تصير ابنًا لله بلا توقف، مولودًا في المسيح يسوع الذي له المجد والقدرة إلى أبد الآبدين. آمين]. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
آرميا النبي | بأمرٍ إلهي نزل إرميا النبي إلى وادٍ منخفض |
آرميا النبي | ما أعجب حب الله |
آرميا النبي | يعلن الرب لإرميا النبي حدود خدمته |
النبي دانيال | شخصيته |
النبي دانيال | شخصيته الفريدة |