|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخضوع للإيمان عندما تأكدت القديسة مريم ان الله هو في الحقيقة الذي يتكلم معها من خلال فم ملاكه آمنت بشدة بأنه يريد ان يحقق كل ما قد أعلنه الملاك لها ولم تعد في حاجة الي اثباتات أخرى او شرح او تفسير. لم تسأل عن علامة او آية كما فعل آحاز في القديم (اشعيا7) ولم تشك كما فعل زكريا الكاهن (لوقا1) وكل ما قالته “كيف يكون هذا”(لوقا34:1). في نهاية منظر البشارة اعطى الملاك جبرائيل لمريم علامة حتى ولو ان مريم لم تطلب اية علامة، لقد أعلمها ان نسيبتها العجوز والعاقر هي حبلى بطريقة اعجازية. لم تكن تعلم مريم عن ذلك الحدث لأن اليصابات كانت تخفي نفسها لمدة تصل لخمسة أشهر”وَأَخْفَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ” و “وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ” (لوقا24:1و26).ان تلك العلامة تعني التأكيد لمريم بأن الله الذي حقق لتلك المدعوة عاقرا من ان تكون أما وان ما يمكن ان يكون مستحيلا في عين البشر هو مستطاع عند الله فهو يستطيع ان يصنع عملاً عظيما في حياة مريم جاعلا لها ان تحبل حتى ولو لم تكن تعرف رجلا. لقد شرح لها الملاك جبرائيل قائلا:” لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ»(لوقا37:1). كيف سيكون الطفل والذي ستصبح مريم أماً له يؤثر في عملية الخلاص؟ وما هي أساس مملكته؟ فلم يسمع الملاك من القديسة مريم مثل تلك التساؤلات ولم يرى فيها نوع من الفضول والتي قد تعكس نفس ضعيفة ولكنها خضعت تماما لذلك النير المطلوب منها. إن إجابة القديسة مريم لرسالة الملاك جبرائيل فريدة في كل التاريخ الأنجيلي، ففي مشاهد البشارة بالميلاد ومشاهد للدعوة كما جاءت في العهد القديم كان الله او رسوله السماوي يتكلم في نهاية البشرى او الدعوة قبل ان يغادر المكان. إبراهيم وسارة وزكريا ووالداي شمشون مثلا لم يعطوا مقولة عظيمة بموافقتهم بعد استقبالهم للبشارة عن أبنائهم، وكذلك أيضا موسى او جدعون عندما دعاهم الله للمهمة التي اختارها لهما. وقفت القديسة مريم لتعطي اخر كلمة في الحوار الذي دار مع الملاك وكلمات الموافقة والرضا يكشف كثيرا عن رغبة مريم ان تخدم الله. هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»(لوقا38:1). هنا أولا وصفت مريم نفسها على انها شخص ما قد سلّم نفسه بالكامل وسلّم أيضا حريته فسلّمت بكل تواضع حريتها. ان الكلمة اليونانية هنا والتي استخدمتها مريم ترجمت “آمة” (handmaid) او doule والتي في الحقيقة تعني خادم او عبد – شخص ما هو بالكامل ملك شخص آخر يمكنه ان يفعل به ما يشاء. هذا التعبير استخدم في العهد الجديد ليصف من هم قبلوا سلطة الله في حياتهم ليخدموا مشيئته “ وَعَلَى عَبِيدِي أَيْضًا وَإِمَائِي”(اعمال18:2) و” وَامْنَحْ عَبِيدَكَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكَ”(اعمال29:4) و ” «هؤُلاَءِ النَّاسُ هُمْ عَبِيدُ اللهِ الْعَلِيِّ”(اعمال17:16). كذلك القديس بولس تكلم عن نفسه بأنه عبد للمسيح: “بُولُسُ، عَبْدٌ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ“(رومية 1:1) و(فيليبي1:1) و(غلاطية 10:1) وأيضا عبد لله:” بُولُسُ، عَبْدُ اللهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ”(تيطس1:1). هذا هو التعبير الذي استخدمته القديسة مريم لتصف نفسها من انها عبدة doule – خادمة للرب واهبة نفسها بكليتها لتميم رغبات الله. لقد سمعت من الملاك كل ما يخططه الله لها واستجابت بوضع حياتها كلها في يد الله. انها لم تفكر ان تلك المهمة لنفسها هي ولكن وجدت نفسها مختارة وموكل اليها شيئا عظيما لمجد الله الأعظم. كخادمة للرب اختارت ان لا تستخدم حياتها لأغراضها الشخصية ولكن حسب مشيئة الله. لقد وجدت مريم نفسها الآن أسيرة الي خطة الله الذي يريد خلاص البشرية ولقد سئلت ان تعطي نفسها ومستقبلها كله ” للروح القدس .. وقوة العليّ”. كان يمكنها ان تبقى هي المتحكمة وصاحبة الأمر ولكن بدلا من ذلك وضعت نفسها ملكا للرب وطرقه كتعبير حقيقي وعملي عن إيمانها «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». ان قبولهالتلك الدعوة جعلها حسب رواية انجيل لوقا اول شخص يخاطر بكل شيئ من أجل يسوع المسيح وتكون اول المؤمنين به. ان هذا هو المفتاح داخل فكر وقلب مريم “الإيمان العملي” والذي سيُمدح فيما بعد من الروح القدس على لسان القديسة اليصابات”فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا45:1). بإتباع مثال أمنا مريم في تواضعها وخضوعها التام لمشيئة الله ولا نتردد في قبول الرسالة التي يدعونا اليها بلا تردد او شك طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا»(يوحنا29:20). ان هناك الكثيرين منا من يريدون ان يخدموا الله في حياتهم، ولكن فقط بطريقتنا نحن وبشروطنا نحن ونبني كل أنواع الحدود والقياسات والإشتراطات التي يمكن ان نسمح لله ان يقودنا. نحن نقول اننا نرغب ان نفعل مشيئة الله ولكن في الحقيقة جزء كبير منا يريد ان يتأكد اننا مازلنا يمكننا ان نبتغي بعض الأحلام والأشواق بينما نبتعد عن كل ما هو مخيف او مفروض علينا. نحن نريد ان نبقى في حالة تحكم ولو بشيئ ما في حياتنا ورغباتنا. ان مريم قد استسلمت وسلّمت ذلك التحكم ووضعت حياتها في يد الله بكاملها. انها ترغب ان تفعل مهما يريد الله منها ان تفعله وأن تذهب في أي مكان حيث يقودها هو. لقد رأت ان الحرية البشرية ليست شيئا يمكن ان تأخذ منه كيفما تريد او شيئا يمكن استخدامه فقط لأغراضها ورغباتها هي الشخصية ولكن كعطيّة تردها الي الله وتستخدم لخطته هو. بهذا اختارت بحرية ان تسلّم التحكم في حياتها وتحيا كعبدة – Doule- للرب واثقة كل الثقة في خطته من أجلها. في تعبير آخر لقد اختارت بحرية ان تحد حريتها وتحيا كاملة لخدمة مشيئة الله. انها تحيا حياتها كعطية من الله والى الله بكليتها. صلاة: يا أمنا المحبوبة يا من علّمتينا كيف ننظر لأعمال الله “متفكرين” و”محتفظين” بها في قلوبنا دون أن نتشكك او نيأس او نهتز بل نمجد ونسبح الله ونشكره على كل حال وفي كل حال ومن أجل كل حال. آمين. أكرام: لا تسرع في تلاوة الوردية بل صل باناة وتأمل بمعانيها السامية نافذة:يا سلطانة الوردية المقدسة صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة |
|