|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هوذا الإنسان، رجل الأحزان ومن الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة. ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوتٍ عظيم قائلاً... إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ ( مت 27: 45 ، 46) لقد تميز مشهد الجلجثة في الثلاث ساعات الأولى من الصليب بظلمة أدبية وروحية من الناس الأشرار الذين كانوا عند الصليب، أما الثلاث ساعات التالية فكانت هناك ظلمة من نوع آخر، أكثر رعبًا وأشد هولاً. وإن كان المسيح في ساعات النور تحمَّل بشاعة الخطية، فإنه في ساعات الظلام حمل عقوبتها. فالله جعله خطية، وفيه «دان الخطية في الجسد» ـ أصل كل الشرور والنجاسات. كما أنه حَمَل خطايانا ـ الأفعال الشريرة ذاتها، وتألم من أجلها ( 2كو 5: 21 ؛ رو8: 3؛ 1بط2: 24؛ 3: 18). هنا نحن نرى الثمن الحقيقي للفداء، عندما ترك الله المسيح. إن أفكار الناس من كل الأجناس، وقلوب الملايين من كل القبائل والشعوب ترنو لذياك الصليب، وتميل لتنظر هذا المنظر المهيب. فالصليب هو قلب الإيمان المسيحي، وتلك الصرخة هي قلب الصليب، وهذه العبارة من فوق الصليب من بين عبارات المخلِّص السبع هي قلب كل العبارات. نعم، «نحو الساعة (وهي تعادل الثالثة بعد الظهر بتوقيتنا الحاضر) صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً: إيلي، إيلي، لَمَا شبقتني؟ أي: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟». أيُّ ذهن يقدر أن يسبر غور أعجوبة الأعاجيب هذه؟ أيُّ فكر يقدر أن يتخلل أستار الظلام هذه؟ أيُّ عقل يقدر أن يفسِّر أو يفلسف تلك الصرخة التي لم يُسمَع نظيرها، ولن يُسمَع؟ ولقد تحمَّل المسيح كل هذا من أجلنا. فإذا أردنا أن نعرف عُلو محبة المسيح تجاهنا، فعلينا أولاً أن نعرف عمق الألم الذي قاساه لأجلنا. والواقع إن كليهما أبعد من القياس: فآلامه تفوق الإدراك، ومحبته فائقة المعرفة. ولا أعتقد أن هناك صرخة ـ في الزمان أو في الأبدية ـ تحوي من الألم والفزع ما تحويه صرخة المسيح هنا «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟». فليتنا بروح الخشوع، وبنعال مخلوعة نميل، لننظر هذا المنظر العظيم. فإنه عندما يستحيل على عقولنا أن تفهم أو تستوعب، تستطيع قلوبنا أن تسجد بتعجب وخشوع، ولو لم تدرك الكل. ولهذا، فليس بعجيب أننا في السماء، مع جميع المفديين، سنرنم له قائلين: «مستحق أنت ... لأنك ذُبحت واشتريتنا» ( رؤ 5: 9 ). |
|