9 وَمَدَّ الرَّبُّ يَدَهُ وَلَمَسَ فَمِي، وَقَالَ الرَّبُّ لِي: «هَا قَدْ جَعَلْتُ كَلاَمِي فِي فَمِكَ. 10 اُنْظُرْ! قَدْ وَكَّلْتُكَ هذَا الْيَوْمَ عَلَى الشُّعُوبِ وَعَلَى الْمَمَالِكِ، لِتَقْلَعَ وَتَهْدِمَ وَتُهْلِكَ وَتَنْقُضَ وَتَبْنِيَ وَتَغْرِسَ». 11 ثُمَّ صَارَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ قَائِلًا: «مَاذَا أَنْتَ رَاءٍ يَا إِرْمِيَا؟» فَقُلْتُ: «أَنَا رَاءٍ قَضِيبَ لَوْزٍ». 12 فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «أَحْسَنْتَ الرُّؤْيَةَ، لأَنِّي أَنَا سَاهِرٌ عَلَى كَلِمَتِي لأُجْرِيَهَا». 13 ثُمَّ صَارَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ ثَانِيَةً قَائِلًا: «مَاذَا أَنْتَ رَاءٍ؟» فَقُلْتُ: «إِنِّي رَاءٍ قِدْرًا مَنْفُوخَةً، وَوَجْهُهَا مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ». 14 فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «مِنَ الشِّمَالِ يَنْفَتِحُ الشَّرُّ عَلَى كُلِّ سُكَّانِ الأَرْضِ.
يلاحظ أن "قضيب اللوز" يعني في العبرية "الساهر" وعلة هذه التسمية أن شجر اللوز يزهر مبكرًا في شهر فبراير قبل سائر الأشجار. تمتلئ الشجرة بالورد الأبيض لتعلن أن فصل الشتاء قد قارب على الانتهاء، وأن فصل الربيع أوشك على الاقتراب. بمعنى آخر، أنتهي وقت الموت (للنبات) لتحل الحياة من جديد! تشهد شجرة اللوز لعمل الله الفائق الذي يخرج الحياة من الموت! وكأن هذه الشجرة تبقى "ساهرة" على بقية الأشجار، فتشير إلى الله الذي يسهر على كلمته لتعمل في حياة الناس، إذ يقول: "لأني أنا ساهر على كلمتي لأجريها" [11].
يؤكد الله لإرميا خطأ ما يقوله الكثيرون في عصره، كما في كل العصور حتى يومنا هذا: "الرَّبَّ لاَ يُحْسِنُ وَلاَ يُسِيءُ" (صف 1: 12)، بمعنى أن الله لا يفعل شيئًا، لا حول له ولا قوة!
من جهة أخرى، كأن الله يُعطي لإرميا النبي طمأنينة وتحذيرًا في نفس الوقت، فإن كان العمل صعبًا ومرًا، لكن الله نفسه هو العامل، فلا يليق به أن يخاف أو يضطرب، وفي نفس الوقت الله هو الملتزم بكلمته والساهر عليها، فإن لم يعمل النبي بالكلمة الإلهية يعمل الله بآخر غيره.
إن كان الله يجري بنفسه كلمته وهو ساهر عليها لكنه يطلب من جانبنا نحن أيضًا أن نسهر لئلا يحل بنا الشر. لهذا بعد رؤية قضيب اللوز، جاءت رؤية القِدْر المنفوخة ووجهها من جهة الشمال حيث الشر قادم.
"ثم صارت كلمة الرب إليّ ثانية قائلًا:
ماذا أنت راءٍ؟
فقلت: إني راءٍ قِدرًا منفوخة ووجهها من جهة الشمال.
فقال الرب لي:
من الشمال ينفتح الشر على كل سكان الأرض" [11-14].