منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17 - 05 - 2012, 02:23 PM
الصورة الرمزية astavrola
 
astavrola
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  astavrola غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 72
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 219

تفسيـــــــــــــــــــــر سفـــــــــــر أرميـــــــــــــــــا

المقدمة

الممالك العظمى فى التاريخ



فى ايامهم تم سبى مملكة اسرائيل



فى ايامهم تم سبى مملكة يهوذا ولكن لمدة 70 سنة



فى ايامهم عاد اليهود من السبى أيام كورش الملك بعد تمام 70 سنة

كورش الملك شعر بقوة إله إسرائيل حينما أروه نبوة أشعياء (أش28:44،1:45)، التى فيها تنبأ أشعياء عنه بالإسم فأمر بعودة اليهود (عزرا1:1-4).

وتنبأ أرمياء بأن مدة السبى 70 سنة وبعدها تسقط بابل (12:25+10:29).



مصر



أشور



بابل



الفرس



اليونان



الرومان

612 ق م

536 ق م

331 ق م






تاريخ مملكة إسرائيل



دخول كنعان



عصر القضاة



شاول الملك



داود الملك



سليمان الملك



رحبعام



مملكة إسرائيل (10 أسباط)



بدأت وانتهيت فى الشر

إنتهت المملكة بسبى أشور

722ق م



حدث فى أيامه إنشقاق المملكة



مملكة يهوذا كانت أفضل لفترة طويلة فإستمرت فترة أطول



فترة سبى

70 سنة



بدء السبى



العودة من السبى


ضياع مملكة إسرائيل على يد آشور يمثل كسر الإناء الخزفى (أر19). وتجديد يهوذا يمثله مثل الفخارى (أر18).



فترة ما قبل السبى بالتفصيل (فترة ظهور أرمياء النبى)

639

ق م

626

612





606



597



586



بدء خدمة أرمياء



بدأت فى السنة 13 ليوشيا وإستمرت حتى فترة وجوده فى مصر

جدليا بن اخيقام شهور ثم إغتيل بواسطة إسمعيل

صدقيا

11 سنة

يهوياقيم

11 سنة

سقوط آشور

وبداية بابل

يوشيا

31 سنة





1. ظلت مصر متسلطة حتى هزيمتها سنة 606 ق.م فى معركة كركميش على يد بابل وبدأ تسلط بابل.

2. إنتهت مملكة يهوذا سنة 586 وسقطت نهائياً ودمر الهيكل وأحرقت أورشليم وسقط سورها.

3. حدث السبى على 4 مراحل. وكان السبى الأول أيام يهوياقيم والسبى الثانى قُتِلَ فيه يهوياقيم والسبى الثالث أُسِرَ فيه يكنيا إلى بابل والسبى الرابع إنتهت به المملكة ايام صدقيا وكلهم بواسطة بابل.

ملخص لتاريخ ملوك فترة ما قبل السبى

1. يوشيا:- كان ملكاً قديساً ورث الحكم من أبيه منسى الملك أشر ملوك يهوذا الذى نشر العبادة الوثنية فى يهوذا ومع أنه تاب فى أواخر أيامه إلا أن هذه العبادة كانت قد أنتشرت كالنار فى كل المملكة. وجاء يوشيا فأزال مظاهر العبادة الوثنية ولكنه غالباً لم يستطع أن يزيل ما فى القلوب. بدا فى أيامه ضعف مملكة أشور فإستقلت مصر من قبضتها سنة 650 ق.م على يد بسماتيك وفى أيامه ملك نبوبلاسر سنة 625 ق.م على بابل وأخرب نينوى عاصمة أشور سنة 612 ق.م ولأنه كان هناك تحالف مصر وأشور فحاول نخو ملك مصر مساعدة اشور ضد بابل ولكن تصدى يوشيا ملك يهوذا لنخو ملك مصر وحاربه، ربما لأنه فضل إنتصار بابل ولكن كان هذا خطأ منه فالمعركة لم تكن ضده. وهزم نخو ملك مصر يوشيا وقتله سنة 608 ق.م وكان ليوشيا إصلاحات دينية كثيرة وأعاد للهيكل هيبته وأصلحه وإحتفل بالأعياد خصوصاً بعد العثور على نسخة من كتاب الشريعة وقراءتها. بدأ أرمياء خدمته فى السنة الثالثة عشرة لحكمه. وهاجم أرمياء الإصلاح الظاهرى فالملك يأمر بالإصلاح ولكن الفساد داخل القلوب. وكان أرمياء يطلب القلب التائب ولا يقتنع بالمظاهر. ولذلك هاجم إتكالهم على وجود الهيكل وسطهم بينما أبقوا على الخطية فى داخلهم. والدليل على صدق أرمياء فى ذلك أنه بعد موت يوشيا جاء ملوك فاسدون للحكم ووجدوا قلوباً مستعدة.

2. يهوأحاز:- إبن يوشيا وكان شريراً وكان إسمه قبلاً شلوم وعزله نخو وأسره ومات فى مصر.

3. يهوياقيم:- هو أخو يهوأحاز وكان إسمه إلياقيم وملكه نخو بدلاً من أخيه وكان شريراً أيضاً وحدث فى عهده إرتداد للوثنية وهو أرهق الشعب بالضرائب ليدفع الجزية لمصر. وفى سنة 605 ق.م هُزِمَ فرعون أمام نبوخذ نصر فى معركة كركميش وجاء لأورشليم وإستولى على جزء من انية بيت الرب وسبى بعض سكانها ومنهم دانيال والثلاثة فتية (وكان هذا هو السبى الأول). ودفع هذا الملك الجزية لبابل 3 سنين ثم عصى وتمرد وحذره أرمياء وأرسل لهُ نبواته بأنه يجب عليه الخضوع لبابل فأمسك بالدرج المكتوب به النبوات ومزقه بالمبراة وألقاه فى النار إلى أن تحول لرماد. وصعد عليه نبوخذ نصر وأسره ومات فى الطريق كنبوة أرمياء (وكان هذا السبى الثانى).

4. يهوياكين:- إبن يهوياقيم وإسمه كان يكنيا أو كنياهو وكان شريراً وحاصر نبوخذ نصر أورشليم فى أيامه فإستسلم وسباه لبابل (السبى الثالث) وملك متانيا عم يكنيا مكانه بإسم صدقيا، وقد عاش يكنيا 37 سنة فى بابل ثم رفع الملك البابلى وجهه.

5. صدقيا:- كان شريراً وإنتشرت أيامه العبادات الوثنية وتمرد بعد 8 سنوات من ملكه على نبوخذ نصر وكان ذلك بتشجيع من الأنبياء الكذبة، ولم يقبل أن يستمع لمشورة أرمياء. فجاء نبوخذ نصر فى السنة التاسعة لملكه وحاصر أورشليم 18 شهراً. وفى أخر فترة الحصار نقب البابليون السور وهرب صدقيا ولكن أدركه الكلدانيون (البابليون) وقتلوا أولاده أمام عينيه ثم فقأوا عينيه (وكان هذا هو السبى الرابع). ولم يبق بعد هذا السبى فى يهوذا سوى مساكين الأرض. وبنهاية ملك صدقيا إنتهى كرسى داود وسقطت المملكة.

6. جدليا بن أخيقام:- أقامه الكلدانيون على الشعب المتبقى وحكم لعدة شهور ثم أغتيل بيد إسمعيل فى مؤامرة. وهرب إسمعيل بعد ذلك. فخاف الشعب المتبقى من إنتقام نبوخذ نصر منهم لأن بعض البابليون مات فى هذه المؤامرة، وصمموا على الهرب إلى مصر طلباً لحمايتها. وكان هذا ضد رأى أرمياء بعد أن سأل الله. ولكنهم لم يستمعوا لنبوته بهلاكهم فى مصر بل أجبروا أرمياء النبى على الذهاب معهم إلى مصر. حيث إنتهت حياته فيها بالإستشهاد رجماً بالحجارة على يد الشعب اليهودى الذى لجأ لمصر (وهذا بحسب التقليد)

شخصية وخدمة أرمياء النبى

1. إختاره الله فى سن صغيرة ولذلك قال "جيد للرجل أن يحمل النير فى شبابه". وكان النير بالنسبة له خدمته وإضطهاده من الجميع واحزانه على ما سوف يحدث لشعبه (مرا27:3)

2. إستمرت خدمته حوالى 41 سنة فى مملكة يهوذا قبل سقوطها وبعد سقوطها ثم إستمرت خدمته ونبواته فى مصر لمدة يصعب تحديدها. وكان كاهناً من عائلة كهنوتية من بلدة عناثوث.

3. فى مقارنة مع إشعياء نجد هناك فارقاً، فأسلوب أرمياء أعنف وتهديداته أكثر والسبب زيادة فساد الشعب، فحينما تزداد الخطية يجب أن يكون التوبيخ أعنف. وكانت إنذاراته تتلخص فى أنه إن لم يقدموا توبة عن خطاياهم فسيسلمهم الله ليد نبوخذ نصر، والله دائماً ينذر قبل أن يضرب ولذلك لنلاحظ قول الله الذى تكرر كثيراً فى هذا السفر "أنذرتكم مبكراً" لذلك يعتبر هذا السفر سفر إنذار مبكر. وكان الإنذار بالخراب بكلمات واضحة.

4. حينما إزداد عناد الشعب والملك تغيرت اللهجة إلى أن الإستسلام واجب لملك بابل. فقد كان حكم الله قد صدر. ومن مراحم الله انه حتى بعد أن قضى عليهم بهذا يرشدهم لأحسن وسيلة حتى تكون الخسائر أقل ما يمكن فبالتأكيد كان إستسلامهم للسبى افضل من حريق وخراب دولتهم وهيكلهم وكل شىء. ولكن إتهموا النبى بأنه خائن ومتواطىء مع ملك بابل لأنه كان يتنبأ بإنتصاره ولكن هذا مردود عليه بالأتى:-

أ‌. هو نفسه تنبأ بخراب بابل عدة مرات، بل هناك إصحاحين كاملين عن هذا (51،50) فلو كان عميلاً لملك بابل لما تجرأ على ذكر هذا الخراب الرهيب ضد بابل.

ب‌. تنبأ برجوع الشعب من السبى (14:16، 21:31، 6:32).

ت‌. بل هو حدد فترة السبى بـ70 سنة يعقبه خراب بابل (12:25، 10:29).

ث‌. كان مفهوم النبى عن السبى انه علاج للخطية المتفشية وبالذات الوثنية ويشرح هذا بوضوح فى إصحاحى 19،18 ففى إصحاح (18) الفخارى يعيد تشكيل الإناء الذى فسد وفى إصحاح (19) إذا وصل الفساد إلى الحد الذى لا يُرجى منه صلاح يكسر الفخارى الإناء وهذا ما حدث مع إسرائيل. وكان هذا العلاج ناجحاً جداً فلم ترجع إسرائيل أبداً لعبادة الأوثان بعد عودتها من السبى.

5. كان نبياً مُعذَباً مضطهداً من شعبه ومن الكهنه ورؤسائهم ومن الملوك بل ومن عائلته. وهو عاش وتنبأ فى أيام ما قبل خراب أورشليم بيد بابل كما عاش المسيح أيام ما قبل خراب أورشليم بيد الرومان وكانت أخلاقيات الشعب فى الحالتين متشابهة وعلى درجة كبيرة من الإنحطاط فكما إضطهدوا الرب يسوع (شعباً وكهنة وملوكاً) هكذا كان الحال مع أرمياء فالخطاة لا يحتملوا الأبرار ولا الشيطان يحتمل أولاد الله ولذلك جاء عليهم الغضب لنهايته (1تس16،15:2). وأنتهت حياته رجماً بيد اليهود وحين جاء الإسكندرالأكبر لمصر أخذ عظامه المدفونة بإهمال وحملها للإسكندرية ودفنها هناك.

6. كان نبياً باكياً وسمى بالنبى الباكى لبكائه على خطايا شعبه ومصيرهم الذى أعلنه الله له وسمى كذلك بسبب كتابته للمراثى ولذلك ظن بعض معاصرى المسيح انه إرمياء لأنه كان باكياً أيضاً وكان رجل أحزان مختبر الألم (مت14:16).

7. نبوات أرمياء غير مرتبة زمنياً ويمتزج فيها التهديدات بالمراحم الإلهية للتائبين.

8. وعود الخلاص من السبى تشير بوضوح للخلاص بواسطة المسيح.

9. فى نبوة باروخ (الأسفار القانونية الثانية) توجد عظة من ارمياء للمسبيين يدعوهم لعدم عبادة الأوثان وبطل ذلك وغباء عباد الأوثان. باروخ 6 وفى أسفار المكابيين (2مك4:2) نرى أن أرمياء خبأ تابوت العهد ومذبح البخور فى كهف بعد خراب الهيكل.

10. عانى كثيراً أرمياء النبى من الأنبياء الكذبة الذين يعطون للشعب وعوداً كاذبة بالسلام بينما كان النبى أرمياء ينذرهم بالخراب بسبب الخطية. ولكن هكذا الناس فى كل جيل يميلون لسماع الكلام الناعم المعسول عوضاً عن الحقيقة. وكان النبى لا يرى وسيلة للسلام سوى التوبة وإصلاح الداخل. "سلام سلام ولا سلام لأنكم أشرار" (14،13:6).

11. بالمقاييس البشرية كان أرمياء فى خدمته فاشلاً فلا نرى أن احداً تاب بسببه ولكن كان هو صوت الله الذى بسببه سيدين الله هذا الشعب غليظ الرقبة فهم قد سمعوا ورفضوا.

12. كان النبى يتعب كثيراً من إضطهاده وتعذيبه وإستمر صراخه (طوال العشرون إصحاحاً الأوائل) ولكن أعقب هذا الصراخ سلام فهو كان صراخاً لله وليس شكوى للناس فالله قادر أن يسمع ويحل المشكلة ويعطى عزاء ولكن البشر غير قادرين على ذلك.

13. بالنسبة لموقف النبى من التحالفات مع الدول المحيطة فكان رأيه عدم الإعتماد عليهم (مصر مثلاً) وأن يكون إتكال الشعب على الله فقط. ولأن رأيه خالف أراء الرؤساء إضطهدوه.

14. معنى إسمه فى العبرية الرب يؤسس (أرم = يرمم) وهو من عناثوث التى فى أرض بنيامين (4 ميل شمال شرق أورشليم) ووجه الله لهُ الدعوة قائلاً "قبلما صورتك فى البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك، قد جعلتك نبياً للشعوب" وقد مس الرب فمه ليعده للخدمة دون أن يذكر شيئاً عن تطهره كما ذُكرَ عن إشعياء (أش 6) ربما لأن سنه كان صغيراً كما يقول القديس جيروم وقد واجه ظلم شديد من كل طوائف شعبه ولم يصنع شيئاً سوى البكاء والصلاة فشابه المسيح "ظُلِمَ اما هو فتذلل" وقد عاصره من الأنبياء صفنيا فى يهوذا ودانيال وحزقيال فى بابل (صف 1:1).

15. بعد إكتشاف سفر الشريعة الذى يشدد على أن العبادة تكون فى أورشليم أخذ أرمياء يبشر بهذا فحدث عداء بينه وبين الكهنه الذين كانوا يمارسون طقوسهم بعيداً عن أورشليم وهاج عليه أهله فى عناثوث لأنه خالفهم وكشف اخطائهم فحاولوا قتله.

16. ظهور أرمياء بعد موته:- يُذكر هذا فى (2مك12:15-16) أنه ظهر فى جلال وبهاء مع أونيا الحبر الأعظم فى حلم ليهوذا قبل حربه مع نيكانور وتحدث اونيا مع يهوذا المكابى يعرفه بأرمياء. فقال هذا محب الأخوة المكثر من الصلوات لأجل الشعب والمدينة المقدسة، أرمياء نبى الله ثم مد أرمياء يمينه واعطى يهوذا سيفاً من ذهب وقال خذ هذا السيف المقدس هبة من عند الله تحطم به أعداؤك وفعلاً فقد إنتصر يهوذا المكابى فى تلك الحرب وقتل نيكانور مع 35000 من جنده.

17. أرمياء وباروخ:- باروخ بن نيرياهو الذى صاغ كلمات السفر حسب ما أملاه له أرمياء وغالباً فهو الذى أضاف الأحداث التاريخية وتاريخ أرمياء الشخصى وباروخ هو أيضاً نبى وله نبوة بإسمه فى الأسفار القانونية الثانية ويجىء موضع نبوته بعد مراثى أرمياء. وتشمل رسالة من أرمياء للمسبيين.

18. فى مقارنة بين أرمياء ويونان النبيين نجد فرقاً يشير لمحبة أرمياء الفائضة فنجد أرمياء ينوح على ما سبق وأنبأ به من خراب وما كان أبهج أرمياء لو حدث وثبت خطأ كل نبواته أو أنها لم تتم ونجا الشعب بالرغم من ان تنفيذ النبوات يثبت صدق إرساليته.

19. مصر فى سفر أرمياء :- أثناء حصار بابل لأورشليم أتى فرعون حفرع أو هفرع لمعونة صدقيا المحاصر فرفع نبوخذ نصر الحصار إلى حين يرد على هفرع (أر5:37) ولكن كان هذا لمدة أيام. وفى النهاية قُتل هفرع بيد شريكه فى الحكم أحمس الثانى وفقاً لنبوة أرمياء (3:44) وفى أثناء حكم احمس الثانى 570-526 ق.م تقدم نبوخذ نصر زاحفاً كما تنبأ أرمياء (10:43-13)، (13:46-26) والمدن المصرية المذكورة فى السفر هى نو = (25:46) وتسمى أمون نو أو امون وهى طيبة والأن الأقصر وكانت عاصمة مصر ومركز عبادة الإله أمون. وبيت شمس (13:43) = وهى أون أو هليوبوليس أى مدينة الشمس مركز عبادة الإله رع. وهى بجانب المطرية. وتحفنحيس (7:43-9) = وإتخذها اليهود اللاجئين مسكناً لهم وهى الأن تل دفنة على بعد 16 كم من القنطرة ناحية غرب. وفتروس= إستوطن بها بعض اليهود وهى فى الجنوب (15،2،1:42) ونوف = هى ممفيس = ميت رهينة جنوب القاهرة عند هرم سقارة ومجدل = إسم فى اللغات السامية بمعنى حصن وهى مدينة شمال مصر على حدودها تجاه فلسطين والعبارة "من مجدل إلى أسوان" تشير للأرض المصرية كلها من الشمال إلى الجنوب.

ونلاحظ أنه بعد سقوط أشور سنة 612 ق.م على يد بابل حاولت مصر أن تتسيد على المنطقة كبديل لأشور، فخرج جيش مصر مستغلاً ضعف أشور بعد سقوطها وأن بابل ما زالت مملكة وليدة. ولكن يوشيا أخطأ فى حساباته وخرج ليحارب نخو ملك مصر، فهزم نخو يوشيا وقتله، ولكن بابل هزمت مصر بعد ذلك فى معركة كركميش، فعاد فرعون أدراجه إلى مصر. ولكن ملوك مصر لم يكفوا عن المحاولات، وكانوا يحرضون ملوك المنطقة ومنهم ملك يهوذا، على أن يتمردوا على ملك بابل، وكانوا يشجعون ملوك يهوذا أن يقيموا حلفاً مع مصر به يقاومون حكم بابل. إذاً لقد حاولت مصر أن تتزعم حلفاً فى المنطقة ضد بابل ولكن كان رأى أرمياء أنه لا يوافق على هذا الحلف، بينما أن الأنبياء الكذبة فى أورشليم شجعوا ملوك يهوذا على ذلك، وهذا مما حمل الجميع ملوكاً وكهنه، وأنبياء كذبة، بل والشعب، على الوقوف ضد أرمياء وإضطهاده.وكانت دعوة أرمياء لصدقيا آخر ملوك يهوذا لأن يلتزم بتعهداته وحلفه (أقسامه) لنبوخذ نصر ملك بابل بأن يظل خاضعاً لهُ، ولكن صدقيا كان أضعف من أن يقف فى وجه التيار المؤيد للتحالف مع مصر ضد بابل. وكان أن خيانة صدقيا ونقضه لحلفه الذى حلف به أمام نبوخذ نصر، قد أغضبت الله جداً، إذ إعتبر الله أن القسم بإسمه والرجوع عن ذلك هو إهانة له (حزقيال13:17-16) وقطعاً فلقد وجهوا تهمة لأرمياء هى أنه ضد الوطن ومصلحته، وأنه خائن لشعبه ووطنه.

إن مصر فى وثنيتها وكبريائها كانت ترمز لكبرياء العالم، وبخيراتها ونيلها وقوتها ترمز لخيرات هذا العالم وقوته الزمنية. وكان أرمياء فى تحذيراته بعدم الإلتجاء لمصر، بل الإلتجاء لله بتوبة حقيقية هو نداء الكتاب المقدس دائماً لمن فى شدة، ان لا يحاول إصلاح حاله بالإعتماد على قوة بشرية، بل ان يصلح من حاله، وقلبه، وحينئذ يصلح الله له كل ما وقع فيه من مشاكل. وان نحتمى بالله وليس بالأموال والوساطات... ألخ.

20. معنى إسم النبى وموضوع النبوة

معنى إسم أرمياء = الرب يؤسس. فالله يهدد بأن بابل ستخرب يهوذا وأورشليم وتضرب الشعب، لا لأن الله يريد أن ينتقم، بل لأن الله يريد أن يعيد تأسيس شعبه من جديد بعد أن فسد. وهذا معنى مثال الفخارى الذى أراه الله للنبى ارمياء (إصحاح 18) وهذه كانت أول كلمات الله لأرمياء (أر10:1) وقد وكلتك اليوم على الشعوب لتقلع وتهدم وتهلك وتنقض وتبنى وتغرس وهذا هو معنى إعادة التأسيس كما حدث فى الطوفان أيضاً... هلاك الميئوس من إصلاحهم (مثل إبريق الفخارى أر 19) وإعطاء حياة جديدة لمن يوجد فيه رجاء فالله لا يقصف حتى القصبة المرضوضة.

وهناك من فسر إسم النبى هكذا "الرب يرمى" وبهذا المعنى، فالله قرر أن يرمى شعبه فى يد بابل ليؤدب شعبه، وبعد أن ينتهى التأديب، يرى الله عصا التأديب هذه أى بابل (وهذا هو موضوع إصحاح أر51). فبعد أن تؤدى العصا دورها، يرميها الله. وهذه هى طريقة الله دائماً، فكما ألقى الله أو رمى شعبه فى يد بابل ليتأدب هذا الشعب، أسلم الله الخليقة للباطل (رو20:8) حتى تتأدب. وبعد أن تنتهى عملية التاديب يُلقى الله هذه العصا (أى إبليس) فى البحيرة المتقدة بالنار (رؤ10:20). لقد ظن اليهود أن نبوات أرمياء ضدهم بأنهم سيقعوا فى يد ملك بابل هى خيانة للأمة بينما أن الله كان يعد العدة وسيستخدم ملك بابل فى إعادة تأسيس يهوذا روحياً يُسَلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكى تخلص الروح فى يوم الرب يسوع (1كو5:5) وتهمة الخيانة الوطنية وجهت للرب يسوع نفسه، وأنه بتعاليمه سيجعل الرومان ياتون على دولة اليهود (يو47:11). بينما أن المسيح أتى ليعيد تأسيس البشرية وتجديدها وما زال أسلوب المسيح فى إعادة تاسيس الكنيسة هو موت وحياة، وهذا يتم بالمعمودية (رو2:6-8) وهذه تساوى تماماً (أر10:1). وهذه أيضاً تساوى مثل الفخارى. وما زال المسيح يسمح بان نقع فى يد إبليس لنتطهر ونتادب بالتجارب. وهذا ما حدث مع أيوب ومع بولس (2كو7:12) لذلك يفرح المؤمن بالتجارب (يع2:1) فمن تألم فى الجسد كف عن الخطية (1بط1:4) وكلما كان الجسد الخارجى يفنى بالتجارب والألام يتجدد الداخلى يوماً فيوم (2كو16:4).



21. أرمياء والمسيح

أ‌. كان أرمياء يعيش وسط حالة من الإنحطاط الفظيع على كل المستويات، وهكذا كان المسيح. وكما تنبأ أرمياء عن خراب أورشليم هكذا فعل المسيح. قارن (أر16،15:1) مع (مت38:23) وكما كان أرمياء نبياً باكياً، هكذا بكى المسيح على أورشليم وما سيحدث لها (لو41:9-44) + (لو28:23-31).

ب‌. كان أرمياء نبياً مرفوضاً من شعبه (18:11-21) ومن إخوته (13:14-16 + 10:28-17) هم ضربوه ووضعوه فى مقطرة وهددوه بالقتل (21:20 + 8:26 + 26:36) هم سجنوه وإتهموه بالخيانة الوطنية (3،2:32 + 11:37-15) ووضعوه فى جب ليموت (6:38) وقيدوه بسلاسل (1:40). أرمياء كان مرفوضاً من الجميع ملوكاً وكهنة وشعب وأنبياء كذبة، وهكذا كان المسيح الذى قيل عنه " إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله (يو11:1) والشعب صرخ قائلاً أصلبه أصلبه، دمه علينا وعلى أولادنا. وإخوته لم يقبلوه (مر21:3) + (يو5:7) ولقد ضُرِب السيد وصُلب ودفنوه. فاليهود أبغضوا أرمياء وهكذا المسيح، فمن يحيا فى الظلمة يبغض النور، الخاطىء لا يريد أن يوبخه أحد، (يو20:3+7:7).

ت‌. تنبأ أرمياء عن العهد الجديد، بل هو الذى أطلق هذا الإسم (31:31-34) وتنبأ عن المسيح (3:23-6) فأسماه غصناً وأنه يملك بعدل ويخلص ويعطى شعبه سلاماً وأنه برنا. وأنه سيعيد للبشر ميراثهم (8:23). ويسمى المسيح داود ملكهم الذى يقيمه الرب لهم (9:30) وان المسيح يساق للذبح كخروف (19:11) وعن ألام المسيح وأحزانه التى صار أرمياء فيها رمزاً للمسيح (أر9:23) ومرة أخرى يتنبأ عن ميلاد المسيح بالجسد ويسميه غصناً (فى15:33)، وأن هذا كان بحسب وعود الله ونبوات الأنبياء (14:33) وأن المسيح هو الذى سيخلص شعبه (16:33) وهو الذى يبررهم (16:33) ويتنبأ عن الكهنوت المسيحى (18:33). ولاحظ أن فى قول أرمياء الرب برنا (6:23 + 16:33) نبوة عن لاهوت المسيح. ويتنبأ أرمياء عن قتل أطفال بيت لحم (15:31) + (مت18،16:2). وفى (17،15:15) نرى أرمياء رمزاً للمسيح فى إحتماله للعار، وفى إحتماله للأحزان. وفى مثل الخزاف (أر18) نرى عمل المسيح فى إعادة تشكيل الخليقة لتصير فى المسيح خليقة جديدة (2كو17:5).

ث‌. أرمياء فى إحتماله للألام كان حاملاً للصليب، وكل من يحمل الصليب يتمجد، فالصليب مجد (يو39:7)، ومن يحتمل الصليب يكون شريكاً للمسيح فى صليبه وبالتالى فى مجده (رو17:8). ولنرى هذا عملياً، فلقد قال الله لأرمياء يوم إختاره وكلفه بعمله البنوى "ها قد جعلت كلامى فى فمك" (أر9:1). وبعد أن ذاق أرمياء الألام التى تحملها لأجل الله نسمع قول الله له "مثل فمى تكون" وهذه درجة أعلى وأمجد (أر19:15).

ج‌. فى (أر1:1-3) يحدد النبى مدة نبوته، ولكن هذا التاريخ المدون هنا سجله النبى غالباً وهو فى أورشليم بعد أن سقطت فى يد نبوخذ نصر ملك بابل وأحرقها، وتم ما تنبأ عنه أرمياء النبى، لكن النبى إستمر فى نبواته حتى بعد أن أخذوه معهم عنوة إلى مصر. ولقد إستمر أرمياء فى نبواته حوالى 50 عاماً.



الإصحاح الأول
الأيات 1-3:- كلام ارميا بن حلقيا من الكهنة الذين في عناثوث في ارض بنيامين.

الذي كانت كلمة الرب اليه في ايام يوشيا بن امون ملك يهوذا في السنة الثالثة عشرة من ملكه.

و كانت في ايام يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا الى تمام السنة الحادية عشرة لصدقيا بن يوشيا ملك يهوذا الى سبي اورشليم في الشهر الخامس.

فيها تقديم السفر وزمن النبوة وخدمة إرمياء. وقد بدأ خدمته أيام يوشيا وكان قصد الله أن يساعد يوشيا فى إزالة العبادة الوثنية. وكانت كلمة الرب إليه= وهذا تفويض لهُ بالنبوة ورؤيا بالأشياء التى سوف يتنبأ عنها. وكان من المفروض حين يوجد ملك مثل يوشيا قديس ونبى مثل أرمياء النبى العظيم أن يقدم هذا الشعب توبة ولكن للأسف فهم إستمروا فى وثنيتهم ولذلك كانت نهايتهم الخراب. ولنلاحظ فترة خدمة النبى أنها حوالى 40 عاماً قبل السبى وهذا هو الإثم الذى حمله حزقيال على جانبه الأيمن لمدة 40 يوما (حز4) فمما ضاعف من خطية يهوذا وجود ملك ونبى عظماء مثل هؤلاء. ومع أن النبى إستمر فى نبواته بعد التاريخ المدون هنا إلا أنه حدد هذا التاريخ لأن نبوته كانت تختص بالسبى وبالسبى تحقق ما تنبأ عنه.



الأيات 4-5:- فكانت كلمة الرب الي قائلا. قبلما صورتك في البطن عرفتك و قبلما خرجت من الرحم قدستك جعلتك نبيا للشعوب.

الله هو الذى يختار الراعى لشعبه. وهو الذى يعلم من البطن من يصلح لهذا العمل فيختاره. والله هنا يشجعه بهذه الكلمات أنه هو الذى إختارهُ وعينه نبياً للشعوب = من هم الشعوب الذين أرسله الله إليهم:

1. لأنه مُرْسَلْ أساساً لليهود فكأن الله إعتبرهم مثل الشعوب الباقية لوثنيتهم فأسماهم شعوب.

2. ولأن أرمياء تنبأ أيضاً ضد الشعوب أى الأمم.

3. ولأن نبوة أرمياء موجهة للأن لكل شعب فى كل العالم.

وكما إختار الله أرمياء من بطن أمه هكذا إختار بولس (غل 15:1) فالله الخالق العظيم يعرف كيف يستفيد من كل واحد من خليقته وبما أعطاه لهم من مواهب... قدستك = خصصتك.



أية 6:- فقلت اه يا سيد الرب اني لا اعرف ان اتكلم لاني ولد.

هنا إعتذار متواضع من أرمياء. فهو يشعر أنه صغير. وهو ليس تواضع مصطنع.



أية 7:- فقال الرب لي لا تقل اني ولد لانك الى كل من ارسلك اليه تذهب و تتكلم بكل ما امرك به.

الله هنا يشجعه أنه وراءه ويسنده فعليه أن لا يخاف. فإحساسنا بعدم إستحقاقنا للخدمة لا يجب أن يجعلنا ننسحب منها حين يدعونا الله. ويحسب لأرمياء أنه بعد تشجيع الله ووعده لم يُصَر على الإعتذار مثل موسى الذى غضب الله منه بسبب إصراره على الإعتذار. والله سبق وإختار صموئيل وهو صغير. فالله يعطى معرفة للعقل وكلمة عند إفتتاح الفم (1كو13:2، حز3).



أية 8:- لا تخف من وجوههم لاني انا معك لانقذك يقول الرب.

وعد الله هنا ليس أن يزيل المشقات والمتاعب من أمامه، فالله لا يعفى خدامه من الضيقات بل يسندهم فيها ويحميهم وهذا ما يشجع خدام الله (أع10،9:18)، (حز9:3).



أية 9:- و مد الرب يده و لمس فمي و قال الرب لي ها قد جعلت كلامي في فم.

جمرة إشعياء كان فيها تطهير أما لمس الرب لفم إرمياء تشير للتأهيل والإعداد. فعليه أن لا يعترض بأنه لا يعرف أن يتكلم فالله هو الذى يسمعه ويعلمه ما يتكلم به (مت19:10)



أية 10:- انظر قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب و على الممالك لتقلع و تهدم و تهلك و تنقض و تبني و تغرس.

هنا الله يعطيه سلطاناً فهو كمن يحكم ليس بالسيف ولكن بالكلمة. وكلتك = إذن هو وكيل لله وفى مقابل الكرامة هناك المسئولية. لتقلع وتهدم = نبواته بالدينونة والخراب هى إنذار بأن الخاطىء سيقلع، وتبنى وتغرس = نبواته بالرجوع من السبى هى وعد بأن التائب سيزرع من جديد ويبنى من جديد فى أرضه. ولكى يبنى من جديد يلزم أن ينقض القديم حتى الأساس. والله أراد أورشليم جديدة فنقض القديمة. والمعمودية هى موت ثم قيامة (رو6).

وهكذا الله يحوَل الولد الصغير بنعمته لجبار فالله هو الذى يعمل.



الأيات 12،11 :- ثم صارت كلمة الرب الي قائلا ماذا انت راء يا ارميا فقلت انا راء قضيب لوز. فقال الرب لي احسنت الرؤية لاني انا ساهر على كلمتي لاجريها.

الله فى بدء تعامله مع أرمياء أراه رؤى تشير لخراب أورشليم حتى تنطبع فى قلبه طوال فترة خدمته. ونرى هذا فى هذه الرؤيا، قضيب اللوز والتى تليها، القدر. فالله يعلن أن الشعب نما للخراب وأن الخراب يُسْرِعْ حثيثاً تجاههم. وشجرة اللوز تزهر فى يناير مبكراً جداً قبل كل الأشجار وتعطى ثمارها فى مارس لذلك يسميها العبرانيون hasty tree أى الشجرة المتعجلة. وهنا تلاعب بالألفاظ فأيضاً الله متعجل = ساهر على كلمته ليجريها، أى قراره بخراب أورشليم. فكلمة قضيب اللوز(شاقد) بالعبرية هى نفسها كلمة ساهر تقريباً (شوقد). والقضيب هو قضيب التأديب ضد أورشليم. ولأن الخطية ملأت أورشليم فالله يتعجل خرابها. وقال الله لأرمياء أحسنت لأنه عرف أنها شجرة لوز وهى لم تثمر بعد وهذا لا يعرفه إلا خبير. وكان أيضاً خراب أورشليم لم يظهر أى دليل لهُ ولكن أى خبير روحى يستطيع أن يراه فإذا زادت الخطية وتفشت فمن المؤكد أن وراء هذا خراب قريب.



الأيات 13-16:- ثم صارت كلمة الرب الي ثانية قائلا ماذا انت راء فقلت اني راء قدرا منفوخة و وجهها من جهة الشمال. فقال الرب لي من الشمال ينفتح الشر على كل سكان الارض. لاني هانذا داع كل عشائر ممالك الشمال يقول الرب فياتون و يضعون كل واحد كرسيه في مدخل ابواب اورشليم و على كل اسوارها حواليها و على كل مدن يهوذا. و اقيم دعواي على كل شرهم لانهم تركوني و بخروا لالهة اخرى و سجدوا لاعمال ايديهم.

تشير رؤيا القدر، لقدر موضوع على فرن مشتعل يتم تغذيته بالوقود والنار من ناحية الشمال. والقدر تشير لأورشليم التى ستغلى حالاً حين يشتعل الفرن وإشتعال الفرن يشير لهجوم بابل الذى سيأتى من جهة الشمال. وبابل جيشها كان مكوناً من العشائر والشعوب التى وحَدها نبوخذ نصر تحت قيادته = هأنذا داعٍ كل عشائر. ويشير هذا لجيش بابل. وجيش بابل يستخدمه الله هنا كوسيلة تأديب. وهذا إنذار لهم لعلهم يتوبون عن وثنيتهم. والعقوبة تشير لإستيلاء الجيش البابلى على أسوار وأبواب أورشليم والمعنى أن من يستسلم للشيطان وإغراءاته سيسيطر الشيطان عليه ويحيطه ويستعبده.

قدر منفوخة = تترجم قدراً تغلى فى إضطراب. ووجهها جهة الشمال = أى مكان دخول النار.



الأيات 17-19 :- اما انت فنطق حقويك و قم و كلمهم بكل ما امرك به لا ترتع من وجوههم لئلا اريعك امامهم. هانذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة و عمود حديد و اسوار نحاس على كل الارض لملوك يهوذا و لرؤسائها و لكهنتها و لشعب الارض. فيحاربونك و لا يقدرون عليك لاني انا معك يقول الرب لانقذك.

نطق حقويك = إستعد لهذه الخدمة وآمن بأن الله سيسندك ولا تهتم بشىء أخر، أى إنزع عنك كل إهتمام وإنشغال دنيوى وإنشغل بهذه الخدمة. وعليك أن تبلغ الكلام الذى أضعه فى فمك كما هو = كلمهم بكل ما آمرك مهما كان من شدته ضد الشعب ولا ترتاع من وجوههم = فكلمة الله يجب أن تصل بامانة لهذا الشعب، وعليه أن لا يخاف منهم، فهم لن يقبلوا كلمة الله وسيخيفونه ولكن عليه أن يؤمن بأن الله يسنده، وإذا آمن بهذا يكون لهُ سلام وسيشعر بهذا السلام يملأ قلبه، أما لو خاف منهم وإرتعد فهذا معناه عدم ثقة فى الله فينزع الله سلامه منه = لئلا أريعك أمامهم = فالله هو الذى يعطى السلام ويعطى أيضاً الجسارة والقوة فماذا يحدث لو أن النبى بعد أن تكلم بكلمة الله خاف من نتائجها وشكَ فى حماية الله له؟ُ سيحرم من السلام والقوة فيرتاع بالأكثر. إذاً الإيمان هو أفضل حماية للإنسان ضد شر الأشرار ومكائدهم. وأنظر لوعد الله لهُ فى أية (19) فهو سيجعله محصناً ضد شرور الجميع، فقط عليه أن يؤمن. ولكن هذا لا يعنى أنه لن يكون هناك حروب ضده (20) فيحاربونك ولا يقدرون عليك لأنى معك.



خلاصة الإصحاح:-

فسد الإنسان بالخطية وإنساق لإبليس وإستعبده إبليس وكان الله يتعجل خلاص الإنسان (شجرة اللوز) وحينما جاء ملء الزمان (أزهرت الشجرة) جاء المسيح لينقض ويهدم (بالموت) ثم يغرس ويبنى (بالقيامة) (هوذا الكل صار جديداً).



ملاحظات

نرى فى أية 5 ان الله قد إختار أرمياء لعمله النبوى وهو ما زال فى بطن أمه. وهكذا إختار بولس لرسوليته وهو ما زال فى بطن أمه، وإختار يعقوب دون عيسو وهما ما زالا فى البطن (غل15:1) + (رو11:9) فما معنى هذا؟ راجع (رو29:8) "سبق فعرفهم" فالله يعرف ماذا سيكون عليه الشخص، وذلك وهو ما زال فى بطن أمه. ويقول بولس الرسول عن أولاد الله "أن الله سبق وخلقهم لأعمال صالحة أعدها لكى يسلكوا فيها" (أف10:2) إذاً فالله خلقنا وفق خطة معينة، ولكل منا فى حياته خطة، والله قدَس أولاده أى هو خصصهم وكرسهم لهُ، لينفذوا خطته التى وضعها كما قال لأرمياء "قدستك" ونحن نخرج من المعمودية والميرون مقدسين لله. بل أن الله يعطى لكل منا مواهب تعينه على تنفيذ هذه الخطة (وهى الوزنات) (1بط10:4).



خلاصة الإصحاح

فسد الإنسان بالخطية وإنساق لإبليس، فإستعبده إبليس وكان الله يتعجل خلاص الإنسان (شجرة اللوز المتعجلة). فمعنى رؤيا شجرة اللوز المباشر، هو أن الله يتعجل خراب أورشليم بسبب خطاياها، ولكن الله لا يُسر بموت الخاطىء مثل أن يرجع ويحيا (حزقيال23:18). والمعنى غير المباشر أن الله يُهلك أورشليم لكى يجددها، ويعيد تأسيسها، وهذا ما سيفعله المسيح ويكون أرمياء هنا رمزاً للمسيح. لذلك يقول الله لأرمياء أنه سيكون نبياً للشعوب والمسيح جاء لليهود والأمم. وأرمياء سينقض ويهدم وذلك بنبواته بهلاك أورشليم، والمسيح بموته وبالمعمودية يموت الإنسان العتيق، ويقلع المسيح بهذا ما زرعه الشيطان من زوان. وأرمياء يغرس ويبنى، والمسيح سيبنى بالقيامة الإنسان الجديد كخليقة جديدة (2كو17:5). والله بهذا يتعجل (شجرة اللوز) أن يعيد الخلقة ويعطى حياة للبشر. ولهذا سمعنا عن أرمياء كرمز للمسيح أنه سيكون مدينة حصينة = تحتضن الناس وعمود حديد يبنى عليه هيكل الرب وأسوار نحاس يحتمى وراءها الكثيرين... وهذه صفات المسيح حقيقية.



الإصحاح الثانى
غالباً هذا الأصحاح هو عظة إرمياء الأولى بعد إرساليته، وفيه يظهر النبى للشعب تعدياته ويوبخهم ليتوبوا. ويظهر لهم بشاعة خطاياهم وأهمها الوثنية.



أية 2،1 :- و صارت الي كلمة الرب قائلا. اذهب و ناد في اذني اورشليم قائلا هكذا قال الرب قد ذكرت لك غيرة صباك محبة خطبتك ذهابك ورائي في البرية في ارض غير مزروعة.

الله قبل أن يوبخهم ذكرهم بمحبتهم الأولى حتى لا ييأسوا. وفى بداية حياة الإنسان مع الله يكون لهُ هذا الإختبار فى حلاوة المحبة الأولى وياليتنا لا نترك محبتنا الأولى. فالله ذكر لأورشليم محبة صباك = حين وعدوا موسى وقالوا كل ما قاله الرب نفعل وحين سبحوا الرب بعد الخروج. وأنهم لم يرتدوا إلى مصر بالرغم من صعوبات البرية. وأنهم إرتبطوا معه بعهد وكان هذا العهد هو خطبتهم لله وصاروا عروساً لهُ فتبعوه بأمانة. وتعبير الخطبة إستعمله كثيرين.



أية 4،3:- اسرائيل قدس للرب اوائل غلته كل اكليه ياثمون شر ياتي عليهم يقول الرب. اسمعوا كلمة الرب يا بيت يعقوب و كل عشائر بيت اسرائيل.

بهذا العهد بينهم وبين الله صاروا قدساً للرب مخصصين لكرامته وأوائل غلَته = فهم أول كنيسة فى العالم وسط كل الأمم وهذا ينطبق على كل القديسين (يع18:1) وصار الله عدواً لأعدائهم = كل أكليه يأثمون والمعنى أن الباكورات كان يمنع أكلها إلا للكهنة ومن يأكلها يأثم فكأن كل من حاول أن يعتدى عليهم ويأكلهم يكون كمن يأكل قدس الرب فيكون مجرماً ومتعدياً على الرب (هذا فيه عتاب رقيق لهم، فالله يقول لهم انتم لى فلماذا تتركونى).

أية 5:- هكذا قال الرب ماذا وجد في ابائكم من جور حتى ابتعدوا عني و ساروا وراء الباطل و صاروا باطلا.

الله هنا يكشف نكرانهم للجميل فهم بدأوا حسناً ثم إرتدوا، بدأوا بالروح وأكملوا بالجسد.

وساروا وراء الباطل= أى الألهة الوثنية وأصنامها. والباطل هو اللاشىء وإسرائيل فى سعيه وراء اللاشىء أى الباطل صاروا باطلاً أى لا شىء وفراغ وهكذا كل من يسعى وراء شهوة البطن وشهوة الجسد وهكذا كان الغنى الأحمق (راجع1كو4:8) + (رو21:1) اما من يسير وراء الله الحق يصير شريك الطبيعة الإلهية.



أية 6:- و لم يقولوا اين هو الرب الذي اصعدنا من ارض مصر الذي سار بنا في البرية في ارض قفر و حفر في ارض يبوسة و ظل الموت في ارض لم يعبرها رجل و لم يسكنها انسان.

الله يذكرهم بحمايته لهم وإعطائه المن والماء من الصخرة وسط برية قاحلة برية موت فهو لم يظلمهم فلماذا تركوه؟ غير أن داود النبى يعبَر عن حال أولاد الله الذين لم ينسوه "وإن سرت فى وادى ظل الموت فلا أخاف شراً لأنك معى" وهكذا نحن فى برية هذا العالم الله يرعانا فيها.



أية 8،7:- و اتيت بكم الى ارض بساتين لتاكلوا ثمرها و خيرها فاتيتم و نجستم ارضي و جعلتم ميراثي رجسا. الكهنة لم يقولوا اين هو الرب و اهل الشريعة لم يعرفوني و الرعاة عصوا علي و الانبياء تنباوا ببعل و ذهبوا وراء ما لا ينفع.

قارن هنا إحسانات الرب لهم مع خيانة الشعب بكل طوائفه حتى نجسوا أرض الله.



الأيات 9-13:- لذلك اخاصمكم بعد يقول الرب و بني بنيكم اخاصم. فاعبروا جزائر كتيم و انظروا و ارسلوا الى قيدار و انتبهوا جدا و انظروا هل صار مثل هذا. هل بدلت امة الهة و هي ليست الهة اما شعبي فقد بدل مجده بما لا ينفع. ابهتي ايتها السماوات من هذا و اقشعري و تحيري جدا يقول الرب. لان شعبي عمل شرين تركوني انا ينبوع المياه الحية لينقروا لانفسهم ابارا ابارا مشققة لا تضبط ماء.

كتيم = تشير للغرب عموماً فكتيم بلد فى جزيرة قبرص وقيدار = تشير للشرق فقيدار هم قبائل العرب الذين يقيمون بين بابل والأردن. فالله يخاصمهم ويخاصم بنيهم إذا إستمروا فى وثنيتهم. وبينما أن كل العالم شرقاً وغرباً لا يغيروا الهتهم فشعب الله تركه وعبد ألهة أخرى متعددة بل ولم يكتفوا بإله أو إثنين بل تبعوا وعبدوا ألهة كثيرة (28) والمؤلم فى هذا أنهم تركوا الإله الحى وذهبوا وراء الباطل. وينطبق هذا على أيامنا فأتباع الديانات والفلسفات الأخرى أكثر إخلاصاً لها من إخلاصنا لمسيحنا الذى يهب شعبه ماء الحياة.

إبهتى أيتها السموات = الملائكة التى تفرح بخاطىء واحد يتوب بهتت من شرهم وبهتت الشمس والنجوم من ان هذا الشعب ترك إلهه ليعبدها. وحقاً فهذه الأصنام تعطى لذة وقتية لكنها لا تستطيع أن تنفع تابعيها. وهم عملوا شرَين = 1- تركونى = هم تركوا عبادتى وكان هذا منهم نكراناً للجميل وكان هذا واجبهم عبادتى أمام كل ما أعطيتهم 2- حفروا لأنفسهم = ذهبوا ليفتشوا عن مصدر أخر للفرح والتعزية، ذهبوا يبحثوا عن لذة جسدهم. وهذا من غبائهم فهم تركونى أنا ينبوع الماء الحى = مصدر كل فرح وتعزية وذهبوا لأبار مشققة لا تضبط ماء = لأن الماء فى هذه الأبار يوجد اليوم ولا يوجد بعد ذلك ولذة الجسد هكذا وقتية ويعقبها حزن.



أية 14:- اعبد اسرائيل او مولود البيت هو لماذا صار غنيمة.

إسرائيل قال عنه الله إبنى البكر. والإبن يتمتع بحماية أبيه طالما بقى فى منزله ولكن إذا هجر أبيه كالإبن الضال يصير غنيمة. هو سار وراء شهواته وصار عبد لمحبة المال والزنا والوثنية. وهذا الكلام ينطبق على إسرائيل وعلى كل منا. كل من يتبع إبليس يستعبده. وهذه هى خطة إبليس دائماً أن يفصل بيننا وبين الله ويبعدنا عن الإتصال بالله فينفرد بنا ويستعبدنا ويذلنا.



أية 15:- زمجرت عليه الاشبال اطلقت صوتها و جعلت ارضه خربة احرقت مدنه فلا ساكن.

يظهر النبى هنا لهم غبائهم. فخطيتهم هى سبب عقوبتهم بالألام التى هم فيها. والتى أصعب فالأشبال هنا هم الأعداء الذين يهاجمونهم (أشور أو مصر أو بابل) أوهم الشياطين. ولكن متى بكون لهم سلطة عليهم أو علينا؟ إذا ذهبنا نحن لهم. فكانت يهوذا تريد التحالف مع هؤلاء. فهم تركوا الههم حمايتهم وطلبوا حماية الأمم لهم. والنتيجة إستعباد هذه الأمم لهم. والله ينبه كل واحد ويقول أنتم لستم هكذا فأنتم أبناء ولكن شهواتكم تفقدكم حريتكم.



أية 16:- و بنو نوف و تحفنيس قد شجوا هامتك.

تشير لغزو مصرى حدث ضد يهوذا ربما أيام رحبعام. أو يهوأحاز وفرض ضريبة عليهم.



أية 18،17 :- اما صنعت هذا بنفسك اذ تركت الرب الهك حينما كان مسيرك في الطريق. و الان ما لك و طريق مصر لشرب مياه شيحور و ما لك و طريق اشور لشرب مياه النهر.

هى بإرادتها الحرة تركت الله مصدر الخيرات الحقيقى وذهبت للأمم، إلى مصر = شيحور أى نهر النيل فشيحور تعنى الموحل أى طمى النيل، وللنهر أى للفرات أى أشور هى طلبت خيرات مصر وأشور أو التحالف معهم أو عبادة الهتهم فالتحالف ما كان يتم سوى بعبادة الهة الحليف الأقوى. وفى هذا القول ينهاهم النبى عن التحالف مع أحدهم حقاً من يترك الرب يصبح أعداؤه أعداء حقيقين وأصدقاؤه أصدقاء مخادعين باطلين.



أية 20،19:- يوبخك شرك و عصيانك يؤدبك فاعلمي و انظري ان تركك الرب الهك شر و مر و ان خشيتي ليست فيك يقول السيد رب الجنود. لانه منذ القديم كسرت نيرك و قطعت قيودك و قلت لا اتعبد لانك على كل اكمة عالية و تحت كل شجرة خضراء انت اضطجعت زانية.

سبب الخطية = خشيتى ليست فيك. وبداية الشر هى عدم خوف الله يليه ترك الرب ويلى ذلك تلقائياً كل أنواع الشرور والشر يأتى بالمتاعب والخراب. فالخطية تؤدب صاحبها. بل يمكن أن نقرأ الخطية فى عقابها = يوبخك شرك وعصيانك يؤدبك. مثال لذلك مرض الإيدز. والله حرَرها وكسر قيودها ونيرها وكل ما طلبه الله منهم أن يتعبدوا لهُ ففى ذلك ضمان إستمرار حريتهم، فإنتمائهم لله يبعد عنهم إبليس. ولكنها أبت وذهبت وراء إبليس فى الهياكل الوثنية التى تقام على كل أكمة عالية وتحت كل شجرة خضراء والعبادة الوثنية فيها زنا روحى أى إنفصال عن الله وزنا جسدى كان يمارس فى المعابد الوثنية.

وقلت لا أتعبد = فبعد أن حررها الله أعطت وعداً أنها لا تتعبد لألهة غريبة ولكن كان هذا لفترة قصيرة ثم إرتدت. وهكذا نحن بعد كل عطية نعطى وعوداً لله ثم نرجع فى وعودنا ونفتر. لأنك على كل أكمة = تترجم بينما أنتِ على كل أكمة. أى تناقض بين الواقع وما وعدت به.



الأيات 21-24:- و انا قد غرستك كرمة سورق زرع حق كلها فكيف تحولت لي سروغ جفنة غريبة. فانك و ان اغتسلت بنطرون و اكثرت لنفسك الاشنان فقد نقش اثمك امامي يقول السيد الرب. كيف تقولين لم اتنجس وراء بعليم لم اذهب انظري طريقك في الوادي اعرفي ما عملت يا ناقة خفيفة ضبعة في طرقها. يا اتان الفرا قد تعودت البرية في شهوة نفسها تستنشق الريح عند ضبعها من يردها كل طالبيها لا يعيون في شهرها يجدونها.

الله غرسها كرمة سورق = أى كرمة فخمة من أجود أنواع الكروم فسورق كانت مشهورة بكرومها الجيدة. ولكن ماذا أصبحت؟ سروغ جفنة غريبة = أى كرمة غريبة فاسدة

(راجع أش5). فالله أسسهم كدولة وكشعب له أيام يشوع وكان لهم ناموسهم وهيكلهم. وعرفوا الله لفترة ثم بدأوا فى الإنحدار الذى وصل بهم لحالتهم الراهنة. والله زرعها زرع حق = بكل ما أعدهُ لها. وهكذا صنع الله مع الإنسان حين خلقه، حين خلقه على صورته ومثاله ولكن الأن هل نحن على صورته أم أن صورتنا غريبة. وشعب يهوذا الذى غرق فى عبادته الوثنية وإنحرافه، أو أدم الذى فقد صورة الله لم يعد يمكن تطهيره نبطرون = ملح أو أشنان = صابون. وهما رمز لكل محاولات البشر للتطهير لأن التطهير لن يكون سوى بدم المسيح. ويشبههم الله هنا بناقة خفيفة ضبعة فى طرقها = هى انثى سريعة تجمح فى عنف وراء ذكورها فى شهوانية. ويشبهها بأتان الفرا = وهو حمار الوحش البرى الذى تعوَد على الجموح فى البرية ولم يألف العمل، أى لم يصبح أليفاً يمكن إستخدامه فى الأعمال العادية. والمقصود أنهم شهوانيون جداً يستنشقون ريح اللذة، وفى شهوانيتهم هذه من يستطيع أن يجعلهم يرتدون عن خطيتهم = عند ضبعها من يردَها للخلف = أى فى حالة هياجها وجموحها وراء شهوتها من يستطيع أن يردها عن ذلك. وكل من يجرى خلفها = كل طالبيها لا يعيون كل الخدام الذين يجرون وراء الشهوانيون الخطاة لا يكلوا ولكنهم يعرفون أنه لا أمل إلا فى شهرها يجدونها = أى حينما تكتمل شهور حملها وتصبح ثقيلة غير قادرة على الجرى السريع (أى2:39) وكذلك من ألام مخاضها تصبح غير متوحشة فيمسكونها ويقودونها ولا تستطيع الهرب هكذا الشهوانيون لا يمكن إعتبارهم أناس طبيعيون، ولا يمكن قيادتهم للتوبة، ولكن هناك طريق يستعمله الله هو أن يجعلهم فى منتهى الثقل بمصيبة كبيرة وحينئذ تنفتح أذانهم للتعليم وهذا هو الشهر الذى تجدهم فيه (مز6،5:141) وهذا هو المتوقع الأن لأورشليم. وفى وقاحة يقولون لم أتنجس = ليس المعنى أنهم ينكرون وثنيتهم بل هم فى وقاحة يقولون أن عباداتهم وممارساتهم الوثنية لا تنجس. وهنا يذكرهم الله بأعمالهم فى وادى إبن

هنوم (حيث قدَموا أولادهم ذبيحة للألهة). ملحوظة:- حتى الأن لا يتصور من يحمل حجاباً ليحميه أو يذهب لمن يدَعون أنهم يفكون الأعمال أنهم بهذا يتعاملون صراحة مع الشيطان وأنهم بهذا يتنجسون. والبعليم هو أحد الآلهة الوثنية وأصبح رمزاً للأوثان لشهرته.



أية 25:- احفظي رجلك من الحفا و حلقك من الظما فقلت باطل لا لاني قد احببت الغرباء و وراءهم اذهب.

فى خطيتهم عناد ولا يمكن كبحهم ولا إرجاعهم للتوبة فهم كأتان الفرا يصعب ترويضهم ولا تقبل أى تهذيب. ولذلك يحذرهم الله هنا من أن السبى سيكون نتيجة خطيتهم. فحين يقودونهم للسبى سيجعلونهم يسيرون حفاة وفى الطريق إلى بابل صحراء وفيها سيعطشون ولكن من يبحث عن شهوة غريبة فهو يبحث عن ملك غريب وهؤلاء سيحكمهم ملوك غرباء.



أية 26:- كخزي السارق اذا وجد هكذا خزي بيت اسرائيل هم و ملوكهم و رؤساؤهم و كهنتهم و انبياؤهم.

هؤلاء سيكون خزيهم من آلهتهم التى لا تنفع فى ذلك اليوم كخزى السارق حين يضبط وهو يسرق.



أية 27:- قائلين للعود انت ابي و للحجر انت ولدتني لانهم حولوا نحوي القفا لا الوجه و في وقت بليتهم يقولون قم و خلصنا.

فى وقت ألامهم إستداروا لألهتهم المصنوعة من الخشب (العود) ومن الحجر يطلبونها وبهذا هم أعطوا لله القفا لا الوجه وسوف يخزون من الهتهم. وهناك معنى أخر للأية أنهم وقت أفراحهم ذهبوا وراء شهواتهم (الهتهم) ففى وقت الضيق لن يستجيب لهم الله لأنهم فى وقت أفراحهم حولوا له القفا لذلك يقول الكتاب "امسرور أحد فليرتل".



أية 30،29:- لماذا تخاصمونني كلكم عصيتموني يقول الرب. لباطل ضربت بنيكم لم يقبلوا تاديبا اكل سيفكم انبياءكم كاسد مهلك.

لباطل ضربت بنيكم = لأنهم عصوا الرب وخاصموه ضربهم. وهو ضرب حتى الشبان منهم فهم قد تقسوا كالكبار وقتلوا أنبياء الله فكانوا كأسد يلتهم ضحيته بفرح ولذة. ولكن بعد الضربات البسيطة التى إستعملها الله لم يتوبوا = لباطل. ولذلك فالطريق الأن لضربة عظيمة.



أية 31:- انتم ايها الجيل انظروا كلمة الرب هل صرت برية لاسرائيل او ارض ظلام دامس لماذا قال شعبي قد شردنا لا نجيء اليك بعد.

هم لا يدركون إحسانات الله اليومية عليهم. فلا يأتون إليه بالتوبة كما لو كان برية لا تعطى ثماراً، أو هو ظلاماً = إذا أتوا إليه لا يبصرون طرقهم. وهو الذى يعطيهم الشمس والمطر.



أية 32:- هل تنسى عذراء زينتها او عروس مناطقها اما شعبي فقد نسيني اياما بلا عدد.

الله هو زينتهم ومجدهم وإكليلهم مثل إكليل العروس وزينتها ومع ذلك تركوه زماناً.



أية 33:- لماذا تحسنين طريقك لتطلبي المحبة لذلك علمت الشريرات ايضا طرقك.

الله يصورهم هنا كزانية تجمل نفسها للأخرين وقد يكون ذلك طلباً لعقد معاهدات مع جيرانهم. وبدلاً من أن يكونوا قدوة ونوراً للعالم صاروا مثلاً شريراً وعلموا الشر للأخرين. بمزجهم كل العبادات الوثنية مع عبادة الله.



أية 34:- ايضا في اذيالك وجد دم نفوس المساكين الازكياء لا بالنقب وجدته بل على كل هذه.

جريمتهم فى قتل أولادهم كذبائح لمولك الإله الوثنى وقتل أنبيائهم وسفك دماء الأبرياء عالقة بهم وهى ظاهرة لا تحتاج للتنقيب ورائها. فهم لا يخفونها فى خجل بل يظهرونها.

بل على كل هذه = على إذيالك والأذيال هى الملابس التى تغطى والمقصود رؤسائها وملوكها وكهنتها.



أية 35:- و تقولين لاني تبرات ارتد غضبه عني حقا هانذا احاكمك لانك قلت لم اخطئ.

هم تصوروا أن الألام البسيطة التى عانوا منها تبرأهم ولكن لا سبيل للتبرئة سوى التوبة.



أية 37،36:- لماذا تركضين لتبدلي طريقك من مصر ايضا تخزين كما خزيت من اشور. من هنا ايضا تخرجين و يداك على راسك لان الرب قد رفض ثقاتك فلا تنجحين فيها.

هنا الله يوبخهم بأنهم إتخذوا من البشر سنداً لهم وتركوا الله وهذا وثنية روحية أن نثق فى أحد غير الله. ولكنهم سيخزون من مصر كما خزوا من أشور = ولن يجدوا راحة فى أى بشر. ولاحظ أن من يثق فى الله لن يحتاج أن يركض ليغير طريقه لأن راحته ستكون فى الله مثل حمامة نوح لا تستريح سوى فى الفلك. وتخرجين ويداك على رأسك = إلى السبى لأن الله رفض ثقاتك = أى الله رفض أن تحميكِ مصر التى لجأتِ إليها. ويداك على رأسِكْ من الألم والخزى. ورفع اليد فوق الرأس هو وضع السبايا، وهذا تهديد لهم بالسبى.

تعليق على الإصحاح

فى هذا الإصحاح، يقيم الله قضية خيانة زوجية ضد عروسه إسرائيل، والله يبدأ باللين، بل يقول إذهب ونادِ فى أذنى أورشليم (2) كمن لا يريد أن يفضحها. وفى رقة يقول لها أنه يحسب خروجها وراءه فى برية سيناء هو جميل منها يذكره لها، ولا يقول لها أنه هو الذى أنقذها من عبودية مصر، ولا يذكر لهم الله هنا خطاياهم فى البرية وتذمرهم، هذا هو الله الذى لا ينسى كأس ماء بارد. ولتشجيعهم يدعوهم هنا عروس وأولاد وبكور، ويسميهم قدس للرب ويقول عنهم انهم شعبه. ويفتح عيونهم على خطاياهم وخطورة قراراتهم، فهم يريدون أن يتحالفوا مع من ضربهم سابقاً أى مصر، الله بهذا يفتح عيونهم ان مصر تريد خداعهم (وهكذا الشيطان معنا).

(أية 16) والله يشرح لهم أن أى عقوبة إنما هى ثمرة لخطايانا (19). بل أن الله فى محبته لا يسمح لنا إلا بأن نتعرض للنذر اليسير من ألام الخطية. وفى عتابه يقول لهم أنظروا خيانتكم لى فى الوادى (23) إشارة لتقديم أولادهم ذبائح دموية فى الوادى، ويشبههم بناقة (أنثى) تلاحق الذكور

(23) إشارة ليهوذا التى تجرى وراء ألهة غريبة تاركة إلهها. وأشر ما يعاتبهم عليه أنهم ما عادوا يشعرون بأنهم يخطئون، صاروا يشربون الإثم كالماء، وهذا أشر ما يصل إليه الخاطىء. لأنى تبرأت. فقولهم هذا يشير لشعورهم بأنهم أبرياء مع كل أعمالهم هذه.



الإصحاح الثالث
الإصحاح السابق كله إنذار وتهديد أما هذا فدعوة للتوبة وتشجيعهم على ذلك



الأيات 1-5:- قائلا اذا طلق رجل امراته فانطلقت من عنده و صارت لرجل اخر فهل يرجع اليها بعد الا تتنجس تلك الارض نجاسة اما انت فقد زنيت باصحاب كثيرين لكن ارجعي الي يقول الرب. رفعي عينيك الى الهضاب و انظري اين لم تضاجعي في الطرقات جلست لهم كاعرابي في البرية و نجست الارض بزناك و بشرك. فامتنع الغيث و لم يكن مطر متاخر و جبهة امراة زانية كانت لك ابيت ان تخجلي. الست من الان تدعينني يا ابي اليف صباي انت. هل يحقد الى الدهر او يحفظ غضبه الى الابد ها قد تكلمت و عملت شرورا و استطعت.

هذه الأيات تصور كيف هم خطاة ولكن الله مستعداً أن يقبلهم لو رجعوا إليه. ويفتح لهم باب الرجاء. ويصور الله هنا قضيتهم بإمرأة طلقها زوجها فتزوجت بأخر. فبالناموس أنها لا تعود لزوجها الأول. والمرأة هنا هى يهوذا فهى قد تركت عريسها الرب وذهبت لغيره من الأوثان ومن بشاعة خطيتها فهى لم تذهب لواحد فقط بل ذهبت لكثيرين وكان من حق الله أن يرفضها للأبد لكنه لمحبته لها أعطاها فرصة ثانية. إرفعى عينيك إلى الهضاب = فهم كانوا يقيمون معابدهم الوثنية عليها وهناك تم الزنا الروحى بعبادة الأوثان والزنا الجسدى داخل هياكلهم. بل صارت كإعرابى فى الطرقات = وهذه لها تفسيرين:

1. أن هذا الإعرابى هو بائع متجول يساوم التجار ويعرض بضاعته وبضاعتهم هى الزنا.

2. أن هذا الإعرابى هو لص يتصيد المارة ليجعلهم فريسة.

وهكذا هم يتجولون لإستيراد ألهة جديدة ويرغمون الأخرين على عبادتها فهم ليسوا فقط خطاة بل شياطين نجسوا الأرض بزناهم وغوايتهم للأبرياء وزادت وقاحتهم فى الخطية وصارت لهم جبهة إمرأة زانية = أى بلا خجل والذى له قلب زانى سريعاً ما تكون لهُ جبهة نحاسية فلا تهتم بأن تتكلم وتعمل شروراً وإستطعت = لأن الله فى غضبه رفع ستره عنكِ فهيأ لكِ الشيطان كل وسائل الشر. ومن هو ليس أميناً لإلهه كيف يكون أميناً مع الأخرين. والنتيجة الطبيعية = إمتنع الغيث = أى إمتنعت بركات الله عنهم. ولكن هاهو الله يعلن أن مع كل هذا فهو على إستعداد أن يقبلهم بل ويعلمهم ما يقولونه لهُ يا أبى يا أليف صباى = أى يا من كنت مرشداً وصديقاً لى فى صباى وفى محبة غريبة يعلن الله أنه لا يحقِدْ إلى الدهر = أى محبة هذه!! أليس مخجلاً أن نستمر فى الخطية؟ (تث1:24-4) فبحسب الشريعة حتى لو طلق الزوج الثانى زوجته، وحتى لو مات الزوج الثانى، فالمرأة لا تستطيع أن تعود لزوجها الأول الذى طلقها، فدخول طرف ثان فى العلاقة الزوجية يفسدها. ولهذا السبب سمح السيد المسيح بالطلاق لعلة الزنا، فالزنا قد أفسد العلاقة الزوجية وكسرها.



الأيات 6-11:- و قال الرب لي في ايام يوشيا الملك هل رايت ما فعلت العاصية اسرائيل انطلقت الى كل جبل عال و الى كل شجرة خضراء و زنت هناك. فقلت بعدما فعلت كل هذه ارجعي الي فلم ترجع فرات اختها الخائنة يهوذا. فرايت انه لاجل كل الاسباب اذ زنت العاصية اسرائيل فطلقتها و اعطيتها كتاب طلاقها لم تخف الخائنة يهوذا اختها بل مضت و زنت هي ايضا. و كان من هوان زناها انها نجست الارض و زنت مع الحجر و مع الشجر. و في كل هذا ايضا لم ترجع الي اختها الخائنة يهوذا بكل قلبها بل بالكذب يقول الرب. فقال الرب لي قد بررت نفسها العاصية اسرائيل اكثر من الخائنة يهوذا.

هذه النبوة كانت أيام يوشيا الذى عاد لله بقلبه، أما الشعب فلم تكن عودتهم مخلصة. لم تكن عودتها بكل قلبها بل بالكذب = إذاً الخطية هنا هى الرياء. وكان عليهم أن يتعظوا مما حدث لإسرائيل التى طلقها الله فعلاً، وهدا الطلاق هو سقوطها بيد أشور وسبيها، وكان ذلك بسبب وثنيتها. ولكنهم لم يتعلموا هذا الدرس. وكانت خطيتهم أسوأ من إسرائيل لسببين:-

1. أنها كانت يجب أن تتعظ من أحكام الله ضد إسرائيل.

2. لوجود الهيكل والشرائع والكهنة فى وسطها.

فهل نتعظ نحن من:

1. الشر الذى يلحق بالخطاة أمامنا.

2. مما نقرأهُ فى الكتاب المقدس ونسمعه من عظات.

بررت نفسها إسرائيل = من كثرة خطايا يهوذا صار إسرائيل أبر من يهوذا، أو أن أفعال إسرائيل صارت براً بالنسبة لما تفعله يهوذا.



الأيات 12-19:- اذهب و ناد بهذه الكلمات نحو الشمال و قل ارجعي ايتها العاصية اسرائيل يقول الرب لا اوقع غضبي بكم لاني رؤوف يقول الرب لا احقد الى الابد. اعرفي فقط اثمك انك الى الرب الهك اذنبت و فرقت طرقك للغرباء تحت كل شجرة خضراء و لصوتي لم تسمعوا يقول الرب. ارجعوا ايها البنون العصاة يقول الرب لاني سدت عليكم فاخذكم واحد من المدينة و اثنين من العشيرة و اتي بكم الى صهيون. و اعطيكم رعاة حسب قلبي فيرعونكم بالمعرفة و الفهم. و يكون اذ تكثرون و تثمرون في الارض في تلك الايام يقول الرب انهم لا يقولون بعد تابوت عهد الرب و لا يخطر على بال و لا يذكرونه و لا يتعهدونه و لا يصنع بعد. في ذلك الزمان يسمون اورشليم كرسي الرب و يجتمع اليها كل الامم الى اسم الرب الى اورشليم و لا يذهبون بعد وراء عناد قلبهم الشرير. في تلك الايام يذهب بيت يهوذا مع بيت اسرائيل و ياتيان معا من ارض الشمال الى الارض التي ملكت اباءكم اياها. و انا قلت كيف اضعك بين البنين و اعطيك ارضا شهية ميراث مجد امجاد الامم و قلت تدعينني يا ابي و من ورائي لا ترجعين.

هذه أيات إنجيلية يتضح فيها قبول الله لتوبة أى إنسان وتأسيس كنيسة واحدة من كل المشتتين بعيداً. وهذا يشير إليه عودة إسرائيل بعد أن تشتتت على يد أشور. ويتضح من هذه الأيات أن الله لم ينس إسرائيل بالرغم من خطاياها وعقوبتها فسيعود الله ويجمعهم. وهذا أيضاً لتتعظ يهوذا فإن كان الله سيقبل إسرائيل المشتتة فبالأولى سيقبلهم هم وهم لم يعاقبوا ولم يرفضوا بعد، هذا إن تابوا. والنبى هنا ينظر لكنيسة المسيح التى يقبل فيها الجميع والتى فيها لن يكون هناك داعٍ لتابوت العهد وكل الطقوس اليهودية. ففى أية (12) دعوة لإسرائيل للرجوع ومن خلالها فالدعوة موجهة للجميع يهوداً وأمم وفى أية (13) يوجههم الله لطريقة الرجوع. "أذكر من أين سقطت وتبْ" (رؤ5:2) فعليهم أن يعرفوا أنهم أخطأوا إلى الله. فهى قد فرقت طرقها للغرباء = أى سلكت طرقاً مختلفة فى شهوتها للغرباء وعباداتهم التى يمارسونها تحت كل شجرة خضراء وفى أية (14) دعوة بالتوبة = إرجعوا... لأنى سدتُ عليكم = وفى ترجمة أخرى فقد تزوجتكم، أى أنتم لى، أبنائى حتى لو كنتم عصاة. والأب يؤدب أبنائه العصاة. فالله كأنه يقول أنا سُدتُ عليكم وبدلاً من أن أؤدبكم لترجعوا فالأفضل لكم أن تتوبوا. وإذا تابوا سيردهم الله حتى لو تشتتوا. والله قادر أن يجمعهم واحداً واحداً. وهذا تم جزئياً فى العودة من السبى وتم كلياً فى الكنيسة التى جمع فيها الله الجميع. وكل من يعود بالتوبة يعيده الله لصهيون أى الكنيسة، للتعزية والراحة. هؤلاء التائبين هم الذين يجدون الباب الضيق وهؤلاء لن يضيع منهم أحد حتى لو كان واحد فى مدينة فالله قادر أن يجد هذا الواحد ويأتى به فى سلام لصهيون. هذه هى الكنيسة التى يؤسسها المسيح وهذه الكنيسة ينبغى أن يكون لها رعاة حسب قلب الله (15) وهذه الكنيسة بلا تابوت عهد

(16) لأن المسيح نفسه فيها. وعلى مذبح هذه الكنيسة يوجد المسيح بجسده ودمه. وهذه الكنيسة يدخلها الجميع = إذ تكثرون وتثمرون فى الأرض وفى (17) الكنيسة هنا هى أورشليم كرسى الرب أو عرش الرب. وإليها يأتى الجميع يهوداً وأمم ويقدمون توبة صادقة = لا يذهبون وراء عناد قلبهم. وفى أية (18) إنضمام يهوذا لإسرائيل حدث بعد العودة من سبى بابل إذ وقعت أملاك بابل وأشور فى يد كورش ملك فارس الذى أصدر نداء بعودة اليهود كلهم لأرضهم وهذا تنبأ عنه حزقيال فى (حز 17،16:37) ولم نسمع بعد هذه العودة عن عداء بين يهوذا وإسرائيل وفى هذا إشارة لوحدة الكنيسة. ويكون الكل رعية واحدة لراعٍ واحد. والله هنا فى أية (19) يشرح صعوبة هذا الأمر. فهو يسأل كيف أضعك وسط البنين وأنتِ عاصية فاسدة. وكيف أعطيك أرضاً شهية. قطعاًهناك إجابة واحدة وهى التجسد والفداء. والروح القدس يشهد داخلنا أننا أبناء وبنعمة المسيح نرث معه الأمجاد. وبه نصرخ يا أبا الأب. وهو يجعلنا لا نرجع فهو الذى قال الذين أعطيتنى لم يهلك منهم أحد إلا إبن الهلاك (يو 12:17).



ملحوظات

1. لاحظ إلحاح الله على دعوتهم للتوبة إعرفى فقط إثمك (13).. إرجعوا (14) فالله لن يذهب إلى أبعد من أن يكشف لنا أخطائنا ويدعونا للتوبة، وعلى المريض أن يدرك أنه مريض ويذهب للطبيب. الله يقنعنا بالتوبة ويرينا أخطائنا ولكنه لا يجبرنا على التوبة.

2. أخذكم واحداً من المدينة وإثنين (14). فالله يهتم بكل نفس، ودعوته للتوبة كما أنها دعوة عامة لكنها هى أيضاً دعوة شخصية فردية لكل واحد، فحتى لو تركته المدينة كلها فهو يهتم بكل نفس تقبله.



الأيات 20-25:- حقا انه كما تخون المراة قرينها هكذا خنتموني يا بيت اسرائيل يقول الرب. سمع صوت على الهضاب بكاء تضرعات بني اسرائيل لانهم عوجوا طريقهم نسوا الرب الههم. ارجعوا ايها البنون العصاة فاشفي عصيانكم ها قد اتينا اليك لانك انت الرب الهنا. حقا باطلة هي الاكام ثروة الجبال حقا بالرب الهنا خلاص اسرائيل. و قد اكل الخزي تعب ابائنا منذ صبانا غنمهم و بقرهم بنيهم و بناتهم. نضطجع في خزينا و يغطينا خجلنا لاننا الى الرب الهنا اخطانا نحن و اباؤنا منذ صبانا الى هذا اليوم و لم نسمع لصوت الرب الهنا.

فى أية (20) خطيتهم هى خيانة الله فى عبادتهم الوثنية فوق المرتفعات والهضاب. وفى أية (21) صوتهم بالبكاء على الهضاب حيث أخطأوا سابقاً والأن بعد أن ضربوا تابوا، وهذا الصوت صوت بكاء التوبة. أو تفهم أنهم فى حال رفضهم أن يتوبوا سيكون نصيبهم الألام والبكاء فى نفس المكان الذى أخطأوا فيه. وفى (22) دعوة الله لهم بالرجوع وإستجابتهم للدعوة. والله هو الذى يشفى إرتدادنا. وفى أية (23) إكتشفوا أن باطِل هو ترجى الإنسان حتى لو كان كالأكام. أو هو باطل السعى وراء الأكام بأصنامها وملذاتها. أو هم قد ظنوا أن عباداتهم الوثنية هى كثروة فى ملذاتها وشهواتها ثم أدركوا بعد فوات الأوان بُطل كل هذا. وهكذا كل خاطىء سيكتشف إذا تاب أن ما ظنه ثروة يوماً ما، ما هو إلا نجاسة وأنه لباطل.

وفى (24) إكتشفوا ان عبادتهم الوثنية كانت السبب فى كل خسائرهم، حتى أنهم خسروا أولادهم حين قدموهم كذبائح، أو حين فقدوهم فى السبى. ولاحظ أن الخطية هنا تسمى خزى، لكن لا يخزى من الخطية سوى التائب الحقيقى. وفى (25) حالة الإنسان اليائسة من الخلاص قبل المسيح. وهذه الأيات تُصور حالة الإنسان التى إنحدر إليها بالخطية فوقع فى سبى إبليس وخسر كل شىء. ولكن بالفداء يشفى الله كل أثار هذا العصيان ويكتشف الإنسان مركزه الحقيقى كإبن لله فيحتقر أمجاد العالم= الأكام ثروة الجبال بل يحسبها نفاية (فى 8:3).

فى هذا الإصحاح: نرى إشتياق الرب لتوبتهم وتشجيعهم على التوبة وترك خطاياهم، حقاً فالله لا يُسر بموت الخاطىء بل بأن يرجع ويحيا (حزقيال 23:18). وكما رأينا أنه بحسب الناموس لا يستطيع الرجل أن يستعيد إمراته إذا تزوجت رجل أخر. وبحسب الطبيعة لا يقبل رجل أن يرد زوجته التى خانته ومع رجال كثيرين، ولكننا نرى الله فى محبته مستعد لأن يقبل شعبه حتى بعد ان فعلوا هذا، ومع أن دخول طرف ثالث فى العلاقة الزوجية يفسدها نجد أن الله فى محبته يشتاق لرجوع شعبه الخاطىء إليه. ولذلك نجد أن كلمة إرجعى تتكرر كثيراً فى هذا السفر.



الإصحاح الرابع
الأيات 2،1:- ان رجعت يا اسرائيل يقول الرب ان رجعت الي و ان نزعت مكرهاتك من امامي فلا تتيه. و ان حلفت حي هو الرب بالحق و العدل و البر فتتبرك الشعوب به و به يفتخرون.

هى بقية الإصحاح الثالث فهى موجهة لإسرائيل لتشجيعهم أن يتخذوا قرارهم بالرجوع إلى الله. وسبق فى الإصحاح السابق أن الله دعاهم وهم إستجابوا. والله هنا يوجههم أن يستمروا فى قرارهم ويستمروا فى توبتهم وعبادتهم وأن يحلفوا بأسم الله. والحلف بإسم الله كان إعلاناً منهم فى العهد القديم انهم ينتمون لله لا للأوثان. ولكن شروط أن يحلفوا بالله أن يكون الحلف بالحق = وليس بالكذب، والعدل = أى لا تكون شهادة زور امام القضاء، وبالبر = أى بالأمانة لله والإنسان. وحين يحدث هذا يرجع الإسرائيليين المشتتين من السبى ويباركهم الله بل بكونون بركة للشعوب حولهم ويكون الله مجدهم.



الأيات 4،3:- لانه هكذا قال الرب لرجال يهوذا و لاورشليم احرثوا لانفسكم حرثا و لا تزرعوا في الاشواك. اختتنوا للرب و انزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا و سكان اورشليم لئلا يخرج كنار غيظي فيحرق و ليس من يطفئ بسسب شر اعمالكم.

بدأ هنا يكلم يهوذا الذين لم يعاقبوا بعد ليحذرهم ليتوبوا وإلا فالكارثة وشيكة الوقوع. ويجب عليهم أن يصنعوا بقلوبهم ما يصنعوه بأرضهم أى أن يحرثوها = أى ينقوها من الشوك وإلا إختنق الزرع. والقلب غير التائب يشبه الأرض غير المحروثة ومملوءة شوكاً الذى هو النتاج الطبيعى للقلب الفاسد، فإذا لم يجدد بالنعمة تضيع فيه فائدة الشمس (نور الله) والمطر (عمل الروح القدس) ونزع الأشواك هو التوبة عن الخطايا التى تعيش فى القلب. وعليهم أن يصنعوا بأرواحهم ما يصنعوه بأجسادهم بأن يميتوا شهواتهم فختان الجسد هو مجرد رمز لختان الروح. وختان القلب أى تطهيره وقطع اللذات التى يتلذذ بها كمن يموت عنها وهذا هو نفس ما طلبه بولس الرسول (رو29،28:2). والختان الجسدى كان علامة لشعب الله وختان الروح هو علامة التكريس لله.



الأيات 5-8:- اخبروا في يهوذا و سمعوا في اورشليم و قولوا اضربوا بالبوق في الارض نادوا بصوت عال و قولوا اجتمعوا فلندخل المدن الحصينة. ارفعوا الراية نحو صهيون احتموا لا تقفوا لاني اتي بشر من الشمال و كسر عظيم. قد صعد الاسد من غابته و زحف مهلك الامم خرج من مكانه ليجعل ارضك خرابا تخرب مدنك فلا ساكن. من اجل ذلك تنطقوا بمسوح الطموا و ولولوا لانه لم يرتد حمو غضب الرب عنا.

هذه صورة واضحة بالهجوم الأتى بواسطة الجيش الكلدانى (جيش بابل) وتعتبر كإنذار من الله قبل أن يضرب لعلهم يتوبون وفى أية (5) يكتشفون وصول العدو من مخابراتهم فينا دون كل من هو خارج الأسوار للدخول داخل الأسوار وفى الأية (6) البوق ليسمع كل واحد ويهرب داخل الأسوار والراية لكى يراها كل واحد ويسرع ليحتمى وفى أية (7) يسمى ملك بابل بالأسد الجائع الذى ينزل على فريسته ويسميه مهلك الأمم فهو سيدمر. وسمى يهوذا أمم لوثنيتهم. وفى اية (8) يتنطقون بالمسوح فالغم شديد والحصار أدى إلى مجاعة وهلك الكثيرين وكل هذا الألم لغضب الله عليهم وفى أية (9) سيكون الخراب مذهِلاً ويتعجب الجميع الذين صدقوا كلمات الأنبياء الكذبة بأنه سيكون سلام لأورشليم بالرغم من خطاياها، والكل كانوا قد عشموا أنفسهم بذلك وفى أية (10) الله لم يخدع أحداً وقد سبق موسى فأنذرهم فى (لا26، تث28) أنهم لو أستمعوا لكلام الله سيكون لهم خير والعكس. وأرسل الله لهم الأنبياء الحقيقيين مثل أرمياء. فكان أمامهم إنذارات الناموس وإنذارات الأنبياء الحقيقيين ثم صوت ضمائرهم فى مقابل وعود الأنبياء الكذبة. وإختاروا صوت الأنبياء الكذبة فهم لا يدعونهم ولا يطلبون منهم توبة. إذاً هم خدعوا أنفسهم وخدعهم أنبياؤهم الكذبة والله سمح للأنبياء الكذبة أن يخدعوهم لعقابهم لأنهم لم يتقبلوا الحق المعلن. ولكن شكوى النبى هنا من هذا أن سماح الله للشعب بأن ينخدع هو الذى جعله يتقسى. ولكن الحقيقة أنهم هم الذين كرهوا أن يستمعوا للحقيقة وكانت خطيتهم هى عقابهم وفى (11-13) يشبه العدو بالسحاب لا يستطيع أحد أن يطوله ولا احد أن يمنعه وبريح لافحة حارة ساخنة فالتجربة شديدة وهى ليست ريح عادية بل زوبعة مدمرة وياتى بسرعة أسرع من النسور ولو كانت الريح ريح عادية كانت تنقى الجو وتذرى أى تحمل كل ما هو عالق لكن هذه الريح هى من أحكام الرب ضدهم = الأن أنا أيضاً أحاكمهم وفى (14) دعوة بالتوبة لعلهم يتوبون فتمتنع هذه الأحكام ضدهم وفى (15) دان هى أقصى مدن الشمال فتبلغها أولاً أخبار الغزو ومنها لكل جبل أفرايم جنوب دان وجبل إفرايم ملاصق ليهوذا وفى (16) ينتقل الخبر لأورشليم وهنا يسميهم ثانية الأمم لوثنيتهم وهنا إنذار بالحصار المقبل الذى فيه سيحيط العدو بها حتى تستسلم (لو43:19) وسابقاً كان الملائكة يحيطون بها حتى يحفظونها والأن فقد رفع الله حمايته فحاصرها الأعداء حتى لا يهرب منها أحد ولا يدخلها من ينقذهم وفى (17) يكون الحصار حول يهوذا محكماً كما لو كانوا حراس حقل يحيطونه من كل جهة وفى (18) سبب كل هذا خطيتهم ولاحظ فى أية (9) أن الأنبياء الكذبة هم اول من سيرتعبون من السيف (10) الذى طالما قالوا أنه لن يأتى هكذا كل من يتصور أن الموت بعيد لن يناله أو أن يوم الله لن يأتى يخدع نفسه ويستمر فى شره (2بط4،3:3) ويكون هذا اليوم رعباً لهُ ولكن هناك من ينتظر هذا اليوم بفرح قائلاً "أمين تعال أيها الرب يسوع".



الأيات 19-22:- احشائي احشائي توجعني جدران قلبي يئن في قلبي لا استطيع السكوت لانك سمعت يا نفسي صوت البوق و هتاف الحرب. بكسر على كسر نودي لانه قد خربت كل الارض بغتة خربت خيامي و شققي في لحظة. حتى متى ارى الراية و اسمع صوت البوق.لان شعبي احمق اياي لم يعرفوا هم بنون جاهلون و هم غير فاهمين هم حكماء في عمل الشر و لعمل الصالح ما يفهمون.

بعد أن رأى أرمياء الخراب الأتى تألم وأنَ فى قلبه لمحبته لشعبه ولكن لم يستطع السكوت عن إنذارهم لأن الرؤيا كانت واضحة حتى أنه سمع صوت البوق ورأى راية العدو وفى (20) أول ما خَرِبَ، الخيام، اى خيام الرعاة خارج الأسوار وقد يكون المعنى أن لا شىء مستقر فى هذا العالم فحتى القصور والبيوت بل وحياة الإنسان فهى تسمى خيام والكتاب يطلق على الجسد الخيمة (2كو1:5) والشقق أى الستائر فكل شىء هلك الحياة وكل زينتها وفى (21) تدل على أن الراية، راية العدو إستمرت فترة طويلة فالسبى إمتد على أربعة مراحل إنتهت بخراب شامل لأورشليم (الفترة تقرب من 20 سنة) وفى (22) هنا الله يظهر سبب كل هذا المأسى وهو حمق الشعب ولكن من المعزى أنهم ما زالوا شعبه. وحمقهم معناه أنهم لم يعرفوا الله.



الأيات 23-26:- نظرت الى الارض و اذا هي خربة و خالية و الى السماوات فلا نور لها. نظرت الى الجبال و اذا هي ترتجف و كل الاكام تقلقلت. نظرت و اذا لا انسان و كل طيور السماء هربت. نظرت و اذا البستان برية و كل مدنها نقضت من وجه الرب من وجه حمو غضبه.

كلمة خربة وخالية فى (23) هى نفسها المستخدمة فى سفر التكوين فقد نُزع من الأرض كل غناها وجمالها وزينتها والسموات تظلم ربما من غبار جيش الأعداء وربما من اليأس من الخلاص وربما لأن من هم فى مركز وينيرون للشعب (الرؤساء والكهنة) هم أنفسهم عميان قادة عميان وفى (24) الجبال التى طالما عبدوا الأوثان عليها أو الجبال هم الرجال العظماء والرؤساء هؤلاء إرتعبوا من جيش بابل وفى (25) تصوير للخراب الشامل فالأرض بلا سكان ولا حتى طيور والأرض التى كانت كالبستان صارت برية = خراباً. وهذه الأيات صيغت بأسلوب يناسب نهاية هذا العالم حين تخرب الأرض نهائياً. فما الذى نتمسك به من نفاية هذا العالم؟



الأيات 27-31:- لانه هكذا قال الرب خرابا تكون كل الارض و لكنني لا افنيها. من اجل ذلك تنوح الارض و تظلم السماوات من فوق من اجل اني قد تكلمت قصدت و لا اندم و لا ارجع عنه. من صوت الفارس و رامي القوس كل المدينة هاربة دخلوا الغابات و صعدوا على الصخور كل المدن متروكة و لا انسان ساكن فيها. و انت ايتها الخربة ماذا تعملين اذا لبست قرمزا اذا تزينت بزينة من ذهب اذا كحلت بالاثمد عينيك فباطلا تحسنين ذاتك فقد رذلك العاشقون يطلبون نفسك. لاني سمعت صوتا كماخضة ضيقا مثل ضيق بكرية صوت ابنة صهيون تزفر تبسط يديها قائلة ويل لي لان نفسي قد اغمي عليها بسبب القاتلين.

فى (27) وعد من الله بأن يبقى بقية بعد هذا الخراب ويعود ليبنى أورشليم من جديد وفى (28) الله لن يساعدهم فى هذه الضيقة وإذا إمتنع الله عن مد يده لهم فمن يستطيع ذلك لذلك تنوح الأرض عليها وأية (29) تصوَر هجوم الأعداء وهربهم أمامهم وفى (30) حينما تخلى الله عنها بدلاً من أن تقدم توبة قلبية صادقة. حاولت كزانية أن تتجمل فى عيون جيرانها مثل مصر لتقيم معها معاهدات تحالف وهذا فى نظر الله زنا. ولكن المظاهر الخارجية لا تعفى من قضاء الله بل التوبة الحقيقية. وحتى جيرانها رذلوها وطلبوا نفسها وفى (31) يصوَر ألامها كوالدة ماخض والبكرية ألامها أشد. بل ألامها بلا أمل فالتى تلِد ألامها تنتهى بالولادة ولكن هذه ألامها يائسة فمن حولها تسميهم قاتلين.



تأملات فى الإصحاح الرابع

1. فى الأيات (6،5) نسمع نادوا. فلندخل المدن الحصينة إرفعوا الراية وهذا لأن هناك حرب سيشنها العدو على أورشليم. ونحن فى حرب مستمرة مع إبليس. وحينما نفهم هذا فلنحتمى داخل أسوار الكنيسة، لأن خصمنا إبليس يجول ملتمساً من يبتلعه، فمن يجده خارج الأسوار، أى خارج الكنيسة، فهذا سوف يهلك. وعلينا أن نرفع راية الصليب، أى نقبل أى صليب يسمح به الله بدون تذمر، فخصمنا إبليس يحاول دائماً دفعنا لأن نتذمر على الله بسبب أى تجربة أو ألم.

2. فى أية (10) قائلاً يكون لكم سلام = هذه الأية تترجم فى السبعينية "ويقولون يكون لكم سلام" أى أن الأنبياء الكذبة هم الذين يقولون ذلك عموماً فالله لا يخدع أحد، لأن السلام ليس أقوال نسمعها من أحد أو حتى نسمعها من الله نفسه، بل هى حالة نختبرها فى القلب، وهذه لا تأتى إلا بالتوبة الحقيقية، ولا يمكن أن يختبرها من يحيا فى الخطية وهؤلاء الخطاة أى الشعب إنخدعوا فى أقوال الأنبياء الكذبة، والله ليس مسئولاً عن هذا الخداع، إنما هم إنخدعوا بسبب شهوات قلوبهم التى يجرون وراءها (يع14:1) فهم الذين يريدون الخطية ويوهمون أنفسهم بأن هناك سلام. وهذه الحالة شرحها بولس الرسول وأنها ستتكرر فى نهاية الأيام، حين يكون هناك أناس مستحكة مسامعهم (2تى3:4) اى هم تواقين لسماع وعود مزيفة، ووعود بالسلام يوهمون أنفسهم بها دون أن يختبروا حالة السلام هذه.

3. أحشائى أحشائى توجعنى (19) الأحشاء عند اليهود هى مركز العواطف وهذا راجع لما يشعر به الإنسان فى أحشائه من إضطراب عند حزنه (كو12:3) + (أش11:16).



الإصحاح الخامس


الأيات 1-9:- طوفوا في شوارع اورشليم و انظروا و اعرفوا و فتشوا في ساحاتها هل تجدون انسانا او يوجد عامل بالعدل طالب الحق فاصفح عنها. و ان قالوا حي هو الرب فانهم يحلفون بالكذب. يا رب اليست عيناك على الحق ضربتهم فلم يتوجعوا افنيتهم و ابوا قبول التاديب صلبوا وجوههم اكثر من الصخر ابوا الرجوع. اما انا فقلت انما هم مساكين قد جهلوا لانهم لم يعرفوا طريق الرب قضاء الههم. انطلق الى العظماء و اكلمهم لانهم عرفوا طريق الرب قضاء الههم اما هم فقد كسروا النير جميعا و قطعوا الربط. من اجل ذلك يضربهم الاسد من الوعر ذئب المساء يهلكهم يكمن النمر حول مدنهم كل من خرج منها يفترس لان ذنوبهم كثرت تعاظمت معاصيهم. كيف اصفح لك عن هذه بنوك تركوني و حلفوا بما ليست الهة و لما اشبعتهم زنوا و في بيت زانية تزاحموا. صاروا حصنا معلوفة سائبة صهلوا كل واحد على امراة صاحبه. اما اعاقب على هذا يقول الرب او ما تنتقم نفسي من امة كهذه.

وصف للشرور والأثام التى يرتكبونها وفى (1) فالخطية جماعية والكل يخطىء. وربما لو وجد الله إنساناً قديساً لما أهلكهم (راجع قصة سدوم وشفاعة إبراهيم عنها). الإنسان الكامل الوحيد الذى يشفع فى البشر هو المسيح. وفى (2) هم مرائين يحلفون بالله كذباً أو يمجدون الله بالشفاه والقلب بعيد وفى (3) نرى أن الله عيناه على الحق فهو يعرف قلوبهم ولا ينخدع بالمظاهر. ونلاحظ هنا أن الله ضربهم ليؤدبهم ولكن هم رفضوا التأديب. ضربتهم ولم يتوجعوا وصاروا كأموات لا يتألموا بسبب خطاياهم.

والله يؤدب أولاً بضربات خفيفة تتزايد فإن لم يتوب الإنسان تبدأ الضربات تشتد وفى النهاية يفنى الله هذا الإنسان. ومع يهوذا فالفلسطينيون كانوا يضايقونهم ثم الأراميون وإسرائيل فى أيام أحاز ثم أشور الذى أحرق 46 مدينة لكن الله أنقذ أورشليم ثم ضايقهم بنقص المطر كما سنرى بعد ذلك وفى كل هذا لم يتوبوا لذلك فضربة الإفناء بلا ريب أتية فهم صلبوا وجوههم. وفى (4) النبى يحاول ان يجد عذراً لهم بأنهم إنما هم مساكين فقراء مهتمين بعملهم الشاق ولم تكن لهم فرصة لمعرفة الله ولكن هذا ليس عذراً لهم فهناك مساكين كثيرين قديسين ولكنها محاولة من النبى وفى (5) ذهب النبى للعظماء الأغنياء فوجدهم قطعوا النير أى تحللوا من رباطاتهم مع الله لمحبتهم فى الخطية وفى (6) يصوَر الله حالة الحصار ومن هم حول المدينة مثل الحيوانات المفترسة هم كأسد فى قوتهم يقتلون وكذئب يلتهم حتى لو لم يكن جائعاً (عكس الأسد) وهم كالنمر فى سرعة هجماته وبطشه.

وفى 8،7 :- حلفوا بما ليست ألهة = أى وثنيتهم. والله أشبعهم وبدلاً من أن يشكروه ويسبحوه زنوا وبطريقة مقززة. بل فى شبعهم صاروا حُصناً معلوفة = من وفرة طعامهم تحسنت صحتهم فإستغلوا صحتهم فى الزنا مع زوجات أصدقائهم وفى (9) هل لا ينتقم الله لكل هذا؟ فالله لو سكت على كل هذا فسيتدنس إسمه القدوس ووصاياه تزدرى.



الأيات 10-19 :- اصعدوا على اسوارها و اخربوا و لكن لا تفنوها انزعوا افنانها لانها ليست للرب. لانه خيانة خانني بيت اسرائيل و بيت يهوذا يقول الرب. جحدوا الرب و قالوا ليس هو و لا ياتي علينا شر و لا نرى سيفا و لا جوعا. و الانبياء يصيرون ريحا و الكلمة ليست فيهم هكذا يصنع بهم. لذلك هكذا قال الرب اله الجنود من اجل انكم تتكلمون بهذه الكلمة هانذا جاعل كلامي في فمك نارا و هذا الشعب حطبا فتاكلهم. هانذا اجلب عليكم امة من بعد يا بيت اسرائيل يقول الرب امة قوية امة منذ القديم امة لا تعرف لسانها و لا تفهم ما تتكلم به. جعبتهم كقبر مفتوح كلهم جبابرة. فياكلون حصادك و خبزك الذي ياكله بنوك و بناتك ياكلون غنمك و بقرك ياكلون جفنتك و تينتك يهلكون بالسيف مدنك الحصينة التي انت متكل عليها. و ايضا في تلك الايام يقول الرب لا افنيكم. و يكون حين تقولون لماذا صنع الرب الهنا بنا كل هذه تقول لهم كما انكم تركتموني و عبدتم الهة غريبة في ارضكم هكذا تعبدون الغرباء في ارض ليست لكم.

فى (10) الله يعطى تفويض لبابل بالتخريب ولكن لا تفنوها = فهى ضربة تنقية لا إفناء.

إنزعوا أفنانها = أى أغصانها والمقصود شعبها فهى كرمة الرب ولكن الأن لخيانتها فهى ليست للرب وفى (12) هم لم يخافوا الله ولم يعرفوا قدرته فتحدوه وقالوا ليس هو = أى لا يرى ولا يلحظ فلن يأتى علينا شر وكثيرون يوهمون أنفسهم أن الله غير جاد فى إنذاراته منذ قال إبليس لأدم وحواء " لن تموتا " ولاحظ أن الله يقول هنا لا تفنوها (10) ولكنها فنت وخربت بعد صلب المسيح ففنائها مؤجل حتى يكملوا أثامهم بصلب المسيح. وفى (13) يصيرون ريماً = أى الأنبياء الكذبة الذين تكلموا بالباطل فصاروا باطلاً والأنبياء هم الأنبياء الكذبة ويكون المتكلم هنا هو الله وقد أصدر عليهم أمراً بالفناء وفى (14) الله يخبر أرمياء بأن كل ما قاله سيتحقق بل تكون كلمته كنار تحرق هؤلاء الهازئين وهذا يعنى صدق النبوات وفى (15) تفسير هذه النار بأنها أمة من بعد = أى بابل وهذه لا علاقة بينها وبين يهوذا حتى تشفق على يهوذا بل ستدمرها تدميراً شديداً. وهكذا الله قادر أن يجلب على الخاطىء مصائب من بعد أى من أماكن غير متوقعة. وهم أمة منذ القديم = أى معتزة ومتكبرة وتحتقر الأخرين لتاريخها. ولا تعرف لسانها = أى لن يتفاهموا معكم لا فى سلم ولا فى حرب، ولن يقبلوا توسلاتكم إذ هم لا يفهمونكم. وهناك معنى روحى وراء هذا. فإن الله يُسلمْ الخاطىء الذى إنجذب لإغراءات إبليس يُسلمه لإبليس الذى هو من بعد. لكن لإبليس لا يستطيع أن يقترب من إنسان لهُ علاقة بالله. وهو أمة منذ القديم قبل خلق الإنسان ولا نعرف لسانه فهو كله شر وخبيث وهو لا يرحم ومتكبر. وهو يستعبد الإنسان الذى يقبل إغرائه "أعطيك كل هذه إن سجدت لى" فثمن عطاياه هو الإستعباد لهُ. ولأن المسيح لم يقبل من يده شىء أبداً قال "رئيس هذا العالم يأتى وليس لهُ فى شىء" وأوصاف هؤلاء الأعداء أن جعبتهم كقبر مفتوح = والقبر يعنى موت، فأسلحتها لا تشبع أبداً من القتل (18،17) والمعنى المباشر أن البابليين سيخربون ولكن تبقى بقية والمعنى الروحى أن الشيطان خَرب الإنسان ولكن الله أبقاه بلا فناء أبدى حتى يوم الفداء. وأية (19) تشرح هذا فسبب كل الألام التى فيها يهوذا أنهم عبدوا الأوثان وسبب كل ألامنا أننا نستجيب لإغراءات إبليس.



الأيات 20-24:- اخبروا بهذا في بيت يعقوب و اسمعوا به في يهوذا قائلين. اسمع هذا ايها الشعب الجاهل و العديم الفهم الذين لهم اعين و لا يبصرون لهم اذان و لا يسمعون. ااياي لا تخشون يقول الرب او لا ترتعدون من وجهي انا الذي وضعت الرمل تخوما للبحر فريضة ابدية لا يتعداها فتتلاطم و لا تستطيع و تعج امواجه و لا تتجاوزها. و صار لهذا الشعب قلب عاص و متمرد عصوا و مضوا. و لم يقولوا بقلوبهم لنخف الرب الهنا الذي يعطي المطر المبكر و المتاخر في وقته يحفظ لنا اسابيع الحصاد المفروضة.

هنا دعوة للتوبة ولكن فى (21) أصبح واضحاً أنهم أصبحوا كأصنامهم لا يسمعون ولا يبصرون فالخطية تعمى وتصم وهذا هو شكل الإنسان قبل أن تلمس النعمة قلبه. فيكون القلب معانداً وصايا الله. وعمل الله أن يضع مخافته فى قلوبنا وعملنا أن نحرك قلوبنا لنخافه وهنا يشرح لهم الله جبروته وعظمته (22) وسلطانه على الطبيعة فالبحر يطيعه بينما هو قادر أن يغرق العالم فهو يوقف البحر ويضع لهُ حداً بالرمال. فإذا كان البحر يطيعه فهل لا تطيعه قلوبنا. فإذا كانوا يهابون البحر أفلا يهابون خالق البحر وهو الذى يعطينا خيراته

(مطر مبكر يجىء بعد البذار بقليل) ومطر متأخر يأتى قبل الحصاد ليساعد على نضج المحصول وبذلك يحفظ لنا أسابيع الحصاد فالحصاد يحسبونه بالأسابيع. والمعنى أن الله هو الذى يعطينا كل خيرات حياتنا أفلا نخافه ونمجده ونحبه. وبينما هو يعطى بسخاء ولا يُعَير فإبليس يعطى لذات جسدية وحسية شهوانية خاطئة ويستعبد بعد ذلك.



الأيات 25-31:- اثامكم عكست هذه و خطاياكم منعت الخير عنكم. لانه وجد في شعبي اشرار يرصدون كمنحن من القانصين ينصبون اشراكا يمسكون الناس. مثل قفص ملان طيورا هكذا بيوتهم ملانة مكرا من اجل ذلك عظموا و استغنوا. سمنوا لمعوا ايضا تجاوزوا في امور الشر لم يقضوا في الدعوى دعوى اليتيم و قد نجحوا و بحق المساكين لم يقضوا. افلاجل هذه لا اعاقب يقول الرب او لا تنتقم نفسي من امة كهذه. صار في الارض دهش و قشعريرة. الانبياء يتنباون بالكذب و الكهنة تحكم على ايديهم و شعبي هكذا احب و ماذا تعملون في اخرتها.

فى (25) أثامكم عكست هذه = أى طردت وأذهبت عنكم البركات السابق ذكرها. إذاً الخطية تحرمنا من بركات الله التى تعودنا عليها وتجعل السماء نحاساً والأرض حديداً. وفى (26) حينما إنحدر الشعب فى الخطية إنحطوا جداً وصاروا يتلذذون بأن يوقعوا الأخرين فى شراكهم وهم يرصدون كمنحن = أى يكمنون فى الطريق ليوقعوا أخرين. وفى (27) هم خونة مخادعين وبيوتهم مثل أقفاص الطيور = جمعوا حولهم الأبرياء فى بيوتهم يخدعونهم مثل من يربى طيور فى قفص ليذبحها. وهم فى خداعهم عظموا وإستغنوا وظلموا كما فى (28). وحين نجحوا وزادت ثروتهم تقسوا. وفى (31،30) العجيب أنَ من شدة الشر فى الأرض فقد أُعجبَ سكان الأرض بمسلك هؤلاء الأشرار. بل كلٍ يشجع الأخر على شره، الكهنة والأنبياء الكذبة ولكن هناك سؤال لكل زمان ولكل مكان ماذا تعملون فى آخرتها؟ فلا يصح أن نحكم على الأمور كأن الحياة مستمرة للأبد او كأن هذه الأرض لن تخرب يوماً ما أو كأن هذه الخيرات التى يتمتعون بها سيتمتعون بها طول العمر!! والأجابة "يا غبى فى هذه الليلة تؤخذ نفسك".



الإصحاح السادس
الأيات 1-8:- اهربوا يا بني بنيامين من وسط اورشليم و اضربوا بالبوق في تقوع و على بيت هكاريم ارفعوا علم نار لان الشر اشرف من الشمال و كسر عظيم. الجميلة اللطيفة ابنة صهيون اهلكها. اليها تاتي الرعاة و قطعانهم ينصبون عندها خياما حواليها يرعون كل واحد في مكانه. قدسوا عليها حربا قوموا فنصعد في الظهيرة ويل لنا لان النهار مال لان ظلال المساء امتدت. قوموا فنصعد في الليل و نهدم قصورها. لانه هكذا قال رب الجنود اقطعوا اشجارا اقيموا حول اورشليم مترسة هي المدينة المعاقبة كلها ظلم في وسطها. كما تنبع العين مياهها هكذا تنبع هي شرها ظلم و خطف يسمع فيها امامي دائما مرض و ضرب. تادبي يا اورشليم لئلا تجفوك نفسي لئلا اجعلك خرابا ارضا غير مسكونة.

وقت هذا الإنذار كانت أورشليم أمنة ولكن النبى يتنبأ كمن يرى فعلاً، أن هناك جيش يأتى عليهم من الشمال ليخربهم. وفى نبوة سابقة كان يتنبأ بأنهم سيهربون لأورشليم حين يسمعون بخبر قدوم العدو ولكن هو الأن يحذرهم من ذلك فستكون أورشليم كقبر لهم.

وفى (1) أهربوا يا بنى بنيامين = فبنيامين تسكن فى أورشليم وتقوع = 12 ميلاً شمال أورشليم وجبل هكاريم بين تقوع وأورشليم وهؤلاء مطلوباً منهم أن يعطوا إنذاراً لأورشليم بان يشعلوا ناراً حين يروا العدو. فيهرب الذين فى أورشليم وفى (2) هى جميلة ولطيفة = فهى عاشت متنعمة ولن تحتمل هذه الحرب وفى (3) يشبه جيش بابل برعاة اتوا بقطيعهم على مرعى أخضر ليأكلوه فنبوخذ نصر أتى بجيشه ليلتهم أورشليم بكل خيراتها ويتركونها عريانة وخربة وفى (4) هى كانت مدينة مقدسة والأن لخطيتها أرسل الله عليها هذا الجيش وصار خرابها عملاً مقدساً يقوم به جيش بابل. فعمل الكلدانيين متفق مع إرادة الله = قدسوا عليها حرباً وهم أشداء لا يضيعون أى وقت ولا يعوقهم حر الظهيرة ولا ظلمة الليل. ويل لنا لأن النهار مال = ونحن لم ننتهى من عملنا ولكن قوموا فنصعد فى الليل لنكمل العمل. وكم هو مخجل أننا لا نهتم نحن بواجبات عبادتنا وأمور خلاص نفوسنا مثل هؤلاء بينما العدو يحاربنا بلا هوادة حتى يفقدنا هذا الخلاص فهؤلاء البابليين سيأخذون كنوزاً أرضية فى عملهم أما نحن فلنا ميراث سماوى وفى (6) البابليون يظلمونهم لأنهم هم فى وسطهم ظلم. وفى (7) هم أصبحوا نبعاً للخطايا والخطية أصبحت شىء طبيعى فى حياتهم والنبع ينبع بوفرة وبإستمرار ولكن هذا النبع نبع سام وفى (8) نصيحة ودعوة للتوبة حتى يوقفوا هذا الخراب. والدعوة هنا بالهرب من المدينة تذكرنا بنصيحة المسيح لتلاميذه بالهرب من أورشليم حينما يحاصرها الرومان (مت16،15:24) وأيضاً (برؤيا4:18). فلنهرب من كل مكان فيه شر فالخراب أتٍ على هذا المكان بلا شك.



الأيات 9-17:- هكذا قال رب الجنود تعليلا يعللون كجفنة بقية اسرائيل رد يدك كقاطف الى السلال. من اكلمهم و انذرهم فيسمعوا ها ان اذنهم غلفاء فلا يقدرون ان يصغوا ها ان كلمة الرب صارت لهم عارا لا يسرون بها. فامتلات من غيظ الرب مللت الطاقة اسكبه على الاطفال في الخارج و على مجلس الشبان معا لان الرجل و المراة يؤخذان كلاهما و الشيخ مع الممتلئ اياما. و تتحول بيوتهم الى اخرين الحقول و النساء معا لاني امد يدي على سكان الارض يقول الرب. لانهم من صغيرهم الى كبيرهم كل واحد مولع بالربح و من النبي الى الكاهن كل واحد يعمل بالكذب. و يشفون كسر بنت شعبي على عثم قائلين سلام سلام و لا سلام. هل خزوا لانهم عملوا رجسا بل لم يخزوا خزيا و لم يعرفوا الخجل لذلك يسقطون بين الساقطين في وقت معاقبتهم يعثرون قال الرب. هكذا قال الرب قفوا على الطرق و انظروا و اسالوا عن السبل القديمة اين هو الطريق الصالح و سيروا فيه فتجدوا راحة لنفوسكم و لكنهم قالوا لا نسير فيه. و اقمت عليكم رقباء قائلين اصغوا لصوت البوق فقالوا لا نصغى.

فى (9) كما ان صاحب الكرم يرجع إلى كرمه مرة أخرى بعد قطف العنب ليجمع ما قد يكون باقياً كذلك يريد ويفعل جيش بابل فالضربة للجميع ولن يهرب أحد. لاحظ أن السبى حدث على أربعة مراحل، كان فى كل مرة يعود نبوخذ نصر لأخذ عدد من السبايا.

وربما فى هذه الأية تذكيراً لهم بمخالفتهم وصية الله، فكان عليهم أن يتركوا فضلات الحقل للفقراء ولكنهم رفضوا (لا 10:19) ويكون جيش بابل كصاحب أرض يلقطهم ويضعهم فى سلاله اى فى السبى. وفى (11،10) النبى قطع الرجاء من هذا الشعب إذ لم يصغ إليه أحد فينفجر غيظه الذى هو مثال لغيظ الله فالشعب لا يتحرك بالتوبة بينما النبى يرى الخطر القادم وهم أذنهم غلفاء = لم تختتن أى غير قادرة على تمييز صوت الله بل تحب سماع الخطية وكلمات الأنبياء الكذبة المعسولة بل هم يخجلون من كلمات الرب. وكان النبى يسكب هذا الغيظ على مجالس الشبان ويوبخهم وينذرهم فهم فى حالة أستهتار والخطية هنا فى (13) أنهم مولعون بالربح ولكن ليس الربح الحق بل القبيح الذى بالكذب والغش وهذا ينطبق على الجميع حتى الكاهن والنبى وفى (14) وهم يعشمون شعب الله كذباً بالسلام = على عثم فهم يداوون الألم من الخارج وليس بالبحث عن سبب الألم فى الداخل (الخطية) التى فى العمق. والنبى لا يجد من يسمعه فهم إنغمسوا كل واحدٍ فى شهوته وفى (15) حالة الوقاحة التى وصلوا إليها فهم لا يخجلون لذلك سيسقطون ويعاقبهم الله. وهنا أية جميلة فى (16) كيف نجد الطريق، بأن نرجع للطرق القديمة أى طرق الأباء، حيث ساروا مع الله فوجدوا سلاماً. ولكنهم هم أحبوا طريق شهوتهم وصوت أنبيائهم الكذبة. جميل أن نقرأ قصص أبائنا القديسين والشهداء لنقتدى بهم (السنكسار) وفى (17) الله لم يتركهم أيضاً بل أقام لهم رقباء = أنبياء وخدام فالله لا يبقى نفسه بلا شاهد والله لا يتطور ولا يتغير ولا يبدَل طرقه فياليتنا لا نجرى وراء طرق العالم أو كل ما هو جديد.



الأيات 18-30 :- لذلك اسمعوا يا ايها الشعوب و اعرفي ايتها الجماعة ما هو بينهم. اسمعي ايتها الارض هانذا جالب شرا على هذا الشعب ثمر افكارهم لانهم لم يصغوا لكلامي و شريعتي رفضوها. لماذا ياتي لي اللبان من شبا و قصب الذريرة من ارض بعيدة محرقاتكم غير مقبولة و ذبائحكم لا تلذ لي. لذلك هكذا قال الرب هانذا جاعل لهذا الشعب معثرات فيعثر بها الاباء و الابناء معا الجار و صاحبه يبيدان. هكذا قال الرب هوذا شعب قادم من ارض الشمال و امة عظيمة تقوم من اقاصي الارض. تمسك القوس و الرمح هي قاسية لا ترحم صوتها كالبحر يعج و على خيل تركب مصطفة كانسان لمحاربتك يا ابنة صهيون. سمعنا خبرها ارتخت ايدينا امسكنا ضيق و وجع كالماخض. لا تخرجوا الى الحقل و في الطريق لا تمشوا لان سيف العدو خوف من كل جهة. يا ابنة شعبي تنطقي بمسح و تمرغي في الرماد نوح وحيد اصنعي لنفسك مناحة مرة لان المخرب ياتي علينا بغتة. قد جعلتك برجا في شعبي حصنا لتعرف و تمتحن طريقهم. كلهم عصاة متمردون ساعون في الوشاية هم نحاس و حديد كلهم مفسدون. احترق المنفاخ من النار فني الرصاص باطلا صاغ الصائغ و الاشرار لا يفرزون. فضة مرفوضة يدعون لان الرب قد رفضهم.

كأن الله هنا يشهد الجميع (18) ما هو فاعله بهذه الجماعة التى كان بينه وبينها عهد وفى (19) بسبب خطيتهم سيجلب الله عليهم شراً عظيماً. فالعهد لهُ بنوده (لا 26) إن سرتم معى فهناك بركة وإن لم تسمعوا صوتى فهناك لعنة. فالله يشهد الجميع أنه لم يظلمهم فيما قرره ضدهم بل هذه هى شروط العهد وهو قد سبق وأنذر وفى (20) ليس المقصود أن الله لا يريد الذبائح واللبان بل هو يريد القلب أولا.

شبا (فى اليمن) ومشهورة بالبخور خبث وزغل = صدأ المعادن = هو رمز للخطية التى تثقل النفس) ولكن أن يقدموا ذبيحة بلا توبة فكأنهم يشترون رخصة من الله ليسيروا فى طريق خطاياهم. وفى مزمور 51 سبق داود وقال هذا الكلام نفسه "ان الله لا يسر بالذبائح بل بالقلب المنسحق" وفى (21) المعثرات = هى المشاكل والألام الأتية التى بها يبيد الجارو صاحبه = أى الكل. ومن (22-25) وصف لجيش بابل ثم للضيق الذى يحل على الشعب وفى (26) قد تكون دعوة للتوبة أو هى نبوة بحالهم وقت الحصار ثم بعد سقوط المدينة وفى (27) الله يقيم إرمياء كبرج ليحكم على الشعب، يرى أثامهم ويدين طرقهم وحتى يقتنع بأن أحكام الله عادلة والله سيحميه من شرورهم بأن يجعله حصناً = سيحصنه ضدهم ولكن هذا لا يمنع انهم سيحاربونه وهو فى حصنه. وفى (28) هم كانوا ذهباً وفضة والأن صاروا معادن وضيعة نحاس وحديد والنحاس معناه الوقاحة وعدم الخجل والحديد معناه غلظة الرقبة وعدم الإنقياد لوصايا الله. كلهم مفسدون = الخاطىء إنسان فاسد ولكنه سريعاً ما يتحول لمفسد للأخرين. والله إستخدم معهم طرق كثيرة من تجارب وألام كأنهم فى كور النار ليستخلص منهم معادن نافعة (29) فلم يجد سوى الزغل والخبث. وإحترق المنفاخ من النار = أى الأنبياء بح صوتهم بلا فائدة وأما هم فكانوا كالرصاص فنوا من التجارب والضربات. والرصاص يرمز للخطية التى تثقل النفس. بل سماهم الله فضة مرفوضة = أى مغشوشة لا قيمة لها هى تبرق لوقت ولكنها بلا قيمة فهم لهم ممارساتهم الشكلية ولكن بلا أى فضيلة. وطبعاً هاج الشعب على أرمياء بسبب نبواته هذه وكرهوه ككراهية أى خاطىء لمن ينذره (رؤ10:11).



الإصحاح السابع
الأيات 1-15:- الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب قائلا. قف في باب بيت الرب و ناد هناك بهذه الكلمة و قل اسمعوا كلمة الرب يا جميع يهوذا الداخلين في هذه الابواب لتسجدوا للرب. هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل اصلحوا طرقكم و اعمالكم فاسكنكم في هذا الموضع. لا تتكلوا على كلام الكذب قائلين هيكل الرب هيكل الرب هيكل الرب هو. لانكم ان اصلحتم اصلاحا طرقكم و اعمالكم ان اجريتم عدلا بين الانسان و صاحبه. ان لم تظلموا الغريب و اليتيم و الارملة و لم تسفكوا دما زكيا في هذا الموضع و لم تسيروا وراء الهة اخرى لاذائكم. فاني اسكنكم في هذا الموضع في الارض التي اعطيت لابائكم من الازل و الى الابد. ها انكم متكلون على كلام الكذب الذي لا ينفع. اتسرقون و تقتلون و تزنون و تحلفون كذبا و تبخرون للبعل و تسيرون وراء الهة اخرى لم تعرفوها. ثم تاتون و تقفون امامي في هذا البيت الذي دعي باسمي عليه و تقولون قد انقذنا حتى تعملوا كل هذه الرجاسات. هل صار هذا البيت الذي دعي باسمي عليه مغارة لصوص في اعينكم هانذا ايضا قد رايت يقول الرب. لكن اذهبوا الى موضعي الذي في شيلوه الذي اسكنت فيه اسمي اولا و انظروا ما صنعت به من اجل شر شعبي اسرائيل. و الان من اجل عملكم هذه الاعمال يقول الرب و قد كلمتكم مبكرا و مكلما فلم تسمعوا و دعوتكم فلم تجيبوا. اصنع بالبيت الذي دعي باسمي عليه الذي انتم متكلون عليه و بالموضع الذي اعطيتكم و اباءكم اياه كما صنعت بشيلو. و اطرحكم من امامي كما طرحت كل اخوتكم كل نسل افرايم.

غالباً الإصحاحات (7-10) هى عظة واحدة قالها أرمياء النبى فى الهيكل فى مناسبة عيد حيث يجتمع كثيرين من الشعب. وهو بأقواله هنا سوف يثير الكهنة ولكن عليه أن لا يخافهم. ولنلاحظ أن فى قولهم هيكل الرب حماية لنا نوع من الإستخفاف فهل الله القدوس يرضى بالخطية!! حاشا بل هو يدينها. ومن يظن أنه يحتمى بالكنيسة وهو شرير فليقل لنا أين السبع الكنائس التى تحدث إليها يوحنا فى سفر الرؤيا (أصحاحى 3،2) وهذا ما يشير إليه هنا بقوله "لكن إذهبوا إلى موضعى الذى فى شيلوه" (مزمور60:78) حيث كانت خيمة الأجتماع أيام عالى الكاهن ولكن لأن أولاده نجسوا المكان إستولى الفلسطينيون على تابوت العهد. فلماذا لا يحدث هذا للهيكل ولأى كنيسة يكون فى وسطها شر. إذاً المطلوب التوبة عن الخطايا فالخطايا أو مخالفة وصايا الله تحمل فى طياتها موتاً. بل فى أيام أرمياء كان الأشوريون قد دمروا شيلوه تدميراً نهائياً فالله لا يقبل شعبه وهم فى خطاياهم. وهذا نفس خطأ الشعب أيام عالى فقد ظنوا أن وجود تابوت العهد معهم حماية لهم ويمكنهم الإستمرار فى خطاياهم وفى (11) من يصنع الخطية ويذهب بلا خجل لبيت الرب يجعله مغارة للصوص وهذه الأية إستعملها السيد المسيح عندما طهر الهيكل وفى (15) أطرحهم من أمامى = هى أية مخيفة فلو طرحنا فى أى مكان وكان الله معنا لإحتملنا ولكن أن نطرح والله يرفضنا فهذا هو غير المحتمل.



الأيات 16-20:- و انت فلا تصل لاجل هذا الشعب و لا ترفع لاجلهم دعاء و لا صلاة و لا تلح علي لاني لا اسمعك. اما ترى ماذا يعملون في مدن يهوذا و في شوارع اورشليم. الابناء يلتقطون حطبا و الاباء يوقدون النار و النساء يعجن العجين ليصنعن كعكا لملكة السماوات و لسكب سكائب لالهة اخرى لكي يغيظوني. افاياي يغيظون يقول الرب اليس انفسهم لاجل خزي وجوههم. لذلك هكذا قال السيد الرب ها غضبي و غيظي ينسكبان على هذا الموضع على الناس و على البهائم و على شجر الحقل و على ثمر الارض فيتقدان و لا ينطفئان.

كان أرمياء نبياً مصلياً عن شعبه. وكان لهذا الشعب أمل فى شفاعته سابقاً ولكن إبتداء من أية (16) فقد الشعب هذا الرجاء. وعجيب هو إرمياء فى محبته فبالرغم من كل أذيتهم لهُ كان دائم الصلاة لأجلهم. وهذه خطورة من يصلى ويتشفع بالقديسين وهو باقٍ فى خطيته لا يريد أن يتوب. والسبب فى هذا قساوة قلوبهم فأصبحت صلاة النبى بلا فائدة لهم وفى (18،17) الله يشرح لهُ السبب فالكل يشتركون فى العبادة لملكة السموات وتسمى عشتاروث وأيضاً سكبوا لألهة أخرى كثيرة أى عبدوها. ومن يترك الله الحقيقى يضل وراء ألهة كثيرة وشهوات كثيرة. وفى (19) أكيد أن الله لن ينقص ولن يتأثر بهذا بل أن الذين ذهبوا وراء هذه الألهة هم الذين سيخجلون فمن يذهب للشيطان يستعبده الشيطان ويبتعد عنهُ الله، وينسكب غضب الله على هذا المكان فهو سيسلمه لإبليس الشرير فيحرقه (20) فلنخجل نحن من إهتمام هؤلاء بألهتهم وعدم إهتمامنا نحن بإلهنا ولنشعر بفخر إذا قدمنا لهُ خدمة وعبادة فهو الذى يعطينا من إحساناته ونلاحظ أن غضب الله ينصب على البهائم والشجر أيضاً فالإنسان إما أن يكون سبب بركة أو لعنة للأرض.



الأيات 21-28:- هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل ضموا محرقاتكم الى ذبائحكم و كلوا لحما. لاني لم اكلم اباءكم و لا اوصيتهم يوم اخرجتهم من ارض مصر من جهة محرقة و ذبيحة. بل انما اوصيتهم بهذا الامر قائلا اسمعوا صوتي فاكون لكم الها و انتم تكونون لي شعبا و سيروا في كل الطريق الذي اوصيكم به ليحسن اليكم. فلم يسمعوا و لم يميلوا اذنهم بل ساروا في مشورات و عناد قلبهم الشرير و اعطوا القفا لا الوجه. فمن اليوم الذي خرج فيه اباؤكم من ارض مصر الى هذا اليوم ارسلت اليكم كل عبيدي الانبياء مبكرا كل يوم و مرسلا. فلم يسمعوا لي و لم يميلوا اذنهم بل صلبوا رقابهم اساءوا اكثر من ابائهم. فتكلمهم بكل هذه الكلمات و لا يسمعون لك و تدعوهم و لا يجيبونك. فتقول لهم هذه هي الامة التي لم تسمع لصوت الرب الهها و لم تقبل تاديبا باد الحق و قطع عن افواههم.

كما أن الهيكل لن يحميهم هكذا الذبائح لن تكفر عنهم. وليس معنى (22) أن الله لم يطلب ذبائح فهو الذى أوصاهم بهذا، بل أن الله كان يطلب أولاً الطاعة. أى النفس التى تقف أمامه كذبيحة خاضعة لوصاياه ولكن لأنهم إكتفوا بالشكليات فالله هنا يتكلم عن ذبائحهم بإزدراء. وذبيحة المحرقة كانت كلها تقدم على المذبح لا يأكل منها إنسان. كلها لله. أما ذبائح السلامة = فكان جزء منها يحرق على المذبح، هو لله، وجزء للكهنة وجزء يأكله مقدَم الذبيحة ولذلك يبدو أنهم كانوا يفضلون هذا النوع ليحصلوا على نصيبهم من الذبيحة. وكانت ذبيحة المحرقة هى لإرضاء الله كلها لله. وهنا يسخر الله من ذبائحهم قائلاً كلوا من لحم ذبيحة المحرقة كما من ذبيحة السلامة فأنا لن أرضى بذبائحكم ولا فائدة منها وإشبعوا وكلوا لحماً. فأنتم لأنى غير راضى عنكم فلن تستفيدوا من الذبيحة سوى ما تأكلونه منها. وهم لم يسمعوا لله ولن يسمعوا للنبى أيضاً فباد الحق وقُطِعَ من أفواههم.



الأيات 29-34:- جزي شعرك و اطرحيه و ارفعي على الهضاب مرثاة لان الرب قد رفض و رذل جيل رجزه. لان بني يهوذا قد عملوا الشر في عيني يقول الرب وضعوا مكرهاتهم في البيت الذي دعي باسمي لينجسوه. و بنو مرتفعات توفة التي في وادي ابن هنوم ليحرقوا بنيهم و بناتهم بالنار الذي لم امر به و لا صعد على قلبي. لذلك ها هي ايام تاتي يقول الرب و لا يسمى بعد توفة و لا وادي ابن هنوم بل وادي القتل و يدفنون في توفة حتى لا يكون موضع. و تصير جثث هذا الشعب اكلا لطيور السماء و لوحوش الارض و لا مزعج. و ابطل من مدن يهوذا و من شوارع اورشليم صوت الطرب و صوت الفرح صوت العريس و صوت العروس لان الارض تصير خرابا.

فى (29) إنذار أخر لأورشليم لعلها تتوب أو تحزن على ما سيحل عليها من كوارث ويقول لها جزى شعرك = وهذه علامة مناحة على ما سيحدث معهم ولها معنى أخر فالنذير كان يربى شعره ولا يحلقه (مثل شمشون) وشعره يعتبر إكليلاً لهُ وأورشليم هى نذير للرب ولأنها الأن أصبحت مرفوضة فعليها أن تقص شعرها لأنها لم تعد مقدسة للرب. وفى (30) وضع المكرهات أى أوثانهم فى بيت الله = هذا يساوى اليوم حفظ الخطية فى القلب وفى (31) مرتفعات توفة = حيث يوجد تمثال مولوك فى وادى إبن هنوم وهو بجوار أورشليم. وهناك كان تمثال مولوك النحاسى الذى يشعلوه حتى يحمر لونه ثم يرمون أطفالهم عليه كذبائح وهم أحياء. وكانت توفة مكاناً لقبر جيش أشور يوم ال (185000) والأن ستصير قبوراً لهم بسبب خطيتهم ولذلك ستسمى وادى القتل (32). وإسم الوادى هنوم أو أرض هنوم وبسبب الحرائق التى إشتعلت فيها ثم القتلى فيها أخذت منه لفظة جهنم فى اليونانية فلفظة جى = أرض فى اليونانية. وفى (34) لن تكون هناك أفراح بسبب السبى والموت والخراب. فمن لم يشفوا من أفراحهم العالمية سيأتى يوم يحرموا فيه من كل فرح. وهذه الأوصاف تناسب أخر الأيام.



تعليق على الإصحاح السابع

فى الإصحاحات (2-6) كان عتاب الله للشعب سراً (أر 2:2)، ولكنهم لم يسمعوا، لذلك ها هو هنا يعاتب علنياً وفى الهيكل على فم أرمياء (2:7) قف فى باب بيت الرب. فالله يبدأ يعاتبنا سراً فى داخل قلوبنا وإن لم نسمع صوت تبكيت الروح القدس الهادىء، يسمعنا الله التوبيخ علناً. ويبدو أنهم كانوا يرنمون ترنيمة يقولون فيها "هيكل الرب هيكل الرب هيكل الرب هو" ويقصدون أن فيه الحماية، أى وجود الهيكل وسطهم فيه حماية لهم = قد أنقذنا ولكن أرمياء يقول لا.. فإن لم يكن الإصلاح داخلياً فى القلب فلا حماية، والخراب لابد سيأتى. ولنلاحظ قول بولس الرسول أننا هيكل الله، ولكن من يفسد هيكل الله يفسده الله (1كو17،16:3). وهم أفسدوا أورشليم والهيكل بإجرامهم وخطاياهم، حتى أن الله يقول عن الهيكل أنه صار مغارة لصوص، وهذا إشارة لدمويتهم وعنفهم وإجرامهم. ولنلاحظ أن كل خطية عقوبتها فيها = أفإياى يغيظون " أليس أنفسهم (19) فمن يتصور أنه يتحرر عن الله ويسلك ضد وصاياه، فهو يجلب على نفسه أهوالاً، كان لا يدريها فالله أعطانا الوصايا لصالحنا. وعقوبة الخطية فيها (الإيدز والزهرى مثلاً...) ولا يصيب المخطىء سوى الخزى.

أية 23،22 :-

المعنى أن الله لم يأمرهم بأن يقدموا ذبائح ومحرقات حين أراد أن يخرجهم من مصر، بل أنهم إستمروا فترة طويلة فى البرية دون أن يعطيهم الرب شريعة الذبائح (كرمز للصليب). ومع هذا إعتبرهم الله شعبه وإبنه البكر بدون أن يقدموا ذبائح. لكن كان طلب الله منهم أن يحفظوا وصاياه، فالله أعطاهم الوصايا قبل الذبائح والمعنى أن حفظ الوصايا مقدم على الذبائح. وهذا ما فهمه داود فقال " لا تسر بالمحرقات فالذبيحة لله روح منسحق ". أما تقديم ذبيحة مع قلب نجس فالله لن يقبلها، ولا تعود سوى لحم، إذاً ليأكلوها هم طالما أن الله لن يقبلها. والله أعطاهم شريعة الذبائح بعد أن أعطاهم الوصايا بمدة طويلة.



الأصحاح الثامن
الأيات 1-3 :- في ذلك الزمان يقول الرب يخرجون عظام ملوك يهوذا و عظام رؤسائه و عظام الكهنة و عظام الانبياء و عظام سكان اورشليم من قبورهم. و يبسطونها للشمس و للقمر و لكل جنود السماوات التي احبوها و التي عبدوها و التي ساروا وراءها و التي استشاروها و التي سجدوا لها لا تجمع و لا تدفن بل تكون دمنة على وجه الارض. و يختار الموت على الحياة عند كل البقية الباقية من هذه العشيرة الشريرة الباقية في كل الاماكن التي طردتهم اليها يقول رب الجنود.

هنا ذكر لأعمال مرعبة يقوم بها الجيش الكلدانى، فهم يخرجون الجثث من القبور بحثاً عن الكنوز المخبوءة ولإهانة الموتى ذو الهيبة مثل الملوك والرؤساء. فحتى الموت لم يعد فيه راحة. وهو أنذر بهذا فى الإصحاح السابق أن جثتهم لن تدفن بل تترك لطيور السماء (33:7) وهذه كانت عادات بربرية والله سمح بهذا ليرعب الأحياء الباقين وفى أية (2) تعرض هذه الجثث تحت الشمس والنجوم التى عبدوها ولم تحميهم وفى هذا سخرية منهم وفى (3) سيفضل الأحياء الموت على الحياة مع البؤس الذى يعانون منهُ.



الأيات 4-12:- و تقول لهم هكذا قال الرب هل يسقطون و لا يقومون او يرتد احد و لا يرجع. فلماذا ارتد هذا الشعب في اورشليم ارتدادا دائما تمسكوا بالمكر ابو ان يرجعوا. صغيت و سمعت بغير المستقيم يتكلمون ليس احد يتوب عن شره قائلا ماذا عملت كل واحد رجع الى مسراه كفرس ثائر في الحرب. بل اللقلق في السماوات يعرف ميعاده و اليمامة و السنونة المزقزقة حفظتا وقت مجيئهما اما شعبي فلم يعرف قضاء الرب. كيف تقولون نحن حكماء و شريعة الرب معنا حقا انه الى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب. خزي الحكماء ارتاعوا و اخذوا ها قد رفضوا كلمة الرب فاية حكمة لهم. لذلك اعطي نساءهم لاخرين و حقولهم لمالكين لانهم من الصغير الى الكبير كل واحد مولع بالربح من النبي الى الكاهن كل واحد يعمل بالكذب. و يشفون كسر بنت شعبي على عثم قائلين سلام سلام و لا سلام. هل خزوا لانهم عملوا رجسا بل لم يخزوا خزيا و لم يعرفوا الخجل لذلك يسقطون بين الساقطين في وقت معاقبتهم يعثرون قال الرب.

فى (4) الله يطلب منهم أن يجعلهم يقفون وقفة حساب مع أنفسهم لعلهم يتنبهوا. والسؤال هنا. هل إذا وقع أحدكم على الأرض وإتسخت ملابسه، هل يستمر جالساً على الأرض ينعى حالهُ أم يقوم ويسرع لتنظيف ملابسه!! وهكذا أنتم فقد سقطتم فى نجاسات فلا تستمروا بل قدَموا توبة. أو يرتد أحد ولا يرجع = لو ضل مسافر فى طريقه وأرشده أحدهم للطريق الصحيح فهل يستمر فى الطريق الخطأ أو يصحح طريقه شاكراً لمن أرشده. فالخطية إذاً هى إنحراف عن الطريق الصحيح وهى سقوط ولكنهم أى شعب يهوذا لم يرجع للطريق الصحيح ولم يقوم من سقطته (5). وفى (6) الله الذى يريد أن الجميع يخلصون ويصغى لصوت كل واحد لعله يقدم توبة يقول هنا فى حزن أنه يصغى ويسمع ولكن لم يسمع أن أحداً منهم قدم توبة. بل كل واحد كفرس = بدلاً من أن يقف الإنسان مع نفسه ليراجع نفسه فكل واحد رجع لخطيته كحصان يجرى فى معركة بلا خوف وبإندفاع، مبتعداً عن الله لاهثاً وراء شهوته وربما لو هدأ الإنسان مع نفسه وجلس يفكر فى طريقه لترك طريق الشر حين يكتشف ان هذا الشر لا يصاحبه سلام القلب. ومما ضاعف من خطيتهم أن الطيور تفهم العلامات خير منهم فهى تغير مكانها إذا جاء الشتاء وتغير الطقس (7) وها هى العلامات تشير لإقتراب كارثة عظيمة ولا أحد يفهم. وفى (8) هم لا يدركون العلامات ومع هذا يدَعون الحكمة لأن شريعة الرب معهم. ولكن لا يكفى معرفة الكتاب معرفة عقلية جامدة بل أن نحيا به لنعرف قضاء الرب. بل أن كتبتهم حرفوا أقوال الله = طوَعوها لرغباتهم الشريرة وعلينا إذا جلسنا للكتاب المقدس أن نطلب الله لا أن نثبت رأى خاص لنا.



الأيات 13-22 :- نزعا انزعهم يقول الرب لا عنب في الجفنة و لا تين في التينة و الورق ذبل و اعطيهم ما يزول عنهم. لماذا نحن جلوس اجتمعوا فلندخل الى المدن الحصينة و نصمت هناك لان الرب الهنا قد اصمتنا و اسقانا ماء العلقم لاننا قد اخطانا الى الرب. انتظرنا السلام و لم يكن خير و زمان الشفاء و اذا رعب. من دان سمعت حمحمة خيله عند صوت صهيل جياده ارتجفت كل الارض فاتوا و اكلوا الارض و ملاها المدينة و الساكنين فيها. لاني هانذا مرسل عليكم حيات افاعي لا ترقى فتلدغكم يقول الرب. من مفرج عني الحزن قلبي في سقيم. هوذا صوت استغاثة بنت شعبي من ارض بعيدة العل الرب ليس في صهيون او ملكها ليس فيها لماذا اغاظوني بمنحوتاتهم باباطيل غريبة. مضى الحصاد انتهى الصيف و نحن لم نخلص. من اجل سحق بنت شعبي انسحقت حزنت اخذتني دهشة. اليس بلسان في جلعاد ام ليس هناك طبيب فلماذا لم تعصب بنت شعبي.

فى (13) نزعاً أنزعهم = بقضاء وراء قضاء. ولن يبقى هناك عنب فى الكرمة ولا تين فى التينة. فالعدو ينزع منهم كل خيراتهم. بل وسينتهوا كشعب فسينزعهم العدو بالسبى والقتل

(فإسرائيل تمثل بتينة) لو 6:13 وحتى ورق التينة ذَبُلَ. وكل ما أعطاه الله لهم سينزعه الله، وهذا يفعلهُ الله، إن لم نلتزم بالعهد معه (العهد الذى بيننا وبينه) والأيات (14-17) يظهر فيها رعبهم بعد أن أكتشفوا هجوم الجيش البابلى عليهم ففى (14) هم يفكرون فى التجمع داخل أورشليم الحصينة. وهنا يبدأون فى إدراك أن الله غاضب عليهم. وماء العلقم = مر وسام. ياليت الخاطىء يعلم أن سبب الألم الذى فيه هو غضب الله وفى (15) طالما عشموا أنفسهم بكلام الأنبياء الكذبة بأن هناك سلام بل وشفاء. ولكن أمامهم الأن رعب.

وفى (16) دان أقصى الشمال حيث يأتى جيش بابل وفى (17) الحيات = هى جيش بابل وهى لا ترقى = أى لا تستجيب لصوت المزمار والمعنى أن قلبهم لا يلين إذا ما إستعطفوهم أو حاولوا تهدئتهم فإذا لم يكن سلام مع الله فلا سلام مع إنسان. وفى (18) حزن النبى على هذه الأخبار وفى (19) هنا النبى يردد صدى أراء الشعب كما يتصورها النبى بعد السبى وهم يبكون على الأماكن المقدسة ويدهشون لفنائها ويبكون من الذل الذى هم فيه ثم فى الشق الثانى من الأية جواب الله على ما يجول فى خاطرهم. فالله ليس فى صهيون ولا يدافع عنها لأنهم أغاظوه بمنحوتاتهم وفى (20) مضى الحصاد وإنتهى الصيف = أى أن وقت طويل قد مضى والسنة قاربت على الإنتهاء ولم يظهر أى أمل فى الخلاص بل وقد أتى وقت الشتاء والبرد والحزن. فالله أعطاهم فرص كثيرة للخلاص ولكنهم ضيعوها ثم أكتشفوا مؤخراً أن الله ليس فى صهيون. وفى (21) النبى يعبَر عن حزنه ثانية وفى (22) جلعاد هى بقعة واقعة شرقى قرية النبى وفيها تنمو الأعشاب والأشجار والزهور التى يستخرج منها البلسم الذى يستخدمه أطباء الشرق فى صنع الدواء. والمعنى ألم يبقى فى هذا المكان طبيب ولا دواء. لا نبى ولا كاهن ولا من يشفى هذا الشعب مريض القلب ويبدو أن الإجابة لا. والعجيب أن الله موجود فى كل مكان وكل وقت والدواء موجود ولكنهم لا يستعملونه. بل يلجأوا لغير الله إذاً جلعاد فى وسطهم والله فى وسطهم ملكاً ولهم الأنبياء إذاً الشفاء ممكن ولكنهم لا يستعملون الدواء فدمهم على رؤوسهم. وبلسان جلعاد لنا هو دم المسيح والروح القدس هو طبيبنا.



تعليق على الإصحاح الثامن

فى الأيات 1-3 :-

نرى العدو ينبش القبور، قبور الملوك والعظماء أمام الشعب ليظهرهم بمظهر العاجزين، وفى هذا إهانة للجميع.

وفى أية 7 :-

نجد الطيور بغريزتها الطبيعية، تستعد للهجرة فى مواسم الشتاء ذاهبة للأماكن الدافئة. وهذا الشعب فقد الحس، ولا يقدم توبة، مع أن العلامات تشير بقرب حدوث مصيبة كبيرة، إلا أنهم لا يعودوا ويرجعوا عن طرقهم الشريرة راجعين لله. وأما نحن فعلينا أن نستعد للهجرة ولكن إلى السماء فهناك وطننا الحقيقى، والعلامات هى أن الموت قريب لكل واحد منَا، وهو يأتى كلص.

وفى أية 8 :-

نسمع لأول مرة فى الكتاب المقدس عن الكتبة كمفسرين للشريعة ولكننا نراهم يحرفون أقوال الله، وربما هم علموا أن تقديم الذبائح بدون توبة يغفر الخطايا.

وفى أية 14:-

الهنا قد أصمتنا = الترجمة الحرفية للعبارة الهنا قضى بخرابنا.



الإصحاح التاسع
الأيات 2،1 :- يا ليت راسي ماء و عيني ينبوع دموع فابكي نهارا و ليلا قتلى بنت شعبي. يا ليت لي في البرية مبيت مسافرين فاترك شعبي و انطلق من عندهم لانهم جميعا زناة جماعة خائنين.

يتضح فيهما حب النبى لأورشليم ولشعبه وكلامه الحزين هو من قلبه. يا ليت رأسى ماء = ذابت من الحزن. وعينى ينبوع = وفى العبرية كلمة عين وينبوع كلمة واحدة كما فى العربية، كأنه يريد أن يقول، أن فى أرض الحزن هذه فلتكن عيوننا للدموع فقط وليس للنظر. وهو مستعد أن يبكى على شعبه حتى يتوبوا. وإن كانت قلوبنا ينبوع خطايا فلتكن عيوننا ينبوع دموع. وطوبى للحزانى الأن لأنهم يتعزون. ولكن النبى هنا يشعر بثقل حمله ومسئوليته ففى (2) يتمنى لو ترك هذا الحمل الثقيل وهرب لفندق بعيد = مبيت مسافرين = يسكنه الناس ليلة واحدة، ويعظهم هذه الليلة ويسافرون غداً فلا يصبح مسئولاً عن أحد، وما أحلى الراحة بعيداً عن مسئولية الخدمة ولكن رجل الله لا يستطيع هذا الفرار، فإلى أين يهرب من أمام وجه الرب. والفرار من المواقف الصعبة هو فرار من العظمة. وإذا كان لابد من وجود خادم فاشل (الفشل ليس راجعاً لعدم أمانته بل لقساوة قلوبهم) فلماذا لا أكون أنا هذا الخادم الفاشل ولماذا أترك الخدمة لغيرى لأنها صعبة. والصليب ما هو إلا رفض فلماذا لا أكون مرفوضاً. فالمسيح نفسه قد رفضوه.



الأيات 3-11 :- يمدون السنتهم كقسيهم للكذب لا للحق قووا في الارض لانهم خرجوا من شر الى شر و اياي لم يعرفوا يقول الرب. احترزوا كل واحد من صاحبه و على كل اخ لا تتكلوا لان كل اخ يعقب عقبا و كل صاحب يسعى في الوشاية. و يختل الانسان صاحبه و لا يتكلمون بالحق علموا السنتهم التكلم بالكذب و تعبوا في الافتراء. مسكنك في وسط المكر بالمكر ابوا ان يعرفوني يقول الرب. لذلك هكذا قال رب الجنود هانذا انقيهم و امتحنهم لاني ماذا اعمل من اجل بنت شعبي. لسانهم سهم قتال يتكلم بالغش بفمه يكلم صاحبه بسلام و في قلبه يضع له كمينا. افما اعاقبهم على هذه يقول الرب ام لا تنتقم نفسي من امة كهذه. على الجبال ارفع بكاء و مرثاة على مراعي البرية ندبا لانها احترقت فلا انسان عابر و لا يسمع صوت الماشية من طير السماوات الى البهائم هربت مضت. و اجعل اورشليم رجما و ماوى بنات اوى و مدن يهوذا اجعلها خرابا بلا ساكن.

يمدون السنتهم كقسيهم = يمد القوس أى يشد وتره إستعداداً لإطلاق السهم ليصيب أخر فى مقتل. وهكذا هم يعوَجوا السنتهم بالكذب ليصطادوا أخرين ويؤذونهم حتى لو كانوا أقاربهم. وهم قووا لا للحق = أى تقووا فى شرهم بل هم ينمون من شر إلى شر ومن سىء لأسوأ، ينمون فى الشر وفى السوء. وفى (5،4) يعقب عقباً = يتعقبون بعضهم للأذية والشر (6) الله يحذر النبى من هذا الشعب الماكر الساكن فى وسطه. وفى (8) وصف لألسنتهم الغاشة.

وفى (7) التجربة القادمة يسمح بها الله لينقيهم ويمتحنهم = ينقى المعدن الجيد من الشوائب التى علقت به. أما الذى تحول كله إلى زغل فسيحترق فى نار التنقية، فالنار أى التجربة ستختبر أى تمتحن المعدن الجيد من الصدأ. وفى (10) بكاء النبى على الجبال التى كانت خضراء حية لكنها الأن إحترقت. وكانت هذه عادة جيوش ذلك الزمان أن يحرقوا كل شىء وراءهم. وتأخَذْ القطعان غنيمة فلا يسمع صوت الماشية. وفى (11) وصف محزن للخراب ولكن هذا نتيجة للخطية. ومن لم يعرف الله كواضع للناموس فيحترم ناموسه سيعرفه كديان للأرض كلها. وفى مقارنة بين أية (8،3) نجدهم فى (3) يستخدمون لسانهم فى الكذب وفى (8) هم ينفذون الشر الذى قالوه = سهم قَتَال.

بنات أوى = حيوانات أكبر من الثعلب وأصغر من الذئب، تعوى دائماً ومتوحشة ومخادعة، هى رمز لإبليس وجنوده.



الأيات 12-16 :- من هو الانسان الحكيم الذي يفهم هذه و الذي كلمه فم الرب فيخبر بها لماذا بادت الارض و احترقت كبرية بلا عابر. فقال الرب على تركهم شريعتي التي جعلتها امامهم و لم يسمعوا لصوتي و لم يسلكوا بها. بل سلكوا وراء عناد قلوبهم و وراء البعليم التي علمهم اياها اباؤهم. لذلك هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل هانذا اطعم هذا الشعب افسنتينا و اسقيهم ماء العلقم. و ابددهم في امم لم يعرفوها هم و لا اباؤهم و اطلق وراءهم السيف حتى افنيهم.

كان العالم أيام أرمياء عالماً مضطرباً بين مصر وأشور وبابل وضاعت يهوذا المملكة الصغيرة فى الوسط. وهنا يشرح الله أن السبب ليست هذه الأسباب السياسية بل (12) من هو الإنسان الحكيم الذى يفهم السبب = ولكن كيف يكون الإنسان حكيماً؟ هو الذى كلمه فم الرب ولو وُجِدَ هذا الإنسان فعليه أن يخبر بها. ولقد وُجِدَ مثل هذا الإنسان وهو أرمياء ولكن لم يستمع لهُ فبادت الأرض وإحترقت بسبب الخطية وتركهم شريعة الله (13)، (14) وفى (15) الإفسنتين = مر وسام أى أن الله سيلعن كل بركاتهم وفى (16) هذا ما سيصنعه جيش بابل.



الأيات 17-22 :- هكذا قال رب الجنود تاملوا و ادعوا النادبات فياتين و ارسلوا الى الحكيمات فيقبلن. و يسرعن و يرفعن علينا مرثاة فتذرف اعيننا دموعا و تفيض اجفاننا ماء. لان صوت رثاية سمع من صهيون كيف اهلكنا خزينا جدا لاننا تركنا الارض لانهم هدموا مساكننا. بل اسمعن ايتها النساء كلمة الرب و لتقبل اذانكن كلمة فمه و علمن بناتكن الرثاية و المراة صاحبتها الندب. لان الموت طلع الى كوانا دخل قصورنا ليقطع الاطفال من خارج و الشبان من الساحات. تكلم هكذا يقول الرب و تسقط جثة الانسان كدمنة على وجه الحقل و كقبضة وراء الحاصد و ليس من يجمع.

النادبات هى النائحات المحترفات. فالغمة القادمة محزنة جداً وتدعو للرثاء ولكن علينا فى كل حين أن نقدم توبة بدموع فدائماً حزاء الخطية خراب. وأرسِلوا إلى الحكيمات = أى الذين يعلمونكم البكاء على الخطايا، فمن الحكمة أن نبكى على خطايانا ونقدم عنها توبة وفى (19) سبب البكاء هو السبى أنهم تركوا الأرض وهم تركوا الأرض لأنهم تركوا الله أولاً فلنحذر لئلا تضيع أرضنا السماوية. ولأنهم هدموا مساكنهم = ومسكننا المؤقت الحالى هو جسدنا فلنحذر حتى لا يُهدَمْ بالخطايا. وفى (21) صورة للموت الجماعى إن لم نبكى على خطايانا كما فى (20) وفى (22) حتى الموت فيه رُعْب فالإنسان يسقط كشىء نجس ولا يجد من يدفنه.



الأيات 23-26 :- هكذا قال الرب لا يفتخرن الحكيم بحكمته و لا يفتخر الجبار بجبروته و لا يفتخر الغني بغناه. بل بهذا ليفتخرن المفتخر بانه يفهم و يعرفني اني انا الرب الصانع رحمة و قضاء و عدلا في الارض لاني بهذه اسر يقول الرب. ها ايام تاتي يقول الرب و اعاقب كل مختون و اغلف. مصر و يهوذا و ادوم و بني عمون و مواب و كل مقصوصي الشعر مستديرا الساكنين في البرية لان كل الامم غلف و كل بيت اسرائيل غلف القلوب.

يحاول النبى هنا أن يخيفهم ويخرجهم من الملجأ الذى إحتموا به وخدعوا أنفسهم به. فهم إحتموا بأنهم سياسيين قادرين على التحالف مع دولة ضد دولة وخداع دولة أخرى وأنهم أقوياء ولهم ثروة بها يستطيعون تأمين مدينتهم. ولكن النبى يشرح لهم غباء كل هذا. فبدون أن يكون الله فى وسطهم فلا فائدة. فالله أبطل حكمة ومشورة أخيتوفل وداود الصغير قتل جليات الجبار وثروتهم ستكون سبباً فى هلاكهم لطمع العدو فيهم. وهم إعتمدوا على أنهم مختونين، إذن هناك عهد بينهم وبين الله بينما الكلدانيين فهم غير مختونين. وهنا الله يقول أن الكلدانيين غير مختونين بالجسد أما اليهود فغير مختونين بالقلوب فإذا كان الختان يشير إلى إستئصال الخطية فهم إكتفوا بالعلامة الخارجية دون توبة ولذلك فالله سيضرب الجميع الكلدانيين والمصريين (إشارة لمملكة الشر أى الشياطين) واليهود غلف القلوب الذين إحتفظوا بالشر فى قلوبهم علامة الشيطان. ولنعلم أن المعمَد المؤمن الخاطىء يتساوى مع غير المعمد. فالختان هو رمز المعمودية. ومن المحزن أن نرى فى (26) يهوذا وقد أُحصيت مع الأمم فمن يتبع إبليس يشابهه. وهذه الأمم لم يكن لها ميراث وسط إسرائيل (تث3:23) ولكن الأن إسرائيل تشترك فى ضرباتها. وكل مقصوصى الشعر = هم غالباً بنى قيدار وحاصور (قارن مع 28:49–32) وهى عادة وثنية منع الله شعبه من تقليدهم فيها، فالوثنيون يعملون هذا إكراماً لإلههم باخوس.



الإصحاح العاشر
قد تكون هذه النبوة بعد السبى الأول يوم سُبِىَ يكنيا. ففى هذه النبوة إشارتين الأولى لمن حملوا لأرض الكلدانيين المملوءة وثنية وخرافات وهم يدعون الحكمة ومعرفة النجوم والأوثان. وهنا النبى يطلب من شعبه أن لا يتأثر بهذا ولا ينخدع به فكل هذا غباء. والثانية. للشعب الباقى فى يهوذا حتى لا يشعروا بالأمان المزيف وعليهم أن يتوقعوا مزيد من الخراب إن لم يتوبوا.



الأيات 1-16 :- اسمعوا الكلمة التي تكلم بها الرب عليكم يا بيت اسرائيل. هكذا قال الرب لا تتعلموا طريق الامم و من ايات السماوات لا ترتعبوا لان الامم ترتعب منها. لان فرائض الامم باطلة لانها شجرة يقطعونها من الوعر صنعة يدي نجار بالقدوم. بالفضة و الذهب يزينونها و بالمسامير و المطارق يشددونها فلا تتحرك. هي كاللعين في مقثاة فلا تتكلم تحمل حملا لانها لا تمشي لا تخافوها لانها لا تضر و لا فيها ان تصنع خيرا. لا مثل لك يا رب عظيم انت و عظيم اسمك في الجبروت. من لا يخافك يا ملك الشعوب لانه بك يليق لانه في جميع حكماء الشعوب و في كل ممالكهم ليس مثلك. بلدوا و حمقوا معا ادب اباطيل هو الخشب. فضة مطرقة تجلب من ترشيش و ذهب من اوفاز صنعة صانع و يدي صائغ اسمانجوني و ارجوان لباسها كلها صنعة حكماء. اما الرب الاله فحق هو اله حي و ملك ابدي من سخطه ترتعد الارض و لا تطيق الامم غضبه. هكذا تقولون لهم الالهة التي لم تصنع السماوات و الارض تبيد من الارض و من تحت هذه السماوات. صانع الارض بقوته مؤسس المسكونة بحكمته و بفهمه بسط السماوات. اذا اعطى قولا تكون كثرة مياه في السماوات و يصعد السحاب من اقاصي الارض صنع بروقا للمطر و اخرج الريح من خزائنه. بلد كل انسان من معرفته خزي كل صائغ من التمثال لان مسبوكه كذب و لا روح فيه. هي باطلة صنعة الاضاليل في وقت عقابها تبيد. ليس كهذه نصيب يعقوب لانه مصور الجميع و اسرائيل قضيب ميراثه رب الجنود اسمه.

دليل أن هذه الأيات مكتوبة لمن هم فى السبى الأية (11) فهى مكتوبة بلغة أرامية يفهمها الكلدانيين وذلك ليُعلمها المسبيين لأولادهم فحين يكلمهم البابليين ويدعونهم لعبادة أوثانهم يردون عليهم بلغة يفهمونها أن هذه الأوثان تبيد وأما إلهنا خلق السماء والأرض وقد خلقنا نحن. لذلك نحن نعبده. وفى هذا الفصل وصف لعظمة الله وقدرته على كل شىء وعجز الأصنام والتماثيل. وغباء الذين يدَعون الحكمة بهذه الوسائل. ففى الإصحاح السابق تكلم عن الحكمة السياسية وهنا يتكلم عن نوع أخر من الحكمة المزيفة وهذه وتلك سيبطلون. وفى (2) الأمم الذين لا يعرفون الله وقوته يرتعبون من علامات السماء مثل الخسوف والكسوف والأبراج والشهب والمذنبات، وهم يتفائلون ويتشائمون منها ومن كل العلامات الفلكية ويقدسونها وعلى أولاد الله أن لا يخافوا هذه الأشياء فالنجوم فى مساراتها لا تستطيع أن تحارب أولاد الله. وما هى الأوثان خشب مقطوع من شجرة وزينوه بالفضة والذهب (4،3) وهكذا كل خطية فالرشوة تسمى هدية والزنا يسمى حب فالإنسان يحب أن يزين خطيته. ولكنها تستمر باطلة وفى (5) هى كاللعين فى مقثأة = اللعين هو خيال المأتة، وهو خشبة طويلة، قد تكون جذع نخلة توضع فى الحقل لتخيف العصافير فلا تلتهم المحاصيل، هى لا تتحرك ولا تنفع ولا تضر، هكذا الشياطين والأوثان التى يستعملونها، شكلهم يبدو أقوى من الناس لكنهم لا حول ولا قوة لهم أمام أولاد الله ولا سلطان لهم أن يؤذونهم أو يكافئونهم. المقثأة = حقل به ثمار القثاء (وهى قصيرة جدا بجانب خيال المأتة) ولكن علينا أن نعرف أن الشياطين أقوياء فهم كنخلة وسط مقثأة ومثال لذلك فالسحرة أيام موسى صنعوا بسحرهم أشياء عجيبة ولكن أولاد الله الذين يحميهم الله لهم سلطان على الحيات والعقارب وكل قوة العدو وتكون هذه القوى الشيطانية كنخلة نعم ولكنها غير قادرة على الحركة من مكانها وغير قادرة أن تؤذى أحد. وكل الأيات هنا لتعنى طمأنينة لشعب الله ضد هذه القوى الشيطانية. والله جبار وليس مثله (7،6) أما الأوثان فبلدوا وحمقوا (8) (أدب أباطيل = تترجم تمثال خشب، تعليم لا قيمة له).

وفى (9) نرى كيف يهتم صانعو الأوثان بأن يزينوها بكل فخامة وحكمة فهم يزينون ويجملون ألهتهم وإلهنا يجملنا بأن يجعلنا على صورته. وفى (12)، (13) نرى عظمة الله وفى (14) من يسير وراء صنم يصبح مثله بليد خامل فالوثن كاذب وليس إله.



الأيات 17-25 :- اجمعي من الارض حزمك ايتها الساكنة في الحصار. لانه هكذا قال الرب هانذا رام من مقلاع سكان الارض هذه المرة و اضيق عليهم لكي يشعروا. ويل لي من اجل سحقي ضربتي عديمة الشفاء فقلت انما هذه مصيبة فاحتملها. خيمتي خربت و كل اطنابي قطعت بني خرجوا عني و ليسوا ليس من يبسط بعد خيمتي و يقيم شققي. لان الرعاة بلدوا و الرب لم يطلبوا من اجل ذلك لم ينجحوا و كل رعيتهم تبددت. هوذا صوت خبر جاء و اضطراب عظيم من ارض الشمال لجعل مدن يهوذا خرابا ماوى بنات اوى. عرفت يا رب انه ليس للانسان طريقه ليس لانسان يمشي ان يهدي خطواته. ادبني يا رب و لكن بالحق لا بغضبك لئلا تفنيني. اسكب غضبك على الامم التي لم تعرفك و على العشائر التي لم تدع باسمك لانهم اكلوا يعقوب اكلوه و افنوه و اخربوا مسكنه.

هذه الأيات لمن بقى فى يهوذا وهنا تهديد بضربة قادمة وفى (17) الأفضل لهم أن يهربوا من أورشليم ويجمعوا حزمهم = أى ممتلكاتهم فلا أمان داخل أسوار أورشليم وقت الحصار وفى (18) وحتى لو هربوا فالله سيضيق عليهم لكى يشعروا = بغضبى على خطيتهم. رامٍ من مقلاع السكان = أى أن الله سيطردهم من الأرض ويقذفهم منها كما من مقلاع فهم قد نجسوها.

أية (19) هذه مرثاة للنبى ولكن كلمة مصيبة فأحتملها أنه يحتمل لكن عن غير إقتناع ثم فى (20) تُصوَر أورشليم القوية كخيمة (الخيمة تشير لأجسادنا (2كو1:5) فهل نفسد خيمتنا بخطايانا) قُلِعَتْ من مكانها فالكل زال، شعب ومساكن وقصور وكلْ أطنابى = أى الحبال التى تثبت الخيمة وهذه تشير لملكها وجيشها ورؤسائها وهيكلها وثروتها وشعبها فمن يقيم شققى = الشقق تعنى الستائر أى زينتها من يعيدها وهى لا شعب لها وإلهها قد غادرها. وفى (21) يذكر السبب الأولَى، خطية القادة = الرعاة بلدوا والسبب عبادتهم للأوثان (مثل أية 14) والرب لم يطلبوا = فمن يتبع الأوثان البليدة يصير مثلها بليداً أى غبياً، والبشر ينقسمون قسمين إما قديسين لأنهم يتبعون الله أو شهوانيين يتبعون الشيطان والذين لا يتبعون الله يفشلون وفى (23) ليس للإنسان طريقه = الله ضابط الكل وحتى نبوخذ نصر ما هو إلا أداة فى يد الله لتأديب هذا الشعب. وهذا الشعب الخاطىء ليس حراً بل هو كإبن عليه أن يخضع ليد الله التى تؤدبه. والخطية عقابها فى ذاتها فبعد اللذة الوقتية يجىء الغم. هذا نتيجة طبيعية لوجود الشيطان فى هذا المكان. أما لو وُجد الله يأتى معه السلام والفرح. وهذا الشعب نتيجة خطيته إزداد غماً وأحسَ بالفشل وأدرك الخراب فقال فى (19) ويل لى من اجل سحقى ضربتى عديمة الشفاء. ولكن بعد ذلك عرف النبى أن هذه الضربات التى قال عنها أنها مصيبة وعليه أن يحتملها دون إقتناع أن فيها شفاؤه وخلاصه وأن الإنسان لا يختار طريقة شفائه = ليس للإنسان طريقه (23) فهذا العدو القادم من الشمال (22) إنما هو فى يد الرب لشفاء مرض الشعب. حينئذ تغير كلام النبى وإستحسن تأديبات الله مهما كانت قاسية = أدبنى يا رب بالحق = فكل ما تعمله هو حق وعدل وحب. ولكن لا تؤدبنى بغضبك فأنا لا أحتمل غضبك بل سأحتمل عصا التأديب التى فى محبة " فكل من يحبه الرب يؤدبه.

أما هؤلاء الذين ظلمونى وضربونى فلتسكب غضبك عليهم (سواء البابليين أو من يرمزون إليهم أى الشياطين) فنحن حين نقرأ طلب اللعنات على أعداء الله وأعداء الشعب فلنفهم أنهم رمز للشياطين. وتعتبر كلمات النبى هنا نبوة عن ما سيحدث للبابليين أيضاً. (أية 25).

وبنهاية الإصحاح العاشر ينتهى العتاب العلنى فى الهيكل.

الى اللقاء مع تفسير جزء آخر
رد مع اقتباس
قديم 17 - 05 - 2012, 03:53 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Ebn Barbara Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Ebn Barbara

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 6
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 41
الـــــدولـــــــــــة : EGYPT
المشاركـــــــات : 14,701

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ebn Barbara غير متواجد حالياً

افتراضي

ثانكس كتيرر للمجهود الرائع
تسلم ايدك طنط ميرامار
  رد مع اقتباس
قديم 20 - 05 - 2012, 09:24 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
astavrola
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية astavrola

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 72
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 219

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

astavrola غير متواجد حالياً

افتراضي

تفسير الكتاب المقدس بعهديه
لأبونا انطونيوس فكرى
ارجو التثبيت لحين الأنتهاء
من تفسير الأنجيل كله
تابع تفسير سفر ارميا
الإصحاح الحادى عشر

الله يذكر الشعب هنا بالعهد الذى قطعه مع أبائهم وعليهم أن يطيعوا شروط هذا العهد فيكون لهم بركة.

الأيات 1-10 :- الكلام الذي صار الى ارميا من قبل الرب قائلا. اسمعوا كلام هذا العهد و كلموا رجال يهوذا و سكان اورشليم. فتقول لهم هكذا قال الرب اله اسرائيل ملعون الانسان الذي لا يسمع كلام هذا العهد. الذي امرت به اباءكم يوم اخرجتهم من ارض مصر من كور الحديد قائلا اسمعوا صوتي و اعملوا به حسب كل ما امركم به فتكونوا لي شعبا و انا اكون لكم الها. لاقيم الحلف الذي حلفت لابائكم ان اعطيهم ارضا تفيض لبنا و عسلا كهذا اليوم فاجبت و قلت امين يا رب. فقال الرب لي ناد بكل هذا الكلام في مدن يهوذا و في شوارع اورشليم قائلا اسمعوا كلام هذا العهد و اعملوا به. لاني اشهدت على ابائكم اشهادا يوم اصعدتهم من ارض مصر الى هذا اليوم مبكرا و مشهدا قائلا اسمعوا صوتي. فلم يسمعوا و لم يميلوا اذنهم بل سلكوا كل واحد في عناد قلبه الشرير فجلبت عليهم كل كلام هذا العهد الذي امرتهم ان يصنعوه و لم يصنعوه. و قال الرب لي توجد فتنة بين رجال يهوذا و سكان اورشليم. قد رجعوا الى اثام ابائهم الاولين الذين ابو ان يسمعوا كلامي و قد ذهبوا وراء الهة اخرى ليعبدوها قد نقض بيت اسرائيل و بيت يهوذا عهدي الذي قطعته مع ابائهم.
أن نتذكر أن هناك عهداً بيننا وبين الله هذا يدعونا أن لا نستسهل صنع الخطية ثم نطلب حياة سهلة مملوءة بركة لأنَ هنا شروطاً لهذا العهد ولهذه البركة، وهى طاعة الوصية. وملعون من لا يسمع لكلام العهد (3) لأن من لا يطيع يفصل نفسه عن الله فيسقط مباشرة تحت سلطان إبليس لذلك يصبح ملعوناً. وفى (4) الله حين حررهم من أرض العبودية أعطاهم هذه الوصايا بنود العهد وطلب منهم الإلتزام بها. وهنا يجب أن نفهم أنَ الإلتزام بهذه الوصايا ليست عبودية جديدة بل أن "نير المسيح هين وحمله خفيف" وليس كور حديد (هو رمز للآلام الحادة والعبودية) والله يعلم أن الإنسان أصبح ضعيفاً بعد أن سقط والشيطان يستغل ضعفه ويغريه على الخطية والخطية تسبب خراب الإنسان لأن الشيطان سيعود ويتملكه لذلك فالله يطلب فى محبة من الإنسان أن يلتزم بهذا العهد. وهو إن لم يلتزم سيعيد نفسه لكور الحديد ثانية أى عبودية الشيطان "إن حرركم الإبن بالحقيقة تكونون أحراراً" ومن ثمار الطاعة لله ولوصاياه البركة (5). راجع (لا26)، (تث28). قول النبى أمين يا رب هى شهوة قلبه أن يستمع الشعب لوصايا الله. ولإحساس الله بغيرة النبى قال لهُ نادِ بهذا (6) ولكن للأسف فلم يسمع الشعب ولم يطيع بل قاموا بفتنة أى مؤامرة ضد الله ورجالهُ.
أية 2 :- كلموا رجال يهوذا = النبى يوجه كلامه هنا لرسل أتوه من قبل الملك.

الأيات 11-17 :- لذلك هكذا قال الرب هانذا جالب عليهم شرا لا يستطيعون ان يخرجوا منه و يصرخون الي فلا اسمع لهم. فينطلق مدن يهوذا و سكان اورشليم و يصرخون الى الالهة التي يبخرون لها فلن تخلصهم في وقت بليتهم. لانه بعدد مدنك صارت الهتك يا يهوذا و بعدد شوارع اورشليم وضعتم مذابح للخزي مذابح للتبخير للبعل. و انت فلا تصل لاجل هذا الشعب و لا ترفع لاجلهم دعاء و لا صلاة لاني لا اسمع في وقت صراخهم الي من قبل بليتهم. ما لحبيبتي في بيتي قد عملت فظائع كثيرة و اللحم المقدس قد عبر عنك اذا صنعت الشر حينئذ تبتهجين. زيتونة خضراء ذات ثمر جميل الصورة دعا الرب اسمك بصوت ضجة عظيمة اوقد نارا عليها فانكسرت اغصانها. و رب الجنود غارسك قد تكلم عليك شرا من اجل شر بيت اسرائيل و بيت يهوذا الذي صنعوه ضد انفسهم ليغيظوني بتبخيرهم للبعل.
فى (11) الشر الذى يجلبه الله عليهم هو نتيجة طبيعية لخطيتهم وحين يطلبون الله لن يستجيب لهم، فهم لا يصرخون فى توبة، بل لمجرد الخروج من الضيقة فقط. فى (12) نعرف لماذا لم يستجيب لهم الله فمازالت أوثانهم فى قلبهم وها هم يلجأون إليها. وأوثانهم متعددة (13) لذلك فى (14) يحرمهم الله من صلوات النبى وشفاعته، وهذا تهديد مخيف لمن يفهم أن صلاة القديسين أصبحت مرفوضة بالنسبة لهُ. وفى (15) فالله يرفضهم من بيته = ما لحبيبتى فى بيتى فأورشليم التى أحبها الله وخطبها لنفسه بالعهد الذى أصبحوا به خاصته. وهم فى وثنيتهم صاروا زناة. والزانية لو تكرر زناها وأصبحت وقحة يجب طردها خارج البيت. والله يسأل لماذا هى الأن فى بيتى وأنا قد رفضتها. ولم تَعُدْ الذبائح تحميهم أو تكفر عنهم. ولكنهم ما زالوا يذهبون للهيكل ويقدمون ذبائح سلامة ويأكلون منها بينما هم يفرحون بخطاياهم. ولكن لا المذبح سيحميهم ولن تعطيهم هذه الذبائح أى بركة فهم حُرِموا من كل البركات = اللحم المقدس عبر عنك ولاحظ أن الله مازال يسميهم حبيبتى وكذلك يسميهم بولس (رو28:11) "هذا من أجل الأباء" وفى (16) قارن بين الحالة التى أوجدهم الله عليها زيتونة خضراء ذات ثمر جميل الصورة = فالله غرسهم وجعل منهم شعباً وأعطاهم مميزات كثيرة وبركات عظيمة بل كان فى وسطهم. وكان لهم ثمار صالحة للأكل وشكلها جميل أى صالحة لله وللإنسان. يراها الناس فى بركاتها فيمجدوا أباها الذى فى السموات. ولكنهم بإصرارهم على الخطية تحول عنهم الله سر خضرة وإثمار زيتونتهم فتحولوا لزيتونة برية جافة لم تعد تصلح لشىء سوى الحريق والحريق أتٍ بواسطة جيش بابل الذى سيأتى بضجة عظيمة. والأغصان التى إنكسرت هى ملكها وكهنتها ورؤسائها.

الأيات 18-23 :- و الرب عرفني فعرفت حينئذ اريتني افعالهم. و انا كخروف داجن يساق الى الذبح و لم اعلم انهم فكروا علي افكارا قائلين لنهلك الشجرة بثمرها و نقطعه من ارض الاحياء فلا يذكر بعد اسمه. فيا رب الجنود القاضي العدل فاحص الكلى و القلب دعني ارى انتقامك منهم لاني لك كشفت دعواي. لذلك هكذا قال الرب عن اهل عناثوث الذين يطلبون نفسك قائلين لا تتنبا باسم الرب لئلا تموت بيدنا. لذلك هكذا قال رب الجنود هانذا اعاقبهم بموت الشبان بالسيف و يموت بنوهم و بناتهم بالجوع. و لا تكون لهم بقية لاني اجلب شرا على اهل عناثوث سنة عقابهم.
هنا يتأمر أهلهُ كهنة عناثوث ضده ليقتلوه قائلين لنهلك الشجرة بثمرها = هو تعبير يعنى دعنا ننتهى منهُ جذراً وفروعاً أى نقتل العائلة كلها (هكذا قام الكهنة ورؤسائهم على المسيح) وهم تصوروا أنهم بقتله سينتهون من نبوته (21) فهم لا يحتملون إنذاراته ودعوته لهم بالتوبة ولكن الله أبقاه وكشف لهُ مؤامرتهم (18) وفى (19) يصوَر حاله وهو سالك وسط هؤلاء الوحوش فى سلام وإطمئنان بينما هم يضمرون لهُ الشر، ويصوَر نفسه كخروف مسالم ولكن هذه الأية تتكلم بروح النبوة عن المسيح (اش7:53). الذى تآمر عليه الكهنة أيضاً لأنهم لم يحتملوه. وفى (20) هذا بروح النبوة يتنبأ عن ما سيصيبهم. وما سيصيب صالبى المسيح بيد الرومان.


الإصحاح الثانى عشر

الأيات 1-6 :- ابر انت يا رب من ان اخاصمك لكن اكلمك من جهة احكامك لماذا تنجح طريق الاشرار اطمان كل الغادرين غدرا. غرستهم فاصلوا نموا و اثمروا ثمرا انت قريب في فمهم و بعيد من كلاهم. و انت يا رب عرفتني رايتني و اختبرت قلبي من جهتك افرزهم كغنم للذبح و خصصهم ليوم القتل. حتى متى تنوح الارض و ييبس عشب كل الحقل من شر الساكنين فيها فنيت البهائم و الطيور لانهم قالوا لا يرى اخرتنا. ان جريت مع المشاة فاتعبوك فكيف تباري الخيل و ان كنت منبطحا في ارض السلام فكيف تعمل في كبرياء الاردن. لان اخوتك انفسهم و بيت ابيك قد غادروك هم ايضا هم ايضا نادوا وراءك بصوت عال لا تاتمنهم اذا كلموك بالخير.
أنظر أية حرية أعطانا الله حتى نناقشه من جهة أحكامه. ولكن من الذى لهُ هذا الحق أن يتساءل حول أحكام الله (1) الله يقبل أن نسألهُ عن أحكامه على أن نظل واثقين فيه وفى عدالة أحكامه ونقف أمامه كمن يتعلم ويريد ان يفهم (2) الله يقبل أن نسألهُ إذا كانت هناك محبة داخل القلب ونقف أمامهُ نسألهُ أن يكشف لنا لا فى روح المجادلة والإحتجاج. فأحكام الله فى بعض الأحيان تبدو بعيده عن أفهامنا (مزمور2:97) والقضية التى تحير النبى هنا هى نجاح الأشرار، وهم هنا الشعب الذى زرعهُ الله وأعطاه أرضا تفيض لبناً وعسلاً ثم إرتد عنهُ وإضطهد أنبيائه ولكن فلنعلم أن نجاح الأشرار لحين ونهايتهم شريرة (مزمور73) والله يطيل أناته عليهم لعل طول أناته تقودهم للتوبة. وفى صلب المسيح رد على تساؤلاتنا فهو صُلِبَ وهو القدوس ومن هذا نرى أن نجاح الأشرار الوقتى هو بسماح من الله وفى النهاية يتمجد الله وماذا كانت نهاية صالبو المسيح إلا الخراب وفى أية (2) الله غرسهم وأعطاهم بركة كبيرة ولكن فى المقابل سبحوه بشفاههم فالكلام سهل لكن القلب مبتعد عنه بعيداً = أنت قريب فى فمهم بعيد عن كُلاهم. وفى أية (3) يبدو أن الله كشف لهُ شرهم ونهايتهم. وأن الله ينظر لقلبه هو أنهُ مستقيم أمامهُ فتعزى بهذا وقال أنت يا رب عرفتنى أما هم فقد عرفتُ إجابة سؤالى فى أية (1) بخصوصهم فهم مصيرهم الذبح. فالله سوف يجذبهم خارج المرعى السمين أى أرضهم التى تفيض لبناً وعسلاً التى أكلوا وسمنوا فيها. فربما حين يذهبون للسبى يقدمون توبة وفى أية (4) لن تقف الأحكام ضدهم بالسبى بل بخراب أرضهم ولنلاحظ سبب إنحرافهم!! الله لا يرى آخرتنا = فإحساس الإنسان أن الله لا يراه ويعرف شروره ويجازى عليها هو بداية كل الشرور. وربما كان المعنى النبى لا يرى آخرتنا = أى أن عمرهم طويل جداً والنبى سيموت قبلهم وهذا سبب ثانى للشرور أن يتوقع الإنسان أن عمره طويل ولكن!! "يا غبى فى هذه الليلة تؤخذ نفسك" وفى أية (5) يبدأ الله فى إعداد النبى لتحمل ألام أكبر. فالله لم يسمح لأعداؤه أن يضعوا أياديهم عليه فى بداية طريقه فالله الذى خلقنا يعرف إمكانياتنا فى التحمل وهو "لا يدعكم تجربون فوق ما تحتملون" ولكنه يُعد خدامه بالتدريج لإحتمال الألم فالألم يكمل الخدام (عب10:2) فمتى نصير للمسيح تلاميذ ينبغى أن نحمل الصليب. حقاً ينبغى أن نُظْهِرْ لإبليس أننا لا نطلب راحة فى هذا العالم بل أنظارنا موجهة للسماء والراحة السماوية وهنا بعد أن إشتكى النبى من الألام التى واجهها ومؤامرة أهله لقتله يقول لهُ الله بل عليك أن تحتمل ماهو أقسى وأصعب. فلماذا تطلب الراحة "إن كنا نتألم معه لكى نتمجد أيضاً معهُ "ويقول لهُ الله إن جريت مع المشاة فأتعبوك = أى إن كنت تعبت من شر اهل عناثوث حتى إنك إشتكيت وخاصمتنى من جهة أحكامى فماذا سوف تفعل أمام ملوك ورؤساء وكهنة ورؤساء كهنة أورشليم وهؤلاء شبههم بالخيل = فكيف تبارى الخيل. أى عليك أن تُعَدْ نفسك لألام أشد وأصعب. ومثال أخر فأنت الأن مازلت فى أرض السلام بالمقارنة لما سيأتى عليك، فما سوف يأتى يشبه كبرياء الأردن = المقصود به مياه الأردن أيام فيضانه التى تجرف كل شىء أمامها ولا يعترض سبيلها شىء. ويشير هذا لأحكام ذوى السلطة على النبى من ملوك ورؤساء كهنة الذين لا يستطيع أحد أن يمنع أو يقف فى وجه أحكامهم. والله يريه الألام التى ستحل به حتى يتشدد ولا يتخاذل ولم يعده بمنع الألام عنهُ. وهذا الكلام ينطبق علينا. فنحن يجب أن نتوقع فى حياتنا مشاكل وعلينا أن نثق فى أن الله يسندنا فلا نخور. وفى أية (6) الله يحذر النبى من محاولات أقربائه لردَه عن طريق الله ليكف عن نبواته. ولكن هذه المرة سيستعملون الأقوال الناعمة عوضاً عن التهديد والعنف ولا تأتمنهم إذا كلموك بالخير
ملحوظة خاصة بأية (4) نلاحظ أن النبى وغيره من رجال العهد القديم يطالبون بعقاب الأشرار فلماذا (1) فى العهد القديم لم يكن هناك من يميز بين الخاطىء والخطية (2) الخاطىء يفسد الجماعة (3) كنبوة عن ما سوف يحدث لهؤلاء الخطاة ويعتبر فى نفس الوقت نبوة عن هلاك الشرير الحقيقى ومن وراء كل هذه الشرور وهو إبليس (4) كان أنبياء العهد القديم يرون أن الموت هو نهاية كل شىء وقليلاً منهم من تكلم عن حياة بعد الموت لذلك كان الأنبياء يشعرون أن البار يجب أن يكافأ على الأرض وأن الشرير يجب أن ينتقم منهُ على الأرض وإلا إختلَ عدل الله.

الأيات 7-13 :- قد تركت بيتي رفضت ميراثي دفعت حبيبة نفسي ليد اعدائها. صار لي ميراثي كاسد في الوعر نطق علي بصوته من اجل ذلك ابغضته. جارحة ضبع ميراثي لي الجوارح حواليه عليه هلم اجمعوا كل حيوان الحقل ايتوا بها للاكل. رعاة كثيرون افسدوا كرمي داسوا نصيبي جعلوا نصيبي المشتهى برية خربة. جعلوه خرابا ينوح علي و هو خرب خربت كل الارض لانه لا احد يضع في قلبه. على جميع الروابي في البرية اتى الناهبون لان سيفا للرب ياكل من اقصى الارض الى اقصى الارض ليس سلام لاحد من البشر. زرعوا حنطة و حصدوا شوكا اعيوا و لم ينتفعوا بل خزوا من غلاتكم من حمو غضب الرب.
الله ترك بيته اى الهيكل فى (7) لأنهم دنَسوه فأجبروه على مغادرته ولكن مما يؤثر فى النفس جداً أن الله ما زال يسميهم حبيبة نفسه ولكن ها هو يسلمها ليد أعدائها. كم نحزن الله الذى يحبنا بخطايانا!! هم هم فقدوا حمايته لذلك وقعوا فى يد أعدائهم. وفى (8) يسميهم ثانية ميراثى. ولكنهم صاروا كوحوش تزأر حتى على الله نفسه. ولم يَعُدْ أحد يحبهم لوحشيتهم وصوت خطاياهم يصل للسماء كصوت أسد زائر. أو هذا صوتهم ضد أنبياء الله، وصوتهم ضد أنبياء الله كأنه على الله نفسه. وفى(9) صاروا جارحة ضَبُع = وهى طيور جارحة لها الوان متعددة فى ريشها وهذا إشارة لتعدد دياناتهم الوثنية لإختلاطهم بالشعوب المجاورة وهم بهذا يشعرون أنهم يزدادون جمالاً ولكنهم أمام الله يزدادون عفونة أما حمامة الله فهى ذات لون واحد. ولنلاحظ أن الطيور الجارحة يثيرها الطيور متعددة الألوان فتهاجمها وتعمل أصواتاً غريبة ضدها. وهكذا بابل الطير الجارح ستهاجمهم. شىء محزن أن رعية الله حمامته الوديعة تتحول لطيور جارحة. ولنذكر أن الطيور الجارحة محرمة ويحرم دخولها بيت الله. ولكن أورشليم تحولت كما لو كانت مسرحاً لصراع هذه الجوارح. ولأن يدهم كانت على كل إنسان ستكون يد كل إنسان عليهم (تك12:16). وأولاد الله لونهم مختلف ويثير عليهم الجوارح لكن الله سور لهم وفى (10) ما زال الله يسميهم كرمى من أجل محبته لأبائهم ويسمى جيش بابل رعاة كثيرون. فالسيف فى يدهم هو سيف الله. وصورة التخريب فى (12،11) وفى (13) هم ظنوا أن بإمكانياتهم صنع شىء وحماية أنفسهم ولكن مازرعوه قمحاً حصدوه شوكاً. مثال معاهداتهم مع مصر تحولت لتصير ضدهم. وسيخزون من كل تدبيراتهم.

الأيات 14-17:- هكذا قال الرب على جميع جيراني الاشرار الذين يلمسون الميراث الذي اورثته لشعبي اسرائيل هانذا اقتلعهم عن ارضهم و اقتلع بيت يهوذا من وسطهم. و يكون بعد اقتلاعي اياهم اني ارجع فارحمهم و اردهم كل واحد الى ميراثه و كل واحد الى ارضه. و يكون اذا تعلموا علما طرق شعبي ان يحلفوا باسمي حي هو الرب كما علموا شعبي ان يحلفوا ببعل انهم يبنون في وسط شعبي. و ان لم يسمعوا فاني اقتلع تلك الامة اقتلاعا و ابيدها يقول الرب.
أية (14) جيرانى الأشرار= هم المصريين والعمونيين... والله يسميهم جيرانى فأرض يهوذا هى أرضه، مازالت. ولأنه إله الجميع فهو يؤدَب الجميع حتى يتوبوا = هأنذا أقتلعهم أى الأمم المجاورة وأقتلع بيت يهوذا. فشعب وجيش بابل سيقتلع الجميع. وفى (15) سيردهُمْ الله. وفى هذا نبوة عن عمل المسيح. فالأمم الوثنية لم تقبل إلا فى المسيح وهكذا يهوذا. والقلع يشير للموت مع المسيح وردهم للأرض يشير للقيامة. والموت والقيامة تحدث لكل منا فى المعمودية حيث ندفن معهُ ونقوم معه. وبهذا أى بعمل الفداء أنهى الله كل نتائج خطية آدم وقَبِلَ الجميع يهوداً وأمماً. والآن فالمسئولية شخصية فمن يقبل أن يسير حسب ما يرضى المسيح = تعلموا علماً طرق شعبى أى لغة المحبة والإيمان بالمسيح أنهم يستمرون فى الزيتونة وإن لم يسمعوا... أقتلع تلك الأمة = هذا هو نفس ما ردده بولس الرسول فى (رو16:11-24) فإسرائيل هى الزيتونة الأصلية والأمم هم الزيتونة البرية.

تعليق على الإصحاح الثانى عشر
1. إشتكى أرمياء من شر الشعب إذ عَرِف أنهم يتآمرون عليه ليقتلوه، لكن الله هنا يجيب بالأتى:-
أ‌. من تسميهم أشرار هم بيتى وحبيبتى وكرمى، هم فسدوا، ولكننى أؤدبهم ليرجعوا إلىَ.
ب‌. إن كنت انت حزيناً على شرهم، فكم وكم حزنى أنا عليهم، وإن كنت أنت ترثيهم، فأنا أرثيهم أيضاً. وإن كنت تئن لخيانتهم لك فهم خانونى أنا أيضاً.
ت‌. هم لا يرفضون أرمياء لشخصه، بل هم يرفضون الله نفسه (آية 8).
ث‌. أنا لن أتركك يا أرمياء فى ضيقتك، بل سأقف بجانبك. لقد جعلتك نبياً للشعوب، فعليك أن تتحمل بعض الألام. والعجيب أن الله يدربه على ان يحتمل الألم، فهو يسمح بالضيقات أن تأتى بالتدريج (آية 5)
2. أية (4) هنا نرى خراب الأرض بما عليها من طيور وحيوانات بسبب خطية الإنسان، فالإنسان إما يكون سبب بركة للخليقة غير العاقلة، أو يكون سبب لعنة لها، كما سبق الله ولعن الأرض بسبب خطية آدم = (تك17:3).
3. فى أية (1) أكلمك من جهة أحكامك = نلاحظ ان غيرة أرمياء أنه فى ضيقاته لم يذهب ليشتكى همومه للناس، بل دخل إلى مخدعه ليكلم الله ويشتكى لهُ، وكان الله يجيبه ويعزيه، أما من يشتكى همومه للناس:-
أ‌. فهو يعثرهم.
ب‌. الناس ليس لديهم تعزية يعزونه بها.
ت‌. الشكوى تقود لمزيد من الإحساس بالمرارة، فاللسان يقود دفة الإنسان (يع4:3).
4. فى أية (5) كبرياء الأردن = الكلمة حرفياً تعنى عظمة وكبرياء، ولكنها تعنى ضمناً الأدغال الموحشة، والمملوءة وحوشاً على ضفة الأردن إشارة للملوك والقضاة والحكام ورؤساء الكهنة.
5. فى أية (16) نبوة بقبول الأمم = ويكون إذا تعلموا علماً طُرق شعبى أن يحلفوا بإسمى = دليل تركهم لأوثانهم. فالإيمان صار متاحاً لكل العالم، ومن لا يؤمن بالمسيح، أو المسيحى الذى يترك المسيح لأجل خطية ما = لم يسمعوا.. أقتلع تلك الأمة.


الإصحاح الثالث عشر

الأيات 1-11 :- هكذا قال الرب لي اذهب و اشتر لنفسك منطقة من كتان و ضعها على حقويك و لا تدخلها في الماء. فاشتريت المنطقة كقول الرب و وضعتها على حقوي. فصار كلام الرب الي ثانية قائلا. خذ المنطقة التي اشتريتها التي هي على حقويك و قم انطلق الى الفرات و اطمرها هناك في شق صخر. فانطلقت و طمرتها عند الفرات كما امرني الرب. و كان بعد ايام كثيرة ان الرب قال لي قم انطلق الى الفرات و خذ من هناك المنطقة التي امرتك ان تطمرها هناك. فانطلقت الى الفرات و حفرت و اخذت المنطقة من الموضع الذي طمرتها فيه و اذا بالمنطقة قد فسدت لا تصلح لشيء. فصار كلام الرب الي قائلا. هكذا قال الرب هكذا افسد كبرياء يهوذا و كبرياء اورشليم العظيمة. هذا الشعب الشرير الذي يابى ان يسمع كلامي الذي يسلك في عناد قلبه و يسير وراء الهة اخرى ليعبدها و يسجد لها يصير كهذه المنطقة التي لا تصلح لشيء. لانه كما تلتصق المنطقة بحقوي الانسان هكذا الصقت بنفسي كل بيت اسرائيل و كل بيت يهوذا يقول الرب ليكونوا لي شعبا و اسما و فخرا و مجدا و لكنهم لم يسمعوا.
كان معتاداً أن الأنبياء يستخدمون الرموز حتى يفهم الشعب الذى لا يريد أن يفهم ومنطقة الكتان (1) يضعها النبى على حقويه تشير لشعب إسرائيل الذى دخل الله معهم فى عهد وشركة مع نفسه. وهو فى محبته يلصقنا به. فهم شعب قريب جداً من الله وهم خاصته دائماً فى بيته ويغمرهم بإحساناته. وهى من كتان، فكان غريباً على نبى أن يلبس شيئاً ناعماً فالأنبياء كانوا يلبسون ملابس خشنة ويوحنا المعمدان كان يلبس منطقة من وبر الإبل. ولكن المعنى أن الله أعدَهم فى طهارة ليكونوا فى بياض الكتان ونعومته وكذلك الصقهم به. ولا تدخِلها فى الماء وإشارة لأنَ هذا الشعب لا يريد التطهير ولا التوبة. ثم فى (4) ذهب ليطمرها عند الفرات فى شق صخر = فكانت المنطقة هناك معرضة للماء يصعد عليها ويغمر المنطقة ثم ينحسر عنها فتجف ففسدت وتهرأت. ومما أتعب المفسرين هل ذهب أرميا فعلاً للفرات والمسافة بعيدة جداً أم كان ما حدث مجرد رؤيا. والرأى الصحيح أنه ذهب فعلاً:
1. فهو يقول مرتين فإنطلقت إلى الفرات (7،5).
2. هى طاعة لصوت الله فهو لا يحسب أى تنفيذ لأوامر الله أن فيه مشقة.
3. هو يشعر خلال رحلته بما سيشعر به المسبيين.
وفساد هذا الشعب الذى يشير إليه فساد المنطقة (10) راجع لوثنيته. هم لم يعبدوا الله ولم يسبحوه وهذا واجبهم فى مقابل إحساناته عليهم. ومن لا يسبح الله من الصعب أن يعتبر نفسه شعباً لله. وهم لم يسبحوا الله بل زادوا على هذا وثنيتهم فضلوا بعيداً عنه. هم دفنوا أنفسهم فى الأرض بملذاتها كما دفنت المنطقة وإختلطوا بالأمم وتلوثوا فأصبحوا لا يصلحون لشىء فالله بأحكامه سوف يبعدهم عنه ويزول عنهم كل سبب كانوا من أجله فى كبرياء. فالكبرياء تفصلنا تماماً عن الله. فإن لم تجعلنا نعمته نتضع فالله يحجب نعمته عنا لكى يحجب أسباب الكبرياء فنخلص. حتى لو كان الهيكل سبباً لكبريائهم سيزيله.
4. فسادهم راجع لإبتعادهم عن الله، وهذا مرموز لهُ بطول المسافة بين أورشليم ونهر الفرات ونهر الفرات يشير للخيرات الزمنية، فهم سعوا وراء زيادة ممتلكاتهم ووراء ملذاتهم تاركين الله.
5. وهم سيذهبون إلى بابل، والفرات يشير لبابل. فذهاب النبى إلى الفرات هو إشارة لسبيهم إلى بابل. لهذه الأسباب نقول أن النبى ذهب فعلاً للفرات. وفى (11) يكونوا لى إسما وفخرا ومجدا= هذه تساوى "ليرى الناس أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذى فى السموات".
وبالنسبة لنا كمسيحيين فالمنطقة تشير للكنيسة التى تلتف حول المسيح الرأس، لذلك ففى التجلى إبيضت ثياب للمسيح (مت2:17) إشارة لأنه بدمه سيبيض كنيسته أى يبررها (أش18:1) + (1يو7:1) + (رؤ14:7) وهذا يتم بالمعمودية التى فيها يموت الإنسان العتيق ويقوم الجديد (رو2:6-8) ومن يرفض الإيمان ثم المعمودية يفسد، فمن أمن وإعتمد خلص (مر16:16) وهذا معنى لا تدخلها فى الماء فهذا يعنى من يرفض المعمودية. ودفن المنطقة فى التراب يشير لمن يدفن وزنته فى طين هذا العالم، ولا يستخدمها لحساب مجد الله (مت24:25-30) وإخفاء المنطقة فى الصخر يشير لأن الخاطىء يختفى من أمام وجه الله خوفاً من الله وهرباً منه، كما إختفى أدم بعد الخطية راجع (تك8:3) + (أش21،19،10:2) + (رؤ16،15:6) والعكس فمن يختبىء فى الصخرة المسيح (1كو4:10) بأن لا يبتعد عن الله، يكون كمنطقة حول المسيح الرأس، وهذا يكون كموسى الذى إختبأ فى نقرة الصخرة فرأى مجد الله ولمع وجهه، إشارة لحصولنا على الجسد الممجد بعد القيامة حين نرى الله.

الأبات 12-14 :- فتقول لهم هذه الكلمة هكذا قال الرب اله اسرائيل كل زق يمتلئ خمرا فيقولون لك اما نعرف معرفة ان كل زق يمتلئ خمرا. فتقول لهم هكذا قال الرب هانذا املا كل سكان هذه الارض و الملوك الجالسين لداود على كرسيه و الكهنة و الانبياء و كل سكان اورشليم سكرا. و احطمهم الواحد على اخيه الاباء و الابناء معا يقول الرب لا اشفق و لا اتراف و لا ارحم من اهلاكهم.
الخمر ترمز للفرح. وأورشليم أصبحت كزق ممتلىء خمراً. ولاحظ أن هناك نوعان من الفرح 1- فرح روحى وهذا عطية الروح القدس 2- أفراح عالمية يحصل عليها الإنسان من ملذات وشرور العالم. وهذا النوع الأخير هو الخمر الذى يملأ أورشليم، لذلك صاروا آنية مملوءة من غضب الله، فهى معدة للخراب، بينما أن فى الأصل كان الله قد أعدها كآنية مجد، تمتلىء مجداً ورحمة وفرحاً مقدساً من الله أى خمراً روحياً. لكنهم إختاروا الملذات الشهوانية الوثنية، لذلك فسيمتلئون من السكر = أى الضلال. ضلال مشوراتهم، وسيكونون كمن يتخبط فى سكره ولا يعرف طريقه، كمن فى ظلام (وهذا معنى أية 16) لا يعرفون طريقهم وسط أهوال المصائب الأتية. وسيكون مصدر ألامهم هو ما كانوا يفرحون به من قبل. لا بل هم كالسكارى سيحطمون كل واحد أخاه = أحطمهم الواحد على أخيه (14) ولاحظ إجابتهم الهازئة فى (12) أما نعرف معرفة = فمن يملأ نفسه من ملذات أى خمر العالم يصير هكذا هازئاً مستهتراً. وهذا مما يغضب الله، فيجعل هؤلاء كالسكارى يتخبطون فى الظلام. وفى (14) نرى الله القدوس لا يقبل الخطية، فهو قطعاً لو تساهل مع الخطية وترك الخطاة ورحمهم لسادت الفوضى فى العالم (أم25:19) ونلاحظ أنه فى مثل المنطقة نرى أن من يبتعد عن الله يتعرض للفساد أى الهلاك، وفى مثل زق الخمر نرى أن من يبتعد عن الله يفقد أفراحه.

الأيات 15-21 :- اسمعوا و اصغوا لا تتعظموا لان الرب تكلم. اعطوا الرب الهكم مجدا قبل ان يجعل ظلاما و قبلما تعثر ارجلكم على جبال العتمة فتنتظرون نورا فيجعله ظل موت و يجعله ظلاما دامسا. و ان لم تسمعوا ذلك فان نفسي تبكي في اماكن مستترة من اجل الكبرياء و تبكي عيني بكاء و تذرف الدموع لانه قد سبي قطيع الرب. قل للملك و للملكة اتضعا و اجلسا لانه قد هبط عن راسيكما تاج مجدكما. اغلقت مدن الجنوب و ليس من يفتح سبيت يهوذا كلها سبيت بالتمام. ارفعوا اعينكم و انظروا المقبلين من الشمال اين القطيع الذي اعطي لك غنم مجدك. ماذا تقولين حين يعاقبك و قد علمتهم على نفسك قواد للرياسة اما تاخذك الاوجاع كامراة ماخض.
(15) لو سمعوا وتواضعوا لما هلكوا وياليتهم سمعوا. (16) أعطوا لله مجداً = وليس لأوثانكم وإعترفوا بخطاياكم وإقبلوا التأديب وسبحوا الله على إحساناته واعملوا أعمالاً صالحة تمجد الله، والبديل ظلاماً دامساً = لا ترون معهُ طريقاً للهرب (رؤ10،9:16) فالله نور ومن يفارقه الله لا يجد سوى ظلمة. بل سيكون هناك جبال عتمة = الجبال هم الشياطين فى كبريائهم، وهم بلا نور وفى الظلام الدامس سيكون هناك حالة يأس كامل. وفى (17) لم يتواضعوا ويسمعوا فبكى النبى رقيق المشاعر على مصيرهم = سبى قطيع الرب وفى (18) على الملك والملكة أن يكونا قدوة لشعبهم ويقدمون توبة. وهبط عن رأسيهما التاج = لأن القرار صدر ضدهما من الله، وقد يكون الملك والملكة هما يهوياقيم وزوجته. وفى (19) أغلقت مدن الجنوب = أى مصر من حيث إنتظروا المعونة فلم يجدوا = وليس من يفتح. وفى (20) إرفعوا أعينكم وأنظروا = أى هذه الضربات قريبة كأنه هو ينظرها والغزاة القادمون كالذئاب، وهم كالقطيع وسيلتهمونه. وكان الرؤساء عليهم أن يعتبروا أنفسهم رعاة للقطيع يحافظون عليهم وهنا يسألهم الله أين القطيع الذى سلمته إليكم. وكان قطيعاً جميلاً = غنم مجدك وفى (21) كانوا أولاً ينظرون للكلدانيين كقوة يريدون التحالف معهم ليقوموا بحمايتهم فهم إختاروا بأنفسهم وضع الكلدانيين كقادة للرياسة عليهم = وهاهم الكلدانيين أتوا ليعاقبوهم = فماذا يقولون عن أفكارهم السابقة وحكمتهم التى ثبت فشلها. أما تأخذك الأوجاع منهم هكذا كل من يذهب للشيطان يبيع نفسه لهُ طالباً لذة يأتى خرابه وأوجاعه من الشيطان ولاحظ قول الله أين القطيع. غنم مجدك = لقد ذهبوا إلى السبى وتركت أورشليم خراباً. أغلقت مدن الجنوب = قد تفسر أنه حتى مدنهم الجنوبية قد وقعت فى الأسر، وليس من يفك هذا الأسر. والمعنى شمولية السبى لكل يهوذا. وفى (17) أماكن مستترة فيبدو أن النبى كان يهرب من أمام وجه الملك حتى لا يقتله.

الأيات 22-27 :- و ان قلت في قلبك لماذا اصابتني هذه لاجل عظمة اثمك هتك ذيلاك و انكشف عنفا عقباك. هل يغير الكوشي جلده او النمر رقطه فانتم ايضا تقدرون ان تصنعوا خيرا ايها المتعلمون الشر. فابددهم كقش يعبر مع ريح البرية. هذه قرعتك النصيب المكيل لك من عندي يقول الرب لانك نسيتني و اتكلت على الكذب. فانا ايضا ارفع ذيليك على وجهك فيرى خزيك. فسقك و صهيلك و رذالة زناك على الاكام في الحقل قد رايت مكرهاتك ويل لك يا اورشليم لا تطهرين حتى متى بعد.
أية 22 نبوة بالسبى فهتك ذيلاك أى عارية بلا سروال وإنكشف عقباك أى بلا حذاء، وهكذا يسير المسبيين (أش 4:20) وفى السبى سيتبعثرون كالقش (24) أمام الريح، فمن ينجو من نار أورشليم لن يهرب من الريح وسيذهب إلى السبى. وفى (26) بسبب خطيتهم يسمح لهم الله بأن يتعروا ويفتضحوا كزانية. فحين تمادوا فى كبريائهم أخجلهم الله. وخطاياهم التى نجدها فى (27) فهى خطايا مخجلة لذلك فعقابهم المذكور فى (26) هو عقاب مخجل.
وفى (25) هذه قرعتك = أى نصيبك وجزاؤكِ لأنك إتكلت على الكذب = أى على المعاهدات مع مصر وغيرها ونسيتنى. وعبدتِ الأوثان الباطلة وتركتِ عبادتى. ومع كل هذا فهم يحتجون على الله قائلين لماذا أصابتنى هذه (22) وهذه هى أقوال كل خاطىء لا يريد التوبة ويرفض تأديب الله الذى يرده به عن إنحرافه وفى (23) الكوشى = اى الحبشى وهو أسود اللون بالطبيعة والنمر = لونهُ أرقط أى به بقع سوداء. وهذا يقال كمثل عن الخطية التى هى فى لون السواد. ولكن هناك فرق بين الكوشى وبين النمر فالكوشى كله أسود وهذه هى الطبيعة التى يولد بها الإنسان بعد سقوط أدم فالخطية هى سواد الروح. وبالطبع لا يمكننا تغيير هذا اللون الذى هو بالطبيعة ولكن هذا عمل الفداء فقط. وهناك النمر الأرقط وهذا يشير لخطاياى الشخصية التى من التعود عليها أصبحت كانها طبيعة ثانية وهذه أيضاً صعب التخلص منها. ولكن بالتوبة أستفيد من عمل النعمة والروح القدس يعين على التغيير. ولكن بالنسبة ليهوذا فهذا المثل يعنى أنهم وصلوا لحالة هم أنفسهم رافضين التوبة. فالخطية أصبحت طبع لا يمكن إستئصاله كما لا يمكن تغيير لون الكوشى أو لون النمر. ولو سألت النمر هل تريد أن يتغير لونك ويصير لوناً واحداً بلا بقع لوجد اللون الواحد باهتاً. وهكذا من تعوَد الخطية يتصوَر الحياة بدون خطية بلا طعم وباهتة.


الإصحاح الرابع عشر

كتب النبى هذا الإصحاح بمناسبة القحط العظيم لندرة الأمطار وبدأ هذا فى نهاية حكم يوشيا وإستمر فى أيام يهوياقيم فالله يبدأ بتجارب بسيطة كمقدمة لألام عظيمة هذا إذا لم نستفيد من درس التجارب البسيطة. ولكن لو قدمنا توبة لإمتنعت الألام العظيمة.

الأيات 1-9 :- كلمة الرب التي صارت الى ارميا من جهة القحط. ناحت يهوذا و ابوابها ذبلت حزنت الى الارض و صعد عويل اورشليم. و اشرافهم ارسلوا اصاغرهم للماء اتوا الى الاجباب فلم يجدوا ماء رجعوا بانيتهم فارغة خزوا و خجلوا و غطوا رؤوسهم. من اجل ان الارض قد تشققت لانه لم يكن مطر على الارض خزي الفلاحون غطوا رؤوسهم. حتى ان الايلة ايضا في الحقل ولدت و تركت لانه لم يكن كلا. الفراء وقفت على الهضاب تستنشق الريح مثل بنات اوى كلت عيونها لانه ليس عشب. و ان تكن اثامنا تشهد علينا يا رب فاعمل لاجل اسمك لان معاصينا كثرت اليك اخطانا. يا رجاء اسرائيل مخلصه في زمان الضيق لماذا تكون كغريب في الارض و كمسافر يميل ليبيت. لماذا تكون كانسان قد تحير كجبار لا يستطيع ان يخلص و انت في وسطنا يا رب و قد دعينا باسمك لا تتركنا.
غالباً الآيات (1-6) نبوة للتحذير من القحط قبل وقوعه. لأن هذه الكلمات هى كلمة الرب التى صارت لإرمياء ثم فى الأيات (7-9) صلاة أرمياء لرفع الضيقة أو تكون هذه الأيات كلها هى صلاة أرمياء بدأت بالشكوى من قسوة القحط ثم طلب إلى الله لرفع هذه الغمة ويكون معنى كلمة الرب التى صارت لإرمياء. أن هذه الصلاة وضعها الرب فى فمه فكل صلاة حقيقية وضعها الله فى قلوبنا (رو26:8).
ولنلاحظ أن سبب عدم إستجابة الله لصلاة أرمياء، وصلاة الناس أنفسهم، وأن الله لم يعط مطراً مع كل هذه الصلوات، هذا راجع لأنهم يطلبون الخيرات الزمنية غير مبالين بحياتهم الأبدية، أى دون أن يقدموا توبة حقيقية. فلنصلى لكى نمتلىء بالروح (ورمزه المياه يو37:7-39) على أن نقدم توبة حقيقية.
وفى (2) أبوابها ذبلت = أبواب أسوار المدن هى أماكن إجتماع الرجال للحديث والقضاء، ومنها تأتى إمدادات الطعام، بل منها خرج الشعب ولم يعد بحثاً عن طعام فى أماكن أخرى. حزنت إلى الأرض = هذه إشارة إلى أردية الحزن السوداء الطويلة. غطوا رؤوسهم = علامة الرعب والحزن. وصعد عويل أورشليم = لأن السماء صارت نحاساً والأرض حديداً (تث23:28) أى لا خيرات بسبب تركهم الرب، وذلك ما حذرهم به موسى من قبل. وفى (4) الأرض قد تشققت = ولكن ألم يتركوا هم ينبوع المياه الحية وحفروا لأنفسهم أباراً مشققة لا تضبط ماء. وبسبب خطية الإنسان تُلعن الأرض، وها هى الحيوانات تتألم (6،5) قارن مع (رو22،20:8) تستنشق الريح = الفرا هو الحمار الوحشى، وهذا يحيا فى البرية، ومن العطش ها هو يلهث طالباً هواءً بارداً رطباً يستنشقه. وصلاة النبى عنهم هنا فيها إعتراف بالخطية وأنهم يستحقون ما هم فيه. ثم طلب مراحم اللله ليس عن إستحقاق بل من أجل مجد إسمك أى ليتمجد إسمك بمراحمك. والإسم يعنى سمة الشخص الأساسية (7). وفى (8) المسافر الذى يبيت فى فندق ليلة واحدة لا يهتم بأمور الفندق وأرمياء هنا يعاتب الله قائلاً أليست أورشليم هى بيتك، فلماذا تركت بيتك، لماذا صرت بالنسبة لأورشليم كمسافر فى فندق ما عاد يهتم به أى بأورشليم أو لماذا صارت أورشليم لك كفندق وليس بيتك الخاص الذى تهتم به. وكثيراً ما يبدو المسيح هكذا، كأنه غير مهتم:
1. إما لغضبه كما هى الحالة هنا.
2. أو ليزداد إيماننا كما كان نائماً فى السفينة، كما لو كان متغافلاً مع تلاميذه فى المركب أثناء العاصفة الخطرة لكنه أبداً ليس هكذا.
وفى (9) كلام أشد لهجة حتى يحث الله أن يتدخل ولكن لماذا يتدخل الله والدرس لم يأتى بثماره ولم يقدَم الناس توبة. فلابد أن نتعلم الدرس وراء كل تجربة تمر بنا ونتعلم ما يريده الله منا ولا نتوقف عند مجرد طلب الخلاص من التجربة. ولنلاحظ فى هذه الصلاة أننا فى صلواتنا يجب أن نهتم بمجد الله لا بأنفسنا.

أيات 10-16:- هكذا قال الرب لهذا الشعب هكذا احبوا ان يجولوا لم يمنعوا ارجلهم فالرب لم يقبلهم الان يذكر اثمهم و يعاقب خطاياهم. و قال الرب لي لا تصل لاجل هذا الشعب للخير. حين يصومون لا اسمع صراخهم و حين يصعدون محرقة و تقدمة لا اقبلهم بل بالسيف و الجوع و الوبا انا افنيهم. فقلت اه ايها السيد الرب هوذا الانبياء يقولون لهم لا ترون سيفا و لا يكون لكم جوع بل سلاما ثابتا اعطيكم في هذا الموضع. فقال الرب لي بالكذب يتنبا الانبياء باسمي لم ارسلهم و لا امرتهم و لا كلمتهم برؤيا كاذبة و عرافة و باطل و مكر قلوبهم هم يتنباون لكم. لذلك هكذا قال الرب عن الانبياء الذين يتنباون باسمي و انا لم ارسلهم و هم يقولون لا يكون سيف و لا جوع في هذه الارض بالسيف و الجوع يفنى اولئك الانبياء. و الشعب الذي يتنباون له يكون مطروحا في شوارع اورشليم من جرى الجوع و السيف و ليس من يدفنهم هم و نساؤهم و بنوهم و بناتهم و اسكب عليهم شرهم.
فى (10) يقول لهذا الشعب ولم يقل شعبى فالله رفضهم لكسرهم وصاياه. وهم لا ميل ولا رغبة لهم للرجوع = هكذا أحبوا أن يجولوا إذاً فإنحرافهم ناشىء عن ميلهم للخطية وسرورهم بها. هم لم يكونوا مضطرين بل هم أحبوا هذا. والخطية هى جولان الإنسان بعيداً عن الله وهذا يحرمه من إحسانات الله. وهم سمعوا بهذا وعرفوا عقوبة خطاياهم ولكنهم لم يمنعوا أرجلهم. ولذلك فالله لن يقبلهم ولن يقبل حتى محرقاتهم ولا حتى صلوات النبى عنهم (12،11) وفى (13) يحاول النبى أن يجد لهم عذراً بأن الأنبياء الكذبة قد خدعوهم ولكن الله يقول كلاهما سيهلك الخادع والمخادع (16،15) وسيأتى عليهم السيف علامة على كذب هؤلاء الأنبياء الذين قالوا لا سيف. ولكن قبل أن يأتى السيف فهناك علامة أخرى على كذب الأنبياء وهى قلوبهم التى إنعدم منها السلام فسلام القلب علامة على صدق النبوات لو إتبعناها. ولكن هم أحبوا كلمات الأنبياء الكذبة ولم يحبوا كلمات النبى أرمياء لأنهُ يدعوهم للتوبة وهذا ضد شهواتهم "أعمى يقود أعمى" (12) حين يصومون لا أسمع = فهناك أصوام غير مقبولة، وهذه هى أصوام من لا يقدم مع صومه توبة، بل يصوم وهو مُصَرْ على خطيته.

أيات 17-22 :- و تقول لهم هذه الكلمة لتذرف عيناي دموعا ليلا و نهارا و لا تكفا لان العذراء بنت شعبي سحقت سحقا عظيما بضربة موجعة جدا. اذا خرجت الى الحقل فاذا القتلى بالسيف و اذا دخلت المدينة فاذا المرضى بالجوع لان النبي و الكاهن كليهما يطوفان في الارض و لا يعرفان شيئا. هل رفضت يهوذا رفضا او كرهت نفسك صهيون لماذا ضربتنا و لا شفاء لنا انتظرنا السلام فلم يكن خير و زمان الشفاء فاذا رعب. قد عرفنا يا رب شرنا اثم ابائنا لاننا قد اخطانا اليك. لا ترفض لاجل اسمك لا تهن كرسي مجدك اذكر لا تنقض عهدك معنا. هل يوجد في اباطيل الامم من يمطر او هل تعطي السماوات وابلا اما انت هو الرب الهنا فنرجوك لانك انت صنعت كل هذه.
يستمر النبى فى شفاعته عن شعبه بالرغم من أن الله طلب منهُ أن يكف عن ذلك ربما لأنه أحس أن الله لم يحرَم عليه ذلك بل هو لا يشجعه على الصلاة من أجلهم. وهو هنا يبكى على خراب أورشليم بتوجيه من الله حتى يؤثر فى سامعيه ويشعروا بالمصيبة القادمة وفى (17) يتكلم ويبكى كأنه رأى هذه المصيبة القادمة على العذراء بنت شعبى = فهى عزيزة علىَ كأنها بنتى. وفى (18) الكاهن والنبى لا يعرفان شيئاً وفقد حدث لهم عمى روحى ولم يعد الروح القدس يكشف لهم شىء بسبب إنغماسهم فى الخطية فلا شركة للنور مع الظلمة وفى (21) يصلى النبى للرب حتى لو أحزنتنا لا ترفضنا للنهاية، ولو كانت يدك علينا فلا تجعل قلبك يستدير ضدنا. ولا تهن كرسى مجدك = حتى لا تقول الشعوب أنه غير قادر على خلاصنا وفى (22) يتشفع من أجل مسألة المطر التى يحتاجونها الأن. فهو إله الطبيعة المسيطر عليها.


الإصحاح الخامس عشر

أية (1) :- ثم قال الرب لي و ان وقف موسى و صموئيل امامي لا تكون نفسي نحو هذا الشعب اطرحهم من امامي فيخرجوا.
رفض الله لشفاعة النبى بل وشفاعة موسى وصموئيل. وموسى بشفاعتة أنقذ الشعب فى البرية من أن يدمَره الله وصموئيل نجد إستجابة الله لهُ مثلاً فى (1صم9:7). وهذه الأية هى من الأيات التى تثبت رأى كنيستنا فى الشفاعة فبالرغم من أن الله هنا لم يستجب للنبى وهو لن يقبل شفاعة موسى وصموئيل، إلا أن قول الله هذا لا يشير لعدم قبوله لشفاعتهم فهو قبلها سابقاً ولكن يشير أن حالة الشعب أصبح ميئوساً منها. والله يُكرِمْ الذين يكرموه. ومعلمنا يعقوب يطلب "صلوا بعضكم لأجل بعضً" وربما يتعلل البعض بأن هذه الأية للأحياء وليس للقديسين الذين إنتقلوا ولكن الله إله أحياء وليس أموات (مت32:22).

أيات 2-9 :- و يكون اذا قالوا لك الى اين نخرج انك تقول لهم هكذا قال الرب الذين للموت فالى الموت و الذين للسيف فالى السيف و الذين للجوع فالى الجوع و الذين للسبي فالى السبي. و اوكل عليهم اربعة انواع يقول الرب السيف للقتل و الكلاب للسحب و طيور السماء و وحوش الارض للاكل و الاهلاك. و ادفعهم للقلق في كل ممالك الارض من اجل منسى بن حزقيا ملك يهوذا من اجل ما صنع في اورشليم. فمن يشفق عليك يا اورشليم و من يعزيك و من يميل ليسال عن سلامتك. انت تركتني يقول الرب الى الوراء سرت فامد يدي عليك و اهلكك مللت من الندامة. و اذريهم بمذراة في ابواب الارض اثكل و ابيد شعبي لم يرجعوا عن طرقهم. كثرت لي اراملهم اكثر من رمل البحار جلبت عليهم ام الشبان ناهبا في الظهيرة اوقعت عليها بغتة رعدة و رعبات. ذبلت والدة السبعة اسلمت نفسها غربت شمسها اذ بعد نهار خزيت و خجلت اما بقيتهم فللسيف ادفعها امام اعدائهم يقول الرب.
هذه أيات مؤلمة نرى فيها نتيجة غضب الله بسبب الخطية. وربما أشار لمنسى الملك فهو قضى فترة طويلة فى الملك ونشر فساده ونتيجة عمله مازالت باقية. وقوله منسى إبن حزقيا يضاعف خطيته فهو إبن ملك قديس. والضربات المذكورة هنا سبق وحذرهم منها موسى فى (تث15:28-28) وهى نفسها التى تكلم عنها حزقيال فى إصحاح (14) وفى (5) من يهتم بأورشليم إذا كان الرب قد رفضها ومن يستطيع أن يعزيها حينئذ. وفى (6) مللت الندامة = أى تقديم توبة مؤقتة يعقبها إرتداد ثم توبة ثم إرتداد، هذه طرق خائنة يرفضها الرب، هذه ليست ندامة قلبية ولا توبة صادقة. هم مترددين بين الدعاء لله بسبب الكوارث التى هم فيها وبين قلبهم الميال للخطية. وفى (7) وصف للتشتت الذى يصيبهم. وفى (9،8) أم الشبان ووالدة السبعة = قد تعنى أنه حتى الأم التى لها أولاداً كثيرين لن يخلصوها فى الشدة القادمة وقد تعنى أورشليم التى كان لها أولاداً كثيرين، رمزاً لقوتها وفرحها وهاهى تفقد الجميع وتصبح كأرملة حزينة بلا زوج وبلا أبناء. فقد أسلمها الله ليد نبوخذ نصر الذى جاء ليس كلص فى الليل يهاجم خائفا بل عدواً قوياً= ناهباً فى الظهيرة. ورقم 7 هو رقم كامل لذلك فأم الشبان والدة السبعة تشير لأورشليم بشبانها، وهؤلاء الشبان سيشتتهم الله كقش تبعثره الريح = أذريهم بمذراة. فى أبواب الأرض = هى أبواب بابل، فى مقابل أبواب أورشليم مدينة الله السماوية.

تعليق وتأمل فى الأيات السابقة
لقد ظن أرمياء أن الله لا يقبل صلاته عن أورشليم لعيب فيه، ولكن الله يقول لهُ أبداً، حتى وإن وقف أمامى موسى وصموئيل لن أعفو، فموقف الله الذى أراد أن يشرحه لأرمياء، أنه رافض للشعب وليس رافضاً لصلاته هو، وذلك بسبب خطاياها البشعة ولنرى نتائج رفض الله لشعبه:
1. من يشفق عليك ومن يعزيك (5) الله وحده هو من يملأ القلب سلاماً. وهذا هو سبب كثرة حالات الإنتحار فى أغنى دول الغرب، لأنهم فقدوا علاقتهم بالله المعزى.
2. يعيشوا فى قلق (4) فالله وحده هو الذى يعطى السلام (غل23،22:5).
3. الموت = بالسيف.
4. المهانة = فالكلاب تسحب الشخص، لأنه هو الذى إختار أن يتمرغ فى تراب العالم.
5. المجاعة = جسدياً وروحياً ونفسياً.
6. السبى أى العبودية لإبليس ورمزه هنا بابل (راجع أيات3،2).
ولاحظ ما هو وراء كل ذلك.. أنت تركتنى (6) فالذنب ليس ذنب أباءهم فقط، بل ذنبهم أيضاً. لقد إرتدوا هم أيضاً إلى الوراء = مثل إمرأة لوط، أى عادوا يشتهون الشر بعد أن تركوه. وعودتهم للشر = عودة الخنزير لمراغة الحمأة (2بط22:2). وفى هذا إنفصال عن الله، وراجع نتائج هذا الإنفصال.

أيات 10-14 :- ويل لي يا امي لانك ولدتني انسان خصام و انسان نزاع لكل الارض لم اقرض و لا اقرضوني و كل واحد يلعنني. قال الرب اني احلك للخير اني اجعل العدو يتضرع اليك في وقت الشر و في وقت الضيق. هل يكسر الحديد الحديد الذي من الشمال و النحاس. ثروتك و خزائنك ادفعها للنهب لا بثمن بل بكل خطاياك و في كل تخومك. و اعبرك مع اعدائك في ارض لم تعرفها لان نارا قد اشعلت بغضبي توقد عليكم.
هذا حديث بين النبى وإلهه يكشفه النبى لشعبه لعلهم يفهمون. والنبى هنا يبدأ بشكوى من الألام التى يقابلها فصار إنسان نزاع لكل الأرض = الكل ضده ولا أحد يقبل كلامه. هو يتكلم معهم بالسلام أما هم فقد قالوا وفعلوا ضده الكثير حتى يمنعوه من أن يؤدى رسالته. وهذا طبيعى لكل من يخدم بأمانة. وهم حاولوا تلويث سمعته. مع أنه حين دعاه الله حرر نفسه من كل المعاملات المالية والإهتمامات المادية فلم يقرض مالاً ولم يقترض منهم فالمعاملات المالية عادة توجد مشاكل. وهو إهتمَ فقط ووضع قلبه فى خدمته فقط وزهد فى كل شىء وبالرغم من كماله فإن شعبه وأيامه كانوا أشراراً ولعنوه = كل واحد يلعننى وفى (11) الله يطمئنه أنه سيمر فى العاصفة بسلام. فبالرغم من أن الكل تركه لكن الله يقف بجانبه. وقد تكون إجابة الله رداً على تساؤل من النبى. إذا كان أهلى فعلوا بى هذا فماذا سوف يفعل بى هذا العدو المنتظر؟ وهنا الله يطمئنه من ناحية هذا العدو ولنثق أن الكل فى خدمة الله فلا نخاف إنسان. ولنطمئن فحين تأتى المصائب قد يكون فيها خير عما هو موجود الأن. وهذا حدث فعلاً وعامله الأعداء الكلدانيين معاملة حسنة كريمة جداً (12،11:39) ثم يتوجه الله بكلامه للشعب فى (12-14) ففى (12) الله أقام أرمياء عمود حديد (18:1) بل حديد من الشمال وهو أصلب أنواع الحديد. وأقامه أسوار نحاس لا يستطيع عدوه أن يضره بشىء فهم لو كانوا فى قوتهم حديداً لن يستطيعوا أن يكسروا حديد الشمال ولا أن يفتحوا أسوار النحاس. وسيكون جيش بابل كالحديد الذى من الشمال فيكسركم وينهبكم وكل ثرواتكم (13) وتذهبون للسبى (14) ولاحظ أن النبى الفقير لم يطمع فيه أحد. لكن هم الأغنياء كانوا فريسة للأعداء. بل كانوا فريسة سهلة بلا ثمن فهم ليس لديهم أسوار نحاس.
ويل لى يا أمى = لماذا ولدتنى يا أمى فى هذا العالم، هل لأصير مرفوضاً من الجميع.
إنسان نزاع لكل الأرض = بالنسبة لأرمياء فكل الأرض هم اليهود، ولكن أرمياء يرمز للمسيح الذى رفضه الجميع، وحتى الأن فالمسيحية مرفوضة وموضع نقد، وكما رفضوا المسيح رفضوا كنيسته.
حديد الشمال = قد يفهم أنه بابل الأتية من الشمال، فإن ظنت يهوذا نفسها حديداً، فلن تستطيع أن تكسر نير بابل. ومن يبتعد عن الله يأخذ ثرواته (مادية وروحية) (مت29:25).

الأيات 15-21 :- انت يا رب عرفت اذكرني و تعهدني و انتقم لي من مضطهدي بطول اناتك لا تاخذني اعرف احتمالي العار لاجلك. وجد كلامك فاكلته فكان كلامك لي للفرح و لبهجة قلبي لاني دعيت باسمك يا رب اله الجنود. لم اجلس في محفل المازحين مبتهجا من اجل يدك جلست وحدي لانك قد ملاتني غضبا. لماذا كان وجعي دائما و جرحي عديم الشفاء يابى ان يشفى اتكون لي مثل كاذب مثل مياه غير دائمة. لذلك هكذا قال الرب ان رجعت ارجعك فتقف امامي و اذا اخرجت الثمين من المرذول فمثل فمي تكون هم يرجعون اليك و انت لا ترجع اليهم. و اجعلك لهذا الشعب سور نحاس حصينا فيحاربونك و لا يقدرون عليك لاني معك لاخلصك و انقذك يقول الرب. فانقذك من يد الاشرار و افديك من كف العتاة.
عاد النبى ليشتكى أنه بالرغم من كماله أمام الله فالإضطهاد مستمر ويزيد. ولكن شكوانا لله فى الصلاة تعطى تعزية، أما الخطأ الشائع أننا نشتكى للناس الذين هم يعانون مثلنا ولا يهتمون حقيقة بنا وليس لديهم حل لمشكلتنا وغير قادرين أن يعطونا العزاء وهذا كلهُ نجده عند الله. وهنا هو يطلب فى (15) من الله أن ينتقم من أعدائه بل يطلُبْ من الله أن لا يطيل أناته فى الإنتقام، فهو مجروح ويقول لله إعرف إحتمالى العار لأجلك. وهذه الطلبة نرددها كثيراً كبشر حين يظلمنا إنسان فنتمنى أن ينتقم منه الله مباشرة. فطرق الله تختلف عن طرق الإنسان. فلو أهلك الله كل خاطىء فوراً لكنت أنا وأنت أول الهالكين. ولننظر كيف إنتقم الله من شاول الطرسوسى ومن الدولة الرومانية التى سفكت دماء القديسين الشهداء فتحول شاول لبولس الرسول العظيم والدولة الرومانية تحولت للمسيحية. فعلينا أن نصبر أمام الله. وفى (16) هو وَجَدَ كلام الله وكتابه حلواً فكأنه أكله وكان كطعام لشخص جوعان فهضمه وتحوَل لدماء وحياة (هكذا قال أيضاً داود وحزقيال ويوحنا فى الرؤيا). وقد يكون كلام الله الذى أكله إشارة لخدمته لله حين دعاه للخدمة فبالرغم من صعوبة عمله لكنه وجده مفرحاً أن يشهد لله. بل كانت خدمة الله بالنسبة لهُ طعامهُ وشرابهُ (يو34:4) فهو سعيد بأن الله يستخدمه لمجد إسمه. وفى (17) كما قال سابقاً أنه مات بالنسبة لثروات العالم فهو هنا يعبَر عن موته عن أفراح العالم والأصدقاء بل لأن الأصدقاء تجنبوه وكرهوه جلس وحده بلا صديق. وهذا ملأهُ غضباً. فلماذا بينما هو أمين لله يجد نفسه مرذولاً هكذا. وفى (18) مازال يشكو ألامه من الناس وفشله فى خدمته فلا أحد يسمع لهُ، ويشتكى من جروح نفسه وأن الله لم يشفيه منها. وهو هنا يتصوَر تصوراً خاطئاً أن الله لم يرحمه ولم يفى بوعده. ولكن ما السر فى أنه لا يحس بالتعزية، هل حقاً الله لا يريد أن يعزيه؟ نجد الإجابة فى الكلمات القاسية التى وجهها إلى الله وهى أصعب كلمات وجهها لله " أتكون لى مثل كاذب مثل مياهٍ غير دائمة " ومن هنا نكتشف ان الله كان لهُ كمياه فى بعض الأحيان أى كان يعطيه تعزيات وفى بعض الأحيان لا يجد هذه التعزيات والسبب نكتشفه هنا. راجع لروح الصراع مع الله وعدم القبول أن يخضع لنير الله وهو إن فعل لوجَدَه هين ولإمتلأ بالتعزيات ولكن رفضنا الدائم لأحكام الله وشجارنا معهُ حول أحكامهُ يفقدنا هذه التعزيات فنظن انه لنا مثل كاذب. إذاً المشكلة هى فينا وليست فى الله. لن نشعر بأن الحمل خفيف ونشعر بالتعزية إن لم نخضع ونتحمل ونسلم الأمر تماماً لله ولا نتعارك معهُ. ولكن الله الحنون الذى يعرف ضعف طبيعتنا لم يرفض أرمياء بعد هذا القول القاسى فهو يعرف قلبه ومحبته وفى (19) يقول لهُ إن رجعت أرجعك = بمعنى إن إمتنعت عن الخصام معى تعود لحالتك الأولى ويعود سلامُك وتعزياتك وتكون نبياً لى وتكون فماً لى فقط ميَز بين الثمين والمرزول = بين ما أضعهُ أنا فى فمك وعقلك وقلبك من كلمات وتعزيات وبين ما يزرعهُ الشيطان فى قلبك من تشكيك ويأس. وسيأتى لك هذا الشعب تائباً ولكن أنت لا تذهب إليهم يائساً إلى طرقهم الشريرة. وتكون سور نحاس فلا يقدرون هم عليك وأنقذك (21،20) وهذه الأيات (21،20) هى تكرار للأيات 19،18:1. فبعد أن تصادم أرمياء مع الله، رجع إلى الله، فأعاد الله لهُ درجته، بل أعلى ففى إصحاح (1) نسمع قول الله له ها قد جعلتُ كلامى فى فمك (9:1) أما هنا فنسمع قول الله "فمثل فمى تكون" والسبب فى إرتفاعه هو قبوله الصليب، وبهذا يصير شريكاً للمسيح فى صليبه، ومن يتألم مع المسيح يتمجد مع المسيح (رو17:8). وقول الله له أنه سيكون حديداً و نحاساً، ربما أساء النبى فهمه، فظن أنه لن يتعرض لأى هجوم وهذا غير صحيح، فالمسيح نفسه تعرض لكل أنواع الإهانات، فلماذا لا نقبل أن نهان لأجل إسمه، ومعهُ، ونتيجة فهم أرمياء الخاطىء إمتلأ غضباً مما كان يلاقيه على يد الأشرار (أية 17) وهذا لأنه ظن أن الله لم يفى بوعده. ولكن لنفهم معنى الحديد والنحاس، لنسمع أية (16) لنرى تعزيات الله لأرمياء. فالله يسمح بإهانة خدامه ولكنه:
1. يعطيهم تعزيات.
2. لا يستطيع أحد أن يضرهم إلا بسماح منه (يو11:19).
3. هو يحفظ حياتهم حتى ينهوا أعمالهم.
4. ألام أرمياء صارت شركة صليب يستحق عليها شركة المجد. بل صار أرمياء رمزاً للمسيح فى ألامه وأحزانه.
ولاحظ إن رجعت أرجعك = مكانك محفوظ لك، لكن كف عن المخاصمة مع الله وإرجع لعملك لتميز الثمين من المرذول = فخدمة أرمياء ستجذب النفوس المستعدة للتوبة = الثمين.


الإصحاح السادس عشر

الأيات 1-9 :-ثم صار الي كلام الرب قائلا. لا تتخذ لنفسك امراة و لا يكن لك بنون و لا بنات في هذا الموضع. لانه هكذا قال الرب عن البنين و عن البنات المولودين في هذا الموضع و عن امهاتهم اللواتي ولدنهم و عن ابائهم الذين ولدوهم في هذه الارض. ميتات امراض يموتون لا يندبون و لا يدفنون بل يكونون دمنة على وجه الارض و بالسيف و الجوع يفنون و تكون جثثهم اكلا لطيور السماء و لوحوش الارض. لانه هكذا قال الرب لا تدخل بيت النوح و لا تمض للندب و لا تعزهم لاني نزعت سلامي من هذا الشعب يقول الرب الاحسان و المراحم. فيموت الكبار و الصغار في هذه الارض لا يدفنون و لا يندبونهم و لا يخمشون انفسهم و لا يجعلون قرعة من اجلهم. و لا يكسرون خبزا في المناحة ليعزوهم عن ميت و لا يسقونهم كاس التعزية عن اب او ام. و لا تدخل بيت الوليمة لتجلس معهم للاكل و الشرب. لانه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل هانذا مبطل من هذا الموضع امام اعينكم و في ايامكم صوت الطرب و صوت الفرح صوت العريس و صوت العروس.
لإظهار حجم الكوارث القادمة مُنِعَ النبى من أن يكون لهُ بيتاً خاصاً ولا أسرة، وهذا ما دعا إليه بولس الرسول أيضاً (1كو26:7). ولا يذهب لبيت النوح أى يشترك فى مناسبات العزاء إذا مات إنسان أو مناسبات الفرح. فلأن الشعب لم يهتم بكلام النبى فها هو يؤكَد كلامه بأفعاله لعلهم يصدقون. وما يفعله هنا كأنه يرى البلد فى خراب تام قادم سريعاً جداً وليظهر أمام الناس أنه مقتنع بهذا جداً مُنِع النبى أن يشترك فى الحياة العادية من أفراح وأحزان. فهؤلاء الخدام الذين يريدون أن يقنعوا الأخرين بشىء عليهم أن يتحملوا شيئاً لإظهار صدق كلامهم. فلن نستطيع أن نقنع الأخرين بأن هذا العالم ليس لهُ قيمة إن لم نمارس هذا فعلاً. وكون أن الإنسان لا يكون لهُ عائلة فى كارثة مثل هذه الكارثة القادمة يجعل الهروب سهلاً. وكيف يحتمل أن يكون لهُ أبناء وهو يَعْلَمْ ماذا سيحدث للأبناء فى (4،3) ولماذا يذهب لبيت ميت ليعزى أهله ُ والله إمتنع أن يعزيهم = لأنى نزعت سلامى. وفى أية 4 :- ميتات أمراض = ميتات ناشئة عن أمراض مصاحبة للمجاعة (5) بل إن من مات لهو أسعد حالاً فلن يرى الضيقات القادمة. وهو وَجَدَ من يدفنه ولكن من يموت أيام هذه الكارثة لن يجد من يدفنه وهو يجب أن لا يشترك فى أحزانهم لأن حزنه على الخراب العام لبلده يجب ان يبتلع حزنه على فرد واحد. وفى (6) يصوَر الموت وقت المأساة فلا أحد يحزن على أخر، يكفيه مصيبته وفى (9،8) كيف يشترك فى فرح هو يعلم أن الكل فيه عريس وعروس ومدعوَين سيهلكون قريباً وكيف يذهب ليأكل ويشرب ويفرح وهو ينادى بصوم ومسوح ليرحمهم الرب من الأتى.

الأيات 10-13 :- و يكون حين تخبر هذا الشعب بكل هذه الامور انهم يقولون لك لماذا تكلم الرب علينا بكل هذا الشر العظيم فما هو ذنبنا و ما هي خطيتنا التي اخطاناها الى الرب الهنا. فتقول لهم من اجل ان اباءكم قد تركوني يقول الرب و ذهبوا وراء الهة اخرى و عبدوها و سجدوا لها و اياي تركوا و شريعتي لم يحفظوها. و انتم اساتم في عملكم اكثر من ابائكم و ها انتم ذاهبون كل واحد وراء عناد قلبه الشرير حتى لا تسمعوا لي. فاطردكم من هذه الارض الى ارض لم تعرفوها انتم و لا اباؤكم فتعبدون هناك الهة اخرى نهارا و ليلا حيث لا اعطيكم نعمة.
من ظلمة الخطية وظلمة القلب بسبب الخطية يتساءل الناس فما هو ذنبنا؟ بينما أن قديس عظيم مثل بولس الرسول يقول "الخطاة الذين أولهم أنا" وهؤلاء أباءهم أخطأوا وهم مستمرين فى نفس الخطية بلا توبة بل هم أساءوا أكثر من أبائهم (12) ولأنهم أحبوا الألهة الغريبة فليذهبوا كمسبيين لأرض هذه الألهة (13) ويتركوا هذه الأرض. هذه الآية شرح لقول الرب "أفتقد ذنوب الآباء فى الأبناء حتى الجيل الثالث والرابع".

أيات 14-21 :- لذلك ها ايام تاتي يقول الرب و لا يقال بعد حي هو الرب الذي اصعد بني اسرائيل من ارض مصر. بل حي هو الرب الذي اصعد بني اسرائيل من ارض الشمال و من جميع الاراضي التي طردهم اليها فارجعهم الى ارضهم التي اعطيت اباءهم اياها. هانذا ارسل الى جزافين كثيرين يقول الرب فيصطادونهم ثم بعد ذلك ارسل الى كثيرين من القانصين فيقتنصونهم عن كل جبل و عن كل اكمة و من شقوق الصخور. لان عيني على كل طرقهم لم تستتر عن وجهي و لم يختف اثمهم من امام عيني. و اعاقب اولا اثمهم و خطيتهم ضعفين لانهم دنسوا ارضي و بجثث مكرهاتهم و رجساتهم قد ملاوا ميراثي. يا رب عزي و حصني و ملجاي في يوم الضيق اليك تاتي الامم من اطراف الارض و يقولون انما ورث اباؤنا كذبا و اباطيل و ما لا منفعة فيه. هل يصنع الانسان لنفسه الهة و هي ليست الهة. لذلك هانذا اعرفهم هذه المرة اعرفهم يدي و جبروتي فيعرفون ان اسمي يهوه.
فى هذه الأيات تمتزج رحمة الله مع أحكامه ضدهم للتأديب. ويبدو واضحاً أنها تشير لأيام الإنجيل. فبعد أن تكلم عن السبى فى (13) هاهو يبشر بالخبر السار وهو الرجوع من السبى (15،14) بل سيكون رجوعاً أعظم. فسبيهم فى بابل كان على يد متوحشين ليس مثل المصريين. وعبوديتهم فى مصر جاءت تدريجية أما فى بابل فالسبى كان شديداً من أول يوم. بل أن خروجهم من بابل ستكون مراحم حديثة للرب تذكرهم بخروجهم من مصر وأن الله مازال يذكرهم. وعلينا نحن أن نقول المجد لك يا رب يا من بصليبك أنقذتنا من يد إبليس.
(فالخلاص العظيم فى (14) هو الخلاص بالمسيح الذى كان الخلاص من بابل رمزاً لهُ لكن هناك معنى مباشر لـ17،16 فبابل والرومان هم الجزافين الذين سيعاقبون يهوذا على إثمها الأن).
وفى (16) وعد أخر بتجميعهم أينما كانوا لأرضهم وسيستخدم الله القانصين (صيادى الوحوش على البر) والجزافين (صيادى السمك فى الماء) اى سيأتى بهم لأرضهم سواء من فى البر أو البحر أى من كل مكان فى العالم. وهذا تمَ فى أيام كورش ملك الفرس الذى أطلق نداء فى المملكة لكل يهودى أن يرجع لبلده. وفى زربابل ورفاقه أو أى وسيلة يستخدمها الرب ليحرك قلوبهم فيعودون لبلادهم وفى (18،17) الله يعرف ويرى خطاياهم وهو سيعاقبهم ضعفين ليس بالنسبة لما يستحقون فالله لا يعاقب إلا بالعدل ولكن ضعفين بالنسبة لما سبق أو لما يتوقعون والمعنى أنه سيعاقب بشدة أولاً ثم يجىء الخلاص وهذا تم على يد الكلدانيين. وفى (19-21) سيعترفون بان الله هو الإله الواحد عزهم وملجأهم فهم سيأتوا تائبين بعد هذه الضيقة.
وفى (19) الأمم أيضاً سيأتون من أطراف الأرض وسيؤمن اليهود أيضاً ليس الكل ولكن بعضاً منهم لذلك يسبحَ النبى أمام هذا الخلاص "يا رب عزى وحصنى" والأمم سيعرفون ضلال أوثان أبائهم وكذبها وأنهم هم صنعوها. هذا هو خلاص المسيح للعالم كله أما القانصين والجزافين هم "صيادى الناس" يصطادونهم للإيمان بالمسيح. وهذه تشير أيضاً لإيمان اليهود بالمسيح فى الأيام الأخيرة، حين يكتشفون أن أبائهم قد أورثوهم كذباً بإنتظار مسيح اخر. والجزافين أى صيادى السمك فيها نبوة عن تلاميذ المسيح الذين كانوا صيادى سمك فجعلهم المسيح صيادى ناس. وهناك تأمل بأن صيادى السمك هم خدام كنيسة المسيح يجذبوا النفوس للكنيسة والقانصين الملائكة الذين يأخذون نفوس المنتقلين الذين يجدونهم يحيون فى السماويات (جبل/ أكمة) أو ثابتين فى المسيح (الصخر).


الإصحاح السابع عشر

الأيات 1-4 :- خطية يهوذا مكتوبة بقلم من حديد براس من الماس منقوشة على لوح قلبهم و على قرون مذابحكم. كذكر بنيهم مذابحهم و سواريهم عند اشجار خضر على اكام مرتفعة. يا جبلي في الحقل اجعل ثروتك كل خزائنك للنهب و مرتفعاتك للخطية في كل تخومك. و تتبرا و بنفسك عن ميراثك الذي اعطيتك اياه و اجعلك تخدم اعداءك في ارض لم تعرفها لانكم قد اضرمتم نارا بغضبي تتقد الى الابد.
هم سألوا ما ذنبنا سابقاً والإجابة هنا أن خطيتهم محفورة فى قلوبهم لا يمكن أن تمحى وستكون شاهدة عليهم وشاهد آخر ضدهم هو قرون مذابحهم الوثنية التى رشوا عليها دماء ذبائحهم الوثنية. ومعنى أن خطيتهم محفورة فى قلوبهم بقلم من حديد برأس ماس أى أصلب شىء أنهم متأثرين بها جذرياً عزيزة عليهم. هكذا نقول للشىء العزيز علينا أنه محفور فى قلوبنا وفى (2) هم يحبون مذابحهم ويذكرونها كمحبة أبنائهم فكما أن الأم لا تنسى رضيعها هكذا هم لا يستطيعون ان ينسوا مذابحهم الوثنية وفى (3) يا جبلى فى الحقل أى أورشليم فهى مبنية على تل، وسط أرض منبسطة فهى جبل الله. ولكن الأعداء سينهبون كل ثرواتها فكل ما يخصص للخطيئة يفسد. والخطية تحرمنا من الفرح الذى يعطيه الله لنا وفى (4) وتتبرأ وبنفسك عن ميراثك = أنا أعطيكم الميراث لكن أنتم المسئولين عن ضياعه منكم بل هم جلبوا على انفسهم العبودية فى أرض غريبة. والتوبة وحدها تبطل نار غضب الله.

الأيات 5-8 :- هكذا قال الرب ملعون الرجل الذي يتكل على الانسان و يجعل البشر ذراعه و عن الرب يحيد قلبه. و يكون مثل العرعر في البادية و لا يرى اذا جاء الخير بل يسكن الحرة في البرية ارضا سبخة و غير مسكونة. مبارك الرجل الذي يتكل على الرب و كان الرب متكله. فانه يكون كشجرة مغروسة على مياه و على نهر تمد اصولها و لا ترى اذا جاء الحر و يكون ورقها اخضر و في سنة القحط لا تخاف و لا تكف عن الاثمار.
بائس من يعتمد على الإنسان. فأى إنسان مهما كان هو قصبة مكسورة. وهذا يعتبر خطية لماذا؟ لأن الإنسان أداة فى يد الله. والإنسان لا يزيد عن كونه جسد بلا قوة وهو يموت وهو أيضاً خاطىء. فكيف يتكل إنسان على إنسان أخر اليوم ثم يجده غداً ميتاً، ثم كيف يتكل على إنسان قلبه يتغير، يحب اليوم ويكره غداً. إذاً هذه الخطية فيها إنحراف عن الله الذى هو مصدر كل خير وهو القوى وهو الذى لا يتغير وحده. وطبيعى فمن يضع إتكاله على أحد غير الله يحيد عن الله فدائماً العيان أسهل من الإيمان. والكنيسة كانت قوية أيام الإستشهاد لكن بعد أن تحوَل الملوك للمسيحية وساندوا الكنيسة ضعفت الكنيسة لأنها للأسف إتكلت على حماية الملوك لها وفى (6) يعطى مثالاً لمن يفعل ذلك بنبات العرعر = وهو نبات صحراوى تافه (يسمى الخلنج) ينبت فى الأرض القاحلة المملحة ويكون ضعيفاً فاقد الحيوية وسريعاً ما يجف ويموت كالقش الجاف. وهذا يشبه الإنسان المنفصل عن الله فهو يشرب من لذات العالم (وهى كالماء المالح، والعالم كالبرية، فهذا الإنسان يكون كميت (جاف روحياً) فلا يشعر بالبركة الروحية). وحينما يأتى الخير لن يشارك فيه. هكذا أيضاً كل من يثق فى بره وليس فى عمل نعمة المسيح. أما من يكون إتكاله على الله فله خيرات وفيرة. وما علينا هو أن نقوم بواجبنا نحو الله وهو يحملنا فى عملنا. ولا نعود نخاف من كل من يحاول أن يخيفنا أو
يعوَق عملنا وهذا الإنسان يشبه شجرة قوية ثابتة لها جذور متأصلة وهذه تستطيع أن تسحب كميات وفيرة من العصارة (8) وهذا عكس العرعر بلا عصارة. فمن يتكل على الله يكون لهُ سلام عجيب وفرح. ولو أتى عليها الحر لن يدمرها لأن مصدرها المائى فى جذورها وجذورها عميقة. هذا هو السبب فى أن المسيحية لا يمكن أن نحياها بالشكليات والممارسات الجافة بل بالدخول إلى العمق. هذه الشجرة المغروسة على المياه لا ترى إذا جاء الحر = أى لا تخاف منه فى ترجمة أخرى. ولن تفشل إذا جاءت التجارب = الحر. بل تزداد تعزيتها وتنمو دائماً وهى دائمة الإخضرار. هى فى فرح دائم وشكلها يُسر من ينظر إليها. هذا عكس العرعر يسكن فى برية جافة = بادية وحرارتها شديدة = يسكنُ الحرَة (العالم بألمه) والأرض مملحة (العالم بملذاته) = سبخة. ومن يشرب من هذا الماء المملح يعطش. وهى غير مسكونة = فمن إتكل على الناس مهما كانوا كثرة سيشعر بالوحدة فإذا كان الله نبع الماء الحى موجوداً، فلماذا نذهب للأبار المشققة؟.

الأيات 9-11 :- القلب اخدع من كل شيء و هو نجيس من يعرفه. انا الرب فاحص القلب مختبر الكلى لاعطي كل واحد حسب طرقه حسب ثمر اعماله. حجلة تحضن ما لم تبض محصل الغنى بغير حق في نصف ايامه يتركه و في اخرته يكون احمق.
فى (9) خطأ وخطير أن نتكل على الإنسان فقلبه كله خطية وخَدَاَع. هو يظن نفسه دائماً على حق. بل يظن الشر صلاح والصلاح شر. فهو يخدع صاحبه. وقد يصوَر القلب للإنسان أن الله غير موجود أو أنه لا يرى أو أن سلامه مستمر حتى لو إستمر فى أخطائه. وماذا يكون مصير الإنسان إذا كان قلبه وهو الشمعة التى فيه لتقوده ظلاماً. فإذا كنت غير قادر على الإعتماد على قلبى فكيف أعتمد على قلوب الأخرين. ولكن الله يعرف القلوب فهو يفحص كل شىء ويحكم على كل شىء فلنقف فى خوف أمام الله ولا نخدع أنفسنا باننا صالحين. لا أحد يعرف نجاسة القلب من يعرفه سوى الله فاحص القلوب (10). وهناك سبب أخر يخدع الإنسان أن تكون لهُ ثروة يعتمد عليها. ولذلك إشتهرت يهوذا بخطية جمع المال بالظلم. لذلك يقول لهم الله أن ما جمعوه سيذهب عنهم فجأة أو هم يذهبون عنه فجأة " يا غبى فى هذه الليلة.... فثروة نابال لم تنفعه. ومن يضع قلبه على ثروته يشبه الحجلة = (الحجلة تتعب فيما ليس لها ثم تكتشف فى النهاية أنها سلكت بحماقة) هى نوع من الطيور إشتهر بأنه يحضن بيضاً ليس بيضه (أى15:39) ولكنه لا يفقس، وهو إما يُكسر أو يُسرق أو يفسد. واليهود كانوا يعرفون هذا النوع من الطيور وكان يسكن وسطهم. إذاً نجد فى هذه الأيات نوعان من الخداع القلبى أولهما أن يكون إتكال الإنسان على إنسان آخر (أو حتى ذاته) وثانيهما أن يكون إتكاله على ماله وثروته فيطلب زيادتها بأى وسيلة. أما نحن فليكن إتكالنا على الله وحده.

ملحوظة:-
خداع القلب: الجنس البشرى خُلق على صورة الله ولكنه تشوه بالخطيئة. ولو رجع كل واحد لقلبه لإكتشف الفساد الذى فى داخله وأن الغرائز التى فينا تثور ضد إرادة الله. ولقد إستعمل العبرانيون كلمة قلب بمعنى مركز العواطف والتفكير والإرادة. هو القوة المركزية التى تحرك الإنسان وهكذا كل الشرقيون. ونسبوا لهُ كل دافع داخلى فى الإنسان (أش7:10) فسنحاريب يفتكر بقلبه. وهناك أيضاً صوت الضمير وينسب للقلب أيضاً. والشيطان يضع أفكاره داخل الإنسان أيضاً فيصبح مصدرها القلب. ولنا الأن صوت الروح القدس كمؤمنين ولكن!! لأن الإنسان بسقوطه أصبح ميالاً للخطية فهو أكثر إنحيازاً لصوت الشيطان المخادع المضلل. وهكذا يخدع قلب الإنسان صاحبه لذلك يستحق المراقبة الدائمة فهو أشَر المخادعين. ونتاج مرض القلب هذا هى:
1. عمى البصيرة:- الذى هو من خصائص الخطية. وهذا يجعل الإنسان المريض أى الخاطىء يعرف أنه خاطىء. فإسرائيل تسأل ما هى خطيتى حتى يضربنى الله بالرغم من كل خطاياها.
2. حين تتسلل الخطية نتيجة العمى تستعبد الإنسان.
3. النتيجة التالية هى الموت. والكلمة "نجيس" المستخدمة تعنى فى الأصل مرضاً عضالاً.
علاج القلب:-
1. أن نلجأ لله بالصلاة لأنه وحده يعرف خبايا القلب. ونقرأ فى الكتاب المقدس فهو يعطينا أن نسمع الله يتكلم فنعرف حقيقة حالنا.
2. الله ليس فقط يكشف المرض لكن يعطى العلاج الذى هو بلسان جلعاد. فالروح القدس هو الذى يشفى لذلك يصلى النبى صارخاً إشفنى يا رب فأشفى (14:17) والبلسان هو دم المسيح ويكون دورى أنا أن أقدم توبة وأمتنع عن فعل الشر فأختبر الشفاء داخلياً.

الأيات 12-18:- كرسي مجد مرتفع من الابتداء هو موضع مقدسنا. ايها الرب رجاء اسرائيل كل الذين يتركونك يخزون الحائدون عني في التراب يكتبون لانهم تركوا الرب ينبوع المياه الحية. اشفني يا رب فاشفى خلصني فاخلص لانك انت تسبيحتي. ها هم يقولون لي اين هي كلمة الرب لتات. اما انا فلم اعتزل عن ان اكون راعيا وراءك و لا اشتهيت يوم البلية انت عرفت ما خرج من شفتي كان مقابل وجهك. لا تكن لي رعبا انت ملجاي في يوم الشر. ليخز طاردي و لا اخز انا ليرتعبوا هم و لا ارتعب انا اجلب عليهم يوم الشر و اسحقهم سحقا مضاعفا.
هنا حوار آخر بين النبى وبين الله وفى مناجاته يمجد الله الذى وضع هيكله ومقدسه فى وسطهم (12) حيث يتراءى الله لهم وحيث يعبده الشعب. وكما ان الله لهُ عرشه فى السماء فهو لهُ عرش فى الأرض. وهو بهذا يذكر الله بمراحمه للشعب ليرحمهم. ولكن هذا مما يضاعف خطايا اليهود فهم يخطئون بينما كرسى الله فى وسطهم. وفى (13) من يتركون الرب يخزون فهو وحده القادر أن يسندهم متى جاءت هذه المأسى. والحائدون عن الله يكتبون فى التراب أى سريعاً ما يزولون ويتعرضون للإزدراء لأنهم ينتمون للأرض فهم جسدانيون شهوانيون وضعوا كنوزهم فى الأرض ولم تكتب أسماؤهم فى السماء. وهو هنا يقول الحائدون عنى = لأنه يكلمهم بإسم الرب وحين رأى نهاية هؤلاء قال إشفنى يا رب حتى لا أكون مثلهم. وخلصنى منهم ومن مؤامراتهم (14) وقرَبنى من مجدك وحين أشفى وأخلص أسبح. وفى (15) بدأ الشعب المعاند فى إغاظة النبى والسخرية منهُ حتى يمتنع عن نبواته التى تضايقهم وقالوا أين هى كلمة الرب لتأتِ. (2بط4:3) + (حز22:12) وفى هذا سخرية من النبى وإستهتار بأقوال الله وفى (16)*(* أية 16 :- لن أعتزل عن أن أكون راعياً = لن أكف عن عملى الذى كلفتنى به يا رب لكن إشعرنى بتعزياتك) موقف سامى من النبى فمع أن تحقيق هذه النبوات فيه تصديق لنبواته إلا أنه كراعٍ لم يشتهى أن تتحقق هذه النبوات بل أن تنجو رعيته. فالله وخدامه لا يشتهون موت الخاطىء بل أن يرجع ويحيا. وكل ما يطلبه تعزيات الله حتى يتمكن أن يستمر فى خدمته شاعراً بالسلام = لا تكن لى رُعباً. بل إعطنى التشجيع فلو كنت بجانبى يا رب ولست ضدى لن أخاف شراً مهما كان وهو فى (18) بالرغم من أنه يطلب سلام أورشليم إلا أنه يطلب عقاب الأشرار الذين يدبرون الشر فربما لو عوقب هؤلاء فقط لإمتنع الشر العظيم الأتى.

الأيات 19-23 :- هكذا قال الرب لي اذهب وقف في باب بني الشعب الذي يدخل منه ملوك يهوذا و يخرجون منه و في كل ابواب اورشليم. و قل لهم اسمعوا كلمة الرب يا ملوك يهوذا و كل يهوذا و كل سكان اورشليم الداخلين من هذه الابواب. هكذا قال الرب تحفظوا بانفسكم و لا تحملوا حملا يوم السبت و لا تدخلوه في ابواب اورشليم. و لا تخرجوا حملا من بيوتكم يوم السبت و لا تعملوا شغلا ما بل قدسوا يوم السبت كما امرت اباءكم. فلم يسمعوا و لم يميلوا اذنهم بل قسوا اعناقهم لئلا يسمعوا و لئلا يقبلوا تاديبا.

الأيات 24-27:- و يكون اذا سمعتم لي سمعا يقول الرب و لم تدخلوا حملا في ابواب هذه المدينة يوم السبت بل قدستم يوم السبت و لم تعملوا فيه شغلا ما. انه يدخل في ابواب هذه المدينة ملوك و رؤساء جالسون على كرسي داود راكبون في مركبات و على خيل هم و رؤساؤهم رجال يهوذا و سكان اورشليم و تسكن هذه المدينة الى الابد. و ياتون من مدن يهوذا و من حوالي اورشليم و من ارض بنيامين و من السهل و من الجبال و من الجنوب ياتون بمحرقات و ذبائح و تقدمات و لبان و يدخلون بذبائح شكر الى بيت الرب. و لكن ان لم تسمعوا لي لتقدسوا يوم السبت لكي لا تحملوا حملا و لا تدخلوه في ابواب اورشليم يوم السبت فاني اشعل نارا في ابوابها فتاكل قصور اورشليم و لا تنطفئ.
السبت هو حق الله. هو التذكار الأسبوعى لعلاقة العهد بين إسرائيل والرب وكان حفظهم لهُ مذكراً دائماً لهم بخلاصهم من عبودية مصر (تث15:5). وهو يشير للراحة التى أعطاها لهم الله من التسخير لفرعون لذلك فهو يشير للراحة الأبدية (لا3:23) أما لو إهتم الشعب بالمكسب المادى وعمِلوا يوم السبت وتاجروا وأجروا مسراتهم الخاصة فيه يكون هذا دليل على إهتماماتهم الأرضية الجسدانية وعلى حالتهم المزرية. أما لو حفظوا هذا اليوم بالتقديس وكان يوم تسبيح، كان لهم هذا بهجة قلب وفرحوا بإمتيازاته. لذلك كان حفظهم للسبت فيه تظهر حالة الشعب هل هو روحى أم جسدانى. ولأن السبت هو يوم الرب فالعمل فيه هو سرقة الرب. ولو أعطوا الله حقه سيكون للملوك كرامتهم، وكرامة الملك فرح للشعب وستزدهر مدينتهم وحياتهم فالله قد قبلهم وباركهم. فكأن تقديس السبت هو تقديس لكل العلاقة مع الله وبدون هذا تذهب كل تقوى وورع ويحل مكانها الدنس والخرافات. وإذا إستمروا فى تدنيس السبت (27) ستشتعل نار الأعداء المحاصرين للمدينة وستحترق قصور الملوك الذين لم يحفظوا السبت. وهكذا معنا إن أعطينا الله حقه لنالتنا بركات وتعزيات السماء ولكنا ملوكاً وكهنة لله.

تعليق على الإصحاح السابع عشر
"أجعل شريعتى فى داخلهم وأكتبها على قلوبهم" (أر31:31-34).
"أجعل فى داخلكم روحاً جديداً وأنزع قلب الحجر من لحمهم وأعطيهم قلب لحم" (حز19:11).
فما معنى قلب الحجر وقلب اللحم؟ خلق الله أدم ووضع فى داخله ضمير يميز به الخطأ والحق، وكانت وصية الله مطبوعة على قلب أدم، وهذا معنى قلب اللحم، ولكن كيف تطبع الوصية على القلب فيصير قلب لحم؟ الإجابة هى المحبة... كان قلب أدم مملوء حباً لله، ومن يحب، لا يرضى بأن يخالف وصية من يحبه، ولا يقبل أن يخونه، وهذا هو ما قاله السيد المسيح (يو23،21:14) وعندما خالف أدم وصية الله، فترت المحبة فى قلبه إذ إبتعد عن الله وبدأ الإنحدار فى منحدر الخطية، وكلما زادت الخطية قَلَ الحب، وتحول القلب إلى قلب قاسٍ لا يحب الله، ثم تحول إلى قلب حجر، وهذا إستلزم من الله أن يعطيهم وصاياه مكتوبة على لوحى حجر يتناسب مع قلبهم الحجرى. وكان هذا لأن قلبهم فقد الإحساس بالحق والصواب، والأثم، لذلك أعطاهم الله الناموس عوناً "القداس الغريغورى" بينما كان فى الأصل، أن الوصية كانت مكتوبة على القلب.
وفى هذا الإصحاح نرى ما هو أصعب، فإن القلب تغيرت فيه المحبة، فبدلاً من أن تكون المحبة موجهة لله، صارت موجهة للعالم، ولملذات العالم، وفقد الإنسان نظرته للأبديات، صار لا يهتم سوى بما يراه من زمنيات، واضعاً كل قلبه فى هذا العالم وملذاته، ولأنه قلب حجرى فاقد الحب لله. قيل هنا أن محبة العالم والخطية حُفِرَتْ على قلب الإنسان كما بقلم من حديد برأس ماس، والماس أصلب شىء، والمعنى أن حب الخطية صار محفوراً فى قلب الإنسان. بل أن الخطية تملكت على قلب الإنسان وبقوة، وصارت قلوب البشر مذابح تقدم عليها ذبائح أموالهم وشهواتهم وصحتهم... بل كل ما يملكون فى سبيل محبتهم للخطية. وكانت الخطية تملك عليهم بقوة لذلك قيل هنا قرون مذابحكم (فالقرن علامة القوة فى مجتمعات الرعاة). إلا أنه قيل فى تفسير هذا القول أنهم نقشوا صورة الأعضاء التناسلية على قرون مذابحهم. وهذا القلب الحجرى حينما إكتشف أرمياء حقيقته صرخ أن القلب أخدع من كل شىء وهو نجيس = وكلمة نجيس تعنى مصاب بمرض خبيث يستحيل شفاؤه وهذه مثل "هل يغير الكوشى جلده" (أر23:13) أى صار تغيير حال القلب مستحيل. وخداع القلب يتضح فى تعلقه بالأرضيات وملذات العالم، فهذا ما يراه الإنسان بعينيه الجسديتين، إذ فقد الرؤية بالإيمان وفقد الشعور بالله والتعلق بالأبدية، والعيان أسهل من الإيمان، لأن رؤية الإيمان، أى حتى نرى الله والسمائيات فنتعلق بها، يستلزم هذا نقاوة القلب والقداسة "طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت8:5) إتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب (عب14:12) فالخداع الذى يعمله القلب، هو أن يصور للإنسان، أن ما يراه هو كل شىء، فتعلق الإنسان بمحبة كل ما فى العالم "القوة / المال / السلطة / المراكز / الجنس..." لذلك يقول النبى المفتوح العينين كرسى مجدٍ مرتفع من الإبتداء هو موضع مقدسنا (أية 12) والمعنى هل نترك الله بكرسيه المرتفع... هل نترك هذا المجد المعد لنا لننزل إلى الأرضيات ونجرى وراء العالميات. هل إنحدرنا إلى مستوى الحجلة الطائر الأحمق.
الحجلة (أية 11) هى طائر أحمق يحضن بيضاً ليس بيضه. فالمتهم بالماديات مضيعاً عمره وراء الأرضيات، هو يحتضن ما ليس لهُ....
1. فهو إما يموت تاركاً كل شىء.
2. أو يضيع منه ما إجتهد أن يملكه كما يذهب الطائر الذى إحتضنته الحجلة للطيور الذين من جنسه، أو تنكسر هذه البيضة التى إحتضنتها الحجلة.
وحينما يضيع ما سعينا وراءه، أو حينما يأتى الإنسان لنهاية حياته ويكتشف أن كل ما سعى وراءه كان باطلاً (أى كالسراب) سيكتشف فى النهاية أنه كان أحمق (أية 11) إذ ترك المجد المعد لهُ وسعى وراء الباطل، الذى ليس لهُ. لذلك أطلق المسيح على المال الذى بين أيدينا "مال الظلم" (لو11:16). فالله وضع المال / الصحة / الوقت والمواهب... ألخ فى أيدينا لا لنسعى وراء العالم، بل لمجد إسمه، فهل نكنز لنا كنوزاً فى السماء، أم نكون كالحجلة نحتضن ما ليس لنا، علينا أن نردد مع المرنم "من لى فى السماء. ومعك لا أريد شيئاً فى الأرض" (مزمور25:73).
حينما إكتشف النبى هنا هذا المرض الذى أصاب القلب، والقلب فى الثقافة العبرانية هو مركز الشعور والعواطف والتفكير والإرادة... هو القوة المركزية التى تحرك الإنسان ليتخذ قراراته... قال النبى أن هذا القلب لا يعرفه سوى الله = من يعرفه (أية 9). فهو الذى خلقه. إذاً هو وحده القادر أن يصلح ما فسد فصرخ النبى إشفنى يا رب فأشفى (أية 14). وهذه هى نفس صرخة داود "قلباً نقياً إخلق فى يا الله" (مزمور51).
ومن خداع القلب أنه أصبح لا يرى الله فى قوته وجبروته، فظن أن هناك من نستطيع أن نتكل عليه غير الله، فأصبح الإنسان، وصارت الذات أيضاً والمال والقوة البشرية هى أشياء نستند عليها ونضع فيها ثقتنا (أية 5) وكانت المشكلة أن القلب فى عماه، إذ ما عاد يرى الله، صار إتكاله على ما صار يراه من مصادر للقوة البشرية.
وحقاً لقد صارت الصورة قاتمة، وكان يلزم أن يتدخل الله للشفاء ولذلك تجسد المسيح وقام بالفداء ليُرسِل الروح القدس، الذى يشفى إرتدادنا (هو4:14)، ويشفى قلوبنا النجيسة التى كانت بلا أمل فى شفاء. وكيف يشفى الروح القدس قلوبنا؟ لنرجع لما قلناه سابقاً.. أن المشكلة ظهرت مع نقص المحبة لله، ومع إستمرار نقص المحبة تحولت القلوب لقلوب حجرية. لذلك كان عمل الروح القدس الأول، أن يعيد الحب لقلوبنا "لأن محبة الله قد إنسكبت فى قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا" (رو5:5) لذلك أعطانا الله الروح القدس أساساً، ليسكب المحبة فى قلوبنا، ويصحح الأوضاع، لذلك نسمع فى (غل23،22:5) أن أول ثمار الروح القدس محبة. والثمرة الثانية منطقياً هى الفرح، هذا الذى فقدناه بسبب الخطية. وحينما عاد الحب، حب الله للقلب، صارت طاعة الوصية عن حب الله، صار القلب المحب لا يستطيع خيانة الله، صار القلب قلب لحم (حزقيال19:11) + (يو23،21:14). وهذا هو نفس المعنى الذى قصده فى (أر31:31-34) بكتابة الشريعة فى قلوبنا، هذا هو العهد الجديد الذى تكلم عنه أرمياء (31:31). ولاحظ أن حزقيال حينما تكلم عن قلب اللحم يقرن هذا بقوله أجعل فى داخلكم روحاً جديداً (19:11) وبعودة المحبة، عاد الفرح الحقيقى للقلب، وإستعدنا الحالة الفردوسية الأولى فالجنة كان إسمها جنة عدن، وكلمة عدن = إبتهاج.
بالخطية نفقد كل شىء، مواهبنا وأفراحنا وسلامنا وميراثنا السماوى (أيات 4،3)، وتكون نهايتنا التراب = كل الذين يتركونك يخزون. الحائدون عنى فى التراب يكتبون (أر13:17). ولكن بالعودة لله والرجوع إليه نستعيد حالنا. فما هو دورنا الأن... ماذا نعمل... هذا موضوع الأيات 27:19 السبت = هو إشارة لتقديس العلاقة مع الله، فالسبت فيه راحة الله، وهذه كانت بالفداء، وفيه راحتنا بالثبات فى المسيح، والثبات فى المسيح يأتى بالتوبة عن كل عمل شرير، وبجهادنا الإيجابى (صلاة / صوم / ممارسة أسرار..) فالعمل لهُ وقته (ستة أيام). والله لهُ وقته (السبت). ومن يفعل يُكرمه الله، كملك فنحن ملوك وكهنة، بل سيكون بركة لكثيرين، وسبب جذب لهم = يأتون من مدن يهوذا... أية 26 وتقديم ذبائح يعنى العودة لعبادة الله، بدل جريهم وراء العالم وهذا التكريم للسيت يجعلنا فى حماية الله، فلا يستطيع إبليس أن يهاجمنا بسهامه الحارقة، أما المنفصل عن الله فيسهل لإبليس مهاجمته فتحترق قصوره أية 27. ونحن قصور فالله ملك الملوك يسكن فينا. لذلك يطلب بولس الرسول منا "إن كنتم قد قمتم مع المسيح فإطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الآب" (كو1:3) والأن بعد ان جعلنا الله خليقة جديدة (2كو17:5)، وسكب روحه القدوس فينا، وجعلنا ملوكاً وكهنة، مازال أمامنا طريقين، وبحرية علينا أن نختار أحدهما، إما طريق الحياة أو الموت (تث15:30).
ولنلاحظ أن العالم الذى مازلنا نعيش فيه ملىء بالتجارب والألام، مملوء بغضة وكراهية، ضيقاته كثيرة، موضوع فى الشر وهذا ما أسماه فى هذا الإصحاح الحَُرَة فى البرية والمسيح لم يَعِدْنا برفع الضيقات فى هذا العالم، بل قال "إدعنى وقت الضيق..." وماذا يعمل المسيح وقت الضيق ووقت التجربة؟ المسيح لن يرفعها عنا، بل يشاركنا ضيقتنا فنتعزى، وهذا نفس ما عمله مع الثلاث الفتية فى أتون النار... ولكن يا ويل من ليس لهُ علاقة بالمسيح، فمثل هذا ماذا يفعل إذا جاء الحر = أى الضيق والتجربة. هذا سيكون مثل العرعر. والشيطان يعلم هذا تماماً، وعنده سلاحه أى كلما شعرنا بالضيق، يعطينا أن نتذوق من ملذات الخطية، ولكن هذه اللذة هى لذة لحظات يعود بعدها الضيق ثانياً، وملذات العالم هى كالماء المالح، من يشرب منها يعطش = وهذا ما قاله عنه هنا أرضاً سبخة ولاحظ أن العرعر الذى ينمو فى أرض كهذه، ومع كثرة الحر يجف ويكون كالقش أى ميتاً، فإذا جاءت الخيرات أى المجد السماوى لن يشعر به، من عاش فى العالم بملذاته سيحترق من حر وتجارب العالم، والنهاية لن يجد له نصيب فى الخيرات الأبدية، هو عاش على الأرض ولكنه سريعاً ما يموت ويدفن فى التراب = يكتبون فى التراب، وهذه نهاية كل من وضع قلبه وتعلق بالأرضيات. أما أولاد الله الذين يحبون الله، ويجاهدوا ليكون قلبهم نقياً، فهم يرون الله هنا، ويعيشون متمتعين بتعزيات الروح القدس يستمدونها كما تستمد الشجرة ذات الجذور العميقة المياه من العمق، هذه لن تحرقها التجارب، بل تزيدها إخضراراً. والنهاية لهم حياة أبدية. هؤلاء سمتهم المميزة أنهم يحيون فى فرح يسبحون الله =لأنك أنت تسبحتى (أية 14).


الإصحاح الثامن عشر

الأيات 1-10 :- الكلام الذي صار الى ارميا من قبل الرب قائلا. قم انزل الى بيت الفخاري و هناك اسمعك كلامي. فنزلت الى بيت الفخاري و اذا هو يصنع عملا على الدولاب. ففسد الوعاء الذي كان يصنعه من الطين بيد الفخاري فعاد و عمله وعاء اخر كما حسن في عيني الفخاري ان يصنعه. فصار الي كلام الرب قائلا. اما استطيع ان اصنع بكم كهذا الفخاري يا بيت اسرائيل يقول الرب هوذا كالطين بيد الفخاري انتم هكذا بيدي يا بيت اسرائيل. تارة اتكلم على امة و على مملكة بالقلع و الهدم و الاهلاك. فترجع تلك الامة التي تكلمت عليها عن شرها فاندم عن الشر الذي قصدت ان اصنعه بها. و تارة اتكلم على امة و على مملكة بالبناء و الغرس. فتفعل الشر في عيني فلا تسمع لصوتي فاندم عن الخير الذي قلت اني احسن اليها به.
نلاحظ فى مثال الفخارى أن الله يمكن أن يتكلم معنا فى أماكن لا نتصورها وبأشخاص قد لا نتصوَر أن نسمع منهم كلمة الله. ولكن القلب المستعد أن يسمع من الله ستصل إليه كلمة الله الهادئة. ونجد هنا أن الله يكلم أرمياء فى مكان الفخارى وربما يكلمنا الله فى الطريق أو فى أماكن عملنا وبأمثلة من واقع حياتنا العملية. ولنلاحظ:
1. حينما خرج الإناء الأول فاسداً قام الفخارى بصبر وطول اناة بتشكيله مرة ثانية ولم يَرْمِهِ ونحن إن سلمنا الله حياتنا يعيد تشكيلنا ويطهرنا وينزع عنا عاداتنا الشريرة وأفكارنا الشريرة (أش9،8:64). والله لا ييأس ويستخدم طرق عديدة لذلك.
2. الله يشكل كل إنسان لعمل معين وخدمة معينة "لأننا نحن عمله مخلوقين لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكى نسلك فيها" (أف10:2) فلكل منا عمل يشتاق الله أن نعمل وننجح فيه. إذاً كل واحد منا هو أنية ثمينة عند الله، طالما هناك هدف خلقنا لهُ.
3. الوعاء الذى فسد (4) لم يفسد بسبب عدم كفاءة الفخارى بل بسبب وجود جزء غير مرن فى الطين، حصوة مثلاً، وما هذا سوى الإرادة البشرية المقاومة لإرادة الله "يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة... كم مرة أردت... ولم تريدوا" ولكن الله الفخارى الحكيم قادر أن يعيد تشكيل هذا الإنسان ويعطيه مكاناً آخر لخدمته أو خدمة أخرى تناسب وضعه الجديد (4).
4. الدولاب الذى يستخدمه الفخارى لتشكيل الأنية هو دولاب دوار ويستخدم الله الزمن والظروف رغم ما يبدو فيها من تكرار، فى تشكيلنا.
5. أصابع الفخارى تشير لنعمة الله العاملة فينا، ونار الفرن تشير للتجارب والألام.
6. يأتى وقت يصبح فيه التغيير صعباً بل مستحيلاً حينئذ يكسر الفخارى الإناء، وهذا يشير لحالة من يرفض التوبة. وهذا موضوع اصحاح 19 (مز9:2 + رؤ27:2).
7. أية (8) مثال لذلك نينوى. حين تابت قبلهم الرب وإمتنع الشر.(ولكنهم حينما عادوا للشر وأصروا عليه أبادهم الله... سفر ناحوم).
8. أية (10،9) هذا إنذار موجه ليهوذا شعب الله الذى غرسهُ الله وقصد بها خيراً والمعنى أن الله مزمع أن يأتى عليها بشر. فالإناء الآن فى حالة يصعب إصلاحها.

أصابع الفخارى
الفخارى يستخدم أصابعه ليشكل الإناء أو ليعيد تشكيله لذلك قال المسيح عن الروح القدس أنه إصبع الله. فالروح القدس هو الذى يعيد تشكيلنا (بتبكيته ومعونته... الخ).
ونرى أن الروح القدس هو إصبع الله بمقارنة الأيات (لو20:11) مع (مت28:12).
الأصابع لا تعمل بدون يد.
فاليد هى القوة التى تحرك الأصابع. والروح القدس لم يكن ليحل فينا ويعمل فينا لولا فداء المسيح. لذلك قيل عن المسيح يد الله أو ذراع الله. "قد شمر الرب عن ذراع قدسه أمام عيون كل الأمم فترى كل أطراف الأرض خلاص إلهنا" (إش10:52). وشمر الرب عن ذراعه تشير لتجسد المسيح وظهوره بالجسد من أجل الفداء. راجع أيضا (إش9:51 + 13:48 + 1:59).

الأيات 11-17 :- فالان كلم رجال يهوذا و سكان اورشليم قائلا هكذا قال الرب هانذا مصدر عليكم شرا و قاصد عليكم قصدا فارجعوا كل واحد عن طريقه الرديء و اصلحوا طرقكم و اعمالكم. فقالوا باطل لاننا نسعى وراء افكارنا و كل واحد يعمل حسب عناد قلبه الرديء. لذلك هكذا قال الرب اسالوا بين الامم من سمع كهذه ما يقشعر منه جدا عملت عذراء اسرائيل. هل يخلو صخر حقلي من ثلج لبنان او هل تنشف المياه المنفجرة الباردة الجارية. لان شعبي قد نسيني بخروا للباطل و قد اعثروهم في طرقهم في السبل القديمة ليسلكوا في شعب في طريق غير مسهل. لتجعل ارضهم خرابا و صفيرا ابديا كل مار فيها يدهش و ينغض راسه. كريح شرقية ابددهم امام العدو اريهم القفا لا الوجه في يوم مصيبتهم.
فى (11) مازال هناك أمل أن لا يكسر الله الإناء إن قدموا توبة وفى (12) نجد ردهم المعاند فقد قالوا باطل = أى لا أمل. وهذا يسميه الخطاة، حرية، ولكنها عبودية لشهواتهم. والخطية تقسى القلوب. وفى (13) إهانة لهم فالأمم لم يحصلوا على ما حصلت عليه إسرائيل من نعم، ولكن حتى هؤلاء الأمم سيقشعرون مما عملته إسرائيل وأية (14) لها ترجمة أخرى "هل يترك رجل ثلوج لبنان الموجودة على صخر الحقل أو تترك المياه الباردة الجارية من مكان أخر" والمعنى هل يترك مسافر عطشان ثلوج لبنان التى تسيل وتنزل مياهها الباردة نقية من أعلى جبل لبنان بعيدة عن الطين ويذهب لمكان قذر يبحث فيه عن بعض المياه الراكدة. او هل يترك إنسان ماء مثلج فى يوم حار. ولكن هذا ما عمله شعبى فقد تركونى أنا ينبوع المياه الحية وبخروا للباطل. فخسروا الماء المثلج أى عزاء الروح القدس فى وسط حرارة الضيقات
(صخر الحقل). ولذلك سيأتى عليهم الخراب (16). وفى (17) أريهم القفا = الإنسان يحتمل التجربة لو شعر أن الله معهُ يبتسم لهُ ويشجعه. اما لو أدار الله وجهه فهذا مالا يحتمل. والله يرى القفا لمن سبق وأعطاه القفا (أر27:2).

الأيات 18-23 :- فقالوا هلم فنفكر على ارميا افكارا لان الشريعة لا تبيد عن الكاهن و لا المشورة عن الحكيم و لا الكلمة عن النبي هلم فنضربه باللسان و لكل كلامه لا نصغ. اصغ لي يا رب و اسمع صوت اخصامي. هل يجازى عن خير بشر لانهم حفروا حفرة لنفسي اذكر وقوفي امامك لاتكلم عنهم بالخير لارد غضبك عنهم. لذلك سلم بنيهم للجوع و ادفعهم ليد السيف فتصير نساؤهم ثكالى و ارامل و تصير رجالهم قتلى الموت و شبانهم مضروبي السيف في الحرب. ليسمع صياح من بيوتهم اذ تجلب عليهم جيشا بغتة لانهم حفروا حفرة ليمسكوني و طمروا فخاخا لرجلي. و انت يا رب عرفت كل مشورتهم علي للموت لا تصفح عن اثمهم و لا تمح خطيتهم من امامك بل ليكونوا متعثرين امامك في وقت غضبك عاملهم.
هنا يتكلم النبى ثانية عن مؤامرات شعبه ضده. فالخطاة لا يريدون سماع كلمة الله وينفرون منها. ومعنى أية (18) هم يريدون أن يحملوه مسئولية ألامهم أو أنه لا ينفع فلنتخلص منه وعندنا الكهنة والأنبياء وساستنا الحكماء. وواضح طبعاً أنهم هنا يظهرون حماسة زائفة للدفاع عن الدين وقلبهم يجرى وراء شهواتهم
فلنفكر على أرمياء أفكاراً= هى مشورات شعبه ضده وهى شبيهة بمشورات قيافا والكهنة ضد المسيح. لأن الشريعة لا تباد عن الكاهن ولا الكلمة عن النبى = هذا حماس كاذب عن الكهنة والأنبياء، فهم قطعاً يتحدثون عن الأنبياء الكذبة الذين يخدعونهم بالكلام الذى يحبونه والكهنة يشجعونهم فى مسلكهم الشرير طالما يكسبون من ورائهم.
هلم فنضربه باللسان = أى يسيئوا لسمعته بشائعات مغرضة حتى يكرهه الناس وينفرون منهُ. ومثال على ذلك قولهم عنه أنه متآمر مع الأعداء. ولكن لا نندهش فمن يخون إلهه يخون أعز أصدقائه وحتى الأن فالمسيح دمه يشفع فى كل واحد ولكنهم حتى الأن فى الأرض يتكلمون عليه كلاماً رديئاً. أما الأيات (19-23) كلام النبى بالشر ضدَهم هو نوع من النبوة كما سبق.


الإصحاح التاسع عشر

1- هكذا قال الرب اذهب و اشتر ابريق فخاري من خزف و خذ من شيوخ الشعب و من شيوخ الكهنة. 2- و اخرج الى وادي ابن هنوم الذي عند مدخل باب الفخار و ناد هناك بالكلمات التي اكلمك بها. 3- و قل اسمعوا كلمة الرب يا ملوك يهوذا و سكان اورشليم هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل هانذا جالب على هذا الموضع شرا كل من سمع به تطن اذناه. 4- من اجل انهم تركوني و انكروا هذا الموضع و بخروا فيه لالهة اخرى لم يعرفوها هم و لا اباؤهم و لا ملوك يهوذا و ملاوا هذا الموضع من دم الازكياء. 5- و بنوا مرتفعات للبعل ليحرقوا اولادهم بالنار محرقات للبعل الذي لم اوص و لا تكلمت به و لا صعد على قلبي. 6- لذلك ها ايام تاتي يقول الرب و لا يدعى بعد هذا الموضع توفة و لا وادي ابن هنوم بل وادي القتل. 7- و انقض مشورة يهوذا و اورشليم في هذا الموضع و اجعلهم يسقطون بالسيف امام اعدائهم و بيد طالبي نفوسهم و اجعل جثثهم اكلا لطيور السماء و لوحوش الارض. 8- و اجعل هذه المدينة للدهش و الصفير كل عابر بها يدهش و يصفر من اجل كل ضرباتها. 9- و اطعمهم لحم بنيهم و لحم بناتهم فياكلون كل واحد لحم صاحبه في الحصار و الضيق الذي يضايقهم به اعداؤهم و طالبو نفوسهم. 10- ثم تكسر الابريق امام اعين القوم الذين يسيرون معك. 11- و تقول لهم هكذا قال رب الجنود هكذا اكسر هذا الشعب و هذه المدينة كما يكسر وعاء الفخاري بحيث لا يمكن جبره بعد و في توفة يدفنون حتى لا يكون موضع للدفن. 12- هكذا اصنع لهذا الموضع يقول الرب و لسكانه و اجعل هذه المدينة مثل توفة. 13- و تكون بيوت اورشليم و بيوت ملوك يهوذا كموضع توفة نجسة كل البيوت التي بخروا على سطوحها لكل جند السماء و سكبوا سكائب لالهة اخرى. 14- ثم جاء ارميا من توفة التي ارسله الرب اليها ليتنبا و وقف في دار بيت الرب و قال لكل الشعب. 15- هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل هانذا جالب على هذه المدينة و على كل قراها كل الشر الذي تكلمت به عليها لانهم صلبوا رقابهم فلم يسمعوا لكلامي.
فساد الإنسان إضطر الله أن يكون تعليمه وصية فوق وصية (أش10:28) أى درس وراء درس حتى يكون الإنسان بلا عذر. وهذه الحادثة ستجرى فى وادى إبن هنوم حيث قدموا أولادهم ضحايا لمولك الإله الوثنى. (وبعد ذلك تحول مكاناً لحرق النفايات) وفى هذا الوادى سيكون لهم أفظع مآسيهم حيث يدفنون بل تلقى جثثهم بلا دفن ويكون وادى القتل. وستكون كل أورشليم بهذه الصورة. ولاحظ فى (2) نادِ هناك بالكلمات التى أكلمك بها = فالله لم يخبره مقدماً بما سوف يقول. ولكن كان لهُ ثقة أن يذهب وهناك يكلمه الله. وهذا درس لكل من يرسلهُ الله "لا تخف فالروح القدس يعلمك ما تتكلم به" (مت20،19:10) ومن (3-9) يعدد لهم خطاياهم والشر الآتى عليهم بسببها. وفى أية (9) حدث هذا فعلاً فى حصار بابل لهم (مرا20:2، 10:4) وحدثنا يوسنيوس المؤرخ اليهودى أن هذا حدث فعلاً أثناء الحصار الرومانى لأورشليم. توفة = أو تفتة مكان فى وادى إبن هنوم والكلمة تعنى مكان الحريق أو الفرن.
وفى (11،10) يكسر النبى الإناء الفخارى. ولكن هذا الإناء الفخارى يشير للشعب ولأورشليم. فهل يكسر الله شعبه؟ قلنا سابقاً أن الله هو الفخارى الحكيم وهو يظل يحاول إصلاح الإناء ولكن تأتى ساعة يستحيل فيها الإصلاح حين يصبح الإناء صلباً وحينئذ يجب كسره فلا أمل فى إصلاحه. وكان على النبى أن يكسر هذا الإناء بعد أن ينتهى من عظته. إشارة لهذا الشعب الذى تقسى فى الخطية. أما لو كان مازال طرياً ما كان الله قد كسره بل أعاد تشكيله. وطبعاً إستخدم الأمثال يطبع فى القلوب الفكرة التى يريدها الله. وكل من ظنَ نفسه قوياً فليعلم أنه إناء خزفى (راجع 2كو7:4) فالقديسين قوتهم ليست فى ذواتهم فهم ليسوا إلا أوان خزفية ضعيفة لكن فضل القوة لله لا من إنسان.
وفى (13) بخروا على سطوحها = كانوا يقيمون مذابح للأوثان فوق سطح كل منزل للتبرك بها لكل جند السموات = اى للنجوم والأفلاك. وهم أصبحوا لا يخجلون من هذا فيمارسونه علناً وفى (15،14) رجع النبى من توفة بعد كسر الإبريق ودخل الهيكل وإستأنف كلامه عن الموضوع عينه وهذا ما أثار ضده رجال الدين.

تعليق على الإصحاحين 19،18.
خلق الله الإنسان كأجمل وأكمل ما يكون، وسقط الإنسان وفسد، لكن الله لم يترك الإنسان لهذه النهاية. فالله يشبه نفسه بفخارى قادر أن يعيد تشكيل الإنسان. ولكننا نرى هنا أن الله يريد أن يعيد تشكيل وتجديد خلقتنا، فنصير فى المسيح خليقة جديدة (2كو17:5). أو إذا رفضنا يكون فى هذا هلاكنا، وهذا ما يعمله الله الأن مع كل منا، فهو يحاول بروحه القدوس أن يعيد تشكيل كل منا فنكون على صورة المسيح (غل19:4)، ولكن من تقسى قلبه فهذا يهلك. فالله يريد أن جميع الناس يخلصون (1تى4:2) لكن إرادتى قد تعوق إرادة الله (مت37:23-39) فكما قال القديس أغسطينوس "الله الذى خلقك بدونك لا يستطيع أن يخلصك بدونك. وهذا رأيناه هنا فالإناء الذى مازال طرياً" هو القلب الذى فيه رجاء أن يقدم توبة، هذا يعيد الله، الفخارى الحكيم تشكيله وتجديده. أما الإناء الذى تقسى تماماً فهذا يتم كسره. وهذا رأيناه مثلاً فى :-
إسرائيل المملكة الشمالية تكسر كإناء قاس بيد أشور، لكن يهوذا كان ما زال فيها رجاء، إذاً لتذهب للسبى فيعاد تشكيلها. والسبى يقال عنه هنا هأنذا مصدر عليكم شراً وهو سبى بابل. (أية11:18).
أورشليم كان فيها أنية قابلة لإعادة التشكيل، هذه أرسلها الله إلى بابل وأسماها التين الجيد أرمياء (24) اما التين الردىء فيكسر فى حريق أورشليم وتجديد الخليقة قام به المسيح حين نزل وتجسد، وكان أرمياء رمزاً للمسيح، لذلك نسمع قول الله له إنزل (2:18) وكأنها نبوة عن نزول المسيح ليبدأ الخلقة الجديدة على أن الخلقة الجديدة هى أيضاً عمل الروح القدس، إصبع الله (مت28:12) + (لو20:11) ورمزها هنا أصابع الفخارى، وهنا نفهم أن إعادة التشكيل قد تستلزم بعض الألام والتجارب التى بها يكمل الإنسان، فالأصابع تضغط على طين الإناء ليعاد تشكيله. والضغط قد يؤلم، أصابع الله ضغطت على أيوب وعلى بولس ليعيد الله تشكيلهم. ولكن ليس بالتجارب وحدها تعاد خلقة الإنسان، بل أولاً بالولادة الجديدة من الماء والروح (يو5:3) + (رو1:6-14) ثم يقوم الروح القدس بالتعليم والتذكير بكلام الله (يو26:14) وإذا أخطأ الإنسان المؤمن يقوم الروح القدس بتبكيته (يو8:16) وكلمة تبكيت تعنى أيضاً إقناع، وكما نسمع فى (أر7:20) أن الروح يقنع النبى بل يلح عليه "أقنعتنى يا رب فإقتنعت وألححت على فغلبت" فالروح يظل يعمل فى المعمد، الممسوح بالميرون ليعيد خلقته، ويثبته فى المسيح (2كو21:1) ومن هو ثابت فى المسيح يخلص. لذلك يقول المسيح إثبتوا فىَ وأنا فيكم (يو4:15) اما من يرفض الثبات فى المسيح فهذا يتقسى قلبه، من يطفىء الروح (1تى19:5) لا يعود يسمع صوت إقناع ولا توبيخ أو تبكيت الروح القدس، فهذا يصير كالإناء الذى يستحق الكسر. وكما رأينا أن الله يعمل ليجدد طبيعتنا، لكن إرادتى تحدد النتيجة، فإن تجاوبت مع الله أحصل على الخيرات، وإن إبتعدت عن الله تأتى الشرور علىَ، ولكن الله يستخدم أسلوب إنسانى ليشرح هذا فيقول أن الله يندم، والله قطعاً لا يندم على قرار يتخذه، لكن أنا بإرادتى أغير طريقى، وما يبدو للأخرين أن قرار الله قد تغير، فأجد الخير عوضاً عن الشر أو العكس والله يستخدم ألفاظاً بشرية كقوله ("أصابع الله"، "ويدى الله"... ألخ).
ولاحظ الطبيعة المنحرفة للبشر، الذين يجرون وراء كل ما هو جديد، وكيف يعاتب الله على ذلك (4:19) لم يعرفوها هم ولا آباؤهم فلماذا نغير طريق أبائنا، وما إستلمناه منهم، وهذا ما يدعو الله له فى (نش8:1) أن نسير وراء أثار الغنم لنجد الطريق، لذلك تهتم الكنيسة بتعاليم الأباء وتقرأ دائماً سيرتهم فى السنكسار (عب7:13) و(أية13:18) نرى تطبيقها الأن فى كنيسة الأمم التى تقشعر مما عمله اليهود حين صلبوا المسيح.


الإصحاح العشرون

هذا الإصحاح هو تطبيق مباشر على إصحاح 19 ففشحور هنا هو الإناء الذى تقسى والحكم الذى صدر ضده هو كسر الإناء فلم يعد هناك أمل فى إصلاح فشحور.

الأيات 1-6 :- و سمع فشحور بن امير الكاهن و هو ناظر اول في بيت الرب ارميا يتنبا بهذه الكلمات. فضرب فشحور ارميا النبي و جعله في المقطرة التي في باب بنيامين الاعلى الذي عند بيت الرب. و كان في الغد ان فشحور اخرج ارميا من المقطرة فقال له ارميا لم يدع الرب اسمك فشحور بل مجور مسابيب. لانه هكذا قال الرب هانذا اجعلك خوفا لنفسك و لكل محبيك فيسقطون بسيف اعدائهم و عيناك تنظران و ادفع كل يهوذا ليد ملك بابل فيسبيهم الى بابل و يضربهم بالسيف. و ادفع كل ثروة هذه المدينة و كل تعبها و كل مثمناتها و كل خزائن ملوك يهوذا ادفعها ليد اعدائهم فيغنمونها و ياخذونها و يحضرونها الى بابل. و انت يا فشحور و كل سكان بيتك تذهبون في السبي و تاتي الى بابل و هناك تموت و هناك تدفن انت و كل محبيك الذين تنبات لهم بالكذب.
بعد العظة الواضحة التى ألقاها النبى بدأ إضطهاده بواسطة فشحور الكاهن. وكان المنتظر أن يحمى فشحور إرمياء وبالأخص لأنه نبى وكاهن مثله. ولكنه ضربه كما ضُرِب بولس الرسول (أع2:23) ووضعهُ فى المقطرة وهى أله تعذيب يوضع فيها السجين منحنياً وتربط يديه ورجليه ورقبته فيتألم ألماً مبرحاً. بل ليزيد من ألامه كان هذا أمام الناس ليسخر منه المارة ويحتقروه (فلا يلتفتوا لكلامه، فكلامه ضد كلامهم بأن مصر ستنقذهم). وكان ذلك عند باب بنيامين بين المدينة والهيكل. والغرض أن يمتنع عن نبواته بالتهديد. ولكن لم تتحقق أغراض فشحور فقد هاجمه النبى بشدة. فلو قُيَدَ النبى فكلمة الله لا تُقيد، والله يصدر حكمه على هذا الكاهن الشرير. ناظر أول فشحور كان لهُ مركزاً سامياً فى الهيكل به يستطيع أن يسجن أرمياء بتهمة الإخلال بالأمن العام. ومعنى إسم فشحور = فرح. ولكن أرمياء سماه مجور مسابيب = وهذه معناها خوف من كل جانب. فالله يحوَل أفراح الخطاة لمخاوف (حينما تأتى بابل) وسيمتلىء هو رُعباً وحزناً. بل سيكون منفراً لأصدقائه وهو فى حالته هذه. والله لم يقتله فوراً بل تركهُ يتألم مثل قايين.وإنها لشجاعة للنبى أن ينطق بكل هذه النبوات ضد من سجنه وضد الملك وكل الشعب. ولم يرد فشحور لأن خوف الله سقط عليه مباشرة بكلمة النبى (إذ قال له مجور مسابيب أى خوف من كل جانب فحدث هذا فوراً)، فطرد أرمياء وإكتفى بهذا.

الأيات 7-13:- قد اقنعتني يا رب فاقتنعت و الححت علي فغلبت صرت للضحك كل النهار كل واحد استهزا بي. لاني كلما تكلمت صرخت ناديت ظلم و اغتصاب لان كلمة الرب صارت لي للعار و للسخرة كل النهار. فقلت لا اذكره و لا انطق بعد باسمه فكان في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي فمللت من الامساك و لم استطع. لاني سمعت مذمة من كثيرين خوف من كل جانب يقولون اشتكوا فنشتكي عليه كل اصحابي يراقبون ظلعي قائلين لعله يطغى فنقدر عليه و ننتقم منه. و لكن الرب معي كجبار قدير من اجل ذلك يعثر مضطهدي و لا يقدرون خزوا جدا لانهم لم ينجحوا خزيا ابديا لا ينسى. فيا رب الجنود مختبر الصديق ناظر الكلى و القلب دعني ارى نقمتك منهم لاني لك كشفت دعواي. رنموا للرب سبحوا الرب لانه قد انقذ نفس المسكين من يد الاشرار.
مهما حدث لفشحور من رعب فما لا يمكن إنكاره أن النبى إنسان عادى له مشاعرهُ. وهذه المشاعر جُرِحَتْ فيما قام بهِ فشحور خصوصاً من تعريضه لسخرية الناس ونلاحظ فى هذه الأيات صراع داخلى يعتمل فى نفس النبى بين عمل نعمة الله المعزية وأحزان النبى الإنسانية. وهذه المشاعر نجدها هنا متداخلة. ففى أية (7) قد أقنعتنى فإقتنعت = هنا عمل النعمة يغلب. ولكن بماذا أقنعه؟ العله رأى صورة الصليب والعار الذى كان للمسيح عليه وسخرية المارة حوله وشماتتهم فيه وهو ربُ المجد. وهو ما حدث لأرمياء فالشعب كان يسخر منهُ ومن كلامهُ ويوَدون لو توقف وها هو فى المقطرة وهذا هو يومهم للسخرية العلنية منهُ. ولكن إذا كان الله إحتمل فعليك يا أرمياء أن تحتمل أم هل أقنعه الله كما أقنع صموئيل من قبل "هم لم يهزأوا بك بل هزأوا بى" وأن ألامك يا أرمياء هى ألامى. أم أراه الله عقوبة هؤلاء أم أقنعه بأن الألم ضريبة المجد أم كل هذا معاً. الله يعلم.
ولننظر عمل نعمة الله، أنها تُلَح على الإنسان = الححت على فغلبت. بالرغم من أننى صرت للضحك وفى (8) هو يهان لأجل أمانته وغيرته فى خدمته. فكانوا يهزأون به لأنه يصرخ من غيرته. ولنعرف أن الخدام الأمناء هم سخرية غير المؤمنين أو غير التائبين. وهم سخروا منه لأنه قال ظلم وإغتصاب = فهم لا يحتملون من يذكرهم بخطاياهم. وفى (9) فقلت لا أذكره هذه غواية من الشيطان ولها منطق عقلانى. فطالما أن هؤلاء الناس لا يستحقون عملك فأترك خدمتك وأسترحْ فى بيتك وأعكف على الصلاة. فتعاليمك صارت للهزء من السامعين. ولكن وجد كلام الله فى قلبه كنار وعمل نعمة الله فيه قوياً منفجراً يبحث عن مخرج لها. بل أشعره الله بقوته معهُ وضعف أعدائه فلم يستطع السكوت. وفى (10) لماذا أراد أولاً السكوت "لأنى سمعت مذمة من كثيرين" = أى كلام إفتراء ووشاية وخوف من كل جانب = فى سخرية حوََلَ الناس عبارة أرمياء ضده (كأنهم يقولون من الذى يحيطه الخوف من كل الجانب أهو فشحور، أم أنت يا أرمياء، بل أحاطوه فعلاً بالخوف) = يقولون إشتكوا فنشتكى عليه اى فليخترع أى إنسان كذبة ضده ونحن سنروجها لهُ ونشهد ضده بل سنزيد عليها. كل أصحابى يراقبون ظلعى = ظَلْعى أى عرجى أو أى خطأ منى. وهذا ما عملوه مع المسيح فكانوا يرسلون للمسيح ولأرمياء من يتصِيدهم بكلمة ليشتكوا بأى خطأ عليه. وللأسف فهم يرسلون الأصحاب فأية خيانة مؤلمة هذه. قائلين لعله يُطغى = أى لعله يمكن إغواؤه فنرغمه على أن يكف عن نبواته وتوبيخاته لنا. ولكن كما صار لفشحور خوفاً من كل جانب هكذا فليعثر مضطهدىَ (11) هؤلاء الذين يسيئون لشرفه من وراء ظهره فلا يستطيع أن يدافع عن نفسه مثل أنه يثير فتنة ضد الحكومة وينادى بثورة ضد الملك ويتحالف مع بابل.

ملحوظة:-
سمعت مذمة من كثيرين هى صلاة داود فى المزامير (13:31) فلنتعلَم الصلاة بالمزامير. فكل من يتألم مثل داود وأرمياء فالروح القدس الذى أوحى بهذه الكلمات يعطى تعزية حين نصلى بها. وفى (13) نجد أن الصراع بين نعمة الله ومخاوفه كإنسان ينتهى لصالح النعمة ويرى خلاصه فيسبح الرب لأنه أنقذه من يد الأشرار.

الأيات 14-18 :- ملعون اليوم الذي ولدت فيه اليوم الذي ولدتني فيه امي لا يكن مباركا. ملعون الانسان الذي بشر ابي قائلا قد ولد لك ابن مفرحا اياه فرحا. و ليكن ذلك الانسان كالمدن التي قلبها الرب و لم يندم فيسمع صياحا في الصباح و جلبة في وقت الظهيرة. لانه لم يقتلني من الرحم فكانت لي امي قبري و رحمها حبلى الى الابد. لماذا خرجت من الرحم لارى تعبا و حزنا فتفنى بالخزي ايامي.
هذه حرب جديدة باليأس والألم إستغل فيها عدو الخير إحساس النبى البشرى العادى من الجرح نتيجة إهانات فشحور لهُ. والحياة تتخللها فترات تنتصر فيها النعمة وفترات تتغلب فيها الألام الإنسانية. ولكن طالما هناك حياة فليكن لنا رجاء (مز22:31 + 7:77 + أى1:3).


  رد مع اقتباس
قديم 23 - 05 - 2012, 09:21 AM   رقم المشاركة : ( 4 )
astavrola
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية astavrola

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 72
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 219

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

astavrola غير متواجد حالياً

افتراضي تفسير الكتاب المقدس بعهديه لأبونا انطونيوس فكرى ارجو التثبيت لحين الأنتهاء من تفسير الأنجيل كله تابع

الإصحاح الحادى والعشرون

واضح أن نبوات هذا الكتاب لم توضع بترتيب زمنى فهذا الإصحاح أحداثه وقعت أيام صدقيا الملك. وسيأتى بعد هذا فى إصحاحات قادمة أحداث حدثت أيام يهوياقيم وغيره.

الأيات 1-7 :- الكلام الذي صار الى ارميا من قبل الرب حين ارسل اليه الملك صدقيا فشحور بن ملكيا و صفنيا بن معسيا الكاهن قائلا. اسال الرب من اجلنا لان نبوخذراصر ملك بابل يحاربنا لعل الرب يصنع معنا حسب كل عجائبه فيصعد عنا. فقال لهما ارميا هكذا تقولان لصدقيا. هكذا قال الرب اله اسرائيل هانذا ارد ادوات الحرب التي بيدكم التي انتم محاربون بها ملك بابل و الكلدانيين الذين يحاصرونكم خارج السور و اجمعهم في وسط هذه المدينة. و انا احاربكم بيد ممدودة و بذراع شديدة و بغضب و حمو و غيظ عظيم. و اضرب سكان هذه المدينة الناس و البهائم معا بوبا عظيم يموتون. ثم بعد ذلك قال الرب ادفع صدقيا ملك يهوذا و عبيده و الشعب و الباقين في هذه المدينة من الوبا و السيف و الجوع ليد نبوخذراصر ملك بابل و ليد اعدائهم و ليد طالبي نفوسهم فيضربهم بحد السيف لا يتراف عليهم و لا يشفق و لا يرحم.
قد يتبادر إلى الذهن أن صدقيا الملك بهذا قد قدم توبة لله وتواضع لكن بمقارنة هذا مع (2أى12:36) نجد أن صدقيا لم يتضع أمام أرمياء. ولكنه أمام ضغط الحاجة يطلب مساعدة النبى ولكنه يرفض مشورته بتقديم توبة. وواضح الأن أن نبوخذ نصر قد غزا الأرض وربما بدأ حصار المدينة. فلنلاحظ أن من يضع يوم الرب بعيداً فحين يأتى يرتعب منه. ولنلاحظ أن أرمياء الذى كان يشكو السخرية سابقاً هو الآن محل توقير وهكذا الحال فى هذا العالم. وبدأ بعضهم يدرك صدق نبواته فقد بدأت تتحقق ووصل الجيش الكلدانى. ولكنهم هنا يشبهون العذارى الجاهلات يطلبن زيتاً بعد فوات الأوان. ولكن فى (2) هم لا يريدون توبة بل لعل الرب يصنع معنا حسب عجائبه كما صنع مع جيش أشور أيام حزقيا الملك. ولكن الفارق فى توبة الشعب أيام حزقيا وفساده إرتداد هؤلاء. ولاحظ هنا طريقة نطق إسم ملك بابل نبوخذ راصر. فهناك نطق عبرانى ونطق بابلى، وفى هذا الإصحاح كان ملك بابل قد وصل لأسوار أورشليم غالباً.
وفى (4) هكذا قال الرب = ربما لو رد النبى من نفسه لإنخدع وطلب لهم السلام فأولاً هو لا يريد الشر لأورشليم وثانياً فهذه فرصة ليوقروه بزيادة. ولكن كلمة الرب لا يستطيع أن يغيرها. وكانت كلمة الرب بلا كلمة تعزية. بل أردُ أدوات الحرب التى بيدكم = أى ضدكم وسيخرب الغزاة بلدكم لأنه أصبح مركزاً للخطية. وسيموت الإنسان والحيوان بسبب المجاعة.

الأيات 8-14 :- و تقول لهذا الشعب هكذا قال الرب هانذا اجعل امامكم طريق الحياة و طريق الموت. الذي يقيم في هذه المدينة يموت بالسيف و الجوع و الوبا و الذي يخرج و يسقط الى الكلدانيين الذين يحاصرونكم يحيا و تصير نفسه له غنيمة. لاني قد جعلت وجهي على هذه المدينة للشر لا للخير يقول الرب ليد ملك بابل تدفع فيحرقها بالنار. و لبيت ملك يهوذا تقول اسمعوا كلمة الرب. يا بيت داود هكذا قال الرب اقضوا في الصباح عدلا و انقذوا المغصوب من يد الظالم لئلا يخرج كنار غضبي فيحرق و ليس من يطفئ من اجل شر اعمالكم. هانذا ضدك يا ساكنة العمق صخرة السهل يقول الرب الذين يقولون من ينزل علينا و من يدخل الى منازلنا. و لكنني اعاقبكم حسب ثمر اعمالكم يقول الرب و اشعل نارا في وعره فتاكل ما حواليها.
النبى هنا يطلب منهم أن يستسلموا لبابل وهذا ضد أمنياتهم التى طالما ضللهم بها الأنبياء الكذبة الذين طلبوا منه الصمود. ولكن يعرض عليهم من قبل الرب نصيحة يمكن تسميتها (أحْسَنْ الوِحِشْ) فسبيهم خير من حرقهم بالنار. وليس معنى هذه النصيحة أن النبى كان محباً لبابل، بل هو عَلِمَ أن بابل كانت أداة تأديب فى يد الرب. وفى (9) صار طريق الحياة هو الإستسلام، هذه تشبه "يخلص كما بنار" (1كو15:3)، هو طريق مر ولكن فى (10) الله يقول قد جعلت وجهى ضد هذه المدينة. فمن يبقى فى المدينة يكون طريقه هو طريق الموت ولكن قلوبهم تقَست ورفضوا الإستسلام. والأيات (11-14) إنتهز الرب هذه الفرصة ليحثهم على التوبة فهذا هو الحل الوحيد. والنصيحة هنا للملك ليكون قدوة لشعبه بل ويستخدم سلطانه فيرتدع الشرير وفى (12) (فى كل صباح = كان الملك يقوم بالقضاء صباحاً) يا بيت داود = ليذكرهم بما يجب أن يكونوا عليه وأن يشابهوا أبيهم داود الذى كان قلبه حسب قلب الله ولو كانوا مثله لنالوا بركات كثيرة. ولنلاحظ أن الظلم يضايق الله كثيراً فيخرج كنار غضبه. وفى (13) ساكنة العمق هى أورشليم المحصنة طبيعياً فهى على تل وسط جبال. ويحيط بها سهل = صخرة السهل فهى كصخرة وسط سهل ومحاطة بالجبال فيصعب الوصول إليها مما أعطاهم إحساساً زائفاً بالأمان فإن لم يكن الله هو حاميهم فلن يحرسهم أحد "إن لم يحرس الرب المدينة فباطلاً سهر الحراس".


الإصحاح الثانى والعشرون

الأيات 1-9 :- هكذا قال الرب انزل الى بيت ملك يهوذا و تكلم هناك بهذه الكلمة. و قل اسمع كلمة الرب يا ملك يهوذا الجالس على كرسي داود انت و عبيدك و شعبك الداخلين في هذه الابواب. هكذا قال الرب اجروا حقا و عدلا و انقذوا المغصوب من يد الظالم و الغريب و اليتيم و الارملة لا تضطهدوا و لا تظلموا و لا تسفكوا دما زكيا في هذا الموضع. لانكم ان فعلتم هذا الامر يدخل في ابواب هذا البيت ملوك جالسون لداود على كرسيه راكبين في مركبات و على خيل هو و عبيده و شعبه. و ان لم تسمعوا لهذه الكلمات فقد اقسمت بنفسي يقول الرب ان هذا البيت يكون خرابا. لانه هكذا قال الرب عن بيت ملك يهوذا جلعاد انت لي راس من لبنان اني اجعلك برية مدنا غير مسكونة. و اقدس عليك مهلكين كل واحد و الاته فيقطعون خيار ارزك و يلقونه في النار. و يعبر امم كثيرة في هذه المدينة و يقولون الواحد لصاحبه لماذا فعل الرب مثل هذا لهذه المدينة العظيمة. فيقولون من اجل انهم تركوا عهد الرب الههم و سجدوا لالهة اخرى و عبدوها.
رسالة للعائلة المالكة (إنزل إلى بيت ملك يهوذا = فهو بخطيته صار فى أسفل موضع) غالباً أيام يهوياقيم تشير ليهوأحاز الأسير فى مصر.
أية (2) أنت وعبيدك وشعبك = إذا فخطية الظلم والإغتصاب كانت عامة. ولو تاب الملك وحكم بالعدل لخاف الجميع وتابوا. وفى (4) العدل يعطى للمملكة إزدهاراً عكس (5) الخطية سبب الخراب. وفى (6) جلعاد أنت لى. رأس من لبنان = يشبه الملك بجلعاد أى الجبل العالى. ورأس من لبنان فجبال لبنان عالية. هكذا كرم الله ملوك إسرائيل شعبه. فهم ثابتين كالجبل رؤوسهم مرتفعة (داود وسليمان) ثم أنظر عمل الخطية. إنى أجعلك برية = أى خراباً وهذا الخراب سيتم عن طريق أدوات أعدها وأفرزها وأخصصها لذلك = أقدسها (7) فأنا الذين حددتهم لهذه الخدمة فيقطعون خيار أرزك = أليس الملك رأس من لبنان وجبال لبنان تتميز بشجر الأرز الذى هو بهاء لبنان. فهذا العدو سيقطع أرزك أى رؤسائك وملوكك الشامخين كالأرز الذى بعد أن يقطع سيلقى أيضاً فى النار. وسبب كل هذا خيانة العهد (9،8).

الأيات 10-19:- لا تبكوا ميتا و لا تندبوه ابكوا ابكوا من يمضي لانه لا يرجع بعد فيرى ارض ميلاده. لانه هكذا قال الرب عن شلوم بن يوشيا ملك يهوذا المالك عوضا عن يوشيا ابيه الذي خرج من هذا الموضع لا يرجع اليه بعد. بل في الموضع الذي سبوه اليه يموت و هذه الارض لا يراها بعد. ويل لمن يبني بيته بغير عدل و علاليه بغير حق الذي يستخدم صاحبه مجانا و لا يعطيه اجرته. القائل ابني لنفسي بيتا وسيعا و علالي فسيحة و يشق لنفسه كوى و يسقف بارز و يدهن بمغرة. هل تملك لانك انت تحاذي الارز اما اكل ابوك و شرب و اجرى حقا و عدلا حينئذ كان له خير. قضى قضاء الفقير و المسكين حينئذ كان خير اليس ذلك معرفتي يقول الرب. لان عينيك و قلبك ليست الا على خطفك و على الدم الزكي لتسفكه و على الاغتصاب و الظلم لتعملهما. لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا لا يندبونه قائلين اه يا اخي او اه يا اخت لا يندبونه قائلين اه يا سيد او اه يا جلاله. يدفن دفن حمار مسحوبا و مطروحا بعيدا عن ابواب اورشليم.
فى هذه الأيات قضاء بالموت على ملكين، والإثنين إخوة وكانوا أشراراً لكنهم أولاد ملك قديس وهو يوشيا. وشلوم (11) هو يهو أحاز وقد ملكه الناس بعد يوشيا (2مل30:23) وراجع (1أى15:3) تجد إسم شلوم من أبناء يوشيا. ولم يكن هو البكر، لكن ملَكه الشعب على أمل أنه الأقوى لكن خاب ظنهم وعزله نخو فرعون مصر أيضاً وأسره إلى مصر وفى (10) يطلب النبى من الشعب ان لا يبكوا ميتاً = أى لا يبكوا على يوشيا. وهذا بالرغم أن النبى نفسه بكى عليه وحرك الناس لتبكى عليه (2أى25:35). بل أن يبكوا على يهوأحاز لما سيحدث لهُ فهو لن يرجع من سبيه فى مصر. إذاً هو الجدير بالرثاء وليس يوشيا فيوشيا ذهب لقبره فى كرامة وسلام ولم يرى الشر الذى أتى على شعبه وأما يهوأحاز إبنه فهو حقاً الجدير بالرثاء فهو أسير بائس. فموت القديسين نحسدهم عليه ولكن حياة الأشرار تستحق الشفقة، ثم إبتداء من (13) يتحول الكلام إلى يهوياقيم الذى خلف يهوأحاز وهو أيضاً ليس البكر لكنه أكبر من يهوأحاز. وكان هذا أسوأ من سلفه وكانت خطاياه الكبرياء والخيلاء كأن كل واجب الملوك أن يظهروا عظماء. وليس الخطأ فى العظمة فى حد ذاتها بل فى مشاعر الكبرياء التى تفسِد الإنسان، أضف إلى ذلك طريقة الحصول عليها فيبدو أن يهوياقيم بنى لنفسه قصراً فخماً إستخدم فيه خشب الأرز كبيت الله وإستخدم عمالاً بالسخرة لم يدفع لهم شىء فهو الملك وظلمهم. ولا ندرى كيف حصل على الأموال هل بالسرقة او الظلم أو فرض ضرائب جديدة على الشعب. فهى مصيبة أن يشتهى الإنسان ويسير وراء شهوته بل تحركه شهوته فيظلم ليحققها وفى (13) ويل لهذا الملك الذى بنى قصره بالظلم. وفى (14) المغرة = هى نوع من الألوان المستخدمة للدهانات وفى (15) هل تملك لأنك تحاذى الأرز = أى هل تملك وتحس بالأمان لأنك أحطت نفسك بالأرز مثل بيت الله، أو هل تملك لأنك أرتفعت فى قلبك وتشامخت فشابهت الأرز الشجر العالى؟ هل كبريائك هى ضرورية حتى تملك؟ أما أكل أبوك وشرب = ما ضاعف من خطيته أنه إبن رجل قديس. والله يسألهُ أن يقارن نفسه به. ألم يكن لأبوك كل الخير وأكل وشرب فى فرح بالرغم من أنه لم يكن لهُ بيتاً فخماً مثل بيتك ولكن سر فرح أبوك تواضعه وقداسته وهو لم يظلم أحداً. فكان الله راضياً عليه. حينئذ كان لهُ خير. وفى (16) من يقضى قضاء الفقير والمسكين يكون فى هذا معرفة الرب فمن يعرف الرب يحكم بالحق والعدل. ثم لاحظ طريقة أرمياء وكلامه الصعب على يهوياقيم الملك ولكن كلام الله لا يستطيع أن يغير فيه حتى لو كان هذا سيعرضه لخطورة من هذا الملك الشرير. وهذا الملك لن يبكيه أحد فى موته ولن يرثيه أحد لظلمه ولوحشيته بل سيفرحون بموته عكس ما حدث مع أبيه الصالح يوشيا. بل يدفن دفن حمار وبلا مقبرة بل تجر جثته إلى أى جب ويطوحونها هناك. وهناك 3 نصوص مختلفة عن موت يهوياقيم أحدها هو هذا النص والنص الثانى :- (2مل6:24) ثم إضطجع يهوياقيم مع أبائه. والثالث:- (2أى6:36) قيده نبوخذ ناصر بسلاسل نحاس ليذهب بهِ إلى بابل. ويبدو للوهلة الأولى أن النصوص مختلفة لكن يوسيفوس المؤرخ اليهودى يذكر أن نبوخذ نصر قتله فى أورشليم ورمى جثته بعيداً عن أسوار أورشليم. وخلاصة القول أن نصوص الكتاب المقدس الثلاثة مع قول يوسيفوس يمكن ضمهم معاً لنأخذ صورة كاملة عن ما حدث. فنبوخذ نصر قيده بسلاسل وكان مزمعاً أن يقوده لبابل رمزاً لإنتصاره ولكن يبدو أنه مات فجأة أو هو قتلهُ ورمى جثته فى مهانة فأتى بعض من الشعب وأخذوا جثته ودفنوها سراً حتى لا يثيروا نبوخذ نصر، دون أن يندبه أحد كما قال إرمياء تماماً.

الأيات 20-30 :- اصعدي على لبنان و اصرخي و في باشان اطلقي صوتك و اصرخي من عباريم لانه قد سحق كل محبيك. تكلمت اليك في راحتك قلت لا اسمع هذا طريقك منذ صباك انك لا تسمعين لصوتي. كل رعاتك ترعاهم الريح و محبوك يذهبون الى السبي فحينئذ تخزين و تخجلين لاجل كل شرك. ايتها الساكنة في لبنان المعششة في الارز كم يشفق عليك عند اتيان المخاض عليك الوجع كوالدة. حي انا يقول الرب و لو كان كنياهو بن يهوياقيم ملك يهوذا خاتما على يدي اليمنى فاني من هناك انزعك. و اسلمك ليد طالبي نفسك و ليد الذين تخاف منهم و ليد نبوخذراصر ملك بابل و ليد الكلدانيين. و اطرحك و امك التي ولدتك الى ارض اخرى لم تولدا فيها و هناك تموتان. اما الارض التي يشتاقان الى الرجوع اليها فلا يرجعان اليها. هل هذا الرجل كنياهو وعاء خزف مهان مكسور او اناء ليست فيه مسرة لماذا طرح هو و نسله و القوا الى ارض لم يعرفوها. يا ارض يا ارض يا ارض اسمعي كلمة الرب. هكذا قال الرب اكتبوا هذا الرجل عقيما رجلا لا ينجح في ايامه لانه لا ينجح من نسله احد جالسا على كرسي داود و حاكما بعد في يهوذا.
هذه النبوة عن يهوياكين إبن يهوياقيم وهذا خلفه كملك لمدة ثلاثة شهور وفى (21) تكلمت إليكِ فى راحتك = فالله يحذر مبكراً، بينما الإنسان فى راحته، قبل أن تأتى المشاكل. ولكنهم كانوا من يومهم غلاظ الرقبة. لذلك سيأتى عليهم رعب يجعلهم يستغيثون من فوق اعلى الأماكن = إصعدى على الجبال وأصرخى (20) حتى يسمع أحد صوتهم ولبنان وباشان جبال عالية وجبال عباريم على حدود موأب. ولكن هذه الصرخات ستكون فى فراغ فكل رعاتك ذهبوا مع الريح (22) ترعاهم الريح فهم ذهبوا للسبى والرعاة هم الحكام " وإضرب الراعى تتبدد الرعية " = فحينئذ تخزين. ومحبوكِ يذهبون إلى السبى = كل من إعتمدت عليهم ووثقت فيهم وتركتينى فهم لن يستطيعوا حتى أن ينقذوا أنفسهم لذلك تخزين وفى (23) الساكنة لبنان = لبنان مشهور بجباله العالية وأرزه الشامخ وهذا يشير لكبريائهم وإطمئنانهم الزائف وثقتهم فى أنفسهم وثرواتهم وحكمتهم ولكن حين يتخلى الله عنهم سيتألمون كوجع الوالدة. مهما كان إرتفاع قلبهم حتى لو كانت معششة فى الأرز. وكنياهو (24) هو يكنيا ولكنها صيغة تصغير إشارة ونبوة لصغر مدة حكمه. فالرب لا يبارك الأشرار. عكس قول الكتاب عن زربابل "أخذك يا زربابل وأجعلك كخاتم" (حج23:2). وزربابل هو الذى قاد الشعب فى العودة من السبى والخاتم على يده اليمنى = هو الختم الذى يمهر به الملوك القدماء معاملاتهم الرسمية لتكتسب السلطة وتصبح صالحة للتنفيذ فهو يحمل إمضاء الملك الرسمى وكان يختم به على الشمع فهو أعز ما يمتلكه الملك أو هو رمز سلطته وقوته. ولكن يهوياكين كرئيس لشعب الرب ورمزاً لقوة الرب فى حكم شعبه أو وكيلاً للرب قد رُفِضَ لشره. وأتى الله بوكيل أخر هو زربابل. وهكذا فطاعة زربابل أعادت البركة التى فقدَتْ بسبب خطية يكنيا وغيره. وفى (25-27) وقوع يكنيا وأمه فى يد نبوخذ نصر(الخطية حولته من خاتم فى يد الله (24:22) إلى عبد فى السبى. وموتهم فى بابل وليس فى أرضهم أورشليم. وفى (28) صار يكنيا كإناء مكسور فمهما كانت قيمة هذا الإناء فهو حين يكسر يُرمى فلم يصبح لهُ قيمة. ولماذا طُرِحَ = (الأنبياء الكذبة قالوا أنه سيعود) بسبب خطيته وشهوته الأرضية لذلك فى (29) يا أرض يا أرض يا أرض = فهذا موجه لكل إنسان دنيوى أرضى متعلق بالأرضيات. فهذا عليه أن يسمع أن هذه الأرض زائلة ومكانهُ هو السماويات وأن تعلقه بالأرضيات يجعله يفقد السماويات. فيدفن فى أرض لم يعرفوها. من إرتبط بالأرضيات سيعيش ويموت فيها ويدفن فيها "ومات الغنى ودُفِنَ هذا نهايته ونهاية مسراته... ومات لعازر وحملته الملائكة" فلنترك الأرضيات فهى زائلة. وفى (30) لن يكون من نسلِهِ من يجلس على كرسى يهوذا = كرسى داود فالذى أتى بعده كان عمه صدقيا وبموت صدقيا هذا إنتهى كرسى داود الزمنى. وإنتظر العالم المسيح إبن داود الذى يجلس على عرش داود، على العرش الروحى، الذى يملك على قلوب المؤمنين بالحب وبصليبه. وقد حصل المسيح على عرشه هذا بطاعته التى هى مثال نموذجى سار عَليه زربابل من قبل فباركه الله. وخالف هذه الطاعة يكنيا فإنتهت مملكته. فيكنيا هو رمز آدم الذى خسر الجنة بسبب عدم الطاعة. وزربابل رمز للمسيح الذى حصل على لقب خاتم فى يد الله. والمسيح هو ذراع الله وقوته. ونقرأ فى (1أى17:3) أن يكنيا لهُ أولاد ويبدو أنهم ولدوا فى السبى ولكن لم يجلس منهم أحد على العرش " وإبناً يكنيا أسير أى المسبى " وقد يكون إبنا يكنيا بالبتنى فشألتئيل إبن منسوب لنا ثان بدل سليمان ولنيرى بدل يكنيا. وبذلك يستمر عقيماً روحياً وجسدياً حسب الأية.


الإصحاح الثالث والعشرون

فى الإصحاح السابق رأينا نبوات ضد يكنيا ويهوياقيم ويهوأحاز والأن جاء الدور على صدقيا، لكن النبى لا يشير صراحة إلى إسم صدقيا. ولكن يشير إليه وإلى نهاية حكمه بطريقة رمزية، ونلاحظ الآتى :- فمعنى إسم صدقيا = الرب بر. وهنا يتنبأ أرمياء بأن هناك ملك جديد يخرج كغصن من شجرة داود التى قطعت فى شخص صدقيا حين قتله نبوخذ نصر ويسمى المسيح هنا الرب برنا أية 6 وأن المسيح هو غصن البر الذى يأتى ليملك أية 5 والمعنى أن البر بالمفهوم اليهودى أى المظاهر سينتهى ليقيم الله بر حقيقى بالمسيح. والإصحاح يشير للفساد الذى وصلت لهُ البشرية عموماً تنجسوا جميعاً (11) بل أن الأيات 9-40 تشير لفساد عام. وهذه إلى حد بعيد تشبه ما قاله بولس الرسول "الجميع زاغوا وفسدوا" (رو3) وإحتاج الجميع للبر الذى بالمسيح (راجع رو3). ولكننا نرى فى الأيات 1-8 أن المسيح يبرر. وكون أن الأيات 1-8 تسبق الأيات 9-40 أو ان فكرة المسيح الذى يبرر تسبق أخبار فساد الشعب، فهذا يشير لأزلية فكرة الفداء. وهذا الإصحاح يجمع وظيفتى المسيح 1- ملك أية 5 2- راعى أية 4 ولاحظ أن المسيح هو المخلص الذى يرد لنا ميراثنا السماوى أية (6) فى أيامه يخلص يهوذا (الكنيسة) ويسكن إسرائيل امناً (فى ميراثه السماوى).
لكن الخلاص ليس للجميع، بل للبقية التى ستؤمن، فدائماً فى الضربات هناك بقية هى تخلص (نوح وعائلته فى الطوفان/ لوط وبنته...) وفى خراب أورشليم هناك بقية تخلص. وحين يأتى المسيح هناك بقية ستؤمن = أنا أجمع بقية غنمى (أية 3) ومن يؤمن تعود لهُ البركة. التى فقدها أدم = "اثمروا واكثروا" وهنا نسمع فتثمر وتكثر (أية 3). ولاحظ أن بالخطية صار كنياهو ومعه البشر فى حالة عقم، لكن بالمسيح تعود البركة، ولاحظ فبولس صار لهُ بلايين الأولاد (1كو15:4).

الأيات 1-8 :- ويل للرعاة الذين يهلكون و يبددون غنم رعيتي يقول الرب. لذلك هكذا قال الرب اله اسرائيل عن الرعاة الذين يرعون شعبي انتم بددتم غنمي و طردتموها و لم تتعهدوها هانذا اعاقبكم على شر اعمالكم يقول الرب. و انا اجمع بقية غنمي من جميع الاراضي التي طردتها اليها و اردها الى مرابضها فتثمر و تكثر. و اقيم عليها رعاة يرعونها فلا تخاف بعد و لا ترتعد و لا تفقد يقول الرب. ها ايام تاتي يقول الرب و اقيم لداود غصن بر فيملك ملك و ينجح و يجري حقا و عدلا في الارض. في ايامه يخلص يهوذا و يسكن اسرائيل امنا و هذا هو اسمه الذي يدعونه به الرب برنا. لذلك ها ايام تاتي يقول الرب و لا يقولون بعد حي هو الرب الذي اصعد بني اسرائيل من ارض مصر. بل حي هو الرب الذي اصعد و اتى بنسل بيت اسرائيل من ارض الشمال و من جميع الاراضي التي طردتهم اليها فيسكنون في ارضهم.
هنا كلمات مرعبة ويل للرعاة المهملين سواء ملوك أو كهنة الذين كان يجب أن يرعوا رعية الله (غنم رعيتى) ولكنهم بظلمهم بددوها. وهؤلاء الرعاة سيعاقبهم الله (2،1) وكلمة راعى أطلقت على كورش كملك حرر اليهود من السبى (أش28:44) وها هى تطلق هنا على الكهنة. ولكن الراعى الحقيقى كملك حررنا وككاهن قدم ذبيحة نفسه ليفتش على الخروف الضال هو السيد المسيح (يو11:10). لذلك فى (3) يتولى الله رعاية غنمه، أنا أجمع بقية غنمى. من جميع الأراضى فهو سيجمع الجميع يهوداً وأمم. فالله طرد الإنسان من الجنة بسبب الخطية وها هو بالفداء سوف يعيده للسماويات. وسيقيم الله على شعبه رعاة كوكلاء عنهُ. والمسيح كراعٍ صالح يقول " الذين أعطيتنى لم يهلك منهم أحد إلا إبن الهلاك ". وحدث هذا فى العودة من السبى الذى كان رمزاً لعمل المسيح، أن أقام الله رعاة أمناء، مثل زربابل ونحميا وعزرا. ثم ينتقل الكلام بوضوح أكثر عن المسيا المنتظر، المسيح الذى يبررنا ويحررنا ويرعانا ويملك علينا وسيأتى فى أواخر الأيام (أيام الدولة اليهودية) ليبارك كنيسته ويكون مجداً لشعبه (6،5) فبعد أن تنبأ النبى بأنه لن يجلس إبن ليكنيا على كرسى داود. ولكن الله سبق وَوَعد داود بأن له إبن يجلس على العرش إلى الأبد. وهكذا يتحقق الوعد فى المسيح وفى المسيح قام عرش داود أكثر لمعاناً. وهذه النبوة واضحة جداً عن المسيح. ويسمى هنا الغصن (زك8:3) وهذا يعنى أن بداية المسيحية كانت صغيرة وبعد ذلك نمت وإخضرت الشجرة وإمتلأت ثماراً فالمسيح هو أصل وذرية داود (رؤ16:22). وهو غصن بر وإسمه الرب برنا = وهنا تلاعب بالألفاظ فمعنى كلمة صدقيا (ياه = الرب – صدق) الذى معناه الرب برنا فبنهاية يكنيا إنتهى كرسى داود وأصبح عقيماً. وصدقيا هذا سيأتى بعد ذلك أخباره الرديئة فليس هو الإنسان البار المخلص الذى يجب أن ينتظره الشعب فهذا برزائف بل هناك فى المستقبل المسيح برنا وهو أتٍ. وسيقيمه الرب كغصن جديد (فرخ أو نبت) بعد أن ينتهى كرسى داود الزمنى. والمسيح هو القدوس البار وحده ويبرر من يؤمن به. وفى أيامه يخلَص بهوذا ويسكن إسرائيل أمناً = هى الكنيسة التى قال لها "سلامى أترك لكم" فالكنيسة هى إسرائيل الروحى. وهناك ملحوظة أن الهيكل بُنى فى السنة 480 للخروج من أرض مصر والتحرر من العبودية (1مل1:6). وبعد السبى البابلى ب 490 سنة بنى هيكل المسيح إذاً هنا مقارنة فى (8،7) بين خلاص الشعب فى المرتين. والمقارنة تعطى أهمية للخلاص من سبى بابل لأن هذا الخلاص أتى بعده وكان رمزاً واضحاً لخلاص المسيح. لذلك فمعنى هذه الأيات صراحة أنه حين نعرف خلاص المسيح وعمله فى تحريرنا من الخطية لن نعود نذكر خلاص اليهود من مصر ولا من بابل لأن كل هذه إنما كانت رموزاً فقط. وهناك ملحوظة أخرى أن وقت بناء الهيكل الأول كانت الأمة اليهودية فى أوج عظمتها أيام سليمان الملك والمسيحية بالمسيح الذى أسسها ككنيسة هى جسده بل هيكل جسده كانت ولا زالت فى أوج مجدها طالما مسميها فيها نورها ومجدها. فالمجد الروحى أبدى.

الأيات 9-32 :- 9- في الانبياء انسحق قلبي في وسطي ارتخت كل عظامي صرت كانسان سكران و مثل رجل غلبته الخمر من اجل الرب و من اجل كلام قدسه. 10- لان الارض امتلات من الفاسقين لانه من اجل اللعن ناحت الارض جفت مراعي البرية و صار سعيهم للشر و جبروتهم للباطل. 11- لان الانبياء و الكهنة تنجسوا جميعا بل في بيتي وجدت شرهم يقول الرب. 12- لذلك يكون طريقهم لهم كمزالق في ظلام دامس فيطردون و يسقطون فيها لاني اجلب عليهم شرا سنة عقابهم يقول الرب. 13- و قد رايت في انبياء السامرة حماقة تنباوا بالبعل و اضلوا شعبي اسرائيل. 14- و في انبياء اورشليم رايت ما يقشعر منه يفسقون و يسلكون بالكذب و يشددون ايادي فاعلي الشر حتى لا يرجعوا الواحد عن شره صاروا لي كلهم كسدوم و سكانها كعمورة. 15- لذلك هكذا قال رب الجنود عن الانبياء هانذا اطعمهم افسنتينا و اسقيهم ماء العلقم لانه من عند انبياء اورشليم خرج نفاق في كل الارض. 16- هكذا قال رب الجنود لا تسمعوا لكلام الانبياء الذين يتنباون لكم فانهم يجعلونكم باطلا يتكلمون برؤيا قلبهم لا عن فم الرب. 17- قائلين قولا لمحتقري قال الرب يكون لكم سلام و يقولون لكل من يسير في عناد قلبه لا ياتي عليكم شر. 18- لانه من وقف في مجلس الرب و راى و سمع كلمته من اصغى لكلمته و سمع. 19- ها زوبعة الرب غيظ يخرج و نوء هائج على رؤوس الاشرار يثور. 20- لا يرتد غضب الرب حتى يجري و يقيم مقاصد قلبه في اخر الايام تفهمون فهما. 21- لم ارسل الانبياء بل هم جروا لم اتكلم معهم بل هم تنباوا. 22- و لو وقفوا في مجلسي لاخبروا شعبي بكلامي و ردوهم عن طريقهم الرديء و عن شر اعمالهم. 23- العلي اله من قريب يقول الرب و لست الها من بعيد. 24- اذا اختبا انسان في اماكن مستترة افما اراه انا يقول الرب اما املا انا السماوات و الارض يقول الرب. 25- قد سمعت ما قالته الانبياء الذين تنباوا باسمي بالكذب قائلين حلمت حلمت. 26- حتى متى يوجد في قلب الانبياء المتنبئين بالكذب بل هم انبياء خداع قلبهم. 27- الذين يفكرون ان ينسوا شعبي اسمي باحلامهم التي يقصونها الرجل على صاحبه كما نسي اباؤهم اسمي لاجل البعل. 28- النبي الذي معه حلم فليقص حلما و الذي معه كلمتي فليتكلم بكلمتي بالحق ما للتبن مع الحنطة يقول الرب. 29- اليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب و كمطرقة تحطم الصخر. 30- لذلك هانذا على الانبياء يقول الرب الذين يسرقون كلمتي بعضهم من بعض. 31- هانذا على الانبياء يقول الرب الذين ياخذون لسانهم و يقولون قال. 32- هانذا على الذين يتنباون باحلام كاذبة يقول الرب الذين يقصونها و يضلون شعبي باكاذيبهم و مفاخراتهم و انا لم ارسلهم و لا امرتهم فلم يفيدوا هذا الشعب فائدة يقول الرب.
هنا الكلام موَجه للأنبياء الكذبة وللشعب الذى إنخدع بأقوالهم. وفى (9) هذا النبى المحب كان قلبه ينسحق عند سماعه كلام الربَ ضد شعبه = من أجل كلام قدسه. وكان ينسحق بالأكثر من أجل الرب = الذى كان هؤلاء الكذبة يستخدمون إسمه باطلاً وبالكذب. وفى (10) الفاسقين = أى الزناة روحياً وجسدياً بلا خوف من الله. لأنه من أجل اللعن = نتيجة خطاياهم وإهاناتهم لله لعنهم الله فجفت أرضهم. لأنه لا توبة وهم لهم قوة جبارة لكن للأسف فهى مستخدمة للشر ولذلك فكل تعبهم باطل لأنه بدون بركة الله. وفى (11) فالأنبياء والكهنة يتظاهرون بخدمة الرب حتى فى بيته ولكن هم لهم أغراضهم الأخرى وهم تنجسوا جميعاً*(* النجاسة إشارة للزنا الجسدى والزنا الروحى).
بل فى بيتى. ويشرح حزقيال هذا فى (حز 8) كيف أدخل هؤلاء العبادة الوثنية داخل الهيكل وفى (12) لأنهم ضللوا الشعب فهم سيكونون فى ظلام. وبينما هم يحاولون أن يقودوا آخرين لن يجدوا هم أمان أو سلام فى طريقهم. هم يخدعون الناس ليجدوا راحة مزيفة بينما هم ليس لديهم راحة. بل ستأتى سنة عقابهم = أى الوقت الذى حدده الله ليعاقبهم. وفى (13) يقارن بينهم وبين أنبياء السامرة الذين كانوا يتنبأون بإسم "بعل" الههم فجعلوا الناس يتركون عبادة الله ويعبدون البعل. ولكن الحال فى أورشليم أسوأ فهم يستخدمون إسم الله مما يخدع الناس بالأكثر. فشعب الله إذا سمع من يتكلم بإسم البعل سيرفضون السماع ولكن إذا وجدوا من يتكلم بإسم الله قد ينخدعوا ويسمعوا فيسقطوا.
وفى (15) إفسنتينا = مر وسام هكذا ماء العلقم. وفى (16) لا تسمعوا لهم فيجعلونكم باطلاً = من يتبع الباطل يصير باطلاً مثله. وهم باطل فهم لا يسمعون من الرب بل برؤيا قلبهم. وفى (17) لمحتقرىَ = أى من يحتقر الرب عوضاً عن أن يوبخوه يقولون لهُ سلام. وفى (18) يتهمهم الله أنهم لم يتشاوروا معهُ ولم يسألوه ماذا يقولون ولا حتى قرأوا كتابه المقدس فيعرفون إرادته. وفى (19) غضب الرب كعاصفة لا شىء يقف أمامها وفى (20) الله لن يغير مقاصده حتى ينفذ ما يريد. والشعب لن يفهموا الأن بل حين يأتى الخراب فى نهاية الأيام سيرون بعيونهم ويفهمون وهم لن يفهموا الأن ليس لأن كلام الله فيه غموض فها هو أرمياء يصيح فى كل مكان بوضوح تام ولكن هم لا يريدون أن يفهموا وفى (21) لم يرسل الله هؤلاء بل هم جروا = بكل جرأة لا شىء يعوقهم. فالمعوقات تقف فى سبيل الأنبياء الحقيقيين مثل أرمياء. ولكن لماذا سمح الله بهم؟ لماذا لم يمنعهم؟. لأن الشعب لم يكن يستحق هذا. وهم لم يطلبوا الله ليعرفوا الحق من الباطل. بل هو سألوا شهوات قلوبهم. وفى (23) العلى إله من قريب و لست من بعيد = الله يعرف كل شىء فمن يتصوَر أنه بعيداً فى السماء على عرشه فهو لا يعرف ما يحدث هنا على الأرض يخطىء. والمعنى الله يعرف كل شىء ولا داعى أن يكون قريب ليرى كل شىء ونخشاه فهو وهو من بعيد يعرف ويرى كل شىء. "كيف أصنع هذا الشر أمام الرب" هذا بعين الإيمان الذى يرى الله دائماً قريب. وهو يعرف الأحلام*(لعل الأحلام تشير لأوهامهم)
(25) والتى يدعون كاذبين أنهم يرونها. ملحوظة:- هذه هى لعبة الشيطان الدائمة أن يعطينا شعور أن الله بعيد ولن يرانا. أو يعطى وهم خاطىء بأن الله يمكن أن يرى.... نعم ولكن لن يعاقب على هذه فهو يعرف ظروفك الخاصة. وفى (26) إلى متى يظل هذا فى قلوب الأنبياء الكذبة الذين هم أنبياء خداع قلبهم. ونفس هذا السؤال موجه لكل من إنخدع بخطاياه وفى (28) هنا الله يضع الإنسان أمام حقيقة هامة. فليستعمل الأنبياء الكذبة أحلامهم ليخدموا شعبى أما رجالى وأنبيائى الحقيقيين يستعملون كلمتى. ولكن فالأولى كالتبن وكلمتى كالحنطة. الأولى تحرقها النار والثانية تشبع وتغذى وتنمى. الأولى بلا قيمة تطير فى الهواء والثانية هى التى لها قيمة. وليسأل أحد المخدوعين وكيف لى أن أعرف فأنا برىء مخدوع والرد فى (29) لا بل كل كلمة من فم الله كنار تُصَلبْ الصلصال أى تقوى وتشدد الركب المرتخية وتذيب الشمع. القلوب المتحجرة كالشمع تذيبها وإذا لم تذوب بالنار تكون كلمة الله كمطرقة تحطم الصخر. إذا لم يذوب بنار الحب فيطبع الله فيه صورته، فكلمته تحطم القلب المتحجر لأنها تخيف الخاطىء. فنفس الكلمة التى تعزى وتفرح، تخيف وترعب على حسب حالة القلب. وهناك قلب شمعى كلمة الله تذيبه بالمحبة وهناك قلب صخرى يحطمه الله بالخوف. وإذا كان هناك خبث فكلمة الله تحرقه وتنقى الذهب منه والله يضع السامعين أمام سؤال هام. ما تأثير كلمة أى إنسان عليكم؟ اسألوا قلوبكم. ماذا فى داخلها توبة، عزاء، فرح، حب، عطف وشفقة إذاً هى كلمة الله. أو شهوة وغم وقلق وإضطراب إذاً هى خداعات الأنبياء الكذبة أو شهواتكم وفى (30) يسرقون كلمتى = هم يسرقون كلمة الله الحقيقية من قلوب سامعيها (مت 19:13) أو بخداعاتهم يفقدوا كلمة الله تأثيرها فى القلوب. وهم يسرقون كلمات أنبيائى وتعبيراتهم ويخلطونها بما عندهم وفى (31) يأخذون لسانهم ويقولون قال = أى يتكلمون بما يريدون وينسبونه لى.

الأيات 33-40 :- 33- و اذا سالك هذا الشعب او نبي او كاهن قائلا ما وحي الرب فقل لهم اي وحي اني ارفضكم هو قول الرب. 34- فالنبي او الكاهن او الشعب الذي يقول وحي الرب اعاقب ذلك الرجل و بيته. 35- هكذا تقولون الرجل لصاحبه و الرجل لاخيه بماذا اجاب الرب و ماذا تكلم به الرب. 36- اما وحي الرب فلا تذكروه بعد لان كلمة كل انسان تكون وحيه اذ قد حرفتم كلام الاله الحي رب الجنود الهنا. 37- هكذا تقول للنبي بماذا اجابك الرب و ماذا تكلم به الرب. 38- و اذا كنتم تقولون وحي الرب فلذلك هكذا قال الرب من اجل قولكم هذه الكلمة وحي الرب و قد ارسلت اليكم قائلا لا تقولوا وحي الرب. 39- لذلك هانذا انساكم نسيانا و ارفضكم من امام وجهي انتم و المدينة التي اعطيتكم و اباءكم اياها. 40- و اجعل عليكم عارا ابديا و خزيا ابديا لا ينسى.
التهمة الموجهة لهم هنا هى الإستهزاء بأنبياء الرب وكلمته. وجعلهما مادة للسخرية (34،33). فهم يسخرون قائلين ما هو وحى الرب. وكلمة وحى هى فى الأصل تستخدم بمعنى وحى أو حمل. والأنبياء إستخدموها بمعنى حمل ليعبروا عن أن كلمة الله داخلهم كحمل وهى تضغط عليهم حتى لا يكفوا عن ترديدها. وعمل الشيطان دائماً أن يعلَم الخطاة أن يسخروا من كلمة الله. (وحتى اليوم فالهازئين يهزأون من خدام الله الذين يحذرون من أن جهنم مصير الأشرار. بل هناك من يهزأ بالكتاب المقدس نفسه) وغالباً فإن هذا بدأ من الكهنة والأنبياء الكذبة وعلموه للشعب. اما نحن فعلينا أن نطلب بوقار أن نعرف مشيئة الله وفكره. أما كلمة الله لهم ووحيه فهى إنى أرفضكم (33) وفى (34) الله سيعاقبهم بسبب سخريتهم بكلمة الوحى. وفى (36) كلمة كل إنسان تكون وحيه = لها معنيان فكل إنسان سيضلله عقله والله لن يرشده للحق. ولكن إذا فهمنا كلمة وحى بحسب أصلها أن معناها حمل burden فإن هذا الإنسان الشرير سيكون ذنب خطيته ثقيلاً عليه حتى يغرقه فى هوة الخراب. وقد تكون سخريتهم معناها "ما هو الثقل الجديد علينا".

مقدمة للإصحاحين 25،24
لقد فسد حال الشعب، والله الأب المحب لابد أن يتدخل ليصلح هذا الفساد وكان فساد شعب إسرائيل هو نموذج لما حدث للجنس البشرى كله (رو9:3-12) والله خلق الإنسان فى كرامة ومجد، بل على صورته ولكن أنظر نتائج الخطية :-
وهذا يشار إليه ضمناً هنا كنتائج لخطية إسرائيل، فماذا سيلحق إسرائيل كنتائج لخطيتها؟ تصير دهشاً = فكيف تنحط خليقة الله هكذا؟! وصفيراً = أى سيلحقها إهانات وسخرية وخراباً أبدياً. وبلا فرح = أبيد منهم صوت الطرب وصوت الفرح. وبلا شبع = بلا صوت الأرحية، ويصير الإنسان فى عمى روحى، يتخبط ولا يعرف طريقه = بلا نور سراج. هذا ما حدث لكل الجنس البشرى، وكإشارة لذلك يُذكر هنا كل شعوب المنطقة التى خضعت لبابل أيات 15:25-24. فذكر كل هذه الأمم يشير أن الكلام موجه لكل العالم وسقوط هذه الأمم تحت نير ملك بابل بسبب خطيتها، هو رمز لسقوط البشر تحت عبودية إبليس، وهذا يساوى قول الرسول "أسلمت الخليقة للباطل" (رو20:8) ولماذا يسمح الله بذلك؟ هذا للتأديب فكل من يحبه الرب يؤدبه (عب6:12). وهذا معنى مثل التين الجيد والتين الردىء. فبعد السبى الأول لأورشليم على يد ملك بابل، ظن من بقى فى أورشليم أنهم الأحسن وأن الأسوأ هم من ذهبوا إلى السبى، والله يقول لا، فإن من أرسلته للسبى وأسلمته ليد ملك بابل هم الأحسن، إنما أرسلتهم للتأديب (وحتى الأن يظن من هم بلا تجارب أليمة أنهم الأحسن والعكس صحيح). ونلاحظ فى 8:25 أن الله يسمى نفسه رب الجنود فالكل خاضع لهُ، والله يستخدم الكل، فهو إستخدم ملك بابل ليؤدب أورشليم وإستخدم إبليس ليؤدب البشر، ومن يتأدب يصير تيناً جيداً ويخلص، ومن يظل فى حالة تمرد على الله يصير تيناً رديئاً ويهلك كما هلك الأشرار بيد ملك بابل أيضاً. لذلك نسمع أرمياء يخبرنا بهلاك ملك شيشك أخيراً وهو إسم رمزى لبابل يعنى يغطس، فهذه نهاية إبليس ومن يتبعه البحيرة المتقدة بالنار (رؤ15،10:20).


الإصحاح الرابع والعشرون

الايات 1-10:- 1- اراني الرب و اذا سلتا تين موضوعتان امام هيكل الرب بعدما سبى نبوخذراصر ملك بابل يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا و رؤساء يهوذا و النجارين و الحدادين من اورشليم و اتى بهم الى بابل. 2- في السلة الواحدة تين جيد جدا مثل التين الباكوري و في السلة الاخرى تين رديء جدا لا يؤكل من رداءته. 3- فقال لي الرب ماذا انت راء يا ارميا فقلت تينا التين الجيد جيد جدا و التين الرديء رديء جدا لا يؤكل من رداءته. 4- ثم صار كلام الرب الي قائلا. 5- هكذا قال الرب اله اسرائيل كهذا التين الجيد هكذا انظر الى سبي يهوذا الذي ارسلته من هذا الموضع الى ارض الكلدانيين للخير. 6- و اجعل عيني عليهم للخير و ارجعهم الى هذه الارض و ابنيهم و لا اهدمهم و اغرسهم و لا اقلعهم. 7- و اعطيهم قلبا ليعرفوني اني انا الرب فيكونوا لي شعبا و انا اكون لهم الها لانهم يرجعون الي بكل قلبهم. 8- و كالتين الرديء الذي لا يؤكل من رداءته هكذا قال الرب هكذا اجعل صدقيا ملك يهوذا و رؤساءه و بقية اورشليم الباقية في هذه الارض و الساكنة في ارض مصر. 9- و اسلمهم للقلق و الشر في جميع ممالك الارض عارا و مثلا و هزاة و لعنة في جميع المواضع التي اطردهم اليها. 10- و ارسل عليهم السيف و الجوع و الوبا حتى يفنوا عن وجه الارض التي اعطيتهم و اباءهم اياها.
النبوات السابقة بخراب أورشليم جعلت النبى فى حزن 0وفى هذة الرؤيا يُظهر الله انه يميز بين الجيد والردىء0 فهناك معيار دقيق يقيس به الله ويعاقب. وكان النبى يرثى من ذهب للسبى مع يكنيا 0ولكن نجد هنا ان الله يقول بل هذا لصالحهم فأحكام الله التى هى للبعض رائحة موت لموت هى للاخرين رائحة حياة لحياة. فالجميع يشترك فى نفس المأساة 0ولكن الحال ليس واحداً للجميع فمنهم من يراها تأديب لهُ وهى للأخرين سيف نقمة. وهذه النبوة جاءت بعد سبى يكنيا وهو نفسه قيل عنه أنه إناء مكسور. لكن كان من ضمن المسبيين معهُ النبى حزقيال وفى أية (1) ملك بابل أخذ معهُ كل من له قيمة ويجيد حرفة فيضعِفْ يهوذا وينعش مملكته. ولاحظ أن سلتا التين موضوعتان أمام الهيكل فكأن الشعب معروض أمام الله أو واقف أمامه للقضاء فكان منهُ من هو جيد ومنهُ من هو ردىء. وعموماً فشجرة التين تشير لإسرائيل. وفى (2) لا يؤكل = هذا يشير لإنسان خاطىء لا يعرف لماذا خُلِق وما هو دوره ومظهره ردىء ولا فائدة منهُ مثل الملح الردىء الفاسد والتين الجيد فهم الأولاد المحبوبون لله وهؤلاء يؤدبهم بأن يرسِلهم للسبى " من يحبه الرب يؤدَبه " عب 6:12 لذلك أرسلهم للسبى (5) ولكن لأنهم أبنائى فأجعل عينى عليهم = كان المتصور أن من يذهب للسبى سيقتدى بالوثنيين وينتهى أمرهم تماماً لكن يد الله حفظتهم وحمتهم بل نقتهم من وثنيتهم وعاداتهم الشريرة وتواضعوا وتابوا. فالتأديب حقَق المطلوب هذه هى حماية الرب لمن يقتنيهم حتى فى وادى ظل الموت. والله الذى يعرف فعالية طرقه يعرف ذلك فقال وأرجعهم إلى هذه الأرض فيثمرون. بهذا أخرجهم من فرن التنقية. وبعد ذلك يعدهم للمراحم والعطايا الروحية = وأعطيهم قلباً. ولنلاحظ عجباً أن عناية الله جعلتهم يعرفون عن الله فى بابل أكثر من الذى عرفوه فى أورشليم. والله يعطيهم قلباً أى حب ومشاعر وبهذا يكون الله لهم إلهاً ويكونون لهُ شعباً. ولننظر فعالية التوبة فهى تعيد الإنسان لمرتبته الأولى. أما التين الردىء فهو صدقيا ورجالهُ (8-10) الذين يشعرون بالإطمئنان الكاذب وتمادوا فى خطيتهم. فهؤلاء سيتشتتون فى الأرض ولن يشعروا بفرح وسيحملون للسبى ليس للتنقية بل للسخرية منهم ولضررهم ويسخر منهم ساكنو الأرض لمصائبهم ولن يروا أرضهم ثانية


الإصحاح الخامس والعشرون

ملخص لخدمة أرمياء فى كل الفترة السابقة.

الأيات 1-7 :- 1- الكلام الذي صار الى ارميا عن كل شعب يهوذا في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا هي السنة الاولى لنبوخذراصر ملك بابل. 2- الذي تكلم به ارميا النبي على كل شعب يهوذا و على كل سكان اورشليم قائلا. 3- من السنة الثالثة عشرة ليوشيا بن امون ملك يهوذا الى هذا اليوم هذه الثلاث و العشرين سنة صارت كلمة الرب الي فكلمتكم مبكرا و مكلما فلم تسمعوا. 4- و قد ارسل الرب اليكم كل عبيده الانبياء مبكرا و مرسلا فلم تسمعوا و لم تميلوا اذنكم للسمع. 5- قائلين ارجعوا كل واحد عن طريقه الرديء و عن شر اعمالكم و اسكنوا في الارض التي اعطاكم الرب اياها و اباءكم من الازل و الى الابد. 6- و لا تسلكوا وراء الهة اخرى لتعبدوها و تسجدوا لها و لا تغيظوني بعمل ايديكم فلا اسيء اليكم. 7- فلم تسمعوا لي يقول الرب لتغيظوني بعمل ايديكم شرا لكم.
هذه النبوة مؤرخة بالسنة الأولى لنبوخذ نصر حين بدأ سيف الرب يعمل. وفى هذه الأيات مراجعة للنبوات التى قيلت عن يهوذا وأورشليم لسنوات ماضية والإشارة لأن الشعب لم يهتم بها ولم تنجح خدمة النبى مع هذا الشعب غليظ الرقبة. فى (2) كلمة الرب على كل شعب يهوذا = إهتمام الله بكل واحد. وهكذا خدام الله يجب أن يهتموا بكل واحد ويعملوا على توصيل كلمة الله لكل واحد وذكر إسم نبوخذ نصر فى (1) ثم خطايا الشعب بعد ذلك يعنى أن الله يريد أن يُظهر أنه لعدم توبة الشعب ولخطاياهم الكثيرة بدأ الرب يُعَد أداة التأديب فى نفس الوقت. لذلك سماه الله فى (9) عبدى. وفى (3) أرمياء يعظهم ويعلمهم 23 سنة إذاً فالله يحصى لنا كم تمتعنا بوسائل النعمة التى يعطيها لنا. وبقدر ما تطول بقدر ما يكون حسابنا عسيراً. فكلمتكم مبكراً = أى أنذرتكم مبكراً قبل وقوع الضربات فلم تسمعوا وفى (4) كل عبيده = فالله لإهتمامه بشعبه أرسل لهم أنبياء كثيرين مثل ميخا وناحوم وحبقوق قبل أرمياء بقليل وصفنيا عاصر أرمياء وهؤلاء كلهم سجل الكتاب المقدس نبواتهم ولكن هناك كثيرين لم يُسَجل الكتاب نبواتهم. عموماً الله لا يبقى نفسه بلا شاهد وفى (5)، (6) الكل كانت لهم كلمة واحدة إرجعوا كل واحد = أى توبوا ولكنهم لم يسمعوا (7).

الأيات 8-14:- 8- لذلك هكذا قال رب الجنود من اجل انكم لم تسمعوا لكلامي. 9- هانذا ارسل فاخذ كل عشائر الشمال يقول الرب و الى نبوخذراصر عبدي ملك بابل و اتي بهم على هذه الارض و على كل سكانها و على كل هذه الشعوب حواليها فاحرمهم و اجعلهم دهشا و صفيرا و خربا ابدية. 10- و ابيد منهم صوت الطرب و صوت الفرح صوت العريس و صوت العروس صوت الارحية و نور السراج. 11- و تصير كل هذه الارض خرابا و دهشا و تخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة. 12- و يكون عند تمام السبعين سنة اني اعاقب ملك بابل و تلك الامة يقول الرب على اثمهم و ارض الكلدانيين و اجعلها خربا ابدية. 13- و اجلب على تلك الارض كل كلامي الذي تكلمت به عليها كل ما كتب في هذا السفر الذي تنبا به ارميا على كل الشعوب. 14- لانه قد استعبدهم ايضا امم كثيرة و ملوك عظام فاجازيهم حسب اعمالهم و حسب عمل اياديهم.
هم لم يسمعوا الصوت الأنبياء ويتوبوا. لذلك فالله لهُ طرق متعددة لذلك فلأنهم أهانوا أرمياء وسخروا منهُ لذلك سيُرسل الله عليهم ملك بابل الجبار الذى لن يقدروا أن يهزأوا بهِ ويهينوه كما فعلوا بأرمياء. فالله لهُ ألات رحمة مثل أرمياء وباقى الأنبياء ولهُ ألات غضب مثل نبوخذ نصر. ولأن الله يؤدب فقط ولا يفنى فبعد ما إستخدم ألات غضبه وأدبهم عاد وإستخدم ألات رحمة لإنقاذهم مثل كورش (فالله هو رب الجنود، الكل جنود تحت أمره لينفذوا مشيئته). وفى (9) عشائر الشمال = هم الشعوب الشمالية المتحدة تحت قيادة نبوخذ نصر وهى الشعوب الخاضعة لهُ التى كون منهم جيشه. وعلى كل هذه الشعوب حواليها = فالله هو إله يهوذا وكل الشعوب، وهو يؤدب الجميع ولكن هو يذكر يهوذا أولاً، فمن يعرف أكثر يعاقب أكثر. وفى (10) الله يبيد صوت الفرح = لأن أفراحهم لم تكن مقدسة بل كلها خطية ووثنية. لذلك فالخراب عام لأن الخطية عمت الجميع. صوت الأرحية = جمع رحى فالأرض أُفْرِغَتْ من ساكنيها.
أية (11) نتيجة الخطية سيخسرون حريتهم ويخدمون ملك بابل 70 سنة
1. تحديد السبعين سنة فيه إثبات لصدق نبوة إرمياء وفيه راحة وعزاء للشعب المسبى فسيعرفون أن هناك نهاية لألامهم هى نبوة تعطيهم أمل ورجاء فى الخلاص.
2. عين دانيال كانت على هذه النبوة التى حسب منها زمن الرجوع (دا2:9) إذاً فنبوة هذا الكتاب كلها كانت مع المسبيين. وأيضاً عين عزرا كانت على هذه النبوة (عز1:1).
3. أما كاتب سفر أخبار الأيام فقد فهم حكمتها. لماذا هى 70 سنة بالذات (2أى21:36) فقد قال "لإكمال كلام الرب بفم أرمياء وحتى إستوفت الأرض سبوتها لأنها سبتت فى كل أيام خرابها لإكمال سبعين سنة" والمعنى :- حين دخل الشعب أرض الميعاد كان لهُم وصية الله، أن يزرعوا الأرض ست سنوات ويتركوها فى السنة السابعة للراحة لكن العقلية المادية رفضت هذا المنطق. وبينما وعدهم الله أنه فى السنة السادسة ستعطيهم الأرض ضعفين إلا أنهم لم يقتنعوا بهذا المنطق الإيمانى ولم ينفذوا هذه الوصية إلا لفترات قصيرة ثم إمتنعوا عن تنفيذها. وغالباً كانت المدة التى إنقطعوا فيها عن تنفيذ هذه الوصية = 490 سنة. فتكون السنين التى فلحوا الأرض وزرعوها فيها ضد الوصية = 490 على 7 = 70 سنة. ولكن الله أراح الأرض هذه السبعين سنة بطردهم منها. وتكون كلمة سبتت تعنى أن الأرض أخذت راحتها التى كان مفروضا أن تأخذها فى كل سنة سابعة فيوم السبت هو اليوم السابع فى الأسبوع وهو يوم راحة.
4. ذهابهم للسبى كان عقوبة لخطيتهم. ولكنه كان لفترة محدودة بعدها جاء كورش رمز المسيح وأطلقهم أحراراً هكذا نحن بخطيتنا سقطنا فى عبودية إبليس إلى أن جاء المسيح وخلصنا.
5. 70 = 7×10 ورقم 10 يشير للوصايا العشر ورقم 7 يشير للكمال ولأيام هذا العالم إذاً رقم 70 هى المدة التى فيها إستعبد شعب الله وتشير للإستعباد نتيجة كسر الوصايا فى هذا العالم.
6. وفى نهاية السبعين سنة ستخرب بابل (12) وهذا ما حدث بعد الصليب فقد قُيد الشيطان الذى رمزه بابل (رؤ2،1:20) وتكون ال 70 سنة رمز للمدة من سقوط أدم حتى الصليب حين حررنا المسيح.
7. كيف تحسب السبعين سنة :- بدأ تسلط بابل على يهوذا سنة 606 ق.م بعد معركة كركميش (صفحة 1) ونداء الملك كورش الفارسى برجوع أهل السبى إلى أوطانهم كان سنة 536 وفى سنة 606 جاء نبوخذ نصر إلى يهوذا وأخضع يهوياقيم وقام بسبى كثيرين من يهوذا (السبى الأول) الذين كان منهم دانيال والثلاث فتية. وبحساب هذه المدة بين السبى الأول ونداء كورش نجدها 70سنة 0وهناك طريقة أخرى للحساب فقد تم تخريب الهيكل سنة 586 ق0م وتم تجديده سنة 515 ق0م فيكون الزمن أيضا سبعين سنة 0.
8. تصير هذة الارض خراباً ودهشاً = فمن يتملك عليه الشيطان يصير خراباً ودهشاً لأنة بعد ان كان الإنسان على صورة الله ومثاله فسدت طبيعته ولكن شكراً لله الذى اعطانا إمكانية استعادة صورته. ثم فى (12) تصير هذة الامة بابل التى ترمز للشياطين خراباً ابدياً 0 اذاً الإنسان كان إستعباده للشيطان مؤقتاً منذ سقوط ادم حتى مجىء المسيح وهوما رمزله بفترة السبعين سنة اماالشيطان فخرابه أبدى.
9. فى اية (14):استعبدهم أمم كثيرة وملوك عظام = فقد سقطت بابل تحت حكم كورش الفارسى فإستعبدها واولاد الله "الملوك والكهنة"اعطاهم الله ان يدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو اى الشياطين.

الايات 15-29:- 15- لانه هكذا قال لي الرب اله اسرائيل خذ كاس خمر هذا السخط من يدي و اسق جميع الشعوب الذين ارسلك انا اليهم اياها. 16- فيشربوا و يترنحوا و يتجننوا من اجل السيف الذي ارسله انا بينهم. 17- فاخذت الكاس من يد الرب و سقيت كل الشعوب الذين ارسلني الرب اليهم. 18- اورشليم و مدن يهوذا و ملوكها و رؤساءها لجعلها خرابا و دهشا و صفيرا و لعنة كهذا اليوم. 19- و فرعون ملك مصر و عبيده و رؤساءه و كل شعبه. 20- و كل اللفيف و كل ملوك ارض عوص و كل ملوك ارض فلسطين و اشقلون و غزة و عقرون و بقية اشدود. 21- و ادوم و مواب و بني عمون. 22- و كل ملوك صور و كل ملوك صيدون و ملوك الجزائر التي في عبر البحر. 23- و ددان و تيماء و بوز و كل مقصوصي الشعر مستديرا. 24- و كل ملوك العرب و كل ملوك اللفيف الساكنين في البرية. 25- و كل ملوك زمري و كل ملوك عيلام و كل ملوك مادي. 26- و كل ملوك الشمال القريبين و البعيدين كل واحد مع اخيه و كل ممالك الارض التي على وجه الارض و ملك شيشك يشرب بعدهم. 27- و تقول لهم هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل اشربوا و اسكروا و تقياوا و اسقطوا و لا تقوموا من اجل السيف الذي ارسله انا بينكم. 28- و يكون اذا ابوا ان ياخذوا الكاس من يدك ليشربوا انك تقول لهم هكذا قال رب الجنود تشربون شربا. 29- لاني هانذا ابتدئ اسيء الى المدينة التي دعي اسمي عليها فهل تتبراون انتم لا تتبراون لاني انا ادعو السيف على كل سكان الارض يقول رب الجنود.
يشبه هنا الغضب القادم بكاْس يدور على الجميع. هو كأس غضب الله وأداته هو نبوخذ نصر. هو كأس مملوء شراباً ساماً وسيرغمون على شربه (28) ولاحظ أن غضب الله هنا مهما كان شديداً فهو مثل كأس فى مقابل غضبه فى الأبدية. وهذا الكاْس مُرسَل بيد ارمياء فالله امامه كقاضى للأمم (10:1) ليحكم عليهم 0 والأمم هى الأمم المجاورة ليهوذا0 ومعنى ان ارمياء يعطيهم ليشربوا هو أنه سيتنبأ عليهم ويهوذا وضعت اولاً (18) لأن القضاء يبدأ ببيت الله (ابط 17:4)+(حز6:9) وغالباً فقد كانت عين نبو خذ نصر على اْورشليم المحصنه الغنية وسط كل هؤلاء اولاً. وذلك لأن عين الله كانت ضدهم فمن يعرف أكثر يدان أكثر0 وقولهُ مثل هذا اليوم ان هذا الخراب كان قد بدأ يحدث 0 ثم يأتى الدورعلى فرعون ‘الذى كان اليهود يحبون أن يعتمدوا عليه (19) ولكنه فى نظر الله كان كقصبة مكسورة ولأن كثيرين منهم هرب لمصر فالنبوة كانت موجهة لهم بأن هذا البلد الذى لْجأوا إليه وأحسوا فيه بالإطمئنان وإستمروا فى خطاياهم بلا توبة سوف يخرب أيضاً وفى(20) اللفيف= هم الشعوب المختلطة بهم اوالأقليات التى تعيش وسطهم ومن (19-26) يعدَد كل الأمم المحيطة التى سيسودها ملك بابل 0والسبب انَ كل هذه الشعوب قد أخطأت لله 0 "فالجميع زاغوا وفسدوا معاً، ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد" (رو12:3) الكل فسد يهوداً وأمم، الكل إستجاب لاغراءات إبليس فسقط فى عبوديته 0وهذا معنى ان بابل ستسود على الكل يهوداً وأمم بل كل ممالك الأرض التى وجه الأرض 0 فالكل أبناء آدم 0 والكل ورث خطيه أدم 0 فالكل إستُعبِِدَ لإبليس وكما رأينا سابقاً فلن ينجو إبليس من نتائج عمَلهُ فيسقط هو ايضاً وملك شيشك يشرب بعدهم، ربما يذكر النبى إسم بابل بطريقة رمزية حتى لا يثير ملك بابل ضده ولأن شيشك تعنى يغطس إشارة لإلقاء إبليس فى البحيرة المتقدة بالنار (رؤ10:20). (26) وملك شيشك هو ملك بابل (راجع أر41:51) وقد تكون شيشك إسم مدنية كبيرة فى بابل والدمار الذى سيأتى على كل هؤلاء مشبه بالترنح والجنون من شدة الضربة وخطيئة السُكْرْ تفقد الإنسان صحته وكرامته وعقله وقراره الصحيح. أليس هذا ما يصنعه إبليس مع كل من يتملكه حين يقبل غوايته. يفقده كل شىء. حقاً " إن الخطية قتلت كثيرين وكل قتلاها أقوياء " وتشبيه الحرب بالسكر معناه أنهم من شدة الأهوال يفقدون القدرة على إتخاذ القرار الصحيح ويجن القادة المسئولين من حجم الخسائر ويتقيأون كل الغنى والثروة التى حصلوا عليها بالظلم ويفقدون كرامتهم ولا يقومون (27) وفى (29،28) رفضهم شرب الكأس هو رفضهم لكل المعانى والإنذارات وعدم تصديقهم لشىء منها ورفضهم التوبة. ولكن كان على أرمياء أن يخبرهم أنها كلمة الله وأنهم لن يمكنهم مقاومة ضابط الكل وهو الذى يحاكم كل الأمم مهما كانت عظمتها. وهو الذى دان إبليس.

الأيات 30-38 :- 30- و انت فتنبا عليهم بكل هذا الكلام و قل لهم الرب من العلاء يزمجر و من مسكن قدسه يطلق صوته يزئر زئيرا على مسكنه بهتاف كالدائسين يصرخ ضد كل سكان الارض. 31- بلغ الضجيج الى اطراف الارض لان للرب خصومة مع الشعوب هو يحاكم كل ذي جسد يدفع الاشرار للسيف يقول الرب. 32- هكذا قال رب الجنود هوذا الشر يخرج من امة الى امة و ينهض نوء عظيم من اطراف الارض. 33- و تكون قتلى الرب في ذلك اليوم من اقصاء الارض الى اقصاء الارض لا يندبون و لا يضمون و لا يدفنون يكونون دمنة على وجه الارض. 34- ولولوا ايها الرعاة و اصرخوا و تمرغوا يا رؤساء الغنم لان ايامكم قد كملت للذبح و ابددكم فتسقطون كاناء شهي. 35- و يبيد المناص عن الرعاة و النجاة عن رؤساء الغنم. 36- صوت صراخ الرعاة و ولولة رؤساء الغنم لان الرب قد اهلك مرعاهم. 37- و بادت مراعي السلام من اجل حمو غضب الرب. 38- ترك كشبل عيصه لان ارضهم صارت خرابا من اجل الظالم و من اجل حمو غضبه.
يظهر فى هذه الأيات غضب الله على الخطية وسقوط الإنسان فيها. وهذا يجلب مزيداً من الخراب على الأمم وعلى يهوذا، بواسطة نبوخذ نصر ولكن فليعرف الكل أن الله هو الذى أتى عليهم زائراً (30) على مسكنه = على بيته الذى جعلوه مغارة لصوص كالدائسين = دائس المعصرة. فنبوخذ نصر سيدوس كل هذه الشعوب والله سمح بهذا بسبب خطاياهم. ولأن للرب خصومة معهم بسببها (31) وسيكون الشر شاملاً الأرض كلها (33،32) وزئير الرب مرعب للخطاة مفرح للقديسين ولكنه هنا ضد الأشرار ومن مسكن قدسه = فالقرار سماوى وليس قرار نبوخذ نصر. وهم قام ضد الأشرار كشبل ترك عيصه = أى عرينه ليبحث عن فريسته. وكان غضبه ضد الخطية كنوء عظيم. فالجيش الكلدانى كان كإعصار قادم من الشمال محطماً كل شىء أمامهُ. وفى (34) سيصبح كل الملوك = الرعاة ورؤساء الغنم = غير قادرين على شىء إلا لأن يتركوا أنفسهم للأسف ولأن يولولوا. وسيسقطون كإناء شهى = وحين يكسر الإناء سيُرمى فهو أصبح بلا قيمة وفى (35) يبيد المناص منهم = أى لن يجدوا طريقاً للهرب وفى (37) بادت مراعى السلام = فالله أعطاهم مراعى سلام ولكنهم عوضاً عن أن يشكروا على هذه النعم أحبوا الخطية ودنسوا أنفسهم.
لاحظ أن الأية (32) أن الشر يخرج من امة لأمة = هى تحقيق نبوة النبى السابقة فى أنه سيعطى الكأس للجميع (15) فالشر يدور مثل الكأس. ولكن فى هذا أيضاً تحذير لأن مجىء الكأس على جارى أولاً يعطينى فرصة لكى أتوب قبل أن تأتى على الكأس.


الإصحاح السادس والعشرون

كما إختلط فى سفر أعمال الرسل ألام الرسل مع تبشيرهم. نجد نفس الشىء فى سفر أرمياء. فهو كان أميناً فى رسالته لكن واجه إضطهادات عنيفة من شعبه والكهنة والأنبياء الكذبة والرؤساء.

الأيات 1-6 :- 1- في ابتداء ملك يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا صار هذا الكلام من قبل الرب قائلا. 2- هكذا قال الرب قف في دار بيت الرب و تكلم على كل مدن يهوذا القادمة للسجود في بيت الرب بكل الكلام الذي اوصيتك ان تتكلم به اليهم لا تنقص كلمة. 3- لعلهم يسمعون و يرجعون كل واحد عن طريقه الشرير فاندم عن الشر الذي قصدت ان اصنعه بهم من اجل شر اعمالهم. 4- و تقول لهم هكذا قال الرب ان لم تسمعوا لي لتسلكوا في شريعتي التي جعلتها امامكم. 5- لتسمعوا لكلام عبيدي الانبياء الذين ارسلتهم انا اليكم مبكرا و مرسلا اياهم فلم تسمعوا. 6- اجعل هذا البيت كشيلوه و هذه المدينة اجعلها لعنة لكل شعوب الارض.
المكان الذى عَينه الله لإرمياء لإلقاء نبوته كاد يعرض حياته للخطر لكنه ذهب. قف فى دار بيت الرب = فغالباً ذهب وأثناء مناسبة عيد أو إحتفال. قطعاً كان أسهل لهُ أن يعظ وسط أصدقاؤه فى مكان هادىء. ولكن مما يزيد من خطورة الموقف أن الشعب سيشجع الكهنة والكهنة يشجعون الشعب على إلحاق الضرر به وهنا لأول مرة يتنبأ عن خراب الهيكل وهنا يشبهها بشيلوه (راجع إصحاح 7). فإذا كانت أورشليم قد شابهت شيلوه فى خطيتها فلماذا لا تشبهها فى مصيرها وعقوبتها.

الأيات 7-15 :- 7- و سمع الكهنة و الانبياء و كل الشعب ارميا يتكلم بهذا الكلام في بيت الرب. 8- و كان لما فرغ ارميا من التكلم بكل ما اوصاه الرب ان يكلم كل الشعب به ان الكهنة و الانبياء و كل الشعب امسكوه قائلين تموت موتا. 9- لماذا تنبات باسم الرب قائلا مثل شيلوه يكون هذا البيت و هذه المدينة تكون خربة بلا ساكن و اجتمع كل الشعب على ارميا في بيت الرب. 10- فلما سمع رؤساء يهوذا بهذه الامور صعدوا من بيت الملك الى بيت الرب و جلسوا في مدخل باب الرب الجديد. 11- فتكلم الكهنة و الانبياء مع الرؤساء و كل الشعب قائلين حق الموت على هذا الرجل لانه قد تنبا على هذه المدينة كما سمعتم باذانكم. 12- فكلم ارميا كل الرؤساء و كل الشعب قائلا الرب ارسلني لاتنبا على هذا البيت و على هذه المدينة بكل الكلام الذي سمعتموه. 13- فالان اصلحوا طرقكم و اعمالكم و اسمعوا لصوت الرب الهكم فيندم الرب عن الشر الذي تكلم عليكم. 14- اما انا فهانذا بيدكم اصنعوا بي كما هو حسن و مستقيم في اعينكم. 15- لكن اعلموا علما انكم ان قتلتموني تجعلون دما زكيا على انفسكم و على هذه المدينة و على سكانها لانه حقا ارسلني الرب اليكم لاتكلم في اذانكم بكل هذا الكلام.
كان المتوقع بعد العظة التى قالها أن تكون هناك توبة. ولكن العكس فقد حدث هيجان عظيم بسبب كلامه (كما حدث مع بولس ولوقا فى أفسس فهكذا الشيطان دائماً) وهم إتهموه بنفس التهمة التى إتهموا بها رب المجد وهى التجديف على البيت، وهكذا أيضاً إتهموا إسطفانوس ولاحظ أنهم تذكروا كلامه على البيت ونسوا كلامه عن التوبة أو تناسوه (9) وفى (10) باب الرب الجديد = لعله المذكور فى (2مل35:15) وقد بنى قبل هذه الحادثة بـ15 سنة تقريباً. وكان موقف أرمياء خطير فالكهنة والأنبياء حينما ذكروا التهمة الموجهة إليه فى حديثهم مع الرؤساء ركزوا على قول النبى ضد المدينة وذلك لإثارة الرؤساء عليه لأنهم ظنوا أن الرؤساء سيدينوه بسبب المدينة فهم يهتمون بها أكثر من الهيكل. وفى (12) لم يتراجع إرمياء بل أكد أن الله هو الذى أرسله بهذا الكلام ومعنى دفاع أرمياء عن نفسه ملخصه، هل إذا قال إنسان لأخر إحذر هذا الطريق لئلا تموت هل يعاقبه لأنه قال لهُ تموت ولا يشكره لأنه دلَه على طريق الحياة. خصوصاً أن هذا الكلام هو كلام الرب وفى (14) هأنذا بيدكم = كشاة سيقت للذبح لا تستطيع أن تقاوم وفى (15) دماً زكياً على أنفسكم = ستزيدون جرائمكم جريمة جديدة تؤذون بها أنفسكم.

الأيات 16-24 :- 16- فقالت الرؤساء و كل الشعب للكهنة و الانبياء ليس على هذا الرجل حق الموت لانه انما كلمنا باسم الرب الهنا. 17- فقام اناس من شيوخ الارض و كلموا كل جماعة الشعب قائلين. 18- ان ميخا المورشتي تنبا في ايام حزقيا ملك يهوذا و كلم كل شعب يهوذا قائلا هكذا قال رب الجنود ان صهيون تفلح كحقل و تصير اورشليم خربا و جبل البيت شوامخ وعر. 19- هل قتلا قتله حزقيا ملك يهوذا و كل يهوذا الم يخف الرب و طلب وجه الرب فندم الرب عن الشر الذي تكلم به عليهم فنحن عاملون شرا عظيما ضد انفسنا. 20- و قد كان رجل ايضا يتنبا باسم الرب اوريا بن شمعيا من قرية يعاريم فتنبا على هذه المدينة و على هذه الارض بكل كلام ارميا. 21- و لما سمع الملك يهوياقيم و كل ابطاله و كل الرؤساء كلامه طلب الملك ان يقتله فلما سمع اوريا خاف و هرب و اتى الى مصر. 22- فارسل الملك يهوياقيم اناسا الى مصر الناثان بن عكبور و رجالا معه الى مصر. 23- فاخرجوا اوريا من مصر و اتوا به الى الملك يهوياقيم فضربه بالسيف و طرح جثته في قبور بني الشعب. 24- و لكن يد اخيقام بن شافان كانت مع ارميا حتى لا يدفع ليد الشعب ليقتلوه.
من المخجل أن الرؤساء هم الذين ينبهون الكهنة إلى كتاب الله وأن ميخا المورشتى صنع هذا من قبل وحذر حزقيا. فكم كان العمى الذى أصاب هؤلاء الكهنة. وكان الكهنة أيضاً هم الذين هيجوا الشعب ضد المسيح. ولكن للأسف فالرؤساء إقتنعوا بأرمياء إقتناعاً عقلياً لكنهم لم يقدموا توبة. ورجوع الرؤساء لقضية ميخا هو يشبه ما يحدث فى المحاكم اليوم، فى الإستناد لقضايا سابقة مماثلة. وميخا هو أحد الأنبياء الصغار الذين تنبأوا أيام حزقيا وحينما إستمع حزقيا وخضع لنبواتهم أرسل الله ملاكاً وأهلك جيش أشور. وفى الأيات (20-24) نجد قصة نبى أخر هو أوريا كان يتنبأ بنفس الكلمات التى يقولها إرمياء وهذا مما يثبت أن الكلام من الله ولكن خطأ أوريا خوفه وهروبه إلى مصر ففى هذا عدم ثقة بالله. ولاحظ دموية يهوياقيم الملك فهو لم يكتفى بقتله فى مصر ولكنه أراد أن يراه بعينيه قتيلاً فأتى به إلى أورشليم بل هو الذى قتله بيده (23) ورمى جثته مع جثث العامة حتى لا يعتبره الناس نبياً، وليسىء لسمعته وليمنع الأنبياء الأخرين الحقيقيين من التنبؤ مثله. ولكن كان هذا باطلاً فهيرودس قتل يوحنا ولكن سرعان ما وجد المسيح فظنه يوحنا. وأرسل الله للنبى أرمياء صديقه يشجعه ويحميه من رجال الملك (2مل 12:22) وربما يكون جدليابن أخيقام إبنه آية 24. ولكن يبدو أن هذا الصديق كان لهُ نفوذاً قوياً على الكهنة لأنه إستطاع أن يبطل حيلهم. ولكن لماذا ذكرت هذه القصة هنا؟ لكى نقارن بين موقفين أرمياء يقول كلامه ولا يهرب فيدافع الله عنهُ وأوريا يقول كلامهُ ويهرب فيموت، أليس هذا تطبيقاً للمعاهدة بين الله وأرمياء "لا ترتاع من وجوههم لئلا أريعك" (17:1).


الإصحاح السابع والعشرون

فشل أرمياء فى إقناع شعبه بالتوبة وهنا يبحث عن حل وسط ليمنع تدمير المدينة. وهذا الحل أن يستسلموا لملك بابل. فأن يخسروا حرياتهم فهو أفضل من أن يخسروا حياتهم ولامدينتهم. عجيب هو الله الذى يبحث عن الخير والأفضل حتى لهؤلاء الأشرار الذين يقاومونه. وقد أعطى النبى هذه النصيحة للملوك المحيطين بإسم الله. وملخص الموضوع أن هذا هو "أحسن الوحش" ولا علاج سوى هذا. ولن يستمر ذلك سوى 70 سنة فقط. وهذه النصيحة وجهها النبى أيضاً لصدقيا الملك ثم للكهنة والشعب وهو يدلهم عن السياسة الصحيحة كشفقة منه.

الأيات 1-11 :- 1- في ابتداء ملك يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا صار هذا الكلام الى ارميا من قبل الرب قائلا. 2- هكذا قال الرب لي اصنع لنفسك ربطا و انيارا و اجعلها على عنقك. 3- و ارسلها الى ملك ادوم و الى ملك مواب و الى ملك بني عمون و الى ملك صور و الى ملك صيدون بيد الرسل القادمين الى اورشليم الى صدقيا ملك يهوذا. 4- و اوصهم الى سادتهم قائلا هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل هكذا تقولون لسادتكم. 5- اني انا صنعت الارض و الانسان و الحيوان الذي على وجه الارض بقوتي العظيمة و بذراعي الممدودة و اعطيتها لمن حسن في عيني. 6- و الان قد دفعت كل هذه الاراضي ليد نبوخذناصر ملك بابل عبدي و اعطيته ايضا حيوان الحقل ليخدمه. 7- فتخدمه كل الشعوب و ابنه و ابن ابنه حتى ياتي وقت ارضه ايضا فتستخدمه شعوب كثيرة و ملوك عظام. 8- و يكون ان الامة او المملكة التي لا تخدم نبوخذناصر ملك بابل و التي لا تجعل عنقها تحت نير ملك بابل اني اعاقب تلك الامة بالسيف و الجوع و الوبا يقول الرب حتى افنيها بيده. 9- فلا تسمعوا انتم لانبيائكم و عرافيكم و حالميكم و عائفيكم و سحرتكم الذين يكلموكم قائلين لا تخدموا ملك بابل. 10- لانهم انما يتنباون لكم بالكذب لكي يبعدوكم من ارضكم و لاطردكم فتهلكوا. 11- و الامة التي تدخل عنقها تحت نير ملك بابل و تخدمه اجعلها تستقر في ارضها يقول الرب و تعملها و تسكن بها.
نجد هنا مشكلة ظاهرية أن فى أية (1) يذكر إسم يهوياقيم بينما يُذكر إسم صدقيا فى باقى الإصحاح. وحل هذه المشكلة بسيط جداً، أن النبى صنع الأنيار ووضعها على عنقه فى بداية حكم يهوياقيم ولكنه لم يرسلها إلا فى بداية حكم صدقيا. وغالباً هو وضعها فى بداية حكم يهوياقيم حيث بدأت سيطرة بابل على يهوذا. ويبدو أنه كانت هناك مؤامرة بين صدقيا وهؤلاء الملوك بتشجيع من فرعون مصر ضد نبوخذ نصر. وجاء رُسل هذه الأمم ليتشاوروا مع صدقيا لعقد حلف ضد بابل. وهنا النبى يمنعهم ويُرسِل لهم الأنيار التى كان يلبسها منذ زمن يهوياقيم، ليُعلِنْ أن هذه هى إرادة الرب، خضوعهم لملك بابل ويبدو أن إرميا نجح هذه المرة فى أن يرد صدقيا عن أن يشترك فى هذه الفتنة. وصنع رُبُط وأنيار(النير هو قطعة خشبية يربط بها الثور عن طريق أربطة فى رأسه مع ثور آخر ليقوم بالعمل معناها أنه ليس أحد قادراً أن يجعل رأسه حراً أمام ملك بابل. والله أعطى لملك بابل كل شىء حتى حيوان الأرض. وهذا ليس راجع لقداسة نبوخذ نصر فهو كان طاغية متوحش لكن ملك الأرض لا يدل على رضا الله على الشخص فقد قيل عن إبليس "رئيس هذا العالم" أما أولاد الله فلا يقنعهم أى نصيب فى العالم مهما كان. والعكس فمن غاب عنهً مجد السماء لا يكتفى بأى شىء على الأرض مثال :- الإسكندر الأكبر بعد ما غزا العالم المعروف كله بكى لأنه لم تعد هناك أماكن يغزوها. وقد حدد الله سابقاً مدة السيادة البابلية بـ70 سنة ولكن ها هو هنا يحددها بطريقة أخرى. أن هذه السيادة ستستمر فى أيام نبوخذ نصر وإبنه وهو أبل مرودخ وإبن إبنه بيلشاحر (7) الى إنتهت الدولة البابلية فى أيامه على يد كورش وهذا معنى = يأتى وقت أرض أى يأتى وقت تسقط فيه أرضه تحت حكم شعوب كثيرة وملوك عظام = هم ملوك فارس وجيشه فتستخدمه = لأن بابل خدمت فارس. وهنا الله يحذر من أن تستخدم هذه الأمم قوتها لكى تحارب بابل فالله أعطى التفويض لملك بابل فمن يستطيع مقاومته. وهو سمح بهذا لكى يؤدب هذه الأمم على وثنيتها. فمن لا يخدم الله سيجعله الله يخدم سادة غيره. والله حين يسود على إنسان يحرره أما الأخرين (الشياطين) حين يسودون يستعبدون ويذلون ومع هذا فالله يعطيهم نصيحة أن لا يقاوموه حتى لا يفنيهم. ويبدو من (9) أن هذه الأمم المجاورة أيضاً كانت تعانى من وجود الأنبياء الكذبة. وفى (11) حدث هذا فعلاً حين خضع يهوياقيم لملك بابل ثم حين خضع صدقيا له فى أوائل ملكه ولكن بعد تمرد صدقيا ومؤامراته سمح الله بخراب أورشليم.

الأيات 12-22 :- 12- و كلمت صدقيا ملك يهوذا بكل هذا الكلام قائلا ادخلوا اعناقكم تحت نير ملك بابل و اخدموه و شعبه و احيوا. 13- لماذا تموتون انت و شعبك بالسيف بالجوع و الوبا كما تكلم الرب عن الامة التي لا تخدم ملك بابل. 14- فلا تسمعوا لكلام الانبياء الذين يكلمونكم قائلين لا تخدموا ملك بابل لانهم انما يتنباون لكم بالكذب. 15- لاني لم ارسلهم يقول الرب بل هم يتنباون باسمي بالكذب لكي اطردكم فتهلكوا انتم و الانبياء الذين يتنباون لكم. 16- و كلمت الكهنة و كل هذا الشعب قائلا هكذا قال الرب لا تسمعوا لكلام انبيائكم الذين يتنباون لكم قائلين ها انية بيت الرب سترد سريعا من بابل لانهم انما يتنباون لكم بالكذب. 17- لا تسمعوا لهم اخدموا ملك بابل و احيوا لماذا تصير هذه المدينة خربة. 18- فان كانوا انبياء و ان كانت كلمة الرب معهم فليتوسلوا الى رب الجنود لكي لا تذهب الى بابل الانية الباقية في بيت الرب و بيت ملك يهوذا و في اورشليم. 19- لانه هكذا قال رب الجنود عن الاعمدة و عن البحر و عن القواعد و عن سائر الانية الباقية في هذه المدينة. 20- التي لم ياخذها نبوخذناصر ملك بابل عند سبيه يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا من اورشليم الى بابل و كل اشراف يهوذا و اورشليم. 21- انه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل عن الانية الباقية في بيت الرب و بيت ملك يهوذا و في اورشليم. 22- يؤتى بها الى بابل و تكون هناك الى يوم افتقادي اياها يقول الرب فاصعدها و اردها الى هذا الموضع.
النبى هنا يستغل بداية غزو بابل ليهوذا ليثبت كذب الأنبياء الكذبة حتى يصدقوه. ولذلك يشرح لهم أن ما يقولونه عن الصمود هو كذب. وأعمى يقود أعمى يقع كلاهما فى حفرة. ومن يقود خاطىء لخطية يهلك معهُ. وهم عشموا الكهنة أن الأنية الذهبية سترجع (2مل15،13:24) + (2أى10:36) ولكن النبى هنا يتحداهم!! هم يتنبأون، دعهم يصلون ولنرى شفاعتهم فى وقف أحكام الله.
فلنقارن بأنفسنا أيهما أفضل أن نخضع لنير إلهنا يسوع المسيح أو نخضع لنير الشيطان بقبولنا فعل الخطية. فخضوعنا للمسيح يرفعنا للمجد وخضوعنا للشيطان يقودنا للموت الثانى وخضوعنا للمسيح يحررنا وخضوعنا للشيطان يذلنا ونعيش فى هم وكأبة وحزن.


الإصحاح الثامن والعشرون

نجد هنا خصام أرمياء مع أحد هؤلاء الأنبياء الكذبة وإسمه حنانيا. وحنانيا هذا تنبأ بنهاية نبوخذ نصر ورجوع المسبيين والأنية وكعلامة لذلك كسر النير من على عنق أرمياء.

الأيات 1-9 :- 1- و حدث في تلك السنة في ابتداء ملك صدقيا ملك يهوذا في السنة الرابعة في الشهر الخامس ان حننيا بن عزور النبي الذي من جبعون كلمني في بيت الرب امام الكهنة و كل الشعب قائلا. 2- هكذا تكلم رب الجنود اله اسرائيل قائلا قد كسرت نير ملك بابل. 3- في سنتين من الزمان ارد الى هذا الموضع كل انية بيت الرب التي اخذها نبوخذناصر ملك بابل من هذا الموضع و ذهب بها الى بابل. 4- و ارد الى هذا الموضع يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا و كل سبي يهوذا الذين ذهبوا الى بابل يقول الرب لاني اكسر نير ملك بابل. 5- فكلم ارميا النبي حننيا النبي امام الكهنة و امام كل الشعب الواقفين في بيت الرب. 6- و قال ارميا النبي امين هكذا ليصنع الرب ليقم الرب كلامك الذي تنبات به فيرد انية بيت الرب و كل السبي من بابل الى هذا الموضع. 7- و لكن اسمع هذه الكلمة التي اتكلم انا بها في اذنيك و في اذان كل الشعب. 8- ان الانبياء الذين كانوا قبلي و قبلك منذ القديم و تنباوا على اراض كثيرة و على ممالك عظيمة بالحرب و الشر و الوبا. 9- النبي الذي تنبا بالسلام فعند حصول كلمة النبي عرف ذلك النبي ان الرب قد ارسله حقا.
حكم صدقيا 11 سنة وفى السنة الرابعة لحكمه ذهب شخصياً لملك بابل (59:51) إثباتاً لخضوعه وولائه وهذا أعطى للناس أملاً أن الحرب ستنتهى مع بابل بعد هذه الزيارة وهذا شجع حنانيا على نبوته الكاذبة. وكان حنانيا هذا من جبعون مدينة الكهنة. فلم يكن من المستبعد أن يكون كاهناً مثل إرمياء. وغالباً ما قال هذه النبوة فى الهيكل فى إحتفال مهيب أمام الكهنة ورؤساء الكهنة والشعب. وكان بنبوته يتحدى إرمياء فإرمياء قال أن الشعب سيعود من السبى بعد 70 سنة ولكنه يقول لا بل بعد سنتين (3) ولكن نبوته بلا حياة. هى ليست مثل نبوات الأنبياء الحقيقيين، فلا مشورة للناس ولا دعوة للتوبة ولا صلاة بل هو يَعد الناس بعطايا مادية ولا سيرة للعطايا الروحية مثل (7:24) وهنا يظهر أرمياء محبته للشعب فى أنه يتمنى لو كان هذا الكلام صحيحاً ويكون هو أى أرمياء كاذباً. وهو يصلى حتى لا يدخل شعبه هذه المحنة. لكن القرار هو قرار الله وليس قراره هو. ويالغباء الشعب فهم يتركون من يحبهم ويتشفع لأجلهم من أجل نبى كاذب يغشهم.

الأيات 10-16 :- 10- ثم اخذ حننيا النبي النير عن عنق ارميا النبي و كسره. 11- و تكلم حننيا امام كل الشعب قائلا هكذا قال الرب هكذا اكسر نير نبوخذناصر ملك بابل في سنتين من الزمان عن عنق كل الشعوب و انطلق ارميا النبي في سبيله. 12- ثم صار كلام الرب الى ارميا بعدما كسر حننيا النبي النير عن عنق ارميا النبي قائلا. 13- اذهب و كلم حننيا قائلا هكذا قال الرب قد كسرت انيار الخشب و عملت عوضا عنها انيارا من حديد. 14- لانه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل قد جعلت نيرا من حديد على عنق كل هؤلاء الشعوب ليخدموا نبوخذناصر ملك بابل فيخدمونه و قد اعطيته ايضا حيوان الحقل. 15- فقال ارميا النبي لحننيا النبي اسمع يا حننيا ان الرب لم يرسلك و انت قد جعلت هذا الشعب يتكل على الكذب. 16- لذلك هكذا قال الرب هانذا طاردك عن وجه الارض هذه السنة تموت لانك تكلمت بعصيان على الرب. 17- فمات حننيا النبي في تلك السنة في الشهر السابع.
أنظر لروح الكذب فى حنانيا فهو أراد أن يقدم علامة كما قدم إرمياء علامة فكسر النير عن عنق إرمياء وأهانه أمام الشعب. وإنصراف إرمياء ساكتًا (11) من حكمته فلا داعى للوقوف فى وجه هذا الكاذب الهائج المختال. ولأن الله لم يضع كلاماً بعد فى فمه يقولهُ. فهو بذلك أعطى مكاناً للغضب. ولاحظ أنه لم يهتم بالإهانة ولم يثور بفعل مضاد فهو واثق من صحة موقفه. وهو ليس لهُ شىء يخسره لا كرامة ولا مركز فهو يثق أن الحق معهُ والله سيظهره فى الوقت المناسب. وسريعاً ما وضع الله كلاماً فى فمه. فصنع أنياراً من حديد حتى لا يكسره أحد. والمعنى تأكيد الخضوع لملك بابل بل بصورة أقوى من الأول. ثم كانت هناك عقوبة لحنانيا. فهو غش الشعب فجعلهم يتقسون فى طريقهم فلا يقدموا توبة وهذا يزيد من خرابه. وعقوبة حنانيا كانت موته ولنلاحظ أن بعض الناس الصالحين يموتون لكى يضموا من وجه الشر مثل يوشيا (أش1:57) ولكن هذا النبى الكاذب يموت كعقاب لهُ. وموتهُ كان شهادة بصدق نبوة أرمياء. ولكن لماذا لم يموت فوراً؟
لو حدث هذا لإمتلأ أرمياء غروراً أو ربما لحساسيته وبكائه على شعبه ربما يمتلىء حزناً.
من محبة الله أنه يعطى هذا الشرير المنافق أيضاً فرصته للتوبة.

ملحوظة :-
نلاحظ فى هذا الإصحاح أن الأنبياء الكذبة طالما تنبأوا بأن السبى لن يحدث والأن وقد حدث السبى فها هم يستمرون فى كذبهم ببجاحة ويقولون أنه لن يستمر أكثر من سنتين.


الإصحاح التاسع والعشرون

الجدال السابق بين أرمياء والأنبياء الكذبة كان سابقاً عن طريق الوعظ. وتحول الأن ليكون عن طريق الكتابة لأن بعض الأنبياء الكذبة ذهب لبابل بينما أرمياء باقى بأورشليم.

الأيات 1-7 :- 1- هذا كلام الرسالة التي ارسلها ارميا النبي من اورشليم الى بقية شيوخ السبي و الى الكهنة و الانبياء و الى كل الشعب الذين سباهم نبوخذناصر من اورشليم الى بابل. 2- بعد خروج يكنيا الملك و الملكة و الخصيان و رؤساء يهوذا و اورشليم و النجارين و الحدادين من اورشليم. 3- بيد العاسة بن شافان و جمريا بن حلقيا اللذين ارسلهما صدقيا ملك يهوذا الى نبوخذناصر ملك بابل الى بابل قائلا. 4- هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل لكل السبي الذي سبيته من اورشليم الى بابل. 5- ابنوا بيوتا و اسكنوا و اغرسوا جنات و كلوا ثمرها. 6- خذوا نساء ولدوا بنين و بنات و خذوا لبنيكم نساء و اعطوا بناتكم لرجال فيلدن بنين و بنات و اكثروا هناك و لا تقلوا. 7- و اطلبوا سلام المدينة التي سبيتم اليها و صلوا لاجلها الى الرب لانه بسلامها يكون لكم سلام.
فى أية (2) الملكة = هى أم يكنيا والخصيان هم خدام الملك. ولننظر محبة الله الذى لم ينس أولاده وهم فى السبى مشتتين. وأرسل أرمياء خطابه بيد سفراء صدقيا الذين أرسلهم لملك بابل ليجددوا العهد أو ليطلبوا معاهدة سلام. وغالباً فحين يرى من فى السبى هؤلاء ستزيد أمالهم فى الرجوع سريعاً بمقتضى معاهدة السلام هذه. خصوصاً أن الأنبياء الكذبة عشموهم بهذا (8) ولكن الله يذكرهم أنه هو إلههم لم ينساهم وهو سيفك سبيهم فى زمن محدد. وهذا يشجعهم أن لا يسيروا وراء أوثان بابل لأن الله لو كان قد رفضهم ما كان أرسل لهم أى شىء (لقد شعر المسبيين أن الله تركهم ورفضهم (هكذا كل من يكون فى تجربة صعبة) لذلك هنا يشجعهم الله).
ولاحظ فى (4) لكل السبى الذى سبيته = الله يشعرهم أنه هو الذى صنع وأنهم هم فى يده. هو الذى أخذهم للسبى وليس نبوخذ نصر فهذا لم يكن لهُ سلطان إن لم يكن قد أعطى من فوق. لذلك علينا أن نقبل المصائب التى تأتى علينا من أى أحد على أنها من يد الله. والله من محبته هنا يخبرهم عن المستقبل وأنهم لن يرجعوا سريعاً حتى لا يعيشوا فى إضطراب. بل هو يريد سعادتهم وأن يحيوا حياة طبيعية وتكون لهم أسرهم. هناك كانوا يبكون حينما يتذكرون صهيون وهم لن يروا أرضهم لكن إن عاشوا فى تقوى فسيرى أبنائهم وطنهم. وكيف نستفيد نحن من هذا؟ بأن نعيش فرحين فى أى ظرف. وفى (7) يطلب منهم النبى أن يخضعوا للحاكم ويعيشوا فى سلام بلا ثورات فيتعامل معهم البابليين باللطف لذلك تصلى الكنيسة للملك وللحكومات حتى لو إضطهدتها (1بط11:2-17) + (رو13).

الأيات 8-14 :- 8- لانه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل لا تغشكم انبياؤكم الذين في وسطكم و عرافوكم و لا تسمعوا لاحلامكم التي تتحلمونها. 9- لانهم انما يتنباون لكم باسمي بالكذب انا لم ارسلهم يقول الرب. 10- لانه هكذا قال الرب اني عند تمام سبعين سنة لبابل اتعهدكم و اقيم لكم كلامي الصالح بردكم الى هذا الموضع. 11- لاني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لاعطيكم اخرة و رجاء. 12- فتدعونني و تذهبون و تصلون الي فاسمع لكم. 13- و تطلبونني فتجدونني اذ تطلبونني بكل قلبكم. 14- فاوجد لكم يقول الرب و ارد سبيكم و اجمعكم من كل الامم و من كل المواضع التي طردتكم اليها يقول الرب و اردكم الى الموضع الذي سبيتكم منه.
الأحلام هى أحلامهم الكاذبة أى التى من الشيطان أو أحلام اليقظة أى رغباتهم الشخصية. والله يحدد هنا ثانية ميعاد رجوعهم أنه بعد 70 سنة حتى لا يخدعهم أحد. وهذا هو الوقت المناسب الذى يراه الله وهو يعطينا ليس بحسب توقعاتنا وأحلامنا فهذه غاشة بالتأكيد ولكنه هو الوحيد الذى يعرف متى يؤتى التأديب ثماره. ولاحظ أن الله لهُ أفكار سلام نحو الشعب لا شر فهذا السبى هو للسلام فما يهتم به الرب هو أن أعطيكم أخرة = فالله كان يمكن أن يعيدهم سريعاً بل أن لا يسمح بالسبى ولكن كان هذا الشعب سيخسر آخرته وفى (13) وتطلبوننى فتجدوننى = هذه فائدة أخرى للضيقة، أن يطلب الذى فى ضيقة الله بل حينئذ وأنتم فى الشدة تطلبوننى من كل قلبكم = وما علينا حين يأتى الخلاص سوى أن نستمر فى الصلاة والشكر والتسبيح فلا نخسر بركات الضيقة. وهنا قاعدة أساسية فمن يطلب الله بكل قلبه لا يتركه الله "إسألوا تعطوا ".

الأيات 15-23 :- 15- لانكم قلتم قد اقام لنا الرب نبيين في بابل. 16- فهكذا قال الرب للملك الجالس على كرسي داود و لكل الشعب الجالس في هذه المدينة اخوتكم الذين لم يخرجوا معكم في السبي. 17- هكذا قال رب الجنود هانذا ارسل عليهم السيف و الجوع و الوبا و اجعلهم كتين رديء لا يؤكل من الرداءة. 18- و الحقهم بالسيف و الجوع و الوبا و اجعلهم قلقا لكل ممالك الارض حلفا و دهشا و صفيرا و عارا في جميع الامم الذين طردتهم اليهم. 19- من اجل انهم لم يسمعوا لكلامي يقول الرب اذ ارسلت اليهم عبيدي الانبياء مبكرا و مرسلا و لم تسمعوا يقول الرب. 20- و انتم فاسمعوا كلمة الرب يا جميع السبي الذي ارسلتهم من اورشليم الى بابل. 21- هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل عن اخاب بن قولايا و عن صدقيا بن معسيا اللذين يتنبان لكم باسمي بالكذب هانذا ادفعهما ليد نبوخذراصر ملك بابل فيقتلهما امام عيونكم. 22- و تؤخذ منهما لعنة لكل سبي يهوذا الذين في بابل فيقال يجعلك الرب مثل صدقيا و مثل اخاب اللذين قلاهما ملك بابل بالنار. 23- من اجل انهما عملا قبيحا في اسرائيل و زنيا بنساء اصحابهما و تكلما باسمي كلاما كاذبا لم اوصهما به و انا العارف و الشاهد يقول الرب.
بعد أن شجع أرمياء المسبيين بدأ يهاجم الأنبياء الكذبة على تشجيعهم الشعب على الخطية ويبدو أن رسائل أرمياء قابلوها بإستخفاف قائلين لماذا يشغل أرمياء بالهُ ونحن قد أقام الله لنا هنا نبيين ونحن نكتفى بهما ولا نريد أن نسمع من أنبياء أورشليم (15) وفى (16) وهؤلاء الأنبياء الكذبة خدعوا من فى السبى ووعدوهم بعودة سريعة ولكن الله هنا يقول "هل تظنون أن من فى أورشليم أحسن منكم لأنهم لم يذهبوا للسبى؟ لأنهم كالتين الردىء وعقوبتهم فى (17-19) وفى (18)".
حلفاً = أى لعنة. وخطية الأنبياء الكذبة بشعة فالكذب نفسه خطية رديئة وإذا كان الكذب يُضلل أولاد الله فهو أرداً وإذا كان بإسم الله فهو أسوأ الكل. ومن لهُ هذه الجرأة فلا عجب أن يصنع أى خطية أخرى وها نحن نرى هذين النبيين يزنيان بنساء أصحابهما (23) ولذلك عاقبهما الرب بأن أسلمهم ليد ملك بابل، غالباً لإثارتهم الشعب بأحلام الرجوع وليس لزناهم. وهم ماتوا وصار موتهم عبرة عكس القديسين الذين يصير موتهم مجداً.

الأيات 24-32 :- 24- و كلم شمعيا النحلامي قائلا. 25- هكذا تكلم رب الجنود اله اسرائيل قائلا من اجل انك ارسلت رسائل باسمك الى كل الشعب الذي في اورشليم و الى صفنيا بن معسيا الكاهن و الى كل الكهنة قائلا. 26- قد جعلك الرب كاهنا عوضا عن يهوياداع الكاهن لتكونوا وكلاء في بيت الرب لكل رجل مجنون و متنبئ فتدفعه الى المقطرة و القيود. 27- و الان لماذا لم تزجر ارميا العناثوثي المتنبئ لكم. 28- لانه لذلك ارسل الينا الى بابل قائلا انها مستطيلة ابنوا بيوتا و اسكنوا و اغرسوا جنات و كلوا ثمرها. 29- فقرا صفنيا الكاهن هذه الرسالة في اذني ارميا النبي. 30- ثم صار كلام الرب الى ارميا قائلا.31- ارسل الى كل السبي قائلا هكذا قال الرب لشمعيا النحلامي من اجل ان شمعيا قد تنبا لكم و انا لم ارسله و جعلكم تتكلون على الكذب. 32- لذلك هكذا قال الرب هانذا اعاقب شمعيا النحلامي و نسله لا يكون له انسان يجلس في وسط هذا الشعب و لا يرى الخير الذي ساصنعه لشعبي يقول الرب لانه تكلم بعصيان على الرب.
كنا نتوقع بعد هذا الخطاب لأرمياء أن يشكره المسبيين ولكن الأنبياء الكذبة إستغلوه ضدَه. النحلامى = غالباً معناها الحالم أى الذى يرى رؤاه فى الأحلام. وشمعياً هذا أرسل رسالة دورية لكل الكهنة والشعب ضد أرمياء. وكانت هذه الرسالة موجهة أساساً لصفنيا بن معسيا = وربما كان مساعداً لرئيس الكهنة أو نائباً له. وعلى أية حال فيبدو أنه شخص لهُ إعتباره مثل فشحور. وفحوى رسالة شمعياً أنه يقول لصفنيا أن الله أقامك مكان يهوياداع فتولى مركزك ونفذ ما جاء بالناموس ضد أرمياء. فهو يستغل كلمة مجد الله ليغطى أفكاره الشريرة نحو أرمياء (أش5:66) + (يو2:16). وهو إتهم أرمياء بأنه نبى كاذب ومجنون (أى ملموس بالشياطين)، إذاً هو يجب قتله وقد إعتمد فى كلامه على خطاب أرمياء للمسبيين وفيه كان يخبرهم بأن مدة السبى مستطيلة = أى ستطول. ولاحظ العمى الذى يصيب القلب. فكان فى الماضى حين يقول إرمياء أن السبى قادم، كان هؤلاء الكذبة يقولون أنه لا سبى والأن أرمياء يقول المدة ستطول وهم يقولون لا بل ستقصر، بدلاً من أن يخزوا من إنكشاف كذبهم فى المرة الأولى. وهو يوبخ صفنيا على تركه أرمياء بدون عقاب وبذلك كان يأمل فى سجنه حتى لا تؤثر رسائله فى المسبيين. وأنظر أية جرأة ووقاحة لهؤلاء الأنبياء الكذبة حتى وهم فى السبى يأمرون الكهنة ولكن يبدو أن صفنيا كان يحترم أرمياء فهو إكتفى بأن قرأ لهُ هذه الرسالة دون أن يضطهده أو لم ينفذ ما جاء بها. بل غالباً ما كان يحميه. وكان رد الرب على لسان أرمياء ليس لشمعيا نفسه بل لكل المسبيين حتى يعرفوا حقيقة من تصوروه نبياً لله وهو كذاب غشهم بتعزيات زائفة فمنع عنهم التعزيات الحقيقية ولاحظ أنه أى شمعيا حين تذمر على كلام النبى أنه بينما أن المسبيين يعيشون حياة طبيعية ويكون لهم عائلات كان عقابهُ هو أن لا تكون لهُ أسرة. فمن يحتقر بركات الله يستحق أن يحرم منها.


الإصحاح الثلاثون

الإصحاحات (30-33) هى إصحاحات تعزية.
فى هذا الإصحاح وما يليه عظة مختلفة النبرة عن كل ما سبق بتوجيه من الله. فهنا نجد وعود حلوة بالرجوع من السبى وهى ظل ورمز للأمجاد المذخرة فى كنيسة المسيح. والله أمره ليس فقط أن يعظ بها بل أن يكتبها لأنها وعود معزية لكل جيل.

الأيات 1-9 :- 1- الكلام الذي صار الى ارميا من قبل الرب قائلا. 2- هكذا تكلم الرب اله اسرائيل قائلا اكتب كل الكلام الذي تكلمت به اليك في سفر. 3- لانه ها ايام تاتي يقول الرب و ارد سبي شعبي اسرائيل و يهوذا يقول الرب و ارجعهم الى الارض التي اعطيت اباءهم اياها فيمتلكونها. 4- فهذا هو الكلام الذي تكلم به الرب عن اسرائيل و عن يهوذا. 5- لانه هكذا قال الرب صوت ارتعاد سمعنا خوف و لا سلام. 6- اسالوا و انظروا ان كان ذكر يضع لماذا ارى كل رجل و يداه على حقويه كماخض و تحول كل وجه الى صفرة. 7- اه لان ذلك اليوم عظيم و ليس مثله و هو وقت ضيق على يعقوب و لكنه سيخلص منه. 8- و يكون في ذلك اليوم يقول رب الجنود اني اكسر نيره عن عنقك و اقطع ربطك و لا يستعبده بعد الغرباء. 9- بل يخدمون الرب الههم و داود ملكهم الذي اقيمه لهم.
الأمر لأرمياء هنا فى (2) أن يكتب كل النبوات السابقة والتى تأتى ليستفيد من لم يسمع ولأنها مكتوبة لأيام قادمة. ومن هذا الكتاب عرف دانيال ميعاد نهاية السبى وفى (3) الله يعِد هم هنا برجوعهم من السبى لأرض أبائهم. والمعنى الروحى هو رجوع الإنسان بفداء المسيح لمكانته عند الله وبنوته لهُ. وهو هنا يصور الألام التى يعانون منها عند أى هجوم للجيش الكلدانى ولكن بمقارنة هذه الألام بالخلاص الذى يعَده الرب سيبدو هذا الخلاص مدهشاً. ونحن فى العالم نعيش فى ألم ولكن سوف نتمجد معهُ. وفى (5) صوت هذا الألم وهذا عكس ما قاله الأنبياء الكذبة. ولاحظ، ألا يحدث هذا حتى الأن حين يخدع الشيطان إنساناً بالخطية ويكذب حين يغريه بملذاتها ويجعله ينسى الألام التى سيمر بها بعد سقوطه والحزن والإكتئاب بعدها. كما فعل بالشعب بعد خروجهم من أرض مصر فذكرهم بقدور اللحم وجعلهم ينسون ألام السياط والإستعباد. وفى (6) يصوَر ألامهم حتى الرجال بأنها كألام الماخض من رعبهم رؤيتهم لبلادهم تحترق بلا أمل فى نهاية لهذه الألام ولكن لماذا شبهها الله بألام الماخض؟ لأنها تنتهى نهاية سعيدة وليس بالموت. بل بعد الولادة تنسى الألام. وكلمة الصفرة فى اللغة الأصلية تدل على لون الوجه الذى يمرض نتيجة عادات سيئة مثل فقر الدم فى أثناء فترة المراهقة. فالله خلقنا على صورته ولكن الخطية غيرت هذه الصورة إلى صفرة. وفى (7) ذلك اليوم عظيم.. هو وقت ضيق على يعقوب ولكنه سيخلص منه يمكن أن نفهمها على أنه يوم خراب أورشليم على يد بابل وسيكون يوماً رهيباً لكن النهاية أن يعقوب سيخلص ويرجع من السبى ويمكن أن نفهمها أنه يوم الصليب فهو يوم عظيم ولكنه يوم ضيق على المسيح أصل وذرية يعقوب. ولكنه سيخلص منهُ بالقيامة والصعود وما جناه البشر من بركات هذه النعمة. ويمكن أن نفهمها أنها عند النهاية والضيقات التى تحل بالعالم قبل النهاية حين يحل الشيطان من أسره ولكن النتيجة أن شعب المسيح (يعقوب سيخلص) ومهما طالت ألام الكنيسة ستنتهى بالمجد. وفى (8) بعد الصليب قُيَد الشيطان بسلسلة وبعد مجىء المسيح الثانى سيطرح فى بحيرة النار. ولكن هذا يعنى بالنسبة لنا أن المسيح قد حررنا " إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحراراً وهذه الأية تعنى للمسبيين خلاصهم من بابل وفى (9) داود ملككم = هو المسيح إبن داود فمن حرره المسيح عليه أن يظل يخدمه وبذلك يحتفظ بحريته. وتعنى لليهود أن يلتزموا بالسير وبخدمة زربابل ونحميا الذين قادوهم بعد السبى.

الأيات 10-17 :- 10- اما انت يا عبدي يعقوب فلا تخف يقول الرب و لا ترتعب يا اسرائيل لاني هانذا اخلصك من بعيد و نسلك من ارض سبيه فيرجع يعقوب و يطمئن و يستريح و لا مزعج. 11- لاني انا معك يقول الرب لاخلصك و ان افنيت جميع الامم الذين بددتك اليهم فانت لا افنيك بل اؤدبك بالحق و لا ابرئك تبرئة. 12- لانه هكذا قال الرب كسرك عديم الجبر و جرحك عضال. 13- ليس من يقضي حاجتك للعصر ليس لك عقاقير رفادة. 14- قد نسيك كل محبيك اياك لم يطلبوا لاني ضربتك ضربة عدو تاديب قاس لان اثمك قد كثر و خطاياك تعاظمت. 15- ما بالك تصرخين بسبب كسرك جرحك عديم البرء لان اثمك قد كثر و خطاياك تعاظمت قد صنعت هذه بك. 16- لذلك يؤكل كل اكليك و يذهب كل اعدائك قاطبة الى السبي و يكون كل سالبيك سلبا و ادفع كل ناهبيك للنهب. 17- لاني ارفدك و اشفيك من جروحك يقول الرب لانهم قد دعوك منفية صهيون التي لا سائل عنها.
أية (10) لم تتحقق تماماً فى العودة من سبى بابل لذلك فتحقيقها لم يتم إلا فى كنيسة المسيح التى جمع الله لها أولادها من بعيد. فالمؤمنين بالمسيح هم من كافة أنحاء الأرض وهؤلاء خلصهم من أرض سبيهم = أى من سبى وعبودية إبليس. بل يعطيهم سلام = يطمئن ويستريح أية (11) الأمم رمز الشياطين ستفنى لكن أولاد الله يؤَدبون فقط ثم يعودون. وهم لا يتبرأون = فالله لا يحابى، ومن يخطىء يعاقب ويؤدب. وهم لم يتبرأوا بأعمالهم إنما بدم المسيح. وفى (12) هذا حال الإنسان بعد الخطية قبل مجىء المسيح وفدائه وفى (13) ليس لها صديق أو محب يعصر جرحها ويضع لها عقاقير رفادة = أى أدوية شافيه. لم يكن أحد ليتوسط لهم ويتدخل لحل قضيتهم. لذلك سيتدخل الله بنفسه. وفى (14) حتى أصدقائها غير قادرين على تعزيتها فالله هو الذى ضربها. وإذا تركنا الرب فمن يقف بجانبنا. وفى (15) حالهم ميئوس منه والسبب خطاياهم. ولنلاحظ أن الأحزان عديمة الشفاء سببها شهوات عديمة الشفاء. بل صارت محتقرة وسموها منفية صهيون (17) ولكل ذلك سيقوم الله لخلاصها بالرغم من أنه يظهر بعيداً. وهذه الأمم ستخرب ولكنك ستهربين من هذا الخراب وأنقذك وأشفيك هذا هو عمل الفداء وليس سواه.
أرفدك = أضع لك عصابة لأشفيك.

الأيات 18-24:- 18- هكذا قال الرب هانذا ارد سبي خيام يعقوب و ارحم مساكنه و تبنى المدينة على تلها و القصر يسكن على عادته. 19- و يخرج منهم الحمد و صوت اللاعبين و اكثرهم و لا يقلون و اعظمهم و لا يصغرون. 20- و يكون بنوهم كما في القديم و جماعتهم تثبت امامي و اعاقب كل مضايقيهم. 21- و يكون حاكمهم منهم و يخرج و اليهم من وسطهم و اقربه فيدنو الي لانه من هو هذا الذي ارهن قلبه ليدنو الي يقول الرب. 22- و تكونون لي شعبا و انا اكون لكم الها. 23- هوذا زوبعة الرب تخرج بغضب نوء جارف على راس الاشرار يثور. 24- لا يرتد حمو غضب الرب حتى يفعل و حتى يقيم مقاصد قلبه في اخر الايام تفهمونها.
أية (18) هم الأن فى سبى إذاً هم فى خيام لأنها إقامة مؤقتة. ولكن حين يعودون لأورشليم ستبنى مدينتهم وبيوتهم وقصرهم فمن جعل مدينة خراباً (أش 2:25) قادر أن يجعلها مدينة من جديد. ولكن الخيمة تشير لهذا الجسد الذى نحيا به الأن وهذا الجسد كان فى سبى الخطية، معذب لا يجد عزاء حقيقياً مثل الإبن الضال لا يجد ما يشبع بطنه سوى الملذات الدنسة والشهوات الرديئة التى هى خرنوب الخنازير. ولكن بعد الفداء حررنا الله بمراحمه بل وأصبح جسدنا هيكلاً لروحه القدوس. بل صار جسدنا قصراً فالذى يسكن فيه هو ملك الملوك "إن أحبنى أحد يحفظ كلامى ويحبه أبى وإليه نأتى وعنده نصنع منزلاً" (يو23:14) + (2كو1:5) بل يبنى البيت الجديد على تل. فأورشليم مبنية على تل عالٍ والمعنى سمو البيت الجديد فهو جسد سمائى، خليقة جديدة سماوية تصلى "أبانا الذى فى السموات" وخلال فترة سبى الجسد كانوا لا يسبحون الله. لكن بعد خلاصهم من السبى يعودون للتسبيح (19) فالتسبيح هو لغة الذين خلصهم المسيح. وهم يسبحون الله على صنيعه. من هو مسرور فليرتل وبالنسبة لليهود فهذا معناه أنه ستعود لهم أفراحهم وأعيادهم. ويزداد عددهم. وهذا ما حدث مع الكنيسة حينما نمت وإنتشرت فى العالم كله = ولا يقلون وأعظمهم. ويكون بنوهم كما فى القديم = عادت لنا البنوة فى المسيح الإبن وجماعتهم تثبت أمامى = لا أعود أخرجهم من أمامى كما أخرجت آدم. وأعاقب كل مضايقيهم (20) الشياطين. وهى تنطبق جزئياً فى العودة من السبى. وفى (21) الله يباركهم بحكم جديد فيحكمهم حاكم منهم وليس من الأعداء أو الغرباء. أى واحد من إخوتهم إشترك معهم فى ألام السبى وفى هذا إشارة للمسيح الذى شابهنا فى كل شىء وأخذ جسداً كجسدنا بل خيمة كخيمتنا. فهو أخلى ذاته آخذاً صورة عبد. وشابه إخوته فى كل شىء. وأقربه فيدنو إلىَ = بالنسبة لإسرائيل يعودوا للعبادة فى الهيكل بعد أن كانوا قد رُفضوا وهذا من نعمة الله عليهم ومراحمه. فلا أحد يستحق هذا ولا أحد يستطيع هذا إن لم يقربه الله بمراحمه. ولكن هذه الأية تنظر للمسيح كشفيع وهو كشفيع عمله أن يقترب من الله ليس لحساب نفسه بل لحسابنا كرئيس كهنة فقد قيل عن الكهنة أنهم يقتربون إلى الله (لا3:10 + 17:21) + (خر21:20) والله أرسل المسيح وقدَسه لذلك العمل وبه سُرَت نفس الله. والمسيح قد أطاع حتى الموت وقدم نفسه ذبيحة لذلك سُرَت به نفس الله. وهو قَبِلَ كل الألام ولم يهرب منها. ولذلك كان السؤال من هو هذا الذى أرهن قلبه ليدنو إلىَ = وفى ترجمة أخرى يرتبط قلبه بى إرتباطاً لا فكاك منهُ إرتباط فيه كل الطاعة. لم يكن أحد يستطيع هذا سوى المسيح وبعمله هذا حملنا كلنا فيه وقربنا للأب. هذا معنى شفاعة المسيح ولذلك وبعمل المسيح هذا تكونون لى شعباً (22) وأنا أكون لكم إلهاً. ولاحظ أن من يرتبط بالله يجب أن يعطيه القلب كاملاً ويرتبط معهُ قلبياً ويكون القلب مستعد لخدمة الله فى حب حقيقى ويبقى قريباً من الله فالله يطلب القلب. وهذا هو ما يحتاج لجهاد كبير لأن القلب نجيس ومخادع. وبعد ذلك يعاقب الله الأشرار من الشعب البابلى أو الشياطين (راجع أش23،22:51) ويكون ألمهم وعذابهم مثل الزوبعة مذهلاً لا يقاوم ومحزن جداً ومؤلم جداً وسيتعقبهم وهو دائم. ولن يفهم أحد معنى هذا الخلاص الذى بالمسيح سوى فى آخر الأيام أى بعد مجىء المسيح (24،23) ونلاحظ فى هذا الإصحاح أن الخلاص سيكون مبهج بالرغم من أنهم الأن فى ألام السبى (4-7) وبالرغم من ان ظالميهم أقوياء جداً (8-10) وبالرغم من أن أمم أخرى هلكت ولن تعود (11) وبالرغم من أن كل وسائل الخلاص الظاهرة أمامهم تبدو وكأنها إنتهت (12-14) ومع أن الله هو الذى أرسلهم للسبى بسبب خطاياهم وغضبه عليهم وبالرغم من يأس كل من حولهم من خلاصهم (17) بالرغم من كل هذه العقبات فهم ونحن أبناء الله لا يمكن أن يتركنا فى أيدى ظالمينا ومستعبدينا.


  رد مع اقتباس
قديم 20 - 05 - 2012, 09:13 AM   رقم المشاركة : ( 5 )
astavrola
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية astavrola

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 72
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 219

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

astavrola غير متواجد حالياً

افتراضي

شكراً مايكل على مرورك
  رد مع اقتباس
قديم 23 - 05 - 2012, 03:50 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
رمانة
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية رمانة

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 13
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلــــ غزة ـــب
المشاركـــــــات : 8,903

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

رمانة غير متواجد حالياً

افتراضي

الرب يباركك
رائع ومميز
ننتظر جديدك
  رد مع اقتباس
قديم 01 - 10 - 2012, 07:53 AM   رقم المشاركة : ( 7 )
نونا بنت البابا Female
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية نونا بنت البابا

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 58
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 37
الـــــدولـــــــــــة : القاهرة
المشاركـــــــات : 8,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

نونا بنت البابا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسيـــــــــــــــــــــر سفـــــــــــر أرميـــــــــــــــــا

ميرسى على الموضوع الجميل
ربنا يباركك
  رد مع اقتباس
قديم 01 - 10 - 2012, 08:53 AM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسيـــــــــــــــــــــر سفـــــــــــر أرميـــــــــــــــــا

شكرا على المشاركة الجميلة
ربنا يباركك
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع


الساعة الآن 03:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024