|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كان هناك ترميم لبيت الرب، فالحاجة ماسة إلى ترميم القلب كمسكن خفي للرب. وإن كانت هناك ضرورة للذبائح، فيلزم أيضًا تقديم الطاعة لله ذبيحة حب له. وإن كان لا بُد من الختان فليُختن القلب والحواس أيضًا. إن كانوا أثناء الترميم قد وجدوا سفر الشريعة، فيليق بنا أن نجدها منقوشة بالروح القدس داخل النفس. وسط هذا الظلام الدامس أشرقت أشعة الرجاء بالرب على النبي الباكي الشجاع، إذ رأى من بعيد المسّيا المخلص قادمًا ليقيم عهدًا جديدًا، فيه تُنقش شريعة الله لا على لوحي حجر، إنما داخل القلب الحجري لتجعل منه سماءً مقدسة! هذا السفر في حقيقته هو سفر كل نفس قد مالت في ضعفها إلى تغطية ذاتها بالشكليات في العبادة دون التمتع بعمل الله الخفي والانشغال بالعريس السماوي! في هذا السفر نرى رجل الله مختفيًا وراء كلمة الله النارية لكي يعلن الحق الذي كاد أن يرفضه الكل. يكشف أحكام الله وتأديباته في غير مداهنة ولا مجاملة؛ بل في اتضاع مع حزم، في قوة مع بث روح الرجاء... وقد كلفه ذلك احتمال اضطهادات كثيرة ومتاعب، بل ودفع حياته كلها ثمنًا لذلك. لخص العلامة أوريجينوس غاية هذا السفر بقوله: [أنظر إذًا أي شقاء عظيم أن يخطئ الإنسان فيُسلَّم إلى الشيطان، الذي يسبي (يأسر) النفوس التي تخلى عنها الله. لكن ليس بدون سبب يترك الله هؤلاء الخطاة. فإنه عندما يرسل المطر على الكرمة ثم لا تعطيه هذه الكرمة سوى شوكًا بدلًا من العنب، ماذا يفعل الله بها إلاَّ أن يأمر السحب بألا تمطر عليها؟ إذًا نحن أيضًا مهددون بسبب خطايانا، إن لم نتب يجب أن ُنسلم إلى نبوخذنصر وإلى البابليين حتى يعذبوننا بالمعنى الروحي. أمام هذا التهديد، تدعونا كلمات الأنبياء، وكلمات الشريعة، وكلمات الرسل، وكلمات إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح إلى التوبة وإلى الرجوع. إن سمعنا لهم نؤمن بالذي قال: "ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه" (يونان 3: 10) . والآن أقدم لك أيها العزيز مقدمة بسيطة للسفر مع تفسير مختصر وتأملات أرجو أن تسندنا بروح الله القدوس على التمتع بأسرار هذا السفر الروحية العميقة وفاعلية كلمة الله فينا، مستندًا على بعض مفاهيم الأولين.] |
|