|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التهليل والحياة المقدسة يَا مُحِبِّي الرَّبِّ أَبْغِضُوا الشَّرَّ. هُوَ حَافِظٌ نُفُوسَ أَتْقِيَائِهِ. مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ يُنْقِذُهُمْ [10]. أفسدت الخطية حياتنا، وحول الشر أعماقنا كما إلى جحيمٍ لا يُطاق. صرنا عبيدًا للشر، وقد جاء المخلص يمرر الخطية في أفواهنا، فنبغضها. يشرق بنور برَّه فينا، فنفرح ونتهلل. يقيم مقدسه في داخلنا، فتتحول حياتنا إلى حمدٍ لا ينقطع. * لا يستحق المسيح أن تحبوا الطمع بجانب حبكم له. إنكم تحبون المسيح، ابغضوا ما يبغضه هو... أنصتوا، أنتم تحبون المسيح، والطمع عدو المسيح، فلماذا تتكلمون مع الطمع؟ لست أقول لماذا تتكلمون معه، بل ولماذا تخدمونه؟ فإن المسيح يوصيكم أن تفعلوا أشياء كثيرة، وأنتم لا تفعلونها. الطمع يوصيكم بشيءٍ، وأنتم تفعلونه. القديس أغسطينوس * "يا محبي الرب أبغضوا الشر". لا يمكن أن يوجد نوعان متناقضان من الحب في إنسانٍ واحدٍ. كما أنه لا يوجد اتفاق بين المسيح وبليعال، وبين العدل والظلم (راجع 2 كو 6: 14-15)، هكذا من المستحيل على النفس الواحدة أن تحب الخير والشر. يا محبي الرب، أبغضوا الشر، الشيطان؛ في كل عملٍ يوجد حب لواحدٍ وبغضة للآخر. "الذي عنده وصاياي ويحفظها، فهو الذي يحبني" (يو 14: 21). ومن الجانب الآخر، ماذا يُقال عن الشيطان؟ "بحسد إبليس دخل الموت إلى العالم، وتبعه الذين يؤيدونه" (حك 2: 24). بأسلوب بسيط: يا من تحبون الأمور الصالحة ابغضوا الأمور الشريرة. لا تستطيعون أن تحبوا الصلاح ما لم تبغضوا الشر. * "هو حافظ نفوس أتقيائه". يا لها من نتيجة رائعة! من يحب الصلاح ويبغض الشر، ماذا يستحق من قبل الرب سوى حفظه له؟ "من يد الأشرار ينقذهم". هنا يثور السؤال: إن كان الرب يحفظ نفوس أتقيائه وينقذهم من يد الأشرار، فكيف يهلك الشهداء في الاضطهاد؟ كيف حكم نيرون الظالم بالموت على بطرس وبولس في يومٍ واحدٍ، إن كان الرب يحفظ نفوس أتقيائه؟ لتصغوا بانتباه الآن. فإن الرب يحفظ نفوس أتقيائه؛ يقول نفوس، وليس أجساد. "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها. بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم" (مت 10: 28)... أقول إنه في الاستشهاد يُسفك الدم لكي تخلص النفس من التجارب، لكي تهجر فترة الحياة القصيرة وتدخل الأبدية؛ تترك الاضطهاد خلفها، وتسرع إلى ربنا يسوع المسيح لتتويجها. القديس جيروم * يبدو غريبًا أن نجد البغضة ضمن قائمة الفضائل، لكنها توضع هنا بواسطة الرسول (رو 12: 9) عن ضرورة. لا يشك أحد أن للنفس مشاعر بغضة في داخلها، بها تكره الخطية (مز 97: 10؛ أم 8: 13؛ عا 5: 15) فإنه ما لم يبغض الإنسان الشر لا يقدر أن يحب ولا أن يقتني الفضائل. كمثال إن كان أحد يود أن يحفظ الطهارة لا يقدر أن يحتفظ بها في آمان ما لم يكره الفساد ويحتقره. العلامة أوريجينوس * قال شيخ: حياة الراهب وسلوكه يكونان هكذا: الطاعة، الهذيذ، عدم الدينونة، عدم تشويه سُمعة أحد، عدم التذمُّر، ففي الحقيقة مكتوب: "يا محبِّي الرب ابغضوا الشر" (مز 97: 10). حياة الراهب هي: عدم أخذ شيء من الإثم، عدم النظر إلى ما هو شرير، عدم التدخُّل في كل شيءٍ، عدم الإصغاء إلى الكلام غير اللائق، عدم السرقة بل بالحري العطاء، ألاّ يكون منتفخًا في قلبه، ألاّ تكون له أفكار زنى، ألاّ يكون جشعًا، ألاّ يملأ بطنه، أن يفعل كل شيء بإفراز. مِنْ كل هذه الأمور يُعرَف الراهب. فردوس الآباء نُورٌ قَدْ زُرِعَ لِلصِّدِّيقِ، فَرَحٌ لِلْمُسْتَقِيمِي الْقَلْبِ [11]. يظن الأشرار في ممارستهم للشر أنهم يتمتعون بالحياة السعيدة والبهجة والفرح، وكأنهم يقتنون النور. ولا يدركون أنهم في الحقيقة يفقدون بالشر النور والسعادة. * أي نور تخشون أنكم تفقدونه (بالحياة المقدسة)؟ ألا تخشون أنكم تصيرون في الظلمة؟ ألا تخشون أنكم تفقدون النور؟ بلى لتخشوا لئلا وأنتم تخشون فقدان هذا النور تفقدون النور الحقيقي. القديس أغسطينوس افْرَحُوا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ بِالرَّبِّ، وَاحْمَدُوا ذِكْرَ قُدْسِهِ [12]. * يليق بنا أن نفرح فقط مع أولئك الذين نراهم يمارسون عملًا يستحق تسجيله في السماء، سواء كان عمل برٍّ، أو عمل محبة أو عمل رحمة... هكذا متى رأينا الناس يتحولون عن الخطأ، ويتركون ظلمة الجهل وراءهم، ويأتون إلى نور الحق وغفران الخطايا، يلزمنا أن نفرح معهم (مز 13: 5-6؛ 40: 16؛ 68: 3)... بنفس الكيفية "بكاء مع الباكين" يلزمنا ألا نبكي مع الذين يحزنون على ميتهم أو على خسائر هذا العالم... فلا تلتصق دموعنا بدموعهم، بل بالحري نبكي مع ذاك الذي يبكي على خطاياه، هذا الذي بعدما يفعل خطأ يرجع إلى التوبة ويغسل خطأه بدموعه. يليق بنا أن نبكي مع من يتنهد ليجد نفسه في هذا الوضع، ويطلب العودة إلى المسيح، وتتعزى رغبته المقدسة بسكب الدموع . العلامة أوريجينوس في النهاية يدعونا المرتل أن نفرح ونتهلل، لا بمباهج العالم، بل بالرب، والتسبيح له. يقول القديس أغسطينوس أن الذين يبتهجون بأمور العالم يفرحون في الربيع حيث الثمار الكثيرة ومباهج العالم، أما من يبتهج بالرب، فلا يعرف فصلًا معينًا من فصول السنة، بل يفرح على الدوام. * الفرح الذي بحسب شكل العالم ليس فرحًا حقيقيًا. اسمعوا النبي إشعياء: "ليس سلام قال إلهي للأشرار" (إش 57: 21). القديس أغسطينوس |
|