التهليل والحياة السماوية
أَخْبَرَتِ السَّمَاوَاتُ بِعَدْلِهِ،
وَرَأَى جَمِيعُ الشُّعُوبِ مَجْدَهُ [6].
بقيامة مسيحنا ومخلصنا نتغنى مع الرسول بولس بروح التهليل والغلبة، قائلين: "وكما لبسنا صورة الترابي، سنلبس أيضًا صورة السماوي" (1 كو 15: 49). نصير أشبه بالسماء، نخبر بإنجيل الخلاص وبرّ المسيح، ونشهد بالحياة المقامة أمام الشعوب عن بهجة قيامته. هكذا تخبر السماوات ببرّه، وترى جميع الشعوب مجده.
* الكنيسة كلها تكرز بالمسيح، والسماء تخبر ببرّك. لأن كل المؤمنين الذين يهتمون بكسب غير المؤمنين لله، يفعلون هذا عن حبٍ، إنهم سماوات! من هؤلاء يرعد الله برهبة حكمة، فيرتعب غير المؤمن ويحذر فيؤمن. إنه يُظهر خلال البشر ما هي قوة المسيح في العالم، في مرافقة ومحاججة معهم، يقودهم إلى حب المسيح.
القديس أغسطينوس
* "أخبرت السماوات بعدله، ورأى جميع الشعوب مجده". هاتان العبارتان تنقلان تعليمين: السماوات تخبر بعدل الرب، وجميع الشعوب ترى مجده. إن لم تكن السماوات شخصًا ما كانت تستطيع أن تخبر بعدل الرب. بجانب هذا يُقال للخاطي: "أنت تراب وإلى تراب تعود" (تك 3: 19). فلماذا لا يُقال عن البار: "سماء أنت وإلى سماء تعود"؟ إننا لا نحمل شبه الترابي بل السماوي (1 كو 15: 49)، لأن "مواطنتنا هي في السماوات" (في 3: 20).
تبعًا لهذا، الإنسان سائح على الأرض، بالتأكيد وهو في الجسد، لكن ليس حسب الجسد، بهذا يخبر بعدل الرب. الآن، إن كان أحد يعاني من الحاجة بسبب نقص المعرفة والشكوى: "لماذا نرى في هذه الحياة الأبرار في عوزٍ وانسحاقٍ تحت ثقل المتاعب، بينما الخطاة في فيض الغنى وكل الأمور المريحة؟ إن لم يتعلم الرجل الكنسي في الكتاب الإلهي المقدس، كيف أنه في مثل هذه الحالات يكون قادرًا على البرهنة على عدل الله؟ إن كان يلهج في الناموس ليلًا ونهارًا، يكون مستعدًا أن يجيب بأن الفترة القصيرة في الضيق في العالم الحاضر يلزم مقارنتها بالمكافاءات الأبدية فيما بعد. إنه من الأفضل جدًا أن يًحتمل الفقر الاختياري من أجل الرب لفترة هذه الحياة القصيرة من أجل التمتع بغنى الحياة المقبلة، عن التنعم بالرفاهيات هنا، وتكون العذابات فيما بعد بعقوبات غير محتملة.
"ترى جميع الشعوب مجده". هؤلاء الذين تعثروا أولًا في صليب الرب، فكانوا عاجزين عن التعرف عليه، حاليًا بعد أن أخبرت السماوات بعدله صارت تمجده.
* الإنسان الذي في السماوات لا يخاف عدل الله؛ الإنسان من السماء لا يخشى أن يعلن عدل الله. الإنسان المقدس والذي من السماء لا يخشى إله العدل. أما الخاطي فيطلب إله الرحمة.
القديس جيروم
* اسمع لكلمات ذاك الذي لا يخدع: "الرب إلهنا رب واحد" (تث 6: 4). وأيضًا: "الرب إلهك تتقي، وإياه تعبد، ولا تسير وراء آلهة أخرى" (تث 6: 13). "لا تصنع لك تمثالًا منحوتًا، ولا صورة ما ممّا في السماء من فوق، وما على الأرض من تحت" (خر 4: 20). "يخزى كل عابدي تمثال منحوت، المفتخرين بالأصنام" (مز 97: 7). ومرّة أخرى: "الآلهة التي لم تصنع السماوات والأرض تبيدُ من الأرض ومن تحت السماء" (إر 10:11). بهذه الطريقة وبأساليب مماثلة تكلّم الله في الزمن الماضي إلى الآباء عن طريق الأنبياء، ولكن أخيرًا في هذه الأيام تكلّم معنا عن طريق ابنه الوحيد، الذي به صنع الدهور. إنه يقول: "هذه هي الحياة الأبديّة، أن تعرفوا الإله الحقيقي ويسوع المسيح الذي أرسله". أومن بإلهٍ واحدٍ، مصدر كل الأشياء بدون بداية، غير مخلوق، غير مائت، لا يمكن مهاجمته، أبدي، دائم، غير مفهوم، لا شكل له .
القدّيس يوحنا الدمشقي