|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خَليلُ الله فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا، وَدُعِيَ خَلِيلَ اللهِ ( يعقوب 2: 23 ) يفتخر الإنسان ويتباهى بأنه صديق شخصي لأحد المشاهير، ويتسابق في الحصول على توقيعاته أو التقاط الصور التذكارية معه. عندما نفكر في هذا الأمر نندهش عندما نعرف أن الله قد أتاح لنا الفرصة أن نكون أصدقاءه، مع أنه الشخص العظيم خالق الكون الفسيح، وساكن العُلا. إنه – له كل المجد - يهتم بكل واحد منا شخصيًا، في كل ظروف الحياة المتنوعة، في عالم مليء بالصعوبات، وكالصديق لصديقه يريد أن يتحدث معنا من خلال كلمته المقدسة، وهو يريدنا أن نتحدث إليه في الصلاة. هذه هي الشركة والعلاقة المتبادلة بيننا وبين الله. ونرى في إبراهيم أبي المؤمنين مثالاً لذلك. لقد دُعيَ ”خليل اللهِ“ أي ”صديق الله“ أو ”حبيب الله“. نفس الكلمة التي قالها المسيح لتلاميذه: «لا أعود أُسمِّيكم عبيدًا، لأن العبدَ لا يعلم ما يعمل سيده، لكني قد سمَّيتكم أحباء (أصدقاء) لأني أعلَمتكم بكل ما سمعته من أبي» ( يو 15: 15 ). والصديق الخليل تُكشف له الأسرار كما حدث عندما كان إبراهيم ماشيًا مع الرب ليُشيِّعه، حيث أعلن له الرب أسرارًا خاصة بالقضاء الرهيب على سدوم. نعم «إن السيد الرب لا يصنع أمرًا إلا وهو يُعلن سِرَّهُ لعبيده الأنبياء» ( عا 3: 7 )، ويقول الرب: «هل أُخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله؟» ( تك 18: 17 ) . نعم، «سر الرب لخائفيه، وعهدُهُ لتعليمهم» ( مز 25: 14 ). إنه لشرف وامتياز عظيم لخائفيه أن الله لا يستحي بنا بل يميزنا، ويعلن لنا أفكاره وأسراره. والحكيم يُخبرنا أن «المُكثِر الأصحاب يُخرب نفسه، ولكن يوجد مُحب ألزَقُ من الأخ» ( أم 18: 24 ). فالأصحاب مهما كثروا لا يمكن الاعتماد عليهم، ولا يجب انتظار العون منهم في وقت الشدة، لأنه بسبب عجزهم يقفون من بعيد. ولا يوجد أقسى على النفس أن يجد الإنسان نفسه وحيدًا وقت تجربته، وقد تخلى عنه جميع أصحابه الذين وضع ثقته فيهم. هكذا رثى أيوب حاله قائلاً: «أقاربي قد خذلوني، والذين عرفوني نسوني» ( أي 19: 14 ). والمُحزن أن نرى صديقًا أو قريبًا يخون صاحبه، ولكن يوجد مُحبٌّ أَلزقُ مِن الأخ، هذا هو الصديق الذي يحب في كل حين، ولا يمكن أن تتأثر محبته أبدًا بالظروف والمواقف المتنوعة، وهو دائمًا يُظهر محبته غير المشروطة في عالم اتسم بالبغضة والكراهية. |
|