زوادة اليوم: المقصورة الأخيرة
كان اهل ولد في الحادية عشرة من العمر يصطحبانه كل عام في القطار عند جدته التي تعيش في مقاطعة أخرى ليقضي عطلة الصيف عندها ..
وفي أحد الأعوام قال لهما:
أصبحت كبيرا الآن ماذا لو ذهبت لوحدي إلى جدتي هذا العام؟
وافق الوالدان بعد نقاش قصير وها هما في اليوم المحدد واقفان على رصيف المحطة يكرران بعض الوصايا عليه بينما هو يقول بينه وبين نفسه لقد سمعت ذلك منكما الف مرة!...
وقبل أن ينطلق القطار بلحظة اقترب منه والده وهمس له في أذنه: "خذ .. هذا لك إن شعرت بالخوف أو بالمرض"
ووضع شيئا بجيب إبنه.....
جلس ابن الحادية عشرة وحيدا في القطار دون أهله للمرة الأولى و هو يشاهد تتابع المناظر الطبيعية من النافذة ويسمع ضجة الغرباء تعلو حوله يخرجون ويدخلون إلى مقصورته .. حتى مراقب القطار تعجب ووجّه له الأسئلة حول كونه دون رفقة....
حتى إنّ امرأةً رمقته بنظرة حزينة..
فارتبك الولد وشعر بأنه ليس على ما يرام ثم شعر بالخوف...فتقوقع ضمن كرسيه واضعا رأسه بين يديه واغرورقت عيناه بالدموع....
في تلك اللحظة تذكّر همس أبيه وأنه دسّ شيئا في جيبه لمثل هذه اللحظة....
فتّش في جيبه بيد مرتجفة وعثر على الورقة الصغيرة وفتحها وقرأ ما كتبه الأب:
" ولدي .. أنا جالس في المقصورة الأخيرة في القطار"........
كذلك هي الحياة، نطلق أجنحة أولادنا نعطيهم الثقة بأنفسهم ولكننا يجب ان نكون دائما متواجدين في المقصورة الأخيرة طيلة وجودنا على قيد الحياة .
آباؤنا كانوا مصدر شعور بالأمان لنا ونحن مصدر شعور بالأمان لأولادنا ....
ينعاد ع كل الآباء بالصحة والعافية ويرحم كل أب انتقل الى أحضان الآب.