سمعتم أنه قيل:تحب قريبك وتُبغض عدوك. وأما أنا فأقول لكم:
أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى إلى مُبغضيكم،
وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم
(مت 43:5، 44)
المسيح يقول إن التجاء شخص ما إلى العنف لتوفير احتياجاته أو فرض آرائه ليس من الإنسانية في شيء، ولا يلجأ إنسان إلى العنف ألا تحت ضغوط اجتماعية ونفسية واقتصادية رهيبة. فبدلاً من أن تدين الضارب وتضربه أي تعاقبه، وبهذا تنتهي المشكلة ظاهرياً، سواء بردعه أو بمنعه عن الضرب غصباً فمن الأصوب، أن تعالج ظاهرة العنف ذاتها، وذلك بأن تمتص الضربة الأولى. فالذي يلجأ للضرب أو الاغتصاب أو تسخير الآخرين، يحتاج إلى عطف لأنه يتصرف بدون عقل كحيوان، ويحتاج إلى من يمتص غضبه ثم يعالجه بعد ذلك. إن امتصاص الضربة الأولى ينزع بذور الانتقام من دواخلنا، ويدعونا للتفكير في احتياجات من يلجأ إلى العنف، سواء احتياجه للثقافة أو للعمل أو للمال. ولذلك يقول المسيح: (من سألك فأعطه). ولم يوضح ماذا سأل وما الذي تعطيه له. إن المسيح يقول (أعطه) ما ترى أنه في حاجة إليه، ربما احتياجه لا إلى ثوب بل إلى إحساس بالأمان... وربما إحتياجه لا إلى ضرب أو تسخير، بل إلى حب وانفتاح وعطاء ذات.