ترقب النبي إجابة الرب:
"على مرصدي أقف، وعلى حصن أنتصب، وأُراقب لأرى ماذا يقول ليّ، وماذا أُجيب على شكواي؟!" [1].
كثيرًا ما تدور في أفكارنا تساؤلات يليق بنا لا أن نعرضها على الرب فحسب، وإنّما نقف كما على مرصد نترقب إجابة الرب علينا، نقف كما على حصن مطمئنّين بإيمان وثقة أكيدة أن الله محب البشر لا يخفي أسراره عنّا، ولا يعمل إلا ما هو لبنيانا. هكذا وقف النبي بعد تقديم تساؤله على المرصد ينتظر سماع صوت الرب داخله، وعلى الحصن يحتمي فيه حتى لا يتحوّل التساؤل إلى زعزعة إيمان. هذا المرصد وهذا الحصن ما هما إلا شخص ربّنا يسوع، به نتفهم الأسرار الإلهيّة الفائقة كما من خلال مرصد فائق، وفيه نتحصّن بكونه الصخرة الحقيقيّة التي عليها تأسّست الكنيسة وفيها نحتمي. إنه المرصد الذي بدونه لا نعرف الآب إذ يقول: "لا أحد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له" (مت 11: 27). وهو الصخرة التي تحتمي فيها الكنيسة كحمامة وديعة يُناديها: "يا حمامتي في محاجئ الصخرة في ستر المعاقل أريني وجهك أسمعيني صوتك" (نش 2: 14).
ويرى القديس جيرومأن حبقوق إذ يقف كما على مرصد ليُراقب وينتصب، وكما في برج يتحصّن، إنّما يقوم بهذا الدور كجندي روحي يُصارع ضدّ إبليس بلا استسلام، يتأمّل أعمال الله وأسراره خاصة بالصليب فيمتلئ قوّة للحرب الروحيّة ضدّ الشر.