|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عمق شر الإنسان صلبوه هناك مع المذنبين... فقال يسوع: يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ( لو 23: 33 ، 34) إن عبارة المسيح الأولى من فوق الصليب تبرز لنا شيئًا مهمًا، هو عمق جهل الإنسان وقوة تأثير الشيطان فيه «يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون». أ يمكن أن يفعل الإنسان العاقل ما لا يعلمه؟ نعم، بكل أسف. ويعلِّمنا الكتاب المقدس أن إله هذا الدهر (أي الشيطان) قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح. وكم هي قاسية قوة الشيطان في تضليل البشر، حتى إنهم لما أتاهم نور العالم لم يروه، ولما أتاهم ابن الله الكريم لم يقدّروه، ولما ارتكبوا الجريمة الأفظع والأشنع، ألا وهي جريمة صلبه، لم يعلموا ماذا هم فاعلون! ولهذا فإن الرب اليوم ـ في صلاحه ـ لا يوجِّه بشارة الإنجيل فقط للذين يعرفونه بالاسم، إلى مرتادي الكنائس ومعتادي الذهاب للاجتماعات الدينية، بل إنه يوجهها أيضًا إلى كل مَن تمادوا في البُعد عنه حتى انطبق عليهم القول: «لا يعلمون ماذا يفعلون»، بل إنه يرسل ضياء إنجيله إلى حيث يوجد الظلام، ويشع بضياء معرفته حيث يسود الجهل، وكلماته العجيبة ما زالت أصداؤها ترن إلى الآن «اغفر لهم ... لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون». هل وصلت هذه الكلمات إلى إنسان يُعادي المسيح لغير سبب؟ إن صلاة المسيح هنا تضمن لك البركة والخلاص. فهذه الصلاة أظهرت فاعليتها العجيبة بعد النطق بها مباشرة، إذ خلَّصت أحد اللصين اللذين صُلبا مع المسيح، كما خلَّصت ثلاثة آلاف من اليهود في عظة واحدة حسبما ورد في أعمال2، وما زال الله يستجيب لها في آلاف الذين يرجعون إلى الله يوميًا. عزيزي: إن كان المسيح، وهو فوق الصليب، قد صلى طالبًا الغفران لأجل مَن تمادوا في الشر فوق التصوُّر، وجاوزوا في العِداء له كل الحدود، إذ صلى لأجل صالبيه أنفسهم، فهل يبقى لدينا أي يأس من جهة خلاص أي إنسان مهما كان شره؟ إنه لو كانت هناك لحظة ممكن أن تتوقف فيها توسلات المسيح لأجل المذنبين، لكانت هي تلك اللحظة التي قام فيها الأشرار بتعليقه وتسميره على الصليب. فإن كان الرب قد نطق بهذا القول العجيب في ذلك الوقت، فلماذا تؤجل الرجوع إليه ولو لحظة أخرى؟ |
|