"وتجعل الناس كسمك البحر كدبّابات لا سلطان لها،
تطلّع الكل بشصها، وتصطادهم بشبكتها، وتجمعهم في مصيدتها.
فلذلك تفرح وتبتهج.
لذلك تذبح لشبكتها، وتبخر لمصيدتها،
لأنه بها سمن نصيبها، وطعامها مسمّن (من الصفوة - الترجمة السبعينيّة)
أفلأجل هذا تفرغ شبكتها ولا تعفو عن قتل الأمم دائمًا" [14-17].
لقد تطلّعوا إلى الشعوب الأخرى كسمك في البحر بلا مالك من حقّهم أن يصطادوا ما يشاءون ليأكلوا ويشبعوا، وكدبّابات لا سلطان لها بلا ثمن يفعلون بها ما يريدون. إنهم يفرحون ويبتهجون حينما يأتي الشص بسمكة أو تجمع شباكهم الكثير ويسقط الناس في مصيدتهم... يفرحون بالصيد البشري مقدّمين ذبائح وثنيّة وبخورًا لآلهتهم الواهبة لهم هذا الصيد الثمين. كأن النبي يقول للرب: أتقبل أن يكون شعبك سمكًا بلا ثمن في شباك وثنيّة، يلتهمه الأشرار مقدّمين ذبائح شكر للأصنام وبخورًا أمام الأوثان؟! إن شعبك - بالرغم مما بلغ إليه من انحراف - لكنّه ثمين في عينيك، فكيف تتركه صيدًا لهؤلاء الكلدانيّين؟!
تفرح أمّة الكلدانيّون بصيد هذا الشعب أكثر من اصطيادها أي شعب آخر، إذ يقول النبي: "لأن بهما (بالشص والشبكة) سمن نصيبها وطعامها مسمن"، أو كما يقول في الترجمة السبعينيّة "طعامها من الصفوة Choicest"، فهي لا تفرح إلا بالصيد المختار. هكذا يصوّب إبليس سهامه بالأكثر على أفضل المؤمنين ليسحبهم من إيمانهم
وكما يقول القديس جيروم: [لا يهتم الشيطان بغير المؤمنين إذ هم في الخارج... إنّما يريد أن يفسد كنيسة المسيح ]
والعجيب أن العدوّ إبليس كالكلدانيّين كلما سمن نصيبه ازدادت شراهته والتهب قلبه بالأكثر لاصطياد آخرين، إذ قيل: "أفلأجل هذا تفرغ شبكتها ولا تعفو عن قتل الأمم دائمًا.