|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات في الشهر المريمي تــقــديــــم “تأملات في الشهر المريمي” هـو إضافة لما سبق إصداره في عام 2020 مع ما تم اعداده في أعوام 2021 و2022 و 2023 لـمجـموعـة من الصلوات والتأملات المخصصة للقديسة مريم العذراء والتي تقال عادة فـي شهر مايو من كل عام والتي تم أعدادهـا بارشاد الروح القدس، وذلك من اجل بنيان بعضنا البعض وتعميق الوحدة الكنسية فى المسيح يسوع. أرجو من الرب ان يكون هذا الكتاب سبب بركة روحيـة للجميع وأن يساعد أبناء الكنيسة الكاثوليكيـة على النمو فى الإيـمان وليأتوا بالثـمار الـمرجوة ببـركة الرب وشفاعة القديسة مريم العذراء. الشهر المريمي شهر مايو شهر السيدة العذراء مريم المباركة, والذي كرسته الكنيسة الغربية منذ عام 1365 لتكريم السيدة مريم العذراء الطوباوية. ثم انتقل هذا التقليد أيضاً لاحقاً إلى الشرق نظراً لأهمية ومكانة العذراء مريم عند جميع المسيحيين. يحمل هذا الشهر للمسيحيين معانٍ روحية سامية … تتجلى في تقديم الصلوات والابتهالات إلى الله بشفاعة مريم العذراء, ورفع الطلبات إليها بعد تقديسها وتبجيلها من خلال الطقوس التي نظمت خصيصاً للاحتفالات التي تقام طيلة أيام الشهر طقوس صلاة الشهر المريمي تلاوة صلاة المسبحة الوردية: هذه المسبحة التي أخذت مكانة كبيرة في حياة المسيحيين، وحازت على مدح القديسين وآباء الكنيسة الغربية وبابوات الفاتيكان فقد قال عنها البابا يوحنا بولس الثاني: “إنها صلاتي المفضلة، إنها صلاة رائعة في بساطتها وعمقها، إنها تعرض لنا أهم وقائع حياة المسيح التي إذ جمعت في أسرار ثلاثة تربطنا بالمسيح من خلال قلب أمه إذ صح القول، ويسعنا في الوقت نفسه أن نضم إلى أسرار الوردية كل ما يحدث لنا شخصياً وعائلياً وكنائسياً وإنسانياً… وهكذا تجري صلاة الوردية منتظمة مع الحياة البشرية”. تأمل أو إرشاد (العظة) رتبة التبخير البركة بصورة العذراء أناشيد خاصة بمريم العذراء لتكن صلاتك معنا يا أمنا البتول يا أم النور … وشهر مبارك على الجميع وأيضاً عن الشهر المريمي قالوا: هو الشهر الذي خصصته الكنيسة المقدسة لاكرام امنا العذراء مريم . شهر ايار هو شهر الورود والجمال والحياة والتجدد، فكما ان الورد في شهر ايار يملا الدنيا عطرا وجمالا ،كذلك امنا العذراء يفوح منها عطر قداستها وشفاعتها سماء الكنيسة المقدسة والعالم اجمع . في هذا الشهر يظهر المؤمنين عاطفتهم البنوية للبتول مريم ،وهي بدورها تظهر عاطفة الامومة لكل من اتخذها شفيعة واحتمى بكنفها فهي ملجأ الجميع. في شهر ايار وفي كل مساء تدعو الكنيسة المؤمنين للقاء العذراء، ام المؤمنين لكي يرتلوا لها اناشيد الفرح وصلاة الوردية وطلبة العذراء والقراءات المخصصة لشهر العذراء مريم. ان اكرام العذراء مريم في شهر ايار هو تقليد غربي ومن ثم انتقل الى الشرق ،فبعض المؤرخين ينسبون نشأته الى الطوباوي هنري (+1365) ،غير ان ممارسة شهر ايار كما يعرفها العالم اليوم نشأت في ايطالية في عام 1784 علي يد الكاهن لويس ريشولي . ومن ثم انتشرت ممارسة الشهر المريمي في كل دول اوربا وامريكا والعالم اجمع. ان الكنائس الشرقية منذ القدم تكرم العذراء مريم في الطقوس الكنسية والصلوات الليتورجيا ، والاباء الشرقيون يشيدون بقداسة العذراء مريم ،حيث يقول القديس مار افرام السرياني(+373) ان العذراء مريم هي التابوت المقدّس، والمرأة التي سحقت رأس إبليس، والطاهرة وحدها نفسًا وجسدًا، والكاملة القداسة، وإذ يقابل بينها وبين حوّاء يقول: “كلتاهما بريئتان، وكلتاهما قد صنعتا متشابهتين من كل وجه، ولكنّ إحداهما صارت من بعد سبب موتنا والأخرى سبب حياتنا”. ويقول في موضع آخر: “في الحقيقة، أنت، يا ربّ، وأمّك جميلان وحدكما من كل وجه وعلى كل صعيد، إذ ليس فيك، يا ربّ، ولا وصمة وليس في أمّك دنس ما البتة”. والقدّيس يوحنا الدمشقي (+ 749) يعلن أنّ مريم قدّيسة طاهرة البشارة “إذ إنّها حرصت على نقاوة النفس والجسد كما يليق بمن كانت معدّة لتتقبّل الله في أحشائها.” واعتصامها بالقداسة مكنّها أن تصير هيكلاً مقدّسًا رائعًا جديرًا بالله العليّ”. ومريم طاهرة منذ الحبل بها: “يا لغبطة يواكيم الذي ألقى زرعًا طاهرًا! ويا لعظمة حنّة التي نمت في أحشائها شيئًا فشيئًا ابنة كاملة القداسة”. ويؤكّد أنّ “سهام العدوّ الناريّة لم تقو على النفاذ إليها”، “ولا الشهوة وجدت إليها سبيلاً”. إنّ المجمع الفاتيكاني الثاني يحثّ المؤمنين على تكريم مريم العذراء تكريمًا خاصًّا، موضحًا طبيعة هذا التكريم وأساسه، والاختلاف الجوهري أن هذا التكريم وعبادة الله، فيقول: “إنّ مريم قد رُفعت بنعمة الله، وإنّما دون ابنها، فوق جميع الملائكة وجميع البشر بكونها والدة الإله الكلّية القداسة الحاضرة في أسرار المسيح. لذلك تكرّمها الكنيسة بحقّ بشعائر خاصّة. والواقع أنّ العذراء الطوباويّة، منذ أبعد الأزمنة، قد أكرمت بلقب “والدة الإله”. والمؤمنون يلجأون الى حمايتها مبتهلين إليها في كلّ مخاطرهم وحاجاتهم. وقد ازداد تكريم شعب الله لمريم ازديادًا عجيبًا، خصوصًا منذ مجمع أفسس، بأنواع الإجلال والمحبّة والتوسّل اليها والاقتداء بها، محقّقًا بذلك كلماتها النبويّة: “جميع الأجيال تطوّبني، لأنّ القدير صنع فيّ عظائم” (لو 1: 48). وهذا الإكرام، على النحو الذي وُجد عليه دائمًا في الكنيسة، يتّصف بطابع فريد على الإطلاق. غير أنّه يختلف اختلافًا جوهريًّا عن العبادة التي يُعبَد بها الكلمة المتجسّد مع الآب والروح القدس، وهو خليق جدًّا بأن يُعزَّز: إذ إنّ مختلف صيغ التقوى نحو والدة الإله التي تظلّ في حدود التعليم الأرثوذكسي السليم، وتوافق عليها الكنيسة مراعية ظروف الزمان والمكان وأمزجة الشعوب المؤمنة وعبقريّاتهم، تجعل أنّ الابن الذي لأجله وُجد كلّ شيء (كو 1: 15- 16)، والذي ارتضى الآب الأزلي أن يحلّ فيه الملء كلّه (كو 1: 19) يُعرَف ويُحَبّ ويُمجَّد ويطاع في وصاياه من خلال الإكرام لأمّه (وثيقة رقم 66). تلاوة المسبحة الوردية باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. آمين. التقدمة: أيتها البتول الكلية الرأفة، سيدتي، إني أقدم لك هذه المسبحة الوردية, بحسب نية جميع أبناؤكِ المتقين الذين أرضوك بهذا الإكرام المقدس فأسألك، أيتها السيدة العطوف, أن تقبليني في شركتهم, وتقبلي مني هذا الإكرام بإستحقاقات فضائلهم. آمين. صلاة للروح القدس: هلّم أيها الروح القدس، وأرسل من السماء شعاع نورك. هلم يا أبا المساكين. هلم يا معطي المواهب. هلم يا ضياء القلوب. أيها المعزي الجليل، يا ساكن القلوب العذب، أيتها الإستراحة اللذيذة. أنت في التعب راحة، وفي الحر إعتدالٌ، وفي البكاء تعزية. أيها النور الطوباوي، إملأ باطن قلوب مؤمنيك، لأنه بدون قدرتك لا شيء في الإنسان ولا شيء طاهر: طهَّر ما كان دنساً،أسق ما كان يابساً، أشف ما كان مريضاً، ليّن ما كان صلباً,،أضرم ما كان بارداً، دّبر ما كان حائداً. أعط مؤمنيك المتكلين عليك المواهب السبع، وإمنحهم ثواب الفضيلة، هب لهم غاية الخلاص، وأعطهم السرور الأبدي. او تتلى الصلاة التالية: يـا روح الله القدوس، يا من جعلتني أرى كل شيئ، وعرّفتني الطريق للوصول الى الـكمال، أنت الذى منحتنـي النعمة الإلهيـة لأسامح ولأتغاضى عن الأساءة التى لحقتنـى، أنت الذى معي فى كل الأحداث الطارئـة فى حياتي، أشكرك على كل شيئ مؤكداً لك مرّة أخرى بأني لا ولن أريد أبداً أن أنفصل عنك مهما كانت مشتهياتي الدنياويـة. أنى أريد أن أكون معك ومع محبّيك فى الأمجاد السماويـة الأبديـة، فأشكرك على حبّك لي وللذين أُحبّهم بالمسيح يسوع ربنا لأن لك الـمُلك والقوة والـمجد إلى الأبد. آمين. فعل الندامة: يا ربي وإلهي, أنا نادم من كل قلبي, على جميع خطاياي, لأنه بالخطيئة خسرت نفسي والخيرات الأبدية, وإستحققت العذابات الجهنمية.وبالأكثر أنا نادم, لأني أغظتك وأهنتك, أنت يا ربي وإلهي المستحق كل كرامة ومحبة. ولهذا السبب أبغض الخطيئة فوق كل شرّ. وأريد بنعمتك أن أموت قبل أن أغيظك فيما بعد. وأقصد أن أهرب من كل سبب خطيئة, وأن أفي,بقدر إستطاعتي, عن الخطايا التي فعلتها. آمين. قانون الإيمان: نؤمن بإله واحد, آبٍ ضابط الكل, خالق السماء والأرض, كلما يرى وما لا يرى, وبرب واحد يسوع المسيح, إبن الله الوحيد, المولود من الآب قبل كل الدهور, نور من نور, إله حق من إله حق, مولود غير مخلوق, مساوٍ للآب في الجوهر, الذي به كان كل شيء. الذي من أجلنا نحن البشر, ومن أجل خلاصنا نزل من السماء,وتجسد من الروح القدس, ومن مريم العذراء وتأنس. وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي, تألم وقبر, وقام في اليوم الثالث, كما في الكتب. وصعد إلى السماء, وجلس عن يمين الآب, وأيضاً سيأتي بمجد عظيم ليدين الأحياء والأموات, الذي لا فناء لملكه. وبالروح القدس. الرب المحيي, المنبثق من الآب والإبن, الذي هو مع الآب والإبن يسجد له ويمجد, الناطق بالأنبياء. وبكنيسة واحدة, جامعة, مقدسة, رسولية. ونعترف بمعمودية واحدة, لمغفرة الخطايا, ونترجى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي. آمين. الصلاة الربيّة: أبانا الذي في السماوات, ليتقدَّس إسمُكَ, ليأت ملكوتك, لتكن مشيئتك, كما في السماء كذلك على الأرض, أعطنا خبزنا كفافَ يومنا, واغفر لنا خطايانا, كما نحنُ نغفر لمن أخطأ إلينا. ولا تُدخلنا في التجارب, لكن نجِّنا من الشرير. آمين السلام الملائكي: السلام عليك يا مريم, يا ممتلئةً نعمةً, الربُّ مَعَك, مباركةٌ أنتِ في النساء, ومباركةٌ ثمرةُ بطنكِ سيدُنا يسوعُ المسيح – ياقديسة مريم ياوالدة الله, صلّي لأجلِنا نحنُ الخطأة, الآن وفي ساعة موتِنا. آمين. المجد: المجد للآبِ والابن والروحِ القدُس – كما كان في البدء والآن وعلى الدوام وإلى دهر الداهرين. آمين يا يسوع الحبيب: يا يسوع الحبيب, أغفر لنا خطايانا, نجّنا من نار جهنم، وخُذ إلى السماء جميع النفوس, خصوصًا تلك هي التي بأكثر حاجة إلى رحمتك. آمين. صــلاة أيّتها العذراء مريم، يا سلطانة الورديّة المقدّسة، يا من تحقّقت فيك جميع النبوءات وتحقّق وعد الله للبشر. فتشرّفت بحمل الإله مخلّص العالم وقدس الأقداس، وكنت له أمًّا حنونة رافقته طوال حياته على الأرض: فرحت بفرحه وحزنت بحزنه وتمجّدت بمجده. استحققت أن ندعوك شريكة في فداء العالم وخلاصه. فكنت أمًّا لجميع البشر منتَخَبة من الله لتكوني رسولة محبّة وسلام لأبنائه، تحقّقين رغبته وهي إنهاض البشر من الخطيئة وإزالة روح الشرّ من النفوس. أدركت سرّ الفداء فكان خلاص البشر عنوان رسالتك الطويلة وأسرعت بكلّ غيرة لإنقاذ أولادك من براثن الخطيئة. كيف لا! ولأجل ذلك تألّم ابنك ومات وتألّت معه. كانت جراحاته تطعن قلبك الطاهر الذي ما برح ينـزف دمًا بسبب خطايا العالم ومعاصيه، هذا العالم الذي يميل نحو الشرور ويسير بعكس إرادة الله ومشيئته. ولكنّكِ الأم الشفوق الغيورة على خلاص أبنائك لا تريدين أن يهلك أحد منهم، فكانت ورديّتك التي تجسّد محبّتك لنا، سلاحًا لمحاربة الشرّ، عندما أصبح العالم ينهار رازحًا تحت نير الخطيئة. نسألك أيتها الأم العطوف أن لا تدعينا نهلك وكوني لنا العون الدائم، واطلبي لنا من الله الرحمة والصفح عمّا فعلت أيدينا من مآثم. وكما استمعت لتضرّعات القدّيس عبد الأحد نسألك أيضًا أن تقبلي تضرّعاتنا، وتساعدينا أن نسير على خطاه، فنجعل من ورديّتك المقدّسة سلاحنا الدائم ضدّ كلّ الأخطار وتجارب الشرير. فنصلّيها بكلّ خشوع وحبّ لكي نستحقّ أن ننال بها شفاعتك وحبّك وحنانك وعطفك. أيتها الأم الرؤوف كوني دومًا معنا ليكون السلام في بيوتنا ومجتمعاتنا، سلام المسيح الذي أحبّ العالم محبّة لا متناهية، فدفع ثمن خلاصه دمه وحياته. اجعلينا يا مريم أن نسلك طرق الربّ القويمة وكوني شفيعتنا رغم تناسينا لك، لأنّنا ضعفاء، قوّينا بقوّة الروح القدس الذي حلّ عليك، فنكون رسلاً وشهودًا لكلمة الله القدّوس نحملها في قلوبنا وتكون الوحيدة على ألسنتنا لأنّ لا شيء أرفع وأسمى وأقدس منها. عرّفينا يا أمّنا حقارة الأرض وبهاء السماء، لندرك مدى السعادة التي تنتظرنا. فيكون هذا العالم فقط مسرح جهاد يوصلنا للملكوت حيث السعادة الحقيقيّة بقرب خالقنا. فنستحقّ أن نشاهد مجده وعظمته، ويكون لنا شرف تسبيحه وتمجيده برفقة الملائكة والقدّيسين إلى دهر الدهور. آمين. كيفية تلاوة المسبحة الورديـة رسم إشارة الصليب صلاة للروح القدس فعل الندامة تلاوة قانون الإيمان التقدمة فى بدء تلاوة المسبحة على الحبّة الكبيرة تحت الصليب،صلاة “الأبانا” على الحبة الأولى من الحبات الثلاث: السلام للأب الذى خلقنا ثم السلام عليك يا مريم.. على الحبة الثانية:السلام للإبن الذى فدانا ثم السلام عليك يا مريم………. على الحبة الثالثة:السلام للروح القدس الذى يحيينا ثم السلام عليكِ يا مريم… المجد للآب والإبن والروح القدس – كما كان في البدء والآن وعلى الدوام وإلى دهر الداهرين. آمين (ثم تتلى أسرار الوردية: الفرح، النور، الحزن، المجد. وعلى كل سر من الاسرار العشرين، نصلي “الأبانا” مرة، و”السلام” عشر مرات، و”المجد” مرة واحدة. هذا ويمكننا في نهاية كل سر أن نضيف بعد “المجد للآب” الصلاة التي علّمتها العذراء للأولاد الثلاث في فاطمة:”يا يسوع الحبيب، اغفر لنا خطايانا، نجّنا من نار جهنّم والمطهر، وخذ الى السماء جميع النفوس، خصوصاً تلك التي هي بأكثر حاجة الى رحمتك”). أسرار الفرح ( تتلى أيام الاثنين والسبت) أيَّتُها القِدّيسة مريم البَتول، إنّي أُقَدِّم لَكِ هذه خَمْسَة أسرار الفَرَح، عَن إخوَتي الأحياء المُشتَرِكين مَعي في هذه المَسبَحَة الوَرديّة، لِكَيما يَهِبَهم الرَبّ الإله بِشَفاعتِك، كَل ما يوافِق خَلاصهم ويُنَجّيهم مِن الأعداء المَنظورين وغَير المَنظورين. آمين. 1. نقدّم لكِ ايتها البتول جزيل الفرح الذى فرحتيه لما بشرك الـملاك جبرائيل بالحبل الإلهي. الثمرة : التواضع للتأمّل لوقا 1/ 26-38 2. نقدّم لكِ ايتها البتول جزيل الفرح الذى فرحتيه لمّا زرتِ نسيبتكِ القديسة اليصابات وهى حُبلى فى شيخوختها الثمرة : محبّة القريب (لوقا39:1-56) 3. نقدّم لكِ ايتها البتول جزيل الفرح الذى فرحتيه لمّا ولدتِ إبنكِ سيدنا يسوع الـمسيح فى مغارة بيت لحم. الثمرة : الفقر والتجرّد (لوقا1:2-21) 4. نقدّم لكِ ايتها البتول جزيل الفرح الذى فرحتيه لمّا قدّمتِ ابنكِ يسوع الى الله على يد سمعان الشيخ فى الهيكل. الثمرة : الطهارة (لوقا22:2-38) 5. نقدّم لكِ ايتها البتول جزيل الفرح الذى فرحتيه لمّا وجدتِ ابنكِ يسوع فى الهيكل يسمع للعلماء ويسألهم. الثمرة: الطاعة (لوقا41:2-52) أسرار النـور (تتلى يوم الخميس) أيتها العذراء القديسة، سلطانة الورديّة المقدّسة، إنّنا نصلّي ونتأمّل بخمسة أسرار النور، المتألّقة في حياة إبنكِ العلنيّة، والمُشعّة عليكِ وعلينا، ونقدّمها من أجل أخوتنا الذين لا يزالون في ظلمة الإبتعاد عن ابنك، متوَسّلين إليه بشفاعتك، ليفتح بصائرهم، ويُضيء دروبهم، فيكتشفوا فيه النور الذي جاء إلى العالم ليخلّصهم. آمين. 1.نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل النور الذى أفيض عليكِ لمّا إعتمد ابنكِ يسوع فى نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان الثمرة: البنوّة للآب (متى13:3-16) 2. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل النور الذى أفيض عليكِ لمّا أظهر ابنك يسوع مجده فى عُرس قانا الجليل عندما حوّل الماء الى خمر. الثمرة: التجدّد بالروح القدس (يوحنا1:2-11) 3. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل النور الذى أفيض عليكِ لمّا أعلن ابنكِ يسوع مجئ ملكوت الله ودعا الجميع للتوبة الثمرة: التوق إلى الملكوت (مرقس14:1-15) 4. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل النور الذى أفيض عليكِ لمّا تجلـّي الرب يسوع على الجبل. الثمرة: إتّباع تعاليم يسوع (متى1:17-18) 5. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل النور الذى أفيض عليكِ لمّا قدّم ابنكِ يسوع ذاته طعاما لنا فى العشاء الأخير الثمرة: المشاركة في الذبيحة الإلهيّة (متى26) أسرار الحزن (تتلى يومي الثلاثاء والجمعة) يا والدة الإله العَذراء، إنّي أُقَدِّمُ لَكِ هذه خَمسَة أسرار الحزن، عَن إخوَتي المُشتَرِكين مَعي في هذه المَسبَحَة الوَرديّة، لِكَيما يَهِبَهُم ابنكِ تَوبَة كامِلَة عَن جَميع خَطاياهُم، وتَكوني أنتِ عَونَهُم وشَفيعتهم. آمين. 1. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل الحزن الذى حزنتِه لمّا صلّى ابنكِ يسوع فى بستان الزيتون وكان عرقه ينحدر على الأرض كالدم. الثمرة: الندامة (متى36:26-56) 2. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل الحزن الذى حزنتِه لمّا جُلد ابنكِ يسوع. الثمرة: إماتة الحواس (متى26:27) 3. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل الحزن الذى حزنتِه لمّا كُلل ابنكِ يسوع بإكليل من الشوك على هامته المقدسة. الثمرة: تواضع القلب (متى27:27-31) 4. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل الحزن الذى حزنتِه لمّا حمل ابنكِ يسوع صليبه. الثمرة: الصبر (متى32:27) 5. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل الحزن الذى حزنتِه لمّا مات ابنكِ يسوع على الصليب. الثمرة: المغفرة للأعداء (متى33:27-56) أسرار الـمجد (تتلى يوم الأربعاء والأحد) أيَّتُها البَتول الطوباويَّة، إنّي أُقَدِّم لَكِ هذه خَمسَة أسرار المَجد، المُخْتَصَّة بِمَجدِكِ ومَجد ابنك، عَن نُفوس إخوَتي المُعتَقَلين في المَطْهَر، لِكَيما يُخَلِّصَهُم الرَبّ الإلَه بِشَفاعَتِكِ مِن النيران المَطهَريَّة، ويُصعِدهُم إلى مَلَكوته السَّماوي. آمين. 1. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل المجد الذى تمجّدته لمّا قام ابنك يسوع من بين الأموات. الثمرة : النهوض من الخطيئة (يوحنا1:20-29) 2. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل المجد الذى تمجّدته لمّا صعد ابنك يسوع الى السماء. الثمرة : الشوق ألى السماء (لوقا36:24-53) 3. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل المجد الذى تمجّدته لمّا حلّ الروح القدس عليكِ وعلى الرسل الأطهار. الثمرة : الاصغاء لإلهامات الروح القدس (اعمال 1:2-41) 4. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل المجد الذى تمجّدته لمّا إنتقلتِ بالنفس والجسد للسماء. الثمرة : الميتة الصالحة (من إعلان عقيدة انتقال السيدة العذراء –البابا بيوس الثاني عشر فى 8ديسمبر 1950). 5. نقدّم لكِ أيتها البتول جزيل المجد الذى تمجّدته لمّا كُللتِ سلطانة على السموات والأرض. الثمرة : تكريم العذراء (رؤيا1:12). صلاة: يا سُلطانة السماء والأرض، ألجالِسَة في حَضرَة المَلِك السَّماويّ، إقبَلي مِنّا هذا التَكريم، بِمَقام القُربان المَقبول لَدَيكِ ولدى يسوع ابْنِك. وأرسِليإلَينا نِعمَة الغُفران الكامِل على جَميعِ خَطايانا، ووَفِّقينا أن نَخدُمَكِ ونَعبُد إبنِك بِتمام المَحَبّة والغَيرة، مِن صَميم القَلب، بِواسِطَة هذه المَسبَحة الوَرديَّة، إلى النَفَس الأخير. وفي ساعَة مَوتِنا أحضَري عِندَنا، أيَّتُها الرَحومَة الشَفوقة، واطْرُدي عَنّا مَحافِل الجِن الخُبَثاء. ونَجّينا من العُقوبات الجُهَنَّميّة والمَطهَريَّة بِما أنَّكِ حِمايتنا. ونَوِّري عُقول المَسيحيِّين، وردّي الضالّين مِنّا إلى حَظيرَة الخِراف الناطِقَة، أعني بيعَة السَيِّد المَسيحيّة الحَقيقيّة، الجامِعَة، الرسوليّة. لِكَي بِرأيٍ واحِد وَفَمٍ واحِد، نُعَظِّمكِ ونُمَجِّد الثالوث الأقدس: الآب والإبن والروح القُدُس، الآن وإلى أبَد الآبدين. آمين. – يا رَبّ إستَمِع صَلاتي. – وَصُراخي إلَيكَ يأتي. – فَلْتَستَرِح نُفوس المَوتى المؤمِنين. – بِرَحمَة الله والسَّلام. آمين. س : تضرعي لأجلنا يا والدة الله القديسة ج : لكي نستحق مواعيد المسيح طلبـة العذراء مريـم الـمجيدة كيـريـاليسون كريستياليسون (2) يـا ربنـا يسوع الـمسيح أنصت إلينـا يـا ربنـا يسوع الـمسيح إستجب لنـا يا رب أيهـا الأب السـماوي ارحـمنـا يارب يـا إبـن اللـه مخلص العالم ارحـمنـا يارب أيهـا الروح القدس اللـه ارحـمنـا يا رب أيهـا الثالوث القدوس الإلـه الواحد إرحـمـنـا يارب يـا قديسـة مريـم صلـى لأجلنــا يـا والدة الله صلـى لأجلنــا يـا عذراء العذارى صلـى لأجلنــا يـا أم سيدنـا يسوع الـمسيح صلـى لأجلنــا يـا أم النِعمـة الإلهيـة صلـى لأجلنــا يـا أمـا طـاهـرة صلـى لأجلنــا يـا أمـا عفيفـة صلـى لأجلنــا يـا أمـا غيـر مدّنـسة صلـى لأجلنــا يـا أمـا بغيـر عيب صلـى لأجلنــا يـا أمـا حبيـبة صلـى لأجلنــا يـا أمـا عجيـبـة صلـى لأجلنــا يـا أم الـمشورة الصالـحـة صلـى لأجلنــا يـا أم الخـالـق صلـى لأجلنــا يـا أم الـمخلّص صلـى لأجلنــا يـا أم الكنيسة صلـي لأجلنــا يا أم الرحمـة صلي لأجلنا يـا بتولا حـكـيـمة صلـى لأجلنــا يـا بتولا مـكّرمـة صلـى لأجلنــا يـا بتولا مـمدوحـة صلـى لأجلنــا يـا بتولا قـادرة صلـى لأجلنــا يـا يتولا حنـونـة صلـى لأجلنــا يـا بتولا أمـينـة صلـى لأجلنــا يـا مرآة العـدل صلـى لأجلنــا يـا كرسي الحـكمة صلـى لأجلنــا يـا سبب سرورنـا صلـى لأجلنــا يـا إنـاء روحيـا صلـى لأجلنــا يا إناء مكرّما صلي لأجلنا يـا إنـاء العِبـادة الجليلـة صلـى لأجلنــا يـا وردة سـرّيـة صلـى لأجلنــا يـا أرزة لبنـان صلـى لأجلنــا يـا برج داود صلـى لأجلنــا يـا برج العــاج صلـى لأجلنــا يـا بيت الذهـب صلـى لأجلنــا يـا تابوت العـهـد صلـى لأجلنــا يـا باب السـماء صلـى لأجلنــا يـا نجـمة الصـبح صلـى لأجلنــا يـا شفـاء الـمرضى صلـى لأجلنــا يـا ملـجـأ الخطـأة صلـى لأجلنــا يـا معـزيـة الحزانـى صلـى لأجلنــا يـا معونـة المسيحيين صلـى لأجلنــا يا معونة المهاجرين صلي لأجلنا يـا سلطانـة الـملائكـة صلـى لأجلنــا يـا سلطانـة الأبـاء صلـى لأجلنــا يـا سلطانـة الأنبيـاء صلـى لأجلنــا يـا سلطانـة الرسـل صلـى لأجلنــا يـا سلطانـة الشهـداء صلـى لأجلنــا يـا سلطانـة الـمعتـرفيـن صلـى لأجلنــا يـا سلطانـة العذارى صلـى لأجلنــا يـا سلطانـة جمـيع القديسيـن صلـى لأجلنــا يـا سلطانـة السـموات والأرض صلـى لأجلنــا يا سلطانة حُبل بهـا بلا دنس الخطيئة الأصلية صلى لأجلنـــا يـا سلطانة الإنتقال صلى لأجلنـــا يـا سلطانـة الورديـة الـمقدسة صلـى لأجلنــا يـا سلطانـة العـائلات صلـى لأجلنــا يا سلطانة الأخوة الأصاغر صلي لأجلنـا يـا سلطانـة السـلام صلـى لأجلنــا يـا حـمل اللـه الحامـل خطايـا العالـم انصت الينـا يـا حـامـل اللـه الغافـر خطايـا العالـم استجب لنا يارب يـا حمل اللـه الرافـع خطايـا العالـم ارحمنـا يارب كيـريـاليسون كريستياليسون كيـريـاليسـون. صــلاة أيّتها العذراء مريم، يا سلطانة الورديّة المقدّسة، يا من تحقّقت فيك جميع النبوءات وتحقّق وعد الله للبشر. فتشرّفت بحمل الإله مخلّص العالم وقدس الأقداس، وكنت له أمًّا حنونة رافقته طوال حياته على الأرض: فرحت بفرحه وحزنت بحزنه وتمجّدت بمجده. استحققت أن ندعوك شريكة في فداء العالم وخلاصه. فكنت أمًّا لجميع البشر منتَخَبة من الله لتكوني رسولة محبّة وسلام لأبنائه، تحقّقين رغبته وهي إنهاض البشر من الخطيئة وإزالة روح الشرّ من النفوس. أدركت سرّ الفداء فكان خلاص البشر عنوان رسالتك الطويلة وأسرعت بكلّ غيرة لإنقاذ أولادك من براثن الخطيئة. كيف لا! ولأجل ذلك تألّم ابنك ومات وتألّت معه. كانت جراحاته تطعن قلبك الطاهر الذي ما برح ينـزف دمًا بسبب خطايا العالم ومعاصيه، هذا العالم الذي يميل نحو الشرور ويسير بعكس إرادة الله ومشيئته. ولكنّكِ الأم الشفوق الغيورة على خلاص أبنائك لا تريدين أن يهلك أحد منهم، فكانت ورديّتك التي تجسّد محبّتك لنا، سلاحًا لمحاربة الشرّ، عندما أصبح العالم ينهار رازحًا تحت نير الخطيئة. نسألك أيتها الأم العطوف أن لا تدعينا نهلك وكوني لنا العون الدائم، واطلبي لنا من الله الرحمة والصفح عمّا فعلت أيدينا من مآثم. وكما استمعت لتضرّعات القدّيس عبد الأحد نسألك أيضًا أن تقبلي تضرّعاتنا، وتساعدينا أن نسير على خطاه، فنجعل من ورديّتك المقدّسة سلاحنا الدائم ضدّ كلّ الأخطار وتجارب الشرير. فنصلّيها بكلّ خشوع وحبّ لكي نستحقّ أن ننال بها شفاعتك وحبّك وحنانك وعطفك. أيتها الأم الرؤوف كوني دومًا معنا ليكون السلام في بيوتنا ومجتمعاتنا، سلام المسيح الذي أحبّ العالم محبّة لا متناهية، فدفع ثمن خلاصه دمه وحياته. اجعلينا يا مريم أن نسلك طرق الربّ القويمة وكوني شفيعتنا رغم تناسينا لك، لأنّنا ضعفاء، قوّينا بقوّة الروح القدس الذي حلّ عليك، فنكون رسلاً وشهودًا لكلمة الله القدّوس نحملها في قلوبنا وتكون الوحيدة على ألسنتنا لأنّ لا شيء أرفع وأسمى وأقدس منها. عرّفينا يا أمّنا حقارة الأرض وبهاء السماء، لندرك مدى السعادة التي تنتظرنا. فيكون هذا العالم فقط مسرح جهاد يوصلنا للملكوت حيث السعادة الحقيقيّة بقرب خالقنا. فنستحقّ أن نشاهد مجده وعظمته، ويكون لنا شرف تسبيحه وتمجيده برفقة الملائكة والقدّيسين إلى دهر الدهور. آمين. الصلاة الأولى[2] يا مريم، أنت تُشعّين على الدوام في مسيرتنا كعلامة خلاص ورجاء. نحن نوكل أنفسنا إليكِ، يا شفاء المرضى، أنت التي قد اشتركتِ في آلام يسوع عند أقدام الصليب وبقيتِ ثابتة في إيمانكِ. يا خلاص الشعب المسيحي أنتِ تعرفين ما نحتاج إليه ونحن واثقون من أنّك ستوفّريه لنا لكي، وكما في عرس قانا الجليل، يعود الفرح والعيد بعد هذه المحنة. ساعدينا يا أم المحبة الإلهيّة لكي نمتثل لمشيئة الآب ونفعل ما يقوله لنا يسوع الذي أخذ على عاتقه آلامنا وحمل أوجاعنا لكي يقودنا، من خلال الصليب، إلى فرح القيامة. آمين. تحت ظل حمايتك نلتجئ يا والدة الله القديسة، فلا تغفلي عن طلباتنا نحن الذين في المحنة، لكن نجينا من جميع المخاطر، أيتها العذراء المجيدة المباركة. الصلاة الثانية تحت ظل حمايتك نلتجئ يا والدة الله القديسة. في هذا الوضع المأساوي المحمّل بالآلام والأحزان التي تستحوذ على العالم أجمع، نلتجئ إليك يا أمّ الله وأمّنا، ونلتجئ إلى حمايتك. أيتها العذراء مريم، أميلي عينيك الرحيمتين إلى وباء فيروس الكورونا هذا وعزِّي الضائعين والباكين موت أحبائهم الذين دُفنوا أحيانًا بأسلوب يجرح النفس. أعضدي الذين يغتمّون لأنهم، ولكي يمنعوا انتشار العدوى، لا يمكنهم أن يكونوا قريبين من المرضى. إبعثي الثقة في الخائفين من أجل المستقبل الغامض والتبعات على الاقتصاد والعمل. يا أمّ الله وأمنا توسّلي من أجلنا إلى الله، أب الرحمة، لكي تنتهي هذه المحنة القاسية ويعود أفق الرجاء والسلام. وكما في قانا الجليل، توسّطي لدى ابنك الإلهي، وأطلبي منه أن يعزّي عائلات المرضى والضحايا ويفتح قلوبهم على الثقة. إحمي الأطباء والممرضين والعاملين الصحيين والمتطوّعين الذين وفي مرحلة الطوارئ هذه يقفون في الصفوف الأولى ويعرضون حياتهم للخطر من أجل إنقاذ حياة الآخرين. رافقي تعبهم البطولي وامنحيهم القوّة والصلاح والصحّة. كوني بقرب الذي يعتنون بالمرضى ليلاً نهارًا وبقرب الكهنة الذين وبعناية راعوية والتزام إنجيلي يسعون لمساعدة وعضد الجميع. أيتها العذراء القديسة أنيري عقول رجال ونساء العلم لكي يجدوا الحلول الصحيحة للتغلُّب على هذا الفيروس. ساعدي مسؤولي الأمم لكي يعملوا بحكمة وعناية وسخاء وينقذوا الذين ينقصهم الضروري للعيش وينظّموا حلولاً اجتماعيّة واقتصادية بفطنة وروح تضامن. يا مريم الكليّة القداسة إلمسي الضمائر لكي تُوجَّه َالمبالغ الماليّة الهائلة التي تُستعمل لتنمية وتحسين الأسلحة لتعزيز دراسات ملائمة للوقاية من كوارث مماثلة في المستقبل. أيتها الأم الحبيبة أنمي في العالم حسَّ الانتماء إلى عائلة واحدة كبيرة في اليقين للرابط الذي يجمعنا جميعًا لكي وبروح أخوي وتضامني نساعد الذين يعيشون في الفقر وأوضاع البؤس. شجّعينا على الثبات في الإيمان والمثابرة في الخدمة والمواظبة على الصلاة. يا مريم معزيّة الحزانى عانقي جميع أبنائك المعذبين وأطلبي من الله أن يتدخّل بيده القديرة ويحرّرنا من هذا الوباء الرهيب لكي تستعيد الحياة مسيرتها الطبيعية بسلام وسكينة. نوكل أنفسنا إليكِ أنتِ التي تُشعّين في مسيرتنا كعلامة خلاص ورجاء، يا شفوقة، يا رؤوفة يا مريم البتول الحلوة اللذيذة. آمين. قراءات وصلوات الشهر المريمى مايو 2023 الأثنين أول مايو- مكانة مريم في خطة الله “وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ».“(غلاطية 4:4-6). كتب القديس البابا يوحنا بولس الثاني (1978-2005) العديد من المقالات والنشرات مخصصة لإلقاء الضوء على أهمية مكانة مريم في خطة الخلاص الإلهية، وكانت رسالته الباباوية “أم المخلص Redemptoris Mater والصادرة في عيد البشارة في 25 مارس 1987 والتى أخذت في الإعتبار معالجة القديس بولس الرسول لخطة الله للخلاص وزمن سر التجسد. ان أم المخلص لها مكانة خاصة ودقيقة في خطة الخلاص لأنه ” لما جاء ملء الزمان” ارسل الله ابنه مولود تحت الناموس من امرأة ليخلص من هم تحت الناموس حتى يمكننا ان ننال التبني كأبناء وبما اننا ابناء ارسل الله روح ابنه الى قلوبنا صارخين يا اب الأب” بتلك الكلمات للقديس بولس الرسول والتى اتخذها المجمع الفاتيكاني الثاني في بداية التقرير الخاص بالقديسة مريم العذراء، أنا ايضا ارغب ان ابدأ تأملي عن دور مريم في سر المسيح وعن حضورها الفعال والمثالي في حياة الكنيسة، فهي كلمات تحتفل معا بحب الأب القدير ورسالة الإبن الوحيد وموهبة الروح القدس دور المرأة والتى ولد منها المخلص والبنوة الخاصة بنا في سر “ملء الزمان”. هذا “الملء” يشير الى لحظة ثابتة منذ الأزل عندما ارسل الأب ابنه “كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.“(يوحنا16:3). انها تدل الى اللحظة المباركة عندما كان “َالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ” (يوحنا1:1) و”وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا”(يوحنا14:1)، وجعل نفسه آخا لنا”لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ”(رومية29:8). انها تلك العلامة للحظة التى حلّ الروح القدس في أحشاء الممتلئة نعمة مريم عذراء الناصرة وكوّن في أحشائها العذري الطبيعة البشرية للمسيح. ذلك “الملء” يعطي علامة لتلك اللحظة عندما تدخل الأبدية في الزمن والزمن نفسه قد افتدى وأصبح مملوء بسر المسيح “بزمن الخلاص النهائي”. “ملء الزمان” يقابل الزمن الذي حدده الآب، معبرًا به عن تحقيق غاية إرسال الله ابنه لإتمام الوعد الذي أعطاه لإبراهيم. واخيرا، هذا “الملء” حدد البداية الخفيّة لرحلة الكنيسة. في الليتورجيا تحيي الكنيسة مريم العذراء كبداية للكنيسة فحبلها الطاهر بلا دنس تراه الكنيسة حالة المؤمنين في البرارة كحواء الأولى قبل السقوط. عن التجسد في ملء الزمن قد ورد في رسائل القديس بولس ايضا عباراتان هامتان هما: “مولودًا من امرأة”، و”مولودًا تحت الناموس”، مؤكدًا غايتين لمجيء السيد المسيح: الأولى أنه يخلص أناسًا من العبودية؛ والثانية إنه يُمكنهم من التمتع بالتبني كأبناء لله. هنا كما في الرسالة إلى أهل رومية لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ» اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ. (8: 14-17). صلاة: يا أمنا الحبيبة، انتِ ام الرحمة وأم الحياة، فعلميني كي أعي تماما سر تجسد ابنك في ملء الزمان وما وهبني اياه بموته وقيامته من ان اكون ابنا لله واخا له.ِ آمين. اكرام: اقصد على ممارسة الشهر المريمي كله وادع الآخرين للاشتراك معك نافذة: ياسبب خلاصنا صلّي لأجلنا طوال هذا الشهر يتم تلاوة اسرار المجد لوقوعه في الخماسين المقدسة صلاة للقديس يوسف في عيد العمال يا الله، يا خالق الكائنات، يا من وضعت للجنس البشريّ سنّة عمل به يحقّق غرض الخليقة، ها نحن نقوم بكل سرور بالقيام على مثال القديس يوسف العامل بالعمل الذي اعددته لنا ، بحقّ القدّيس يوسف هب لنا ان نحصل يوماً على ما وعدت العبد الصّالح الأمين من الثّواب. بربنا يسوع المسيح ابنك الإله الحي، المالك معك ومع الروح القدس إلى دهر الدهور. آمين الثلاثاء 2 مايو- البشارة وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ يا ممتلئة نعمة اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!» فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ.وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟» فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.“(لوقا26:1-38). القديس ايريناوس (130-202م) اللاهوتي والاسقف والشهيد وواحد من اشهر آباء الكنسية الاوائل ومن أهم المدافعين عن العقيدة المسيحية، خاصة فى فترة بداية انتشار ونمو علم اللاهوت المسيحي، والذي تحتفل الكنيسة بعيد استشهاده في يوم 28 يونيو كتب الكتير من الكتب أهمها كتابه الشهير Adversus Haereses او ضد الهرطقات حوالي سنة 180 م. قام القديس ايريناوس بمقارنة ما بين عدم طاعة حواء مع طاعة مريم واصبح تعريف مريم ب” حواء الجديدة” هو السمة السائدة في لاهوت الكنيسة الكاثوليكية وفي جميع الكتابات والمراجع وحتى في الفن. ولقد قال القدّيس إيريناوس: “”كما أنّ يد الله خلقت آدم من أرض عذراء، كذلك لمّا جمع كلمة الله الإنسان في شخصه، ولد من مريم العذراء. وهكذا إلى جانب حوّاء، ولكن على خلافها، قامت مريم بدور في عمل الجمع هذا الذي هو عمل خلاص الإنسان، لمّا حبلت بالمسيح. حوّاء أغواها الشرّ وعصت الله. أمّا مريم فاستسلمت لطاعة الله وصارت المحامية عن حوّاء العذراء. إنّ حوّاء، وهي بعد عذراء، كانت سبب الموت لها وللجنس البشري بأسره. أمّا مريم العذراء فبطاعتها صارت لها وللجنس البشري بأسره سبب خلاص. من مريم إلى حوّاء هناك إعادة للمسيرة عينها، إذ ما من سبيل لحلّ ما تمّ عقده إلاّ بالرجوع باتّجاه معاكس لفكّ الحبال التي تمّ حبكها. لذلك يبدأ لوقا نسب المسيح ابتداء من الربّ ويعود إلى آدم (لوقا22:3-38) مظهرًا أنّ الحركة الحقيقية للولادة الجديدة تسير من الأجداد إليه بل منه إلى الأجداد، وفق الولادة الجديدة في إنجيل الحياة. هكذا أبطلت طاعة مريم معصية حوّاء. ما عقدته حوّاء بعدم إيمانها حلّته مريم بإيمانها. لمحو الضلال الذي لحق بالتي كانت مخطوبة -العذراء مريم حوّاء- حمل الملاك البشارة الجديدة الحقّة إلى التي كانت مخطوبة. العذراء مريم حوّاء ضلّت بكلام الملاك واختبأت من وجه الله بعد أن عصت كلمته، أمّا مريم فبعد أن سمعت من الملاك البشري الجديدة، حملت الله في أحشائها لأنّها أطاعت كلمته. إذا كانت الأولى عصت الله، فالثانية رضيت بأن تطيعه. وهكذا صارت العذراء مريم المحامية عن العذراء حوّاء. وكما ربط الموت الجنس البشري بسبب امرأة، كذلك خُلِّص الجنس البشري بواسطة امرأة”.بالاضافة انه بعمل مقارنة بسيطة ما بين حواء القديمة والقديسة مريم نجد الآتي: صنع الرب جنّة عدن بجمال، ومريم قد أعدّهـا الرب وجمّلهـا بكل الفضائل الإلهيـة. غرس الرب فـى وسطهـا شجرة الحياة، ومريم حلّ فى أحشائهـا رب الحيـاة. أُعد هذا الفردوس الأرضي لإستقبال الإنسان الأول، ومريم أُعدت إعداداً خاصـاً ليحل فى أحشائهـا إبن البشر آدم الجديد. حواء هى ام كل حي،والعذراء ام كل مؤمن بإبنها يسوع. حواء اغلقت باب الفردوس بسقوطها، ومريم أعادت فتح الباب الـمغلق فى شخص إبنهـا يسوع. حواء أُخذت من رجل بدون إمرأة، ومريم العذراء وَلدَتْ وهى الإمرأة بدون رجل. حواء خُلقت فى حالة البرارة وكانت زينـة الفردوس، وكذلك مريم. حواء وضعت للعالم هابيل الصدّيق الذى قتله أخوه بلا مبرر،ومريم أعطت العالم الصِّديق الذى قتله إخوتـه على جبل الجلجلـة. هكذا رأى آباء الكنيسة في القرنين الأوّل والثاني أنّ لمريم دورًا أساسيًّا في تاريخ الخلاص. وهذا الدور هو دور مزدوج: فقد حبلت بيسوع المسيح بشكل بتولي. إنها امّ المسيح ابن الله. ثمّ إنّها بإيمانها وطاعتها لكلام الله قد أبطلت معصية حوّاء الأمّ الأولى، وهكذا شاركت بملء حرّيتها في الخلاص الذي جاءنا به ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح. صلاة: ساعدنا يا رب كي نحتفظ بتلك النعمة التى وهبتنا اياها حتى نستحق المثول امام عرشك الإلهي في السماء. آمين. اكرام: احفظ نفسك اليوم بعيدا عن شيئ لا لزوم له والذي انت تشعر بانك مشدود له اكراما لله ولمريم العذراء. نافذة: يا قلب مريم الطاهر كن مثال لنا وملجأ – سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الأربعاء3 مايو: البشارة 2 جاء من رسالة القديس البابا يوحنا بولس الثاني (1978-2005) “أم المخلص Redemptoris Mater (في 25 مارس 1987) والتى القى فيها الضوء على دعوة مريم لتكون اما لله والتعبير ” الممتلئة نعمة” اصبح بالفعل اسمها الجديد والذي يشير ان ملء النعمة التى نالتها كان بسبب دعوتها الفريدة ما يلي: “من المؤكد ان مريم قدمت الى سر المسيح خلال ذلك الحدث الا وهو “البشارة” التى جاءتها من ملاك الرب. تلك البشارة قد حدثت في الناصرة من خلال ظروف ثابتة من تاريخ اسرائيل والذي فيه اخذ الشعب الوعد من الله. قال الملاك الى العذراء:” «سَلاَمٌ لَكِ يا ممتلئة نعمة اَلرَّبُّ مَعَكِ”(لوقا28:1)، ولكن مريم “». فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!»“(لوقا29:1)، فما الذي تعنيه تلك الكلمات الغير عادية وخاصة “الممتلئة نعمة – kecharitomene. اذا ما اردنا التأمل معا ومع مريم في تلك الكلمات وخاصة تعبير ” الممتلئة نعمة” يمكننا ان نجد صدى واضح في موضوع ” النعمة” من رسالة بولس الرسول لأهل أفسس”“وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ.”(افسس7:4). بعد تلك التحية واللقب الجديد في البشارة من رسول السماء دعيت عذراء الناصرة ب “مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ»“(لوقا28:1)، وفيما بعد من اليصابات بوحي من الروح القدس ب “«مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ”(لوقا42:1)،انه بسبب تلك البركة والتى فيها ابانا السماوي “بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ”(افسس3:1). انها بركة روحية والتى هي لكل الناس والتى تحمل في ذاتها الملء وعموميتها لأنها “كل بركة”. انها تفيض من ذلك الحب والذي بالروح القدس يوحد الابن بالأب، في نفس الوقت انها البركة التى تفيض من خلال يسوع المسيح عبر التاريخ البشري حتى النهاية لكل البشر. تلك البركة تشير الى مريم بدرجة خاصة وغير مسبوقة لأنه تم تحيتها بواسطة الملاك واليصابات ب ” مباركة انت في النساء”. هذه التحية المزدوجة تعكس في الحقيقة من هي مريم ” الممتلئة نعمة”. “السلام لكِ أيتهـا الـممتلئة نعـمة،الرب معكِ،مباركة أنتِ فى النساء” (لوقا28:1)- هنا قبلت مريم من الـملاك لقبـاً جديداً، فلم يناديها باسمها الأرضي المناسب يا “مريم” بل أعطاها لقبا جديدا وهو “الـممتلئة نعـمة” وكأن هذا هو اسمها الحقيقي. لم تكن هذه بالتحية العادية كقول “يوم سعيد” ولا حملت معنى “سلام” او “شالوم”بالعبريـة، لكن الكلمة اليونانية للسلام هنا “شيريـه” تعنى كمال معنى الفرح. لقد إستخدم بعض أنبياء العهد القديم ذات التحية موجهة الى “إبنـة صهيون” يسألونهـا أن تفرح جداً بل تصرخ علانية: “ترنمي يا إبنـة صهيون،اهتفي…افرحي (شيري) وابتهجي من كل قلبك يا إبنة اورشليم”(صفنيا14:3و17). “إبتهجي (شيريـه) جدا من كل القلب والنفس يا إبنة صهيون هوذا ملكك يأتيك…ويسكن فى وسطكِ” (زكريا9:9). فى القديم جاءت التحية “إفرحي يا إبنة صهيون” وعبريـا تعنى “راني نيوخانـاه”، وفى البشارة جاءت التحية للعذراء “إفرحي يا ممتلئة نعـمة” وعبريـا تعنى “راني شانيناه”،انـه تشابه عجيب. انهـا دعوة للفرح بالـمسيّا الآتـى،مريم صارت تجسداً لإبنـة صهيون التى تنتظر الـمخلص فلتفرح وتبتهج. ” الممتلئة نعمة” ترى ماذا يعني ذلك الأسم؟ ولماذا وجهه رئيس الملائكة جبرائيل لعذراء الناصرة بتلك الطريقة؟ في لغة الكتاب المقدس ” النعمة” هي عطية خاصة والتى هي طبقا للعهد الجديد لها مصدرها من حياة الله اي الثالوث الأقدس فالله محبة “وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ.”(1يوحنا8:4)، ثمرة هذا الحب هو “الاختيار” والذي تكلم عنه بولس الرسول في رسالته لأهل أفسس”كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ”(افسس4:1)، فمن جهة الله هذا الاختيار هو رغبة ازلية لانقاذ الانسان من خلال الاشتراك في طبيعته كما جاء: “كمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ”(2بطرس3:1-4). ان تأثير هذه العطية الأبدية لذلك الانسان المختار من الله تشبه “بذرة القداسة” او ينبوع يرفع النفس من خلال النعمة الى الملء فتعطى الحياة والقداسة لمن هم اختيروا. وهذه النعمة هي من فوق كما جاء:” كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ.“(يعقوب17:1). ان لقب او اسم “الـممتلئـة نعـمة”، وباليونانيـة (خاريتون) وهى تعنى الإمتلاء من النعمة حتى الفيض وهذا الإمتلاء من النعمة هو عمل الرب فهو يملأ بنعمته كل محبيـه، وهذا الإمتلاء هو بدء التلامس بشخص الـمسيح. هذا اللقب أثبت الوضع الحالي “ايتها الـممتلئة نعمة” وليس التى تمتلئ نعمة. ان حلول اللـه فى هيكل بشري يسبقه تقديس لهذا الهيكل كى يؤهل لهذا الحلول،وهنا كان الإمتلاء والتقديس لـمريم منذ البدء. “ممتلئة نعمة” تعنى ان مريم مثال لعلاقة جديدة بين اللـه والإنسان،فلقد حاول الإنسان منذ القديم أن يتقرب الى اللـه،فقّم لـه ذبائح وتقدمات إسترضاء وإستعطاف وإتقاء،غير ان اللـه لم يرتض بهذه الذبائح لأنهـا بقيت حاجزا بين اللـه والإنسان،وأعطى اللـه للإنسان عن طريق الوحي الطريق الوحيد لإرضاء اللـه وهو قلب الإنسان فيقدمـه ذبيحة للرب. فى القديم بعض الوسطاء قد جسدوا حضور اللـه للشعب بتابوت فيه عصا ولوحا العهد والذى كان رمزاً للعهد مع اللـه وكلامـه، وبعد بناء الهيكل وهو الـمثال الحي لوجود اللـه بين شعبه،وها الآن إختار اللـه من بين الذين أخلوا قلوبهم لإستقبالـه فحلّ فى أحشاء مريم الطاهرة ليدخل العالـم ويعيش بين الناس. هذه العلاقـة الجديدة بين اللـه والإنسان وهذا الـمثال وضح تماما فى مريم بنوع فريد وقد أرادهـا اللـه فى قلب كل إنسان وهو الإمتلاء من النعـمة والـمتاحـة لكل فرد منـا. صلاة: يا الله، الحكمة الأزلية، لقد صنعت كل شيئ بعدد ووزن ومقياس ولكنك أحببتنا بلا وزن ولا عدد ولا مقياس، فساعدنا يا الله لنكون جديرين بحبك العجيب. آمين. اكرام: من العديد من تلك الأوقات والأعمال الغير مجدية او المثمرة لحياتك الروحية التي مرت والتي خصصتها لأعمال الجسد ضع جانبا كل اهتماماتك الأرضية وخصص بعض الوقت للصلاة طالبا من الله ان يخلق فيك قلبا جديدا. نافذة: ياسبب سرورنا صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الخميس 4 مايو: البشارة -3 اذا ما كانت التحية والاسم “ممتلئة نعمة” قد قالت كل ذلك في محتوى اعلان الملاك سنجد ايضا ذلك الاعلان السماوي قد اشار اولا فوق كل شيئ الى اختيار مريم كأم لإبن الله، ولكن في نفس الوقت “ملء النعمة” يشير الى كل سخاء خارق للطبيعة والتى استفادت منه مريم لكونها مختارة لأن تصبح ام المسيح. اذا ما كان ذلك الاختيار اساسي لإتمام خطة الله الخلاصية للبشرية واذا ما كان الاختيار الأبدي في المسيح والدعوة لكرامة تبني ابناء موجهة لكل واحد فيكون اذا اختيار مريم هو استثناء تام ووحيد وهكذا ايضا يكون ذلك الانفراد لها في خطة سر المسيح هو عجيب وفريد. فلما رأتـه اضطربت من كلامه وفكّرت ما عسى ان تكون هذه التحيـة“(لوقا29:1). اضطربت مريم فمنظر الملاك غير مألوف فى تلك الأيام،ومثل هذه التحيـة غير عاديـة أيضاً، ومثل هذا الخبر فوق الطبيعة. “فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم،لأنك قد وجدتِ نعمة عند اللـه وها أنتِ ستحبلين وتلدين إبناً وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيماً وابن العلي يُدعى ويعطيه الرب الإلـه كرسي داود أبيـه ويملك على بيت يعقوب إلـى الأبد ولا يكون لـملكه إنقضاء”(لوقا30:1-33). هنـا يؤكد ملاك اللـه انه لا داعي للخوف أوالقلق أو الإضطراب فهذا الأمر هو من الله، ويؤكد لهـا بسبب انهـا قد وجدت نعمة عند الله فلا يوجد اي مكان للخوف أو الإستغراب،ومن ان ما كُتب عنـه فى التوراة والأنبياء وما جاء من رموز وشخصيات وأحداث من قبل عن الـمخلّص الآتـي “ابن العلي” و “العظيم” و”إبن داود” و “الـملك” و “الـملك الذى لا إنقضاء لـملكه”، ها هو سيأتـى الآن عن طريق مريـم. “فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنـا لستُ أعرف رجلاً”(لوقا34:1) – الـمنطق البشري يقول كيف يحدث هذا؟ وهذا ما أعلنته مريم “كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً”. فمريم قد تقول فى نفسها (انا ناذرة البتولية..أنا كنت أخطط حاجة أخرى لحياتي..أنا كنت أريد ..وانا كنت أخطط….) انها كلهـا تخطيطات بشرية. انـه ليس تساؤل فيه شك وإرتياب. انـه ليس تساؤل يطلب علامـة كما فعل زكريـا. انـه سؤال للإستنـارة “كيف يكون هذا”. لقد عزمت مريم على نذر البتولية، فالبتولية كانت منتشرة أيام الـمسيح وتُعد من علامات التقارب مع الله. فبتولية مريم اعطتها صفة التكريس وامكانية حياة التأمل وحياة الخدمة. والقديس يوسف ايضا نجد انـه قد نذر نفسه للبتولية إذ يذكر عنه الكتاب المقدس “كان باراً” ولهذا فقد أطاع حكم الشريعة وقبِل أن يكون من عِداد من يتقدمون لخطبة مريم لأنـه كان من بيت داود ورضخ لإرادة الله بعد أن شاهد علامـة إلهيـة كما ذكر التقليد فأتمم مراسيم الخُطبـة، وهو على يقين تام أنـه سيطلب من خطيبتـه الحياة معـا فى نذر وتكريس كامل لله وعندما أخبره الـملاك فى حلم عن من هـى مريم العذراء وابنهـا عـمانوئيل فرح وأطاع أمـر السماء و”أخذ امرأتـه ولـم يعرفهـا”(متى25:1). وكم كانت سعادة مريم عندما وجدت خطيبها بتولا مثلها ولهذا كانت إجابتها للملاك جبرائيل:”كيف يكون هذا وانا لا أعرف رجلاً”(لوقا34:1) فلو كانت على علم إن يوسف رجلهـا رجلاً ليس ناذراً للبتوليـة ما كانت تجيب ملاك الله بأنهـا لا تعرف رجلاً. فالبتولية ليست تهربـاً من مسؤوليات الحياة انما هى تعبير كامل عن حب الانسان لربـّه،والحب الحقيقي يـمتاز بالعطاء والتضحية ولا يشغل بال الانسان أحد سوى الله، فهو يُشابـه مثل ذلك الحب النقي الذى كان بين آدم وحواء قبل السقوط. القديس يوسف كان باراً كما يذكر الكتاب الـمقدس والبرارة تعنى القداسة والعيش فى الحق والعدل والعمل بوصايا الله “ان البتولية مع الفضيلة أجمل فإن معها ذِكراً خالداً لأنها تبقى معلومة عند الله والناس”(حكمة1:3). فأجاب الـملاك وقال لها الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلي تُظللكِ فلذلك أيضاً القدوس الـمولود منكِ يُدعى إبن الله”(لوقا34:1-35) – أجاب الـملاك على تساؤل مريم “الروح القدس يحلّ عليكِ” عرفت مريم ان هذه هي مشيئة الرب، وتذكرت إيـمـان ابراهيم وكيف ترك أرضه وعشيرته وعندما قدّم ابنه ذبيحة حسب إختبار الله لـه. وتذكرت ايضا إيـمـان موسى وقبوله قيادة شعب الله من أرض العبودية الى أرض الـمـوعد. وتذكرت معنى حلول الروح القدس ومجد الرب يحل فى مكان ما.فتذكرت خيمة الإجتماع “غطت السحابة خيمة الإجتماع وملأ بهاء الرب الـمـسكن فلم يقدر موسى أن يدخل خيمة الإجتماع” (خر 35:40).. أن قوة العلي ستظللهـا (لو35:1)، إذن “انه ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله” (يوحنا 23:2). انه أمر سماوي، وإرادة سماويـة. “مـا أبعد أحكامك عن الفحص وطرقك عن الإستقصاء يارب” “وهوذا اليصابات نسيبتك هى أيضاً حُبلى بإبن فى شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك الـمدعوة عاقراً لأنـه ليس شيئ غير ممكن لدى الله”(لوقـا 36:1-37). لـم تطلب مريم علامة لتؤمن مثل موسى لكي يصدقه فرعون والشعب العبرانـي” انهم لا يصدقونني ولا يسمعون لقولي بل يقولون لم يتجل لك الرب” (خروج7:4). ولـم تطلب علامة مثل جدعون كما جاء فى سفر القضاة “ان كنت قد أصبت حظوة فى عينيك فأعطيني علامة على انك انت الذى كلمني “(قضاة 17:6) وكان أن الرب أعطاه من جزاز الصوف فى البيدر وسقوط الندى وغيرها من العلامات. ولـم تطلب علامـة مثل بني اسرائيل عندما طلبوا من يسوع آية لكى يؤمنوا به “أيـّة آيـة تصنع لنراها ونؤمن بك”(يوحنا30:6). مـريم لم تطلب،ولكن أعطاها الـمـلاك العلامة،ان نسيبتها أليصابات العاقر حبلى فى شيخوختها. صلاة: يا قديسة مريم قوديني بعيدا عن ضعفي وساعديني ان احيا حياة القداسة والتي وهبني إياها الله حتى امجده وأخدمه بكل آمانة. آمين. اكرام: اذا ما بدا ان هناك شخص ماسبب لك اهانة وانه يستحق التوبيخ فلا تفعل هذا عندما تكون في حالة غضب ولكن انتظر حتى اليوم التالي لتصحح له ما قد فعل وردد صلاة ابانا و”السلام الملائكي” من اجله وذلك اكراما لمريم. نافذة: يا ممتلئة نعمة، صلي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الجمعة5 مايو – “البشارة -4” فقالت مريـم هوذا أنـا أمـةُ الرب ليكن لي كقولك. فمضى من عندهـا الـملاك”(لوقـا 38:1) – هنا جاءت اللحظة الحاسمة التى تنتظرهـا البشريـة. ماذا ستقول مريـم؟. ان اللـه يحترم تمامـا إرادة الإنسان،و قبول هذا الأمر ليس بالهيّن، لهذا لم يتركها الـملاك حتى يسمع قبولهـا أو رفضهـا للدعوة والخدمـة والخضوع لـمشيئة الله ومن أنهـا ستقبل طائعـة وبكامل إرادتهـا أن تصبح أمـا لقدوس اللـه والـمسيّا التى تنتظره هـى أولاً وباقـى البشر. وقبلت مريـم أن تكون خاضعـة للـه كعبدة بكل كيانها وقلبها وجسدها وفكرها. انها دائما قصة حب وصلت ذروتها ما بين روح النور وعروس الروح. انه شيئا يمكنه ان يحدث لأي شخص الآن ومع هذا فانه لا يمكنه ان يحدث لأي فرد بتلك الطريقة من الخضوع والاستسلام ولكن من اجل انها فتاة من الناصرة احبت الله من كل القلب والفكر والارادة. عندما سلّمت مريم نفسها الى الله فكان في الحقيقة ذلك معجزة سماء جديدة وارض جديدة، الروح القدس دخل الى العالم ومعه النور والحكمة والحب والصبر والثبات والفرح دخل الى قلب وعقل البشر وفي نظر الله ربيع من الجمال قد استيقظ في العالم. في تفريغ عذري كامل لفتاة من الناصرة قبلت ان يحل في احشائها المسيح فكان بمثابة اتحاد الله مع البشرية فامتلأت الأرض بالفرح والسلام. ان العالم بأسره كان في انتظار ان تلك التى اختيرت ان تقبل بكامل حريتها وتوافق، ولكن ياترى ما الذي تم سؤالها عنه ومطلوب موافقتها عليه؟ اولا ان يحل الروح القدس وان تخضع كيانها كفتاة صغيرة لم تتعدى ال 14 عاما الى الحب اللانهائي ونتيجة لذلك تصبح اما للمسيح. لم تسأل ان تفعل اي شيئ بنفسها ولكن لتدع شيئا يُفعل بها. لم تُسأل ان تتنازل عن اي شيئ ولكن ان تستقبل هدية لا يمكن تخيلها. لم تُسأل ان تمارس نوع خاص من الحياة وان تسكن في الهيكل وتحيا كراهبة وان تزرع فضائل مناسبة او ان تطالب بإمتيازات خاصة. انها ببساطة ان تظل في العالم وان تستمر في ارتباطها بخطيبها يوسف وان تحيا حياة زوجة لحرفي وان تفعل ما كانت تنوي فعله كأن لاشيئ قد حدث. انه تقريبا يبدو اذا ما ان الله اصبح انسانا وان يولد من امرأة كأنه شيئا عاديا. كل شيئ حدث سريّا وكأن لم يكن هناك بشارة او اعلان سماوي. الشيئ الوحيد الذي سألها الله هو عطية بشريتها، فعليها ان تعطي الله جسدها وروحها بلا شروط وبناء على هذا فعليها ان تستمر في تكريس ذاتها بكليتها لله. فقالت مريم “نعم” وقالتها من اجل البشرية جمعاء وكل شخص عليه ان يقول “نعم” ويستمر في قبول دعوة الله. إن إجابة القديسة مريم لرسالة الملاك جبرائيل فريدة في كل التاريخ الأنجيلي، ففي مشاهد البشارة بالميلاد ومشاهد للدعوة كما جاءت في العهد القديم كان الله او رسوله السماوي يتكلم في نهاية البشرى او الدعوة قبل ان يغادر المكان. إبراهيم وسارة وزكريا ووالداي شمشون مثلا لم يعطوا مقولة عظيمة بموافقتهم بعد استقبالهم للبشارة عن أبنائهم، وكذلك أيضا موسى او جدعون عندما دعاهم الله للمهمة التي اختارها لهما. وقفت القديسة مريم لتعطي اخر كلمة في الحوار الذي دار مع الملاك وكلمات الموافقة والرضا يكشف كثيرا عن رغبة مريم ان تخدم الله. هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»(لوقا38:1). هنا أولا وصفت مريم نفسها على انها شخص ما قد سلّم نفسه بالكامل وسلّم أيضا حريته فسلّمت بكل تواضع حريتها. ان الكلمة اليونانية هنا والتي استخدمتها مريم ترجمت “آمة” (handmaid) او doule والتي في الحقيقة تعني خادم او عبد – شخص ما هو بالكامل ملك شخص آخر يمكنه ان يفعل به ما يشاء. هذا التعبير استخدم في العهد الجديد ليصف من هم قبلوا سلطة الله في حياتهم ليخدموا مشيئته “ وَعَلَى عَبِيدِي أَيْضًا وَإِمَائِي”(اعمال18:2) و” وَامْنَحْ عَبِيدَكَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكَ”(اعمال29:4) و ” «هؤُلاَءِ النَّاسُ هُمْ عَبِيدُ اللهِ الْعَلِيِّ”(اعمال17:16). كذلك القديس بولس تكلم عن نفسه بأنه عبد للمسيح: “بُولُسُ، عَبْدٌ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ“(رومية 1:1) و(فيليبي1:1) و(غلاطية 10:1) وأيضا عبد لله:” بُولُسُ، عَبْدُ اللهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ”(تيطس1:1). هذا هو التعبير الذي استخدمته القديسة مريم لتصف نفسها من انها عبدة doule – خادمة للرب واهبة نفسها بكليتها لتميم رغبات الله. لقد سمعت من الملاك كل ما يخططه الله لها واستجابت بوضع حياتها كلها في يد الله. انها لم تفكر ان تلك المهمة لنفسها هي ولكن وجدت نفسها مختارة وموكل اليها شيئا عظيما لمجد الله الأعظم. كخادمة للرب اختارت ان لا تستخدم حياتها لأغراضها الشخصية ولكن حسب مشيئة الله. لقد وجدت مريم نفسها الآن أسيرة الي خطة الله الذي يريد خلاص البشرية ولقد سئلت ان تعطي نفسها ومستقبلها كله ” للروح القدس .. وقوة العليّ”. كان يمكنها ان تبقى هي المتحكمة وصاحبة الأمر ولكن بدلا من ذلك وضعت نفسها ملكا للرب وطرقه كتعبير حقيقي وعملي عن إيمانها «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». ان قبولهالتلك الدعوة جعلها حسب رواية انجيل لوقا اول شخص يخاطر بكل شيئ من أجل يسوع المسيح وتكون اول المؤمنين به. ان إرادتنا الحرة هي الشيئ الوحيد الذي نمتلكه فصحتنا وغِنانا وقوتنا كلها يمكن لله ان يأخذها مرة أخرى منا ولكن حريتنا قد تركها لنا. وبما ان حريتنا هي ملك لنا فهي العطية الوحيدة الكاملة والتي يمكننا ان نقدمها الي الله. وعندما نقدم حريتنا الي الله كهدية – عندما نحيا كخدام للرب مثل ما فعلت مريم- فحياتنا لن تكون محرومة بل ستصبح اكثر ثراء. اذا ما ترك لنا حرية إدارة حياتنا فسنميل ان نتخذ قرارات مبنية على رؤية محدودة للحياة سنتبع طبيعتنا الساقطة ورغباتنا المضطربة فنحن عبيد لمئات المخاوف وعدم الآمان والضعفات ونعتقد اننا بعد احرار ونتحكم في حياتنا. انه فقط بالتعلم ان نتخلى عن حريتنا لنفعل ما عليه نحن في بشريتنا الساقطة فنريد ونرغب أولا ان نضع ثقتنا الكاملة في يد الله الذي يدبر حياتنا حسب مشيئته فهو وحده الذي يعرف في الحقيقة الشيئ الحسن والصالح لنا ويرغب في سعادتنا الي المنتهى صلاة: يا قديسة مريم ساعدني وحامي عني كإبنا لك حتى أفوز بالسماء. آمين. اكرام: ان هناك الكثيرين منا من يريدون ان يخدموا الله في حياتهم، ولكن فقط بطريقتنا نحن وبشروطنا نحن ونبني كل أنواع الحدود والقياسات والإشتراطات التي يمكن ان نسمح لله ان يقودنا. نحن نقول اننا نرغب ان نفعل مشيئة الله ولكن في الحقيقة جزء كبير منا يريد ان يتأكد اننا مازلنا يمكننا ان نبتغي بعض الأحلام والأشواق بينما نبتعد عن كل ما هو مخيف او مفروض علينا. نحن نريد ان نبقى في حالة تحكم ولو بشيئ ما في حياتنا ورغباتنا. اليوم حاول ان تقوم بخدمة لشخص ما بدون اي جدال ومقدما هذا العمل اكراما لمريم العذراء. فكر ملياً في ضميرك عند قيامك بأي عمل: هل ترضى به أمنا العذراء ؟ نافذة: يا آمة الرب صلي من أجلنا. يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. السبت6 مايو: “الزيارة” “فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ».”(لوقا39:1-45). بعد ان سمعت من رسالة الملاك ذهبت مريم “مسرعة” الي منطقة يهوذا الجبلية لتجلب الفرح لنسيبتها اليصابات الحبلى بيوحنا المعمدان وان تشارك معها كل ما يحققه الله في اسرائيل وفي حياتها. ان من استقبلت رسالة الملاك عن مجيئ المسيّا اصبحت الآن اول مبشرة بشرية للأخبار السارة. ان الرب يسوع في سر تجسده ليس فقط اخذ طبيعتنا البشرية من القديسة مريم ولكن ترك نفسه بلا قوة وبلا مساعدة في ظلمة رحمها لكي يؤخذ حيثما ذهبت، انه بدء عمل النعمة الالهية من ان الله قد خلّص العالم باعطاء نفسه للانسان, القديسة مريم وحدها من دون سائر المخلوقات كانت جديرة تماما بتلك الثقة فمن الآن فصاعدا ستحضر يسوع معها. في هذا السر سر تلك الزيارة احضرت مريم معها يسوع، واليصابات ايضا كانت تحمل طفلا-يوحنا المعمدان. يذكر لنا الانجيل ان يوحنا “ارتكض” في رحم امه اليصابات (كلمة ارتكض هي نفسها كلمة رقص بالعبرية- هي ذات الكلمة التي استخدمت حين رقص داود النبي أمام التابوت. (2صموئيل14:6)، وامتلأت اليصابات من الروح القدس وهنا تعلم الكنيسة انه في تلك اللحظة التى التقى فيها الجنينان ان يوحنا استقبل حياة وقوة غير طبيعية اتماما لما تنبأ عنه ملاك الرب لزكريا ابوه قائلا:” وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.“(لوقا15:1). لو تأملنا أكثر في نغمة التحية، فهي من أعظم وأجمل التحيّات ومن السهل إدراك فرحة قلب اليصابات عند لقاءها بأم الرب وهي تحمل الرب القدير في رحم الوالدة البتول مريم. “من اين لي هذا”، تلك الجملة تكشف كيف ان اليصابات قد داخلها الفرح حقيقة واعتبرت هذا اللقاء بركة لا حدود لها، ومن العجيب ان اليصابات كانت اكبر سنا بكثير من القديسة مريم وكان من المتوقع حضور مريم لمساعدتها فكأن تلك الزيارة كانت أمر مفروض وليس بغريب ولكن اليصابات لم تتقبل الأمر بذلك الشكل المفروض بل اعتبرته عملا يستوجب الشكر العميق. دعونا الآن نتأمل في معاني كل كلمة من الكلمات الثلاث التي أعلنتها اليصابات. أولا قالت لمريم:” «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ”(لوقا42:1)، ان تلك الكلمات تجلب للذاكرة كيف ان اثنتان من ابطال العهد القديم ياعيل ويهوديت قد تم وصفهما، وهما المرأتان الوحيدتان في كل الكتاب المقدس والتي تم تسبحتهن بذلك الوصف. بعد ان هزمت ياعيل القائد الأممي سيسرا والذي كان يعاير شعب الله “مَدَّتْ يَدَهَا إِلَى الْوَتَدِ، وَيَمِينَهَا إِلَى مِضْرَابِ الْعَمَلَةِ، وَضَرَبَتْ سِيسَرَا وَسَحَقَتْ رَأْسَهُ، شَدَّخَتْ وَخَرَّقَتْ صُدْغَهُ. بَيْنَ رِجْلَيْهَا انْطَرَحَ، سَقَطَ، اضْطَجَعَ. بَيْنَ رِجْلَيْهَا انْطَرَحَ، سَقَطَ. حَيْثُ انْطَرَحَ فَهُنَاكَ سَقَطَ مَقْتُولًا”(قضاة26:5-27)، جاء ان دبّورة قاضية إسرائيل قالت بفرح:” تُبَارَكُ عَلَى النِّسَاءِ يَاعِيلُ امْرَأَةُ حَابِرَ الْقَيْنِيِّ. عَلَى النِّسَاءِ فِي الْخِيَامِ تُبَارَكُ”(قضاة24:1). وبالمثل، عندما هزمت يهوديت القائد الأممي أليفانا والذي حاول ان يأخذ المدينة اليهودية “وَقَالَ لَهَا عُزِّيَّا رَئِيسُ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ مِنَ الرَّبِّ الإِلهِ الْعَلِيِّ فَوْقَ جَمِيعِ نِسَاءِ الأَرْضِ”(يهوديت 23:13). لذلك فكلا المرأتان ياعيل ويهوديت اعتبرا مباركتان بين النساء لأن الله استخدمهما لينقذ الشعب من اعدائهم. ومريم تقف في وسط هذا التقليد ويطلق عليها “مباركة بين النساء” ومثال ياعيل ويهوديت كانت مريم أيضا آداة في خطة الله لإنقاذ شعبه، ولكن هناك اختلاف واحد حيوي فلم تكن مريم متداخلة في معركة فعلية فهلى مشتركة ومساهمة في خطة الله للخلاص من خلال الحبل بيسوع في احشائها. ان ذلك ما كانت تعنيه بكل دقة اليصابات عندما استمرت لتشرح لمريم وتقول لها انها “مباركة بين النساء” لأن “ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ”(لوقا42:1). مريم مباركة لأن الطفل الي تحمله هو الذي سيحقق خطة الله للخلاص لإسرائيل وللعالم، وكما جاء في انجيل لوقا بوضوح نوع الخلاص الذي سيجلبه ذلك الطفل سيتضمن اكثر من تحرير سياسي مما جلبه ياعيل ويهوديت. ان الطفل الذى في احشاء مريم يأتي لينقذ شعبه من عدو اكثر ظلمة الا وهي الخطيئة. ان مريم شاركت مع ياعيل ويهوديت بصورة ما بما جاء في سفر التكوين عن سحق رأس اعدائهم “ وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ»(تكوين15:3). وتلك النبؤة عن المسيّا المنتظر والذي اعلنها الله عن امرأة سيكون لها إبن وهو الذي سيسحق رأس الحيّة الا وهو الشرير. ان ياعيل ويهوديت هزموا أعداء إسرائيل العسكريين بقطع رؤوس قادتهم ولكن مريم وابنها فهو الذي يمكنه وحده ان يسحق رأس اكبر عدو لأسرائيل وهو الشرير، وبهذا فمريم هي تلك “المرأة” تحقيقا لتلك النبؤة التي جاءت في سفر التكوين (15:3) والتي ظهرت فيما بعد في عرس قانا الجليل وتحت الصليب وفي رؤيا يوحنا اللاهوتي (رؤيا1:12-9 و يوحنا4:2 و يوحنا 25:19-27). نقطة أخرى بخصوص تلك التحية “مباركة أنتِ فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنكِ”، هذه التحية مشابهة لتلك التحية التى استقبل بها المسيح فى اورشليم “مبارك الآتى بإسم الرب”(متى29:21) و”مبارك الآتي بإسم الرب ملك اسرائيل”(يوحنا13:12) وهنا تحية لأم الـملك. “الـمبارك” كان يستعمل عند اليهود للتعبير عن الله الذى لا يجرؤ احد ان يلفظ اسمه،فزكريا يبدأ تسبحته “مبارك هو الرب إلـه اسرائيل”(لوقا18:1)،وفى محاكمة يسوع سنجد رئيس الكهنة يسأل “هل أنت الـمسيح إبن الـمبارك”(مرقس7:14)،ونحجها ايضاً فى تحية ملكيصادق لإبراهيم “مبارك ابرام…ومبارك الله العلي”(تكوين19:14). ان الكلمة الثانية هي التي أعلنتها اليصابات ووجهتها الي مريم واصفة إياها “ام ربي” وبفعلها هذا تسبح اليصابات وتحييى مريم كأم الملك. في العهد القديم “ربي” هو تعبير استعمل كشرف للملك كما جاء مثلا ” قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ» (مزمور1:110). وهنا كلمة “رب” أي “كيريوس” هى التى استعملتها اليصابات فلا مجال للـمجادلـة بأنها لم تكن تقصد وانهـا كانت تقصد كلمة (ربّونـي) يعنى الـمعلّم أو السيد. وهذا يعنى ان مريـم هـى أم الإلـه فسوف تلد عمانوئيل اي اللـه معنـا وهنا نجد تطابق عجيب بين ما نطقت به اليصابات بالروح القدس وبين ما نطق به الـملاك أثناء بشارته للعذراء مريم بالحبل الـمقدس للقديسة مريم فإن كلمات اليصابات هو تأكيد لكلمات الملاك لها في الناصرة فهي أم لنسل داود الملك وأيضا كلمات اليصابات أيضا تؤكد إكرام خاص لمريم نفسها وبحسب تعبيرات الكتاب المقدس فمريم هي أم الملك ويفهم بهذا انها الملكة في مملكة ابنها. في إسرائيل القديمة الملكة في مملكة داود لم تكن هي زوجة الملك ولكن وصفت بها أم الملك كما جاء في ارميا18:13و 20 و سفر الملوك الأول 13:15 و سفر الملوك الثاني 15:24. معظم الملوك كان لديهم العديد من الزوجات ولكن كل ملك له أم واحدة فقط ولقب الملكة اعطى لها، لذلك فعندما دعت اليصابات مريم “أم ربي” فهي بذلك تكرم مريم كأم للملك والملكة الأم. تلك الخلفية يمكن ان تلقي ظلا لبعض الضوء عن دور شفاعة مريم اليوم لأن الأم الملكة في إسرائيل القديمة تخدم كحامية ومحامية عن الشعب فأعضاء المملكة يحضرون طلباتهم الي الأم الملكة وهي بدورها تقدم تلك الطلبات الي الملك (انظر ما جاء عن الملكة بتشبع ام سليمان الملك :” ثُمَّ جَاءَ أَدُونِيَّا ابْنُ حَجِّيثَ إِلَى بَثْشَبَعَ أُمِّ سُلَيْمَانَ. فَقَالَتْ: «أَلِلسَّلاَمِ جِئْتَ؟» فَقَالَ: «لِلسَّلاَمِ». ثُمَّ قَالَ: «لِي مَعَكِ كَلِمَةٌ». فَقَالَتْ: «تَكَلَّمْ». فَقَالَ: «أَنْتِ تَعْلَمِينَ أَنَّ الْمُلْكَ كَانَ لِي، وَقَدْ جَعَلَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ وُجُوهَهُمْ نَحْوِي لأَمْلِكَ، فَدَارَ الْمُلْكُ وَصَارَ لأَخِي لأَنَّهُ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ صَارَ لَهُ. وَالآنَ أَسْأَلُكِ سُؤَالًا وَاحِدًا فَلاَ تَرُدِّينِي فِيهِ». فَقَالَتْ لَهُ: «تَكَلَّمْ». فَقَالَ: «قُولِي لِسُلَيْمَانَ الْمَلِكِ، لأَنَّهُ لاَ يَرُدُّكِ، أَنْ يُعْطِيَنِي أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ امْرَأَةً». فَقَالَتْ بَثْشَبَعُ: «حَسَنًا. أَنَا أَتَكَلَّمُ عَنْكَ إِلَى الْمَلِكِ». فَدَخَلَتْ بَثْشَبَعُ إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ لِتُكَلِّمَهُ عَنْ أَدُونِيَّا. فَقَامَ الْمَلِكُ لِلِقَائِهَا وَسَجَدَ لَهَا وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَوَضَعَ كُرْسِيًّا لأُمِّ الْمَلِكِ فَجَلَسَتْ عَنْ يَمِينِهِ. وَقَالَتْ: «إِنَّمَا أَسْأَلُكَ سُؤَالًا وَاحِدًا صَغِيرًا. لاَ تَرُدَّنِي». فَقَالَ لَهَا الْمَلِكُ: «اسْأَلِي يَا أُمِّي، لأَنِّي لاَ أَرُدُّكِ»(1ملوك13:2-20). وكما سبق وان بينا فـى نص بشارة الـملاك جبرائيل للعذراء أن إبنهـا “سيعطيه الرب الإلـه عرش داود أبيـه ويـملك على آل يعقوب إلـى الأبـد”(لو32:1)،وفـى كلمات أليصابات عندما صاحت بصوت عظيم “من أين لـي هذا أن تأتـى أم ربـي إلـيّ” (لو43:1) نجد إنـه بسبب مُلك إبنهـا حصلت مريـم على هذا الشرف أن تكون “أم الرب الـملك” أي “الـملكة”. فهـى إذاً ملكة. ومزمورداود يُعظّم الـملك والـملكة القائـمة عن يـمينه “قامت الـملكة عن يـمينك بذهب أوفيـر” (مز10:44). ومُلك العذراء مريـم يجب أن يُفهم على انـه فـى الحب والخدمـة وليس للدينونـة والحُكم، فسينكا الفيلسوف يعّلم قائلا: “إن جلالة الـملوك والـملكات إنـما تتلألأ فـى إسعافهم الـمساكين وإحسانهم إليهم وتكون غايتهم هو خيـر رعايـاهـم”. إذاً فإن كانت مريم هي أم يسوع الملك، الملكة الأم في مملكة المسيح فهي سوف تخدم كحامية ومحامية لشعب المملكة محضرة طلباتنا أمام ابنها الملك. “فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ» أخيرا، هنأت اليصابات مريم لإيمانها العظيم فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا45:1). لاحظ الفرق في ثالث إعلان، ففي الإعلانين الأولين كرمت اليصابات مريم في حبلها الفريد ومعترفة بأن مريم مباركة بسبب ثمرة احشائها وبسبب انها “ام ربي”، ولكن في ثالث بيان ميزّت مريم في شيئ اعظم الا وهو إيمانها “طوبي للتى آمنت”. شرح القديس أغسطينوس هذا بأن مريم كونها أم للمخلص لكن اعطي لها ميزة عظيمة أخرى الا وهو ايمانها والذي هو شيئا جديرا بالذكر حتى انه يمكن ان يكون اكثر من علاقتها الطبيعية مع ابنها. ان مسيرة مريم الإيمانية مع الرب كرسولة هو ما جعلها مباركة ومطوبة. يوما مـا صرخت إمراءة فى إحدى عِظات يسوع فى الناصرة “طوبى للبطن الذى حملك والثديين الذين رضعتهمـا.أما هو فقال بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه” (لوقـا 27:11-28). فهـل إستحقت مريم التطويب لأنها ام يسوع وكفى؟،أم لإنها سمعت كلام الله وحفظته متفكرة فيه فى قلبها وعملت بـه (لوقا51:2). ويضيف القديس أغسطينوس “يجب ان لا نفكر ان المباركة او التطويب حدث فقط لأنها أم ولكن بدلا من ذلك علينا ان نتأمل في مسيرة حياتها كلها”. وإيـمـان مــريـم والذى لـم تطلب علامة عن صِدق قول الملاك جبرائيل عندما أخبرها بالميلاد العجيب بل أتت لهـا العلامـة من أن العاقر ستلد. وعاشت مريم مع يسوع الطفل وكأي طفل عادي أرضعته وكان محتاجاً لها لتغذيته، فلو كان يسوع يعلن لها عن طبيعته الإلهية بإستمرار لـمـا كان لـمـريم فى إحتياج لحياة الإيـمـان ومـا كانت تتعجب من إجابة إبنها وهو فى الثانية عشر ” لماذا كنتمـا تطلبانني الم تعلما انه ينبغي أن أكون فيمـا لأبي” (لوقا 49:2) أو عند عرس قانا الجليل ” مـالي ولكِ ياإمراءة لم تأت ساعتي بعد” (يوحنا 2:4). صلاة: يا قديسة مريم نشكرك لأنك وأنت تحملين يسوع في احشاؤك تسعة أشهر كنت تحملين كل منا ايضا طيلة حياتنا فأعطينا من فضائلك وساعدينا ان نعمل كل ما يقوله لنا ابنك وعندما تأتي ساعة ميلادنا السمائي وتفتح السماء ابوابها لنا وذلك ليس الا لأنك انت التى تقودينا في موكب السمائيين لنقدم للرب المجد والإكرام والسجود دائما والي الأبد. آمين. اكرام :فكر في هذا اليوموتأمل البركات العظيمة التى نلتها من الرب واسجد شاكرا الله نافذة: يا أم الرحمة صلّي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الأحد 7 مايو – انشودة التعظيم فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ». فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا.“(لوقا46:1-56) ان الآيات التي ذكرها القديس لوقا في انجيله (لوقا46:1-55) والتي تعرف عامة ب “أنشودة التعظيم” والمترجمة من اللاتينية Magnificat anima mea Dominum (تعظم نفسي الرب)، واستخدمت الكلمة الأولى “تعظم” ولذا عرفت بانشودة التعظيم The Magnificat، وهذا فالكلمة “تعظم” في اليونانية megalunein تعني “تصنع شيئا عظيم او تسبح” وعندما تقول مريم ان نفسها تعظم الرب فهي بهذا تعبّر من كل اعماقها كيف انها ترغب في تسبحة الله وان تفعل ما في وسعها ليتتمجد ويتعظم. يكشف هذا النشيد مدى الفرح الذي كان في قلب والدة الله، فهي في تواضع تعترف ان كل الأشياء العظيمة التي نالتها هي من الله وعبّرت عن هذا بفرح عميق لا يوصف. ان الكلمات التى نطقت بها مريم في منزل اليصابات هي تعبير عن ايمانها بالله وانعكاس لما يحمله قلبها من خبرة شخصية مع الله واشعت كلماتها بسر مجد الله وعظمته اللامتناهية. ان انشودة التعظيم هي فعل شكر وتسبيح نحو الله وسلوك قلب لا يعرف الا محبة الله. هل ترغب حقا في تسبيح الله او ان تجعله عظيما في نفسك؟ اذا كان ذلك فمريم اعطتنا المثال في كيفية ان نعمل هذا في أنشودة التعظيم، ففي الجزء الأول من ذلك النشيد فنفس مريم تعظم الله بسبب تواضعها: “فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَه”(لوقا46:1-50)ُ. التواضع يتضمن رؤية الحقيقة عن النفس ومريم أظهرت هذه الفضيلة بطرق كثيرة وملحوظة في أنشودتها. أولا فهي اعترفت بحقيقة مهمتها الفريدة والموكولة اليها والبركات الغير عادية التي نالتها ولم تنكر او بخست ما الذي صنعه الرب في حياتها، ففي الحقيقة الله صنع أشياء عظيمة لها ولذا فتعزي كل شيئ الي الله وتقول “كل الأجيال ستطوبني” بسبب ما صنعه الرب وبسبب تواضعها. ولكن مريم في نفس الوقت تعرف في اعمافها ان كل تلك البركات في حياتها ليست بعمل منها فهي لم تصبح “ممتلئة نعمة” وأم المسيّا و”مباركة في النساء” من خلال جهد خاص منها او بسبب بعض مواهب فطرية روحية فمريم تعترف بضعفها وانشودتها تبين ان كل ذلك جاء بنعمة من الله. لاحظ كيف ان كل شيئ تقوله عن نفسها في تلك الآيات مرتبطة بالله فهي لا تطلب ان تظهر نفسها ولكن لتعظم الرب (لوقا 46:1). لقد رأت نفسها ليس إلا آمة صنيعة الرب وخادمة للرب (doules) (لوقا48:1)، ولكن الله جاء كمخلص لها ونظر الي تواضعها (48:1)، فهو الله الذي صنع العظائم لها (49:1). انه يوجد فرق كبير بين التواضع اللفظي بكلمات والتواضع التجريبي فمن السهل لأي فرد ان يقول “انا ضعيف، انا خاطئ، انا اريد الله في حياتي”، ولكن مختلف تماما ان يختبر في حياة الشخص حقيقة انه ضعيف او كيف ان شخص يعتمد على الله كلية. لقد قال يسوع:” لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا”(يوحنا5:15)، فالشخص المتواضع يعرف في الحقيقة كيف ان هذه المقولة ماذا تعني ويعرف انها ليست فقط قاعدة روحية أساسية ولكنها خبرة شخصية يعيشها ويتحقق منها الفرد فهو لا يقدر بدون الله ان يفعل شيئا. ان مريم تعرفت على هذه الحقيقة للحالة البشرية وفهمت كيف انها صغيرة في الحقيقة امام عظمة الرب وعرفت انها لا شيئ من نفسها وانها تعتمد بالكامل على الرب. وهكذا أظهرت مريم تعليم المسيح ان التواضع هو ما اظهره يسوع منذ تجسده وطوال خدمته وحتى موته على الصليب وقيامته ولذا قال”وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.“(متى29:11). فقط عندما نكون مقتنعين مثال مريم كيف اننا لا يمكننا ان نفعل أي شيئ صغير بأنفسنا وكيف اننا نعتمد تماما على الله وكيف ان الرب يعمل بطرق عجيبة وعظيمة فينا ويقوينا ويرشدنا لما هو خير لخلاصنا. نقطة أخرى ملفتة للنظر في انشودة التعظيم هو موضوع المضادات في النصف الأول والثاني من ذلك النشيد:” صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ»(لوقا51:1-55). في الجزء الأول من أنشودة التعظيم نرى مريم قد ركزّت على بركات الله التي منحها لها شخصيا وكيف ان الرب نظر الي تواضعها وصنع أشياء عظيمة لها (لوقا46:1-50). في الجزء الثاني سبّحت مريم الله فيما هو يعمله لأسرائيل شعبه يظهر رحمته لشعبه ومنقذا لهم من ضيقاتهم (لوقا51:1-55). لم ترى مريم ان البركات التي حصلت هي عليها هي شيئ لنفسها فقط ورأت ان عمل الله في حياتها هو مساهمة ومشاركة فيما يريده الله ان يعمله من اجل شعبه. فكما نظر الله الي تواضع مريم (48:1) وصنع أشياء عظيمة لها هكذا سينظر الي كل المتواضعين (52:1) ويخلصهم. لقد أنشدت مريم العذراء نشيدها هذا كنبيّة ولذا فتعتبر أخر نبيـة فى العهد القديم وأول أنبياء العهد الجديد. وهي تسبحة تبين ان مريم كان ذهنها مملوء من الأسفار المقدسة فهى تشابه تسبحة حنة ام صموئيل النبي (1 صموئيل 1:2-10) “فَرِحَ قَلْبِي بِالرَّبِّ. ارْتَفَعَ قَرْنِي بِالرَّبِّ. اتَّسَعَ فَمِي عَلَى أَعْدَائِي، لأَنِّي قَدِ ابْتَهَجْتُ بِخَلاَصِكَ. لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَكَ، وَلَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلهِنَا. لاَ تُكَثِّرُوا الْكَلاَمَ الْعَالِيَ الْمُسْتَعْلِيَ، وَلْتَبْرَحْ وَقَاحَةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ. لأَنَّ الرَّبَّ إِلهٌ عَلِيمٌ، وَبِهِ تُوزَنُ الأَعْمَالُ. قِسِيُّ الْجَبَابِرَةِ انْحَطَمَتْ، وَالضُّعَفَاءُ تَمَنْطَقُوا بِالْبَأْسِ. الشَّبَاعَى آجَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْخُبْزِ، وَالْجِيَاعُ كَفُّوا. حَتَّى أَنَّ الْعَاقِرَ وَلَدَتْ سَبْعَةً، وَكَثِيرَةَ الْبَنِينَ ذَبُلَتْ. الرَّبُّ يُمِيتُ وَيُحْيِي. يُهْبِطُ إِلَى الْهَاوِيَةِ وَيُصْعِدُ. الرَّبُّ يُفْقِرُ وَيُغْنِي. يَضَعُ وَيَرْفَعُ. يُقِيمُ الْمِسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ. يَرْفَعُ الْفَقِيرَ مِنَ الْمَزْبَلَةِ لِلْجُلُوسِ مَعَ الشُّرَفَاءِ وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ الْمَجْدِ. لأَنَّ لِلرَّبِّ أَعْمِدَةَ الأَرْضِ، وَقَدْ وَضَعَ عَلَيْهَا الْمَسْكُونَةَ. أَرْجُلَ أَتْقِيَائِهِ يَحْرُسُ، وَالأَشْرَارُ فِي الظَّلاَمِ يَصْمُتُونَ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِالْقُوَّةِ يَغْلِبُ إِنْسَانٌ. مُخَاصِمُو الرَّبِّ يَنْكَسِرُونَ. مِنَ السَّمَاءِ يُرْعِدُ عَلَيْهِمْ. الرَّبُّ يَدِينُ أَقَاصِيَ الأَرْضِ، وَيُعْطِي عِزًّا لِمَلِكِهِ، وَيَرْفَعُ قَرْنَ مَسِيحِهِ». لكن تسبحة حنة انتظار للمسيا واما تسبحة العذراء مريم فهى فرح بتحقيق هذا الأمل. أيضا تسبحة القديسة مريم تشبه ترنيمة التعظيم لاشعيا النبي “فرحا افرح بالرب تبتهج نفسي بالرب..”(اشعيا10:16-11). ها هى ابنة الناصرة القرية الفقيرة والحقيرة يحبها الله “نظر الى تواضع أمتـِه”. لقد ترك الله كل الخراف وبحث عن خروف واحد وعن درهم واحد وعن مريض واحد فى بركة.ولم تتكلم مريم عن الله باسمه ولكن بصفاته فها هى تدعوه القدير و القدوس و اله الرحمة. صلاة: يا قديسة مريم ساعديني ان اتضع أمام الله وان اعرف انني لا شيئ بدون نعمته فصلي من أجلي ليملأ الله قلبي بنعمة التواضع حتى أخدمه بكل أمانة وبحب من كل القلب والفكر والإرادة. آمين. اكرام: حاول اليوم ان تتنازل عن عمل او خدمة قمت به وحدك مع فريق عمل وقدم ذلك العمل باسم الفريق كله حتى ولو كنت انت صاحب الفكرة. نافذة: يا بتولا أمينة صلي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة- الأثنين 8 مايو: الميلاد وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ، لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ. وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلًا مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ». وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: «الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ». وَلَمَّا مَضَتْ عَنْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ الرجال الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ». فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعًا فِي الْمِذْوَدِ. فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلاَمِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ. وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا. ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ (لوقا1:2-20). “أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا. وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ. وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ». فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ.فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ». حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرًّا، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ. ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ». فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا.وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ.“(متى18:1-12:2). من خلال نص انجيل لوقا عن قصة الميلاد ننظر اولا لموضوع الإكتتاب، فكان للإكتتاب نظامان: – نظام رومانـي وهو يجيز لكل فرد أن يكتب أو يسجل اسمه فى محل إقامتـه،أو فـى مكان ما يمتلك من أملاك حتى يسهل تحديد مخصصات كل فرد تجاه الحكّام. – نظام يهودي وهو يجبـر كل فرد أن يرجع الى مكان ولادتـه حتى لا تختلط الأسباط بعضهـا بالبعض. ولقد أصدر الإمبراطور الروماني الأمر بالإكتتاب ليكون عاماً ويشمل كل الأراضي التى تحت سلطان الإمبراطوريـة وذلك من أجل ترتيب إدارتهـا وتقنين الضرائب. وبهذا تضافرت القوة الرومانيـة واليهوديـة على تتميم الـمقاصد الإلهيـة،فلقد صدر الأمر من السلطة الرومانية وتم الإكتتاب على الطريقة اليهوديـة،وبهذا انتقل يوسف ومريم إلـى بيت لحم “لكونـه من بيت داود وعشيرتـه”(لوقا4:2). ولقد حدد الإنجيل انه الإكتتاب الأول ليميزه عن اي اكتتاب آخر غير رسمي صدر أو أي إكتتاب آخر جاء بعد ذلك كما جاء فى سفر أعمال الرسل (أع37:5). ولقدد حدد النص أيضاً انـه كان فى زمان كيرينيوس والي سوريـة وهو قد تعيّن قنصلاً رومانياً سنة 12ق.م.،وتعيّن والياً على سوريـة مرتين:الأولى من سنة6-4ق.م. والثانيةمن 6-9بعد الـميلاد ومات سنة 21 بعد الـميلاد. بدأت متاعب القديسة مريم مع امر الإكتتاب الذي أصدره القيصر ولاحظ كيف ان انجيل لوقا قد رسم اهتمام اكثر لذلك الإحصاء اكثر من سرد تفاصيل ميلاد يسوع لقد كرر لوقا كلمة “يكتتب” اربع مرات في هذا النص ووصف ذلك الإكتتاب مطول عن وصف ميلاد المسيح فلماذا ياترى وضع لوقا تشديد أكثر في موضوع الإكتتاب؟ وكيف كان لموضوع ذلك الإكتتاب تأثير على مريم؟ ان الإكتتاب او التسجيل كان إحصاء ينفذ من وقت لأخر في الأمبراطورية الرومانية والذي يتضمن تسجيل الناس والأملاك من اجل تحصيل الضرائب وأيضا للأغراض العسكرية. حيث ان اليهود سوف لا يتجندوا في الجيش الروماني فكان التركيز لذلك الإعلان هو لنشر القوات حسب تعداد السكان في كل منطقة، ولقد استخدم الرومان نظام ضرائبي ثقيل كوسيلة لتسخير الشعوب التي يهزموها وكمصدر ايراد لتعضيد الإمبراطورية. واكثر من ذلك فالضريبة هي علامة ولاء لروما واليهود في فلسطين في زمن مريم كانوا سيعاقبون اذا ما تأخروا في دفع ما عليهم لروما. لذلك ذكر لوقا ذلك الإكتتاب والذي سيكون ذكرى مؤلمة تذكرهم بحكم الرومان على الشعب اليهودي. ان ذلك الإعلان يتطلب من يوسف ان يسجل في مدينة أجداده والتي هي بيت لحم في اليهودية وهي مدينة صغيرة على بعد حوالي 7 ميل جنوب اورشليم. بفرض ان اليهود اخذوا طريقا آخر بعيدا عن المرور في مقاطعة السامرة بسبب العداء بينهم وبين السامريين فرحلة 90 ميل من الناصرة الى بيت لحم يمكن ان تأخذ حوالي 4 أيام وهي ليست رحلة مرفهة للكثيرين لصعوبتها وخاصة بالتأكيد لأم حبلى. في نفس الوقت يرينا لوقا كيف ان هناك قوى اكبر والتي في الحقيقة تتحكم في شؤون البشر وهكذا كان اعلان القيصر هو بمثابة الطريق الذي استعمله الله لكي يولد المسيّا في المدينة المناسبة وهي بيت لحم تنفيذا لما جاء في نبؤات العهد القديم. كان لمريم الكثير الذي تفكر فيه ما بين السفر الي بيت لحم حيث كانت حبلى وان تضع مولودها وسط الحيوانات وتضعه في مزود، وفوق كل هذا ان يهرب ميلاد مسيّا إسرائيل من ملاحظة كل قادة إسرائيل، بالتأكيد ان تلك الطريقة لا يجب ان يعامل بها الملك!. ان الأنجيل لم يعطينا الكثير عما يمكن ان يكون قد دار في داخل مريم اثناء تلك الأحداث المتواضعة، ولكنه كشف تفصيل واحد ان مريم في وجه الفقر والمهانة والرفض لإبنها لم تظهر أي شكوى او تذمرولم تقل بتاتا :” انتبهوا انا أم المسيّا فيا كل بيت لحم يجب ان تعاملوا عائلتي بأحسن من هذا”. ولكن بدلا من ذلك احتفظت مريم بكل تلك الضيقات الي داخل نفسها وبصلوات دائمة احتفظت بكل تلك الأشياء متأملة فيهم في قلبها. صلاة: يا الله أعطني ان أشابه القديسة مريم العذراء في ايمانها العميق فلا تهزني الضيقات ولا الصعوبات وزد ايماني يارب بما تملأ به قلبي من تعزيات روحك القدوس. آمين. اكرام: علم اولادك تلاوة المسبحة الوردية وعرفهم معنى كلماتها حتى عندما يرددونها بقلوبهم لا بشفاههم لأنها تمثل حياة يسوع. نافذة :يا أم المخلص صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الثلاثاء 9 مايو: تقدمة يسوع في الهيكل “وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوسًا لِلرَّبِّ. وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ. وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ، وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. فَأَتَى بِالرُّوحِ إِلَى الْهَيْكَلِ. وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ، أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللهَ وَقَالَ: «الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ،لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ». وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ. وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ، وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: «هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ. وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ». وَكَانَتْ نَبِيَّةٌ، حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ، وَهِيَ مُتَقدِّمَةٌ فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، قَدْ عَاشَتْ مَعَ زَوْجٍ سَبْعَ سِنِينَ بَعْدَ بُكُورِيَّتِهَا. وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلًا وَنَهَارًا. فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ، وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ، رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمُ النَّاصِرَةِ. وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، مُمْتَلِئًا حِكْمَةً، وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ (لوقا22:2-40). الخطوة التالية في مسيرة مريم اخذتها الي هيكل أورشليم حيث المكان المقدس الذي يفدم فيه اليهود ذبائحهم وتقدماتهم الي الله. من المؤكد انها كانت لا تعرف انه اثناء تواجدها في زيارتها للهيكل انها ستسمع نبؤة عن مشاركتها في ذبيحة لا يُقدر مقدارهافهي ستدعى لتساهم في اعظم ذبيحة يمكن لأم ان تختبرها الا وهي تقدم ابنها. وصلت مريم الي الهيكل وفي ذهنها ذبيحة قليلة الثمن بقليل من المال وفرخي حمام، فالشريعة اليهودية تتطلب ان مريم عليها ان تقدم ابنها البِكر الي الله في الهيكل وتقدم 5 شاقل تعزيزا للكهنة وأيضا قد أتت لتقدم ذبيحة عن نفسها فكإمرأة قد ولدت طفلا تعتبر غير طاهرة نسبيا لمدة 40 يوما. عندما اتى الوقت لتطهيرها بإكتمال ال 40 يوما تتطلب الشريعة ان تقدم حمل وفرخي جمام للكهنة في الهيكل. اذا لم تستطع المرأة ان تتحمل ثمن الحمل يمكنها بدلا من ذلك ان تفدم زوجي حمام او يمام. والحقيقة ان مريم قدمت زوجي حمام (لوقا24:2) يشير انها ضمن الفقراء وانها لا تستطيع ان تقدم حملا. خمسة شاقل وفرخي حمام هم التقدمات التي قدمتهما فقط مريم عندما ذهبت للهيكل في ذلك اليوم، ولكن كل شيئ تغير عندما ظهر رجل اسمه سمعان واعلن لمريم الرحلة الصعبة التي تنتظر طفلها وتنتظرها هي أيضا. نبؤة سمعان الشيخ –يقف سمعان كمثال ليهودي “ وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ”(لوقا25:2). الروح القدس كان عليه لذا فهو تنبأ واكثر من هذا لقد أعطي رسالة غير اعتيادية من الله فالروح القدس كشف لسمعان انه لن يرى الموت قبل ان يرى مسيح الرب. لذلك كانت كل حياته مرتبطة بالتوقع العظيم في انه في احد الأيام سيتقابل مع مخلص إسرائيل الملك الموعود به. تخيل المنظر من وجهة نظر مريم ففور وصولها مع يوسف الي هيكل أورشليم اقترب منهما شخص غريب وفجأة أخذ الطفل على يديه وثم رفع المسيح الطفل الى الهواء وابتدأ سمعان يبارك الله قائلا:” «الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ.نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ»(لوقا29:2-32). لكم هي لحظة تدعو للإندهاش وخاصة بالنسبة لمريم، فهي ليس لديه أي فكرة من يكون هذا الرجل ولماذا يبحث عن طفلها ولماذا فعل هذا او قال هذا. ولكن بينما سمعان يحمل الطفل ابتدأ يتكلم ويصف عظمة المستقبل لهذا الطفل بكلمات والتي تبدو مشجعة لمريم وتكمل الصورة لها عن مهمة ابنها الملوكية. لقد وصف سمعان الطفل “كخلاص الله” وكـ” نور اعلان للأمم”-صور تذكر بنبؤات من كتاب اشعيا النبي. فأشعيا النبي تنبأ “ قَدْ شَمَّرَ الرَّبُّ عَنْ ذِرَاعِ قُدْسِهِ أَمَامَ عُيُونِ كُلِّ الأُمَمِ، فَتَرَى كُلُّ أَطْرَافِ الأَرْضِ خَلاَصَ إِلهِنَا”(اشعيا10:52) و” فَيُعْلَنُ مَجْدُ الرَّبِّ وَيَرَاهُ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعًا، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ»(اشعيا5:40). لقد أعلن سمعان ان قد رأي اطفل المسيح والذي تنبأ اشعيا ن الخلاص الذي سيجلبه وأيضا تنبأ اشعيا عن كيف ان الله سيرسل صورة المخلص كخادم للرب و” هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ.لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ.قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ»(اشعيا 1:42-5)، وايضا “َنُورًا لِلأُمَمِ”(اشعيا6:42) و ” فَقَدْ جَعَلْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ لِتَكُونَ خَلاَصِي إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ»(اشعيا6:49). لذلك كانت كلمات سمعان إعلان ان الطفل الذي يحمله على يديه هو ذلك الذي سينفذ مهمة الله للأمم فهو سيكون “ نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ” والذي سيحقق ويتمم نبؤات اشعيا النبي. دع كل منا ان يفكر ويتأمل كم تحملت وعانت القديسة مريم وهي تستمع لتلك النبؤة وما هي تلك القوة التى كانت لديها لتختبر ذاك الموقف في الهيكل والذي جاءت اليه تميما لشريعة موسى واذا بها تفاجئ بكلمات سمعان عن سيف والم ومقاومة. ام كأي ام كانت سعيدة بانها تحمل طفلها وفرحة بانها تقدمه للرب ولكنها بدا الموقف متغيرا واصبحت رسالتها هي انها ليس فقط تقدم ابنها الآن للأب السماوي بل ستقدمه الي الصليب. إذا ما كنا في موقف مريم هذا فربما سنفكر مليّا عن أن نستكمل ونستمر في تلك المهمة. إذا ما استقبلنا صورة مثل تلك واضحة عن الضيقات التي ستواجهنا قد نتردد حينها ان نستكمل المسيرة، ولكن مريم لم تبتعد عن دعوتها حتى ولو انها ستواجه بذلك الإهلان الثاني عن سيف يخترق فؤداها ولم يثنيها هذا لتعود ادراجها قائلة في نفسها “ليس هذا ما كنت اتوقعه فهذا كثير عليّ انا اريد الانسحاب” ولكنها استمرت في السير مع الله. صلاة: يا قديسة مريم يا أم الله، انك مهتمة بجدية بخلاصي حتى انك قبلت بإيمان ان تقدمي ابنك وحيدك للصليب وللموت من اجلي ومن اجل البشرية جمعاء ومنذ ذاك وانت تحرصين على خلاصي وواصلت رسالتك من نحوي حتى بعد اننقالك للسماء فترسلين لي الرسائل تلو الرسائل لتنبيهي فيا ام كل رحمة اطلب منكِ ان تساعديني ان افعل ما هي مشيئة ابنك ومشيئتك من أجلي حتى لا افشل ولكي استحق ان أحيا معكما في السماء. آمين. اكرام: حاول ان تتأمل كيف ان القديسة مريم تفهمت متفكرة في قلبها بكل ما قيل لها، وحاول ان تطبق ذلك الاستسلام والايمان بكلمة الله عند ذهابك للكنيسة والتناول من جسد ودم يسوع في سر القربان المقدس نافذة : يا ام الله صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الأربعاء 10 مايو: وجدوا يسوع في الهيكل وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ. وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ، وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ، ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ، جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ. فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!» فَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟». فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا. ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا. وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ”(لوقا41:2-52) انه من الشيئ الملاحظ ان الحدث الوحيد لطفولة المسيح تم تسجيله في العهد الجديد ويبدو انه شيئ محرج لمريم ويوسف، فحادثة فقد يسوع مثلا تبدو مخيفة فكيف يمكن لمريم ويوسف ان ينسوا صبي ذو ال 12 عام ويتركونه خلفهما في مدينة كبيرة مثل أورشليم؟ واي والدين يمكن ان يفعلا مثل هذا؟ وحتى انه من الأكثر دهشة بعيدا عن أي تفاصيل قد كشفها الأنجيل لنا عن طفولة يسوع فتلك التي تم ذكرها كانت لمحة صغيرة عن السنوات المخفية ليسوع والتي سردها الكتاب المقدس. من تقدمة يسوع في الهيكل كطفل عنده 40 يوما حتى ظهوره عند نهر الأردن وهو رجل ذو 30 عاما لم يقل لنا انجيل لوقا أي شيئ عن حياة يسوع ما عدا حادثة واحدة عندما فقد ثم وُجد في الهيكل وهو صبي ذات ال 12 عام. فلماذا يا ترى ذاك الحدث الوحيد هام عند لوقا؟ وما الذي يمكن ان يقوله لنا عن يسوع وأمه؟ تتطلب شريعة العهد القديم الرجال اليهود ان يقوموا بالحج الي الهيكل في أورشليم في ثلاثة أعياد يهودية هي الفصح و الخمسين و المظال “«ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي السَّنَةِ يَحْضُرُ جَمِيعُ ذُكُورِكَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ، فِي عِيدِ الْفَطِيرِ وَعِيدِ الأَسَابِيعِ وَعِيدِ الْمَظَالِّ. وَلاَ يَحْضُرُوا أَمَامَ الرَّبِّ فَارِغِينَ” (تثنية16:16). حيث ان اليهود كانوا منتشرين في القرن الأول الميلادي ويقطنون في أماكن بعيدة عن أورشليم فمن المحتمل انهم كانوا لا يقومون بالسفر الي اورشليم إلا مرة واحدة في العام. لا يمكن اذن ان نجزم ان القديس يوسف كان يذهب ثلاث مرات كل عام ولكن حسب ما كتبه القديس لوقا انه كان يذهب مرة واحدة كل عام خاصة في عيد الفصح حسب الشريعة و يقضون هناك ثمانية أيام (عيد الفصح وعيد الفطير معًا). اما الأطفال ما دون سن الثانية عشر عاما فكانوا غير ملزمين بالشريعة ولهذا فليس من المؤكد بين علماء الكتاب المقدس اذا ما كان يسوع وهو دون سن ال 12 عاما كان يصاحب القديس يوسف للعبادة في الهيكل. اما القديسة مريم وكإمرأة يهودية فمن المؤكد انها كانت تصاحب القديس يوسف في رحلته الى اورشليم على الأقل مرة كل عام. ان رحلة ال 8 أميال ما بين الناصرة الي أورشليم سوف تأخذ 3-4 أيام والناس عادة يسافرون في تلك الأعياد في جماعات وفي عربات تجرها الركاب ويشترك الأقارب والأصدقاء والجيران عادة في مصروفات تلك الرحلة فالسفر في جماعات كبيرة في الطرق البعيدة تتيح حماية لتلك القوافل من لصوص وقطاع الطرق. لما بلغ يسوع سن ال 12 عاما صاحب يوسف ومريم. وبالنسبة للصبى يسوع فهذه هي الزيارة الأولى لبيت أبيه السماوي. كان الهيكل من الضخامة حتى أنه يتسع لمئات الألوف من الذين يصعدون للهيكل في الأعياد. وسط هذا الهيكل ووسط الشيوخ أساتذة الناموس يجلسون في حلقات الدرس التي يعقدها شيوخ السنهدريم من الصباح حتى وقت التقدمة المسائية للرد على التساؤلات والإستفسارات. وكان على الشعب حضور اليومين الأولين للفصح، وكان يسمح للشعب بالعودة إلى بيوتهم بعد منتصف اليوم الثالث. ولذلك قرر القديس يوسف والعذراء مريم العودة إذ لم يكن هناك داعٍ لبقائهم بقية أسبوع الفصح بعد أن أتموا كل طقوسه، وهكذا فعل الكثيرون وبدأوا رحلة العودة. وكان المسافرون يسيرون على قافلتين، إحداهما للنساء في المقدِّمة والثانية للرجال في المؤخِّرة، وكان الصِبيَّان يسيرون إِما مع الرجال أو النساء. لذلك فإنَّه إذ اِنقضى اليوم الأول في العودة اِقتربت القافلتان واِلتقى يوسف بمريم كل منهما يسأل الآخر عن الصبي، إذ حسب كل منهما أنه مع الآخر، وقد بقيا يومًا كاملًا يسألان عنه بين الرجال والنساء، وإذ لم يجداه قرَّرا العودة إلى أورشليم حيث قضيا يومًا ثالثًا. ثلاقة أيام يبحث يوسف ومريم عن كنزهما السماوي الذي لا يقاس فكيف لم يلاحظا اختفاؤه بتلك الصورة؟ لهذا بحثا عن يسوع في شوق شديد. ثلاثة أيام بلا جدوى للبحث عن يسوع وكأن تلك الأيام الثلاث هي شهورا او سنوات. ترى مالذي دار في قلب وفكر القديسة مريم والقديس يوسف طوال الأيام الثلاثة؟. كانا يبحثان عنه:” وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ، ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ.وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ”(لوقا44:2-46). ثلاثة أيام يبحثان عنه وهما لا يدريا كيف أضاعاه وأين يمكن ان يجداه، انها خسارة عظيمة اصابت قلب يوسف ومريم وشعرا بألم عميق لكونهما قد تقاعسا عن أداء الرسالة المكلفان بها من الله تعالى. ولكن عناية الله كانت هناك فوجد يسوع في الهيكل ” جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ. فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا”(لوقا46:2-48). لمدة ثلاثة ايام في بحث مستمر عن يسوع وفي الهيكل بكل ما فيه من بشر وجداه جالسا بين العلماءولكننا لا نستطيع تصور ماذا دار في الحوار بينه وبين الشيوخ، لكن يمكن تصور أن الحوار دار حول معانى الفصح. فالشيوخ يستغلوا هذه المواسم لشرح معانيها للشعب. وربما أظهر الصبي يسوع المعانى المخفية في رموز الفصح وأنها تدور حول المسيا المخلص حمل الله الذي يرفع خطية العالم. ولكم كانت فرحتهما عندما وجداه وقلقهما قد مضى وظلمة الفقدان قد تلاشت وعاد مجد وجوده في حياتهما. ان يسوع كصبي له من العمر اثنا عشر عاما لم يكن مسؤلا عن افعاله أمام الرب طبقا للشريعة والتي تحدث عندما يصل الانسان الى سن 13 سنة. مهما كان الأمر ان يسوع الصبي أدهش شيوخ الهيكل “ جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ” (لوقا46:2-47).لقد استخدم لوقا كلمة ” existanto والتي تصف تعجب مصحوب بمواجهة لحضور الله لذلك شبّه لوقا الشيوخ في الهيكل بأنهم متعجبين من مثل ذلك الصبي الموهوب من الله في اسئلته واجوبته لهم وبهتوا من حكمة الله فيه وهو في عمرال 12 عام. مريم ويوسف أيضا استجابوا لمثل ذلك المنظر بتعجب ولكن تعجبهم ذو طبيعة مختلفة فلوقا استعمل كلمة مختلفة explagan والتي استخدمت في أماكن أخرى لتصف شخص ممتلء بقوة الله وظاهرة في تعليمه “فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّ كَلاَمَهُ كَانَ بِسُلْطَانٍ”0لوقا32:4)، او اخراج الشياطين “ فَبُهِتَ الْجَمِيعُ مِنْ عَظَمَةِ اللهِ. وَإِذْ كَانَ الْجَمِيعُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلَ يَسُوعُ”(لوقا43:9)، اوعندما يصاب بالعمي عدو الإيمان كما فعل به بولس “فَالْوَالِي حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى مَا جَرَى، آمَنَ مُنْدَهِشًا مِنْ تَعْلِيمِ الرَّبِّ”(اعمال12:13). يوسف ومريم كانا مملوءان بشعور من القلق العميق لسلامة الطفل بعد ثلاثة أيام وهو بعيد عنهما وهذا الشعور ظل في ذاكرتهما بغض النظر عما شاهداه في الهيكل من مقاطع -ابنهما منهمك تماما ومشغول بأمور أخرى مع معلموا الشريعة في تلك الأيام ويبدو انه غير مدرك لألم الفراق من والديه وما سببه لهما. يعلّق العلامة أوريجينوس على بحث القدِّيسة مريم والقدِّيس يوسف عن الصبي يسوع، قائلاً: “وجدوا يسوع فى الهيكل وكان يسأل أحيانًا ويجيب أحيانًا، فكان عظيمًا في أسئلته. ونحن نتضرَّع إليه حتى نسمعه يسألنا ويجيبنا. لنبحث عنه بجهد عظيم مقترنًا بالعذاب، عندئذ نجده، إذ يقول الكتاب: “هوذا أبوك وأنا كنَّا نطلبك معذَّبين“. لا تبحث عن يسوع في تراخِ وفتور وتردّد كما يفعل البعض، فإنَّ هؤلاء لا يجدوه. لا اِعتقد أنهما كانا معذَّبين لاِعتقادهم أن الصبي قد فُقد أو مات، فلم يكن ممكنًا لمريم أن تشك هكذا، وهو الذي حُبل به من الروح القدس، وبشَّر به الملاك، وسجد له الرعاة، وحمله سمعان، ولا يمكن أن تنتاب نفس يوسف هذا الفكر، وهو الذي أمره الملاك أن يأخذ الطفل ويهرب به إلى مصر وسمع هذه الكلمات: “لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حُبل به فيها من الروح القدس” (متى 1: 20). لا يمكن أن يخَف يوسف على الطفل وهو متيقِّن أنه الله (الكلمة). إذن فعذاب الأبوين وسؤالهما له مغزى آخر قد لا يستشفُّه القارئ العادي. لقد بحثا عن يسوع وذُهلا لمجرَّد التفكير أنه ابتعد عنهما، أو تركهما وذهب إلى موضع آخر، أو ربَّما صعد إلى السماء لينزل في الوقت المناسب.أنت أيضًا إن فقدت ابن الله يومًا ما اِبحث عنه أولاً في الهيكل… اِسرع واِسرع إلى الهيكل هناك تجد يسوع الكلمة والحكمة، أي ابن الله”. لقد وجهت مريم ليسوع هذا السؤال: فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!»(لوقا48:2)، ان الكلمة الأخيرة التي استخدمت في اللغة اليونانية odynomenoi يمكن ان تساعدنا ان نفهم بعض الشيئ عن الصدمة التي تعرضا لها مريم ويوسف في بحثهما خلال الأيام الثلاثة، فالكلمة اليونانية تصف القلق النفسي والعقلي العميق ومن الغريب انه استخدمت في التقليد اليهودي لتصف خبرة رعب الوالدين من فقد طفلهم. ان قلق مريم ويوسف يمكن ان ينظر اليه بنفس الموقف المشابه لوالداي طوبيا وام الشهداء المكابيين فأيضا مريم ويوسف اختبرا قلق عظيم عندما فقدا ابنهما لمدة ثلاثة أيام في أورشليم. صلاة: يا يسوع، أطفيئ فيّ أي طعم للذة حسية وهبني مذاق الفرح والسرور لمن هم في السماء و حررني يارب من تلك التجارب المذّلة والتي تبعدني عنك وعن رحمتك. ان فضيلة العِفة والطهارة هي ثمر روحك القدوس فضع ثمرك في قلبي. آمين. وأيتها الأم الرؤوف القديسة مريم أم يسوع وأمنا، كوني دومًا معنا ليكون السلام في بيوتنا ومجتمعاتنا، سلام المسيح الذي أحبّ العالم محبّة لا متناهية، فدفع ثمن خلاصه دمه وحياته. آمين. اكرام: تعلم من مثال القديسة مريم كيفية التسبيح والشكر وحاول ان تتذكر كم صنع بك الرب من عظائم واسجد له شاكرا. نافذة : يا أم الكنيسة باركينا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الخميس 11 مايو: “في بيت أبي” ان أول كلمات نطق بها السيِّد المسيح كما جاء في الأناجيل المقدَّسة هي: “لماذا كنتما تطلباني، ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي؟!”. هذه الكلمات تكشف عن طبيعة السيِّد المسيح وعن رسالته كما تحدَّد لنا ملامح السلوك اللائق: أ. فمن جهة طبيعة السيِّد المسيح، فهو وإن كان لا يتعرَّض على نسبِهِ لمريم ويوسف، إذ قالت له أُمّه: “هوذا أبوك وأنا كنَّا نطلبك معذَّبين”، إذ كان يوسف أبًا له حسب الشريعة من أجل التبنِّي وان كان ليس من زرعه، وكانت مريم أُمَّه حسب الجسد، لكنه هو الذي العلي، يؤكِّد علاقته بالآب “ينبغي أن أكون فيما لأبي” معلمنا أنه ابن الله الآب! من جهة ناسوته ينسب للقدِّيسة مريم لأنها حملته، أخذ منها جسدًا، لكنه لا ينسب جسديًا ليوسف إنما من أجل خدمته له وارتباطه المملوء محبَّة. فلنتخيل كيف كان شعور مريم في ذلك المنظر فهي تبحث عن ابنها المفقود لمدة ثلاثة أيام في قلق خلال مدينة أورشليم وفقط لتجده منهمك مع العلماء في الهيكل ويبدو انه غير مدرك للحزن الذي سببه لوالديه نتيجة اختفاؤه. عندما سألت مريم يسوع سؤال مفهوم “لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟”، وبدلا من يجاوبها على سؤالها، أجاب الصبي ذو ال 12 عام بأسئلة شائكة منه:” «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟»(لوقا49:2). يخبرنا لوقا ان مريم ويوسف: فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا”(لوقا50:2)، ربما مريم قد تكون شاكرة لإتحادها مرة أخرى بإبنها ولكنها تركت متحيرة بسر ذلك الحدث الدرامي، ترى ما الذي حدث؟ ولماذا فقدت يسوع لمدة ثلاثة أيام؟ وما الذي يعنيه الصبي ذو ال 12 عام عن حاجته الماسة ان يكون “في بيت أبي”؟ دعونا نكتشف معنى إجابة يسوع العجيبة لمريم. أولا لاحظ المقارنة التي صنعها يسوع ما بين ابوه الأرضي وابوه في السماء، فمريم تكلمه عن “أبوه” بالإشارة الي يوسف بينما يسوع يجيب بالتكلم عن “ابي” والذي يعني ابوه السماوي. بالتأكيد ان يسوع سيكرّم والديه الأرضيين ويطيعهما – النقطة التي أشار اليها لوقا قائلا:” ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا”(لوقا51:2)، ولكنه أولا هو ابن الله وأول تعليق يشير له يسوع هو عن ابوه السماوي. كذلك كلمات يسوع المهمة عن احتياجه ان يكون في بيت ابيه حيث ان الهيكل كان معروف بأنه بيت الله. ان كلمات يسوع أحيانا تفسر انه يشير الي الهيكل في أورشليم حيث وُجد ولكن يوجد هنا اكثر من معنى عن التركيز على المبني المقدس، فالتعبير يمكن أيضا ان يترجم ” شؤون أبي” او “عمل ابي”. حيث ان الفكرة عن “المنزل” في عالم اليوناني-الروماني القديم تشير ليس فقط للمكان ولكن الي سلطة العائلة. ان كلمات يسوع تشير ليس فقط لزيارته الجسدية الي منزل الرب -هيكل أورشليم- ولكن أيضا سوق العمل والإلتزام الذي سيتممه للأب السماوي فهو يعني شؤؤون ابيه السماوي من هيكل ورسالة وتمجيد. ان سماع تلك الكلمات جعلت مريم ويوسف يواجهان تحدي عميق بضرورة العمل مع الصبي ذو ال 12 عام الي لذته الفريدة للاتحاد بالأب السماوي وانهما قد دعيا للتعاون مع مهمة ابنهما بأن يتركوه يذهب أينما يريد طبقا لمشيئة وقيادة الأب السماوي حتى لو سبب ذلك لهما أي حزن. ان تلك المواجهة مع ابنها في الهيكل تمثل خطوة هامة في مسيرة إيمان مريم حتى على الرغم من انها قد أعطيت لها رؤيا أكثر عن يسوع ورسالته من أي شخص آخر، فربما لم تنتهي مريم لإستيعاب كامل بعد لما يجري في حياتها وحياة ابنها الإلهي. لقد قال لوقا الأنجيلي لنا ان مريم تسير بالإيمان وتطلب الفهم العميق وانها “وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا”(لوقا51:2). لقد سلّمت مريم حياتها واستسلمت لسر ذلك الحدث والتزامها لتحفظ وتتأمل في كل هذا في قلبها مما جعل البابا يوحنا بولس الثاني يقول ان ذاك الحدث هو تجديد لأحزان مريم ولقد وصف ذلك المنظر من انه نقطة تحول في حياة مريم، فحتى تلك اللحظة كانت مريم مرتبطة بيسوع أساسيا كأمه تحمل الطفل في احشائها وتلده في بيت لحم وتقدمه في الهيكل كطفل ذو الأربعين يوما. على مدار الوقت قلبها اختبر حزن من عدة أحداث أحاطت بطفولة ابنها، فمن إحصاء قيصر المفروض على الجميع ومن عدم وجود غرفة للطفل في الخان ومن حالات الفقر والتواضع في ميلاد ابنها ومن نيؤة سمعان الشيخ عن الرفض وعدم القبول والقتل الذي ينتظر وليدها وكل هذا يضع في قلب أي أم حزن وألم لا يمكن وصفه. ولكن الآن وبعد 12 عام تبدأ مريم في علاقة جديدة مع إبنها بعد أن وُجهت برسالة ومهمة يسوع من ان يعمل إرادة الأب السماوي ولم يكن ذلك من ظروف خارجية ولكن ابنها نفسه هو الذي يسبب حزنها ويواجهها مذّكرا برسالته فهو الذي تجسد ليتمم مشيئة الأب. انها مطالبة الآن بالتعاون في مهمة ابنها لتنفيذ مخطط الأب السماوي من اجل خلاص البشرية بعيدا عن أي مشاعر امومة أرضية. لقد أضاف البابا يوحنا بولس الثاني قائلا ان مريم تأملت في تلك الأحداث والتي تتطلب منها تقديم مشاركتها وتعاونها وتجديد استسلامها للرب ولا تنسى سلسلة الأحداث التي مرت والتي ستأتي وان تضع نفسها آمة للرب لخدمة مهمة ورسالة ابنها الإلهي صلاة: اجعلينا يا مريم أن نسلك طرق الربّ القويمة وكوني شفيعتنا رغم تناسينا لك، لأنّنا ضعفاء، قوّينا بقوّة الروح القدس الذي حلّ عليك، فنكون رسلاً وشهودًا لكلمة الله القدّوس نحملها في قلوبنا وتكون الوحيدة على ألسنتنا لأنّ لا شيء أرفع وأسمى وأقدس منها. آمين. اكرام: اهتف باسم يسوع ومريم في بدء اعمالك وسائر ساعات حياتك نافذة : السلام عليك يا حياتنا ولذتنا ورجائنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الجمعة12 مايو: أحداث سابقة لرحلة الآلام لقد ميزّت مريم في النهاية ما القى الضوء عليه فيما بعد لوقا الأنجيلي في انجيله من ان هذا المشهد الوحيد من طفولة المسيح ينبئ بوقت آخر عندما تنفصل مريم هن ابنها عند الصليب. في الحقيقة هذا المشهد من طفولة يسوع يكمل النقاط ما بين طفولة يسوع والخدمة العامة. ان قلق مريم لفقد يسوع لمدة ثلاثة أيام بينما هو يتابع عمل أبيه السماوي في بيت أبيه هو عبارة عن دفعة أولى لنبؤة سمعان الشيخ لمريم عن السيف الذي سيخترق نفسها. ان الم مريم من ناحية أخرى والذي ظهر من ذلك الحدث في الهيكل يتوقع معاناة أكثر صعوبة ستواجهها عندما تنفصل عن ابنها في يوم الجمعة العظيمة. ان انجيل لوقا في الحقيقة يظهر كيف ان هذا المشهد هو بمثابة بروفة لألآم المسيح وموته وقيامته. اعتبر ان كل هذا حدث في هذا النص، يسوع مضى مع والديه للحج من الجليل الي أورشليم للإحتفال بعيد الفصح وبمجرد وجوده في المدينة المقدسة ذهب يسوع الي الهيكل وبينما هو هناك أدهش الناس من فهمه، ولكن النهاية كونه انفصل من أمه لأنه يقوم بعمل إرادة أبيه السماوي وهذا سبب حزن لأمه حتى اتحدت به مرة أخرة في اليوم الثالث. كل تلك الظلال من مناخ الخدمة العلنية للمسيح حيث يعمل يسوع بخروجه لرحلة الحج – اثناء استراجعه لخطوات طفولته عندما رحل مرة أخرى من الجليل الي أورشليم “وَحِينَ تَمَّتِ الأَيَّامُ لارْتِفَاعِهِ ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى أُورُشَلِيمَ”(لوقا 51:9) في عيد الفصح “وَجَاءَ يَوْمُ الْفَطِيرِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ الْفِصْحُ. فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلًا: «اذْهَبَا وَأَعِدَّا لَنَا الْفِصْحَ لِنَأْكُلَ». (لوقا7:22-8)، وأيضا مرة أخرى ذهب للهيكل اثناء ذلك العيد عدة مرات وأظهر حكتمه هناك وهذه المرة في دور المعلّم “وَكَانَ فِي النَّهَارِ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ، وَفِي اللَّيْلِ يَخْرُجُ وَيَبِيتُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ”(لوقا37:21). وفقدت مريم ابنها مرة أخرى وهو يمارس عمل ابوه السماوي ولكن هذه المرة انفصلت عنه بصلبه على جبل الجلجلثة ومشابهة لما حدث في شبابه وجد يسوع في اليوم الثالث – هذه المرة عندما قام من بين الأموات. كلا الحدثان في حياة يسوع -وجد في الهيكل وفي القيامة-مرتبطتان بمرجع لوقا عن الثلاثة أيام كما في لوقا46:2 و 7:24). ولكن الإتصال ما بين المشهدان يسير بطريقة اعمق فكلا الحدثان يتضمن واحد قد فقد، فيوسف ومريم يبحثان عن الصبي يسوع في أورشليم، وفي فجر الفصح النسوة التي كانت تتبع يسوع ذهبن الي القبر يبحثن عن تحنيط جسد السيد ولكنهن لم يجدناه. أكثر من هذا فكلا الفريقان قد سألا سؤال محدد، فيسوع الصبي سأل والديه:” «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟”(لوقا49:2)، بينما الملاك سأل النسوة عند القبر:” قَالاَ لَهُنَّ: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟”(لوقا5:24). وأخيرا كلا الحدثان يتضمن تذكرة فبعد سماع كلمات الصبي يسوع العجيبة وعودته للمنزل معهم جاء” وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا”(لوقا51:2)، بينما النسوة بعد مقابلهن للملاك عند القبرقال لهن: اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ قَائِلًا: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ”(لوقا6:24-8). بالذهاب الى تلك الأحداث الدرامية والتي هي بمثابة ظل لآلام المسيح أُحضرت مريم الي العمق بصورة اقوى الي سر عمل إبنها للخلاص. من خلال تلك الأيام الثلاثة قد اختبرت سر المعاناة والتي تتحول الي فرح بطريقة تتوقع لموت وقيامة المسيح. في البشارة والزيارة دور مريم هو انها أم المسيّا، ولكن بالتدريج نرى ان الأم قد دُعيت للمشاركة في صليب ابنها وتساهم في مهمة الخلاص. في ميلاد ابنها في ظروف فقر وتواضع في بيت لحم اختبرت مريم بعض من المعاناة الأولية المصحوبة برفض وليدها. وفي التقدمة في الهيكل تعلمت من سمعان الشسخ كيف انها ستشارك في معاناة يسوع وما سيواجه ابنها من سيف سينغرس في فؤادها هي أيضا ولكن الآن عندما كان يسوع في الثانية عشر من عمره اختبرت مريم بطريقة مباشرة ابتعاد يسوع ابنها منها لمدة ثلاثة أيام وعندئذ تعلمت منه ان كل هذا كان جزء من خطة ابيه السماوي – يجب ان يقوم بعمل ابيه لهذا جاء ولهذا هي رسالته على الأرض. لقد علّم البابا يوحنا بولس الثاني ان يسوع ببقاؤه في أورشليم كان يعد مريم الي تعاونها الفريد في سر الخلاص. عندما نفقد يسوع- ان ذلك المشهد يمكن ان يعلمنا درس هام فمثل مريم قد نختبر أوقات في علاقتنا بيسوع عندما نشعر بالقلق وعدم التأكد اين هو ولا نفهم ما الذي يعمله. مهما كنا نعاني في ضيقات في حياتنا وعدم التأكد نحو ما الذي تقودنا اليه يد الرب او جفاف وفتور في الصلاة وظروف خاصة قد تسبب لنا ان نشعر بأن يسوع بعيد ومفقود لنا. نبحث عنه ولكن يبدو انه في مكان ما لم نجده بعد. ان هذا المنظر يذكرنا بأن يسوع هو دائما يعمل مشيئة الأب السماوي وعمله أحيانا يسبب لنا – كما فعل مع مريم- الألم. في لحظات عندما نشعر اذا ما كان يسوع قد فقدناه واننا لا نفهم ما الذي يحدث يجب ان نضبط مشاعرنا ونوجهها نحو مريم والتي قد تقلق وتتألم ولكنها كانت دائما في صلاة “تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا”(لوقا51:2). ان مريم تثق بان هناك غرض لدورها ودرس روحي قد دُعيت اليه للتعلم وهي قد آمنت بالله ومن ان الله يكشف لها معنى لآلامها وان الظلمة ستنقشع في وقتها، ونحن أيضا يجب ان تكون لنا نفس الثقة حتى في لحظات عندما يبدو يسوع بعيدا عنا فهو في الحقيقة يعمل عمل أبيه السماوي في الهيكل لأجل نفوسنا وخلاصها صلاة: ايها الرب يسوع ، آتي اليك كما انا ، انا نادم على خطاياي ، وأتوب عنها ، ارجوك ان تغفر لي .بإسمك اغفر انا ايضاً للآخرين كل ما أخطأوا به اليّ . انا أكفر بالشيطان والأرواح الشريرة وكل اعمالهم .اعطيك ذاتي كلّها ربي يسوع ، الآن والى الأبد .أدعوك لتدخل حياتي يا يسوع ، أقبل بك سيّداً وإلهاً ومخلّصاً .إشفني ، غيّرني ، قوّيني في جسدي ونفسي وروحي .تعال ايها الرب يسوع ، غطّني بدمك الثمين ، واملأني بروحك القدّوس .أحبك ربي يسوع ، أمجّدك يا يسوع ، أشكرك يا يسوع ، وسوف أتبعك في كل يوم من حياتي . امين .يا مريم ، يا أم الأحزان ، وملكة السلام ، أيها القديس (اذكر اسم شفيعك) وانتم يا جميع الملائكة والقديسين أرجوكم ان تساعدوني . امين . اكرام: فكر مليا” في ضميرك عند قيامك بأي عمل : هل ترضى به أمنا العذراء ؟ نافذة: اجعليني أهلا” لان اقتدي بك يا سيدتي يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. السبت13 مايو: الحياة الخفيّة “ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا.وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ.“(لوقا51:2-52). يعامنا القديس بولس الرسول قائلا:” لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ.” (كولوسي3:3)، والانجيل يعطينا القليل من الشواهد عن حياة العائلة المقدسة في الناصرة قبل بدء رسالة يسوع العلنية. تلك الحياة اثرت مخيلة العديد من الفنانين والكتّاب والتى وجدت في كتابات في بدء الكنيسة الولى والتى تعرف بالكتابات الغير قانونية apocryphal literature. قال البابا بولس السادس (1964-1978) في يناير من عام 1964 اثناء زيارته التاريخية لللأراضي المقدسة عن ان أهمية الناصرة من انها تعتبر مدرسة نموذجية للنمو في الحياة المسيحية. انه من خلال القديسة مريم العذراء خاصة يمكننا ان نحصل على قسط من النِعم التى تستحق من السيد المسيح لأجلنا بحياته الخفيّة في الناصرة فتلك السنوات هي منبع لأم الله للعديد من النِعم التى لا تقدر بثمن، وبالنسبة لنا فهي تدعو للدهشة والانبهار اذا ما فكّرنا كيف كانت تلك السنوات الثلاثين قبل ان يبدأ يسوع حياته العلنية وما هو تأثيرها على القديسة مريم في كل كلمة او كل حركة او كل فعل ليسوع بالنسبة لها. بلا شك فهناك العديد من الاحداث الغير مفهومة حتى على القديسة مريم ولا يمكن لأي شخص ان يحيا في اتصال مستمر كما فعلت هي مع الأزلي بدون ان يمر بها شعور مملوء بالدهشة والأسرار. ولكن مع وفرة النور الذي اضاء حياة مريم ومداومة النمو في الحب الذي لا يمكن وصفه في اتحادها مع الله وهو يعمل تحت نظرها وما الذي كان يدور في نفسها مما كان له تأثير عميق لمس قلبها الطاهر. لقد عاشت مريم في اتحاد كامل بقلبها وفكرها وروحها مع قلب وفكر ابنها فكانت حياتها في تناغم عجيب ونقي وطاهر مملوء بحب عجيب مع ابنها يسوع. ترى ما هو مصدر ذلك الاتحاد وذاك الحب الموجود في قلب مريم؟ انه في الحقيقة ايمانها فإن ايمان مريم هو اهم فضائلها. كم كانت ثقتها عجيبة وايمانها في كلمات الملاك؟ فرسول السماء اعلن لها سرا لم يسمع به من قبل مما يجلب الدهشة وفي طبيعته يطيح بكل تصور بشري: تجسد الله في احشائها. وقالت مريم وهي في ايمان:” ليكن لي كقولك”(لوقا38:1). انه بسبب تسليمها الكامل واعطائها موافقتها بكامل ارادتها للكلمة ان تتجسد اصبحت مريم ام الكلمة المتجسدة. نقرأ فى رسالة القديس بولس للعبرانيين تعريفاً عن الإيـمان:”الإيـمان هو الثقة بمـا يرجى والإيقان بأمور لا تُرى” (عبرانيين 1:11). وأيضاً كما يقول الرسول:”وبغيـر إيـمان لا يستطيع أحد أن يُرضي الله لأن الذى يدنو إلى الله عليه أن يؤمن بأنـه كائن وأنـه يُـثيب الذين يـبتغونـه” (عبرانيين6:11). الإيـمان هو تبعيـة كليـّة للـه ويتطلب فى الأساس معرفـة الله وهذه الـمعرفـة يلزمها قبول هبـة اللـه لكى تساعد الإنسان على قبول الحقائق الإلهيـة “نحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذى من الله لنعرف الأشياء الـموهوبـة لنـا من اللـه”(1كورنثوس12:2)، وكما يقول الرسول:”فإن كان أحد يظن انـه يعرف شيئاً فإنـه لـم يعرف شيئاً بعد كـما يجب أن يعرف ولكن ان كان احد يحب اللـه فاللـه معروف عنده”(1كورنثوس2:8-3)، إيـمـان مــريـم والذى لـم تطلب علامة عن صِدق قول الملاك جبرائيل عندما أخبرها بالميلاد العجيب بل أتت لهـا العلامـة من أن العاقر ستلد. عاشت مريم مع يسوع الطفل وكأي طفل عادي أرضعته وكان محتاجاً لها لتغذيته، فلو كان يسوع يعلن لها عن طبيعته الإلهية بإستمرار لـمـا كان لـمـريم فى إحتياج لحياة الإيـمـان ومـا كانت تتعجب من إجابة إبنها وهو فى الثانية عشر ” لماذا كنتمـا تطلبانني الم تعلما انه ينبغي أن أكون فيمـا لأبي” (لوقا 49:2) أو عند عرس قانا الجليل ” مـالي ولكِ ياإمراءة لم تأت ساعتي بعد” (يوحنا 2:4). أحداث البشارة والـميلاد والرعاة والـمجوس وفى الهيكل والهروب الى مصر ثم الحياة فى الناصرة ثم على الصليب لم تنكره بل وقفت بجانبه بشجاعة وثبات ثم اخيرا نجدها مع التلاميذ فى العُليـّة بعد الصعود مباشرة مواظبة على الصلاة والطلبة بنفس واحدة مع التلاميذ.كل تلك الأحداث التى تعكس إيـمان مريم برسالة إبنها وأثبتت أنها حفظت الكلمة وأطاعت الوصية وأكـمـلت مشيئة الله بدقة ومواظبة حتى النهاية . آمنت مريم برسالة السماء ولـم تقل انها مازالت صغيرة حتى تتبع الله كـما فعل أرميا فى القديم ذات يوم ” فقلت آه أيها السيد الرب هـآنذا لا أعرف أن أتكلـم لأنـي صبي” (أرميا 6:1). وعن إيمان مريم يقول القديس أُغسطينوس (مريم صارت مطّوبة بسبب تقبلها الإيـمـان بالمسيح أكثر من تقبلها الحمـل به وتقربها للمسيح بالجسد كأم كان بلا ربح لو لم تحمل المسيح فى قلبها). “من يصنع مشيئة أبي الذى فى السموات هو ..أخي وأختي وأمي” (متى 50:12). عندما أخبر الملاك جبرائيل العذراء مريم قائلا “لا تخافي يا مريم فإنك قد نلت نعمة عند الله وها انت تحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع” وشرح لها كيف يكون هذا الحبل الإلهي ” الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللّك” فالـمنطق البشري يقول كيف يحدث هذا؟ وهذا ما أعلنته مريم “كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً”.. فمريم قد تقول فى نفسها (انا ناذرة البتولية..أنا كنت أخطط حاجة أخرى لحياتي..أنا كنت أريد ..وانا كنت أخطط….) انها كلهـا تخطيطات بشرية. ولكن عندما عرفت مريم ان هذه هي مشيئة الرب، وتذكرت إيـمـان ابراهيم وكيف ترك أرضه وعشيرته وعندما قدّم ابنه ذبيحة حسب إختبار الله لـه. وتذكرت ايضا إيـمـان موسى وقبوله قيادة شعب الله من أرض العبودية الى أرض الـمـوعد. وتذكرت معنى حلول الروح القدس ومجد الرب يحل فى مكان ما،فتذكّرت خيمة الإجتماع “غطت السحابة خيمة الإجتماع وملأ بهاء الرب الـمسكن فلم يقدر موسى أن يدخل خيمة الإجتماع” (خروج35:40)، وأن قوة العلي ستظللهـا (لوقا35:1). إذن “انه ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله” (يوحنا23:2)، انه أمر سماوي، وإرادة سماوية. فى قبولهـا بالحبل الإلهي، فى خدمتها لأليصابات، فى خدمتها ليسوع،فى خدمتها ليوسف،وفى خدمة بيتها، فى إحتمال الآلام والضيق والهروب الى أرض مصر وسماعها بقتل أطفال بيت لحم، وفى غربتها وحياتها فى الناصرة التى لا يخرج منها شيئ صالح فعاشت حياة منطوية بلا تذمر. صلاة: يا الله لقد منحت القديسة مريم تلك النعمة التي بها استجابت لدعوتك وسلّمت نفسها “آمة” لك، فساعديني يارب ان أسلّم لك ذاتي بكليتها لتفعل بها ما تشاء. آمين. اكرام: مارس الرحمة والمسامحة مع من اساء اليك حبا” بمريم نافذة: انت الشفيع الاكرم عند ابنك يا مريم يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الأحد 14 مايو: في عرس قانا الجليل “وفي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ». وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ، حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ، يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ. ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلًا، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!».هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُه(يوحنا1:2-11). اذا ما فرغت المرطبات في حفلة او ليس لديك ما يكفي لتقديمه، فقد تصبح في هذه الأيام لحظة حرجة لصاحب الحفل، ولكن نفاذ النبيذ في حفل زواج يهودي خاصة في أيام المسيح يعتبر كارثة اجتماعية اذ يمكن ان يحطم سمعة عائلة لسنوات قادمة. طبقا للعادات في ذاك الوقت في حفل زفاف يهودي في القرن الأول الميلادي لم يكن احتفال عائلي خاص فقط ولكنه حدث عام فيه يتم التعرف على إتحاد العروس بالعريس وكذلك ارتباط العائلاتان. يأخذ الإحتفال عادة مكانخ في منزل العريس والذي يكون مفتوح للضيوف لعدة أيام وبهذا يكون عرضة للتدقيق العام والحكم على أهل العريس وسخاؤهم. انها مسؤولية أهل العريس للتأكد من توافر الطعام والشراب وكفايته لكل من يأت. ولتحقيق هذا الحدث الاجتماعي واستكماله بما يليق، فمعظم العائلات تحتاج ان لا تطلب مساعدة من افراد العائلة فقط بل أيضا من مصادر أخرى كالأصدقاء والجيران والمعارف حتى يتركون انطباعا جيدا في قلوب المدعوون ويحوزوا قبولهم بكل فرح وفخر. ان نفاذ النبيذ كما قلنا في حفل زفاف سيصبح إهانة لعائلة العريس وإشارة تدل على انهم غير قادرين على الإيفاء بمسؤولياتهم كمضيفين بصورة مناسبة وأيضا عن عجزهم عن التواصل الاجتماعي لحفظ كرامتهم ومكانتهم الاجتماعية امام الضيوف وعائلة العروس. ان هذا التحدي الاجتماعي يلقي بظلاله ولكن بصورة خفيفة في الأزمة التي ستواجه في عرس قانا الجليل العروس والعريس، ولكن تعطينا أيضا بعض الضوء على دور مريم في ذلك المشهد. ان مريم كانت اول من لاحظ الكارثة المنتظرة، هي وحدها كانت مدركة لما سينكشف واحضرت هذه الأزمة لشخص واحد والذي يمكنه ان يحلّ تلك المشكلة، الا وهو ابنها يسوع. ان التقليد الكنسي الكاثوليكي قد رأى في ذلك المشهد محبة مريم وإنتباهها الشديد لإحتياجات الآخرين. في وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني Lumen Gentium وصفت مريم في عرس قانا الجليل انها قد “تحركت بشفقة”، والقديس البابا يوحنا بولس الثاني قال ان مريم قد “تحركت بقلبها الرحيم” لتساعد تلك الأسرة بأن تحضر اهتمامها من اجلهم لعناية إبنها يسوع، فلقد استشعرت خيبة الأمل التي ستصيب الزوجان الحديثي الزواج من نقص النبيذ واقترحت القديسة مريم في محبة على ابنها يسوع ان يتدخل بقوته المسيانية. لقد رأت الكنيسة الكاثوليكية في هذا النص من انجيل يوحنا مظهر من شفاعة القديسة مريم. كما لاحظت مريم احتياجات الأسرة في قانا قبل ان يلاحظها أي شخص آخر، فهكذا مريم في السماء تستمر في ان تلاحظ احتياجاتنا قبلنا. وكما فعلت مريم في قانا واحضرت تلك الإحتياجات الي المسيح فهي حتى الآن تستمر ان تحضر جميع احتياجاتنا لإبنها من خلال شفاعتها من أجلنا. ان القديس البابا يوحنا بولس الثاني يصف تدخل القديسة مريم بأن ذلك الإحتياج الصغير “ليس لديهم خمر” ولكنه له دلالة قيمة انها تأتي دائما لمساعدة الجنس البشري في احتياجاتهم وفي نفس الوقت تحضرها امام قوة ابنها الخلاصية ومحبته الأبدية نحونا وعنايته الدائمة بإحتياجاتنا ومعاناتنا صلاة: يا الله العجيب والعظيم في كل شيئ لقد دعوتنا ان نكرز باسمك في المسكونة كلها ولكننا تحججنا بأسباب واهية ولم نعلن اسمك حتى لأقرب الأقرباء، فساعديني يا مريم ان ألبي دعوة الله كما قمتِ وذهبتِ أنت لحمل البشارة. آمين. اكرام: ضع اعمالك ونشاطاتك تحت حماية مريم نافذة :يا أمنا مريم احفظينا و باركي اعمالنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الأثنين 15 مايو: لا خمر ولكن ايمان أكثر ان مقولة مريم ليسوع:” «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ»(يوحنا3:2) يظهر أيضا ايمانها العظيم. ان يسوع ببساطة ضيف في حفلة العُرس ولم يكن مسؤلا عن ذلك الإحتفال وليس لديه مكان لتخزين النبيذ، لذلك ومن الوجهة البشرية لم يكن يسوع هو الشخص الذي يمكن طلب المساعدة منه. ان الأختيار الطبيعي سيكون طلب المساعدة من الخادم المسؤول عن العُرس وكذلك الخدام او عائلة العريس او العروس. مهما كان الأمر كان لغريزة مريم ان تتجه ليسوع في ذلك المأزق وتقول له:” «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». انها تؤمن ان يسوع يمكنه ان يفعل شيئا في هذا وتترحى انه سيعمل نوع ما من عمل غير عادي لتجنب تلك الكارثة. ما الذي يجعل إيمان مريم في يسوع يظهر بهذه الصورة هو في الحقيقة انه حتى تلك اللحظة كما أشار الأنجيل انه لم يصنع اية آية أمام الجموع. انها مازالت مؤمنة في قوة ابنها الفوق الطبيعة وتؤمن انه قادر على المساعدة. بهذه الطريقة توقعت الأيمان الكبير الذي سيتكلم عنه يسوع لتوما الرسول “طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا»(يوحنا29:20). ولقد علّق احد مفسري الكتاب المقدس قائلا:” ان كلمات الرب يسوع لتوما تنطبق تماما على اقتراب مريم في عُرس قانا الجليل فهي لم ترى معجزة ولكنها آمنت”، والبابا يوحنا بولس الثاني علّق بنفس المعنى قائلا:” ان مريم هنا انطلقت بإيمان الرسل الذين سيأتوا ليؤمنوا بيسوع فقط بعد ان يشهدوا معجزة تحويل الماء الي خمر”هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ”(يوحنا11:2). مريم من ناحية أخرى آمنت بقوة ابنها الفوق الطبيعة قبل ان تراها منفذة “وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ»(يوحنا3:2-5). بعد ذلك نأتي الى اكبرتوتر محيّر وُجه الي مريم جاء ذكره في الأنجيل، فبعد ان قالت مريم ليسوع “ليس لهم خمر”، اجابها يسوع قائلا: “ما لي ولكِ يا امرأة لم تأت ساعتي بعد”(يوحنا4:2). من اول وهلة تبدو تلك الكلمات من يسوع قاسية-كما لو ان يسوع يدفع امه بعيدا. تخيل في عالم هذا القرن الـ 21 ام تدعو ابنها على مائدة العشاء والإبن يجيب:” «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». من منظور عالمنا الحديث فتلك الكلمات تشابه الي حد كبير كلمات متوقعة من ابن مراهق متهور وليست كلمات من ابن الله القدوس. ولكن اذا اعتبرنا ما الذي يقوله يسوع على ضوء الثقافة اليهودية القديمة ومن سياق ارحب لحفل عُرس في قانا هناك اربع حقائق تلتقي تجعل الأمر واضح كلية من ان تلك الكلمات لا تعكس معارضة عدوانية بين يسوع ومريم ولكن بدلا من ذلك شيئ إيجابي وفي الحقيقة شيئ جميل عن علاقتهما معا. أولا، في انجيل يوحنا استعمل يسوع لقب “امرأة” ليوجهه بأدب نحو نساء لهن مكانة إيجابية معهن، وهذا يمكن مشاهدته مثلا عندما ظهر يسوع لمريم المجدلية في صباح احد القيامة:” قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟»(يوحنا15:20)، وعندما غفر يسوع الخطايا لإمراة قد أمسكت في زنا”قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟»(يوحنا10:8)، وعندما وجه المرأة السامرية للإيمان بالمسيّا قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ”(يوحنا21:4). اذا ما اعتبرنا تلك الطريقة الإيجابية التي يدعو فيها يسوع والتي تظهر في انجيل يوحنا فدعوة يسوع لمريم “امرأة” لا تشير الى نقص في الإحترام او تقليل الشأن. ثانيا، في الزمن الأنجيلي يمكن للرجل ان يوجه لأنثى لقب “امرأة”، ولكن لا يوجد في أي موقع في العالم اليوناني-الروماني القديم او في اسرئيل القديمة نجد مثال لإبن يوجه لأمه بهذا اللقب. يسوع يوجه لأمه ويناديها “امرأة” يبدو فريدا بكل هذا الغموض، ولكن هذا يمكن ان يقترح بأن يسوع له غرض خاص في فكره عندما ناد امه ب”أمرأة”- غرض يكون ابعد عن طريقة عادية متواضعة يوجهها لنسوة آخرين. عندما يطبق هذا على مريم هذا اللقب “امرأة” على الأرجح له بعض الأهمية وله معنى رمزي. ثالثا، لنضع في الإعتبار كيف ان مريم قد فسّرت كلمات يسوع، فهل هي ابتعدت من المشهد شاعرة بالحزن او الأذى او بالرفض بأي طريقة؟ لا ولكن كان العكس فلقد سمعت كلمات يسوع وعلى الفور قالت للخدام :”مهما قال لكم فافعلوه”(يوحنا5:2). ان مريم قد فسّرت رد المسيح بطريقة إيجابية وبإيمان كله ثقة ان يسوع سيحقق طلبها وقالت للخدام ان يكونوا مستعدين ان يفعلوا مهما ما يأمر به ابنها. أخيرا، ان الإجراءات اللاحقة التي هي تبدو في صالح طلب مريم وليس فقط ان يسوع قام بالعمل ولكنه اعد كميات كبيرة من النبيذ اكثر مما طلبته أمه منه او أي شخص في العُرس يمكن تصوره. كل من الأجران الستة والمستخدمة في التطهير (يوحنا6:2) ستحمل حوالي 15-24 جالون من الماء، وهكذا عندما سأل يسوع ان تملأ تلك الأجران بالماء ثم يتحول كل هذا الماء الي نبيذ فهو بهذا قد وفّر حوالي 120 جالون من النبيذ لحفل الزواج. اذا ما كان ذلك النبيذ الرائع والأكثر وفرة يعني شيئ فهو قد يعني للبعض رقض لطلب مريم فمن الصعب ان نتخيل ماذا يعني الإنجاز اذا لم يكن تحقيق الطلب وبأكثر مما قد تم طلبه. بعيدا عن رفض الطلب لمريم فإن إجابة يسوع بطريقة فاقت كل التوقعات. صلاة: أيّها الإله الأزليّ القدير، الذي أوحيت إلى القدّيسة مريم البتول، وهي حامل بابنك المتجسّد، أن تخرج إلى زيارة أليصابات وهي حامل بيوحنا وتخدمها، إجعلنا ننقاد إلى صوت الرّوح القدس، فتعظمك نفوسنا وتبتهج بك أرواحنا مع البتول أمّنا للأبد. بربنا يسوع المسيح ابنك الإله الحي، المالك معك ومع الروح القدس إلى دهر الدهور. آمين. اكرام: استعد استعدادا حسنا للاعتراف والتناول نافذة : ياشفاء المرضى اشفي امراضنا تلاوة سر من المسبحة الوردية -طلبة العذراء المجيدة الثلاثاء16 مايو: أسبوع الخلق الجديد مرة اخرى لحادثة عرس قانا فمهما كانت كلمات يسوع من ان يلقب أمه ب”امرأة” ويحيبها قائلا بما معناه:”مالذي تنوى عمله معي”، فهي لا تنطوي على تواصل سلبي ما بين يسوع وأمه. ولكن بدلا من هذا فيسوع قد لقّب أمه يكشف انها اهم امرأة في تاريخ الخلاص، فدعونا الآن نعتبر هذا اللقب “امرأة” على ضوء مقدمة انجيل يوحنا:” فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ” (يوحنا1:1-5). كثير من الصور المستخدمة في تلك الإقتتاحية من انجيل يوحنا تستعيد قصة الخلق كما جاءت في سفر التكوين، لقد بدأ يوحنا انجيله بكلمات “في البدء” حيث كرر بداية اول خط في الكتاب المقدس:” فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ”(تكوين1:1). الاصحاح الأول من انجيل يوحنا يستمر في هذا النهج من الخلق في الآيات الأربع التالية والتي تتحدث عن “النور” و “الحياة” و “الخلق” وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ. مرة أخرى اخذت تلك الصور من قصة سفر التكوين عن الخلق في الإصحاح الأول من سفر التكوين(يوحنا 2:1-5) ويرسم يوحنا ويقدم لنا يسوع مقارنا بقصة الخلقة وملقيا الضوء على كيف ان يسوع قد أتى ليجدد كل الخليقة. بعض مفسروا الكتاب المقدس لاحظوا كيف ان انجيل يوحنا استمر في منهج الخلقة وذلك بوضع سلسلة من الأيام والتي تعكس تأسيس أسبوع خلقة جديد. بعد الجملة الأولى “في البدء” رمز اليوم الثاني في يوحنا 29:1 بكلمات “في اليوم التالي، وبعد ذلك استعمل نفس الجملة ليشير الى اليوم الثالث في يوحنا 35:1 و “في اليوم التالي” واليوم الرابع كما جاء في يوحنا 43:1. وفي النهاية بعد تلك الأيام الأربعة جاء بقصة عُرس قانا كمقدمة اخذت مكانها بعد ثلاثة أيام””“وفي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ”(يوحنا1:2). اليوم الثالث ما بعد الأيام الأربعة سوف يمثل اليوم السابع في انجيل يوحنا وتبعا لذلك اخذ عرس قانا مكانه في مناخ أسبوع الخلق الجديد وفي اليوم السابع. بإلقاء الضوء ان عُرس قانا اخذ مكانه في اليوم السابع من أسبوع الخلق الجديد يقودنا انجيل يوحنا لأن نرى يسوع ومريم في نور قصة الخليقة وفي ذلك المضمون عندما يدعو يسوع مريم ب “امرأة” ومع خلفية قصة الخليقة فهذا اللقب يحضر لنا “امرأة” سفر التكوين :” فَقَالَ آدَمُ: «هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ»(تكوين23:2) و”وَدَعَا آدَمُ اسْمَ امْرَأَتِهِ «حَوَّاءَ» لأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ”(تكوين20:3). هذه المرأة قد لعبت جزء هام في النبؤة الأولى التي أعطيت للبشرية فبعد السقوط واجه الله الحيّة وأعلن هزيمته في النهاية بقوله:” وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ»(تكوين15:3). هذا الإعلان والمعروف protoevangelium أي اول بشارة تعلن لنا ان امرأة ذات يوم سيكون لها نسل، إبن، وهو الذي سيسحق رأس الحيّة. أجيال وأجيال مرت وجاء عرس قانا ويسوع أشار لتلك النبؤة بدعوة مريم ب”امرأة” مع قصة الخلقة في ذاكرتنا. ان يسوع في سرد انجيل يوحنا يربط مريم مع امرأة سفر التكوين (15:3)، وبعيدا عن رفض أمه او ابعاد نفسه عنها فيسوع بدعوة مريم ب “امرأة” يكرمها بطريقة لم يسبق من قبل ان أي امرأة قد كرّمت من قبلها، فهي حواء الجديدة المرأة التي ابنها المنتظر منذ أجيال سيهزم الشر ويتمم نبؤة سفر التكوين. صلاة: يا قديسة مريم أمي المحبوبة انه بمثال تواضعك علمتيني كيف أسلك أمام عظائم الرب التي يمنحها لي بلا عدد ولا وزن ولا مقياس. آمين. اكرام: ردد بثقة وايمان صلاة “تحت ذيل حمايتك” نافذة: نجينا على الدوام من جميع المخاطر يامريم يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الأربعاء17 مايو المرأة والساعة والخمر مع الخلفية في فكرنا عن امرأة سفر التكوين نحن الأن على استعداد ان نفهم كل كلمات يسوع والتي تبدو متقلبة لمريم في عُرس قانا:” «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ» (يوحنا4:2). هناك 3 جوانب في كلمات يسوع تحتاج ان نفهما – “الساعة”- السؤال “ما لي ولك”- و”امرأة”. أولا تكلم يسوع عن شيئ غامض “الساعة” وبالأخص “ساعته” هو وقال انها لم تأت بعد. ان “ساعة” يسوع في انجيل يوحنا تعود الى الوقت المحدد من الأب ليسوع لإتمام رسالته وهي تشير في النهاية الى قمة خدمته الجمهورية -آلامه وموته- عندما يتمجد وعندما ينهزم الشرير وعندما يجمع يسوع كل البشر اليه:” «قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ. مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ. اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ!». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ، وَأُمَجِّدُ أَيْضًا!». فَالْجَمْعُ الَّذِي كَانَ وَاقِفًا وَسَمِعَ، قَالَ: «قَدْ حَدَثَ رَعْدٌ!». وَآخَرُونَ قَالُوا: «قَدْ كَلَّمَهُ مَلاَكٌ!».أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: «لَيْسَ مِنْ أَجْلِي صَارَ هذَا الصَّوْتُ، بَلْ مِنْ أَجْلِكُمْ. اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ».قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ”(يوحنا23:12-33) و “أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ، وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ، إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى”(يوحنا1:13) و “تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ، قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضًا”(يوحنا1:17). في قانا ربط يسوع طلب مريم أمه للخمر مع تلك الساعة التي تعني بدء آلامه وتعجب كيف ان أمه تطلب منه ذلك الطلب حيث ان ساعته لم تأت بعد وخدمته الجهورية لم تكن قد بدأت هي الأخرى بعد. ثانيا، ان التعبير “مالي ولكِ” يمكن ان يُفهم او يترجم ماذا يكون هذا بالنسبة لي وبالنسبة لكِ. في العهد القديم يشير هذا التعبير الي نوع من العدواة والخصام او الصراع او الرفض كما جاء مثلا في: “فَأَرْسَلَ يَفْتَاحُ رُسُلًا إِلَى مَلِكِ بَنِي عَمُّونَ يَقُولُ: «مَا لِي وَلَكَ أَنَّكَ أَتَيْتَ إِلَيَّ لِلْمُحَارَبَةِ فِي أَرْضِي؟»(قضاة12:11 و “فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رُسُلًا يَقُولُ: «مَا لِي وَلَكَ يَا مَلِكَ يَهُوذَا! لَسْتُ عَلَيْكَ أَنْتَ الْيَوْمَ، وَلكِنْ عَلَى بَيْتِ حَرْبِي، وَاللهُ أَمَرَ بِإِسْرَاعِي. فَكُفَّ عَنِ اللهِ الَّذِي مَعِي فَلاَ يُهْلِكَكَ»(“2أخبار21:35) و “فَقَالَتْ لإِيلِيَّا: «مَا لِي وَلَكَ يَا رَجُلَ اللهِ! هَلْ جِئْتَ إِلَيَّ لِتَذْكِيرِ إِثْمِي وَإِمَاتَةِ ابْنِي؟»(1ملوك18:17). وفي زمن آخر فكانت تعبر عن قلة في التعاون او فرق في الفهم ما بين شخصان- النظر نحو الشيئ بطريقة مختلفة- ولكن بدون أي عداوة كما جاء في: “َقَالَ أَلِيشَعُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: «مَا لِي وَلَكَ! اذْهَبْ إِلَى أَنْبِيَاءِ أَبِيكَ وَإِلَى أَنْبِيَاءِ أُمِّكَ». فَقَالَ لَهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «كَلاَّ. لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَا هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةَ الْمُلُوكِ لِيَدْفَعَهُمْ إِلَى يَدِ مُوآبَ»(2ملوك13:3) و”يَقُولُ أَفْرَايِمُ: مَا لِي أَيْضًا وَلِلأَصْنَامِ؟ أَنَا قَدْ أَجَبْتُ فَأُلاَحِظُهُ. أَنَا كَسَرْوَةٍ خَضْرَاءَ. مِنْ قِبَلِي يُوجَدُ ثَمَرُكِ»(هوشع8:14). ان ظل ذلك المعنى يعتمد على المحتوى فما استعمله يسوع في التعبير كما جاء في يوحنا4:2 يتماشى مع سياق المعنى الثاني حيث ان الصدام او الخلاف لا يتفق مع الطريقة التي جاءت في الأنجيل الرابع والذي يقدم فيه علاقة يسوع ومريم في قانا. في قانا سألت مريم يسوع في بساطة ان يفعل شيئا نحو نقص النبيذ في عرس قانا بقولها:”ليس لديهم خمر” ان يسوع أشار انه و مريم ينظران لهذا الطلب للخمر بنظرات مختلفة. في التقليد اليهودي الخمر رمز قوي مرتبط بالحكمة كما جاء:” اَلْحِكْمَةُ بَنَتْ بَيْتَهَا. نَحَتَتْ أَعْمِدَتَهَا السَّبْعَةَ.ذَبَحَتْ ذَبْحَهَا. مَزَجَتْ خَمْرَهَا. أَيْضًا رَتَّبَتْ مَائِدَتَهَا. أَرْسَلَتْ جَوَارِيَهَا تُنَادِي عَلَى ظُهُورِ أَعَالِي الْمَدِينَةِ: «مَنْ هُوَ جَاهِلٌ فَلِيَمِلْ إِلَى هُنَا». وَالنَّاقِصُ الْفَهْمِ قَالَتْ لَهُ: «هَلُمُّوا كُلُوا مِنْ طَعَامِي، وَاشْرَبُوا مِنَ الْخَمْرِ الَّتِي مَزَجْتُهَا”(امثال1:9-5) ومرتبط بالشريعة ومع حفلات الزواج:” لِيُقَبِّلْنِي بِقُبْلاَتِ فَمِهِ، لأَنَّ حُبَّكَ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ. لِرَائِحَةِ أَدْهَانِكَ الطَّيِّبَةِ. اسْمُكَ دُهْنٌ مُهْرَاقٌ، لِذلِكَ أَحَبَّتْكَ الْعَذَارَى. اُجْذُبْنِي وَرَاءَكَ فَنَجْرِيَ. أَدْخَلَنِي الْمَلِكُ إِلَى حِجَالِهِ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِكَ. نَذْكُرُ حُبَّكَ أَكْثَرَ مِنَ الْخَمْرِ. بِالْحَقِّ يُحِبُّونَكَ”(نشيد الانشاد2:1-4) و”مَا أَحْسَنَ حُبَّكِ يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ! كَمْ مَحَبَّتُكِ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ! وَكَمْ رَائِحَةُ أَدْهَانِكِ أَطْيَبُ مِنْ كُلِّ الأَطْيَابِ!(نشيد الانشاد10:4) . ولكن الأكثر وضوحا في ذلك المنظر ان الخمر مرتبط بالفرح في العهد المسياني فالنبي اشعيا مثلا رأى كل الشعوب مجتمعة على جبل الرب في عيد عظيم يرتون من الخمر عندما يأتي الله ليخلصهم:” وَيَصْنَعُ رَبُّ الْجُنُودِ لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ فِي هذَا الْجَبَلِ وَلِيمَةَ سَمَائِنَ، وَلِيمَةَ خَمْرٍ عَلَى دَرْدِيّ، سَمَائِنَ مُمِخَّةٍ، دَرْدِيّ مُصَفًّى. وَيُفْنِي فِي هذَا الْجَبَلِ وَجْهَ النِّقَابِ. النِّقَابِ الَّذِي عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ، وَالْغِطَاءَ الْمُغَطَّى بِهِ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ. يَبْلَعُ الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ، وَيَمْسَحُ السَّيِّدُ الرَّبُّ الدُّمُوعَ عَنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَيَنْزِعُ عَارَ شَعْبِهِ عَنْ كُلِّ الأَرْضِ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ. وَيُقَالُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: «هُوَذَا هذَا إِلهُنَا. انْتَظَرْنَاهُ فَخَلَّصَنَا. هذَا هُوَ الرَّبُّ انْتَظَرْنَاهُ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِخَلاَصِهِ»(اشعيا6:25-9). وعاموس النبي بالمثل تنبأ ان الله ينقذ مملكة داود ويعيدها:” هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، يُدْرِكُ الْحَارِثُ الْحَاصِدَ، وَدَائِسُ الْعِنَبِ بَاذِرَ الزَّرْعِ، وَتَقْطُرُ الْجِبَالُ عَصِيرًا، وَتَسِيلُ جَمِيعُ التِّلاَل، وَأَرُدُّ سَبْيَ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ فَيَبْنُونَ مُدُنًا خَرِبَةً وَيَسْكُنُونَ، وَيَغْرِسُونَ كُرُومًا وَيَشْرَبُونَ خَمْرَهَا، وَيَصْنَعُونَ جَنَّاتٍ وَيَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا”(عاموس13:9-14). هكذا عندما سأل يسوع مريم قائلا: ” مالي ولكِ” هو عبارة عن انه يقول لها:” ما هذا الخمر بالنسبة لي وبالنسبة لكِ”. ان الخمر بالنسبة الي مريم والذي تطلبه هو ببساطة مشروب احتفالي سيساعد العائلات المسؤولة عن العُرس يحتفظون بالتقليد والعادات عند الإحتفال بالزواج. ولكن يرى يسوع انه لأجل ان يقدم هذا الخمر فانه يحتاج ان يقوم بتأدية معجزة ستكشف عن مجده وتطلق بدء رسالته وخدمته المسيانية الجهورية وان هذا يعني انه سيبدأ سيره نحو ساعة آلامه. وهكذا من وجهة نظر يسوع فان مريم تسأل اكثر مما مجرد تزويد الحفل بالشراب. ان الخمر التي تطلبه هو في الحقيقة الخمر المسياني- الخمر الرمزي الذي تنبأ عنه الأنبياء والمصحوب بمجيئ العصر المسياني. ولهذا نرى ان يسوع ربط طلب مريم لذلك الخمر بساعته-الساعة التي تأتي بآلامه، فهل مريم على استعداد لتلك الساعة لتأتي؟ كل هذا القى بظلال إضافية لماذا في تلك اللحظة ربط يسوع مريم ب “امرأة” سفر التكوين (تكوين15:3)، فإذا قام يسوع بتلك المعجزة فسيبدأ رسالته المسيانية وبهذا يبدأ السير نحو ساعته، واذا ما فعل هذا فإن مريم يقترض ان تبدأ دور جديد وليس فقط ان تكون “ام يسوع” بل سبصبح “امرأة”- المرأة التي تنبأ عنها سفر التكوين- أي بكلمات أخرى المرأة التي سيكون ابنها من سيحطم الشرير. صلاة: يا أمنا المحبوبة يا من علّمتينا كيف ننظر لأعمال الله “متفكرين” و”محتفظين” بها في قلوبنا دون أن نتشكك او نيأس او نهتز بل نمجد ونسبح الله ونشكره على كل حال وفي كل حال ومن أجل كل حال. آمين. أكرام: لا تسرع في تلاوة الوردية بل صل باناة وتأمل بمعانيها السامية نافذة:يا سلطانة الوردية المقدسة صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الخميس 18 مايو: العد التنازلي الى الساعة ضع نفسك في موقف مريم ففي البداية كانت ببساطة تحاول ان تساعد بأخبار عن نقص الخمر في حفل العُرس – وليس لحل كل مشاكل العالم؟ فذهبت الي يسوع بطلب أساسي عن الخمر وابتعدت بعد ذلك بعد ان وُجهت بأشياء اكثر ثقلا تضمنت رسالة ابنها المسيانية والإنتصار على الشرير وحل مشكلة خلاص البشرية من الخطيئة. ولكن هناك اكثر من ذلك، ففي ثلاثون عاما حملت مريم ثفل نبؤة سمعان الشيخ فهي تعلم انه في يوم ما عندما يبدأ ابنها رسالته سوف لا يفهمونه ويرفضونه ويعارضونه. وهي أيضا تعلم ان ابنها سيكون «هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ(لوقا34:2)، وفي النهاية سيقتل وحربة ستنغرس فيه. في حفل بهيج ومناسبة فرح تسأل مريم ببساطة يسوع لبعض من الخمر، فإذا انتبه يسوع لطلب مريم قسوف يحتاج ان يصنع معجزة والتي ستبدأ مسيرة رسالته الجهورية- وان ذلك يعني بدء تحرك يسوع نحو ساعته للموت. ان ساعة نبؤة سمعان الشيخ تبدو انها ستبدأ، فهل هذا ما تريده مريم في الحقيقة؟ اذا ما كنا والدان تم مواجهتهما بمثل ذلك الإختيار فالكثير منا سيتراجع ويقول ” لقد فكرت مرة أخرى يا يسوع وهذا يعني انك لست في احتياج ان تحضر خمر ودعهم هم يتصرفون”. ولكن مريم لم تفكر نحو ابنها مثل ذلك التفكير وياترى ما الذي لفت نظرها مما قاله يسوع واجابته العجيبة لها؟ ان انجيل يوحنا لم يعطينا ان مريم قد أدركت ما قد يعنيه يسوع ولكن بطريقة عجيبة كانت كلمات ابنها لها هو نوع من الثقة انه سينفذ ما طلبته ولم تظهر مريم أي علامات التردد فلقد تعلمت عندما كان يسوع في سن الاثناعشر سنة وفقد في الهيكل ان يسوع يجب ان يكون في بيت أبيه منفذا كل ما هو للأب حتى ولو هذا يعني الفراق عنها او المعاناة لها. لذلك ففي قانا استمرت مريم تقول “نعم” لمشيئة الله وان تستسلم لخطة الله الأب ليسوع وهي لم تبتعد عن دعوة الله لها. مريم كخادمة للرب تقول للخدام في العُرس “ «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ»(يوحنا5:2) وأطاع الخدام وتمت الآية وبدأت رسالة يسوع الجهورية، وهكذا ساعدت مريم في وضع بدء مسيرة يسوع والأحداث التي ستقود رحلة ابنها نحو الجلجثة حيث سيموت من اجل خطايانا. صلاة: أشكرك يا أماه على قبولك التسليم المطلق لمشيئة الله في حياتك فعلميني وقوديني لأن أقبل في استسلام لمشيئته المقدسة في حياتي. آمين. اكرام : اجمع افراد الاسرة واقرأ عليهم فصلا” من الانجيل المقدس نافذة : يا أم الله كوني أمنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الجمعة19 مايو: شفاعة الأم آية قانا الجليل حيث لم يرفض لها يسوع طلباً بل قدم ساعة مـجده لما عرضت عليه مريم حاجة الناس وحيرتهم (يوحنا4:2). قصة عرس قانا الجليل تُلقي ضوءاً على علاقة العذراء مريم بالـمسيح الرب من جهة إمكا نية تشفعها عن الأخرين ومدى استجابة الرب لشفاعتها. والكنيسة تؤمن ان عرس قانا لايزال قائما والضيف الإلهي كما كان بالأمس هو هو قائم اليوم وإلى الأبد، والبشرية هى بعينها عاجزة وقد افرغت خمرها وفى أشد الحاجة الى العون الروحي والحكمة التى تسلك بها فى ظلمة هذا العالم، وأجران التطهير فارغة ومنسية لفشل الإنسان فى السلوك حسب الناموس والوصايا، والقلوب جافة ومتلهفة وهنا كل العيون تنظر الى الأم فى توسل لكي تنقل كلمة البشرية الى آذان الضيف الإلهي لكى يرحم ضعف البشرية، لا كأنه غافل عن الـمحبة ولا كأنه لا يسمع ولا يرى ولا كأنه كان يريد ان يسمع السؤال واضحاً. ان الرب مشتاق ان تصل الى اذنه كلمة واثقة تعبر عن حاجة الناس، ولكن من شفاه مؤمنة بقدرته السرمدية ، وهو يريد قلباً يطلب منه بدالة، دالة البنوة الكاملة أو دالة الأمومة الواثقة. حينما تقدمت العذراء اليه بالسؤال”ليس لهم خمر” (يوحنا 3:2) كانت شفيعة العرس كله وكل الـمتكئين والعالـم، ولا تزال هى الشفيع لـمن ليس لهم عون. إنها لا تلح بالسؤال كمن يتضرع الى إلـه قاس ولكنها بدالة شديدة تضم توسلها الى رحمته وترفع سؤالها بالثقة حتى يـبلغ إلى إستجابة الرب الوديعة. كـما نرنّم فـى القداس الباسيلي: “ليس لنا دالة عند ربنا يسوع المسيح سوى طلباتك يا سيدتنا كلنا والدة الإله”. يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: “هنا بدء الكشف عن مفهوم “المجد” في هذا السفر، وهو: “الحضرة الإلهية”. اللَّه يمجدنا حينما يعلن حضوره فينا، ونحن نمجده حينما نعلن حضوره في العالم. ففي هذه الآية أُعلن حضور الآب في ابنه وحيد الجنس، الذي يخبر عنه. “عندما حول الماء خمرًا ماذا يضيف الإنجيلي؟ “وآمن تلاميذه به” (يوحنا٢: ١١). فهل كان للشيطان أن يؤمن به؟ ويقول القديس أغسطينوس:”إن قال قائل: لا يوجد في هذا القول دلالة كافية على أن هذه الآية هي بداءة آيات المسيح لأجل إبداعها في قانا الجليل، لأنه من الممكن أن يكون فعل في غير ذلك المكان آيات أخرى غيرها. نقول له: إن يوحنا المعمدان قد قال من قبل عن المسيح: “وأنا لم أكن أعرفه، لكن ليظهر لإسرائيل، لذلك جئت أعمد بالماء” (يوحنا 1: 31)، فلو كان المسيح فعل في عمره المبكر عجائب لما كان الإسرائيليون قد احتاجوا إلى آخر يعلن عنه. لأن ذاك (يسوع) الذي جاء بين الناس وبمعجزاته صار معروفًا، ليس فقط للذين في اليهودية وإنما أيضا للذين في سورية وما وراءها، وفعل هذا في ثلاث سنوات فقط، فإنه ما كان محتاجًا إلي هذه السنوات الثلاث لإظهار نفسه (مت 4: 24)، لأنه كان من شهرته السابقة قد عُرف في كل موضع. أقول أن ذاك الذي في وقت قصير أشرق عليكم بالعجائب فصار اسمه معروفًا للكل، لم يكن بأقل من ذلك لو أنه في عمره المبكر صنع عجائب وما كان يبقى غير معروف كل هذا الزمن (حتى بلغ الثلاثين من عمره). فإنه ما كان قد فعله لبدا غريبًا أن يفعله صبي. في الحقيقة لم يفعل شيئا وهو طفل سوى أمرًا واحدًا شهد له لوقا (لو 2: 36) وهو في الثانية عشر من عمره حيث جلس يسمع للمعلمين وقد دهشوا من أسئلته. بجانب هذا فإنه من الأرجح والمعقول انه لم يبدأ آياته في عمره المبكر، لأنه بهذا لبدت أمرًا مخادعًا. إن كان وهو في سن النضوج تشكك كثيرون فيها، كم بالأكثر لو أنه صنع العجائب وهو صغير. فإن ذلك كان قد أسرع به إلي الصليب قبل الوقت المحدد، خلال سم الحقد، ولما قُبلت حقائق التدبير. هذه الآية تمّت بمشاركة أمّ يسوع أيضاً. عينها ساهرة لا للانتقاد بل لتلبية حاجة تزيد من سعادة أهل البيت والمدعوين. وحينما لاحظت نفاد الخمر، تدخلت تدخلاً لطيفاً ولفتت انتباه ابنها بما لها من دالة عليه وبما عندها من شعور عميق مع العروسين في حيرتهما. وبالرغم من جواب يسوع لها، وجوابه يبدو صعباً، تبقى مريم واثقة من أن ابنها لا يرد لها طلباً يهدف إلى خدمة الإنسان. لذلك تتجه إلى الخدم حتى يأتمروا بأوامر يسوع: “مهما يأمركم به فافعلوه“. وفي كلامها هذا برنامج عمل وحياة لكل مؤمن يتبع يسوع. كم من مرة لا نفهم ما يطلبه يسوع منا وما يأمرنا به فنحاول أن نتملّص منه. كم من مرة تبدو لنا الحياة معه والحلول التي يعرضها علينا صعبة التطبيق، فنتهرب متذرعين بألف حجة وحجة. ولكن كلام مريم لنا يبقى هو هو لا يتغير: “مهما يأمركم به فافعلوه”. فما من إنسان واحد اهتدى بأوامره وخابت آماله. وهي المثال الحي على صحة ما تقول. إن يسوع يبدو متردداً في قبول طلب أمّه بحجة أن ساعته لم تأت بعد. وساعة يسوع هي زمن موته وقيامته. فيها يظهر مجده الإلهيّ واتحاده مع الآب وحبه للبشر. وهكذا ينتقل يسوع من الأمور المادية إلى الأمور الروحية، من الخمرة التي نفذت في العرس إلى تلك الساعة التي يعوض فيها عن نقص أهم وأعمق فيخلص البشر بذبيحته ويمنحهم الحياة. لقد فهمت مريم أن جواب يسوع لها لا يدل على أي احتقار بل ينظر إلى المستقبل، إلى ساعة تجلّيه على الصليب. خضعت مريم لسر هذه الساعة وأمرت الخدم أن يصغوا إلى توجيهات يسوع دون تردد. أن يسوع استبق الأمور ولم يرد طلب أمّه وخلق خمرة جديدة أظهر بها مجده وجعلها عربون عطايا العهد الجديد بدمه. إن مريم دلّت الناس على ابنها وفتحت لهم طرق الحياة الجديدة بإيمانها واستسلامها التام لمشيئته وبدعوتها إياهم حتى يتبعوه كما يرسم لهمالطريق. وبناء على طلب أمّه صنع يسوع أولى آياته هذه فأظهر مجده وآمن به تلاميذه” هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ”(يوحنا11:2). صلاة: يا قديسة مريم كوني نائبة عنا واطلبي من ابنك يسوع ان يملأ قلوبنا من خمر حبه فلا تفرغ أبدا. آمين. اكرام: فكر وتأمل باحزان مريم لكي تسندك في احزانك نافذة: احضري عندنا في ساعة موتنا ايتها القديسة مريم. يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. السبت20 مايو: ” من هي امي” “وَجَاءَ إِلَيْهِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ لِسَبَبِ الْجَمْعِ. فَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: «أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا، يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ». فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا».(لوقا19:8-21). ذكرت هذه الحادثة في متى46:12-50 و مرقس31:3-35، فما هو التعليم الذي اراد يسوع ان يعلمنا اياه؟ المسيح هنا يرفع العلاقات من مستوى القرابة بالجسد إلى مستوى العمل بمشيئة الآب كأساس، فمن لا يصنع مشيئة الآب لا يكون من أهل المسيح. ونلاحظ أن إخوة المسيح بالجسد لم يكونوا يؤمنون به أولًا “ “لأَنَّ إِخْوَتَهُ أَيْضًا لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ.” (يوحنا 7: 5)، وبعض من أقربائه قالوا أنه مختل” “وَلَمَّا سَمِعَ أَقْرِبَاؤُهُ خَرَجُوا لِيُمْسِكُوهُ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّهُ مُخْتَلٌ!».” (مر 3: 21). فأيهما أقرب للمسيح هؤلاء غير المؤمنين حتى وإن كانوا أقرباءه بالجسد، أم الذين آمنوا به وأحبوه وحفظوا وصاياه “ “«إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ،“ (يو 14: 15. المسيح عمومًا يريد أن يرفعنا فوق مستوى العلاقات الجسدية، فهو الذي قال من أحب أبًا أو أما…. أكثر مني فلا يستحقني.ثم مد يده نحو تلاميذه وقال ها أمي….= فالمسيح بتجسده وحلوله في وسطنا دخل معنا في علاقة جديدة فحسبنا أمه وإخوته. نحن نصير أمًا له بحمله في داخلنا، وصرنا إخوة له بكونه بكرًا بين إخوة كثيرين ولاحظ أن السيد المسيح لم يتنكر للعذراء أمه، فهو لم يقل ليست أمي بل من هي أمي ليرفع العلاقة من أن تكون جسدية لعلاقة أسمى، خلال الطاعة لإرادة أبيه. نحن بتنفيذنا للوصية لا نكون فقط أقرباء له بالجسد بل نتحد به ونثبت فيه، فما يفصلنا عنه هو الخطية فلا شركة للنور مع الظلمة. نحن قد أتحدنا به بالمعمودية:” “أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟ لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ. عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ. لأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ. فَإِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ، نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضًا مَعَه” (رومية3:6-8)، ونظل ثابتين فيه (أقرباء له) إن التزمنا بوصاياه. لاحظ أن لوقا يضع هذه القصة بعد قول السيد المسيح انظروا كيف تسمعون فمن يسمع كلام السيد وينفذه يصير قريبًا لهُ. ومتى يضع القصة بعد حديث المسيح عن خروج الروح النجس ورجوعه لو كان المكان مكنوسًا. إذًا متى يقصد، هل تريد أن تكون حرًا من الأرواح النجسة، وتكون قريبًا للسيد المسيح، إذًا نفذ وصاياه. ونفس المفهوم نجده في إنجيل مرقس واقفون خارجًا = فإخوته لأنهم كانوا لا يؤمنون به وقفوا خارجًا. فالوقوف خارجًا يفقدنا علاقتنا بالمسيح. أما من يدخل للداخل فهم أقرباؤه بالجسد وهؤلاء هم من قبلوا المسيح وحفظوا وصاياه. لوقا يقول “فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْمَعُونَ، لأَنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي يَظُنُّهُ لَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ».“(لوقا18:8)، فالكل يسمع ولكن من يسمع وينفذ ويطيع الوصايا هو المقبول أمام الله. انها بركة اضافية لمريم لذلك ان تقبل الإيمان بالمسيح من ان تحمله فقط بالجسد فهى آمنت وعملت وكان ايمانها انموذجا نحتذي به. صلاة: يا يسوع زِد ايماننا بك فننال بركة قربنا لك كأخوة ولنستحق ان نمكث معك في ملكوتك. آمين. إكرام: لا تهمل اعترافك بالخطايا و حاول التناول في هذا الشهر نافذة: يا ملجأ الخطاة صلّي من اجلنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الأحد 21 مايو : مريم عند أقدام الصليب وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ”(يوحنا25:19-27). القديسة مريم قد ظهرت في منظران فقط (في قانا وعند الصليب) كما جاء في انجيل يوحنا وقد تكلمت مرتان:” «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ» و ” «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ».قد يبدو ان مريم ظهرت مرتان فقط ولكن كلا المنظران يمثلان لحظات محورية في حياة المسيح: في اول بداية لرسالته المسيانية في قانا وانتهائها رسالته وهو يموت على الصليب. في الحدث الأوليّ صنع المسيح اول معجزة وبدأ يظهر مجده (يوحنا11:2)، وفي الحدث اللاحق مجد المسيح يظهر كاملا حيث احضر رسالته الخلاصية الي كامل ثمرها:” فَأَتَى فِيلُبُّسُ وَقَالَ لأَنْدَرَاوُسَ، ثُمَّ قَالَ أَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ لِيَسُوعَ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَأَجَابَهُمَا قِائِلًا: «قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ. مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ. اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ. أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ!». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ، وَأُمَجِّدُ أَيْضًا!». فَالْجَمْعُ الَّذِي كَانَ وَاقِفًا وَسَمِعَ، قَالَ: «قَدْ حَدَثَ رَعْدٌ!». وَآخَرُونَ قَالُوا: «قَدْ كَلَّمَهُ مَلاَكٌ!». أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: «لَيْسَ مِنْ أَجْلِي صَارَ هذَا الصَّوْتُ، بَلْ مِنْ أَجْلِكُمْ. اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ». قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ”(يوحنا22:12-33). مريم لها دور مهم تقوم به في كلا الحدثان الحاسمان. في كلا المشهدان حضور مريم قد ذُكر ثلاث مرات وفي كل مرة لم يشير الي اسمها الشخصي “مريم” ولكن قد تم تعريفها بعلاقتها بيسوع كأمه. ان ذلك التحديد يشير الي اتصالها االحميم مع ابنها. الرابط الثالث ما بين قانا والصليب هو الطريقة التي فيها لقب فيها مريم في كلا المشهدان، فلم يدعوها “أم” او “مريم”، ولكن بدلا اختار يسوع اللقب الذي يعتبر غير عادي لإبن ليهودي يستعمله عندما ينادي أمه فهو يدعوها “امرأة”. ولكن الوضوع الأكثر غرابة في هاذان المشهدان معا هو مرجع يوحنا الي تلك الساعة الغامضة ليسوع. في قانا موضوع الساعة قد قدّم عندما قال يسوع لمريم:” لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ»”(يوحنا4:2)، وفي الجلجثة تقف الأم بجانب ابنها عندما ساعة آلامه جاءت ورسالته تصل الي قمتها. ان موضوع ساعة المسيح سرى كخط متصل خلال انجيل يوحنا وخلق تشويق مثير لنا كقراء. أولا نحن نواجه بمثل ذلك التشويق في بدء رسالة المسيح العلنية اثاناء حفل عُرس قانا الجليل عندما قال يسوع لمريم ” لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ”(يوحنا4:2). عند تلك النقطة لم يوضّح يسوع ماذا تعني تلك الساعة او متى ستأتي، فلقد قال فقط ان تلك الساعة الغامضة لم تأت بعد. ويزداد فضولنا عندما يكرر يسوع ويشير لتلك الساعة العلوية من انها قادمة قريبا، فمثلا عندما تقابل مع المرأة السامرية قال لها:” وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا»(يوحنا23:4-24). وعندما خاطب الجموع في أورشليم قائلا:” اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْن”0يوحنا25:5). ان ساعة المسيح المتحركة ذكرت مرتان معظمها في لحظات صراع شديد ما بين يسوع ومعارضيه، ولكن مرة أخرى الطبيعة والتوقيت لتلك الساعة ظلت غير مكشوفة. عندما اليهود في أورشليم طلبوا ان يمسكوا يسوع أشار انجيل يوحنا انه لم يقدر أي احد ان يلقي يديه عليه بسبب”لأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ”(يوحنا30:7)، وبالمثل بعد مجادلة مع الفريسيين جاء”وَلَمْ يُمْسِكْهُ أَحَدٌ، لأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ”(يوحنا20:8).مرارا وتكرارا نسمع عن تلك الساعة من انها وشيكة، وبمرور الوقت حتى نصل الى منتصف انجيل يوحنا أي قارئ عادي سيترك في حيرة متسائلا ترى ما هي هذه الساعة؟ ومتى ستأتي ام انها لن تأتي أبدا؟. بكل شكر تلك الساعة التي طال انتظارها قد أتت في النهاية كما ذكر في انجيل يوحنا 12، بعد ان دخل أورشليم والذي سيكون الأسبوع الأخير من حياة يسوع. لقد أعلن ان ساعته قد أتت:” وَأَمَّا يَسُوعُ فَأَجَابَهُمَا قِائِلًا: «قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ”(يوحنا23:12)، واستمر يسوع ليقول لنا كيف ما هي ساعته و موته التكفيري على الصليب والذي يحضرهزيمة الشرير:” اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ».قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ”(يوحنا31:12-33). لاحظ كيف ان يسوع تكلم عن موته وليس كلحظة لهزيمة ولكن كلحظة إنتصار. عندما يُرفع على الجلجثة -رئيس هذا العالم-الشرير- سوف يطرح خارجاً. هذه الهزيمة للشرير سوف يستعيد النبؤة الشهيرة لسفر التكوين 15:3 والتي فيها يتنبأ الله ان المرأة سيكون لها ابن الذي سيهزم ويحطم رأس الحيّة. صلاة: يا قديسة مريم كم هو عظيم ايمانك فقودينا لكي يقوى ايماننا بيسوع مثلك. آمين. اكرام : اعط مثالا” صالحا” باحترامك يوم الرب وكمل كل ما تفعله بروح الله , فهذا طريق القداسة. نافذة : يا أم الرحمة ارحمينا ايتها العذراء القديسة يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الأثنين 22 مايو: الصليب كان الرجم هو القصاص اليهودي الخاص اما الصليب فلقد ادخله الرومانيون الي فلسطين وكانوا يستخدمونه لعقاب العبيد والمذنبين وكل من يقاوم الأمبراطورية وعلى كل من يريدون الصاق العار عند موته، وفيما عدا ذلك كان المقضي عليه يقتل بالسيف. أما ناموس موسى فلقد نطق باللعنة على كل من علّق على خشبة (تثنية23:21) وقد كان صلب يسوع معناه وقوعه تحت هذه اللعنة، والصليب كان آلة الإعدام لأكبر الجناة والمجرمين. ان طريقة الصلب الرومانية ليست فقط طريقة للإعدام وهي أيضا لزيادة الألم للجناة واهانة لهم امام الجمع، فالمصلوب يعرّى من ثيابه ويسمر على صليب خشبي ويداه ممتدان ومشدودان وبعد ذلك يُرفع الصليب. الصلب ليس هدفه تحطيم عضو حيوي معين من الجسم او يسبب سيلان للدم بطريقة مستمرة، ولكن بدلا من ذلك هدفه هو احضار موت مؤلم وبطيئ من خلال جلطة او صدمة اوخنق نتيجة عدم تثبيت الجسم المعلّق مسببا عضلات التنفس لكي تفشل وتضعف، وأحيانا يمكن ان يستمرتلك العملية لعدة أيام. بإعطاء الجاني شيئ لوقف القدمان فقط مما يسمح له ان يدفع نفسه لأعلى لكي يتنفس وهذا سيطيل الألم والعذاب أكثر وأكثر. أحيانا أيضا يتم ضرب الجاني بالسياط قبل ان يصلب، والضرب بالسياط في نظام العقاب الروماني يتم بعد نزع ثيابه ويُربط على العمود او عمود قصير ويُضرب بالسوط والمصنوع من الجلد ومثبت فيه مسامير واشياء صلبة حادة او قطع مذببة او قطع من العظام مثبتة في النهاية، وفي كل مرة يتم ضرب الجني جسده سيتمزق وجروحه تنكشف، وكلما الجلد يتمزق بإستمرار الجروح تنفتح اكثر واكثر والعضلات تحت سطح الجلد ستتلف والعظام تنكشف. وفي بعض الأحيان الضرب بالسياط قد يسبب الموت. الجنود الذين يقومون بالضرب يكونوا في حالة تحكم مطلق في الوقت والطريقة التي يتبادلون ويتفنون في كيفية التعذيب وحتى نهاية عملية الصلب وكلما طال وقت الضرب سيضعف السجين ويقود لموت سريع على الصليب. حقيقة ان صلب يسوع استمر فقط لساعات قليلة يشير انه قد تعرض واختبر لضرب عنيف. لم يقل لنا الأنجيل في العهد الجديد الكثير عن خبرة مريم العذراء عند جبل الجلجثة، وفي الحقيقة انجيل يوحنا يأتي الينا فقط بتسجيل انجيلي عن وجودها هناك. لم تقل أم يسوع كلمة واحدة والفعل الوحيد التي قامت به هو وقوفها عند صليب إبنها. نعم ان مجرد وقوفها عند صليب يسوع يمكن ان يقول لنا كثيرا عن ان مريم هي تلميذة مؤمنة وآمينة حتى النهاية. منذ ذلك الحين الذي بدأ يسوع فيه يتكلم خاصة عن موته القادم في أورشليم وقال لتلاميذه عن معاناته ومرافقته حتى الصليب:” حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ»(متى24:16-28) وأيضا في مرقس 34:8-1:9) وأيضا في لوقا23:9-27).ولكن معظم التلاميذ سيخلون يسوع في يوم الجمعة العظيمة بتركه عندما أُخذ لكي يُصلب. عند العشاء الأخير تنبأ يسوع من كل هذا سيحدث وقال كيف ان الرسل سيتركونه:” هُوَذَا تَأْتِي سَاعَةٌ، وَقَدْ أَتَتِ الآنَ، تَتَفَرَّقُونَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي. وَأَنَا لَسْتُ وَحْدِي لأَنَّ الآبَ مَعِي”(يوحنا32:16). 11 من ال 12 رسول هجروا يسوع يوم الجمعة العظيمة، ولكن فقط التلميذ الذي كان يحبه يسوع كما عرّف نفسه وهو يوحنا ظل مع يسوع حتى النهاية، وأيضا اربع نسوة وقفن عند صليب يسوع عند لحظاته الأخيرة واظهروا ايمان عظيم اكثر من بطرس مثلا والذي قال يوما ما انه سيتبعه مهما ذهب حتى انه اعلن ليسوع قائلا له:” يَا سَيِّدُ، لِمَاذَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَتْبَعَكَ الآنَ؟ إِنِّي أَضَعُ نَفْسِي عَنْكَ!»(يوحنا37:13). حتى الآن يبرهن على الإيمان بالفعل وليس بالقول وبطرس لم يوجد واقفا عند صليب يسوع، وبدلا من ذلك نرى بطرس واقفا في منظر محاكمة يسوع وتعذيبه كما جاء في انجيل يوحنا مشتبه في انكار معرفته بيسوع وواقفا على باب دار رئيس الكهنة”وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ وَاقِفًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا”(يوحنا16:18)، وكان بطرس واقفا يتدفأ مع العبيد والخدام:”وَكَانَ الْعَبِيدُ وَالْخُدَّامُ وَاقِفِينَ، وَهُمْ قَدْ أَضْرَمُوا جَمْرًا لأَنَّهُ كَانَ بَرْدٌ، وَكَانُوا يَصْطَلُونَ، وَكَانَ بُطْرُسُ وَاقِفًا مَعَهُمْ يَصْطَلِي”(يوحنا18:18)، وناكرا معرفته بيسوع ثلاثة مرات”فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ الْبَوَّابَةُ لِبُطْرُسَ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِ هذَا الإِنْسَانِ؟» قَالَ ذَاكَ: «لَسْتُ أَنَا!»(يوحنا17:18) و “وَسِمْعَانُ بُطْرُسُ كَانَ وَاقِفًا يَصْطَلِي. فَقَالُوا لَهُ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ؟» فَأَنْكَرَ ذَاكَ وَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا!». قَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَهُوَ نَسِيبُ الَّذِي قَطَعَ بُطْرُسُ أُذْنَهُ: «أَمَا رَأَيْتُكَ أَنَا مَعَهُ فِي الْبُسْتَانِ؟» فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَيْضًا. وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ”(يوحنا25:18-27). مريم العذراء كانت مع مجموعة النسوة اللواتي برهن على ايمانهن وشجاعتهن بدلا عن بطرس والعشرة الرسل الأخرون والذين تركوا يسوع في ساعته والتي يحتاج فيها الى اكثر من تعضيد. مريم واحدة من قلائل وقفن عند صليب يسوع في يوم الجمعة العظيمة، واكثر من هذا فانجيل يوحنا أيضا يظهر ويشير بأن مريم قد أظهرت ايمانها اثناء الألام بمشاركة ابنها في معاناته بطريقة فريدة. صلاة: يا قديسة مريم اعطيني النعمة ان اسأل الله واطلبه واقرع بابه دائما حتى أكون معه ومعكِ في السماء. آمين. اكرام : قدم خدمة للقريب حبا”بالله واقتداء بمريم نافذة: اضرمي المحبة في قلوبنا يا ام المحبة الالهية يتلى سر من اسرار الوردية-طلبة العذراء المجيدة – الثلاثاء 23 مايو:لحظة قمة إيمان مريم جاول ان تفكر ما هي تلك اللحظة الأعلى في الإيمان بالنسبة لمريم. لقد تأمل البابا يوحنا بولس الثاني في كيف متعارض الصليب كما يبدو من وجهة النظر البشرية عما سمعته مريم اول مرة من الملاك عند البشارة، ففي ذلك الوقت قيل لها ان إبنها سيكون “عظيما” وان الله سيعطيه “عرش داود أبيه”، وانه” سيملك على بيت يعقوب للأبد” و” ان مملكته لن تزول”:”هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ»(لوقا32:1-33). والآن تقف عند اقدام الصليب وماذا تشهد مريم بعيون بشرية ما يظهر على انه “انكار تام لتلك الكلمات”. عند الجلجلثة، كل شيئ قاله الملاك جبرائيل لمريم عن ابنها ومملكته التي لا تنقرض يبدو ويثبت انه خطأ. كما قال البابا يوحنا بولس الصاني انه فقط الإيمان القوي يستطيع ان يتحمل ويحملها خلال تلك الساعة المظلمة ويقدر ان تذكرها بأن تظل تلميذة مؤمنة تقف عند صليب ابنها الوحيد. كم هو عظيم وفوق الطبيعة طاعة الإيمان الذي اظهرته مريم امام وجه الله وكيف انها انكرت ذاتها وسلمته لله بدون تحفظ ومقدمة كل إرادتها له هذا الذي تفوق طرقه كل عقل او تصور:”يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!”(رومية33:11). ماذا يا ترى نرى؟ على قمة الجـبل الحـجري..عــُلق الـمــلك.. مــلك علـى رأســه إكليل ليس من ذهب بل من شــوك، وعرشــه ليس من عاج مرصع بل من خشب السنط، ومـلك علامـة ملكه ليست نسراُ أو صقراً..بل لوحـة مكتوبة للسخرية ولا يقف بـجواره وزراء ومشيرين بل يقف عن يمينه ويساره لـصان، وأرض قصره ليست من الـمرمـر بل من حجارة وجماجم موتـى. مـلك يقف الجميع من حوله لا ليهتفوا بحياته أو ليـمجدوه بل ليستهزؤا به وتهتف الجماهير على الأرض بـموته وأمـا السماء فتظلم والأرض تتزلزل تمجيداً له. مـلك ينظر من فوق عرشـه ليجد قائد مـِئة وحراس ورؤساء كهنة ولاويين ومعلمين وخائن ينظر يـائسا من بعيد بعد ان أيقن انه أسلم دمـا بريئـاً وتلميذُ تحمس ذات يوم لأن يموت عوضا وها هو ناكرُ الآن للمعرفة أمام جارية، ومـختارين خافوا وتركوه وحيداً، ونسوة كن يخدمنه يقفن من بعيد، وقيراوني أعانه على طريق الجلجثة ولص وقاتل أُطلق عِوضــا عنه، وأعضاء مـجلس إجتمع أعضاؤه السبعون بطريقة عجيبة للحكم بأدلة مشبوهة، وإبنة الـمجدل من رَحمها ذات يوم والتـلميذ الحبيب الذى كان يتكئ على صدره، وكذلك أم تبكي فى صمت. خلال حياة القديسة مريم ومنذ دعاها الله لكي تسلّم نفسها لخطة الله الخلاصية للبشر وتخضع كيانها كله وحياتها من أجل أسرار لم تنكشف بعد لها وقادتها تلك الرحلة خلال الفقر والمعاناة ولحظات من عدم التأكد وعدم الفهم. ولكن الآن لقد أُخذت الي جبل الجلجلثة حيث في يوم الجمعة العظيمة تشهد ليس قبول المجد من إبنها كملك بل رفض كامل وتعذيب ثم موت على خشبة. هنا تواجه مريم اختبارها العظيم للإيمان، فمن وجهة النظر البشرية لا يشبه المسيح أي ملك على الإطلاق فهو مضروب ومعرّى ومجروح ومسمّر على صليب. يسوع يشبه انسان فشل بطريقة مأساوية يسخرون منه ويقتل من أعداؤه. صلبه على أيدي الرومان واعداؤه وامام ووسط شعبه يبدو علامة لنهاية ملكوت الله والذي جاء ليعلن عنه ولكي يؤسسه هنا على الأرض. ولكن مريم يتم تحديها بشكل قوي لكي ترى ما أراد ان يظهره انجيل يوحنا – ان صليب يسوع هو في الحقيقة عرشه، فعندما “يُرفع” على الصليب يظهر كملك وان رئيس هذا العالم- الشرير- قد طرح خارجا:” اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ»(يوحنا31:12-32). في تلك اللحظة الحرجة بينما لا يوجد أي سند بشري يعضد مريم والشيئ الوحيد الذي يمكن ان تعتمد عليه هو إيمانها بأن المعلّق على الصليب هو في الحقيقة إبن الله والذي سيملك للأبد، إيمان بأنها في الحقيقة “أم ربي” كما قالت لها اليصابات يوما ما، إيمان بأن ذلك هو “السيف” في حقيقته كجزء من خطة الله كما تنبأ سمعان الشيخ في القديم وان ابنها مرة أخرى يقوم بعمل “أبيه السماوي”. عندما وجدت مريم نفسها واقفة تحت الصليب فهي بلا شك تعاني من حزن عظيم، ولكن كتلميذة مؤمنة حتى النهاية فلن تتزعزع وهي أيضا تقف تحت الصليب مؤمنة وواثقة في خطة الله من اجل إبنها ومتذكرة كل ما كُشف لها من قبِبل الملاك والرعاة ونبؤات العهد القديم ويسوع نفسه. لقد علّم القديس البابا يوحنا بولس الثاني بأن إيمان مريم في تلك اللحظة يشمل الإيمان بكلمات إبنها للرسل والتلاميذ من انه:” أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ”(متى21:16)، وهكذا استخلص البابا يوحنا بولس الثاني من ان رجاء مريم عند وقوفها تحت الصليب يشمل نور اقوى من الظلمة هذا الذي قد غمر قلوب كثيرة. صلاة: يا قديسة مريم، حرريني من اي محبة ارضية زائلة واي خطيئة تبعدني عن ابنك يسوع. اكرام: امتنع عن التلفظ بالكلام الجارح او البذيء ولا تحلف باسم الله بالباطل نافذة: يا سلطانة الرسل علمينا طريق الخير يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الأربعاء 24 مايو: مريم ويوم الجمعة العظيمة ان نموذج مريم في يوم الجمعة العظيمة يعرض لنا رجاء أكثر عند معاناتنا الشخصية فربما يكون هناك وقت نواجه فيه مشكلة او ضيقة كبيرة نشعر فيها اننا مدفوعين نحو حافة المعاناة والألم والحزن ونجرّب بفقد أي رجاء. ان فقد حبيب او فقد عنل او نهاية لعلاقة ما او حيرة ما او رعب مؤلم في الحياة لا يذهب لأي مكان فكل تلك اللحظات اذا ما واجهتنا قد نتسآل:”لماذا حدث هذا” وكيف يمكنني ان أستمر؟ وأين الله في كل هذا؟، وغيرها من التساؤلات والإحتجاجات. عندما تتعرض حياتنا لكي تنقلب رأسا على عقب وعندما تبدو الأرض بعيدة عنا وكأننا نسبح في محيط غير مرغوب فيه وعندما ينزع منا كل شيئ يمكن ان يثبتنا نصل الى نتيجة اننا حقاً لا نملك أي شيئ للتحكم في حياتنا -كيف اننا بشكل جذري نعتمد على الله. عند هذا يمكننا ان نقف مع مريم -مريم الجمعة الحزينة. هذه هي مريم التي اختبرت وتشهد بالإنسان التام والإله التام الذي هو كل حياتها، وكل السبب لوجودها وها هو قد أُخذ منها وعلّق على صليب. هذه هي مريم والتي من الوجهة البشرية تشهد نهاية كل شيئ عاشت من أجله ولم تهرب بعد او تبتعد من تلك الظلمة او انها سقطت في اليأس، بل ظلت واقفة بكل إيمان عند صليب يسوع. كما كتبت الأم تريز ذات مرة:” عند أقدام الصليب سيدتنا رأت فقط ألم ومعاناة- وعندما اغلقوا باب القبر لم تستطع حتى أن ترى جسد يسوع، ولكن انه فقط إيمان سيدتنا وحبها وثقتها وتسليمها العظيم”. نحن أيضا قد يكون لدينا لحظات عندما ننظر لحياتنا ونرى “فقط ألم ومعاناة” وعندما نواجه بتجارب فبعض الناس تضرب وتصرخ وتحاول أي شيئ بكل قوتهم لتغيير تلك الظروف الغير قابلة للتغيير، والبعض الآخر يصبحون فقط يقسون قلوبهم وأكثر في إلقاء اللوم على الله والعالم ويسخطون ويتجنبون من هم حولهم. يظل البعض الآخر قد يحاولون إلهاء أنفسهم من فراغ قلبوبهم ويملؤا حياتهم بنشاط مستمرويبحثون عن الملذات والترفيه والسعادة -أي شيئ ليغطوا الفراغ والألم الذين يشعرون به في أعماق قلوبهم ونفوسهم. ولكن في النهاية لا شيئ في كل انظمتهم للتغلب على ما هم فيه سوف ينجح. مريم في يوم الجمعة الحزينة ارتنا الطريق الصحي الوحيد الذي يجب ان نتبعه: حب بثقة وتسليم مطلق. فبمثالها تدعونا مريم ان نقف معها في تلك الظلمة ونضع ثقتنا في الوحيد القادر ان يحملنا خلال آلامنا فهو القائل:”تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ”(متى28:11). ان مريم الجمعة العظيمة تدعونا لنكتشف بطريقة باهرة قوة التعضيد الحقيقي لنا وليست فقط في معظم الأوقات الصعبة ولكن في كل لحظة من حياتنا. انه هو هو أمس واليوم وغدا، وهـو من أنشدت الـملائكة عند مـيلاده، وهــو من إهـتزت الـمدينة عند لقاءه،وصرخ الشيطان وسقط عند رؤيته. هــو من خرج الـموتـى من القبور عندمـا صرخ ومن يـده أُشبعت الألاف، وهــو من أسكن العـاصفة بـكلمته وجمع الـخراف بصوته وفتح أعين العمي بلمسته. هـو رب الـحياة ومشرّع الوصايا،صاحب الكرم والكرمة والقاضي وحاصد الوزنات وغافر الخطـايــــا. صلاة: ايها الثالوث الأقدس اشعل قلبي بمحبتك واملأه بثمر الروح القدس. آمين. اكرام :سلم ارادتك دائما ً لله في السراء والضراء فهو أب رحوم نافذة: لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الخميس 25 مايو: مهمة جديدة ان حدث وجود مريم عند الصليب يكشف أيضا مهمة جديدة قد أستدت لها، لقد رأي يسوع أمه والتلميذ الي كان يحبه، ثم قال لمريم:” ، هُوَذَا ابْنُكِ” وقال للتلميذ:” «هُوَذَا أُمُّكَ». ما اجمل من فعل المحبة والمقدّم من الإبن نحو امه القديسة مريم وهو يستعد ليلفظ أنفاسه الأخيرة فلقد كان همّه ليس فقط في نفسه وأيضا لم يكن في حاجة لكي يطلب رحمة من احد اوينتابه اليأس فلا يفكر إلا في حالته، لكنه كان مهتما بمن يحبهم. لقد تواصل أولا مع اللص اليمين واعدا إياه بالفردوس ثم ها هي أمه فسلّمها الي التلميذ الذي كان يحبه وهو يوحنا. على أساس مبدأي وفي تلك اللحظة الثمينة فكلمات يسوع الأخيرة تلك وهو على الصليب وتسليم أمه لعناية تلميذه تعكس حب يسوع وعنايته بأمه. ويسوع قبل موته يفكر كيف ستعيش أمه ومن يستطيع العناية بها بعد موته ومن يا ترى يمكن الوثوق به لتلك المهمة. هناك شيئ آخرمن حيث ان انجيل يوحنا ككل وخاصة سرده لقصة الآلام مملوء بالعديد من الرموز اللاهوتية والإهتمام بإتمام النبؤات فلا يمكن ان تكون تلك الكلمات كانت تعني فقط نقل رغبة يسوع وقلقه بخصوص طلبات مادية واحتياجات بشرية لأمه، لكن كل تفصيل في ذلك الحدث خاصة عند الصليب تشير لخطة الله واكتمالها بطريقة عجيبة فلنأخذ بعين الإعتبار ما يلي: أولا، قبل ان يوجه يسوع لمريم ويوحنا كلماته ذكر الأنجيل كيف ان الجنود نفذوا ليسوع نبؤات قد قيلت عنه واستمر لشرح ذلك كما جاء في نص النجيل بالقول” حتى يتم المكتوب”، لدرجة ان النص قد اقتبس مزمور 18:22 لكي يجعل الترابط واضح:” يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ” كما جاء في يوحنا24:19:” فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ نَشُقُّهُ، بَلْ نَقْتَرِعُ عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ». لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». هذَا فَعَلَهُ الْعَسْكَرُ”. ومثل آخر كما أشار يوحنا29:19:” وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعًا مَمْلُوًّا خَلًا، فَمَلأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ، وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ” وهو مأخوذ مباشرة من مزمور21:69″وَيَجْعَلُونَ فِي طَعَامِي عَلْقَمًا، وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي خَلاُ.”وثالث مثال بعد موت يسوع استمر يوحنا بطريقته ان يشيرالى ان الجنود لم يكسروا قدمي يسوع – وهكذا مات يسوع مثل ذبيحة حمل الفصح حيث لا يكسر عظامه:” وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ”(يوحنا33:19) وبما جاء في سفر الخروج:”فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ يُؤْكَلُ. لاَ تُخْرِجْ مِنَ اللَّحْمِ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى خَارِجٍ، وَعَظْمًا لاَ تَكْسِرُوا مِنْهُ”(الخروج46:12).ثم اقتبس يوحنا الإنجيلي نبؤة من سفر زكريا النبي:”«وَأُفِيضُ عَلَى بَيْتِ دَاوُدَ وَعَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ رُوحَ النِّعْمَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ، الَّذِي طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُونَ عَلَيْهِ كَنَائِحٍ عَلَى وَحِيدٍ لَهُ، وَيَكُونُونَ فِي مَرَارَةٍ عَلَيْهِ كَمَنْ هُوَ فِي مَرَارَةٍ عَلَى بِكْرِهِ.”(زكريا10:12) فكتب قائلا:” وَأَيْضًا يَقُولُ كِتَابٌ آخَرُ: «سَيَنْظُرُونَ إِلَى الَّذِي طَعَنُوهُ»(يوحنا37:19). اقتباس الكثير من النبؤات من خل يشربه وعظام تركت بلا كسر ومطعون بحربة كما جاء في انجيل يوحنا فلم تكن فقط تحمل حقائق تاريخية فكل نقطة مملوءة بمستوى عميق من الرمز زمعنى لاهوتي، وفي وسط كل تلك الأحداث يعلن عن خطة الله وتحقيقها فيقول لمريم:” «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ» مما يعطي دلالة على ان هناك شيئا آخر وليس مجرد تسليم أمه لتلميذ يحبه ولكن يسوع هنا يقدم لنا اعلان لخطة الله الخلاصية. هناك مفتاح جديد لكي نفهم المعنى العميق لإعطاء يسوع أمه لتلميذه وتلميذه لأمه لكي نفحص دور الشخصية الثالثة التي ذكرت في هذا النص. حسب التقليد فالتلميذ المحبوب عُرف بأنه يوحنا الرسول او ما يطلق عليه يوحنا اللاهوتي. وهو ابن زبدي من بيت صيدا في الجليل ولقد دعاه يسوع مع أخيه يعقوب ليكونا من تلاميذه ويبدو أنه كان على جانب من الغنى لان أباه كان يملك عددًا من الخدم المأجورين (مر 1: 20). أما سالومة أمه فقد كانت سيدة فاضلة نقية وكانت شريكة النساء اللواتي اشترين الحنوط الكثير الثمن لتكفين جسد يسوع، وقد اتخذ مهنة الصيد حرفة، لأن عادات اليهود كانت تقضي على أولاد الأشراف أن يتعلموا حرفة ما. وكان يوحنا من تلاميذ المعمدان ومن تلاميذ يسوع الأولين. وكان وأخوه شريكي سمعان في الصيد وكان معروفًا لدى قيافا رئيس الكهنة. وكان وأخوه حادّي الطبع سريعيّ الانفعال والغضب فلقبهما يسوع “بوانرجس” أي “ابني الرعد” أو الغضب. وفي قائمة الرسل يذكر يوحنا دائمًا بين الأربعة الأولين وكان أحد الرسل الثلاثة، الذين اصطفاهم يسوع ليكونوا رفقاءه الخصوصيين، وهم بطرس ويعقوب ويوحنا. فهؤلاء وحدهم سمح لهم أن يعاينوا إقامة ابنة يايرس، والتجلي، وجهاده في جثسيماني. وظل يوحنا أمينًا لسيده، ملازمًا له حتى النهاية وعند الصليب ظل أمينًا، فأخذ من يسوع اجل وديعة، إذ أوصاه بالعناية بأمه وعندما قصد القبر الفارغ في بكور يوم القيامة، كان أول من آمن بقيامة المسيح ولهذا دعي دون غيره بـ”التلميذ الحبيب“. والآن دعونا نأخذ بعين الإعتبار ذلك الدور الرمزي الذي قام به يوحنا في الأنجيل الرابع، فانجيل يوحنا غالبا يستعمل شخصيات مفردة ليمثلوا ويرمزوا لمجموعات كبيرة، فمثلا في الأصحاح الثالث نجد نيقوديموس ككاتب “رجل فريسي” و” معلّم لليهود” والذي جاء ليسوع ليلاً ولم يفهم تعليم يسوع (يوحنا1:3)، فبعض شرّاح الكتاب المقدس رأوا ان نيقوديموس يمثل كثير من الفريسيين وقادة يهود آخرين الذين لم يتفهموا المسيح وتركوه مثل نيقوديموس وظلوا في الظلمة. بالمثل المرأة السامرية في يوحنا 4 والتي وجدت صعوبة في فهم كلمات يسوع وبعدها وببعض من الإيمان مثّلت العديد من السامريين الذين سقطوا من اليهودية ولكنهم سيؤمنوا بالمسيح. بنظرة أكثر قرباً للتلميذ الحبيب إشارة بأن هذا يمثل أكثر من فرد يتبع المسيح، فهو يقف كتلميذ مثالي، فالتلميذ المحبوب هو الشخص القريب من يسوع والذي اتكأ على صدر المعلّم في العشاء الأخير “فَاتَّكَأَ ذَاكَ عَلَى صَدْرِ يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، مَنْ هُوَ؟»(يوحنا23:13)، وهو الرسول الذي ظلّ مع يسوع حتى والمحاكمة والمعاناة وأما الأخرون هربوا أما التلميذ الحبيب هو فقط الذي تبع يسوع في كل الطريق حتى الصليب “فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا”(يوحنا26:19)، والتلميذ الحبيب هو أول من آمن بقيامة المسيح “فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضًا التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلًا إِلَى الْقَبْرِ، وَرَأَى فَآمَنَ”(يوحنا8:20)، وهو أول من حمل شهادة قيامة المسيح الرب”فَقَالَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: «هُوَ الرَّبُّ!»(يوحنا7:21). لذلك بينما التلميذ الحبيب قد عرف من التقليد بيوحنا الرسول، هو أيضا خدم كرمز يمثل كل التلاميذ المؤمنون، فالتلميذ الحبيب يقف عن كل من يتبعون المسيح حتى في وسط المصاعب وعن كل من يؤمن بيسوع ويشهد بأنه الرب، وبمعنى آخر هذا الشخص الحبيب في انجيل يوحنا يمثل كل نلاميذ يسوع المحبوبين. صلاة: يا الهي كم كنت اتوق ان أكون ذاك التلميذ الذي تحبه وان تعطيني امك القديسة مريم لتكون اما لي ولكنني أؤمن انك رأيتني واخترتني ووهبتني انا في شخص تلميذك يوحنا ان اكون ذاك التلميذ فساعدني يا سيدي ان احمل تلك الرسالة بأمانة. آمين. اكرام : تأمل بمريم التي كرّمها ابنها الإلهي ونقلها بالجسد والنفس للسماء نافذة: يا أم الرجاء صلي لأجلنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الجمعة 26 مايو – مريم أم كل المسيحيين في آخر عمل قام به يسوع قبل موته هو انه قد سلّم للتلميذ الذي يحبه أمه ولكي يحول علاقته بمريم الي مستوى آخر. بنظرة روحية أعمق ومن حيث ان التلميذ الحبيب يمثل كل التلاميذ المؤمنين. ما اجمل من فعل المحبة والمقدّم من الإبن نحو امه القديسة مريم وهو يستعد ليلفظ أنفاسه الأخيرة فلقد كان همّه ليس فقط في نفسه وأيضا لم يكن في حاجة لكي يطلب رحمة من احد اوينتابه اليأس فلا يفكر إلا في حالته، لكنه كان مهتما بمن يحبهم. لقد تواصل أولا مع اللص اليمين واعدا إياه بالفردوس ثم سلّم امه الحبيبة الي التلميذ الذي كان يحبه يوحنا. ” قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ».ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ».وفي تلك اللحظة الثمينة حولت ام الله عيونها عن يسوع ونظرت بحب نحو يوحنا ابنها الجديد في النعمة، ذلك التلميذ الوحيد الذي ظل مع يسوع طوال فترة معاناته وحتى الموت وأيضا من ظل مع القديسة مريم وهي واقفة عند الصليب واخذ هو أيضا ينظر بحب نحو امه الجديدة في النعمة. ان هذا الفعل للعطاء ليس يعني فقط لمريم ويوحنا ولكنه يعني لنا نحن أيضا جميعا كوصية فنحن مدعوون ان نكون حاضرين ومتواجدين عند الصليب بشخصنا كذلك التلميذ الحبيب الذي يمثل كل المؤمنين وها هو يسوع ينظر الينا جميعا من على الصليب قائلا لنا:” هوذا امك” ووجه امه القديسة لكي تنظر الينا في عطف وحنان وحب لترى فينا ابنها الغالي في شخص كلا منا. ان القديسة مريم هي خواء الجديدة، ام كل الأحياء في حياة النعمة الإلهية. لقد شُبهت مريـم العذراء من العديد من أبـاء الكنيسة وعلماؤهـا بأنهـا “حواء الجديدة”، أو “حواء الثانيـة”، كما أن الـمسيح هو آدم الثاني:”فكما فى آدم يموت الجميع كذلك فى المسيح سيحيا الجميع”(1كورنثوس22:15). وحواء العهد القديم هى أم كل حي كما دعاها آدم (تكوين20:3)، والعذراء هى أم كل مؤمن بإبنهـا يسوع فلقد ولدت المسيح الإله الـمتجسد فصارت به أمـاً لكل الأعضاء المتحدة بجسده:”نحن الكثيرين جسد واحد فى المسيح”5:12). اذا ما رغبنا ان نكون بحق أبناء تلك الملكة العظيمة يجب ان نقبل بحب ان تكون مريم هي امنا الجديدة السماوية. صلاة: يا امي تفضلي وادخلي الي بيتك الجديد وكوني لي اما ولأكون انا جديرا بأمومتك. آمين. اكرام: حاول ان تشارك اسرتك واصدقاؤك في ان يقرأوا الكتب الدينية التى قرأتها انت وضعها في متناولهمبقدر الإمكان. نافذة: من كان للعذراء مكرّماً ، لن يدركه الهلاك ابدا. يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. ً . السبت27 مايو- في العليّة “وَلَمَّا دَخَلُوا صَعِدُوا إِلَى الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهَا: بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ وَتُومَا وَبَرْثُولَمَاوُسُ وَمَتَّى وَيَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى وَسِمْعَانُ الْغَيُورُ وَيَهُوذَا أَخُو يَعْقُوبَ.هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ.“(اعمال 13:1-14) في رسالته ” Ecclesis de Eucharistia” كتب البابا يوحنا بولس الثاني:”اذا ما رغبنا ان نعيد اكتشاف في كل عظمة العلاقة العميقة ما بين الكنيسة و القربان المقدس لا يمكننا ان ننكر القديسة مريم الأم ومثال الكنيسة، فهي يمكنها ترشدنا نحو ذلك السر المقدس لأنها هي نفسها لها علاقة عميقة وخاصة به. من الوهلة الأولى فالأنجيل صامت في هذا الموضوع فعند تأسيس سر القربان المقدس في الخميس المقدس لم تذكر مريم وبعد هذا نعلم انها كانت حاضرة مع الرسل وهم يصلون (اعمال14:1) في اول تجمع للجماعة المسيحية بعد ىصعود المسيح في انتظار يوم الخمسين. من المؤكد ان مريم كانت حاضرة في احتفال الفصح الذي تم في خميس العهد وايضا في اول تجمع للجماعة المسيحية لكسر الخبز كما جاء:” وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ، وَالشَّرِكَةِ، وَكَسْرِ الْخُبْزِ، وَالصَّلَوَاتِ.“(اعمال42:2).“ وكتب القديس St Peter Julian Eymard (4 فبراير 1811- اول اغسطس 1868) وهو راهب فرنسي كاثوليكي ومؤسس جماعة القربان الأقدس:” دعونا نتبع امنا الى العليّة وننصت الى الدروس التى تعلمها لنا، دروس قد حصلت عليها من ابنها الإلهي الذي معه عاشت اكثر من ثلاثون عاما نهارا وليلا. انها صدى مخلص وحقيقي لقلب يسوع الأقدس وحبه اللامتناهي. دعونا نحب مريم بشدة ودعونا نعمل تحت امومتها ونصلي بجانبها ونكون في الحقيقة ابناء حقيقين لأمنا حتى تعلمنا كيف نحب يسوع كما احبته هي بمثالها. إن إكرام مريم تابوت عهد الله يكشف لنا اسرار حياتها وكل مراحلها منذ طفولتها وحتى العليّة، ففي حياة مريم سنجد المثال والإرشاد لحياتنا نحن. في تلك العليّة كانت تسجد مريم مصليّة وخادمة لسر القربان الأقدس فلنسجد نحن ايضا بجانب أمنا ونصلي معها وبفعلنا هذا سنستمر في حياة الافخارستية هنا على الأرض.” كتب ايضا القديس البابا يوحنا الثالث والعشرون (1958-1963) في رسالته المنشورة في سبتمبر 1961 عن المسبحة الوردية وتأمله في احد اسرار المجد عن حلول الروح القدس على الرسل يوم الخمسين وربط تلك الحادثة بوجود القديسة مريم معهم فقال:” في العشاء الأخير تقبل الرسل الوعد بالروح القدس وبعدها بمدة في نفس الحجرة وفي عدم حضور يسوع ولكن بحضور مريم اقتبلوا الروح القدس كقوة وعطية المسيح لهم. في الحقيقة ما هو روح المسيح ان لم يكن هو المعزي والمعطي للحياة للإنسان؟ استمر حلول الروح القدس على الكنيسة في كل يوم منذ ذلك الحدث وفي كل الأجيال وكل انسان نال الروح القدس اصبح عضوا في كنيسة المسيح. ان انتصار الكنيسة ليس دائما ظاهر خارجيا ولكن هو دائما غني في مفاجاءاته وغالبا في معجزات اعلانا لمجد الله. ان القديسة مريم ام يسوع وأمنا كانت مع الرسل في العليّة عند حدوث معجزة حلول الروح القدس فلنقترب اليها ومن خلال تلاوتنا لمسبحتها ستكون صلواتنا متحدة معها مما سيجدد معجزة الحدث دائما فينا”. صلاة: ايها القربان الشهي ويا خبز الحياة المعطى لنا لنثبت في المسيح يسوع اعطنا نعمة الثبات ونعمة حلولك في قلوبنا فنمجد الأب والإبن والروح القدس في كل حين. اكرام: تناول القربان المقدس تعويضا عن من ابتعدوا عن الكنيسة طالبا من الرب ان يردهم الى حظيرته. نافذة: يا أم الكنيسة وسلطانة الرسل أفيضي علينا نعم السماء يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الأحد 28 مايو – امرأة سفر الرؤيا “وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيْكَلِهِ، وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَزَلْزَلَةٌ وَبَرَدٌ عَظِيمٌ. وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا، وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ. وَظَهَرَتْ آيَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: هُوَذَا تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ. وَذَنَبُهُ يَجُرُّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ فَطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ. وَالتِّنِّينُ وَقَفَ أَمَامَ الْمَرْأَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَلِدَ، حَتَّى يَبْتَلِعَ وَلَدَهَا مَتَى وَلَدَتْ. فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ، وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا. وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ وَلَمْ يَقْوَوْا، فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي السَّمَاءِ. فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ. وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلًا فِي السَّمَاءِ: «الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلًا. وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ. مِنْ أَجْلِ هذَا، افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا. وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ نَزَلَ إِلَيْكُمْ وَبِهِ غَضَبٌ عَظِيمٌ! عَالِمًا أَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلًا». وَلَمَّا رَأَى التِّنِّينُ أَنَّهُ طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، اضْطَهَدَ الْمَرْأَةَ الَّتِي وَلَدَتْ الابْنَ الذَّكَرَ، فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ، مِنْ وَجْهِ الْحَيَّةِ. فَأَلْقَتِ الْحَيَّةُ مِنْ فَمِهَا وَرَاءَ الْمَرْأَةِ مَاءً كَنَهْرٍ لِتَجْعَلَهَا تُحْمَلُ بِالنَّهْرِ. فَأَعَانَتِ الأَرْضُ الْمَرْأَةَ، وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَمَهَا وَابْتَلَعَتِ النَّهْرَ الَّذِي أَلْقَاهُ التِّنِّينُ مِنْ فَمِهِ. فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَعِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ” (رؤيا19:11و1:12-17). لقد رأت الكنيسة الكاثوليكية عبر الأجيال في نص سفر الرؤيا هذا لحظة تكليل مريم العذراء، فمن البشارة حتى الصليب رحلة إيمانها قد أخذتها من خلال العديد من التجارب و الضيقات ولكن في كل وقفة في الطريق قد أثبتت انها خادمة مؤمنة للرب. لقد حفظت كل هذا متفكرة به في قلبها حتى ولو لم تفهم. لقد تعلمت ان توافق حياتها أكثر وأكثر لمهمة إبنها والتي هي من مشيئة الأب السماوي، ولقد فعلت هذا حتى وان خطة الأب قد يسبب لها الألم. كنتيجة لذلك فليست هي فقط ام ليسوع ولكن أيضا تلميذة أمينة بارزة لكل تابعيه حتى الصليب. في سفر الرؤيا تظهر مريم في السماء بمظهر ملكي رائع “ملتحفة بالشمس” وعلى رأسها اكليل من 12 كوكبا او نجماً. ان رحلتها مع الرب قد قاد مريم لنهايتها السعيدة فلقد عبرت عتبة المجد وشاركت ملك ابنها السماوي “كملكة فوق كل الأشياء” كما تعلّم الكنيسة الكاثوليكية. فمثل القديس بولس، مريم يمكنها أن تقول:” قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا”(2تيموثاوس7:4-8). تؤمن الكنيسة في مريم الملكة – امتياز فريد لتملك مع المسيح على السموات والأرض- لا يجب ان يُرى منفصل من حياتنا، فإن عظمة مريم ليس شيئا يعجب به تماما من بعيد كما لو انه ابتعد عن خبراتنا الشخصية، ولكن بدلا من ذلك مركزها الملوكي يخدم كتذكرة مهمة ان أتباع المسيح قد دعيوا لكي يشاركوا في ملكه فوق الخطيئة والشر. هكذا مريم تقف كما تدعوها الكنيسة “علامة اسكاتولوجية”- علامة تشير للمسيحين للطريق الذي يكشف ما الذي يريده الله لتحقيقه في كل حياتنا. مرة أخرى فمريم تشارك في ملك المسيح ويمكنها ان تقول مع بولس الرسول ان “اكليل البِر” ينتظر ليس فقط مريم ولكن لكل من يحب المسيح (2تيموثاوس4:8). ولكي نتفهم هذه الوقفة الهامة في رحلة مريم للإيمان يجب ان نراها كثمرة لكل ما عمله الله في حياة مريم. ان الكتاب المقدس كشف عن مريم كمثال للتلميذ المؤمن من البداية حتى النهاية، وبعدها يمكننا ان نرى هذه المرأة الملكة الغامضة المذكورة في اصحاح 12 من سفر الرؤيا الا انعكاس على مريم وجائزتها:”اكليل البِر”. صلاة: شكرك يا ربى يسوع المسيح إذ أعلنت لنا سر نصرة امنا القديسة مريم وايضا انتصار الكنيسة ونصرتنا معها، فقوتنا هي في إعالتك وغذاءك الروحي المقدم لنا ونحن في ارض الغربة. أشكرك يارب على هذه الآيات المشجعة للنفس في جهادها طوال زمان غربتها. اكرام: اقصد ان تقدم ذاتك وتكرس نفسك الى الله يوميا وجدد هذا الوعد يوميا نافذة: يا باب السماء صلّي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الأثنين29 مايو: مريم مكللة بالمجد بمجرد ان المرأة في سفر الرؤيا 12 تم التعرف عليها على انها مريم العذراء يمكننا ان نرى كيف ان النص يكشف اين رحلة مريم مع الله في النهاية قادتها: ان تكلل بالمجد في السماء وان تشارك في ملك المسيح طبقا للوعد الذي اعلنه لكل التلاميذ المؤمنون. سفر الرؤيا الاصحاح ال 12 قدّم لنا مريم صورة مريم كملكة عظيمة عاكسا حالتها الملكية الممتازة:” وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا”(رؤيا1:12). هذه الآية تكشف ملك مريم الرائع بثلاثة طرق: أولا، انها ترتدي اكليل يرمز الي مكانتها الملوكية في السماء. ثانيا، المرأة تحت رجليها القمر وهذا أيضا يشير الي ملوكيتها فالكتاب المقدس اذا ما كان شيئا تحت قدمي يعكس قيادة ملوكية ونصر على أعداء الشخص مثال ما جاء:” قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ»(مزمور1:110). ثالثا، ان الصورة الثلاثية السماوية للمرأة ملتحفة بالشمس والقمر تحت رجليها ومتوجة بإكليل من اثنا عشر كوكبا توضح أيضا سلطانها الملكي. صورة مشابهة يمكن ان نجدها في حلم يوسف الصديّق في العهد القديم والذي فيه الشمس والقمر و11 كوكبا سجدوا أمامه رامزا الى السلطة الملوكية والذي ستكون ليوسف الصديق على ابوه وامه (مرموز بالشمس والقمر) وفوق اخوته (يرمز بال 11 نم او كوكب)” ثُمَّ حَلُمَ أَيْضًا حُلْمًا آخَرَ وَقَصَّهُ عَلَى إِخْوَتِهِ، فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ حَلُمْتُ؟ حُلْمًا أَيْضًا، وَإِذَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا سَاجِدَةٌ لِي». وَقَصَّهُ عَلَى أَبِيهِ وَعَلَى إِخْوَتِهِ، فَانْتَهَرَهُ أَبُوهُ وَقَالَ لَهُ: «مَا هذَا الْحُلْمُ الَّذِي حَلُمْتَ؟ هَلْ نَأْتِي أَنَا وَأُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ لِنَسْجُدَ لَكَ إِلَى الأَرْضِ؟»(تكوين9:37-10). وفي سفر الرؤيا اصحاح 12 شبهت مريم العذراء بمثل تلك الصور الثلاثية السمائية وهكذا تظهر سلطتها الملكية متذكر ما جاء عن يوسف الصديق. لذلك ففي هذا الكتاب الأخير من الأنجيل المقدس تظهر مريم في السماء بمنظر ملكي رائع مشتركة في مملكة ابنها المنتصر. هذا ناتج من ايمانها الثابت خلال حياتها -من البشارة الي اجتماعها مع الكنيسة في الصلاة قبل الخماسين وحلول الروح القدس على الرسل. لقد كوفئت بأكليل البِر و شاركت في ملك ابنها، ولكن كما نلاحظ في نهاية هذا الاصحاح حالتها الملوكية لا يجب ان ترى على انها منفصلة عن كل مسيحي مؤمن تبع المسيح في حياته بأمانة. ان ملك مريم لا يعني أن يُعجب به فقط من بعيد، فإيمانها وخدمتها للرب يجب ان يُحتذى به من كل مؤمن فهي أم لنا ومثال لنا. ان العهد الجديد يعلمنا ان كل مسيحي مؤمن بالمسيح سيشترك في ملكه، فلقد قال يسوع لرسله هذا الوعد:” فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ”(متى28:19-30)، وبالمثل وعد تلاميذه الذين سيبقوا معه في تجاربه سيحكمون إسرائيل الجديدة:” أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ»(لوقا28:22-30).والقديس بولس عكس ذلك التعليم مشيرا لتلميذه تيموثاوس قائلا:” صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا”(2تيموثاوس11:2-12). في سفر الرؤيا لن تكون مريم الشخص الوحيد الذي يُعطى له الأكليل، فصور الأكليل ترجع للمشاركة في ملكوت المسيح والذي أعطي لكل القديسين كثواب او جائزة لثباتهم في الإيمان للنهاية من خلال التجارب والضيقات والإضطهادات:” كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ”(رؤيا10:2)، “هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ”(رؤيا11:3)، “وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشًا. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخًا جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ”(رؤيا4:4)، “فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ”(رؤيا2:6) و “ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا سَحَابَةٌ بَيْضَاءُ، وَعَلَى السَّحَابَةِ جَالِسٌ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ”(رؤيا14:14).وحيث ان العهد الجديد قد بيّن لنا ان مريم العذراء هي مثال وأنموذج لتلميذ ليسوع ومن يسمع لكلمة الله ويحفظها ويعمل بها:” فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»(لوقا38:1)، “فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا45:1)، “فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا»(لوقا21:8) و”أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ»(لوقا28:11)، وأيضا لشخص ظلّ امينا طوال حياتها:” هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ(اعمال14:1) وحتى ثابتة معه حتى موته على الصليب (يوحنا25:19-27). ان سفر الرؤيا يعكس تماما ان مجدها الملكي ومشاركتها في ملك المسيح ومتوجة بأكليل على رأسها من اثنا عشر كوكبا هو تحقيق لكل الوعود التي اعلنها السيد المسيح. صلاة: يا يسوع ، اعطيني النعمة ان اكون شاهدا لك امام من وهبتهم لي وان اعرّفهم من انت فيتقدسوا فيك وبك. آمين. اكرام :تعلم صلاة (( السلام عليك يا ملكة يا أم الرحمة )) وعلمها لأهل بيتك , ورددها دائما ً نافذة: يا مريم القديسة، يا شفوقة يا حنونة يا حلوة تضرعي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الثلاثاء30 مايو – مريم مثال لشعب العهد الجديد مريم العذراء هى مثال لشعب العهد الجديد ومُلكه كما جاء عنه:”اما انتم فجيل مختار وكهنوت ملوكي وامة مقدسة وشعب مُقتنى لتخبروا بفضائل الذى دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب. وانتم لم تكونوا حيناً شعباً اما الآن فشعب الله” (1بطرس9:2-10)، “وجعلنا ملوكا وكهنة لله ابيه“(رؤيا6:1)، “وجعلتنا لإلهنا ملكوتاً وكهنة ونحن سنملك على الأرض“(رؤيا10:5)، وايضاً حسب وعد الله فى القديم للشعب”وانتم تكونون لي مملكة احبار وشعباً مقدساً”(خروج6:19). وشعب العهد الجديد هذا هم الذين سيملكون مع السيد المسيح كما جاء “وان صبرنا فسنملك معه“(2تيموثاوس12:2) وهم “يملكون الى دهر الدهور“(رؤيا5:22). مريم العذراء لأنهـا كانت رسولـة وتلميذة كاملة تبعت تعاليـم السيد الـمسيح وعـملت إرادة الآب السماوي فإستحقت أن تدخل ملكوت السماوات (متى21:7) وأن تنال إكليل الحياة (رؤ10:2)، وإكليلاً لا يفنى (1كورنثوس25:9)، وأن تجلس معه على عرشه حسب وعد السيد المسيح للمؤمنيـن”أؤتيـه أن يجلس معي على عرشي” (رؤيا21:3) وتحقيقا لما جاء في مزمور داود يُعظّم الـملك والـملكة القائـمة عن يـمينه “قامت الـملكة عن يـمينك بذهب أوفيـر“(مزمور10:44). ومريم العذراء بعد ان انهت مجرى حياتها على الأرض قد انتقلت الى ملكوت ابنها الحبيب. ومُلك العذراء مريـم يجب أن يُفهم على انـه فـى الحب والخدمـة وليس للدينونـة والحُكم، ومريم أمضت كل حياتهـا فى الأرض فـى تواضع وخدمـة مستـمرة “هـا أنـا آمـة الرب”(لوقا28:1)، ومع يسوع إبنـها وخضوعهـا التام لـه ولرسالتـه حتى الصليب والقيامـة،وحتـى بعد موتهـا واصلت خدمتهـا نحو أبناءهـا لتساعدهـم للوصول للحياة مع الله وذلك عن طريق ظهوراتها وتجلياتها فى الكثير من بلدان العالم وما ترسله من رسائل روحية لحث المؤمنين للرجوع الى الله. مع كل تلك الخلفية يمكننا ان نرى ان مريم قد توجت بالمجد تقف كمذّكر ثابت لنا وعلامة ان الله يريدنا ان نحقق مشيئته في كل حياتنا كما فعلت امنا مريم. إذا ما كنا تلاميذ مؤمنين وأمناء مثل مريم وان كنا ثابتين في طريق حياتنا الإيمانية ونستعمل حياتنا لنخدم خطة الله، نحن أيضا سنشترك في ملك المسيح الإنتصاري. ويجب ان نثق ونؤمن ان ملكتنا السماوية ترشدنا دائما في رحلتنا على الأرض وتتشفع لنا دائما في السماء حتى يمكننا ان نتحد بها وبإبنها وحتى كما قال القديس بولس جاهدنا الجهاد الحسن وأنهينا السباق نتحد بها في سماء ابنها وملكوته وننال اكليل البر والمجد. وكما كانت مريم كإمرأة في رحلة غربتها على الأرض وفي مسيرة إيمانها واجهت الإضطهادات وعدم التأكيد والتجارب والصعوبات لكنها ظلّت قريبة جدا من أبنائها الروحيين وهم مازالوا على الأرض فهي أكثر إلماما بما نعانيه وكأم هي قادرة على توجيهنا وإرشادنا نحو ابنها يسوع فهي ليست ببعيدة عنا فلنلتجئ دائما اليها ملتمسين شفاعتها وصلواتها من أجلنا. صلاة: يا يسوع، ثبتني في كرمتك حتى أثمر ثمرأ يليق بمجدك وكرامتك. آمين. اكرام: كرّس نفسك للعذراء مريم ولتكن كل ايامك مريمية نافذة: يا سلطانة السماء والأرض تضرعي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الأربعاء 31 مايو – السير مع مريم في حياتنا اليومية ان أوامر مريم للخدام في غُرس قانا الجليل:”مهما قال لكم فافعاوه”(يو5:2)- هي اخر كلماتها المسجلة في الأنجيل المقدس، وهي كأنها آخر رغبة ومقولة لجميعنا لمن يرغب ان يتبع المسيح. من خلال تلك الكلمات تطلب منا مريم ان نثق في يسوع بالكامل كما سلّمت هي نفسها لخطة الله خطوة بخطوة خلال حياتها كخادمة متواضعة للرب. أولا، كلمات مريم للخدام في حفلة العُرس في قانا هي طاعة نموذجية مقدمة من شعب الله يحيون تحت العهد في العهد القديم، فمثلا موضوع عمل “كل ما يقول لك” يظهر ثلاث مرات عندما اسسوا العهد مع “يهوة” على جبل سيناء، فعندما اعلن موسى أولا للشعب مهامهم وواجباتهم كما اعلنها لهم الرب كشعب مختار كانت مجاوبتهم لها هي:” فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ مَعًا وَقَالُوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ»(خروج8:19)، وعندما أسس الله هذا العهد مع إسرائيل في احتفال شفهي في سيناء اعلن موسى بشكل رسمي كلمات الرب للشعب و جمهور الشعب مرة أخرى أجاب مرتان:” فَجَاءَ مُوسَى وَحَدَّثَ الشَّعْبَ بِجَمِيعِ أَقْوَالِ الرَّبِّ وَجَمِيعِ الأَحْكَامِ، فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ وَقَالُوا: «كُلُّ الأَقْوَالِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ نَفْعَلُ»(خروج3:24) و “وَأَخَذَ كِتَابَ الْعَهْدِ وَقَرَأَ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ، فَقَالُوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ وَنَسْمَعُ لَهُ»(خروج7:24). نفس الكلمات قد تم تكرارها في تاريخ شعب إسرائيل عندما جدد الشعب غهدهم في ارض الموعد:” فَقَالَ الشَّعْبُ لِيَشُوعَ: «الرَّبَّ إِلهَنَا نَعْبُدُ وَلِصَوْتِهِ نَسْمَعُ»(يشوع24:24)، وبعد ذلك عندما بدء في إعادة بناء أورشليم بعد السبي في بابل “فَقَالُوا: «نَرُدُّ وَلاَ نَطْلُبُ مِنْهُمْ. هكَذَا نَفْعَلُ كَمَا تَقُولُ»(نحميا 12:5)، وهكذا ففي اللحظات المحورية في تاريخ إسرائيل- العج في سيناء والدخول الى ارض الميغاد وفي إعادة بناء اورشليم- يُفعل مهما قال الله هو أساس ومرتبط عن فرب بعد الطاعة. هذا يلقي بظل نوره على كلمات مريم قي عُرس قانا، ففي فجر عهد المسيّا وهو نقطة تجول في تاريخ إسرائيل قد بدأ. كما ان المسيّا قريب ان يقوم بأولى عجائبه وبهذا يبدأ رسالته الجهورية العامة نحن هكذا مرة أخرى نواجه بموضوع القول بفعل مهما قال الله. تقول مريم للخدام ” اعملوا كل ما يقوله لكم” وبتلك الكلمات تردد صدى الإعتراف بالإيمان من شعب إسرائيل في جبل سيناء. ان مريم تجسد بطريقة ما شعب إسرائيل في سياق العهد وتقف كممثلة لشعب إسرائيل. صلاة: يا قديسة مريم كانت كلماتك لنا: ” مهما قال لكم فأفعلوه” وكم من الكلمات والأقوال والتعاليم والوصايا التى اعلنها لنا ابنك بحياته فساعدينا يا امنا ان نعمل بها حتى يتمجد ابنك في كل شيئ. آمين. اكرام: ضع نفسك في حماية العذراء ولتكن كل ايامك مريمية نافذة: يا سلطانة السماء والأرض تضرعي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. في الشهر المريمى مايو 2022 الأحد أول مايو- حواء الحقيقية نتعجب كلما قرأنا الكلمات الغير عادية التي استخدمها آباء الكنيسة عندما يتكلمون عن العذراء مريم الأكثر قداسة. من القديس ايريناوس ( 125- 202م) الذي قال:” من عقوبة الموت بسبب عذراء، انقذ الجنس البشري بسبب عذراء”، وأضاف القدّيس إيريناوس:”كما أنّ يد الله خلقت آدم من أرض عذراء، كذلك لمّا جمع كلمة الله الإنسان في شخصه، ولد من مريم العذراء. وهكذا إلى جانب حوّاء، ولكن على خلافها، قامت مريم بدور في عمل الجمع هذا الذي هو عمل خلاص الإنسان، لمّا حبلت بالمسيح. حوّاء أغواها الشرّ وعصت الله. أمّا مريم فاستسلمت لطاعة الله وصارت المحامية عن حوّاء العذراء. إنّ حوّاء، وهي بعد عذراء، كانت سبب الموت لها وللجنس البشري بأسره. أمّا مريم العذراء فبطاعتها صارت لها وللجنس البشري بأسره سبب خلاص. من مريم إلى حوّاء هناك إعادة للمسيرة عينها، إذ ما من سبيل لحلّ ما تمّ عقده إلاّ بالرجوع باتّجاه معاكس لفكّ الحبال التي تمّ حبكها. لذلك يبدأ لوقا نسب المسيح ابتداء من الربّ ويعود إلى آدم (لو 22:3-38)، مظهرًا أنّ الحركة الحقيقية للولادة الجديدة تسير من الأجداد إليه بل منه إلى الأجداد، وفق الولادة الجديدة في إنجيل الحياة. هكذا أبطلت طاعة مريم معصية حوّاء. ما عقدته حوّاء بعدم إيمانها حلّته مريم بإيمانها. لمحو الضلال الذي لحق بالتي كانت مخطوبة -العذراء مريم حوّاء- حمل الملاك البشارة الجديدة الحقّة إلى التي كانت مخطوبة. العذراء مريم حوّاء ضلّت بكلام الملاك واختبأت من وجه الله بعد أن عصت كلمته، أمّا مريم فبعد أن سمعت من الملاك البشري الجديدة، حملت الله في أحشائها لأنّها أطاعت كلمته. إذا كانت الأولى عصت الله، فالثانية رضيت بأن تطيعه. وهكذا صارت العذراء مريم المحامية عن العذراء حوّاء. وكما ربط الموت الجنس البشري بسبب امرأة، كذلك خُلِّص الجنس البشري بواسطة امرأة”. والعلامة ترتليان (160-220) كتب:” الذي أدى الى ضلال بذلك الجنس قد أستعيد للخلاص بذات الجنس”، وأغسطنينوس (354-430م) ” بالمرأة -الموت وبالمرأة – الحياة. بحواء الخراب وبمريم الخلاص”. لقد شُبهت مريـم العذراء من العديد من أبـاء الكنيسة وعلماؤهـا بأنهـا “حواء الجديدة”، أو “حواء الثانيـة”، كما أن الـمسيح هو آدم الثاني:”فكما فى آدم يموت الجميع كذلك فى المسيح سيحيا الجميع”(1كورنثوس22:15). وحواء العهد القديم هى أم كل حي كما دعاها آدم (تكوين20:3)، والعذراء هى أم كل مؤمن بإبنهـا يسوع فلقد ولدت المسيح الإله الـمتجسد فصارت به أمـاً لكل الأعضاء المتحدة بجسده:”نحن الكثيرين جسد واحد فى المسيح”5:12). وايضاً حواء العهد القديم أغلقت باب الفردوس بسقوطها، ومريم أعادت فتح الباب الـمغلق فى شخص إبنهـا يسوع. هكذا رأى آباء الكنيسة في القرنين الأوّل والثاني أنّ لمريم دورًا أساسيًّا في تاريخ الخلاص. وهذا الدور هو دور مزدوج: فقد حبلت بيسوع المسيح بشكل بتولي. إنها امّ المسيح ابن الله. ثمّ إنّها بإيمانها وطاعتها لكلام الله قد أبطلت معصية حوّاء الأمّ الأولى، وهكذا شاركت بملء حرّيتها في الخلاص الذي جاءنا به ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح. يجب ان لا نفكر ان مثل ذلك الايمان لخدام يسوع المسيح قد أرادوا ان يقللوا من شرف سيدهم بربط مريم معه بتلك الطريقة. في الحقيقة نحن لم نفهم اذا الله اذا ما فكرنا ان مجده قد يقل اذا ما شاركه احد مخلوقاته. ان الله ليس مثلنا ان يعطي جزءا، أته يحنفظ بالكل واذا ما بدا ذلك غريبا فاعتبر ان الله هو الوحيد الذي يستطيع ان يعطى بلا خسارة فهو لا يفعل كما نفعل تحت فنحن نقسم اهتماماتنا بين العديد منها لذلك يكون الحِمل على كل حدة أقل ولكن هذا الأمر ليس كذلك مع الهنا الحيّ. اذا ما اشرك مخلوقاته في عمله ليس لكي يقلل الحِمل عن نفسه ولكن لكي يعطيهم الشرف ويبقى كل المجد له تعالى. فاذا علّمنا آباء الكنيسة ان مريم اشتركت بطريقة فريدة مع عمل الله الإبن فهذا لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يقلل مجد المخلّص. لكي نفهم لماذا كان مناسبا للقديسة مريم المباركة ان يكون لها مثل ذلك لدور في خلاصنا يجب ان ننظر الي أصل كل الأشياء. هناك نرى كيف ان الله في عمل الخلقة وخلقة طبيعتنا فلقد سخّر كل الأشياء قبل ان يوجدنا. انه من المؤكد ان الله كان يمكنه ان يخلّص البشرية بدون ان يتجسد كإنسان. انه من مسرّته ان يخلصنا بأن يصبح انسانا حتى ان نفس الطبيعة التي استعبدت للشر تفوز بالنصر على ذلك الشر وتقاوم مصاحبته. حتى عندما ابن الله قد حلّ تلك المعضلة بأن يأتي على الأرض ويظهر في جسد بشري كان يمكنه ان يصنع لنفسه جسد ونفس بشر بدون مساعدة من مخلوقاته وهكذا يتجنب ذلك العار من ان ينتمي الي سلالة ملطخة بجريمة. مهما كان الأمر فعظمته قد أُظهرت بطريقة عجيبة. لقد سرّ ان النعمة والبركات يجب ان تجد أصولها في ذلك الجنس الذي تم لعنه. لقد أراد الله الكلمة ان يكون ابنا لآدم حتى يكون ميلاده المبارك سبب لتقديس الجنس البشري كله والذي أصيب بوصمة الشر. بما ان الرجل والمرأة قد اشتركا في هبوط طبيعتنا فكان عليهم أيضا ان يشتركا في إعادة احياءها. اذا ما كان فساد الخطيئة قد حطّ كلا الجنسان فانه من الضروري ان المخلّص للإنسان يجب ان يشرف كلاهما. لذلك لماذا قال لنا القديس أغسطينوس ان يسوع المسيح رجل قد ولد من امرأة وحيث ان البشرية قد القيت باللعنة الأبدية بواسطة رجل وامرأة فكان من المناسب ان الله قدرّ ان تكون هناك حواء جديدة وكذلك آدم جديد لكي يحلا مكان الخط القديم والذي قد أدين بسلالة جديدة تباركت وتقدست بالنعمة. لذلك يمكننا ان نخلص انه كما ان حواء الأولى كانت أم لكل من قد أدينوا ليموتوا هكذا حواء الجديدة، مريم هي ام كل الأحياء وهم المؤمنين. بمقارنة حواء ومريم، الأولى بدأت في العمل على سقوطنا وأما مريم فالعمل على تجديدنا قد بدأته. ملاك الظلمة تكلم مع حواء بينما ملاك النور تكلم مع مريم. ملاك الظلمة تمنى ان يرفع حواء الي مكانة غاشة بأن يتظاهر بأنها إلهية قائلا لها:” تَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ».“(تكوين5:3)، بينما ملاك النور عرّف مريم مكانتها الحقيقية قائلا لها:” اَلرَّبُّ مَعَكِ”(لوقا28:1). ملاك الظلمة تكلم مع حواء ليدعوها ان تتمرد على الله قائلا لها:” «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟»“(تكوين1:3)، بينما ملاك النور تكلم مع مريم مقنعا إياها ان تطيع قائلا لها:” لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ”….”أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ».“(لوقا30:1 و37). كلمة الموت تم التحدث بها لحواء، بينما كلمة الحياة لمريم المباركة. صدّقت حواء الحيّة ومريم صدقّت ملاك الرب. صلاة: يا أمنا الحبيبة، حواء الجديدة، ام جميع الأحياء، كوني لنا عونا لكي نشابه ابنك يسوع لا في صنع المعجزات بل في طاعة مشيئة الأب السماوي.ِ آمين. اكرام: اقصد على ممارسة الشهر المريمي كله وادع الآخرين للاشتراك معك نافذة: ياسبب خلاصنا صلّي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة صلاة للقديس يوسف في عيد العمال يا الله، يا خالق الكائنات، يا من وضعت للجنس البشريّ سنّة عمل به يحقّق غرض الخليقة، ها نحن نقوم بكل سرور بالقيام على مثال القديس يوسف العامل بالعمل الذي اعددته لنا ، بحقّ القدّيس يوسف هب لنا ان نحصل يوماً على ما وعدت العبد الصّالح الأمين من الثّواب. بربنا يسوع المسيح ابنك الإله الحي، المالك معك ومع الروح القدس إلى دهر الدهور. آمين صلاة إلى القدّيس يوسف[3] أيها القديس يوسف، رجل الصمت، أنت الذي لم تتلفَّظ بكلمة في الإنجيل علّمنا أن نصوم عن الكلمات الباطلة،وأن نكتشف مجدّدًا قيمة الكلمات التي تبني وتُشجِّع وتعزّي وتعضُد. اقترب من الذين يتألَّمون بسبب الكلمات التي تجرح مثل الافتراء وكلام السوء، وساعدنا لكي نجمع على الدوام الكلمات بالأعمال.آمين. الأثنين 2 مايو- استثناء من قانون الموت القانون العام للموت قد تم إعلانه من قِبل الله الخالق عندما اعلن وصيته للإنسان قائلا:”لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ».“(تكوين17:2). الله لم يُرِد ولم يخلق الموت بالطريقة التي نقاسيها اليوم. دخل الموت الى العالم نتيجة الخطيئة الأولى لجدّينا آدم وحواء. لذلك“الموت هو أجرة الخطيئة” (رومية 23:6). ولكن هل لسلطة ذلك الحكم يمكن ان تقل قدرها اذا ما كان هناك استثناء لها قد تم صنعه؟. ان القديس بولس الرسول قد أكد لنا:” نَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِد”..” فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ”..” لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً”(رومية 17:5و18و19). ولكنه أيضا أوضح لنا ان هناك تبرير او خلاص او استغناء: “فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!“..”هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ.“..” هكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا.” هنا لم ينكر بولس الرسول قوة عظمة الخالق لكي يهب ذلك الاستثناء او التبرير. حسب القانون وسلطتة حكم على الجنس البشري جميعا بالموت بما فيهم القديسة مريم ولكن بنعمة عظيمة وقوة فريدة وبإستحقاق موت وقيامة ابنها يسوع المسيح وانتصاره على الموت وقاها من تبعات الخطيئة الأولى فكان تعليم الكنيسة الكاثوليكية التي تحدد ان مريم العذراء وحدها وُجدت منزهـة عن هذه الخطيئة فهى التى دخلت العالم وهى ممتلئة نعمة وذلك منذ لحظة الحبل بها من أبويها. وهذه النعمة الخاصة قد أُعطيت لها بصفة فريدة وإستثنائية نظرا لإستحقاقات ابنها المسيح الفادي فلكي يتجسد ويصير إنسانا كاملا كان لا بد له من طبيعة إنسانية كاملة غير ملوثة بالخطيئة، لذلك وجب أن تكون تلك الأم التى سيأخذ منها طبيعته البشرية طاهرة بريئة من كل دنس الخطيئة ومن هنا نتج ضرورة منح العذراء بالرغم من كونها حُبل بها طبيعيا كأي إنسان بشري، إمتيازا خاصا يحررها من الخطيئة الأصلية التى يتوارثها الجنس البشري وهكذا تكون العذراء قد تمتعت بالنعمة المبررة وهى بعد في أحشاء أمها وهى حالة النعمة التى تمتع بها الإنسان الأول في لحظة خروجه من يد اللـه. ان هذا الإستثناء يجب ان يكون له ثلاث خصائص حتى يكون لقوة القانون الإلهي فعاليته: الذي يحصل عليه يجب ان يكون مستحقا، ان يكون له أصول سابقة حدثت، ويجب ان تعزز المجد السماوي. يجب ان تتواجد تلك الخصائص الثلاث معا حتى يصبح ذلك الإعفاء او الإستثناء مقبولا وذات معنى، فدعونا نحاول تطبيق ذلك في حالة القديسة مريم المباركة. بالنسبة للعامل الأول نجد في تحية الملاك وعندما اُرسل الـملاك جبرائيل الى مريم حياها تحية عجيبة “السلام عليك يا ممتلئة نعمة”(لوقا28:1)، وهي كانت المرة الوحيدة التي جاء ذكر هذا التعبير في الكتاب المقدس –الـمِلء حتى الفيض- للكلمة اليونانية الاصلية (خاريتوميني) فتعبير “الممتلئة نعمة” يدل على شيء قد حدث فعلا. ممتلئة الآن قبل حلول الروح القدس وتجسد الإبن في أحشائها. وكان سلام الملاك وهو يلقبها بأنها “ممتلئة نعمة” كان قبل أن يحل عليها الروح القدس وقبل أن تظللها قوة العلي، أي انها كانت ممتلئة نعمة قبل بشارة الملاك وليس بعد أن قبلت أن تكون “آمـة للرب”. وكلمة “ممتلئة نعمة” كما جاءت في اللغة اليونانيـة، قد استخدمت مرتان فقط في العهد الجديد في انجيل لوقا28:1 فلقد قيلت لـمريم قبل الفداء، وفى رسالة القديس بولس لأهل افسس عن نعمة المسيح بعد الخلاص “الذي لنا فيه الفداء بدمـه مغفرة الزلاّت على حسب غِنى نعـمته”(افسس6:1) والمقصود من عبارة “ممتلئة نعمة” هو أن النعمة تجعل الشخص مرضي تماماً أمام الله وهو أقرب إلى الله من الآخرين، وعلى هذا الأساس نؤكد مكانة السيدة العذراء، فحال الإمتلاء بالنعمة يخالف تماماً حالة الخطيئة .بالنسبة للعامل الثاني اذا ما كانت هناك سابقة فيذكر لنا الكتاب المقدس إختيار بعض الرسل والأنبياء من أحشاء امهم مثال شمشون (قضاة 3:13), أرميا (أر 5:1) ويوحنا المعمدان (لوقا15:1) وبولس الرسول (غلاطية 15:1). إذا كان الله سبق وملئ يوحنا المعمدان وأرميا وهما في الأحشاء من الروح القدس، فكم بالحري بالنسبة لأمه ألا يستطيع أن يعصمها من دنس الخطيئة. إذا كان الملائكة بلا عيب وآدم وحواء قبل السقطة كانا بلا عيب فهل أم الله أقل شأناً من الملائكة أو من آدم وحواء، لذا وجب الأعتراف بأنه تعالى قد عصمها ونزها عن كل خطيئة. العذراء هي حواء الجديدة أم الحياة، فكيف تكون أم الحياة خاضعة للموت الروحي، وكيف يأخذ ابن الله جسداً من جسد خضع ولو فترة من الزمن لسلطان أبليس. اما بالنسبة للعامل الثالث الا وهو مجد الله هو يسوع المسيح الذي أعلنت السماء عنه كقول الملاك لمريم:” وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ»“(لوقا31:1-33) “اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.“(لوقا35:1) ويسوع المسيح “الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا”(يوحنا14:1) و“المسيح هو صورة الآب ورسم جوهره.”الذي هو صورَةُ اللهِ” (2كو4: 4)، “الذي هو صورَةُ اللهِ غَيرِ المَنظورِ، بكرُ كُل خَليقَةٍ” (كو1: 15)، “الذي، وَهو بَهاءُ مَجدِهِ، ورَسمُ جَوْهَرِهِ” (عب1: 3). في صلاة المسيح الأخيرة قال: «أَيُّهَا الآبُ، قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضًا، إِذْ أَعْطَيْتَهُ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ جَسَدٍ لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ أَعْطَيْتَهُ. وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ” (يوحنا1:17-3) وبهذا فمجد الله قد تحقق بإبن القديسة مريم. صلاة: أيها المخلّص الإلهي بسبب انك اتخذت جسدا بشرياً لكي تحطم قانون الخطيئة المميت وتحقق بعظمة موتك على الصليب وقيامتك المجيدة هزيمة ذلك الموت في كل مكان وزمان ووهبتنا حياة جديدة وتطهيراً وأعدتنا لصورتنا الأولى كما أرادها الله للإنسان، فساعدنا يا رب كي نحتفظ بتلك النعمة حتى نستحق المثول امام عرشك الإلهي في السماء. آمين. اكرام: احتفظ بنسخة من الكتاب المقدس في بيتك واقرأه وتأمل بمعانيه نافذة: يا كرسي الحكمة صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الثلاثاء 3 مايو: التفرقة يعلمنا علماء اللاهوت ان الفروقات والتي نراها في الأشياء هي نتيجة لحكمة إلهية، كما ان الحكمة تنشئ ترتيب للأشياء يجب أيضا ان تحضر شيئ من الفروقات بدونها لن يكون هناك ترتيب. يمكننا ان نرى هذا انها هي كانت الطريقة منذ البدء حتى عند عملية الخلق. الخكمة فصلت ما بين النور والظلمة وقسمت المياه من اسفل عن تلك التي هي فوق وبينت الغموض ما بين العناصر. ان ما حدث مرة في الخلقة ان الحكمة فعلت في كل يوم شيئ لخلقة طبيعتنا. الأجزاء المادية للعالم فصلت مرة من تلك التي هي بدون شكل “وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.“(تكوين2:1)، والآن نفس الفصل قد تم ما بين البشر والذي يعتبر كتلة كبيرة من الذنب. ان النعمة حفظتنا بعملية فصل مباركة والتي فرقتنا عن تلك الكتلة الفاسدة بعمل الحكمة لأن الحكمة والتي اختارتنا منذ الأزل والتي اعدت كل الوسائل لنكون مبررين، فهكذا كانت العذراء مريم مختلفة مع ما لديها من عوامل مشتركة مع جميع المؤمنين. لكي نرى ما هو الشيئ الاستثنائي بالنسبة لها يجب ان نعتبر ارتباطها بيسوع. ان ذلك السر يمكن ان يفهم اذا ما نظرنا الي منظر الميلاد والتأمل في كلمات الاحتفال به:”ما اسعدك ايتها الأم التي ليس لكِ مثيل لأن انت كنت اول من استقبل الموعود به من جميع المنتظرين رجاء إسرائيل وانت وحدكِ امتلكت الفرح الدائم لملء المسكونة”. ترى ماذا تعني تلك الكلمات؟ اذا كان يسوع المسيح هو رجاء العالم ومخلصه الوحيد فكم تصبح مريم التي تحمله هو وحده في احشائها. موته هو ذبيحة عامة ودمه هو ثمن كل الخطايا وتعاليمه هي تعليمات لكل الناس من اجل خلاصهم وهذا يوضح مدى فائدة ميلاده وصلاحه للعالم أجمع ولكل الأرض لذا كانت البشرى:”هَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ”(لوقا31:1-33)، “هذا يكون عظيما، وابن العلي يدعى”(لوقا32:1)، وهنـا يؤكد ملاك اللـه ان الأمر هو من الله، ويؤكد لهـا بسبب انهـا قد وجدت نعمة عند الله فلا يوجد اي مكان للخوف أو الإستغراب،ومن ان ما كُتب عنه فى التوراة والأنبياء وما جاء من رموز وشخصيات وأحداث من قبل عن الـمخلّص الآتي “ابن العلي” و “العظيم” و”إبن داود” و “الـملك” و “الملك الذى لا إنقضاء لـملكه”، ها هو سيأتـى الآن عن طريق مريـم. وعند ميلاده.سبحته الملائكة”أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ.“..” «الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ».“(لوقا11:2و14) والأمم عرفته من النجوم “ذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ».“(متى1:2و2). وسط تلك البهجة امتلكت مريم ابنها وحضنته وارضعته وحفظت في قلبها كل احداث حياته الأرضية. هكذا اختلفت القديسة مريم في علاقتها بيسوع عن باقي المؤمنين فالمؤمنين قد اختلفوا عن الآخرين في كونهم ارتبطوا بيسوع كمخلص لهم، وأما مريم فلقد ارتبطت بيسوع كمخلص وكإبن لها. ان الله يطالبنا ان نشابه القديسة مريم في فضائلها فهي انسانة مخلوقة مثلنا ولكنها ارتبطت بيسوع ارتباط وثيق ليس فقط كأما له بل كمؤمنة طائعة ولهذا استحقت ان تطوبها جميع الأجيال. ان يسوع يعلمنا ان نكون مختلفين وبعيدين عن اعمال أبناء العالم لنكون بحق شهود له و فـى صـلاة يسوع الأخـيـرة قـبـل الرحيـل قال هذه العبارة عـن الرسل: ” انـهـم ليـسوا مـن العـالـم كـمـا إنـي أنـا لستُ مـن العـالـم” (يوحنا16:17)، لذا يجب ان نكون على مثاله وعلى مثال امنا مريم. صلاة: يا الله، الحكمة الأزلية، لقد صنعت كل شيئ بعدد ووزن ومقياس ولكنك أحببتنا بلا وزن ولا عدد ولا مقياس، فساعدنا يا الله لنكون جديرين بحبك العجيب. آمين. اكرام: من العديد من تلك الأوقات والأعمال الغير مجدية او المثمرة لحياتك الروحية التي مرت والتي خصصتها لأعمال الجسد ضع جانبا كل اهتماماتك الأرضية وخصص بعض الوقت للصلاة طالبا من الله ان يخلق فيك قلبا جديدا. نافذة: ياسبب سرورنا صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الأربعاء 4 مايو: محفوظ بالحب وحده اذا ما نظرنا الي ان ابن الله قد اخذ كل ضعفاتنا وخلصنا فقط من الخطيئة واذا ما كان تصمبمه ان يصبح انسانا يستلزم ان لا يرفض الجوع والعطش والخوف والحزن او أي من ضعفاتنا مهما كان كم اننا لا نستحق عظمته، اذا يجب علينا ان نؤمن ان كان مدفوع بطاعة الأبناء والتي هي حق وحب مقدس لمن هم يعطونا الحياة، حب تأثرت به طبيعة قلوبنا. الحقيقة واضحة انه هذا الحب الذي حفظ القديسة مريم في حبلها المبارك بلا دنس. لكي نفهم هذه العقيدة يجب علينا ان نلاحظ ان العذراء المباركة كانت مؤهلة جعلها تمتاز عن كل ام أخرى: انها ولدت معطي النعمة. ابنها في هذه الطريقة المختلفة عن أي طفل آخر كان قادرا ان يتصرف بقوة من اول لحظة من حياته. وما هو أكثر غرابة ان العذراء المباركة كانت ام لإبن كان موجود قبلها. من هذه الجودة والقيمة العجيبة تابعها ثلاث تأثيرات جميلة. كإبن لمريم هو واهب النِعمة قد أعطاها لها بكثرة، وكما هو قادر ان يصنع من اول لحظة من حياته لم يتأخر سخاؤه نحوها ولكن أظهرها في الحال. أخيرا في كونها لها ابن كان هو قبلها اتى بتلك المعجزة: حب ابنها قادر ان يحفظها من وقت الحبل بها في احشاء أمها لتكون طاهرة وبريئة. دعونا نتأمل في حب ابن الله للقديسة مريم العذراء. هل تعجبت عن طريقة الله عندما يتكلم في الكتاب المقدس كيف انه يدعي كما كان ان يفعل كإنسان بتقليد افعالنا وعاداتنا وحتى انفعالاتنا؟ أحيانا يقول على فم انبيائه ان له قلب مملوء رحمة واحيانا يشتعل بالغضب وانه يندم عن الشر او انه يُسر ويحزن وغيرها فأي نوع من سر ذلك الوصف فهل الله يفعل أفعال البشر ويعاني وينفعل مثلهم؟ ان الكلمات كما جاءت تتكلم الينا بطريقة عن الله المتجسد كإنسان ولكن ماذا عن الله ما قبل التجسد فالعهد القديم يظهر الله بكل تلك الصور والتعبيرات والمشاعر البشرية؟ إن كان الله سيقوم بعمل يتحتم معه أن يعيش بين الناس ويكون له صلة مباشرة بهم ويتعامل معهم وجهًا لوجه، فهذا يتطلب أن يظهر في صورة إنسانية من اللحم والدم، تتناسب مع طبيعة الإنسان، حتى لا يشعر الإنسان بخوف أو باستغراب في التعامل معه وحتى يتقبل رسالته. وكثيرًا ما تعامل الله بشبه الصورة مع رجال العهد القديم. ليس التجسد كما حدث ظهوراً كالظهورات التى تمت قبل التجسد ، وإنما التجسد اتحاد بين الطبيعتين فى طبيعة واحدة .. فقد ظهر الله لإبراهيم فى صورة رجل يأكل ويشرب ويتكلم ويتحاور ( تك 18 : 1 – 33 ) ، ولم يكن هذا تجسداً بل ظهوراً فى هيئة جسدانية وصورة جسمانية موقوتة بانتهاء غرضها .. وكذلك ظهوره لموسى فى العليقة . أما تجسده بكمال هذه الصورة فقد أعلنه لهم فتنبأوا عنه، وكان لا بُدّ أن يتم هذا التجسد في الوقت المناسب. كذلك بما إن الإنسان هو أسمى مخلوقات الله إذ صنعه على صورته ومثاله وجعل فيه نسمةً من فيه (تكوين 2)، فلم يكن أنسب من هذه الصورة لكي يظهر بها الله ويتعامل بها مع الإنسان. لذلك جاءت كلمات العهد القديم عن طريق الآباء والأنبياء لتقريب صورة الله الغير مرئي للإنسان. كذلك كان تجسد الله عندما جاء ملء الزمان هو من أجل القيام برسالة عامة لكل العالم، وهي رسالة الخلاص والفداء، التي تحتم على من يقوم بها أن يجمع في شخصه بين الإنسان والله. وحيث أنه لا يقدر إنسان أن يصير إلهًا، ولكن الله قادر على كل شيء فهو قادر أن يتحد بالإنسان من أجل صالح الإنسان، ولذلك تمم تجسده بإنسانية كاملة لكي يتمم خلاص الإنسان. ان الله خلق الانسان ليحبه ويعبده فيحظى بالسعادة الأبدية في السماء. انه من المهم ان نتفهم هذه الحقيقة اننا لم نحب الله أولا بل هو الذي احبنا فهلقنا وليس فقط قبل ان نحبه ولكن بينما نحن كنا أعداء له:”اللهَ مَحَبَّةٌ. بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ. فِي هذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا”(1يوحنا8:4-10). ان محبة الله لنا واضحة “وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا.“(رومية8:5)، وأيضا “أَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ”(رومية10:5). ان الله يتخذ دائما الخطوة الأولى لكي نبدأ نحن في الإقتراب اليه لذا قال المرنّم “نَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِحَمْدٍ، وَبِتَرْنِيمَاتٍ نَهْتِفُ لَهُ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهٌ عَظِيمٌ”(مزمور2:95). فكيف نشكر الله امام كل ما صنعه من أجلنا ان لم نتضع أمامه كما فعلت امنا مريم العذراء:” «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ.“(لوقا38:1). فلنسجد امام الله القدير الآن قبل ان نقف أمامه للدينونة ولنتقدم لسر المصالحة معترفين بخطايانا وشاكرين لمحبته العجيبة. صلاة: يا قديسة مريم انتِ حامية ومحامية قوية فساعديني ان احيا حياة القداسة والتي وهبني إياها الله حتى امجده وأخدمه بكل آمانة وساعديني ان أصل للمجد المعّد لي بنعمة الله. آمين. اكرام: ردد باحترام “السلام الملائكي” وتعود على تلاوته يوميا” في فترة تحددها بنفسك وتلتزمبها نافذة: السلام لك يا ممتلئة نعمة يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الخميس 5 مايو – لقد اختار الله مريم لنفسه ليس هناك اكثر مما جاء في الكتاب المقدس عن تعاملات الله مع الخطاة التائبين، انه لم يكتفي فقط بمسح وصمة خطاياهم وما أجمل قول الرب في ذلك: أنساها “لا أذكر خطيئتهم بعد” (ارميا34:31)، بل انه قد استقبل هؤلاء بكثير من الحب والفرح كما جاء:” إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ.“..” هكَذَا، أَقُولُ لَكُمْ: يَكُونُ فَرَحٌ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ.“(لوقا7:15 و10)، وفي مثل الابن الضال الذي قاله السيد المسيح نجد ان الله في صورة الأب كان أكثر حنانا وعطفا على الإبن العائد اكثر من الأخ الأكبر والذي كان دائما معه أمينا. اذا ما كان هذا هو الأمر فيمكن ان يقال ان الخطاة النادمين والتائبين أكثر استحقاقا من هؤلاء الذين لم يخطئوا، بالطبع لا كقول بولس الرسول:” مَاذَا نَقُولُ؟ أَنَبْقَى فِي الْخَطِيَّةِ لِكَيْ تَكْثُرَ النِّعْمَةُ؟ حَاشَا! نَحْنُ الَّذِينَ مُتْنَا عَنِ الْخَطِيَّةِ، كَيْفَ نَعِيشُ بَعْدُ فِيهَا؟”(رومية1:6-2). ان يسوع المسيح ابن الله الوحيد هو قدوس في ذاته ويحب ان يرى كل الذين يلتجئون اليه سواء كانوا خطاة ام أبرار فهو قد جاء لكي يخلّص الجميع، ولكن الرب يدعو الجميع بلا استثناء مع انه هو القائل:” لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ”(متى12:9-13)، وأيضا جاء “لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ، بَلْ لِيُخَلِّصَ»“(لوقا56:9). ليس في هذا الأمر يعني ان الله يفضل الخطاة بل كمخلص يريد ان الجميع يخلصون:” الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ.“(1تيموثاوس4:2).اذا كان القول ان ابن الانسان يحب الأبرار بدرجة قوية فهل سيجد منهم الكثير على الأرض؟ ترى هل سيكون في قمة السعادة ان يرى شخص ما مشابه له على الأقل او يقترب بصورة قريبة من طهارته؟ يجب على يسوع الطاهر والبار الأوحد ان يتواجد وسط الخطاة بدون ان يكون له بعض التعزية في لقاء نفس لم تتلوث؟. وترى من تكون تلك النفس اذا لم تكن هي أمه القديسة مريم؟. نعم فلندع هذا المخلص الرحيم والذى اخذ ذنوبنا وخطايانا وحملها في جسده ان يقضي حياته يلهث وراء الخطأة ولندعه يذهب باحثا عنهم في كل مكان وزازية وقرية في فلسطين ولكن دعه يجد في بيته وتحت سقف بيته التي سوف ترضي قلبه من نفس مؤمنة متضعة مقدسة و”وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ” الا وهي مريم امه. انها حقيقة ان الرب المخلص لم يطرد الخطأة وبعيدا عن ابعادهم عن وجوده لكنه قد وضعهم في مكانة قريبة منه. لقد وضع مهمة رعاية خرافه في يد بطرس والذي أنكره، ووضع في قائمة كتبة الأناجيل متى هذا الذي كان جابيا للضرائب، وجعل بولس ان يكون ابرز المبشرين ورسولا للأمم والذي كان من قبل يضطهده. هؤلاء لم يكونوا رجال ابرار بل خطأة تائبون وهو الذي رفعهم الي مرتبة عالية. بالطبع عندما اختار أمه لم يتخذها من نفس مجموعة البشر الساقطين فيجب ان يكون هناك فرق عظيم ما بين تلك الأم والآخرين. ترى ما هي تلك الفروقات؟ لقد اختار بطرس ومتى وبولس لأجلنا ولكن اختار مريم لنفسه. أما من أجلنا فلقد جاء:” أَبُولُسُ، أَمْ أَبُلُّوسُ، أَمْ صَفَا، أَمِ الْعَالَمُ، أَمِ الْحَيَاةُ، أَمِ الْمَوْتُ، أَمِ الأَشْيَاءُ الْحَاضِرَةُ، أَمِ الْمُسْتَقْبِلَةُ. كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ.“(1كورنثوس22:3)، واما لنفسه فلقد جاء:” حَبِيبِي لِي وَأَنَا لَهُ”(نشيد الأناشيد 16:2). ان الذي دعاهم من أجل الآخرين قد طهرهم:” الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ. لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. وَالَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهؤُلاَءِ دَعَاهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهؤُلاَءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا”(رومية28:8-30) ان خطة الله هي ان يعطي الرجاء لتلك النفوس التي سقطت في المعصية وبهذا فعندما يكرزون ستكون كرازتهم مؤثرة وفعالة عن رحمة الله فهم سيكونوا شهادة حيّة لمحبة الله. فمن يمكنه ان يقول بتأثير قوي أكثر من القديس بولس الذي يعلن بكل جرأة:” أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلًا مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَمُفْتَرِيًا. وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْل فِي عَدَمِ إِيمَانٍ”(1تيموثاوس 13:1) فتكون كلماته صادقة وأمينة لأنه اختبررحمة الله:” صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا. لكِنَّنِي لِهذَا رُحِمْتُ: لِيُظْهِرَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ فيَّ أَنَا أَوَّلًا كُلَّ أَنَاةٍ، مِثَالًا لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ”(1تيموثاوس15:1-16) اذا ما تعامل يتلك الطريقة لمن هم دعاهم لإنقاذنا نحن الخطاة يجب ان لا نفكر انه فعل نفس الشيئ مع مخلوقته الحبيبة والغير اعتيادية والمخلوقة الوحيدة التي وجد فيها العظائم باتضاعها ليختارها لتكون أما له. إن هذا الإختيار هو شخصي من الله، وبحسب قصد الله:”كـما إختارنا فيه قبل تأسيس العالـم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه فى المحبة”(أفسس 4:1)، “ولكي يبين غِنى مجده على آنية رحمة قد سبق فأعدّها للمجد” (رومية 23:9). لقد إختار الله من كل البشريـة عائلة سام،ومن كل عائلة سام إختار الله ليكون من بذرة إبراهيم (تكوين1:12-3)، ومن كل عائلة ابراهيم اختار يعقوب اسرائيل (تكوين 3:26و4)، ومن كل عائلة اسرائيل اختار سبط يهوذا (تكوين9:49و10 و عبرانيين 14:7)،ومن كل عائلة يهوذا يختار داود(1أخبار الأيام 12:17-14)،ومن جميع عائلة داود تتركز نبوات الـمسيا على اثنين هما سليمان الحكيم ومنه جاء يوسف خطيب مريم العذراء وهو الأب الإسمي ليسوع الـمسيح(متى6:1و16) وناثان ومنه جاءت العذراء مريم الأم الحقيقية ليسوع (لوقا31:3). عندما وقف الـملاك ليحي القديسة مريم قائلا لها:”السلام عليك يا ممتلئة نعمة”(لوقا 28:1)،والـملاك يحييها هذه التحية قبل قبل أن يتجسد الكلمة فى أحشائها الطاهرة، فمتى بدأت تحظى بهذا الإمتلاء؟ أن مريم مختارة منذ الأزل لتكون أماً لإبن العلي ولذا منذ أول لحظة من وجودها ملأها الثالوث الأقدس بالنعمة الـمقدسة وكما قال لها الـملاك إنكِ قد نلتِ نِعـمة عند الله”(لوقا30:1). لهذا اعلن المجمع الفاتيكاني الثاني فى دستوره العقائدي[1][1]:” إنَّ العذراء الطوباوية التي أُعِدَّتْ منذُ الأزل، في تصميم تجسُّد الكلمة كي تكون أمَّ الله، غَدَتْ على الأرض، بتدبيرِ العناية الإلهية، أُمّاً حبيبةً للمخلِّص الإلهي”. صلاة: يا قديسة مريم انتِ قائدتي ومعونتي وسلاحي فيما يطلبه الله مني فساعدني وحامي عني كجندي في صفوف جيشك العظيم لقهر الشر والفوز بالسماء. آمين. اكرام: فكر ملياً في ضميرك عند قيامك بأي عمل: هل ترضى به أمنا العذراء ؟ نافذة: اجعليني أهلاً لان اقتدي بك يا سيدتي. يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الجمعة6 مايو: متحدين في الروح ان نِعم القديسة مريم تفيض من اتحادها الوثيق مع ابنها يسوع المسيح ونحن اذا فهمنا تأثيرات ذلك الاتحاد يجب علينا ان نسجل الحقيقة الهامة كما هي مدونة في قلب الانجيل المقدس: اصل ونبع كل نعمة قد تزينت في الطبيعة البشرية هو اتحادنا مع يسوع المسيح. هذا التحالف او الاتحاد قد فتح التبادل المقدس ما بين السماء والأرض والذى أثرى البشرية بما لا يقاس، وهذا ما وصفه القديس اغسطينوس عن سر التجسد من انه نوع من أنواع التبادل التجاري. ولكن ليس هو بالتبادل الرائع والذي فيه يسوع التاجر السخي اتى الى العالم كتاجر من بلد اجنبي بعيد يبحث عن ثمار فاسدة منتجة من تربتنا الغير شاكرة مثل الضعف والمعاناة والموت وفي المقابل احضر لنا بضائع جيدة مصنوعة في الوطن السماوي مثل البرارة والسلام والحياة الأبدية. انه بذاك الاتحاد الذي فيه قد اصبحنا أثرياء: انه هذا التبادل الرائع الذي يعطينا مثل تلك الوفرة من الأشياء الصالحة. ذلك ما جعل القديس بولس يؤكد لنا اننا لم نعد فقراء وان يسوع المسيح اصبح منا وفينا”اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟”(رومية32:8). والآن قد فتح قلبه لأجلنا في سخاء لا حدود له فهل لا يفيض عطايا أخرى لنا من خلال نفس الباب؟ اذا كان اتحادنا مع يسوع المسيح قد أثرى طبيعتنا بتلك الثروة العظيمة اذا يجب ان يصمت عقلنا ولا يحاول حتى ان يفسر الامتياز الخاص الممنوح للعذراء مريم المباركة لانها ميزة غير مفهومة من انه قد اعطي لنا يسوع كمخلص لنا فما الذى نفكر فيه بالنسبة لمريم والتي أعطاها الأب السماوي ابنه الوحيد وليس بطريقة عادية فاعطاها الابن الذي ليس له اب ارضي والذي اخذ من أمه القديسة جسده ودمه فكان هذا الاتحاد العجيب الذي ليس له مثيل. يجب علينا الا نفكر ان ذلك الاتجاد قد وحّد مريم بالمخلص عن طريق الاتحاد الجسدي وحده ولكن علينا ان ننظر الى ايمانها وتواضعها وطهارتها وانها ليست كأي أم ولدت ابنا فهي مختلفة في هذا فهي حبلت به بالروح القدس. لقد حبلت بالطفل السماوي بالايمان وبالطاعة وبالتواضع ولهذا قد حيتها القديسة اليصابات وهي ممتلئة بالروح القدس صارخة :” مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ”(لوقا42:1045). لذا جاءت اقوال آباء الكنيسة: انه في الحقيقة انك أم ولكن ايمانك هو الذي فعل هذا فيكِ”. ان الرب يسوع لم يوّحد نفسه بنا بجسده فقط بدون ان يوحد نفسه أكثر بالروح. ان المائدة المقدسة وسر الشكر هي شهادة لتلك الحقيقة فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ،لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌ. مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ.“(يوحنا53:6-55). لهذا ففي كل مرة نتقدم لسر التناول المقدس فنحن نتحد بالمسيح ليس جسديا فقط بل أيضا روحيا وبذلك الاتحاد نثبت فيه ونحيا به. اذا بالتناول المقدس نتحد في الرب يسوع، فكيف يمكننا ان نفسر ونفهم هذا الاتحاد بالمسيح يسوع الذي تم مع القديسة مريم؟ صلاة: يا قديسة مريم نحن نتفهم الآن بعض من تلك العظائم التي صنعها الله بكِ لهذا كان هتافك “تعظم نفسي الرب” وان مثال اتحادك بجسد يسوع وانت تحملينه في احشاؤك المباركة لا يمكن تخيله هذا بالإضافة الي اتحادك معه بالايمان والاتضاع والمعاناة وحمل سيف الوجع ومهما حاولنا ان نعدد كل العطايا والنِعم التي نلتيها باتحادك بالجسد والنفس مع ابنك لا نملك الا ان نطلب منكِ ان تجعليني بشفاعتك الدائمة من اجلي ان أكون إناءً صالحاً يقدم للرب المجد والإكرام والسجود دائما والي الأبد. آمين. اكرام :اقرأ وتأمل من وقت الى آخر في الكتب التقوية التي تتحدث عن امجاد مريم نافذة: يا أم المسيحيين صلّي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة السبت 7 مايو – تواضع الله انه من المدهش ولكن حقيقة غير مشكوك فيها وسط كل الوسائل الغير متناهية التي استخدمها الله ليثبت عظمته ومجده والأكثر فاعلية كان يرتبط بالضرورة يالتواضع. يمكنه ان يقلب الطبيعة كلها ويمكنه ان يظهر قوته من خلال آلاف المعجزات ولكن بسر عجيب لا يستطيع ان يجعل مجده اعظم مما كان عندما يتواضع ويخلي ذاته. يمكننا ان نرى في سر البشارة فالله صنع هذه المعجزة المجيدة والعظيمة عندما يسوع المسيخ كما قال القديس بولس:” الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ”(فيليبي6:2-7). ان الله أراد ان يفعل شيئا جديدا هنا، ترى ما هو؟ لقد رغب ان يرفع مجده الي مدى نتفهمه ويكشف ذاته لنا بصورة فريدة ولكي يفعل هذا تواضع آخذا صورة ضعفنا:” وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ،”(يوحنا14:1). نحن لا نتأمل في هذا الموضوع لكي نرضي تطلعاتنا التى بلا جدوى ولكننا نفعل هذا لكي يمكننا ان نأتي لنحب ذاك التواضع المقدس للفضيلة المسيحية الأساسية ولنتعلم محبة الله بها. ابن الإنسان اصبح انسانا لكي يرى آباه السماوي تواضعه وطاعته لله، فلقد جاء ان يسوع نفسه قد ” أخلى نفسه آخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب ” (فى 2: 7، 8). فلنقترب أكثر لكي نعرف كيف ان الله أحب التواضع. لقد بدأ يسوع المسيح حياته الأرضية بفعل طاعة إلهي كذبيحة خاصة سيقدمها الي ابيه الأزلي، ويمكننا ان نرى ذلك أول مرة في قبوله ان يكون في رحم بتول من الناصرة وهذا هو الهيكل الذي سيقدم ذبيحته عليه كنقدمة طاعة للأب السماوي. وكيف يمكن ان يحدث هذا أيها المخلص الإلهي، اليس باختيارك لعذراء لتكون الهيكل المقدس والذي فيه ستقدم لأبيك السمائي تواضعك العجيب؟. انه بسبب ذلك الهيكل السماوي الذي وجدته في ملء الزمان” لكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ”(غلاطية4:4). الكلمة صار جسدا في رحم طاهر مقدس ومملوء نعمة قد تكرّس بالتواضع والاستسلام لمشيئة الله:” «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»“(لوقا38:1). انه لم يكن هناك مكان في العالم يمكن ان يتخذه الإبن كمذبح يقدم لأبيه السماوي طاعته الا في تلك التي كرست ذاتها بكليتها بطاعتها. ان التواضع هو ضرورة لخدمـة اللـه “قد أُخبرك أيها الإنسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب إلا أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعاً مع إلهك” (ميخا 8:6). لهذا قال بولس الرسول:”فأنه إن ظنّ أحد أنـه شيئ وهو ليس بشيئ فقد غرّ نفسه”(غلاطية3:6)، وايضا قال:”من الذى يـميزك يا هذا وأي شيئ لك لم تنلـه. فإن كنت قد نلتـه فلـماذا تفتخر كأنك لـم تنلـه”(1كورنثوس7:4). الملاك جبرائيل يعلن ويبشر مريم العذراء قائلا:” هَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».“(لوقا31:1-33)، من يمكنه ان يفكر ان فتاة سوف لا ترتبك من مثل تلك الأخبار؟ هل تستطيع ان تستقبل أي رجاء مجيد او وعد أكثر عظمة من صاحب نفوذ، فها هو ملاك قال لها مثل ذلك الكلام وهو مُرسل من قِبل الله؟. مهما كان الأمر مريم “ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ” كما جاء، وتساءلت:” كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟»“(لوقا34:1)، فكانت إجابة الملاك:” فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ الله”(لوقا35:1) لقد فهمت معنى ما يطلبه الله فكان الاستسلام. ان مريم العذراء “قالت هـا أنذا آمة الرب” ..فلم تفكر كيف ستنفذ أمر الرب..أو كيف سيستخدمها الرب..فقدمت ذاتها بكليتها طائعة. بعد أن أخبر الملاك مريم بالسر الإلهي والحبل بـمخلّص العالم..يقول لنا الكتاب انها أسرعت الى بيت أليصابات وهناك سمعت مديحاً وتطويباً على لسان أليصابات بعد ان إمتلأت من الروح القدس:” «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ». (لوقا 42:1-45). كان يـمـكنها أن تتفاخر. ملاك يُبشر ولسان يهتف وجنين يركض بإبتهاج! كان يـمـكنها أن تعلن هذه البشرى للعالم أجمع والذى كان فى شوق وإنتظار للـمـسيا. وكان يمكنها أن تصيح (تعالوا وانظروا..هاتو تقدماتكم وبخوركم فأنا أم الـمسيا…!!). ولكنها أعلنت إتضاعها العجيب “فـمن رفع نفسه اتضع ومن وضع نفسه ارتفع”(متى12:23)، وكما يوصينا معلّمنا بولس الرسول قائلاً:”فالبسوا كمختاري اللـه القديسين الـمحبوبيـن أحشاء الرحـمة واللطف والتواضع والوداعـة والآنـاة”(كولوسي12:3). ومريم العذراء وسط النعم هتفت بالشكر “تعظم نفسي الرب” معلنة ان كل النعم هى من الرب “لأنه صنع بى عظائم” وتعلن “هوذا أنا آمة للرب”، ورغم سماعها مديح اليصابات “كيف تأتي أم ربي الي” لكنها صرخت «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ،(لوقا 46:1-49). إن الكبرياء والغنى البشري هى أمور تحجب عظمة الله وتتعارض مع حبه. إن الله إختار أماً لإبنه من بين تلك الفئة التى يدعوها الكتاب فقراء يهوة أي اولئك الذين ترقبوا الخلاص. وكلنا يعلم أن سقطة الإنسان الأولى كان سببها الكبرياء (سقطة الشيطان -أش 13:14-14، سقطة آدم -تك5:3)، ونقرأ فى سفر الرؤيـا مـا جـاء لـملاك كنيسة اللاذقية: ” وبـما انك تقول أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة بـي الى شيئ ولست تعلم انك شقي وبائس ومسكين وأعمى وعريان” (رؤيا17:3). صلاة: يا أم الرحمة ساعديني ان اتضع أمام الله حتى ان الله مخلصي بصلاتك يملأ قلبي بنعمة التواضع فيخدمه بكل أمانة ولا أضع حدودا او لا اتردد بل خدمة وحب من كل القلب والفكر والإرادة. آمين. اكرام: لنعطياطفالنا امثلة لأهمية التواضع في حياتنا المسيحية أولا بمثالنا نحن. نافذة: يايسوع ومريم ومار يوسف اهب لكم قلبي ونفسي وحياتي يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة- الأحد 8 مايو: الانجيل يحتضن الناموس بالرغم من ان الانجيل والناموس بعيدين لدرجة ان تكون معرضة او عكس بعض تقريبا ولكن في الخقيقة لا شيئ اكثر اتحادا مثلهما فيسوع المسيح جاء للعالم ليتمم الناموس والأنبياء بصدق حياته كما جاء في الانجيل المقدس حسب قوله:” «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ لأَنْبِيَاءَ مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ.(متى17:5). في الشريعة والناموس لا توجد أي كلمةاو مقطع لم تجد انه له معنى حقيقي في يسوع المسيح وحده ولم يأخذ يسوع أي خطوة منفردة اكثر من تلك التي تحققت بالتمام ونقطة بنقطة أكثر مما قد كُتب عنه في الناموس. وقد حوى العهد القديم، الذي كُتب على مدى خمسة عشر قرناً، مئات عديدة من النبوات عن المسيا المخلص الآتي. وقد تحققت هذه النبوات كلها في يسوع، وهذا دليل على صدق رسالته. ونحن نجد في العهد القديم نحو 300 نبّوة عن المسيح، تحقّقت كلها فيه. وقد يوجّه أحدهم إلينا اعتراضاً بأن هذه النبوات كُتبت في زمن المسيح أو بعده بقليل، وهكذا تبدو لنا اليوم أنها حقيقة! ولكن هذا القول مردود بأن آخر أسفار العهد القديم كُتب قبل المسيح ب 450 سنة، كما أن ترجمة العهد القديم لليونانية (المعروفة بالسبعينية) أُكملت في عهد بطليموس فيلادلفوس (285 – 246 ق. م). وإن كانت الترجمة قد تمَّت عام 250 ق.م، فلا بد أن الأصل كان موجوداً من قبل ذلك! ويكفي هذا دليلاً على أن النبوات عن المسيح كتتبت قبل مولده بمئتين وخمسين سنة على الأقل، وقد تحققت جميعها فيه. فإذا اخذنا مثالا في هذا القسم من ان الانجيل يحتضن الناموس هو زيارة مريم العذراء لنسيبتها القديسة اليصابات والتي كانت زيارة فيها فرق في العمر ما بين فتاة الناصرة ونسيبتها. لقد وصف الانجيل القديسة اليصابات بانها “امرأة متقدمة في أيامها”(لوقا18:1) حسب قول زكريا الكاهن زوجها للملاك وأيضا ما قاله ملاك الرب:” بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا”(لوقا36:1)، وأما مريم فكانت فتاة صغيرة في زهرة شبابها. في عمر اليصابات نرى بدء ضعف الناموس كما لو انه يحتضر وفي شباب العذراء المباركة بداية جديدة مباركة للكنيسة في عهدها الجديد. شباب الكنيسة في مثل ذاك الوقت لا يستطيع ان يغيرها ولا يملك أي حقوق عليها،فالأشياء الأبدية لا تتقدم في العمر بينما على العكس تماما الأشياء الضائعة تميل حتما نحو نهايتها وتبعا لذلك فهي دائما تتقدم في العمر ولذلك قال بولس الرسول عن الناموس:” فَإِذْ قَالَ «جَدِيدًا» عَتَّقَ الأَوَّلَ. وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الاضْمِحْلاَلِ.“(عبرانيين 13:8). هكذا يكون المجمع في العهد القديم دائما يشيخ ويوما ما سينتهي. ان الكنيسة المسيحية لا يمكن ان تشيخ او تتقدم في العمر لأنها جسد المسيح السريّ الذي يظل الى الأبد. ان نهاية العالم لن يكون محددا لفترة وجودها فهي ستزول من التواجد على الأرض ولكنها ستبدأ الحكم في السماء فهي لن تنقرض ولكن تنتقل الى مكان المجد حيث تظل في ريعان شبابها كما جاء عنها:”الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا.«هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ. وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ».“(رؤيا 2:21-4). يجب ان نبتهج لأنه اذا ما تقدمنا في العمر في هذا العالم طبقا لطبيعتنا البشرية ولكن الكنيسة والتي نن أعضاء فيها فلها طبيعة روحانية لن تتقدم في العمر، من أجل هذا كان هناك سبب جيد ان اليصابات كانت تمثل “المجمع” التي ستسقط قريبا بينما مريم وعي في ريعان شبابها تمثل كنيسة يسوع المسيح دائما شابة وقوية للأبد لذلك فالمسيحية هي روح التجديد والنضارة والحيوية فكما قال بولس الرسول:” إِذًا نَقُّوا مِنْكُمُ الْخَمِيرَةَ الْعَتِيقَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا عَجِينًا جَدِيدًا كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ”(1كورنثوس7:5)، فيجب اذن ان لا نسمح لحماسنا وغيرتنا ان لا تنمو وتزداد فقط بل ان لا نتخاذل وتضعف ويشوبها الفتور. اذا ما اردنا حياة مسيحية متجددة علينا ان نأخذ من شريعة العهد الجديد والتي هي في ملخصها “المحبة” وحياة روحية في المسيح يسوع لنعمل كل شيئ لمجده تعالى. ان السيد المسيح قد شبه ناموس الانسان العتيق بالخمر العتيقة وناصحا ايانا:” لَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق عَتِيقَةٍ لِئَلاَّ تَشُقَّ الْخَمْرُ الْجَدِيدَةُ الزِّقَاقَ، فَهِيَ تُهْرَقُ وَالزِّقَاقُ تَتْلَفُ. بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق جَدِيدَةٍ، فَتُحْفَظُ جَمِيعًا”(لوقا37:5). لذلك يقول لنا القديس بولس:” أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ”(افسس22:4-24). ان القديسة مريم تمثل الكنيسة بالنسبة لنا ليس فقط في عمرها ولكن أيضا ببتوليتها الدائمة لذا جاء ان الزواج هو سر مقدس ويجب ان “لِيَكُنِ الزِّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ”(عبرانيين4:13)، فإذا ما قارناها بالعذرية المقدسة يجب ان نعترف ان الزواج هو من الله والبتولية هي نعمة واذا ما اخذنا في الاعتبار ما قاله بولس الرسول عن الزواج والبتولية سنجد لوحة تبين “المجمع” والكنيسة، فالأول بما فيه “فَيَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ “(1كورنثوس33:7) والتي فيها بدء نهايتة لأنها جاءت ببركات ووعود أرضية ” فَلْيُعْطِكَ اللهُ مِنْ نَدَى السَّمَاءِ وَمِنْ دَسَمِ الأَرْضِ. وَكَثْرَةَ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ.“(تكوين28:27). عن البتولية فهي “تَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ لِتَكُونَ مُقَدَّسَةً جَسَدًا وَرُوحًا”(1كورنثوس34:7)، وهذا هو غرض الكنيسة المقدسة والتي تتطلع الي ما هو فوق:”نَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ.“(2كورنثوس18:4). نحن نرى اذا صورة مسبقة عن الكنيسة في القديسة مريم وصورة للمجمع اليهودي في اليصابات، فالعذراء الطاهرة ارتبطت بزواج مقدس محتفظة ببتوليتها ممثلة للكنيسة في اهتماماتها وطهارتها ورسالتها ولذلك فالقديس أغسطينوس يعلّم بانها عاشت في علاقتها بالقديس يوسف خطيبها في تبتل، فنقرأ ان الله أرسل ملاكه جبرائيل الى عذراء من الناصرة مخطوبة لرجل وعلى الرغم من أن العذراء كانت مخطوبة الى أنها تسآلت “كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً” لأن مريم كانت قد نذرت نفسها بتولا وكرست ذاتها بكليتها للرب. ان بتوليتها وقداستها نتيجة إمتلائها بالنعمة “يا ممتلئة نعمة” ولهذا فتلقب مريم “بالعذراء القديسة” او بـ “العذراء كل حين” ، أو بـ “العذراء مريم”. ان علاقة السيد المسيح بعروسه الكنيسة كما جاءت:”كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ.“(افسس25:5-27)، وفي القديم قال الله عن النفس البشرية:” وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي إِلَى الأَبَدِ. وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ وَالإِحْسَانِ وَالْمَرَاحِمِ. أَخْطُبُكِ لِنَفْسِي بِالأَمَانَةِ فَتَعْرِفِينَ الرَّبَّ”(هوشع19:2-20). هنا يمكننا ان نرى عفم المجمع والذي بقوته الذاتية غير قادر ان يعطى أولاد للسماء بينما الخصوبة الإلهية للكنيسة وكما هو مكتوب:” «افْرَحِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ.“(غلاطية27:4). مهما كان الأمر فالمرأة العاقر ولدت واليصابات انجبت ابنا كذلك العذراء المباركة مريم ولدت، فكذلك “المجمع” قد ولد ولكن كان صورة لنبؤة فاليصابات ولدت سابق ليسوع الذي يمهد له الطريق كصوت صارخ في البرية واما مريم فولدت الحق ذاته. دعونا نعجب باستحقاق العذراء والكنيسة في تشابههما العجيب. صلاة: يا الله أعطني ان أشابه القديسة مريم العذراء في طهارتها والتي تمثل في الحقيقة طهارة كنيستك. آمين. اكرام: علم اولادك منذ الصغر قانون الايمان ومبادئ الديانة المسيحية نافذة :يا أم المشورة الصالحة صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الأثنين 9 مايو: الإمتنان والشكر على النعمة ان يسوع المسيح قد أرسل الى العالم ليكون هو “نور العالم” ولقد ابتدأ تعليمه من أول لحظة لقدومه وتجسده، فبينما كان في رحم العذراء مريم بدون أي كلمة ويبدو حتى بدون أي حركة قد تكلّم” فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي.” (لوقا44:1). يسوع هو كلمة الله الأب:”فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ”…” وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا.“(يوحنا1:1 و14)، ولذلك فليس كل ما يعمله وكل ما يعانيه او يتكلم به وبطريقة يمكن فهم اسراره الإلهية الا لمن هم يتبعوه لهذا جاء:” كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.“يوحنا 12:1). لقد فهم القديس يوحنا المعمدان هذا وارتكض بإبتهاج فيسوع قد حرّك قلب هذا الطفل وهو مازال في رحم اليصابات، فلننتبه جيدا لهذا التعليم الذي كان بلا كلمات وكيف انه لم يخترق اسماعنا بل تكلم بقوة في قلوبنا وارواحنا. لقد رأينا اليصابات في صورة الناموس والعذراء مريم في الكنيسة والآن نراهما يتقابلان عند زيارة مريم لنسيبتها اليصابات. كانتا أقرباء زالذي يظهر لنا كيف ان الناموس القديم والناموس الجديد مرتبطتان معا فهما يختصان من نفس العائلة السماوية. زمع ذلك فلا يكفي ان يتم الارتباط بينهما فيجب ان يلتحما. عندما حقق يسوع النبؤات فيه وعندما صعد الى اعلى السموات الم يلتحفا ناموس العهد القديم مع العهد الجيد؟ نجن نرى ذلك بوضوح في شخص القديس يوحنا المعمدان فكما قال القديس أغسطينوس ان القديس يوحنا مثل الفجر ليوم جديد والذي ليس هو بالليل او بالنهار ولكن على الحدود والتي فيها تقابلا. لقد ضم القديس يوحنا المجمع اليهودي للكنيسة فهو سفير للمجمع والذي رحّب بيسوع كمحرر وهو أيضا سفير عن الله والذي قدّم يسوع للمجمع. ان يسوع قد احتضن يوحنا عندما تقبل منه المعمودية ويوحنا احتضن يسوع عندما أعلن:” «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ! “(يوحنا29:1)، لهذا جاء يسوع الي يوحنا والقديسة مريم الي اليصابات فيسوع هو الذي بدأ بالفعل، انها من النعمة ان تأخذ زمام المبادرة وبالفعل بدأ يسوع بذاك التقارب والارتباط ما بين العهدين. ان النعمة لا تعطى لنا بسبب ان قد فعلنا شيئا او عملا صالحا، ولكن بدلا من ذلك كي يمكننا ان نفعل ذلك الشيئ الصالح، فان النعمة يجب ان تكون في توافق تام مع احسن رغباتنا واذا ما توافقت مع مشيئة الله وهي تمتد الي كل حياتنا وحتى ما بعدها فهي تظل نعمة. ان الاستعمال الجيد لعمل النعمة يظل دائما يجلب نِعم أكثر وأكثر ولا يمكن ان تنضب “وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ.“(يوحنا16:1). انها لا يمكن تظهر نفسها من ان تكون – نعمة- فهي تأتي الينا غير ظاهرة لهذا فعندما أتت مريم للأليصابات وأيضا عندما أتى يسوع ليوحنا المعمدان أُظهرت النعمة بلا ضجة. دعونا ننصت لذاك الحوار المقدس:” «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ”(لوقا42:1) والتي تعني ايتها الكنيسة يا مجتمع المؤمنين مباركة انت من كل من هم على الأرض فأنت مباركة منفردة لأنكِ مختارة اختيار فريد كما قيل:” وَاحِدَةٌ هِيَ حَمَامَتِي كَامِلَتِي. الْوَحِيدَةُ”(نشيد الاناشيد9:6). – “فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ” (لوقا45:1) ما قالته اليصابات لمريم وكان لذلك سببا جيدا لأن الإيمان هو منبع لكل النِعم”أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا”(عبرانيين38:10) – “أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»“(45:1) فكل شيئ سيتم كما قيل. انه من الصعب تخيل كيف استقبلت القديسة مريم لأي من تلك الكلمات العظيمة والتي تسبح كونها “مباركة بين النساء” بسبب الطفل الذي تحمله، ومباركة ثمرة احشائها وأيضا مباركة لأنها “أم ربيّ” وفوق كل ذلك فهي مباركة ومطوبة بسبب إيمانها. ترى كيف ستجاوب مريم على كل تلك الإعلانات و التطويبات والتهنئات؟ لقد اعادت بتواضع كل الإنتباه نحو الله معترفة بأنه هو المصدر الحقيقي لكل تلك البركات في حياتها. فقالت مريم:” فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي(لوقا46:1-47). هنا يعود الينا جزء من مجال منظر الزيارة والذي فيه كان رد مريم لأليصابات كشبه نشيد، والذي يعكس في الحقيقة جزء خاص وهام من حياة مريم الداخلية. ان الآيات التي ذكرها القديس لوقا في انجيله:” « (لوقا46:1-55) والتي تعرف عامة ب “أنشودة التعظيم” والمترجمة من اللاتينية Magnificat anima mea Dominum (تعظم نفسي الرب)، واستخدمت الكلمة الأولى “تعظم” ولذا عرفت بانشودة التعظيم The Magnificat، وهذا فالكلمة “تعظم” في اليونانية megalunein تعني “تصنع شيئا عظيم او تسبح” وعندما تقول مريم ان نفسها تعظم الرب فهي بهذا تعبّر من كل اعماقها كيف انها ترغب في تسبحة الله وان تفعل ما في وسعها ليتتمجد ويتعظم. صلاة: يا قديسة مريم يا ام كل رحمة اطلب منكِ ان ترفعي طلبتي هذه لإبنك يسوع لكي يكشف لي ماذا ينبغي لي ان افعل وما هي مشيئته حتى لا افشل ولا تفرغ اجاجين حياتي ولكي استحق ان أحيا معكما في السماء. آمين. اكرام: حاول ان تتأمل كيف ان طفل اليصابات “ارتكض” فرحا عند حضور يسوع، وحاول ان تطبق ذلك الفرح عند ذهابك للكنيسة والتناول من جسد ودم يسوع في سر القربان المقدس نافذة : يا ام الله صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الثلاثاء 10 مايو: أنشودة التعظيم انه فرح عظيم وسلام مقدس الذي كانت فيه القديسة مريم وأعلنت فرحها بذلك النشيد” تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ.صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ.أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ.عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً،كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ”(لوقا46:1-55) انه من المؤكد ان نفسها كانت في سلام لأنها كانت حبلى بإله السلام. ان انشودتها يمكن ان تقسم الي ثلاثة أجزاء. الجزء الأول تقول لنا القديسة مريم ان الله هو مصدر كل شيئ:” تعظم نفسي الرب”، ثم تقول كيف ان مجد العالم قد انزل “شتت المستكبرين وانزل الأعزاء وصرف الأغنياء فارغين”، ثم أخيرا انهت نشيدها “عضد إسرائيل وتذكر وعده وكلماته لآباؤنا”. يكشف أيضا هذا النشيد مدى الفرح الذي كان في قلب والدة الله، فهي في تواضع تعترف ان كل الأشياء العظيمة التي نالتها هي من الله وعبّرت عن هذا بفرح عميق لا يوصف. انه من العجيب ان نلاحظ ان “نفسها” و”روحها” تم ذكرهما في نشيد التسبيح هذا، فنفسها تعلن وروحها يكشف عن ابتهاجها بذلك النشيد. في جزء يكشف عن ان كلا من فعل خاص بها وفعل من الله، فنفس والدة الله تشير الي كل قدراتها البشرية في عقلها وارادتها ومشاعرها ورغباتها وهذا ما يجعلها بشر مثلنا وبتلك القدرات البشرية أعلنت عن عظمة الله. لقد قبلت في عقلها عظمة القدير وبإرادتها اعترفت واختارت ان تعلن عن عظمة الله القدير وفعلت هذا بكل مشاعرها وأحاسيسها ورغباتها فيمكن القول بأن بكل بشريتها قد استخدمتها للتعبير عن عظمة الله. وتعلن أيضا ان في روحها انها قد امتلئت بفرح ومجد عظيم وكما أعلنت عن عظمة الله قد غمرها الروح القدس وأثمر فيها ذلك ثمر الروح”الفرح”، فالفرح يأتي من الله ويعمل في حياتنا فهو ثمر الروح القدس وامنا مريم المباركة لديها الملء كله من ثمر الروح:” وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ”(غلاطية22:5-23)ٌ. ففي الجزء الأول من ذلك النشيد فنفس مريم تعظم الله بسبب تواضعها: “فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَه”(لوقا46:1-50)ُ. التواضع يتضمن رؤية الحقيقة عن النفس ومريم أظهرت هذه الفضيلة بطرق كثيرة وملحوظة في أنشودتها. أولا فهي اعترفت بحقيقة مهمتها الفريدة والموكولة اليها والبركات الغير عادية التي نالتها ولم تنكر او بخست ما الذي صنعه الرب في حياتها، ففي الحقيقة الله صنع أشياء عظيمة لها ولذا فتعزي كل شيئ الي الله وتقول “كل الأجيال ستطوبني” بسبب ما صنعه الرب وبسبب تواضعها. ولكن مريم في نفس الوقت تعرف في اعمافها ان كل تلك البركات في حياتها ليست بعمل منها فهي لم تصبح “ممتلئة نعمة” وأم المسيّا و”مباركة في النساء” من خلال جهد خاص منها او بسبب بعض مواهب فطرية روحية فمريم تعترف بضعفها وانشودتها تبين ان كل ذلك جاء بنعمة من الله. لاحظ كيف ان كل شيئ تقوله عن نفسها في تلك الآيات مرتبطة بالله فهي لا تطلب ان تظهر نفسها ولكن لتعظم الرب (لوقا 46:1). لقد رأت نفسها ليس إلا آمة صنيعة الرب وخادمة للرب (doules) (لوقا48:1)، ولكن الله جاء كمخلص لها ونظر الي تواضعها (48:1)، فهو الله الذي صنع العظائم لها (49:1). انه يوجد فرق كبير بين التواضع اللفظي بكلمات والتواضع التجريبي فمن السهل لأي فرد ان يقول “انا ضعيف، انا خاطئ، انا اريد الله في حياتي”، ولكن مختلف تماما ان يختبر في حياة الشخص حقيقة انه ضعيف او كيف ان شخص يعتمد على الله كلية. لقد قال يسوع:” لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا”(يوحنا5:15)، فالشخص المتواضع يعرف في الحقيقة كيف ان هذه المقولة ماذا تعني ويعرف انها ليست فقط قاعدة روحية أساسية ولكنها خبرة شخصية يعيشها ويتحقق منها الفرد فهو لا يقدر بدون الله ان يفعل شيئا. ان مريم تعرفت على هذه الحقيقة للحالة البشرية وفهمت كيف انها صغيرة في الحقيقة امام عظمة الرب وعرفت انها لا شيئ من نفسها وانها تعتمد بالكامل على الرب. وهكذا أظهرت مريم تعليم المسيح ان التواضع هو ما اظهره يسوع منذ تجسده وطوال خدمته وحتى موته على الصليب وقيامته ولذا قال”وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.“(متى29:11). فقط عندما نكون مقتنعين مثال مريم كيف اننا لا يمكننا ان نفعل أي شيئ صغير بأنفسنا وكيف اننا نعتمد تماما على الله وكيف ان الرب يعمل بطرق عجيبة وعظيمة فينا ويقوينا ويرشدنا لما هو خير لخلاصنا. مريم وشعب الله نقطة أخرى ملفتة للنظر في انشودة التعظيم هو موضوع المضادات في النصف الأول والثاني من ذلك النشيد:” صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ»(لوقا51:1-55). في الجزء الأول من أنشودة التعظيم نرى مريم قد ركزّت على بركات الله التي منحها لها شخصيا وكيف ان الرب نظر الي تواضعها وصنع أشياء عظيمة لها (لوقا46:1-50). في الجزء الثاني سبّحت مريم الله فيما هو يعمله لأسرائيل شعبه يظهر رحمته لشعبه ومنقذا لهم من ضيقاتهم (لوقا51:1-55). تلك الحركة من الضعف الي الظهور – كلاهما كفرد (الجزء الأول) وفي الشعب ككل (الجزء الثاني)- هو مفتاح هام لكي نفهم انشودة التعظيم. لم ترى مريم ان البركات التي حصلت هي عليها هي شيئ لنفسها فقط ورأت ان عمل الله في حياتها هو مساهمة ومشاركة فيما يريده الله ان يعمله من اجل شعبه. فكما نظر الله الي تواضع مريم (48:1) وصنع أشياء عظيمة لها هكذا سينظر الي كل المتواضعين (52:1) ويخلصهم. في عملية الخلاص سيكون هناك هزة درامية في أرض إسرائيل الجائعون سوف يشبعون والمتواضعين سيرتفعون بينما المتكبرين سيتشتتون والأعزاء سينزلون والأغنياء سيذهبون فارغين. هكذا فأنشودة مريم تتنبأ عن رسالة إبنها العامة والتي ستعكس تلك المضادات الدرامية، فيسوع سيرفع المتواضعين بتغذية الجوعى وشفاء المرضى ومغفرة الخطايا للخاطئين ومد التبعية له لمن هم مضطهدين في المجتمع وكثير من القادة السياسيين والدينيين سيقاوموا المسيح وسيطردوا خارجا من مملكته. تنبأت مريم ان الله قد نظر برحمة الي ضيقات شعبه إسرائيل وسوف سيجمع كل المتعبين ويدخلهم الي ملكوت ابنه بينما المتكبرين والعظماء والأغنياء الذين يعاضون ويقاومون شعب الله سينزلون ويرذلون. ان العلاقة ما بين الجزءان من نشيد مريم واضح، فطريق الله في العمل في حياة مريم يتوقع عمل الخلاص الذي سيفعله لكل إسرائيل تماما كما نظر الله لتواضع مريم واختارها وميّزها هكذا سوف ينظر الرب برحمة الي جميع المتواضعين في إسرائيل ويرفعهم ليصبحوا ورثة للملكوت. في انشودة التعظيم أعلنت مريم ليس فقط الأشياء الصالحة الذي سيقوم بها الله في حياتها ولكن الأخبار السارة لكل شعب الله. لقد أنشدت مريم العذراء نشيدها هذا كنبيّة ولذا فتعتبر أخر نبيـة فى العهد القديم وأول أنبياء العهد الجديد. وهي تسبحة تبين ان مريم كان ذهنها مملوء من الأسفار المقدسة فهى تشابه تسبحة حنة ام صموئيل النبي (1 صموئيل 1:2-10) “فَرِحَ قَلْبِي بِالرَّبِّ. ارْتَفَعَ قَرْنِي بِالرَّبِّ. اتَّسَعَ فَمِي عَلَى أَعْدَائِي، لأَنِّي قَدِ ابْتَهَجْتُ بِخَلاَصِكَ. لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَكَ، وَلَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلهِنَا. لاَ تُكَثِّرُوا الْكَلاَمَ الْعَالِيَ الْمُسْتَعْلِيَ، وَلْتَبْرَحْ وَقَاحَةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ. لأَنَّ الرَّبَّ إِلهٌ عَلِيمٌ، وَبِهِ تُوزَنُ الأَعْمَالُ. قِسِيُّ الْجَبَابِرَةِ انْحَطَمَتْ، وَالضُّعَفَاءُ تَمَنْطَقُوا بِالْبَأْسِ. الشَّبَاعَى آجَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْخُبْزِ، وَالْجِيَاعُ كَفُّوا. حَتَّى أَنَّ الْعَاقِرَ وَلَدَتْ سَبْعَةً، وَكَثِيرَةَ الْبَنِينَ ذَبُلَتْ. الرَّبُّ يُمِيتُ وَيُحْيِي. يُهْبِطُ إِلَى الْهَاوِيَةِ وَيُصْعِدُ. الرَّبُّ يُفْقِرُ وَيُغْنِي. يَضَعُ وَيَرْفَعُ. يُقِيمُ الْمِسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ. يَرْفَعُ الْفَقِيرَ مِنَ الْمَزْبَلَةِ لِلْجُلُوسِ مَعَ الشُّرَفَاءِ وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ الْمَجْدِ. لأَنَّ لِلرَّبِّ أَعْمِدَةَ الأَرْضِ، وَقَدْ وَضَعَ عَلَيْهَا الْمَسْكُونَةَ. أَرْجُلَ أَتْقِيَائِهِ يَحْرُسُ، وَالأَشْرَارُ فِي الظَّلاَمِ يَصْمُتُونَ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِالْقُوَّةِ يَغْلِبُ إِنْسَانٌ. مُخَاصِمُو الرَّبِّ يَنْكَسِرُونَ. مِنَ السَّمَاءِ يُرْعِدُ عَلَيْهِمْ. الرَّبُّ يَدِينُ أَقَاصِيَ الأَرْضِ، وَيُعْطِي عِزًّا لِمَلِكِهِ، وَيَرْفَعُ قَرْنَ مَسِيحِهِ». لكن تسبحة حنة انتظار للمسيا واما تسبحة العذراء مريم فهى فرح بتحقيق هذا الأمل. أيضا تسبحة القديسة مريم تشبه ترنيمة التعظيم لاشعيا النبي “فرحا افرح بالرب تبتهج نفسي بالرب..”(اشعيا10:16-11). ها هى ابنة الناصرة القرية الفقيرة والحقيرة يحبها الله “نظر الى تواضع أمتـِه”. لقد ترك الله كل الخراف وبحث عن خروف واحد وعن درهم واحد وعن مريض واحد فى بركة.ولم تتكلم مريم عن الله باسمه ولكن بصفاته فها هى تدعوه القدير و القدوس و اله الرحمة. صلاة: يا يسوع، أطفيئ فيّ أي طعم للذة حسية وهبني مذاق الفرح والسرور لمن هم في السماء و حررني يارب من تلك التجارب المذّلة والتي تبعدني عنك وعن رحمتك. ان فضيلة العِفة والطهارة هي ثمر روحك القدوس فضع ثمرك في قلبي. آمين. وأيتها الأم الرؤوف القديسة مريم أم يسوع وأمنا، كوني دومًا معنا ليكون السلام في بيوتنا ومجتمعاتنا، سلام المسيح الذي أحبّ العالم محبّة لا متناهية، فدفع ثمن خلاصه دمه وحياته. آمين. اكرام: تعلم من مثال القديسة مريم كيفية التسبيح والشكر وحاول ان تتذكر كم صنع بك الرب من عظائم واسجد له شاكرا. نافذة : يا أم الكنيسة باركينا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الأربعاء 11 مايو: الرجل البار كان يوسف رجلاً باراً: متى 18:1-19 نقرأ في الآية 19 أن “يُوسُفُ… كَانَ بَارّاً”، والواقع حتى لو أن الإنجيل لم يذكر لنا هذه الحقيقة، فإننا نستطيع استنتاج ذلك من خلال قراءتنا لما عمله يوسف مع القديسة مريم العذراء ومع الطفل يسوع. وصفة “البار” المستخدمة هنا تشير إلى أن أسلوب تفكير يوسف ومشاعره وأعماله كانت جميعها بحسب مشيئة الله. وجد يوسف نفسه في موقف حرج وصعب للغاية: فقد كان خطيباً لمريم، واكتشف فجأة أن خطيبته حبلى، فما العمل. موقف يوسف من حبل مريم العذراء يكشف لنا أنه كان رجلاً عظيماً ومباركاً. فهو لم يعلم بسر حبلها، وتفاجأ بها وهي تحمل جنينها في أحشائها. فلم يشتم ويلعن ويهدد ويضرب ويطالب بالإنتقام. بل تصرف بحب ورعاية عجيبة. فلم يخبر أي شخص بأن الجنين الذي كان في أحشاء مريم لم يكن منه، بل ترك الجميع يظنون أنه الأب الحقيقي للطفل. وأراد أن ينفصل عن مريم بهدوء. لقد كان باستطاعة يوسف أن يطالب بتطبيق شريعة الله ورجم مريم بالحجارة حتى الموت أو أن يطلقها (راجع سفر العدد 11:5-31، ولاويين 10:20) ولكنه لم يمارس حقه الشرعي. في نظر يوسف، كانت الرحمة والمحبة أعظم جداً من تطبيق حرف الناموس. حسب العادات التي سادت في أيام يوسف ومريم، كان الزواج يمر في مرحلتين: المرحلة الأولى هي مرحلة الخطوبة، ثم مرحلة الاحتفال بالزواج. وخلال مرحلة الخطوبة، يعمل أهل العروسين على ترتيب عقد الزواج الذي يتعهد فيه والد العريس بدفع مهر العروس الذي يمثل ضمانة أو مصدر أمن للعروس في حالة أراد العريس ترك خطيبته أو طلاقها. ومن الناحية القانونية، فإن الخطيبين يُعتبران زوجين منذ الإتفاق على عقد الزواج، ولكن لم تكن مراسم الزواج تتم عملياً إلا بعد سنة، حيث كانت فترة الخطبة للتحضير ولاختبار ولاء الخطيبين لبعضهما البعض. بدأت المشكلة عندما ظهر ليوسف أن خطيبته مريم قد خانت عهدها معه وأصبحت حاملا، أي أنها خيّبت آماله ووضعته في موقف محرج. فبحسب الشريعة كان يحق ليوسف أن يذل مريم أمام الناس بسبب خيانتها الظاهرة له، كما وكان من حقه أن يطالب برجمها بتهمة الزنا، وفي نفس الوقت كان يستطيع تركها بهدوء وبدون أية فضائح، وفي جميع الحالات لم يعد باستطاعة يوسف إتمام مراسم الزواج لأنها، كما بدا له، قد خانت عهدها معه ومع الله. ومع ذلك فقد اختار يوسف أن “لا يشهرها”، أي أن لا يسبب لها فضيحة أخلاقية واجتماعية ودينية، بل أراد أن يفسخ عقد الخطوبة بينهما بصمت وهدوء، حيث كان يتم فسخ العقد بحضور شاهدين أو ثلاثة يمكن الثقة بهم. وهذا الاختيار يدل بلا شك على أن يوسف كان يخاف الله، وبحسب تعبير الكتاب المقدس، لقد كان “باراً”، ولم يهتم بالجرح والألم الذي أصابه، ولكنه كان حريصاً أن لا تنجرح خطيبته مريم وأن لا تتعرض لأي سوء من المجتمع القاسي الذي لا يرحم. وهذا دليل قاطع على أنه كان يحب خطيبته مريم، وبالرغم مما جرى، فإن حبه لم يتغير، والذي يحب لا يمكن أن يتسبب بأيّ أذى لمن يحبه. موقف يوسف من القديسة مريم يدفع الكثيرين منا إلى الخجل من أنفسنا. فنحن على استعداد أن نشهر بأي شخص ولو أساء إلينا بإساءة بسيطة جداً، وليس إساءة فظيعة مثل الزنا والحبل. نحن لا نرحم. نحقد، ونفرغ سموم حقدنا بالثرثرة وتشويه سمعة الناس وحتى الإساءة إليهم. يوسف لم يشأ أن يشهر خطيبته. اليوم إن خطب شاب فتاة، واكتشفت هي شيئاً عليه أو اكتشف هو شيئاً عليها، فإن جميع الناس يعرفون ما الذي يجري بينهم، وتنتشر الفضيحة بين الناس. المسيحي إنسان محب ولا يسئ للآخرين حتى ولو أساؤوا إليه. المسيحي المحب يحب أن يستر على أخطاء الآخرين، فالمحبة تستر كثرة من الخطايا… ومن منا لا يخطأ، ومن منا لا يحتاج إلى رحمة الله. أراد يوسف أن يعمل ما هو حق وصواب، وقلب يوسف يعكس رحمة الله وعدله في نفس الوقت. فنحن نعلم من الكتاب المقدس أن الله محب وعادل في نفس الوقت. فالله في عدله يكره الخطية ويعاقب من لا يتوب عن خطاياه، ولكنه أيضاً محب، ولذلك يظهر رحمته لمن لا يستحق الرحمة. نقرأ في مزمور 7:45 عن شخص الرب: ”أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ”. أجل إن الله يحب الخطاة حتى الموت، موت الصليب كما نقرأ في رومية 8:5 “وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا”. يوسف، هذا الرجل الذي لم يسجِّل لنا الإنجيل أية عبارة نطق بها، أي الذي يمكن أن نطلق عليه لقب “الرجل الهادئ” أو “الرجل الصامت”، أحب خطيبته وأراد أن يظهر لها الرحمة لمن ظنّ أنها لا تستحق الرحمة بسبب خيانتها وحبلها قبل الزواج. تماماً كما يظهر الله لنا الرحمة بسبب خيانتنا له وعدم طاعتنا له وارتكابنا لأبشع الخطايا مثل الكذب والنفاق والحسد ومحبة المال وغيرها من الخطايا البشعة. كره يوسف الخطية الظاهرة له، ومع ذلك كان رحيماً ومحباً لمريم، علماً بأن مريم لم ترتكب خطية في حبلها، بل أن كل شيء قد تم بحسب مشيئة الله وبقوة الروح القدس. لقد انتصرت المحبة على الدينونة لمن لا يستحق الرحمة، وما قام به يوسف يجسد موقف الله منا نحن البشر الخطاة. أجل: كان يوسف باراً ومحباً ورحيماً. “لكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ”(متى20:1-24). عندما يكلمنا الله من خلال الكتاب المقدس أو حتى من خلال إعلان معين بالروح القدس، فإن علينا أن نطيع، ولو كان ذلك مكلفاً لنا، كما كان بالتأكيد مكلفاً ليوسف. لقد استمع هذا الرجل البار لكلمة الله، وآمن بهذه الكلمة، وعمل طائعاً للكلمة. وهكذا فإن استماع يوسف وإيمانه وطاعته لكلمة الله تعطينا مثالاً عظيماً لما يجب عليه أن يكون المؤمن والمؤمنة في أيامنا هذه: كان يوسف مطيعاً لله، وليتنا جميعاً نجعل من طاعة الله أسلوباً في حياتنا اليومية. فهل نستمع لكلمة الله كما استمع يوسف؟ وهل نؤمن حقاً بكل كلمة نسمعها من الله كما آمن يوسف؟ وهل نطيع الله ونتصرف بحسب كلمته كما أطاع يوسف؟ صلاة: اجعلينا يا مريم أن نسلك طرق الربّ القويمة وكوني شفيعتنا رغم تناسينا لك، لأنّنا ضعفاء، قوّينا بقوّة الروح القدس الذي حلّ عليك، فنكون رسلاً وشهودًا لكلمة الله القدّوس نحملها في قلوبنا وتكون الوحيدة على ألسنتنا لأنّ لا شيء أرفع وأسمى وأقدس منها. آمين. اكرام: اهتف باسم مريم في بدء اعمالك وسائر ساعات حياتك نافذة : السلام عليك يا حياتنا ولذتنا ورجائنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الخميس 12 مايو: بيت لحم وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ، لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ”(لوقا1:2-7). بيت لحم كانت مدينة صغيرة ولكنها مرتبطة بتوقعات كثيرة، فبينها انجيل لوقا في البداية على انها “مدينة داود” لسبب مهم على الرغم من ان مدينة أورشليم هي عادة تحمل ذلك اللقب في العهد القديم ] (2صموئيل7:5و9و6:10و12و16 – وملوك الثاني 28:9و 22:12)[، فبيت لحم هـى البلدة التى وُلد فيهـا داود النبي من قبل (1ملوك15:17)، والـمكان الذى مُسح فيـه داود ملكاً (1ملوك13:16)،والتى شرب من بئرهـا فى حربـه مع الفلسطينيين. بيت لحم أي بيت الخبـز،وليس غريبـا ان بيت لحم هذه تعطى العالـم كلـه “خبز الحيـاة” (يوحنا48:6) يسوع الـمسيح. “ألـم يقل الكتاب انـه من نسل داود ومن بيت لحم القريـة التى كان داود فيهـا يأتـى الـمسيح” (يوحنا42:7). راعوث جدة العذراء قد تغرّبت من قبل فى بيت لحم (راعوث19:1)،وها هى العذراء غريبـة فـى القريـة. وهـى التى فيهـا قبـر راحيـل زوجـة يعقوب (تكوين19:35)،وهـى التى كان فيهـا بيت يسّى (لوقا4:2)،وفيهـا بئر داود(2ملوك14:23)، وبنى رحبعام ابن سليمان فيهـا حصنـاً(2 أيام4:11). أكثر من هذا فبيت لحم مرتبطة بنبؤة ميخا النبي والتي تتحدث عن مجيئ المسيّا المنتظر الذي يحكم العالم:” «أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ» (ميخا2:5). وهنا نجد انه من الرغم من انجيل لوقا قد ألقى الضوء على ان مريم ولدت طفلها المسيح اثناء وجودها في بيت لحم من اجل الإكتتاب وكيف ان احتلال الرومان للشعب اليهودي اجبرهم على ذلك الترحال للإكتتاب، فالأنجيل أيضا يرينا مهما يكن من الضيقات التي تعرضت لها مريم ويوسف في ترحالهم لبيت لحم ولكن كانت فرحة ميلاد المخلص كما جاء في النبؤات كافية لتعزيتهما. ويقول التقليد الكنسي على لسان القديس الشهيد يوستين(150م)،إن القديس يوسف ومعه العذراء مريم عندما بلغا بيت لحم لم يكن لهما فيها أحد،إذ كانا قد استوطنا الناصرة منذ زمن بعيد. فإتجها الى الخان (الـمنزل أو النزُل) وهو مكان يشبه اللوكاندة تستقبل الـمسافرين،فلما لم يجدا فى الـمنزل مكاناً إلتجأ الى المغارة الـملحقة والتى كانت مخصصة للدواب وباتا فيهـا وهناك ولدت إبنها البِكر وقـمّطته وأضجعته فى الـمزود. ولقد شيّدت الملكة هيلانـة كنيسة فوق هذا الـمكان الـمقدس سنة 330م، وبعدها قام الإمبراطور جوستينان الأول(483-563م) وبنى كاتدرائية كبرى على هذا الـمكان،ويقال ان الكنيسة الحاليـة فى بيت لحم هى بقاياها أعيد ترميمها. مهما كان الحالة فمن المؤكد ان مريم ولدت مسيّا إسرائيل في مكان لا يليق بملك وكما قال القديس يوحنا بولس الثاني:” ان مريم اختبرت ميلاد طفلها في ظروف شديدة الفقر ولم تستطع ان تعطي ابن الله حتى كأي أم تقدم لإبنها المولود حديثا مكانا مريحا ولكن بدلا من ذلك كان عليها ان تلد في مغارة وتضع مولودها في مزود ومهد اعد على عجل متباين ومتعارض مع ابن الله المعظم”. هذا بالإضافة الى انه على الرغم من انه يمكن لشخص ان يتوقع ان ميلاد ملك إسرائيل الذي انتظرته الأجيال طويلا والذي كان على الشعب ان يهتف بفرح لولادته سيتم ولكن فها هو المسيح المولود يهرب بطريقة خاصة من كل اليهود وكل اليهودية ليولد في مكان غير مألوف. لا يوجد أي قادة دينيين في الديانة اليهودية جاء ليرحب بمسيحهم المنتظر ولا كهنة ولا فريسيون ولا صدوقيون ولا كتبة ولا أي اثرياء او وجهاء او ذات مناصب او سلطة في اليهودية جاءوا للترحيب، فقط بعض الرعاة المجهولين من اسفل قاع المجتمع اليهودي جاءوا ليشهدوا قدوم ربهم وملكهم” وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ”، وذهبوا الي بيت لحم جسبما قالت لهم الملائكة: «لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ». فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعًا فِي الْمِذْوَدِ فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلاَمِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ”(لوقا8:2-20). كان لمريم الكثير الذي تفكر فيه ما بين السفر الي بيت لحم حيث كانت حبلى وان تضع مولودها وسط الحيوانات وتضعه في مزود، وفوق كل هذا ان يهرب ميلاد مسيّا إسرائيل من ملاحظة كل قادة إسرائيل، بالتأكيد ان تلك الطريقة لا يجب ان يعامل بها الملك!. ان الأنجيل لم يعطينا الكثير عما يمكن ان يكون قد دار في داخل مريم اثناء تلك الأحداث المتواضعة، ولكنه كشف تفصيل واحد ان مريم في وجه الفقر والمهانة والرفض لإبنها لم تظهر أي شكوى او تذمرولم تقل بتاتا :” انتبهوا انا أم المسيّا فيا كل بيت لحم يجب ان تعاملوا عائلتي بأحسن من هذا”. ولكن بدلا من ذلك احتفظت مريم بكل تلك الضيقات الي داخل نفسها وبصلوات دائمة احتفظت بكل تلك الأشياء متأملة فيهم في قلبها”وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا”(لوقا19:2). ان مجاوبة مريم لتلك الضيقات والإهانات يمكن ان يعطينا مثال كيف يجب ان نتعامل مع الصلبان الصغيرة التي قد تواجهنا كل يوم. صلاة: عرّفينا يا أمّنا حقارة الأرض وبهاء السماء، لندرك مدى السعادة التي تنتظرنا. فيكون هذا العالم فقط مسرح جهاد يوصلنا للملكوت حيث السعادة الحقيقيّة بقرب خالقنا. فنستحقّ أن نشاهد مجده وعظمته، ويكون لنا شرف تسبيحه وتمجيده برفقة الملائكة والقدّيسين إلى دهر الدهور. آمين. اكرام: فكر مليا” في ضميرك عند قيامك بأي عمل : هل ترضى به أمنا العذراء ؟ نافذة: اجعليني أهلا” لان اقتدي بك يا سيدتي يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الحمعة13 مايو: تعجب ان اول فعل عند قدوم السيد المسيح للعالم هو ان يكرّس نفسه الي الله الأب ويتمم مشيئته القدوسة، ولقد فعل هذا منذ لحظة تجسده في بطن مريم العذراء بقبوله ان يوجد في رحم ثم تقديم نفسه في الهيكل وليسلم نفسه الى الرب كشيئ يخصه. وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ، وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. فَأَتَى بِالرُّوحِ إِلَى الْهَيْكَلِ. وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ،”_(لوقا25:2-27). في الحقيقة ليست هناك مصادفة في ذلك الحدث فكل شيئ هو من تدبير حكمة الله والتي تتم بدون جكم الظروف أوالصدفة. لقد أحضر يسوع الي الهيكل بواسطة يوسف ومريم وسمعان الشيخ قد اقتيد بالروح من قِبل الله. “كَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ“(لوقا33:2)، دعونا نحاول ان نفهم سبب تعجبهما. ان شغف عميق للنفس التي يخترق السمع كلمات عجيبة مثل التي قيلت من سمعان: “أَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ،الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ»“(لوقا29:2-32).، فالنفس أمام أشياء يصعب فهمها لا تملك الا الصمت امام الله وتصبح غير قادرة ان تقول كلمة واحدة الا قول داود النبي:” أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا، مَا أَمْجَدَ اسْمَكَ فِي كُلِّ الأَرْضِ! حَيْثُ جَعَلْتَ جَلاَلَكَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ”(مزمور1:8)، أو تلك التي نطق بها سليمان:” هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ”(1ملوك27:8). انها كلها ملكا لك ولك وحدك التسبيح والمجد كقول جَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الذين كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ، وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَة قائلين:”آمِينَ! الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ لإِلهِنَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ!» “(رؤيا12:7). فلنعود مرة أخرى الي يوسف ومريم اللذان “ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ”، انهما يعرفان أكثر عنذلك الطفل أكثر بكثير من هؤلاء الذين كانوا يتكلمون عنه. لماذا اذا يتعجبان؟ ألم يقل ملاك الرب لمريم انه” هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».“(لوقا32:1-33)، وليوسف:” أَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».“(متى21:1)؟. ألم تستمع مريم لكلمات الروح القدس على لسان اليصابات قائلة:” «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟”(لوقا42:1-43)، وتفت مريم نفسها قائلة:” «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي”(لوقا46:1-48)؟ انه يبدو ان هذا يشمل كل الناس وكل الأعمار وان سجود المجوس كان مقدمة لتحول الأمم، وليكن ما يكون فسمعان الشيخ والذي يبدو انه يعلن ان يسوع سيكون هو نورا للعالم وهذا سيعطي يوسف ومريم سببا كبيرا للتعجب. ان الروح القدس يرغب اننا نفهم بطريقة رائعة كيفية تكريم تلك الأسرار الإلهية بدون العمل على اكتشاف الأسباب وان نبقى أمام الله في تعجب وصمت. نحن في حضرة الله ونتعجب من النِعم والتي يعطيها لنا ونقول مئات المرات بدون حتى ننطق بكلمة:” فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذكُرَهُ؟ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟”(مزمور4:8). مرة أخرى ما الذي يمكن لإنسان يتعجب من أعمال الله القدير يستطيع ان يقول او يفكر عنه؟ اننا نميل نحو العجب والإمتنان ولا نحاول ان نعلن اقل كلمة سواء ناطقة او في فكرنا طالما ان تلك العجائب أمامنا في كل حين. في ذلك التعجب يوجد خضوع واعتراف بعدم الإستحقاق وصمت امام الأسرار الإلهية التي تفوق عقل الانسان فلا يملك الا ان يصرخ معترفا:” مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَا رَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ؟ لأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ،”(رؤيا4:15). بعد ذلك هناك صمت لأننا لا نعرف كيف نعبّر عن حنيننا واحترامنا وفرحنا وكل ما نشعر به ونحن في حضرة الله، انه الصمت هذا الذي اعلنه صاحب المزامير قائلا:”صَمَتُّ. لاَ أَفْتَحُ فَمِي، لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ.“(مزمور9:39)، انه الصمت العجيب والذى لا يمكنه ان يبقى طويلا في تلك الجياة المضطربة والصاخبة. صلاة: يا الله لقد منحت القديسة مريم تلك النعمة التي بها استجابت لدعوتك وسلّمت نفسها “آمة” لك، فساعديني يارب ان أسلّم لك ذاتي بكليتها لتفعل بها ما تشاء. آمين. اكرام: مارس الرحمة والمسامحة مع من اساء اليك حبا” بمريم نافذة: انت الشفيع الاكرم عند ابنك يا مريم يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة السبت 14 مايو: الهروب الي مصر “ وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ، رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمُ النَّاصِرَةِ.“(لوقا39:2)، هذا النص كما جاء في انجيل لوقا يشير ان العذراء مريم والقديس يوسف ظلوا مع الطفل في بيت لحم او بالقرب منها وبالقرب من أورشليم حتى يستكملوا كل ما جاءوا من أجله في الهيكل لأنه من الصعب تحمل مشقة السفر ذهاب وعودة من الناصرة الي اورشليم. ان القديس لوقا لم يخبرنا ماذا حدث قبل المغادرة الي مصر ولكن القديس متى سجلها لنا وذكر مجيئ المجوس وسجودهم وانهم عادوا الي موطنهم عن طريق أخرى:”وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ».فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ». حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرًّا، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ.ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ».فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ.وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلًا وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ” وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني» حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ.حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ». فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْر قَائِلًا: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ».فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ.وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضًا عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ.وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا»..(متى1:1-23). ان القديس متى يذكر لنا ان ملاك الله انذر يوسف وطلب منه الهرب الى مصر ثم حادثة قتل أطفال بيت لحم؟، ثم رسالة ثانية من ملاك الرب بعد موت هيرودس والتي تعكس صورة عن تلك الأحداث السريعة والمتتابعة بعد ميلاد يسوع، ثم رسالة ثالثة من السماء لتستقر العائلة المقدسة في الناصرة. ان الوقت قصير فالعائلة المقدسة كانت تختبئ بينما كان هيرودس ينتظر الأخبار عن الطفل من المجوس والذي كان يعتقد انهم سيدلونه عن مكانه وهذا يعني ان عليه الانتظار لبضعة أيام حتى يسمع منهم. في أثناء تلك الأيام القليلة استطاعا يوسف ومريم ان يأخذا الطفل الي الهيكل بدون ان يكتشف أمره. ان العجائب التي حدثت ربما أثارت غيرة هيرودس ولكن تبعهم على الفور في رحلتهم الي مصروطاردهم وهكذا فقادة العالم دائما يؤدون دورهم والله يحول خططهم الي ما يختاره هو. بعد ان غادر المجوس رأى الله ذلك الخطر وما ملأ قلب هيرودس لذا فلقد ارسل ملاكه ليوسف قائلا:” «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَه”. هل لم يكن هناك طريقة أخرى لإنقاذ الطفل سوى ذلك الهروب السريع؟. ان إرادة الله لم تشاء ان يحقق مخططه بطرق مملوءة بالمعجزات بل كانت بتلك الطريقة. بالطبع كانت هناك طرق أخرى ولكن عظمته ومقدرته تتجلى في الأعمال الغير متوقعة والأحداث الغير اعتيادية. ان ابن الله كما جاء” هُوَ أَيْضًا مُحَاطٌ بِالضَّعْفِ.“(عبرانيين2:5) ولكي يظهر في تلك الحالة اخضع نفسه تطوعا الى الأحداث العامة للحياة البشرية وبنفس الأسلوب وطبقا لما هو مختفي أثناء مسار رسالته فها هو الآن مختفي لكي لا يكشف سره لأعدائه. مهما كان وفي أي مكان يأتي اليه يسوع بصليبه ومع كل الظروف المعاكسة والتي يلزم ان تتم يقال ليوسف “«قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ…”. يجب علينا أننقيّم تلك الكلمات ونتعرف على ما يمكن ان تعكسه من مشاعر الخوف فينا نحن أيضا. “قم” ولا تتأخر للحظة، فالملاك لم يقل “اذهب” لكن بدلا من ذلك قال بما يعني “أهرب” فهو ملاك الرب نفسه هو الذي ينذر بالخطر الذي يواجهه الطفل. لماذا لا يكون هذا الإنذار السماوي بمثابة اختبار ليوسف من صدق محبته وبرارته؟ او ربما ان يوسف قد تحقق ينفسه عن حجم الخطر الذي قد يصيب الطفل ومريم أمه وكما وضحه الملاك. ان القديس يوسف ذلك النجار الفقير تعرض لإختبار آخر وطلبت منه السماء بصفته مسؤولا عن يسوع وأمه ان يترك ارضه وحانوته ليذهب الى مكان بعيد لا يعرف كيف يمكنه ان يتحصل على معيشته وقبل ميلاد يسوع وبعده وهو يتعرض للعديد من المواقف الصعبة ولكن ظل يوسف خاضعا للرب ولم يشتكي. رحل وانصرف ليلا الي مصر حيث لا مكان له لكي يعقيم ولا معرفة حتى عن موعد عودته الي موطنه ومنزله او حانوته. انه يبدو انه لا يمكننا ان نأخذ يسوع بدون أن نشترك في صليبهّ!. صلاة: يا الله العجيب والعظيم في كل شيئ لقد دعوتنا ان نكرز باسمك في المسكونة كلها ولكننا تحججنا بأسباب واهية ولم نعلن اسمك حتى لأقرب الأقرباء، فساعديني يا مريم ان ألبي دعوة الله كما قمتِ وذهبتِ أنت لحمل البشارة. آمين. اكرام: ضع اعمالك ونشاطاتك تحت حماية مريم نافذة :يا حافظة الزروع احفظينا و باركي اعمالنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الأحد 15 مايو: العائلة المقدسة لم يرغب يسوع في ان يولد في اسرة ثرية او ان يختار والدين متعلمين او ذو مكانة كهنوتية او اجتماعية، على مثال يسوع دعونا نفرح ليس لوجاهة عائلاتنا ولكن بمثالها الصالح وسلوكها المثالي ومدرستهم الخقيقية في التعليم المسيحي حيث نتعلم مخافة الله وخدمته. طبقا للعادة المتوارثة ذهبا يوسف ومريم الي أورشليم”وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ”(لوقا31:2-42)واخذوا معهما ابنهما الحبيب يسوع والذي كان دائما خاضعا لهما والذي سمح لنفسه ان يكون موجهّا ممن من كان في رعايتهما. لقد أمرت الشريعة أن يذهب كل الرجال اليهود إلى أورشليم في كل سنة ليحتفلوا بعيد الفصح (خر 13: 17، تث 16: 16) يقضون هناك ثمانية أيام (عيد الفصح وعيد الفطير معًا)، وكان المسافرون يسيرون على قافلتين، إحداهما للنساء في المقدِّمة والثانية للرجال في المؤخِّرة، وكان الصِبيَّان يسيرون إِما مع الرجال أو النساء. بالطبع انه كان هناك قبل ان يأخذوه وهو في عامه الاثنا عشر فهو هو الأساس لذلك العيد، فهو الحمل الحقيقي الذي سيقدم ذبيحة لنوال الحياة الأبدية. ان سن الثانية عشر هي السن القانونية الذي يضم فيه اليهود الطفل الصغير ليصبح من جماعة إسرائيل (لذلك كان يجوز الطفل في هذه السن اختبارًا ويقدم في الهيكل ليأخذ لقب “ابن التوراة”). كان على الأب والأم أن يقوما بتدريس أبنائهم الشريعة في المنزل منذ نعومة أظفارهم. وكان هناك قانون مشدد كما ذكرنا أنه على الصبي في سن الثالثة عشرة أن يتواجد في الهيكل ليرى ويلاحظ الشعائر التي تمارس في الهيكل في الأعياد، وحينئذ يطلق على الصبي “ابن التوراة أو ابن الشريعة”. وكانوا ينفذون هذه الوصية للصبي قبل سن الثالثة عشرة بسنة أو بعد هذا السن بسنتين على الأكثر. وبحسب هذه الوصية اصطحبت العائلة المقدسة الصبي يسوع بصحبة اهل الناصرة الذاهبين للحج في أورشليم في أول عيد فصح للصبي يسوع بعد أن إجتاز سن الثانية عشرة. ويتضح أن هذه كانت عادة العائلة المقدسة أن يذهبوا إلى أورشليم سنويا في عيد الفصح. ولم تكن النساء ملزمة بالذهاب إلى الهيكل، ولكن العذراء مريم ذهبت بعد ان سمح احد رؤساء الكهنة من قبل للنساء بحضور هذه الاحتفالات المقدسة. كما بينا ان سن ال 12 هو السن الذي قيه الصبي يستطيع ان يكون متفهما ولقد فعل هذا يسوع حتى لا يظهر انه قد ترك الطبيغة وراء ظهره ولكن بدلا من ذلك قد اتبع المجرى الطبيعي للأحداث. بالنسبة للصبي يسوع فهذه هي الزيارة الأولى لبيت أبيه السماوي.، وهذا ما كان يشغل فكره وليس عظمة مباني الهيكل. وكان الهيكل من الضخامة حتى أنه يتسع لمئات الألوف من الذين يصعدون للهيكل في الأعياد. وسط هذا الهيكل ووسط الشيوخ أساتذة الناموس جلس الصبي يسوع يسمع ويسأل لمدة ثلاثة أيام. وكان على الشعب حضور اليومين الأولين للفصح، وكان يسمح للشعب بالعودة إلى بيوتهم بعد منتصف اليوم الثالث. ولذلك قرر القديس يوسف والعذراء مريم العودة إذ لم يكن هناك داعٍ لبقائهم بقية أسبوع الفصح بعد أن أتموا كل طقوسه، وهكذا فعل الكثيرون وبدأوا رحلة العودة. ولكن وجدنا الصبي يسوع لا ينضم لأقربائه أو للصبية من سنه. بل يذهب ليجلس في حلقات الدرس التي يعقدها شيوخ السنهدريم من الصباح حتى وقت التقدمة المسائية للرد على التساؤلات والاستفسارات. وكانت هذه عادة لهم حسب ما ذكره التلمود. وليس بالضرورة أن الشيوخ شعروا في المحادثات التي دارت مع الصبي يسوع أنهم أمام شيء خارق للطبيعة. فهم بحسب عادة الشيوخ كانوا يعطون أهمية ويولون اهتمامًا أكبر لمن يجدوا فيه نضوجا مبكرا أو نبوغا غير عادي. وحتى لو لم يجدوا شيئا فائق للطبيعة في حوار الصبي يسوع إلا أن كل من سمعه تعجب من الفطنة في إجاباته وكيفية ربطه للأحداث. ولكننا لا نستطيع تصور ماذا دار في الحوار بينه وبين الشيوخ، لكن يمكن تصور أن الحوار دار حول معاني الفصح. فالشيوخ يستغلوا هذه المواسم لشرح معانيها للشعب. وربما أظهر الصبي يسوع المعاني المخفية في رموز الفصح وأنها تدور حول المسيا المخلص حمل الله الذي يرفع خطية العالم (أي هو نفسه). ان ترك يسوع لأمه القديسة مريم والقديس يوسف لم يكن ت\نوعا من العقاب لهما لكن كان كامتحان، فاننا لا نقرأ انهما قد تركاه نتيجة اهمال او سهو او نسى خطأ من ابوين بل لقد تركهما يسوع عندما يكون ذلك مفرحا له ان يفعله “هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ»(يوحنا8:3)، فلقد ذكر في من قبل في الناصرة “أَمَّا هُوَ فَجَازَ فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى.“(لوقا30:4) وهم لم يعرفوا ذلك. لقد اختفى الطفل الإلهي وكان يوسف مريم في قلق وحزن لأنهما لم يجداه “بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ، وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ، ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ.“(لوقا43:2-44). يا ترى كم مرة آنّب القديس يوسف نفسه من عدم رعايته لمن أعطاه الله مسؤولية رعايته؟. من ذا الذي لا ينجذب الي حب يسوع على الفور سواء من أمه القديسةمريم أو من كل من قابله واقترب منه؟. لقد اندهشا عندما وجد القديس يوسف والقديسة مريم يسوع في الهيكل:” وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ، جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِين...فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا.”(لوقا45:2-46)، ِوهذا يظهر انهما جتى الآن لم يروا شيئا فوق العادة في حياته معهما لأن كل شيئ كان محتجبا تحت ظلال الطفولة. نجد أيضا ان القديسة مريم هي من كانت اول من لا حظت اتختفاء ابنها فكانت أيضا اول من تشتكي عن غيابه:”وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!»“(لوقا46:2). ونلاحظ هنا انها قد دعت القديس يوسف أباه لأنه في الحقيقة كان ليس قثط ابوه بالتبني لهذا الطفل الإلهي ولكن أيضا بمشاعره الأبوية ورعايته له وبحزنه الذي جعل مريم تقول قولها بانهما كانا “معذبين”. لقد اتحدا معا في القلق لأنه على الرغم من ان يوسف لم يكن له أي دور في ميلاده ولكن مهما يكن كان يشعر بالفرح ان يكون هو المسؤول عن يسوع مخلص العالم كما اخبره الملاك وبالتالي سيحزن عند فقده. صلاة: أيّها الإله الأزليّ القدير، الذي أوحيت إلى القدّيسة مريم البتول، وهي حامل بابنك المتجسّد، أن تخرج إلى زيارة أليصابات وهي حامل بيوحنا وتخدمها، إجعلنا ننقاد إلى صوت الرّوح القدس، فتعظمك نفوسنا وتبتهج بك أرواحنا مع البتول أمّنا للأبد. بربنا يسوع المسيح ابنك الإله الحي، المالك معك ومع الروح القدس إلى دهر الدهور. آمين. اكرام: استعد استعدادا حسنا للاعتراف والتناول نافذة : ياشفاء المرضى اشفي امراضنا تلاوة سر من المسبحة الوردية -طلبة العذراء المجيدة الأثنين16 مايو: “في بيت أبي” ان أول كلمات نطق بها السيِّد كما جاء في الأناجيل المقدَّسة هي: “لماذا كنتما تطلباني، ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي؟!“. هذه الكلمات تكشف عن طبيعة السيِّد المسيح وعن رسالته كما تحدَّد لنا ملامح السلوك اللائق: أ. فمن جهة طبيعة السيِّد المسيح، فهو وإن كان لا يتعرَّض على نسبِهِ لمريم ويوسف، إذ قالت له أُمّه: “هوذا أبوك وأنا كنَّا نطلبك معذَّبين”، إذ كان يوسف أبًا له حسب الشريعة من أجل التبنِّي وان كان ليس من زرعه، وكانت مريم أُمَّه حسب الجسد، لكنه هو الذي العلي، يؤكِّد علاقته بالآب “ينبغي أن أكون فيما لأبي” معلمنا أنه ابن الله الآب! من جهة ناسوته ينسب للقدِّيسة مريم لأنها حملته، أخذ منها جسدًا، لكنه لا ينسب جسديًا ليوسف إنما من أجل خدمته له وارتباطه المملوء محبَّة. فلنتخيل كيف كان شعور مريم في ذلك المنظر فهي تبحث عن ابنها المفقود لمدة ثلاثة أيام في قلق خلال مدينة أورشليم وفقط لتجده منهمك مع العلماء في الهيكل ويبدو انه غير مدرك للحزن الذي سببه لوالديه نتيجة اختفاؤه. عندما سألت مريم يسوع سؤال مفهوم “لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟”، وبدلا من يجاوبها على سؤالها، أجاب الصبي ذو ال 12 عام بأسئلة شائكة منه:” «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟»(لوقا49:2). يخبرنا لوقا ان مريم ويوسف: فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا”(لوقا50:2)، ربما مريم قد تكون شاكرة لإتحادها مرة أخرى بإبنها ولكنها تركت متحيرة بسر ذلك الحدث الدرامي، ترى ما الذي حدث؟ ولماذا فقدت يسوع لمدة ثلاثة أيام؟ وما الذي يعنيه الصبي ذو ال 12 عام عن حاجته الماسة ان يكون “في بيت أبي”؟ دعونا نكتشف معنى إجابة يسوع العجيبة لمريم. أولا لاحظ المقارنة التي صنعها يسوع ما بين ابوه الأرضي وابوه في السماء، فمريم تكلمه عن “أبوه” بالإشارة الي يوسف بينما يسوع يجيب بالتكلم عن “ابي” والذي يعني ابوه السماوي. بالتأكيد ان يسوع سيكرّم والديه الأرضيين ويطيعهما – النقطة التي أشار اليها لوقا قائلا:” ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا”(لوقا51:2)، ولكنه أولا هو ابن الله وأول تعليق يشير له يسوع هو عن ابوه السماوي. كذلك كلمات يسوع المهمة عن احتياجه ان يكون في بيت ابيه حيث ان الهيكل كان معروف بأنه بيت الله. ان كلمات يسوع أحيانا تفسر انه يشير الي الهيكل في أورشليم حيث وُجد ولكن يوجد هنا اكثر من معنى عن التركيز على المبني المقدس، فالتعبير يمكن أيضا ان يترجم ” شؤون أبي” او “عمل ابي”. حيث ان الفكرة عن “المنزل” في عالم اليوناني-الروماني القديم تشير ليس فقط للمكان ولكن الي سلطة العائلة. ان كلمات يسوع تشير ليس فقط لزيارته الجسدية الي منزل الرب -هيكل أورشليم- ولكن أيضا سوق العمل والإلتزام الذي سيتممه للأب السماوي فهو يعني شؤؤون ابيه السماوي من هيكل ورسالة وتمجيد. ان سماع تلك الكلمات جعلت مريم ويوسف يواجهان تحدي عميق بضرورة العمل مع الصبي ذو ال 12 عام الي لذته الفريدة للاتحاد بالأب السماوي وانهما قد دعيا للتعاون مع مهمة ابنهما بأن يتركوه يذهب أينما يريد طبقا لمشيئة وقيادة الأب السماوي حتى لو سبب ذلك لهما أي حزن. “ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا”(لوقا51:2).، لا يجب ان نفقد أي كلمة من هذا النص المقدس الذي ذكره لوقا الإنجيلي فتعبير “نزل” معهما الي الناصرة بعد ان مكث بعض الوقت متمما بعض أعما ابيه السماوي فعاد الي حياته العادية في كنف والديه وكان خاضعا لهما حتى يوم بدء رسالته وهو سن ال 30 ولا يصنع شيئا غير مألوف سوى طاعتهما. ربما قد نندهش ان كل عمل يسوع المسيح ابن الله هو ان يطيع اثنان من مخلوقاته وقد يتبادر للذهن ما الذي كان مطيعا لهما فيه؟ افي نشاطاته القليلة في عمله في حانوت النجارة؟ من هم أولئك الذين يبكون ويشتكون اذا ما كان في العمل المسنود اليهم لا يتماشى مع المهارات التي لديهم او ينعكس على ما يفتخرون به؟ دعهم يأتون الي منزل يوسف ومريم ودعوهم يرون يسوع في عمله هناك. اننا لم نقرأ ان يوسف ومريم كانا لهما خدم مثل الآخرين لكي يخدمونهم ولكن هنا نجد ان يسوع نفسه هو القائم على خدمتهما فهو الذي جاء “ليخدم”0متى28:20). عندما ذهب يسوع للبرية جاءت الملائكة مجبرين لخدمته ونحن لم نراه ابدا له خدم يخدمونه في دعوته او رسالته. من المعروف ان يسوع نفسه قد عمل في حانوت ابيه بالتبني القديس يوسف الذي علّمه النجارة (متى55:13). هناك آدلة كثيرة تشير ان يسوع قد فقد ابيه بالتبني يوسف قبل ان يبدأ رسالته ففي عرس قانا الجليل لم يذكر شيئ عن القديس يوسف وفي احداث ما قبل الصلب نراه قد ذهب الي كفر ناحوم مع امه واخوته وتلاميذخ (يوحنا12:2) ولم يذكر اسم يوسف لذلك نجد انه في بداية رسالة يسوع وفي سلسلة الأنساب جاء :” لَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ”(لوقا23:3). اننا نرى يسوع بدون خجل يعول امه مريم الأرملة بعمله في حانوت الناصرة متخذا صناعة ابيه بالتبني يوسف في عمل النجارة لكي يمكن لكليهما ان يعيشا”أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ،”(متى55:13)، فلم يتكلم اهل بلدته عن ابيه لأنه كان قد توفى وبهذا فلقد خدم يسوع القديس يوسف طوال حياة يوسف الأرضية. هناك من يخجل من ان يرى المخلص في عمل مثل ذاك ويغفلون ان يروا معجزاته منذ طفولته وحتى رسالته وهذا ما دونه كتبة الأناجيل النحولة والتي لم تعترف بها الكنيسة لما تحتويه من قصص لا تتفق مع ما جاء في الوحي الإلهي. لقد جاء ان يوحنا المعمدان لم يظهر الى الناس وكان في البراري (يوحنا80:1) بينما يسوع جاء في حياة بشرية عادية معروفة للجميع حتى يتم ما قيل “اخذ بشريتنا..كان يمكن ان يحيا حياة خفية ثم يظهر فجأة كما كان يظن اليهود ولكنه في الحقيقة كان اللقب “ابن اٌنسان” حقيقة عملية ملموسة. صلاة: يا قديسة مريم أمي المحبوبة انه بمثال تواضعك علمتيني كيف أسلك أمام عظائم الرب التي يمنحها لي بلا عدد ولا وزن ولا مقياس. آمين. اكرام: ردد بثقة وايمان صلاة “تحت ذيل حمايتك” نافذة: نجينا على الدوام من جميع المخاطر يامريم يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الثلاثاء 17 مايو ” في قلبها” لهؤلاء الذين يزداد اعتراضهم او يخجلون من ان يسوع قد أمضى حياة غامضة تماما وأيضا بالنسبة الى حالة القديسة مريم ويرغبون ان ينسبوا سلسلة من المعجزات عنها وبدأوا يكتبون وينشرون قصصا بالغة الدهشة حتى ان الكنيسة الأولى لم تعترف بتلك الكتابات. ان واجبنا ان ننصت الى ما جاء في الانجيل المقدس والذي جاء فيه “ ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا“(لوقا51:2). ان عمل يسوع هو تكريس نفسه لحرفته حتى بدء رسالته العلنية، وان عمل مريم كان ان تتأمل نهارا وليلاًَ في أسرار الله. هل يا ترى عندما فقدت مريم ابنها في الهيكل هل غيّرت دورها؟ وها هي نراها تظهر في سفر أعمال الرسل او في تقليد الكنيسة فلقد ذكر اسمها ضمن من كانوا في العليّة عند حلول الروح القدس على الرسل والتلاميذ” هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ.“(اعمال14:1). اليس يكفي ان يكون دورها ان تحفظ في قلبها كل ما عاينته ولمسته وعاشته من حياة ابنها؟ اما عن اسرار طفولة ابنها وذكرياتها عنها كانت ذكرى عطرة فكم وكم ما يمكنها ان تتذكره في حياتها الباقية بعد رحيل ابنها وقيامته وصعوده؟ لقد تأملت مريم في يسوع وهي أيضا مع يوحنا الحبيب التلميذ الذى كان يحبه يسوع نموذجان لحياة التأمل وظلت مريم في التأمل الدائم وانصهرت وذابت في حب وشوق ابنها الحبيب. ما الذي تقرأه الكنيسة في يوم انتقالها المجيد بالنفس والجسد؟ انه ذلك النص الإنجيلي عن مريم اخت لعازر التي كانت جالسة عند قدمي المخلص تستمع لكلماته المحيية:” وَكَانَتْ لِهذِهِ أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَمَ، الَّتِي جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَكَانَتْ تَسْمَعُ كَلاَمَهُ.“(لوقا39:10). من كنوز الكتاب المقدس وجدت الكنيسة اكثر نص مناسب عن القديسة مريم أم يسوع لكي تكرمها بالتأمل في موقف مريم أخرى وما قامت به ليعطينا فكرة تأملية عن دورها التأملي وحفظ كلمات واحداث يسوع ابنها في قلبها. اذن ما الذي يجب ان يقال لمن يرغبون بكل الطرق للتعرف على كل الأشياء الثمينة ويعلنوها عن القديسة مريم؟ ما الذي أيضا يمكن ان يقال لمن هم غير راضون بتواضع وتأمل كامل لأن هذا هو ما قد أرضى مريم وأيضا يسوع نفسه لمدة ثلاثون عاما. ان صمت الكتب المقدسة عن هذه الأم السماوية هو أعظم وأكثربلاغة في مديحها واكرامها. اذا هذا الجزء عن مريم التي “ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا”، هو اهم شيئ لأن “الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا»“(لوقا42:10).. ايتها الكبرياء البشرية ما هي شكواك من جميع مخاوفك؟ انك لا شيئ في هذا العالم؟ أي نوع من الشخصيات كان يسوع؟. أي نوع من الشخصيات كانت مريم؟ انهما كانا عجائب هذا العالم وصورة الله المنظورة وملائكته وماذا فعلا يا ترى؟ من أي عواقب كانا؟ ومن أي نوع من الأسماء كانت لهما؟ وما الذي ترغبه لكي تكون مشهور ومحتفل به؟ انت لا تعرف أي من مريم او يسوع. انت تريد موقف يظهر مهاراتك ولا تدفنهم، ولكن يسوع قد استخدمك بأن منحك هذه المواهب ويخبرنا بأنه سيطالب بها حساب وكالتك. ان المواهب التي اخفيتها ولم تستثمرها كما يجب ودفنتها لا تكن محبوبة بدرجة كافية في عين الرب وتصبح بلا ثمن وبلا نفع لكن لو استخدمتها لمجد الله وبمعونته تصبح وزنتك مثمرة. لو قلت في نفسك انني لا شيئ ولا أملك شيئ ولا أقدر أن أعمل وحتى لو عملت عملا فهو صغير وقليل ولا يجلب لي أي سعادة فما جدواه اذن، وانا اريد ان أتركه من ورائي وان آخذ اسرتي فقط معي فلا اهتم بعيري، فهل يا ترى تطلعت مريم ويسوع ان يظهرا انفسهم فقط دون مراعاة لإحتياجات الآخرين؟. أنظر الى ذاك النجار السماوي ومعه منشاره وأدوات نجارته وانظر الي يديه وقد تقست من استعمال تلك الأدوات البسيطة والحقيرة في نظر البعض، انه لم يقف حلف منصة ولكنه فضّل ان يمارس حرفة اكثر تواضعا واكثر أهمية لمعيشته واعالة أمه. لم يستخدم أي قلم أويسطر كلمات جميلة ولكنه بقى في عمله مكتسبا معيشته من عرق جبينه. لقد كان يعمل ويسّبح ويصلّي ويواظب على الذهاب للمجمع كل يوم سبت مباركا ومنفذا لمشيئة الله في تواضعه وخضوعه وطاعته. ويا ترى ما هو العمل الذي قام به عندما ابتعد عن ابويه يوسف ومريم في فرصة وحيدة، اليس انه قد هرع الي بيت ابيه السمائي؟. لقد عمل يسوع لخلاص كل البشرية، وانت تقول “ليس لدي أي شيئ اعمله” بينما في الحقيقة ان عمل خلاص البشر يكون ولو في جزء منه مسنود اليك. الا يوجد لديك أي أعداء يحتادون للمصالحة؟ مشاجرات تحتاج الي التهدئة؟ اختلافات تحتاج الى انهائها، حتى يمكن للمخلّص ان يقول:” فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ.“(متى15:18)؟. ألا يوجد انسان بائس يحتاج ان يرجع عن شكواه، تجديفه او يأسه؟ واذا ما يجب ان كل تلك الأعمال قد تؤخذ بعيدا عنك فهل لا تظل تعمل من اجل خلاصك والذي لكل واحد منا هو عمل الله؟ اذهب الي الهيكل اذا كان من الضروري فاذهب بعيدا عن امك وابوك وتنازل عن شهوات الجسد وقل مع يسوع:” يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ.“(يوحنا4:9). فلنكن متواضعين وصادقين مع أنفسنا اذا ما فكرنا انه لا يوجد شيئ في عملنا جدير بوقتنا. صلاة: يا أمنا المحبوبة يا من علّمتينا كيف ننظر لأعمال الله “متفكرين” و”محتفظين” بها في قلوبنا دون أن نتشكك او نيأس او نهتز بل نمجد ونسبح الله ونشكره على كل حال وفي كل حال ومن أجل كل حال. آمين. أكرام: لا تسرع في تلاوة الوردية بل صل باناة وتأمل بمعانيها السامية نافذة:يا سلطانة الوردية المقدسة صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الأربعاء 18 مايو: مخترقة بالسيف دعونا نلتفت الي أحزان وجروح نازفة تلك التي اخترقت قلب مريم، كيف يمكن ان نتفهم حزن مريم؟ من الذى يمكنه ان يصف تلك المشاعر العميقة. نعم، اذا ما حضرنا اليها فقلوبنا ستتكلم جراء ما سنراه ونسمعه ونلمسه ونتأمل فيه. يجب أولا ان نتذكر ان تلك الأفراح التي صادفت العذراء القديسة مريم من كونها أم يسوع المسيح، هكذا أيضا يكون استشهادها فحبها له كان هو مصدر عذابها. لا يحتاج الأمر ان ندعو الجلاد او نثير غضب المضطهد لننضم مع هذه الأم من اجل معاناة ابنها يسوع. في الحقيقة هناك شهداء قديسين قد أخذوا اثار المسامير والسياط وتمزيق أجسادهم والتي بها قد حملوا بعض العلامات للمسيح المصلوب. ولكن بالنسبة الي مريم كل الذي قد حدث هو الحب المبذول ولا يمكننا ان نتفهم كيف ان حبها هذا قد أصاب قلبها بالحزن طوال حياتها ما لم نتيقن انه كان كاف لكي يسبب لها ذلك الاستشهاد. انه يكفي صليب واحد مطلوب لكليهما فالابن المحبوب يُصلب عليه وهي تشاهده وهو يعاني ويموت ولا تملك الا الاستسلام. لم تكن إرادة الأب السماوي بالنسبة لها ان تغطى بالجروح كالابن ولكن وقوفها تحت صليب ابنها كان يكفي لحرقة قلبها. لكي نفهم هذا يجب أولا ان نتأمل في حب الأم وبعدها نرفع انظارنا وافكارنا الي ما هو فوق طبيعة حب الأم القديسة مريم. يمكننا ان نرى صورة من ذلك النوع من حب الأم وطبيعته في قلوب الأمهات نحو ابناؤهم. لا يمكننا ان نتخيل ونعجب بكل الوسائل التي فيها ترتبط الأم بوليدها منذ ان كان موجود في رحمها يتغذى منها ويحصل على كل ما يحتاجه للحياة، معا ينميان ويتعرضا لنفس الأخطار ويكونا كيان واحد في اتحاد تام حتى تتم ولادة الطفل ولا تنتهي تلك العلاقة فهي تنتقل من مرحلة الى مرحلة حتى نهاية رحلة احدهما. لننظر الآن الي صورة وردت في الأنجيل المقدس عن تلك الأم الكنعانية التي كانت ابنتها خاضعة للروح الشريرة وكيف لجأت بكل توسل وسجدت عند أقدام المخلص وانظر الي دموعها وانصت الي صراخها وحاول ان تسأل نفسك ايهما كان معذبا أكثر ابنتها ام هي:” وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً: «ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا».فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!» فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب».فَقَالَتْ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ”(متى22:15-28). ولكن اذا ما ارادت تلك الأم رحمة من اجلها هي كانت ستطلب من اجل معاناتها هي وحدها ولكن لا بل قالت انا لا أتكلم عن عذاب ابنتي وحدها بل ان عذاب ابنتي هو أيضا عذاب لي. هنا نرى ذلك الارتباط ما بين الأم والإبنة او الإبن فالأم مرتبط قلبها بقلب طفلها. ان كل ما نراه في قصة تلك المرأة الكنعانية والتي يمكن ان تكون إلا ظل غير كاف يعكس الحالة ما بين العذراء مريم وابنها يسوع فحب العذراء لا يمكن مقارنته بحب أي أم لأنه أقوى وأعمق. علينا اذا ان نغوص أكثر لكي نتفهم ونكتشف ذلك الحب العجيب ما بين العذراء مريم ووليدها وعلينا ان حبل العذراء بيسوع لم يكن بطريقة عادية ولذا فكان تساؤلها للملاك:” كيف يكون هذا؟” وكيف يمكنها ان تصبح أما وهي قد نذرت البتولية؟ كانت إجابة الملاك لها:” «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.“(لوقا 35:1). انه من الواضح اذا ان امومتها جاءت من أعلى وتبعا لذلك يكون حبها. كيف يمكن للطبيعة وحدها ان تكون قد اُخذت لتكّون داخل العذراء المباركة حبا يكون لإبنها؟ لكي تحب الله بكفاءة واستحقاق يجب ان تكون هناك أساس فوق الطبيعة. هل احبت مريم يسوع كإنسان ام كإنسان تام وإله تام؟ بأي طريقة عانقت شخص يسوع المسيح الله الكلمة المتجسدة والذي فيه اتحد الثالوث الأقدس الاب والابن والروح القدس. الطبيعة وحدها لا يمكنها ان توحد اللاهوت بالناسوت وكذلك الايمان لا يسمح لنا ان نفصل بينهما فكما يقال في القداس الإلهي:” فلاهوته لم لم يفارق ناستوه لحظة واحدة ولا غمضة عين”، فيا ترى ما الذي يمكن للطبيعة العادية ان تحققه هنا. الطبيعة تحث مريم ان تحب ولديها كل شيئ تحتاجه ان تحب الابن ولكن ليس من الضروري بالنسبة لها ان يكون حب الابن العادي كحب الله. ان هذا الابن والله هم واحد ولذلك لا تستطيع الطبيعة وحدها ان تجد الوسائل لتدفع مريم ان تحب الابن بصورة لائقة. انه الله الأب الأزلي الذي وضع في قلب مريم حبا عجيبا وغير عادي لإبنه الوحيد والروح القدس عمّق ذاك الحب لذا كان حبها بلا حدود ولا شروط وغير زمني وهذا هو أصل حب مريم لأبنها. بهذا الحب العجيب ما بين الأم وابنها فكانت أي طعنة او جلدة او عبارة او رفض او ثقل او صلب هو أيضا طعنة والم في قلب الأم. فلنتأمل في احزان مريم ونحاول ان لا نتمثلها في خيالنا وتصوراتنا فقط بل علينا ان نتبع مثال مريم في قبولها الآلام والأحزان والضيقات والاضطهادات حبا ليسوع وفي يسوع. ان صليب يسوع ينبغي ان يفعل فينا ما فعله في قلب مريم فإذا ما شاركنا آلامه فيصبح العالم ليس فيه أي لذة بالنسبة لنا فأكليل الشوك الموضوع على رأس ابن الله يجب ان يذيب كل شهوة نحو الخطية وكل رشفة من الخل الممزوج بالمرارة يقودنا لنبذ أي لذة أرضية. صلاة: أشكرك يا أماه على قبولك التسليم المطلق لمشيئة الله في حياتك فعلميني وقوديني لأن أقبل في استسلام لمشيئته المقدسة في حياتي. آمين. اكرام : اجمع افراد الاسرة واقرأ عليهم فصلا” من الانجيل المقدس نافذة : يا أم الله كوني أمنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الخميس 19 مايو: عند الصليب لكي نقدّر عمق استسلام مريم لمشيئة الله يجب ان نلاحظ ان الآلام يمكن ان تولد بطرق ثلاث فنحن نتخطى الآلام أولا وفي معظم الأحيان عندما يختفي تماما بكل احاسيسه وفي هذه الحالة عندما نرتضي تماما بها ونتعزى. الطريقة الثانية عندما تظل النفس مثارة ومضطربة من قِبل الشرالذى يستشعره ولكنه مع ذلك يتحمله بصبروفي هذه الحالة نحن عازمون ومصممون على التحمل ولكن مازلنا مضطربين. الطريقة الثالثة عندما نكون عقلاء ومدركين لحجم الألم والحزن لكننا لا ننزعج منه وفي هذه الحالة يتطلب الأمر انارة وتدخل إلهي. في أولى تلك الحالات الصلاث نتمتع بسلام شبه كامل لأن الحزن قد اختفى بعض الشيئ وفي الحالة الثانية نحارب ضد الحزن على الرغم من ان داخل نفوسنا يمكن ان تتغلب عليه ولكن يمكن ان تثار أسباب الحزن نتيجة ذلك الجهاد مع النفس. في الحالة الثالثة والتي لا يمكن ان تحدث بدون معجزة والتي يعطينا قيها الله القوة التي نجابه بها عنف ذاك الحزن ولكن نكون في سلام مع أنفسنا الذي لا يُفقد. انه لسبب جيد ان الكتاب المقدس غالبا ما يقارن الحزن ويشبهه بأمواج البحر لأن الحزن له أمواج مريرة تدخل الى أعمق أعماق النفس كما جاء:” غَرِقْتُ فِي حَمْأَةٍ عَمِيقَةٍ، وَلَيْسَ مَقَرٌّ. دَخَلْتُ إِلَى أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ، وَالسَّيْلُ غَمَرَنِي.“(مزمور2:69). ان احزاننا هي موجات متهورة تضغط علينا بعنف كما جاء:” لأَنَّ أَمْوَاجَ الْمَوْتِ اكْتَنَفَتْنِي. سُيُولُ الْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي”(صموئيل الثاني5:22). مثل موجات البحر عندما نظن انها هادئة فها هي ترتفع مرة أخرى بغضب جديد. عندما اهدأ يسوع مياه البحر بطرق ثلاث: “فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ! اِبْكَمْ!». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ.“(مرقس39:4)، هكذا يتغلب الله على أحزاننا. احيانا يأمر الله المياه والريح أن تهدأ والتى أصبح بعدها “هدوء عظيم”(متى26:8)، فمثل ذلك يسكب روحه القدوس على النفس المضطربة فيهدئها ويعيد سكينتها كما قال القديس بولس الرسول:” لأَنَّنَا لَمَّا أَتَيْنَا إِلَى مَكِدُونِيَّةَ لَمْ يَكُنْ لِجَسَدِنَا شَيْءٌ مِنَ الرَّاحَةِ بَلْ كُنَّا مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ: مِنْ خَارِجٍ خُصُومَاتٌ، مِنْ دَاخِل مَخَاوِفُ. لكِنَّ اللهَ الَّذِي يُعَزِّي الْمُتَّضِعِينَ عَزَّانَا بِمَجِيءِ تِيطُسَ.“(2كورنثوس5:7-6). هنا يهدئ الله الأمواج ويعيد الهدوء المفقود. واحيانا يسمح الله للمياه ان تضرب القارب وللأمواج ان ترتفع بقوة وشراسة ويجعل القارب يتأرجح من عنف الأمواج. وفي حادثة بطرس الذي تم انتشاله قبل ان يدفن في اعماق البحر بأن أعطى يده الي بطرس، بالمثل وسط المشاكل العنيفة والنفس تكون مضطربة وقلقة جدا حتى تبدو انها ستغرق تأتى التعزية :” مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ، الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ”(2كورنثوس3:1-4). في الحالة الثالثة- الأمثل والأجمل- يدع العاصفة تتحكم وسمع للرياح بهياج الأمواج وحركها وتركها ترتفع حتى غطت الأمواج القارب بينما يسوع نفسه “نائما” ولم يتحرك امام العاصفة، بل بالعكس تماما فلقد سار نحو كل هذا بثبات عجيب بل كان “ماشيا على البحر”(متى25:14) وكانت الأمواج تحت قدميه ويبدو انه تمجد في تحدي ذلك العنصر الجامح وهو في قمة هيجانه زثورته. بصورة مماثلة يدع الله مقاليد حزننا تنطلق بكل قوتها ولكن بثباته يرافقنا في مسيرة ثابتة فوق تلك الأمواج زالتى تصبح حينذاك مقيدة وتصبح بمثابة دعم لنا. هذا هو الطريق الثالث والذي فيه يسوع يتغلب فيه عاى الآلام التي قد تصيبنا. ها اننا قد رأينا فقط صورة مما حدث في نقس القديسة مريم، فعندما نظرت وشاهدت يسوع وهو يموت على الصليب وهاجت أمواج الحزن في داخلها بقوة شديدة والتي تبدو كانها تهدد السماء نفسها بثورتها وتهدد ثباتها بأبشع حزن ممكن ويمكن ان بقودها الى فخ الشك عندما رأت لا شيئ أمامها سوى رعب الموت ومع ذلك كان ثبات مريم انموذج لقوة ايمانها. لم تكن مريم تتمنى ان تنتهي مشاكلها او احزانها على الفور لأن تلك الأحزان جعلتها تشترك مع ابنها في آلامه. لا يمكن ان نعرف حدودا لألام تلك الأم لأنها لا تستطيع ان تقلل من حبها او تحتويه. لا تريد ان تتعزى لأن ابنها لم يجد المعزّي ولم تسأل الأب السماوي الأزلي ان ينظر الي احزانها او ان يرفعها بل انها لم ترغب ان تعامل اقل من ابنها بل تشترك في صليب وحيدها. ان حزن مريم يمكن ان يزداد ويرتفع كأي أم ترى وحيدها يموت امامها ولكن لم يسمح الروح القدس لهيكله ان يتحطم لأن أَسَاسُهُ فِي الْجِبَالِ الْمُقَدَّسَةِ (مزمور1:87) حيث لا تستطيع أمواج الحزن الوصول اليها ولا تستطيع تلك الينابيع النقية والذي قد حفظها بعناية فائقة من تربة الشهوة ان تضطرب من طوفان الحزن لذا ظلت نفس مريم في سلام وايمانها لا يضطرب. لكي يمكننا ان نفهم السبب يجب ان نتأمل أكثر في هذا السر. في ليلة موت يسوع ان ابن الله قد اهتز بشكل رهيب من اقتراب تلك الساعة التي قد تجسد من أجلها وتوقعات المحاكمة والعقاب أصبحت اكثر وضوحا أمامه ولكنه لم يهتز او يحزن فكلماته للص اليمين يمكن ان تعكس هدوءه وأيضا تعرفه بمن كانوا تحت صليبه وتذكره لكل ما كتب عنه في الأنبياء عن مرارة الخل والمعايرة وكل ما ذُكر كان على عِلم به فهو قد جاء لتحقيق كل تلك النبؤات تنفيذا لمشيئة ابيه السمائي بحرية تامة وطاعة كاملة هذا قال:” أَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي”(يوحنا17:10-18). انالسبب فيان نراهفي سلام وهو على جبل الجلجلثة على الرغم انه كان من قبل في حزن واكتئاب شديد في جبل الزيتون لأنه على الصليب وعند جبل الزيتون كان يعمل من أجل ذبيحته التي سيقدمها لأبيه، التضحية والذبيحة هي الفعل الذي يقدمه الانسان إجلالا واحترام نحو الله ومن كل القلب والفكر والارادة. ننا نقرأ عن السيد المسيح في صنعه الفداء أنه “مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ” (عبرانيين12: 2). ان هذا السر عظيم للغاية ولقد اعطى يسوع أمه ان تشاركه آلامه وها هي عند اقدام الصليب والذي حطّم قلبها ولكن هذا الصليب هي التي به قدمت وحيدها ذبيحة بخور للأب السماوي ولم تتوقف عن تقديمه منذ ان سلّمت حياتها “ها انذا آمة للرب” وفي كل لحظة من لحظات حياتها قدمت ذاتها ووحيدها للرب. اكرام: فكر وتأمل باحزان مريم لكي تسندك في احزانك نافذة: احضري عندنا في ساعة موتنا ايتها القديسة مريم. يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الجمعة20 مايو: أحزان مريم انّ عذابات مريم كانت عظيمة, وذلك لأنّها كانت تُحبّ يسوع محبّة طبيعيّة كإبن لها، ومحبّة فائقة الطبيعة كإله. فهاتان المحبتان إتحدتا في قلب مريم،حتى تركتا قلبها كآتون نار بالمحبّة، فأحبّت الله على قدر ما يُسمح لخليقة أن تحبّه. ومن هنا،نعلم أنّه لم يوجد وجع يوازي وجع مريم. إنّ مريم شاهدت آلام يسوع بعينيها. نحن المؤمنون لا نتمالك من ضبط دموعنا عند نظرنا صورة آلام المسيح،فكم كانت هذه الصورة الحيّة الحسّية، التي وقعت تحت أنظار مريم، جديرة بأن تثير في قلبها الأحزان على من تحبّه أكثر من نفسها! هذه الآلام كانت مطبوعة في ذاكرتها،حتى كان يمكنها أن تقول: “إنّ وجعي أمامي في كلّ حين”،ولكن هذه الآلام ازدادت شدّة، عندما إلتقت بإبنها على طريق الجلجلة. إنّ أحزان مريم استمرّت لفترة أطول من أحزان يسوع، لأنّها كانت تتوجّع عليه وهو طفل، وبقي صوت سمعان الشيخ يذكّرها بالرمح الذي سيجوز في قلبها كلّ أيام حياتها. ولمّا فارق يسوع الحياة، ولم يعُد يتألّم، بقيت هي واقفة تحت الصليب تتألّم عنه. وقد أوحت العذراء المجيدة إلى القدّيسة بريجيتا، قائلة: “عندما خرجت الحربة من قلب ابني، شاهدتها مصبوغة بالدّم! وإذ شاهدت قلب ابني مُنشقّاً، شعرت كأنّ قلبي قد تشقّق”! هذه هي الآلام العظيمة التي احتملتها مريم، فكانت سبباً لإزدياد آلام يسوع, وسبب كل ذلك هو الخطيئة التي يجب على كلّ مسيحي أن يبغضها بُغضاً مُميتاً. ولكن هناك الكثير من الآلام والأحزان التى عاشتها أمنا مريم العذراء قبل وأثناء وبعد حياة إبنها على الأرض، منها نتذكر:مرحلة طفولتها، خطبتها للقديس يوسف، حياتها الفقيرة، البشرى العجيبة، الرحيل الى بيت لحم، ولادة إبنها فى مزود، صراخ أطفال بيت لحم، وخضوعها للشريعة،وختان يسوع،ونبؤة سمعان الشيخ،والهروب الى مصر والحياة فى غربـة،عودة وحياة فى بلدة مغمورة،فقدان للطفل السماوي فى الهيكل،موت الشريك،رسالة الإبن،عرس قانا الجليل، رفض الشعب لإبنها وإهانة وتشكيك،دخول أورشليم الإنتصاري، خيانة تلميذ وصراخ فى البستان،محاكمة ظالمة وبيلاطس يحكم على ابنها بالموت، حمل الصليب، وبدأت المسيرة الى الجلجثة، تعرّيه الجنود لإبنها من ثيابه ويسقوه خلاًّ ومرارة، صوت المطرقة وهى تسمِّرُ ابنها على الصليب، وإبنها يفارق الحياة ويموت على الصليب، يسوع ينزل عن الصليب ويوضع في حضن أمه مريم،يسوع يوضع في القبر، قيامة مجيدة، رسالة أم ومسؤولية مستمرة،موت وإنتقال،ودور الأم مع الكنيسة وحزنها على خطـايا البشر وظهوراتها الـمستمرة لإنذار البشرية جتى مجيئ إبنها الثاني. فلنتأمل معاً كل تلك الأحداث والتى تضع أمامنـا كيف أن أم يسوع وأمنا قد شاركتنا نفس الآلام والأوجاع وتحملتها بشجاعة وإيمان وصبر وإستسلام لمشيئة الله جعلتها مثالاً يُحتذى به. اكرام: لا تهمل اعترافك بالخطايا و حاول التناول في هذا الشهر نافذة: يا ملجأ الخطاة صلّي من اجلنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. السبت 21 مايو : هذه أمك انها تنتمي الي التلميذ المحبوب والإبن العزيز للقديسة مريم العذراء وأول ابن أعطاه يسوع لها عند الصليب ليقول لنا عن سر طهارتها العجيب:” وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا، وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ.“(رؤيا1:12-2). يؤكد لنا القديس أغسطينوس ان هذه المرأة هي القديسة مريم ومن السهل اثبات انها تمتلك عدة براهين مقنعة، ولكن كيف لنا ان نفهم آلام ولادتها؟ نحن نعرف لانه ايمان الكنيسة من ان مريم قد استثنت من تبعات اللعنة التي جلبت على كل أم كما جاء”وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا”(تكوين16:3) فهي قد ولدت بدون ألم كما قد حفظت بتوليتها. فكيف لنا اذاً ان نصلح هذا التناقض الظاهري؟ يجب ان نفهم ان القديسة مريم قد ولدت بطريقتان فهي انجبت يسوع وانجبت المؤمنين، أي انها أنجبت البرئ وانجبت الخطأة. انجبت القدوس الذي بلا خطيئة بدون ألم ولكن ولدت الخطأة بحزن ومعاناة. سنصبح أكثر فهما لكونها أم كل البشر الذين فداهم ابنها الفادي عندما نعود لحدث الصليب وما جاء في سفر الرؤيا. المرأة في سفر الرؤيا 12 هي أماً ليست فقط المسيّا بمفرده” فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ،”(رؤيا5:12)، ولكن أيضا المسيحيين :” فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَعِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ”(رؤيا17:12)، بينما مريم عند الصليب تم تقديمها ليست فقط كأم يسوع ولكن أيضا كأم للتلميذ الحبيب” وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِه”(يوحنا25:19-27)- صورة من يمثل كل التلاميذ المؤمنون. لقد علّمنا يسوع الكثير كما جاء في الانجيل المقدس:” أَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.“(يوحنا16:3)، انها نفس محبة الله الأب الذي بذل ابنه الوحيد وقدمه كذبيحة لكي يتبنانا ويعطينا الحياة ويجددنا، فها هو الله الإبن يقدم لنا أمه لتكون اما لنا. ان هذا الأمر هو في الحقيقة ميلاد مؤلم فكيف كانت مشاعر تلك الأم وهي تستقبل المسؤولية الجديدة من فم ابنها الحبيب وهو يموت؟ من بين كل تلك السيوف التي اخترقت قلبها من قبل فبالتأكيد كان هذا القول اكثرها حزنا:” «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ».” فهل تلك الكلمات كانت هي كلمات الوداع الأخيرة؟ وربما تقول في نفسها يا ابني هل بذلك ستتركني؟ يا الله أي ابن تعطيني إياه لكي يحل مكانك؟ انسان بشري بديلا لك أيها الابن الله-الانسان؟ يا له من عزاء حزين وغير كاف؟ بالطبع لم يكن غرض المخلص العجيب ان يعزي امه بأن يعطيها ابن مسؤول عنها ولا ان يجعلها تحزن بلا نهاية. كانت مريم معتادة بحب الله والآن وجدت نفسها انها مسؤولة عن ابن آخر لا يمكن مقارنته بابنها الإلهي، وهذا الابن الجديد يبدو انه يذكرها بتعاستها اكثر من ان يكون سبب لتعزيتها لفقدها ابنها المحبوب. ولكن لكونها قد كرست ذاتها وخضعت لمشيئة الله فكانت تلك الكلمات “هو ذا ابنك” هي مسؤولية جديدة فقبلتها في استسلام. ان القديسة مريم هي حواء الجديدة، ام كل الأحياء في حياة النعمة الإلهية. لقد شُبهت مريـم العذراء من العديد من أبـاء الكنيسة وعلماؤهـا بأنهـا “حواء الجديدة”، أو “حواء الثانيـة”، كما أن الـمسيح هو آدم الثاني:”فكما فى آدم يموت الجميع كذلك فى المسيح سيحيا الجميع”(1كورنثوس22:15). وحواء العهد القديم هى أم كل حي كما دعاها آدم (تكوين20:3)، والعذراء هى أم كل مؤمن بإبنهـا يسوع فلقد ولدت المسيح الإله الـمتجسد فصارت به أمـاً لكل الأعضاء المتحدة بجسده:”نحن الكثيرين جسد واحد فى المسيح”5:12). يا كل المسيحين واولاد مريم وأبناء حزنها وأبناء الدم والحزن هل يمكنكم ان تنصتوا بدون دموع لمرارة ما تسببونه لتلك الأم؟ هل يمكننا ان ننسى اذا العذاب الذي كابدته لكي تلدنا تلك الولادة الجديدة في المسيح؟ فنحن مدعوون ان نكون حاضرين ومتواجدين عند الصليب بشخصنا كذلك التلميذ الحبيب الذي يمثل كل المؤمنين وها هو يسوع ينظر الينا جميعا من على الصليب قائلا لنا:” هوذا امك” ووجه امه القديسة لكي تنظر الينا في عطف وحنان وحب لترى فينا ابنها الغالي في شخص كلا منا. اذا ما رغبنا ان نكون بحق أبناء تلك الملكة العظيمة يجب ان نقبل بحب ان تكون مريم هي امنا الجديدة السماوية. اكرام : اعط مثالا” صالحا” باحترامك يوم الرب وكمل كل ما تفعله بروح الله , فهذا طريق القداسة نافذة : اجذبيني وراءك ايتها العذراء القديسة يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الأحد 22 مايو: حياة جديدة ان الحب يعطى حياة جديدة للقلب وبطبيعته فان القلب يحيا لنفسه وعندما يصاب بالحب يبدأ حياة جديدة من أجل الذي يحبه. هكذا القديسة مريم عاشت بقوة حبها لله ولإبنه، ففي حالتها فان احد احزانها المميت وصلبها الحزين وسط ذاك الحزن فلقد عاشت بحبها. لقد حافظت دائما امام عينيها يسوع المسيح المصلوب ومن اجل فاعلية الايمان وبمثاله استطاع القديس بولس الرسول ان يقول لأهل غلاطية:” أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوبًا!” (غلاطية1:3)، فكم أكثر يمكن للقديسة مريم ان تكون قادرة ان تحتفظ بحضور ابنها الممزق بقسوة والذي ينزف ويموت من جروحاته العديدة. ان تكون دائما متيقظا ومفكرا في الصليب ومعاناة يسوع عاشت حياة الحزن والموت واصبجت مريم العذراء قادرة ان تقول مع الرسول:” أَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ“(1كورنثوس31:15)، لكن في حالتها هذه قد جاء الحب لكي يعضدهاويقويها في حزنها. رغبة قوية لتكييف نفسها لإرادة المحبوب جعل حزنها يمكن احتماله فيسوع يحيا فيها ولأنها عاشت فقط من أجل حبه. ان الشهداء قد تحركوا برغبتهم ان يعانوا هذا بأن يحفزوا شجاعتهم ويؤيدوا قوتهم وفي نفس الوقت يمدوا ويطيلوا حياتهم رغم الآلام والمعاناة. من أجل ان يتم اتحاد حياتها مع حياة يسوع المصلوب احتفظت مريم دائما بصورة ابنها المصلوب في قلبها وامام عينيها وعاشت حياة الحزن وجعلت كل رغبتها ان لا تبرح ابدا فكل رغبتها واشواقها ان تلك المسامير ان تغرس أيضا فيها كما انغرست في جسد ابنها الوحيد وان تُعلق معه فحبها للصليب جزء من حبها للمصلوب. ان مريم عاشت فقط لكي تعاني كما جاء على لسان صاحب نشيد الأناشيد:” أَسْنِدُونِي بِأَقْرَاصِ الزَّبِيبِ. أَنْعِشُونِي بِالتُّفَّاحِ، فَإِنِّي مَرِيضَةٌ حُبًّا.“(نشيد الاناشيد5:2). ان حبها دائما يطلب لأن حزنها يسعى للحصول على تعضيد، ولكن أي تعضيد ومن أي نوع؟ زبيب الجلجلثة وتفاح الصليب. زبيب الجلجلثة هي تلك الأشواك وتفاح الجلجلثة هي آلام يسوع التي حملها. هذا هو الدعم والتعضيد الذي تتوق مريم اليه وفي فكرها. ان حب يسوع المصلوب جعلها تحيا في هذه الحياة ولعينيها رأت يسوع مصلوبا وبأذانها سمعت الصرخة الأخيرة لأبنها المحبوب تلك الصرخة التي هزت قلبها وكيانها كله. ان الحب يجعلنا أيضا نحيا للنفوس فبمعاناتها الداخلية استوفت مريم كقول بولس الرسول”وَأُكَمِّلُ نَقَائِصَ شَدَائِدِ الْمَسِيحِ فِي جِسْمِي”(كولوسي24:1). انه يبدو ان السيد المسيح أراد ان يترك أمه في العالم من بعده لكي تعزي كنيسته، أرملته وعروسه المهجورة. “وَصَوْتُ الْيَمَامَةِ سُمِعَ فِي أَرْضِنَا... ارْجعْ وَأَشْبِهْ يَا حَبِيبِي”(نشيد الأناشيد 12:2و 17) هذه هي صرخة الكنيسة والتي تنادي عريسها والتي امتلكته لمجرد لحظة. انها تصرخ “آه أي قسوة وآه واي عدم شفقة لقد انتظرنا لعدة أجيال وبأي شوق كان حنيننا لمجيئك، أيها الحبيب”. لم يراه المجمع ولكن رأته الكنيسة وسمعته ولمسته وبعدئذ وفجأة تركها لتقول له مع القديس بطرس:” «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ”(متى27:19). لقد أعطى لمريم ان تكون عزاء فريد لكل المؤمنين على الأرض فلقد رأت ابنها في كل أعضاء جسده فكل من آمن به اصبح عضوا في جسده ولذا كانت مريم معهم “هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ”(اعمال14:1)، فمحبتها هي صلاة لكل من يعانون وقلبها مع كل قلب يبكي لتساعدهم وهم يصرخون طلبا للرحمة، وهي في الجروح لكل المصابين كي تساعدهم لطلب المعونة الإلهية، وهي في كل قلب رحيم ليدفعه ان يعطي كل مساعدة وعزاء لمن هم في احتياج اليه، ومع كل رسول لكي يعلن البشارة المفرحة ومع كل شهيد ليسكب نفسه بفرح وأخيرا هي مع قلوب كل المؤمنين حتى تعينهم ان يكونوا مشابهين لإبنها السماوي. اكرام : قدم خدمة للقريب حبا”بالله واقتداء بمريم نافذة: اضرمي المحبة في قلوبنا يا ام المحبة الالهية يتلى سر من اسرار الوردية-طلبة العذراء المجيدة – الأثنين 23 مايو: الله وحده ان محبة الله يصاحبها انفصال وعزلة حيث ان طبيعتنا تكون غير قادرة ان تحمل هذا الحب وتجلب معه محبة لأشياء مخلوقة لأنه يجب علينا ان نبعد انفسنا تماما من التعلق بالأشياء الفانية لكي نبلغ الي ما يطلبه منا الله وبالتالي نحتفظ بحبنا فهو القائل:” أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ.. لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.“(خروج2:20-3). ان السبب الأعمق لهذا الإنفصال هو انه لا يمكننا ان نخدم الله واي إله آخر:” «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ.“(متى24:6). لقد جاء في الانجيل المقدس عن القديسة مارثا اخت لعازر انه يجب ان يكون الله هو الأول في كل شيئ فقال يسوع:” مَرْثَا، مَرْثَا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، وَلكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا».“(لوقا41:10-42). من هذه الكلمات يمكننا ان نتفهم العزلة المخيفة التي يطلبها منا هذا الإله الغيور، فانه يريدنا ان نلقي بعيدا عنا وندمر ونميت كل شيئ ليس منه وليس هو فيه لهذا طلب منا الرب يسوع:” “تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك“(متى37:22). ان يكون الله هو وحده مركز تفكيرنا وحبنا واهتماماتنا فماذا سنفعل بعد ذلك؟ ما الذي سنفكر فيه؟ وماذا عن ممتلكاتنا وملذاتنا وعملنا؟ هذه الوحدة تبدو لنا نوع من الموت لأن فيها لم نعد نرى بهجة وسحر الحواس واللهو المقبول بيننا والذي يبدو اننا نستمتع بحريتنا ولا في الواقع بأي من تلك الأشياء التي بدونها نعتقد ان الحياة ستكون غير محتملة. ولكن هنا ما يعطى ضربة الموت: القلب يجرد من كل ما يحب ولا لزوم له، ويرتبط بشيئ واحد ضروري وبقوة لا تصدق ولا شيئ آخر فيه ويقتل نفسه بالقلق والخوف لذا قال بولس الرسول:” وَلكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ”(1كورنثوس14:2).ان الروح التي جُردت من كل الأشياء المعقولة تبحث الآن عن شيئ بسيط للغاية ولا يمكن الوصول اليه وبحيث يصعب في نفس الوقت وجوده في بعض الأحيان. ان النفس تراه فقط من خلال الإيمان والذي يمكن ان يقال انها لا تراه وتعانقه فقط وسط الظلام والظلال. ترى ما الذي تفعله يا يسوع المسيح أيها الإله المصلوب؟ ما فائدة مسامير صلبك واكليل شوكك وحتى صليبك؟ لماذا موتك وقبرك؟ ألم يكن كل هذا من أجل تحطيم وصلب ودفن كل الأشياء الأرضية معك؟ ان تلك الآلات التي استخدمت لصلبك وموتك ليس لها أي استخدام لك الآن ولكن كنيستك ونفوس مؤمنيك التي خلصتها تسألك عنهم. اعط لتلك النفوس التي اعتمدت في اسمك يا “عريس الدم”(خروج26:4)، تلك الأسلحة المدمرة والفتاكة لكي يمكنها الانضمام والاتحاد بك في سر صليبك وعندئذ الفقر والانفصال والتنازل عن الذات يمكن ان يكونوا ذلك المهر الذي يقدم لك. ان تنفية النفوس بسر صليبك تلك التي خلصتها من الدينونة والعقاب حتى تكون آهلا لتكون معك في مجدك عندما يخضع الله كل شيئ:” وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلًا الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ”(كولوسي20:1). ان هذا السر أي سر الوحدة بعد ان كانت نفوسنا المطرودة تبكي في أسرها وهي في ارض الغربة على ضفاف مياه البابليين متذكرة صهيون والملكوت والعرش السماوي. ان هذا هو سر الوحدة والتي تعمل كل يوم في نفوسنا الشهيدة والمتطلعة للعودة فنحن كما جاء:”قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ،”(كولوسي21:1-22). فـى صـلاة يسوع الأخـيـرة قـبـل الرحيـل قال هذه العبارة عـن الرسل: ” انـهـم ليـسوا مـن العـالـم كـمـا إنـي أنـا لستُ مـن العـالـم” (يوحنا16:17)، وهذا يعني: “لايحـيـون بعد فـى الجسد” (1بطرس 2:4-3)، ” يحبون بعضهـم بعض حبـاً أخويـاً”(رومية10:12)، ” مضيفين بعضهم لبعض من دون تذمــــر” (1بطرس9:4)، ” يخـدم كل واحد الآخـرين”(1بطرس10:4)، ” لا يرتبكون بـهـموم الحياة” (2تيموثاوس 4)، ” جسد واحـد وروح واحـد” (أفسس 4:4)، ” يثمرون ثـمر الروح ” (غلاطية 22:5)، “لا يحسدون بعضهم بعضا” (غلاطية 26:5)، ” ليسوا عبيدا بل أبناء” (غلاطية 6:4-7)، ” فيهم من الأفكار والأخلاق ما هو فى المسيح يسوع”(فيليبى 5:2)، ” يسلكون بحسب الروح لا بحسب الجسد” (غلاطية 16:5)، “يـُـقـتـادون بروح اللـه” (رومية 14:8)، ” يـبتـغون مـا هـو فوق حيث الـمسيح” (كولوسي1:3)، ” يسمـعون أقوال اللـه” ( يوحنا 47:8)، ” مـولودين من الروح” (يوحنا 6:3)، “أحقاؤهم مشدودة وسرجهم موقدة ينتظرون سيدهم متى يرجع”(لوقا 35:12)،” لا يطلبون ما يأكلون أو مـا يشربون ولا يقلقوا بل يطلبون ملكوت اللـه” (لوقا 29:12)، ” مـخلوقين على صورة الله ومثاله” (تكوين 27:1)، “ذريـة اللـه” (أعمال الرسل 28:17)، أحبهـم اللـه (1يوحنا 10:4)، إخـتارهـم اللـه (يوحنا 16:15)، أخـوة للرب (عبرانيين 11:2)، أُعطوا معرفـة أسرار الـملكوت (متى 9:13)،” جيل مـختار وكهنوت ملوكى” (1بطرس9:2). لهذا علينا ان نحيا تلك الحياة الجديدة التي اعطانا إياها الرب يسوع بموته وقيامته وحتى نصل للحياة معه في فردوس النعيم. اكرام: امتنع عن التلفظ بالكلام الجارح او البذيء ولا تحلف باسم الله بالباطل نافذة: يا سلطانة الرسل علمينا طريق الخير يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الثلاثاء 24 مايو: الموت السعيد ان الطبيعة والنِعمة قد أنشأ ضرورة ثابتة الا وهي الموت. انه قانون الطبيعة ان كل الأشياء الفانية تدفع ضريبتها للموت والنعمة الإلهية لم تستثنى البشرية من تلك الضرورة العامة. ان ابن الله قد عقد الغزم على هزيمة الموت بالموت واصدر هذا القانون بالنسبة لنا بحيث يجب علينا ان نمر بين أيدي الموت من أجل الهروب من قبضته، فيجب ان ندخل القبر حتى نولد من جديد ويجب ان نموت مرة واحدة لتجريد الموت من قبضته وقوته. وهكذا الموت بالنسبة للقديسة مريم كان ضروريا كجزء من إنتصارها على ان لا نفترض مع ذلك ان خضوعها للقانون العام قد تم بطريقة عادية. ان القديسة مريم هي تفوق الطبيعة والمعجزة التي أعطيت لها يسوع المسيح وحياتها كلها ممتلئة بالمعجزات وعندما تأتي نهاية مجرى حياتها على الأرض بالموت فلا بد ان تكون بالكامل الهية. ترى ما هو أساس هذا الموت العحيب؟ انه حبها الأموي والإلهي الذي ملأ كيانها كله وهو الذي كسر روابط جسدها، فجسدها هذا هو الذي منعها من اللحاق بابنها والاتحاد معه مرة أخرى في السماء فكان الشوق والحنين هو بمثابة نقطة انطلاق روحها. ان حب مريم قد صيغ بطريقة عجيبة فهو حب فائضا من قلب الله الي قلبها هي، و ان الحب التي كانت تحمله لأبنها قد أتى من نفس النبع الذي وهبها هذا الابن الإلهي. ما الذي يمكنه ان يقول شيئا امام هذا السر؟ هل يمكن ان نستوعب هذا الاتحاد ما بين يسوع ومريم؟ يجب حتى ان لا نحاول ان نشرح طبيعة ذلك الحب الأموي والذي هو من مصدر حب الأب لأبنه الوحيد. اذا لم نستطع ان نفهم قوة ذاك الحب او قدرته ومداه فكيف اذا سوف نتخيل المشاعر التي تنتج منه؟ كل ما يمكننا ان نتفهمه انه لا يوجد أي مشاعر بشرية تقارن بشوق مريم ان تتحد بيسوع خاصة بعد رحيله وصعوده للسماء. يقول القديس الفونس دي ليجوري ان مريم العذراء بعد صعود ابنها للسماء وحتى انتقالها عاشت في شوق شديد للاتحاد به وطبقا لبعض الكتابات القديمة كانت تتعزى بزيارة الأماكن المقدسة في فلسطين حيث عاشت مع يسوع طوال حياته الأرضية. فزارت مغارة الميلاد في بيت لحم حيث وُلد ابنها وحانوت الناصرة حيث عاش ابنها وعمل عدة سنوات ومرّت على بستان جثسيماني حيث بدأ ابنها رحلة الآلام، ثم قصر بيلاطس حيث حُكم على ابنها وضُرب بالسياط والموضع الذي وضع على رأسه اكليل الشوك. وزارت عدة مرات جبل الجلجثة حيث مات ابنها وموضع القبر حيث وُضع فيه وتركته لأخر مرة. بتلك الطريقة هدئت الأم الحزينة بعض من حزنها والفراق القاسي عن وحيدها، ولكن كل هذا لم يكن كاف لإرضاء قلبها حيث لم تجد راحة تامة في هذا العالم بعيدا عن يسوع. كانت دائما تصرخ مع داود النبي: ” فَقُلْتُ: «لَيْتَ لِي جَنَاحًا كَالْحَمَامَةِ، فَأَطِيرَ وَأَسْتَرِيحَ!”(مزمور6:55) و” كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ”(مزمور1:42). امام هذا الشوق للقاء، سمع الله لهذا الحنين ودعاها للعودة لبيت الأب السماوي. اكرام :سلم ارادتك دائما ً لله في السراء والضراء فهو أب رحوم نافذة: لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الأربعاء 25 مايو: الإنتقال الى السماء لقد ذُكر فى الكتاب المقدس امثلة لرحيل غير عادي لبعض القديسين فنجد اولا اخنوخ البار الذى جاء عنه:”وسلك اخنوخ مع الله ولم يُوجد بعد لأن الله اخذه”(تكوين24:5)، ولقد عرّفنا القديس بولس انه”بالإيمان نُقل اخنوخ لئلا يرى الموت ولم يوجد بعد لأن الله نقله لأنه من قبل نقله شُهد له بأنه أرضى الله”(عبرانيين5:11) . وهناك ايضا احداث غير عادية صاحبت موت موسى”ودفنه فى الوادى فى ارض موآب تجاه بيت فغور ولم يُعرف احد قبره الى يومنا هذا”(تثنية 6:34) وهذا السر الغامض جاء عنه فى رسالة يهوذا حيث جاء:”إن ميكائيل رئيس الملائكة لمّا خاصم إبليس وجادله من جهة جُثة موسى لم يجسر ان يحكم عليه حُكم لعنة بل قال له ليزجرك الرّب”(يهوذا9) واخيرا فى اثناء تجلّي يسوع على جبل التجلي”إذا موسى وإيليا ترآيا لهم يخاطبانه”(متى3:17) وهنا ظهرا نبيان من العهد القديم احدهما يمثل الشريعة و الآخر يمثل الأنبياء فى هيئة جسدية. والمثل الثالث هو رحيل ايليا النبي والذى كان ايضا غير عادي”وفيما كانا سائرين وهما يتحدثان إذا بمركبة ناريّة وخيل ناريّة قد فصلت بينهما وطلع إيليّا فى العاصفة نحو السماء” (4ملوك11:2). هذه الأحداث الخاصة بأخنوخ وموسى وإيليا تضع الأساس الكتابي لقبول حقيقة “الرحيل” او “الإنتقال”rapture. فكلمة rapture تأتى من الكلمة اللاتينية raptusوالتى تعنى “يُحمل بعيداً”. فى علم اللاهوت المسيحي نجد معنى اكثر وضوحا فى رسائل القديس بولس الرسول:”فنقول لكم بكلمة الرب إنّا نحن الأحياء الباقين الى مجيئ الرب لا نيبق الراقدين لأن الربّ نفسه عند الهتاف عند صوت رئيس الملائكة وبُوق الله سينزل من السماء ويقوم الأموات فى المسيح اولا ثم نحن الأحياء الباقين نُختطف جميعا معهم فى السحب لنُلاقي المسيح فى الجو وهكذا نكون مع الرب دائما”(1تسالونيكي14:4-16)، “فى لحظة و طرفة عين عند البوق الأخير فإنه سيهتف فيقوم الأموات عديمي الفساد ونحن نتغير” (1كورنثوس52:15). على هذا الأساس من النصوص الواردة فى الكتاب الـمقدس والتى تعضد إنتقال مريم العذراء للسماء،تلك التى لم تُمس بالخطيئة، فلابد لها ان تُعاين ثمار قيامة ابنها يسوع المسيح وذلك بإنتقالها للسماء بعد إنتهاء حياتها على الأرض. اكرام : تأمل بمريم التي كرّمها ابنها الإلهيونقلها بالجسد وانفس للسماء نافذة: يا أم الرجاء صلي لأجلنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الخميس 26 مايو – عقيدة انتقال مريم العذراء في الكنيسة الكاثوليكيّة في اول مايو من عام 1946 سأل البابا بيوس الثاني عشر أساقفة الكنيسة الكاثوليكيّة في العالم كلّه: هل يؤمن المسيحيّون في الأبرشيات التي يرعونها بانتقال مريم العذراء إلى السماء بجسدها ونفسها؟ فكان شبه إجماع حول وجود مثل هذا الإيمان لدى الأساقفة واللاهوتيّين وسائر المؤمنين من الشعب المسيحي. وفي أوّل ديسمبر عام 1950، أعلن البابا هذا الانتقال كعقيدة إيـمانيّة فى رسالة عنوانها:”Munificentissimus Deus“. وفى هذه الرسالة يرسم أوّلاً لوحة لتاريخ هذا الاعتقاد منذ القرن السادس، ثمّ يبيّن كيف وعت الكنيسة إيمانها بهذا الموضوع، وكيف استخلصت هذا الإيمان من معطيات الكتاب المقدّس، ويقول: “إنّ هذه البراهين كلّها والاعتبارات التي نقرأها لدى الآباء القدّيسين واللاهوتيّين تستند إلى الكتاب المقدّس كأساس أخير لها. فالكتاب المقدّس يرينا والدة الإله متّحدة اتحادًا وثيقًا بابنها الإلهي ومشاركة إيّاه على الدوام مصيره. فيبدو من ثمّ من المحال أنّ التي حبلت بالسيّد المسيح وولدته وغذّته بلبنها وحملته على ذراعيها وضمّته إلى صدرها قد انفصلت عنه بعد حياتها على هذه الأرض، إن لم نقل بنفسها، فبجسدها. فبما أنّ فادينا هو ابن مريم، لما يكن باستطاعته، هو الخاضع خضوعًا تامًّا للشريعة الإلهيّة، ألاّ يؤدّي الإكرام ليس فقط إلي الآب الأزلي بل أيضاً إلى أمّه المحبوّبـة. وبما أنّه كان يقدر أن يصنع لها هذا الإكرام فيحفظها من فساد الموت، فيجب الإيمان بأنّه صّنعه لها. “ويجب بنوع خاص أن نتذكّر أنّ آباء الكنيسة، منذ القرن الثاني، رأوا في مريم العذراء حوّاء الجديدة، خاضعة دون شكّ لآدم الجديد، لكن متّحدة به اتّحادًا وثيقًا، في العراك ضد العدوّ الجهنّمي، هذا العراك الذي سبق سفر التكوين (تكوين 3: 15) فبشّر بأنّه سوف ينتهي بالنصر الكامل على الخطيئة والموت اللّذين يذكرهما دومًا رسول الأمم متّحدين (رومية5: 6)؛ (1كورنثوس15: 21-26)،فكما أنّ قيامة المسيح المجيدة كانت جزءًا أساسيًّا من هذا الانتصار، كذلك كان يجب أن ينتهي العراك الذي قامت به مريم العذراء بالاتّحاد مع ابنها بتمجيد جسدها العذري، حسب قول الرسول نفسه: “ومتى لبس هذا الجسد الفاسد عدم الفساد، ولبس هذا الجسد المائت عدم الموت، فحينئذ يتمّ القول الذي كتب: لقد ابتُلع الموت في الغلبة” (1كورنثوس 54:15)، “إن والدة الإله السامية المقام، المتّحدة اتّحادًا سريًّا بيسوع المسيح “في قرار الاختيار الواحد عينه الذي مسبق الله فاتّخذه”، المنزّهة عن العيب في حبلها، العذراء الكلّية الطهارة في أمومتها الإلهيّة، الرفيقة السخيّة للفادي الإلهي الذي أحرز انتصارًا شاملاً على الخطيئة ونتائجها، قد حصلت أخيرًا على هذا التتويج الفائق لإمتيازاتها، فحُفظت من فساد القبر، وعلى غرار ابنها، بعد أن غلبت الموت، رُفعت بالجسد والنفس إلى المجد في أعلى السماوات، لتتألّق فيها كملكة على يمين ابنها، ملك الدهور الأزلي (2 تيموثاوس17:1). “إنّ الكنيسة الجامعة التي فيها يحيا روح الحقّ الذي يقودها لتصل إلى معرفة الحقائق الموحاة، قد أعلنت إيمانها بطرق متنوّعة على مدى الأجيال. وأساقفة العالم يطلبون باتّفاق شبه تامّ أن تُعلَن كعقيدة إيمان إلهي وكاثوليكي حقيقةُ انتقال الطوباويّة مريم العذراء إلى السماء بجسدها، تلك الحقيقة التي تستند إلى الكتاب المقدس، المغروسة في قلوب المؤمنين، والمعلَنة منذ القرون الأولى في عبادة الكنيسة، والمفسَّرة والمعروضة بشكل رائع في أعمال اللاهوتيّين وعلمهم وحكمتهم. لهذه الأسباب نعتقد أنّه قد أتى الزمن الذي حدّدته مقاصد العناية الإلهيّة لأن نعلن رسميًّا هذا الامتياز الفائق الذي تتمتّع به الطوباويّة مريم العذراء… “فبعد أن وجّهنا إلى الله صلوات ملحّة، والتمسنا نور روح الحقّ، لمجد الله ألقدير الذي أغدق بسخاء عطفه الخاص على مريم العذراء، وإكرامًا لابنه، ملك الدهور الحيّ قاهر الخطيئة والموت، وزيادة في مجد والدته السامية المقام، وفي سبيل الفرح والابتهاج في الكنيسة جمعاء، بسلطان ربّنا يسوع المسيح، والرسولين بطرس وبولس، وبسلطاننا الخاصّ نصرّح ونعلن ونحدّد كعقيدة أوحاها الله أنّ مريم والدة الإله المنزّهة عن العيب والدائمة البتوليّة، بعد أن أنهت مسيرة حياتها على الأرض، رُفعت بالنفس والجسد الى المجد السماوي”. بهذه التعابير أعلن البابا عقيدة انتقال مريم العذراء إلى السماء بنفسها وجسدها، مؤكّدًا أنّه لا يضيف شيئًا، في إعلانه هذه العقيدة، إلى إيمان الكنيسة، بل يعبّر بشكل واضح عن هذا الإيمان الذي يعود إلى القرون الأولى للمسيحيّة. تحتـفـل الكنيـسة الكاثوليكيــة فى أنحـاء العـالـم فى الخامـس عشر من أغسطس من كل عـام بهـذا العيـــد. اكرام: شجع الكتب الدينية واقتنيها واقرأها وضعها في متناول ذويك نافذة: من كان للعذراء مكرّماً ، لن يدركه الهلاك ابدا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. ً . الجمعة27 مايو- تمجدت بالطهارة ان جسد مريم المقدس وعرش البتولية والعِفة وهيكل الحكمة المتجسدة والإناء المختار للروح القدس وكرسي الله العليّ لا يمكن ان يبقى في القبر. ان انتصار مريم سوف لا يكون كامل اذا ما جسدها المقدس والذي هو في الحقيقة مصدر مجدها لم يشترك في ذاك المجد. دعونا نعجب بهذا الانتصار ونتأمل الثلات معجزات لبتوليتها وكيف تمت. ان بتوليتها المقدسة قد حففظتها من الفساد وبهذا حفظت حياتها فبتوليتها الطاهرة كانت السبب في قيامة جسدها قبل نهاية الأيام بنعمة خاصة سمائية. ان انتقال مريم العذراء بجسدها ونفسها الى المجد السماوي، هو إعلان للعظائم التي صنعها الله في مريم العذراء، بحسب قولها: “ها منذ الآن تغبّطني جميع الأجيال، لأنّ القدير صنع بي عظائم، واسمه قدّوس، ورحمته الى جيل وجيل للّذين يتّقونه” (لوقا1: 48- 50). إنّ عظائم الله قد رافقت مريم العذراء طوال حياتها، وبما أنّ الله هو إله الحياة التي لا نهاية لها، تؤمن الكنيسة أنّ ما صنعه الله من عظائم لا يتوقّف عند حدود هذه الحياة بل يمتدّ الى ما بعد الموت. ويستطيع كلّ مؤمن أن يقرأ في مسيرة حياة مريم العذراء مسيرة إيمانه، وفي مصير مريم العذراء بعد الموت مصير كيانه ومصير شخصه في نهاية الزمن. ان الروح القدس الذي حل على مريم وقت البشارة كما قال لها الملاك:” «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.“(لوقا35:1) هو الذي أحيا جسد العذراء، فيقول بولس الرسول: “إذا كان روح الذي أقام يسوع من بين الأموات ساكنًا فيكم، فالذي أقام المسيح يسوع من بين الأموات يحيي أيضًا أجسادكم المائتة بروحه الساكن فيكم” (رومية 8: 11). انتقال مريم العذراء بجسدها ونفسها الى السماء هو نتيجة لعمل الروح القدس فيها. فالروح القدس الذي حلّ عليها وأحيا جسدها لتصير أمًّا لابن الله هو نفسه يكمّل عمله فيها ويحيي جسدها المائت وينقله الى المجد السماوي. الروح القدس هو قدرة الله المحيية، وهذه القدرة لا يوقفها شيء: إنّها حركة دائمة، وديناميّتها تفوق ما يستطيع عقلنا البشري تصوّره. بهذه القدرة كان يسوع يشفي المرضى ويخرج الشياطين ويقيم الموتى (راجع لوقا 4: 18- 19؛ مرقس18:12-28). وبهذه القدرة قام هو نفسه من الموت. وبهذه القدرة سيقيم الأموات في الدينونة العامة. ولأنّ مريم العذراء كانت في جسدها ونفسها مستسلمة استسلامًا تامًّا لعمل الروح القدس، آمن المسيحيّون منذ القرون الأولى أنّها حصلت حالاً بعد موتها على قيامة الجسد التي هي مصير كلّ المؤمنين في نهاية الزمن. في عظة للقديس يوحنا الدمشقي قال:” في الواقع، إنّ هذا المسكن اللائق بالله، والينبوع غير المنقوب بيدٍ الّذي يتدفق منه الماء الغافر الخطايا، والأرض غير المحروثة المثمرة الخبز السماوي، والكرمة التي أعطت خمر الخلود دونما سقاية، وزيتونةَ رحمةِ الآب الدائمة الاخضرار ذات الثمار البهيّة، كان يجب ألا تقاسي اعتقال لجج الأرض لها. بل كما أن الجسد المقدس الطاهر الذي بواسطتها وحّده الكلمة الإلهي بأقنومه قد قام من القبر في اليوم الثالث، هي أيضاً كان يجب أن تُنتزع من اللحد وتنضمَّ الأمُّ إلى ابنها. وكما نزل هو إليها، هكذا هي نفسها محطُّ حبّه كان يجب أن تُنقَلَ إلى “المسكن الأعظم والأكمل” إلى السماء بعينها”. كان يجب أن تأتي لتسكن في مظالّ ابنها، تلك التي قدّمت ملاذاً للكلمة الإلهي في حشاها. وكما قال الرب إنه سيكون في مسكن أبيه الخاصّ (بالضرورة)، 0هكذا كان يجب أن تسكن الأمّ في بلاط ابنها، “في بيت الرب وفي ديار بيت إلهنا” (مز134: 1، 135: 2). لأنّه إذا كان ها هنا مسكنُ جميع الفرحين” (مز7:78)، فأين ستسكن إذاً من هي علّة الفرح؟ كان يجب أن تحفظ جسدها بلا فساد، وحتّى بعد موتها، تلك التي حفظت بتوليتها كاملةً في الولادة. كان يجب أن تسكن في المظالّ السماوية تلك التي حملت خالقها طفلاً في حشاها. كان يجب أن تأتي لتسكن في خدر الزواج السماوي، العروس التي اختارها الآب لنفسه. كان يجب أن تشاهد ابنها جالساً بقرب الآب، من قد شاهدته على الصليب متقبلةً بذلك في قلبها سيف الألم الذي تركها في ولادتها”. انها المرأة الملتحفة بالشمس المملوءة مجداً” وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا”(رؤيا1:12) والتي كانت طهارتها وبتوليتها وتواضعها جعلها في المجد، دعونا اذا نتعلم كيف نقدر الكنز المقدس والذي نحمله في اناءنا الأرضي الا وهو الروح القدس الساكن فينا والذي نلناه في المعمودية المقدسة ولنحفظ طهارتنا”عَالِمِينَ أَنَّ الَّذِي أَقَامَ الرَّبَّ يَسُوعَ سَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ،”(2كورنثوس14:4). اكرام: اشترك بالأعمال الخيرية في كنيستك حبا ً بمريم نافذة: يا أم النعمة الألهية أفيضي علينا نعم السماء يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. السبت 28 مايو – مريم المتوجة بالتواضع ان الإتضاع فى الـمسيحية سر من أسرار الـمسيح نفسه الذى مارسه فى ذاتـه وأعطاه لنـا نحن الـمؤمنين كقوة بها نتنازل راضيـن طائعيـن عن كل حق بشري مادي أو كرامـة أو مكافأة أو إمتياز تشبهـا بالـمسيح وتـمسكاً بحق الله وكرامتـه ونعـمته. فالسيد الـمسيح هو أعظم مثال لفضيلـة التواضع: “تعلّموا منـي لأنـي وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحـة لنفوسكم”(متى29:11). “فإن كنتُ وأنـا السيد والـمعلّم قد غسلت أرجلكم فأنتم أيضاً عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض”(يوحنا14:13-15). – “فإنكم تعرفون نعمة ربنـا يسوع الـمسيح كيف افتقـر من أجلكم وهو الغنـي لكي تستغنوا أنتم بفقره”(2كورنثوس9:8). – “لكنـه أخلى ذاتـه آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه البشر وموجوداً كبشر فى الهيئة فوضع نفسه وصار يُطيع حتى الـموت موت الصليب”(فيلبي7:2-8). – “ان إبن البشر لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فداءً عن كثيرين”(متى28:20). ومنشأ هذه الفضيلـة هو الإحساس بعظمة اللـه القديـر”الرب يُميت ويُحيي يهبط غلى الهاويـة ويصعد. الرب يُفقر ويُغني يضع ويرفع. يقيم الـمسكين من التراب ويرفع الفقير من الـمزبلة” (1ملوك6:2و9). والتواضع هو ضرورة لخدمـة اللـه “قد أُخبرك أيها الإنسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب إلا أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعاً مع إلهك” (ميخا 8:6). لهذا قال بولس الرسول:”فأنه إن ظنّ أحد أنـه شيئ وهو ليس بشيئ فقد غرّ نفسه” (غلاطية3:6)، وايضا قال:”من الذى يـميزك يا هذا وأي شيئ لك لم تنلـه. فإن كنت قد نلتـه فلـماذا تفتخر كأنك لـم تنلـه”(1كورنثوس7:4). ومريم العذراء وسط النعم هتفت بالشكر “تعظم نفسي الرب” معلنة ان كل النعم هى من الرب “لأنه صنع بى عظائم” وتعلن “هوذا أنا آمة للرب”، ورغم سماعها مديح اليصابات “كيف تأتي أم ربي الي” لكنها صرخت “لأنه نظر الى تواضع آمته” (لوقا 48:1). إن الكبرياء والغنى البشري هى أمور تحجب عظمة الله وتتعارض مع حبه. إن الله إختار أماً لإبنه من بين تلك الفئة التى يدعوها الكتاب فقراء يهوة أي اولئك الذين ترقبوا الخلاص. وكلنا يعلم أن سقطة الإنسان الأولى كان سببها الكبرياء (سقطة الشيطان -أش 13:14-14، سقطة آدم -تك5:3)، ونقرأ فى سفر الرؤيـا مـا جـاء لـملاك كنيسة اللاذقية: ” وبـما انك تقول أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة بـي الى شيئ ولست تعلم انك شقي وبائس ومسكين وأعمى وعريان” (رؤيا17:3). ان مريم العذراء “قالت هـا أنذا آمة الرب” ..فلم تفكر كيف ستنفذ أمر الرب..أو كيف سيستخدمها الرب..فقدمت ذاتها بكليتها طائعة. بعد أن أخبر الملاك مريم بالسر الإلهي والحبل بـمخلّص العالم..يقول لنا الكتاب انها أسرعت الى بيت أليصابات وهناك سمعت مديحاً وتطويباً على لسان أليصابات بعد ان إمتلأت من الروح القدس (لو 42:1-45). كان يـمـكنها أن تتفاخر. ملاك يُبشر ولسان يهتف وجنين يركض بإبتهاج! كان يـمـكنها أن تعلن هذه البشرى للعالم أجمع والذى كان فى شوق وإنتظار للـمـسيا. كان يمكنها أن تصيح (تعالوا وانظروا..هاتو تقدماتكم وبخوركم فأنا أم الـمسيا…!!). ولكنها أعلنت إتضاعها العجيب ” تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر الى تواضع آمته” (لو 48:1). وعند زيارة الـمجوس باحثين عن الـمـولود ملك اليهود..لم تقل مريم أنا أم الـملك وقدموا لي الهدايا والإكرام والسجود.. لقد كانت السقطة الأولى للإنسان هى خطيئة الكبرياء “تصيران آلهة عارفي الخير والشر” (تك 5:3) وسقطة الشيطان كانت ايضا بسبب الكبـرياء كما جاء فى سفر اشعياء (أش 13:14-14). “فـمن رفع نفسه اتضع ومن وضع نفسه ارتفع”(متى12:23)، وكما يوصينا معلّمنا بولس الرسول قائلاً:”فالبسوا كمختاري اللـه القديسين الـمحبوبيـن أحشاء الرحـمة واللطف والتواضع والوداعـة والآنـاة”(كولوسي12:3). ان القديسة مريم العذراء قد امتلكت ثلاث جواهر ثمينة: مكانة عالية وطهارة للجسد والنفس مثيرة للإعجاب وفوق كل كنز يسوع المسيح نفسه، فهي لها الإبن الحبيب الذي “ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ،”(كولوسي19:1)، لذلك استحقت كل مجد وكرامة. اكرام: اقصد ان تصلي يوميا ً صلاة خاصة بمريم والتزم بقصدك نافذة: يا باب السماء صلّي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الأحد 29 مايو مكللة بالمجد ان سفر الرؤيا الاصحاح ال 12 قدّم لنا صورة مريم كملكة عظيمة عاكسا حالتها الملكية الممتازة:” وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا”(رؤيا1:12). هذه الآية تكشف ملك مريم الرائع بثلاثة طرق: أولا، انها ترتدي اكليل يرمز الي مكانتها الملوكية في السماء. ثانيا، المرأة تحت رجليها القمر وهذا أيضا يشير الي ملوكيتها فالكتاب المقدس اذا ما كان شيئا تحت قدمي يعكس قيادة ملوكية ونصر على أعداء الشخص مثال ما جاء:” قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ»(مزمور1:110). ثالثا، ان الصورة الثلاثية السماوية للمرأة ملتحفة بالشمس والقمر تحت رجليها ومتوجة بإكليل من اثنا عشر كوكبا توضح أيضا سلطانها الملكي. صورة مشابهة يمكن ان نجدها في حلم يوسف الصديّق في العهد القديم والذي فيه الشمس والقمر و11 كوكبا سجدوا أمامه رامزا الى السلطة الملوكية والذي ستكون ليوسف الصديق على ابوه وامه (مرموز بالشمس والقمر) وفوق اخوته (يرمز بال 11 نجم او كوكب)- تكوين9:37-10). تظهر مريم في السماء بمنظر ملكي رائع مشتركة في مملكة ابنها المنتصر. هذا ناتج من ايمانها الثابت خلال حياتها -من البشارة الي اجتماعها مع الكنيسة في الصلاة قبل الخماسين وحلول الروح القدس على الرسل. لقد كوفئت بأكليل البِر و شاركت في ملك ابنها، ولكن كما نلاحظ في نهاية هذا الاصحاح حالتها الملوكية لا يجب ان ترى على انها منفصلة عن كل مسيحي مؤمن تبع المسيح في حياته بأمانة. ان ملك مريم لا يعني أن يُعجب به فقط من بعيد، فإيمانها وخدمتها للرب يجب ان يُحتذى به من كل مؤمن فهي أم لنا ومثال لنا. ان العهد الجديد يعلمنا ان كل مسيحي مؤمن بالمسيح سيشترك في ملكه، فلقد قال يسوع لرسله هذا الوعد:” فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ”(متى28:19-30)، وبالمثل وعد تلاميذه الذين سيبقوا معه في تجاربه سيحكمون إسرائيل الجديدة:” أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ»(لوقا28:22-30).والقديس بولس عكس ذلك التعليم مشيرا لتلميذه تيموثاوس قائلا:” صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا”(2تيموثاوس11:2-12). في سفر الرؤيا لن تكون مريم الشخص الوحيد الذي يُعطى له الأكليل، فصور الأكليل ترجع للمشاركة في ملكوت المسيح والذي أعطي لكل القديسين كثواب او جائزة لثباتهم في الإيمان للنهاية من خلال التجارب والضيقات والإضطهادات:” كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ”(رؤيا10:2)، “هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ”(رؤيا11:3)، “وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشًا. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخًا جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ”(رؤيا4:4)، “فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ”(رؤيا2:6) و “ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا سَحَابَةٌ بَيْضَاءُ، وَعَلَى السَّحَابَةِ جَالِسٌ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ”(رؤيا14:14).وحيث ان العهد الجديد قد بيّن لنا ان مريم العذراء هي مثال وأنموذج لتلميذ ليسوع ومن يسمع لكلمة الله ويحفظها ويعمل بها:” فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»(لوقا38:1)، “فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا45:1)، “فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا»(لوقا21:8) و”أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ»(لوقا28:11)، وأيضا لشخص ظلّ امينا طوال حياتها:” هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ(اعمال14:1) وحتى ثابتة معه حتى موته على الصليب (يوحنا25:19-27). ان سفر الرؤيا يعكس تماما ان مجدها الملكي ومشاركتها في ملك المسيح ومتوجة بأكليل على رأسها من اثنا عشر كوكبا هو تحقيق لكل الوعود التي اعلنها السيد المسيح. ومريم العذراء هى أيضاً مثال لشعب العهد الجديد ومُلكه كما جاء عنه:”اما انتم فجيل مختار وكهنوت ملوكي وامة مقدسة وشعب مُقتنى لتخبروا بفضائل الذى دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب. وانتم لم تكونوا حيناً شعباً اما الآن فشعب الله” (1بطرس9:2-10)، “وجعلنا ملوكا وكهنة لله ابيه“(رؤيا6:1)، “وجعلتنا لإلهنا ملكوتاً وكهنة ونحن سنملك على الأرض“(رؤيا10:5)، وايضاً حسب وعد الله فى القديم للشعب”وانتم تكونون لي مملكة احبار وشعباً مقدساً”(خروج6:19). وشعب العهد الجديد هذا هم الذين سيملكون مع السيد المسيح كما جاء “وان صبرنا فسنملك معه“(2تيموثاوس12:2) وهم “يملكون الى دهر الدهور“(رؤيا5:22). مريم العذراء لأنهـا كانت رسولـة وتلميذة كاملة تبعت تعاليـم السيد الـمسيح وعـملت إرادة الآب السماوي فإستحقت أن تدخل ملكوت السماوات (متى21:7) وأن تنال إكليل الحياة (رؤ10:2)، وإكليلاً لا يفنى (1كورنثوس25:9)، وأن تجلس معه على عرشه حسب وعد السيد المسيح للمؤمنيـن”أؤتيـه أن يجلس معي على عرشي” (رؤيا21:3) وتحقيقا لما جاء في مزمور داود يُعظّم الـملك والـملكة القائـمة عن يـمينه “قامت الـملكة عن يـمينك بذهب أوفيـر“(مزمور10:44). ومريم العذراء بعد ان انهت مجرى حياتها على الأرض قد انتقلت الى ملكوت ابنها الحبيب. ومُلك العذراء مريـم يجب أن يُفهم على انـه فـى الحب والخدمـة وليس للدينونـة والحُكم، ومريم أمضت كل حياتهـا فى الأرض فـى تواضع وخدمـة مستـمرة “هـا أنـا آمـة الرب”(لوقا28:1)، ومع يسوع إبنـها وخضوعهـا التام لـه ولرسالتـه حتى الصليب والقيامـة،وحتـى بعد موتهـا واصلت خدمتهـا نحو أبناءهـا لتساعدهـم للوصول للحياة مع الله وذلك عن طريق ظهوراتها وتجلياتها فى الكثير من بلدان العالم وما ترسله من رسائل روحية لحث المؤمنين للرجوع الى الله. مع كل تلك الخلفية يمكننا ان نرى ان مريم قد توجت بالمجد تقف كمذّكر ثابت لنا وعلامة ان الله يريدنا ان نحقق مشيئته في كل حياتنا كما فعلت امنا مريم. إذا ما كنا تلاميذ مؤمنين وأمناء مثل مريم وان كنا ثابتين في طريق حياتنا الإيمانية ونستعمل حياتنا لنخدم خطة الله، نحن أيضا سنشترك في ملك المسيح الإنتصاري. ويجب ان نثق ونؤمن ان ملكتنا السماوية ترشدنا دائما في رحلتنا على الأرض وتتشفع لنا دائما في السماء حتى يمكننا ان نتحد بها وبإبنها وحتى كما قال القديس بولس جاهدنا الجهاد الحسن وأنهينا السباق نتحد بها في سماء ابنها وملكوته وننال اكليل البر والمجد. وكما كانت مريم كإمرأة في رحلة غربتها على الأرض وفي مسيرة إيمانها واجهت الإضطهادات وعدم التأكيد والتجارب والصعوبات لكنها ظلّت قريبة جدا من أبنائها الروحيين وهم مازالوا على الأرض فهي أكثر إلماما بما نعانيه وكأم هي قادرة على توجيهنا وإرشادنا نحو ابنها يسوع فهي ليست ببعيدة عنا فلنلتجئ دائما اليها ملتمسين شفاعتها وصلواتها من أجلنا. اكرام :تعلم صلاة (( السلام عليك يا ملكة يا أم الرحمة )) وعلمها لأهل بيتك , ورددها دائما ً نافذة: يا مريم القديسة، يا شفوقة يا حنونة يا حلوة تضرعي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الاثنين30 مايو – عيد تكليل مريم سلطانـة على السموات والأرض (يوم 22 أغسطس) سلطانة السموات لأنهـا متوجـة بتاج العظمة والمجد لأنهـا والدة الكلمة المتجسد وهى تتطلع من عليائها بالرحمة والحنان على أبناء البشريـة، وسلطانة الأرض لأن لها مملكة واسعة النطاق حيث لها العديد من الكنائس والإيبارشيات الـمشيّدة على إسمهـا فـى جميع أنحاء الأرض بالإضافة إلـى كثير من الدول والـممالك التى اتخذت العذراء شفيعة ولها أبناء عديدون يدينون لهـا بالخضوع والحب والولاء لأنهـا أم يسوع وأمهـم. إن مريم صارت حقاً سلطانـة السموات والأرض فـى الوقت الذى أصبحت فيـه أم الله صانع السموات والأرض (مز2:120). ولقد بدأ فـى الإحتفال بـه من القرن الخامس والسادس الـميلادى فـى الكنائس الشرقيـة ذات الطقس البيزنطـى، ثـم بدأ فـى إدخالـه فى الطقس الغربـي فى عهد البابا بيوس الثانـى عشر. ولقد كان الإحتفال بهذا العيد يقع يوم 31 مايو ولكن تم تغييره بعد المجمع الفاتيكانى الثانـى ليوم 22 أغسطس. ان الهدف مِن هذا العيد يعلن البابا بيوس الثاني عشر قائلا: هو أن يُدرك الجميع بطريقةٍ أوضحَ ويكرّموا بإيمانٍ أكبر رحمةَ وأمومةَ سيادةِ العذراء مريم التي حَمَلت الله في أحشائها. إنّ مريم التي تُدير قلبها الأمومي نحونا والتي تهتمّ لأمر خلاصنا، تعتني بالجنس البشري بأسرِه. لقد جعلها الرّب ملِكة السماء والأرض، مُمَجَّدةً فوق أجواق الملائكة وصفوف القديسين في السماء، جالسةً عن يمين يد ابنها الوحيد، ربّنا يسوع المسيح، تلتمسُ بقوةٍ أعظم وتحصل على ما تطلب، مِن خلال صلواتها الأموميّة. -هو، ابن الله، يعكُس على أمّه السّماويّة، المَجد والجلال وسُلطان ملوكيّته، فإنّه لم يُشارِك أحدٌ سلطانَ الشهداء يسوع، في عمل الخلاص كما شاركته “أمّه ومُساعِدَته؛ مريم. فإنّها تبقى أبدًا مُرتبطةً بِه، بقوّةٍ فريدةٍ لامتناهية، لتوزيع النّعم المُتدفّقة مِن الفداء. إنّ يسوع هو المَلك طَوال الأبديّة، بالطبيعة وبحقّ المُلكيّة: فبِه ومعه وبالتبعيّة له، مريم هي ملكة بالنّعمة، وبإرتباطها الإلهي (أمومتها)، وبحقّ المُلكيّة، وباختيارٍ فريد مِن الله الآب. فلنُكرّم إذًا سلطانة الملائكة والبشر، غير مُعتقدين البتّة بأنّ أحدً منّا مُعفًى عن تأدية الإشادة بنفس مريم الأمينة والمُحبّة، صارِخين الى تلك الملِكة الحقّة، الملِكة التي تستحضرُ لنا بركة السلام؛ بأن تُرينا بعد هذا المنفى، يسوع، سلامنا وفرحنا الآتي والدائم. اكرام: ضع نفسك في حماية العذراء ولتكن كل ايامك مريمية نافذة: يا سلطانة السماء والأرض تضرعي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الثلاثاء 31 مايو – الي يسوع عن طريق مريم بعد ان قرر الله منذ الأزل ان يعطينا يسوع من خلال مريم، لم يكتفِ بإستخدامها كأداة ولكن بدلا من ذلك رغب ان تكون هي متعاونة في هذا العمل الكفاري العظيم بمحض ارادتها. من أجل هذا ارسل الله ملاكه ليقترح هذا السِر. ان العمل العظيم للتجسد الذي ربط ما بين السماء والأرض والذي كان في حالة تعليق لعدة أجيال كان لا يمكن ان يتحقق حتى تعطي مريم قبولها وموافقتها. انه كان من الضروري للبشرية ان تكون مريم هي أيضا تشتهي خلاصنا. لقد فعلت مريم وقبلت “هانذا آمة للرب” وسُرّ الله الأب الأزلي ان مريم سوف تساهم في العمل لمنح العالم المخلص المنتظر. هذه الحقيقة هي معروفة جيدا ولكن هناك تبعات لها لم يتم التفكير فيه بما فيه الكفاية. ان الحكمة اإلهية بعد ان شاءت ان تعطينا يسوع من خلال العذراء المباركة فإن ذلك القرار او المرسوم لم يتغير حتى الآن، فإن عطيتها الأمومية قد ساهمت كثيرا في خلاصنا في سر تجسد الكلمة مصدر النعمة للعالم أجمع، وهي الآن سوف تساهم الي الأبد في كل الأعمال الأخرى والتي هي عديدة ووالمعتمدة كثيرا على نلك العطية والتابعة منها.لكي نتفهم هذه الحقيقة يجب ان نأخذ في الاعتبار ثلاث عمليات رئيسية لأعمال النعمة في المسيح يسوع. ان الله يدعونا ويبررنا ويمكننا من المثابرة والثبات. ان الدعوة هي الخطوة الأولى والتبرير هو التقدم الذي نحرزه ونحققه، والثبات هو نهاية الرحلة. في هذه المراحل الثلاث عمل المسيح مطلوب ومع ذلك نرى في الكتب المقدسة ان محبة العذراء المباركة مرتبطة بهم أيضا. ان القديسة مريم هي حواء الجديدة، ام كل الأحياء في حياة النعمة الإلهية. لقد شُبهت مريـم العذراء من العديد من أبـاء الكنيسة وعلماؤهـا بأنهـا “حواء الجديدة”، أو “حواء الثانيـة”، كما أن الـمسيح هو آدم الثاني:”فكما فى آدم يموت الجميع كذلك فى المسيح سيحيا الجميع”(1كورنثوس22:15). وحواء العهد القديم هى أم كل حي كما دعاها آدم (تكوين20:3)، والعذراء هى أم كل مؤمن بإبنهـا يسوع فلقد ولدت المسيح الإله الـمتجسد فصارت به أمـاً لكل الأعضاء المتحدة بجسده:”نحن الكثيرين جسد واحد فى المسيح”( رومية5:12). انه ليس بكاف ان القديسة مريم العذراء ساهمت في ميلاد أعضاء جسد المسيح الروحي ولكنها أيضا ثبتت ايمانهم منذ ان كانت تصلي معهم في العليّة. ان المؤمنين الذين آمنوا بالمسيح هم ذلك التلميذ الذي كان يحبه يسوع والواقف عند الصليب وهو يمثل كل مؤمن ثابت في الايمان ويتبع يسوع حتى الي الصليب ويلتصق به بشدة حتى انه يقبل ان يصلب على نفس الخشبة. بنظرة أكثر قرباً للتلميذ الحبيب إشارة بأن هذا يمثل أكثر من فرد يتبع المسيح، فهو يقف كتلميذ مثالي، فالتلميذ المحبوب هو الشخص القريب من يسوع والذي اتكأ على صدر المعلّم في العشاء الأخير “فَاتَّكَأَ ذَاكَ عَلَى صَدْرِ يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، مَنْ هُوَ؟»(يوحنا23:13)، وهو الرسول الذي ظلّ مع يسوع حتى والمحاكمة والمعاناة وأما الأخرون هربوا أما التلميذ الحبيب هو فقط الذي تبع يسوع في كل الطريق حتى الصليب “فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا”(يوحنا26:19)، والتلميذ الحبيب هو أول من آمن بقيامة المسيح “فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضًا التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلًا إِلَى الْقَبْرِ، وَرَأَى فَآمَنَ”(يوحنا8:20)، وهو أول من حمل شهادة قيامة المسيح الرب”فَقَالَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: «هُوَ الرَّبُّ!»(يوحنا7:21). لذلك بينما التلميذ الحبيب قد عرف من التقليد بيوحنا الرسول، هو أيضا خدم كرمز يمثل كل التلاميذ المؤمنون، فالتلميذ الحبيب يقف عن كل من يتبعون المسيح حتى في وسط المصاعب وعن كل من يؤمن بيسوع ويشهد بأنه الرب، وبمعنى آخر هذا الشخص الحبيب في انجيل يوحنا يمثل كل نلاميذ يسوع المحبوبين. اذن لكل من يتفهم كيف ان الكتاب المقدس مملوء بالأسرار الإلهية سوف يفهم من تلك الأمثلة الثلاثة ان المحبة والأعمال الخيرية التي قامت بها القديسة مريم كآداة عامة لفعل النعمة الإلهية في الدعوة والتبرير والثبات. اذا ما رغبنا ان نكون بحق أبناء تلك الملكة العظيمة يجب ان نقبل بحب ان تكون مريم هي امنا الجديدة السماوية ولنذهب اليها بكل ثقة وبلا تردد ولا تترك الأيام تشغلك عنها واطلب شفاعهتا في كل امورك لمجد الله تعالى. اكرام: ضع نفسك في حماية العذراء ولتكن كل ايامك مريمية نافذة: يا سلطانة السماء والأرض تضرعي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. في الشهر المريمى مايو 2021 السبت أول مايو- الإقتداء بفضائل القديسة مريم “«فَالآنَ أَيُّهَا الْبَنُونَ اسْمَعُوا لِي. فَطُوبَى لِلَّذِينَ يَحْفَظُونَ طُرُقِي. اسْمَعُوا التَّعْلِيمَ وَكُونُوا حُكَمَاءَ وَلاَ تَرْفُضُوهُ”(امثال32:8-33)، ومن يتبع نماذج الفضيلة التي اقدمها. اذا ما تم وضع تلك الكلمات على لسان القديسة مريم، فالكنيسة تحثنا ان ندرس حياة سلطانة جميع القديسينن والإقتداء بفضائلها ومثالها الرائع. سعيد هو الإنسان الذي يقتدي بسيدتنا مريم العذراء لأنه بالتمثل بها هو يقتدي بيسوع الملك والمثال الذي لا يمكن مقارنته بأي شيئ آخر فهو الطريق الوحيد للحياة الأبدية. تحتوي حياة العذراء مريم على دروس لكل شخص وإذا ما درسناها نتعلم كيف نحيا في نجاح وفخر وصلاة وتواضع وإستسلام. سوف لا نحصل ابدا على الكمال الذي حصلت هي عليه في كل عمل ولكن كمالنا يمكن قياسه بمدى قربنا لأمنا مريم. أنت تتدعي انك من خدّام مريم العذراء فهل حقا تريد ان تصبح مثلها في قداستها الممتازة؟ إذاً، حاول ان تقتدي بقدر إستطاعتك بإيمانها الحي وطاعتها الفورية وتواضعها العميق وإنكارها للذات وحبها السخي. هل يوجد من هو لا يستطع ان يخقق هذا الهدف بمساعدة نعمة الله وان تتبع مثال مريم في ممارسة تلك الفضائل؟ بدون مثل ذلك الإقتداء سيكون حبك لها شيئ ضعيف في الحقيقة ولا يمكنك ان تتوقع ان تحصل على دليل يبرهن لك حمايتها الخاصة. ان تلاوتك لصلوات المسبحة اليومية ليس بكاف أو ان تعطي علامات خارجية لمدى تكريمك لها او ان تنتمي لأحدى الجمعيات المخصصة لها فكل ذلك سيكون مرهون بأن تتشفع مريم لك ان يمنحك الله النِعم التي انت في حاجة لها. لكن اذا كان إكرامك لها لا يقودك الي خطوة أكثر بأن تقودك ان تتمثل بفضائلها فإذاً فإكرامك لن يقودك للخلاص. جاء ان الفلسطينيون كان معهم تابوت العهد الرب بعد ان هزموا الأسرائليون ووضعوه في مكان مع آلهتهم ولكن التابوت لم يصبح مصدر للبركات لهم فهم كانوا ما زالوا يعبدون آلهتهم كما سبق من قبل. يقول بولس الرسول:” فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي”(1كورنثوس16:4) اذا ما كنتم في الحقيقة أولادي، ويمكن لأمنا مريم ان تقول مثل هذا فإذا كنتم تحبون ابني وتحبونني وانكم في الحقيقة ابنائي إذا فكونوا على مثالي في المحبة وانكار الذات وفي السلام وحب الله الذي بلا حدود. صلاة: يا أمنا الحبيبة من الآن فصاعدا انا سأريك محبتي وتكريمي لكِ بالتمثل بفضائلك فساعديني كي أعبّر عن حبي لكِ بالتشبه بكِ آمين. اكرام: اقصد على ممارسة الشهر المريمي كله وادع الآخرين للاشتراك معك نافذة: ياسبب خلاصنا صلّي لأجلنا – يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة صلاة للقديس يوسف في عيد العمال يا الله، يا خالق الكائنات، يا من وضعت للجنس البشريّ سنّة عمل به يحقّق غرض الخليقة، ها نحن نقوم بكل سرور بالقيام على مثال القديس يوسف العامل بالعمل الذي اعددته لنا ، بحقّ القدّيس يوسف هب لنا ان نحصل يوماً على ما وعدت العبد الصّالح الأمين من الثّواب. بربنا يسوع المسيح ابنك الإله الحي، المالك معك ومع الروح القدس إلى دهر الدهور. آمين الأحد 2 مايو- تقدير للنعمة المقدسة مريم العذراء وُجدت منزهـة عن الخطيئة الأولـى ودخلت العالم وهى ممتلئة نعمة وذلك منذ لحظة الحبل بها من أبويها. وهذه النعمة الخاصة قد أُعطيت لها بصفة فريدة وإستثنائية نظرا لاستحقاقات ابنها المسيح الفادي فلكي يتجسد ويصير إنسانا كاملا كان لا بد له من طبيعة إنسانية كاملة غير ملوثة بالخطيئة ، لذلك وجب أن تكون تلك الأم التى سيأخذ منها طبيعته البشرية طاهرة بريئة من كل دنس الخطيئة ومن هنا نتج ضرورة منح العذراء بالرغم من كونها حُبل بها طبيعيا كأي إنسان بشري ، إمتيازا خاصا يحررها من الخطيئة الأصلية التى يتوارثها الجنس البشري وهكذا تكون العذراء قد تمتعت بالنعمة المبررة وهى بعد فى أحشاء أمها وحالة النعمة تلك هي التى تمتع بها الإنسان الأول فى لحظة خروجه من يد اللـه. جميعنا جاء الي هذا العالم كضحايا لغضب الله على الإنسان الأول ولكن مريم وحدها حُفظت من اول لحظة في محبة الله ولهذا جاءت الى العالم في كمال ملء النعمة. ان الله لم يشأ ان الهيكل الذي سيحلّ فيه يشوبه أي تلوث او يمسه ولو للحظة واحدة أي دنس. كيف ان مريم قد قدّرت تلك النعمة الكبرى والتي لا يمكن مقارنتها بأي شيئ آخر فصرخت قائلة “ها انا آمة للرب” وفي قلبها ما صرّح به سليمان الحكيم من قبل:” عِنْدِي الْغِنَى وَالْكَرَامَةُ”(امثال18:8) و” «اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ، مِنْ قَبْلِ أَعْمَالِهِ، مُنْذُ الْقِدَمِ”(امثال22:8). هذا ما ملأ قلب مريم فهي تمتلك “ملء النعمة” و” القدوس” و “ابن داود” و “المخلّص” فلا شيئ يعادل في الأرض ما حصلت عليه من النِعم “وجدت نعمة عند الله” وتلك اول شيئ ثمين فذلك الذي جعلها أكثر قرباً من الله. ان حياتها كلها فيما بعد كانت عبارة عن اعتراف دائم بالنعمة التي حصلت عليها من الله والتي لم تحصل عليها أي خليقة أخرى. ان النفس المسيحية في العِماد المقدس تحصل على حالة النِعمة التي حصلت عليها مريم عند اول لحظة من حياتها على الأرض. ان تلك النعمة قد احضرتك ان تنادي الله وان تدعوه “أباً” وان تدعو يسوع اخا لك. لقد أصبحت وريثا لله ووارثا مع المسيح “ فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ”(رومية17:8)، وملكوت السموات اصبح ميراثك الأبدي. هل تفهم حقا مدى عظمة ومجد ما حصلت انت عليه؟ وهل تفهم ما هي كل واجباتك الموضوعة عليك؟ ان القليل من المسيحيين للأسف يفهمون او يؤمنون بهذا الإمتياز. قد يحاول البعض ان يحيوا حياة قداسة ولكنهم قلة. كيف ان قلة يحرصون على عدم تلوث رداءهم الأبيض الذي حصلوا عليه عند عمادهم ويحييوا كأبناء لله طاهرين بلا لوم. وعلى الجانب الآخر نجد غالبا البعض من يقومون بممارسة مسؤولياتهم المسيحية بكل جدية مما يستحق من الإعجاب والفخر لأنهم يجسدون المسيح في أعمالهم واقوالهم وحبهم للخير والصلاح ولمجد الله تعالى. كلنا جئنا لهذا العالم والبعض يعرف ويجاهد في سبيل تحقيق مشيئة الله على هذه الأرض ولكن للأسف هناك قلوب ضحايا للخطيئة وتعظم المعيشة وشهوة الجسد وشهوة العيون ولكن عليك الا تغلق باب قلبك لنداء الله لك “ لأَنَّهُ هُوَ إِلهُنَا، وَنَحْنُ شَعْبُ مَرْعَاهُ وَغَنَمُ يَدِهِ. الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ، فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ”(مزمور7:95-8). يمكنك ان تسترجع نعمة التبني والتي القيتها بعيدا فهناك معمودية أخرى ثانية وهي معمودية التوبة فحاول ان تفحص ضميرك وتذهب الي سر المصالحة واعترف الي ابوك السماوي كالإبن الضال واسرع بالعودة لأحضان ابوك حتى لا تندم فربما لا تجد وقتا آخر تعود فيه الي نفسك. صلاة: يا مريم عذراء بلا دنس صلي من اجلنا لكي نبطل ما نقترفه من خطايا وان لا نقع مرة أخرى في الخطيئة وان لا نسبب لك الحزن والألم في كل مرة نخطئ الي الله فبشفاعتك سننتصر ونحصل على النعمة ان نعود أبناء لله ولكِ مرة أخرى فنستحق ان نسبحه تعالى ونمجد اسمه القدوس معك وبك الي ان نلقاك في السماء. آمين. اكرام: احتفظ بنسخة من الكتاب المقدس في بيتك واقرأه وتأمل بمعانيه نافذة: يا كرسي الحكمة صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الاثنين 3 مايو: الحرص على حفظ النعمة المقدسة مريم قد حفظت بنعمة من الله من آثر الخطبئة وتبعاتها ولذلك فليست مثلنا فهي لا تخاف الوقوع في الخطيئة. حتى الآن اذا ما حاولت ان تحكم على تصرفاتها فسوف تقول ان لها من الأسباب العديدة التي تجعلها ان تخاف كما نفعل نحن من الوقوع في الخطية وربما اكثر منا. في حبلها بلا دنس الخطيئة أُعطيت لها كل الميزات التي تصحب من بلا خطيئة ولذا فلقد قررت ان تحيا دائما كأسيرة الحب الإلهي. اما نحن على النقيض نحاط بأعداء متغيريون خائنون والذين هدفهم الوحيد ان يتخذوا ضعفنا الطبيعي لإسقاطنا، وحتى الآن ليس لدينا خوف ولا يمكن ملاحظتهم جميعا. نحن نعترف اننا أجساد ضعيفة ونتعرض على الدوام للتجارب والتي تسقط في الغالب حتى أقوياء النفوس. هذا الضعف يتضاعف في داخلنا وذلك بأن نفترض بأننا لا نستحق الدعم والتعضيد المعطى لنا من فوق فتخور قوانا ونستسلم لأعدائنا!. نحن نحمل كنز النعمة في إناء ضعيف “وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ للهِ لاَ مِنَّا”(2كورنثوس7:4)، والذي يمكنه ان يتحطم ونحن لا نتوقعه. كم من الأعداء حاولوا اختطاف ذلك الكنز منا؟ أعداء من داخلنا ومن حوالينا واعداء في كل ما حولنا. في داخلنا يوجد عواطف لم نستطع السيطرة عليها بدرجة كافية ومن الخارج روح الظلمة من حولنا في عالم مرتبك. مثل نار لم تخمد للنهاية فيمكن لعواطفنا ورغباتنا دائما ان يعاد اشتعالها وتشعل النار. حتى ولو كنا مثل القديس بولس الذي اختطف الي السماء الثالثة “أَعْرِفُ إِنْسَانًا فِي الْمَسِيحِ قَبْلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. أَفِي الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ، أَمْ خَارِجَ الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. اللهُ يَعْلَمُ. اخْتُطِفَ هذَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ”(2كورنثوس2:12) فلا نزال علينا ان نخاف من ان نُطرح الي أسفل مع الملائكة المتمردين الي الهاوية السفلى. انه ليس كافيا ان نؤكد لأنفسنا ان مشاعرنا وقراراتنا القلبية كافية ففرصة غير ملائمة واحدة كافية ان تحطمنا، فلحظة واحدة خدعت داود من حب الرب وحتى دليلة استطاعت ان تحطم شمشون بقوته. الأعمدة مقدسة قد سقطت بعد كفاح لسنوات ضد تجارب متنوعة وعنيفة. عندما نرحل في طريق الفضيلة فيوم واحد ليس ضمانا لليوم التالي وبعد الحصول على العديد من النِعم من الرب يمكن للشخص من خلال عدم امانته ان يُرفض من الله. فالإنسان الذي يعتمد على قراراته السابقة ولا يحفظ مراقبته لنفسه وثباته في الرب يمكن ان يسقط ويصبح غير أمين في وعوده. أي شخص يحاول ان يعبر البحر الهائج وسط شعاب مرجانية مختفية ولا يأخذ كل الإحتياطات الواجبة والضرورية يجب ان يتوقع كارثة غرق سفينته. انه شيئ صعب وعلينا ان نقر بهذا ان نحيا في مراقبة مستمرة نحو ميولنا الأرضية لكي يمكننا الإنتصار عليها ولكن لا يوجد قديس اصبح قديسا بدون معاناة وكفاح وجهاد حتى الموت من اجل الفوز بالحياة مع يسوع. صلاة: يا الله املأني بخوفك المقدس فأراقب نفسي حتى لا افقد حبك وقويني يارب حتى انتصر على اللذة بالإماتة وعلى الضعف بالقوة حتى احصل بمعونتك على الفوز بالحياة معك الي الأبد. اكرام: رتل بانتباه طلبة العذراء وتأمل بمعانيها نافذة: ياسبب سرورنا صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الثلاثاء 4 مايو: الحرص على النمو في النعمة والكمال منذ الحبل بالقديسة مريم فلقد نالت ملء النعمة ولم تكتفي هي بذلك فتجلس فرحة بها بدون أي فعل، بل بدلا من ذلك استمرت في حياتها تبذل جهودها لتثمر تلك النِعمة ثمارها المطلوبة. والقديسة مريم كلما كانت تعمل تلك النعمة فيها فكانت تنميها وتقويها أكثر وأكثر في كل يوم فأصبحت بذلك تربة صالحة بعناية حتى انه ولو وضعت فيها بذرة صغيرة للغاية ستثمر مائة ضعف من الثمار. على الرغم من ذلك فهي قديسة منذ ولادتها وتلك القداسة حتى بالنسبة لها ليست هبة طبيعية بل لقد جعلتها تقريبا جزء من حياتها الطبيعية في كل أفعالها وأقوالها وحرصها الدائم على ثمارها الروحية كقول النبي:” أَنَا كَالْكَرْمَةِ الْمُنْبِتَةِ النِّعْمَةَ، وَأَزْهَارِي ثِمَارُ مَجْدٍ وَغِنًى”(يشوع بن سيراخ 23:24). اذا ما اردت ان تنمو في النعمة والتي حصلت عليها في سر العماد المقدس اجعل الله أبا لك وتكون هيكلا للروح القدس وأخا للمسيح يسوع ووارثا معه وعندئذ اهرب من العالم واحبب الصلاة واقبل الأسرار المقدسة بإستمرار واخضع نفسك للممارسات التقوية من اعمال روحية وجسدية، وأنصت للروح الساكن فيك واطلب مشورة الرب في كل تصرفاتك. ان الكثيرين وهم في طريق تقدمهم الروحي يتوقفون أحيانا لأي سبب ولكن النعمة ابدا تقول “كفى” ولا تضع حدودا لجهادك وصبرك و كف عن القول بأنك قد وصلت وان لك مكانا في السماء فأحذر الوقوع في خطيئة البِر الذاتي التي أسقطت العديد. صلاة: يا قديسة مريم انتِ حامية ومحامية قوية فساعديني ان احيا حياة القداسة والتي وهبني إياها الله حتى امجده وأخدمه بكل آمانة وساعديني ان أصل للمجد المعّد لي بنعمة الله. آمين. اكرام: ردد باحترام “السلام الملائكي” وتعود على تلاوته يوميا” في فترة تحددها بنفسك وتلتزمبها نافذة: السلام لك يا ممتلئة نعمة يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الأربعاء 5 مايو – يجب ان نهب أنفسنا الي الله مادمنا على الأرض ان الله يدعـونـي إليـه ولقد أحبني واختارني ووهبني العديد من النِعم، فيا ترى ما الذي يدعوني اليه الرب؟ أن أمجّد الله فى كل ما أفعل أو أقول لهذا دعانا الرسول قائلاً: “فإذا أكلتم أو شربتم أو عملتم شيئاً فأعملوا كل شيئ لمجد الله”(1كورنثوس31:10). لهذا أوصانـا السيد الـمسيح ائلاً:”فليضيئ نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويُمجّدوا أباكم الذى فى السماوات”(متى16:5). أن أعـمل على نشر رسالة الـمسيح، فكـما أرسل الرب يسوع تلاميذه للعالـم أجمع قائلاً لهم: “اذهبوا الآن وتلمذوا كل الأمم.. وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم بـه”(متى19:28). فهل من عـمل أعظم وأشرف وأسمـى وأكثـر مشابهـة لأعـمال السيد الـمسيح نفسه والذى كـما يقول الكتاب “كان يجول يصنع خيـراً”. أن أسلّم للرب ذاتـي ليعـمل بـي كـما يقول الرسول بولس:”لأن الله هو العامل فيكم الإرادة والعمل حسب مرضاتـِه. افعلوا كل شيئ بغير تذمّر ولا جدال لتكونوا بغير لوم وبسطاء وأبناء الله بغير عيب بين جيل مُعوج ملتو تُضيئون فيهم كأنوار فـى العالـم”(فيليبي13:2-15). ولهذا يعلن الرسول لتلميذه تيموثاوس”الرب وقف معي وقوّانـي لكي تُتم بـي الكرازة ويسمع جميع الأمم” (2تيموثاوس17:4). أن أبشر الآخـريـن بكلـمة الله وأعرفهـم بـه، فها هو اندراوس الرسول عندما آمن يقول عنه الكتاب:”وجد اولا أخاه سمعان فقال لـه قد وجدنـا مسيّا الذى تفسيره الـمسيح وجاء بـه الـى يسوع”(يوحنا41:1). وفيلبس والذى تقابل مع نثنائيل ودعـاه قائلاً:”لقد وجدنـا الذى كتب عنه موسى فى الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذى من الناصرة”(يوحنا45:1). والرعـاة عندمـا رأوا مـا أخبرهـم بـه الرب عن طريق ملائكتـه “أخبروا بالكلام الذى قيل لهم عن الصبي” (لوقا17:2). والنبيّة حنـة تلك الأرملة التى كان عمرها 84 عاما والتى كانت لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام يذكر عنها الكتاب بعد أن رأت الطفل يسوع:”ففى تلك الساعة وقثت تسبّح الرب وتلكمت عنـه مع جميع الـمنتظرين فداء فى أورشليم”(لوقا36:2). وذلك الأبرص الذى عندمـا رأى أنـه قد شُفي “رجع يُمجد الله بصوت عظيم”(لوقا15:17). وقائد الـمئة الذى لـمّا رأى مجد الله صاح قائلاً:”بالحقيقة كان هذا الإنسان باراً”(لوقا47:23). وتلك السامريـة التى صرخت لأهل بلدتهـا قائلة:”هلّموا وأنظروا إنسانـاً قال لـي كل ما فعلت العلّ هذا هو الـمسيح”(يوحنا5:4). أنـه يدعوك لأن تدعو الآخريـن ليعرفوا ويذوقوا حلاوة القرب من الله لهذا يرنم داود قائلاً:”ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب”(مزمور8:34)، ويصرخ بولس الرسول قائلاً:”الويل لـي إن لـم أبشّر” (2كورنثوس16:9). أن نعـمل على خلاص النفوس فتلك النفوس التى إفتداهـا بدمـه على الصليب وكما يقول الرسول:”فكل من يدعو باسم الرب يخلُص. وكيف يَدعون إلـى من لم يؤمنوا بـه وكيف يؤمنون بـمن لم يسمعوا به وكيف يسمعون بلا مُبشّر وكيف يُبشّرون إن لم يُرسلوا”(رومية13:10-15). أن يـملك الله عليك أولاً مُلكـاً تـامـاً فتقول قول الرسول بولس “أنـا حيّ لا أنـا بلْ إنـمّا الـمسيح حيّ فـيّ”(غلاطية20:2). ومن غير أن يملك الرب علينـا سيكون عملنـا فى خلاص الآخرين هو عمل عقيم وغير سليم. فلنملأ مصابيحنـا أولاً بالزيت وبعدهـا يمكننا أن ننيـر للآخريـن. أن نكون وكلاء صالحـون على بيعتـه كذلك العبد الصالح والأمين (متى45:25) فتعـمل أعـمال السيد الذى وكلّك وتتكلم عنـه وعن أعـمالـه. والرسول بطرس يدعونا قائلاً: “ليكن كل واحد بحسب ما أخذ موهبـه يخدم بهـا بعضكم بعضاً كوكلاء صالحين على نعـمة الله الـمتنوعـة. إن كان يتكلّم أحد فكأقوال اللـه وإن كان يخدم أحد فكأنـه من قوة يـمنحهـا اللـه لكي يتمجد اللـه فـى كل شيئ بيسوع الـمسيح الذى لـه الـمجد والسلطان الى الأبـد”(1بطرس10:4-12). فيـا أيهـا الوكيل الآميـن إن الرب عطش للنفوس، عطش صرخ بـه وهو سط الآلام قائلاً:”أنـا عطشان”. أن أحـارب معـه أعـداؤه الحرب ضد ابليس فالرسول بطرس يحذّرنـا قائلاً:”اصحوا واسهروا لأن ابليس خصمكم كأسد زائـريجول ملـتمساً من يبتلعـه هـو”(1بطرس8:5). ويحذرنـا ايضاً الرسول بولس قائلاً:”إن مصارعتنا ليست ضد اللحم والدم بل ضد الرئاسات والسلاطين وولاة هذا العالم عالم الظلمة والأرواح الشريرة فى السماويات”(افسس12:6). الحرب ضد محبة العالـم لهذا ينصحنـا يوحنا الرسول قائلاً:”لا تحبوا العالـم ولا الأشياء التى فى العالـم.إن كان أحد يُحب العالـم فليست فيـه محبة الآب”(1يو15:2). الحرب ضد الكبـريـاء فكـما يقول الكتاب الـمقدس “الكبريـاء هو أول الخطأ ومن رسخت فيـه فاض أرجاسـاً”(يشوع بن سيراخ15:10). الحرب ضد حب الذات فالرب يسوع يقول “من أراد أن يتبعـني فليكفـر بنفسه”(لوقا23:9). الحرب ضد الحواس فالقديس بولس يوضح أعمال الجسد قائلاً:”اعمال الجسد ظاهرة وهى الزنـى والنجاسة والعُهـر وعبادة الأوثان والسِحر والعداوات والِخصام والغيـرة والـمغاضبات والـمنازعات والـمُشقات والبدع والـمحاسدات والقتل والسُكر والقصوف وما يُشبـه ذلك. وعنها أقول لكم ايضاً كـما قلت إنّ الذّين يصنعون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله”(غلاطية19:5-21). ان قائـدي هـو الـمسيح، اللـه، الإلـه الواحـد الذى لـه الكرامـة والمجد والسلطان، فـمن منـّا لا يُصبح بطلاً تحت نظر قيادة هذا القائد العظيم الذى “اعداؤه صاروا موطئاً تحت قدميه”(عب13:1)، وهو متأكـد من قوة هذا القائد وسلطتـه وأسلحتـه ومن أنـه لا يـمكن أن ينهزم أبداً. صلاة: يا قديسة مريم انتِ قائدتي ومعونتي وسلاحي فيما يطلبه الله مني فساعدني وحامي عني كجندي في صفوف جيشك العظيم لقهر الشر والفوز بالسماء. آمين. اكرام: لنضع اولادنا تحت حماية العذراء ونعلمهم منذ صغرهم حبها والتعلق بها نافذة: يا أما” قادرة صلي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الخميس 6 مايو: يجب ان نعطي أنفسنا الى الله ونحن على الأرض أثناء حياة القديسة مريم على الأرض أصغت لصوت الله والذي دعاها الي الإنعزال والتكريس الكليّ لله، فمن سنوات حياتها الأولى عندما تركت منزل والدها وكرّست نفسها الي الله في الهيكل ولا شيئ يمكن ان يعيدها مرة أخرى لحياة العالم فلا فترة الشبيبة ولا ضعف جسدها او حب والديها كقول المرّنم:” اِسْمَعِي يَا بِنْتُ وَانْظُرِي، وَأَمِيلِي أُذُنَكِ، وَانْسَيْ شَعْبَكِ وَبَيْتَ أَبِيكِ، فَيَشْتَهِيَ الْمَلِكُ حُسْنَكِ، لأَنَّهُ هُوَ سَيِّدُكِ فَاسْجُدِي لَهُ.”(مزمور10:46-11). كل شيئ لا يمكن ان يؤخر تقدمة القلب والذي يبحث دائما عن الله ويحب عنه وحده يمكن ان يؤثر او يؤخر سعادة ذلك القلب. بمجرد ان أصبحت مقيمة في الهيكل امتلأت مريم بالشغف في تنفيذ كل ما يسند اليها في حب عميق من واجبات حسب سنها وقدرتها. لقد اخلصت في صلاتها وتأملاتها في تلك الأوقات التي اتيحت لها بعد انتهاء واجباتها وكيف انها امضت فترة الهيكل تلك في إعداد نفسها بطريقة خاصة لنِعم الله التي أعطيت لها. فى الهيكل كان يوجد مكان مخصص للفتيات الـمكرّسات (يوسيفوس الـمؤرخ اليهودى كتب ان هيرودس بنى بنايـة واسعة فيها 80 جناحا لبنات اسرائيل الـمخصصات للخدمـة). وكانت الفتيات تتعلم فى الهيكل الصلاة والـمزامير والأناشيد مع التأمل وتدرس التوراة وتاريخ بنى اسرائيل والشرائع والعادات والنبؤات التى تعلن عن مجيئ الـمسيّا. ثم يأتـى بعد ذلك الأعمال اليدويـة العاديتة من تطريز لثياب الكهنة وإعداد العطور والغزل والنسج. وكانت مريم العذراء تفعل كل ذلك فى صمت ومناجاة مع اللـه فى تواضع وتصنع الخير وتحب الفضيلة وفى طاعـة كاملة، وبالطبع كانت ترى كل يوم الذبائح التى تقدم فى الفجر وعند غروب الشمس. وكان كل اليهود يحضرون هذه التقدمة، وكانت تحضر فى أيام الأعياد مثل أعياد الفصح والـمظال،وفى الـمساء كانت تجتمع الفتيات للصلاة. ويذكر بعض الكتّاب عن معجزات كانت تقوم بهـا مريم العذراء، وأنـه كانت تأتيهـا مأكولات مخصوصة من السماء،أو انهـا كانت تحادث الـملائكة،وكل هذه الروايات لا يمكن قبولهـا أو رفضهـا لأنـه لم يذكرلنا شيئاً مؤكداً. لكن ما يجب أن نعلـمه أن مريم كانت متعبدة للـه التى نذرت لـه كل نفسها وقلبها وجسدها، وإستمر عـمل النعـمة فيهـا طيلة حياتهـا حتى ان ملاكاً من السماء حياهـا فيما بعد قائلاً:”يا ممتلئـة نعـمة”. لقد أظهرت القديسة مريم والقديسين كيف انه ذو فائدة للإنسان ان يحمل النيّر منذ صباه:”جَيِّدٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْمِلَ النِّيرَ فِي صِبَاهُ”(مراثي ارميا27:3). فهل نحن نعامل الله كالله عندما نعطي له فقط بواقي شيخوختنا وحياتنا والتي قد أعطيت لنا لكي نقدمها كلها لمجد اسمه القدوس؟ ما هو يا ترى نوع التقدمة او التضحية التي نقدمها الي الله عندما ننتظر لكي نلزم انفسنا لخدمته وحتى بحسب القواعد الأرضية لا يكون لدينا القوة ولا الوسائل التي بقيت لدينا؟ فلا تنتظر حتى عمرك الذهبي لكي تعطي نفسك الي الله فعند ذلك الوقت سنكون قد استنفذنا من حمل العالم وثقله ولن يكون لدينا الصحة ولا القوة الباقية لكي نحمل نير الرب. يمكنك ان تقول انا سوف اعطي نفسي الي الله عندما تكبر ولكن عندما تأتي تلك الأيام فهل سيكون من السهل ان تخدم الرب من كل قوتك وقدرتك؟ ان الخبرة تعلمنا ان سنوات النضوج ستجلب لنا المعرفة ولكن ليس من الضروري الحكمة. في مثل العذاري صرخن الجاهلات “ قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا!(متى11:25)، ولكنهن جئن بعد ان جاء العريس وأغلق الباب وطرقهن على الباب كان بلا جدوى. ان الخبرة أيضا تعلمنا ان سنوات النضوج تجعلنا على استعداد ان ندخل في حضرة القاضي العظيم والذي سيسأل عن ما فعلناه في كل حياتنا. ان الإنسان الذي لن يكرّس حياته الي الله منذ حداثته قد يخاف من ان الرب قد يعاقبه عندما يكبر فتصبح حياته عقيمة. ان الكثيرين منا يدعي حبه الي الله ولكن بلا عمل او اعمال محبة وكما قال القديس يوحنا اللاهوتي في رسالته:” مَنْ قَالَ: «قَدْ عَرَفْتُهُ» وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ. وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقًّا فِي هذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا.” (1يوحنا4:2-6)، وأيضا “إِنْ قَالَ أَحَدٌ: «إِنِّي أُحِبُّ اللهَ» وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ. لأَنَّ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ، كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْهُ؟ وَلَنَا هذِهِ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ: أَنَّ مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أَخَاهُ أَيْضًا”(1يوحنا20:4-21). صلاة:يا الله اشكرك على رحمتك العظيمة في حضورك ووجودك في حياتي بينما ان احيا تلك الحياة اهينك بأفعالي وأقوالي فأرجوك يارب بشفاعة أمي القديسة مريم ان تجعلني إناء صالحاً يقدم لك المجد والإكرام والسجود دائما والي الأبد. آمين. اكرام :اقرأ وتأمل من وقت الى آخر في الكتب التقوية التي تتحدث عن امجاد مريم نافذة: يا أم المسيحيين صلّي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الجمعة 7 مايو – يجب ان نقدم أنفسنا الي الله كاملة وللأبد لقد قدمت مريم العذراء نفسها الي الله أثناء حياتها بدون تحفظ او قيود، فعليك ان تسلّم حريتك اليه كاملة حتى انك لا يوجد لك مشيئة خاصة بك ولكن مشيئته هو وحده. ان أي رضا انت تريده في هذا العالم هو ان تجلب السعادة لله وان السعادة الحقيقية الوحيدة بالنسبة له هو ان تحبه من كل القلب والفكر والإرادة. لا يمكنك ان تحنث بوعدك مطلقا فأنت تسير في طريق الله في كل يوم محققا تقدما نحوه. ان امنا مريم اعطتنا مثالا حيا في خدمة الله بدون أي تردد او شروط او مقياس. بالتأمل في حياتنا ربما نخجل اننا لم نحفظ العهد ولا الوعد الذي قطعناه مرارا في كل مرة نتقدم فيها لسر المصالحة، فلماذا تعثرت خطواتنا ولماذا توقفنا عن الثبات في المسيح يسوع؟ فهل ياترى اصبح الله الآن غير محبوب ولا يعنينا كما كنا من قبل؟ وهل العلاقة بيننا وبينه قد تغيرت واصابها الفتور ولم يعد اعتمادنا عليه مطلوب؟ او اننا لا نقترب اليه الا لطلب ما او في ازمنة الصوم او الأعياد فقط؟ وهل وهل وهل؟؟؟ كلما تقدمت في العمر كلما ازدادت قائمة البركات والنِعم التي تنالها من الله وتزداد بالتالي ديونك نحوه فالله قد خلق قلبك وخلقه ليصبح له فقط والله هو الذي يجب ان يكون هو السيد والرب لذلك القلب وهو لم يقل لك يا ابني سلفني قلبك بل “يَا ابْنِي أَعْطِنِي قَلْبَكَ”(امثال23:26). يجب ان تطيع الله وتكرّس قلبك له، فهل يكون من حقك ان تعيده لك بعد ذلك؟. ان الله لا يفكر انه كثير عليه ان يهب نفسه كلية لك فلقد تجسد وصلب ومات من اجلك فهو الذي احبنا أولا فأعطيه كل شيئ وفيه ستجد كل شيئ. ان العالم وكل مافيه لاشيئ اذا ما كان الله في قلب الإنسان فاطلب من الله ان يخلق فيك ذلك القلب النقي الذي يحب الله “قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي”(مزمور10:51). صلاة: يا أم الرحمة ساعديني ان اصنع سلامي مع الله حتى ان الله مخلصي بصلاتك يملأ قلبي بنعمته فيخدمه بكل أمانة ولا أضع حدودا او لا اتردد بل خدمة وحب من كل القلب والفكر والإرادة. آمين. اكرام:لنعلم اطفالنا الصلوات القصيرة والابتهالات البسيطة نافذة: يايسوع ومريم ومار يوسف اهب لكم قلبي ونفسي وحياتي يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة- السبت 8 مايو: الميزات والبركات للخلوات الروحية ان العذراء مريم عندما كانت في الهيكل وهي صغيرة قضت ايامها متمتعة بزيارة الله في هيكله وتعد داخل نفسها مكان لحلوله فيها فالفكر بوجود الله الدائم كان معها وفيها دائما وبذلك كانت مشغولة في التأمل في عظمته وكمالاته “حَبِيبِي لِي وَأَنَا لَهُ”(نشيد الأنشاد 16:2)، فلا شيئ يعادله فلا ثروة العالم ولا شيئ آخر. ان النفس التي تنفصل عن العالم وكلها تكون مشغولة بالله فتكون وهي معتزلة في سعادة لا يمكن وصفها فكل ما يشغلها هو الله وحده ولا شيئ آخر. في تلك الخلوة تتذكر النفس محبة الله وعطاياه وبركاته ويمكنها ان تسمع صوته ولا شيئ يمكن ان يقاطع او يشغل القلب الا صوت الحبيب. انه من السعادة ترديد تلك الكلمات البسيطة “مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ”(مزمور25:73)، وان تجد في الإقتراب الي الله كل الثروة والفرح والملء. ان الله عندما يريد ان يتكلم مع النفس وان يعلمها دروس الهية فيتكلم في القلب ويقودها الى البرية “لكِنْ هأَنَذَا أَتَمَلَّقُهَا وَأَذْهَبُ بِهَا إِلَى الْبَرِّيَّةِ وَأُلاَطِفُهَا،”(هوشع14:2). تذكر ما هو طعم تلك الخلوة الروجية التي قد تكون اشتركت فيها مع اسرتك او كنيستك وحاول ان تسترجع القيمة الروحية التي حصلت عليها يومها وسماعك لصوت الله وأيضا تخيّل القديسين الذين مارسوا تلك الخلوات للقاء الله فالبعد عن العالم والضوضاء يتيح للنفس البشرية فرصة عظيمة للإلتقاء بخالقها. الإبتعاد عن العالم وعدم الإنغماس في شهواته ومغرياته هو مطلب الرب فلقد قال السيد المسيح لليهود “فَقَالَ لَهُمْ: أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ، أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هذَا الْعَالَمِ.” (يوحنا 23:8). وفـى صـلاة يسوع الأخـيـرة قـبـل الرحيـل قال هذه العبارة عـن الرسل: ” انـهـم ليـسوا مـن العـالـم كـمـا إنـي أنـا لستُ مـن العـالـم” (يوحنا16:17) ، وهناك أيضا العديد من الآيات التي كان فيها يسوع “ينفرد” و”في الخلاء” ليصلي وحتى عندما دعانا لأن نصلي قال:” وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً”(متى8:6). يجب عليك ان تحب ان تختلي بالرب وأيضا ان تتجنب العالم ففي العزلة والإختلاء ستتعلم كيف تتحكم في مشاعرك وكيف تنصت الي خالقك فلكي تنسحب من العالم ستكون واحدة من الوسائل المؤثرة التي ستحمي النفس “لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ.”(2يوحنا16:2-17). لا شيئ يضعف فضيلة الإنسان اكثر من مصاحبة اقرناء السوء او المعاشرات الرديئة والتي قد تقود الإنسان الي الإبتعاد عن الله ووصاياه ومحبته. ان الأباء القديسين يقولوا لنا انهم استطاعوا وهم في عزلتهم ان ينتصروا على الشر ومغرياته. ان الله يحب ان يلتقي بك كما التقى بموسى وايليا وهم في الجبل وعندما تغلق باب العالم وتجلس معه ستستطيع ان تميز صوته وكلماته ويمكنه ان يتكلم معك في قلبك وستنطبع كلماته فيك وتنمو في محبته. يدعونا سفر الحكمة إلى العزلة المقدسة التي فيها ينسحب الإنسان تحت قيادة روح الله القدوس إلى أعماقه، ليعيد تقييم نفسه، وتقييم عمل الله فيه، وإعادة النظر إلى كل شيء بعينيّ رب المجد يسوع، الحكمة الإلهي، وفي نفس الوقت يحذرنا من العزلة الشريرة التي فيها ينسحب الإنسان من الجماعة المقدسة، حاسبًا نفسه أفضل من الجميع، معتمدًا على فكره الذاتي، رافضًا المشورة المقدسة والحوار المقدس. فمن رام أن يبلغ إلى الحياة الدَّاخليَّة الرُّحيَّة، فعليه أن ” يعتزل الجمع” (يوحنا 5: 13) برفقة يسوع. صلاة: يا الله أعطني ان أحب الإختلاء بك بعيدا عن العالم ومغرياته وافتح قلبي وعقلي لكي استمع الي كلماتك المحيية. آمين. اكرام: علم اولادك منذ الصغر قانون الايمان ومبادئ الديانة المسيحية نافذة :يا أم المشورة الصالحة صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الأحد 9 مايو: اختيار طريق الحياة لقد أحبت القديسة مريم الله وحده منذ سنوات حياتها الأولى ولهذا السبب خضعت لمشيئته واستحقت بركاته والله وهبها كل ما يليق بمكانتها كأم لإبنه الوحيد وأعطاها ملء النعمة لتحقق خطة الله الخلاصية. إن اختيار الله لإنسان ليقوم بدور ما يعتمد على ما يراه الله من صلاحية هذا الإنسان للقيام بدوره وهكذا قال السيد الـمسيح عن شاول الطرسوسي:”إن هذا لى إناءُ مختار ليحمل إسمي أمام الأمم والملوك وبني إسرائيل” (أع 15:9). وأيضاً عندما إختار الله أول ملك على شعبه وكان شاول بن قيس فيذكر عنه الكتاب الـمقدس انـه “مُنـتقى حسنُ لم يكن فى بني اسرائيل رجل أحسن منه”(1ملوك 2:9). والقديس توما الأكويني يقول:” عندما الله يختار بنفسه خليقة من خلائقه لـمهمّة خاصة، إنـه يهيئها مُسبقاً للقيام على أكـمل وجـه بالخدمة التى يقّدرها له”،وعلى هذا النحو كانت العذراء مريم قد مُنحت ما تقتضيه رسالة التجسد السري من نِعم ملائمة ليسند الله اليها دوراً كبيراً ومهما فى التجسد والفداء والخلاص. لكي تختار اختيار جيد لدعوة من الله فنحن نحتاج الي توافق في الأحداث والظروف فمثلا اذ شخص يتقدم للحصول على الدرجة الكهنوتية والتي تعطى لنفوس مؤمنة قد استشارت الله في ذلك الإختيار وخضعت لتلك الدعوة فهي تيحث في كل حياتها عن إرضاء الله ولهذا تقبل مثل تلك الدعوة وتقبل بتنفيذها إرضاء لدعوته المقدسة، ولا يمكن لذلك الشخص ان يرجو ان الله سوف يخضعه لهذا الإختيار من غير رغبة كامنه لتلك الحياة الجديدة. انه توافق ما بين مشيئة الله ورغبات الإنسان في حياة أفضل. ان القديسة مريم عندما وافقت على ارتباطها بالقديس يوسف رغم نذرها للبتولية كانت على إيمان بعظمة الله وكان مبني على أساس تلك الفضائل التي تحلت بها والتي مارستها بكل أمانة. اذا ما كانت القديسة مريم تركت الي العالم وقواعده فكان عليها اذا ان تختار زوجا لها بلا شك ذا ثراء او مهارات مهنية وليس نجارا فقيرا، ولكنها ربما عرفت ان يوسف رجل تقي و”بار” وعاش بأمانة أمام الله وربما علمت بذلك الإختيار الإلهي من تلك العلامة من ازدهار عصاه. انه لا يمكن يكون نفس التفكير عند اختيار زوجا بالبحث عن فضائله من الطفولة وكيفية عيش حياته ان كانت في مخافة الله ام لا في عصرنا هذا ولكن التركيز ينحصر في اهتمامتنا الشخصية واعتبارات بشرية محضة تلك التي تحرك طريقة اختياراتنا عند الإرتباط والزواج. المال والممتلكات والمكانة الاجتماعية هي التي تحكم اختيارات الزواج في عالمنا الآن وليست روحانية الشخص ومدى علاقته بالله وسلوكه ولذا فالكثير من الزيجات تفشل ويصيبها الإنحلال والتفكك او العيش في ألم ومعاناة. ان عدم استشارة الله وطلب معونته عند اختيار الشريك وحتى بعد الإرتباط في عدم ان يكون الله هو الركيزة الأساسية لذلك البيت ولعلاقة الحب. ان هناك العديد من الناس الذين هم غير راضين عن حياتهم وعلاقاتهم وحالاتهم فهم يعانون منها غالبا ويجعل الآخرون ومن يتعامل معهم أيضا في تعاسة وكل هذا لكونهم اختاروا حياة بعيدة عن الله ويمكن ان يقال انهم من يعنيهم قول اشعيا النبي:” «وَيْلٌ لِلْبَنِينَ الْمُتَمَرِّدِينَ، يَقُولُ الرَّبُّ، حَتَّى أَنَّهُمْ يُجْرُونَ رَأْيًا وَلَيْسَ مِنِّي، وَيَسْكُبُونَ سَكِيبًا وَلَيْسَ بِرُوحِي، لِيَزِيدُوا خَطِيئَةً عَلَى خَطِيئَةٍ”(اشعيا1:30). ان الدعوة هي نعمة من الله وتشمل ليس فقط الشخص المدعو بل أيضا من هم من حوله فإذ كان الشخص عير أمين لتلك الدعوة والنعمة فسوف لا تتوقع ان الآخرين سيختلفون. اذا ما رفضت هذه النعمة الإلهية الخاصة والتي توفر وتعطي نعم غير عادية للشخص والذي يتقبل إرادة الله ومشيئته الإلهية في حياته فسوف تسقط في فخاخ التجارب والضيقات. صل الي الله اذن واطلب مشورته اذا ما كنت ستقرر شيئ ما هام في حياتك وقل كقول النبي:” عَرِّفْنِي الطَّرِيقَ الَّتِي أَسْلُكُ فِيهَا، لأَنِّي إِلَيْكَ رَفَعْتُ نَفْسِي”(مزمور8:143)، حاول ان تحيا كي يرى الرب فيك صدق نواياك ولا ترتكن على فهمك حينئذ يهبك كل نعمة ويحيطك بعنايته. واذا لم تستطع ان تسمع من الرب مباشرة فاذهب الي من اختارهم ليكونوا مرشدين روحانيون لك. لقد ضرب الرب يسوع شاول الطرسوسي وأوقعه على الأرض في طريقه الي دمشق ولم يكشف وقتها عن خطته نحوه بل ارسله يسوع الي حنانيا والذي سيكشف له ما أراده الله من شاول:” فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي”(اعمال15:9-16). صلاة: يا قديسة مريم يا ام كل رحمة اطلب منكِ ان ترفعي طلبتي هذه لإبنك يسوع لكي يكشف لي ماذا ينبغي لي ان افعل وما هي مشيئته حتى لا افشل ولا تفرغ اجاجين حياتي ولكي استحق ان أحيا معكما في السماء. آمين. اكرام: ضع في بيتك صورة العذراء وصل امامها مع افراد اسرتك نافذة : يا ام الله صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الأثنين 10 مايو: الطهارة والتقدير المفروض وجودهما عندما جاء الملاك جبرائيل للعذراء مريم ليبشرها بأنها ستكون أما لله لم يشرح لها مباشرة كيف سيكون هذا وكيف سيتعارض ذلك مع نذر البتولية الذي اختارته. لقد أخرت مريم موافقتها وقبولها في ان تكون أعظم مخلوقة في بتوليتها بدلا من في كرامتها أومكانتها. لكن قال لها الملاك:”لا تخافي يا مريم”(لوقا30:1)، كأنه يؤكد ويقول لها: أنه يلزم الطهارة التي انتِ تحرصين عليها بعناية حتى يأتي في أحشاؤك ويولد الله القدوس فلابد ان يكون من عذراء، وهكذا أعطته موافقتها بعد ان علمت كيف يكون هذا وان بتوليتها محفوظة فلا يجب ان تخاف ان تكون والدة لله الكلمة. ان البتولية هي التي جعلت ذلك التلميذ المحبوب (يوحنا26:19) مستحقا لحب يسوع الخاص فهنيئا لتلك النفوس التي احتفظت ببتوليتها أثناء حياتها على الأرض فسيستحقون ان يتبعوا الحمل في الحياة الأبدية “هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ لَمْ يَتَنَجَّسُوا مَعَ النِّسَاءِ لأَنَّهُمْ أَطْهَارٌ. هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ. هؤُلاَءِ اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً للهِ وَلِلْخَرُوفِ”(رؤيا4:14).ان الرب يسوع قد أعطى لذلك التلميذ ان يضع رأسه على صدره عند العشاء الأخير(يوحنا23:13)، ومع انه أعطى بطرس ان يرعى كنيسة المسيح لكنه أعطى يوحنا ان يرعى أمه. الطهارة أو النقاوة هـى صِفـة لكل مادة مفردة وغيـر مـمتزجـة بشئ آخـر، والنقاوة فـى الحياة الروحيـة هـى فضيلة تجعل عقل الإنسان وقلبـه وتصوراتـه وذاكرتـه خاليـة من كل شئ يـمكن أن يعكـرهـا، وللنقاوة مـيزات لا تحصـى لهذا صرخ داود قائلا: “قلبـاً نقيـّا أخلق فـيّ يـا الله”(مز12:50)، وجاءت إحدى التطويبات التى أعلنها السيد الـمسيح فى موعظتـه على الجبل “طوبـى لأنقيـاء القلوب فإنـهم يعاينون الله”(متى8:5). الطهارة هـى الفضيلة الساميـة أو الفضيلة الـملائكيـة لأنهـا من صِفات الـملائكة. والطهارة هـى من صميم جوهـر قداسـة الله. ويعلن لنا الـمرنم ” من يصعد الى جبل الرب ومن يقوم فى موضع قدسه النقي الكفين والطاهر القلب الذى لا يحمل نفسه الى الباطل ولم يحلف بالغش” (مزمور 3:23-4) و”النفس العفيفـة لا قيـمة توازنهـا”(يشوع بن سيراخ20:26). والقديس بولس فى رسالته الأولى الى تسالونيكي يعلن: “فإن مشيئة الله انـما هي تقديس أنفسكم وان يعرف كل واحد منكم كيف يصون أناءة فى القداسة والكرامة لا فى فجور الشهوة كالأمم الذين لا يعرفون الله” (1تس 3:4-5)، ويوصي تلميذه تيموثاوس: “احفظ نفسك عفيفا” (1تيمو 22:5). وفى رسالته الى كولوسي ” اهتموا لـما هو فوق لا لـما هو على الأرض” (كولوسي 2:3). وأيضا يدعونا :” أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟”(1كورنثوس19:6). لذلك ففي المسيحية ان الدنس وعدم الطهارة مكروهة. ان الطهـارة بنحصل عليها فى سر الـمصالحة بالإعتراف والصلاة وأعمال الرحـمة، واللـه يطلب طهارة القلب لكي يستطيع أن يسكن فينـا ونتحد بـه. صلاة: يا يسوع، أطفيئ فيّ أي طعم للذة حسية وهبني مذاق الفرح والسرور لمن هم في السماء و حررني يارب من تلك التجارب المذّلة والتي تبعدني عنك وعن رحمتك. ان فضيلة العِفة والطهارة هي ثمر روحك القدوس فضع ثمرك في قلبي. آمين. وأيتها الأم الرؤوف القديسة مريم أم يسوع وأمنا، كوني دومًا معنا ليكون السلام في بيوتنا ومجتمعاتنا، سلام المسيح الذي أحبّ العالم محبّة لا متناهية، فدفع ثمن خلاصه دمه وحياته. آمين. اكرام:حافظ على النظام والسكوت في الكنيسة وتذكر انك في بيت الله , فصلي نافذة : يا أم الكنيسة باركينا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة الثلاثاء11 مايو: الحرص على حفظ العِفة عندما ظهر الملاك جبرائيل الي مريم يذكر الكتاب انها “:” فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ” (لوقا29:1). انه ليس من المستغرب ان الأنجيل قال لنا ان مريم قد اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، ولاحظ هنا ان انجيل لوقا يقول لنا ان مريم لم تكن مضطربة من ظهور الملاك بل من “كلامه”. هذا مختلف تماما من قلق زكريا الكاهن في المنظر او الحادثة السابقة لهذ الظهور كما جاء في انجيل لوقا فكانت رد فعل زكريا هو الخوف من ظهور الملاك له في الهيكل:” فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ(لوقا12:1). أما مريم فعلى العكس اضطربت من كلمات الملاك وفكّرت مدى تأثير ذلك الكلام على حياتها فلقد ايقنت ان شيئا ما هاما سيطلب منها مثل موسى وجدعون وآخرين الذين دعاهم الله فبنفس الطريقة جاءت الدعوة ولذا من المحتمل ان تساءلت ما عسى ان تكون تلك المهمة وهل في قدرتها إتمامها. كانت وحيدة مع الملاك ولم يوجد أي شهود وربما كان هذا وحده مدعاة لذلك الخوف المقدس. ردا على ما قد يشغل بال مريم اجابها الملاك جبرائيل قائلا:” «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ(لوقا30:1). هل شعرت يوما ما ان الله قد يريد منك ان تقوم بعمل شاق او تغير شيئ ما في حياتك؟ عندما يدق الله باب قلوبنا البعض منا قد يشعر بقليل من الخوف وتشعر انه من المفترض ان تقول لشخص انك آسف ولكن جزء منك لا يريد ان يعترف انك مخطئ، فأنت تشعر بانك تساق لأن تعطي أكثر من نفسك لأطفالك ولكنك متردد ان تتخلى عن كل الوقت والجهد تمضيهم معهم والوقت الذي تريده للتقدم في مجال عملك، او من انك تشعر بأنك لا يجب ان تشاهد برنامج معين في التلفاز او تنظر الي موقع الكتروني معين ولكنك لا تبغي التخلي عن ذلك. او قد تفكر ان الله يريدك ان تشارك بقليل من إيمانك وتدافع عن القيم المسيحية ولكنك تخاف ما الذي قد يفكر فيه الآخرون وما الذي سيقولونه عنك. لقد كشف الأنجيل المقدس عن مثل ذلك الخوف ومن انه شعور بشري طبيعي ورد فعل متوقع من دعوة الله لنا. عندما نشعر ان الرب قد يدعونا لأن نقوم بشيئ ما جديد ونواجه تحديا ما او نعمل تغيير كبير فقد نشعر ببعض الصعوبة وعدم الإرتياح ويتبادر في أذهاننا أسئلة كثيرة مثل: ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لي؟ هل يمكنني ان أقوم بهذا؟، كيف سيتم ذلك؟، هل حقيقة اريد ان اتخلى عن ما انا فيه؟ وهل يمكنني ان أعطي او ان أحاول؟ ومثال مريم قد نشعر “نضطرب من كلامه” عندما نشعر ان الرب قد يسألنا شيئا ما صعب او غير معتاد. تلك المشاعر البشرية المبدأية للخوف والتساؤل لا يجب ان تحكمنا او تبعدنا عن تنفيذ مشيئة الله، فليس فقط لأننا نشعر ببعض الإضطراب ووضع غير متوقع اواحتمال جديد او تغيير فيه تحدي او ان نشعر ان الرب يطالب بشيئ صعب منا ان كل هذا يعني ان نغلق الباب امام شيئ غير مكشوف بعد لنا. نحن نريد ان نكون مثل مريم التي تحكمت في مشاعرها وفكّرت ما عسى ان تكون تلك التحية وما الذي يريده الرب ان يظهره لها، وكما قال لنا القديس لوقا:” وفكّرت ما عسى ان تكون هذه التحيـة“(لوقا29:1). ان القديسة مريم لم يكن لديها أي شك في مدى احتمالية ما قاله الملاك لها:” وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ”(لوقا31:1)، لأنها تؤمن “ لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ»(لوقا37:1)، فهي قد تساءلت فقط كيف يكون هذا؟. ان تساؤلها منطقي ولم يزد عن هذا وهنا يمكنك ان تكشف كيف ان تلك النفس كانت حريصة على كنز بتوليتها وطهارتها وعفتها. ان معظمنا عندما يطرق الرب باب قلوبنا يدعونا ان نعمل شيئا ما صعب سواء كان ان نتخلى عن شيئ محبب لنا او تغيير أخلاقي في حياتنا او نأخذ خطوة صعبة او ان ننتقل الي مكان جديد او عمل جديد فيه خدمة أكثر نجد أنفسنا ان طلب الرب هذا صعب للغاية فنغلق الباب امام بشارتنا الخاصة ونهرب من ذلك الطريق الذي يشاء الرب ان يقودنا فيه لفائدتنا الروحية. اذا ما نظرنا لحياتنا من الخارج قد تستمر حياتنا كما هي بدون أي تغيير ولكن من الداخل شيئا ما عميق قد تغير رغبتنا ان نفتح أبواب قلوبنا للرب على مصراعيها وان نتبعه مهما كانت رغباتنا ونسلّم له قيادة حياتنا حسب مشيئته فنحصل على السعادة الغائبة والتي طالما نبحث عنها. صلاة: اجعلينا يا مريم أن نسلك طرق الربّ القويمة وكوني شفيعتنا رغم تناسينا لك، لأنّنا ضعفاء، قوّينا بقوّة الروح القدس الذي حلّ عليك، فنكون رسلاً وشهودًا لكلمة الله القدّوس نحملها في قلوبنا وتكون الوحيدة على ألسنتنا لأنّ لا شيء أرفع وأسمى وأقدس منها. آمين. اكرام: اهتف باسم مريم في بدء اعمالك وسائر ساعات حياتك نافذة : السلام عليك يا حياتنا ولذتنا ورجائنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الأربعاء 12 مايو: العظمة الحقيقية يوجد فرق شاسع ما بين العلامات المميزة لتعريف العظمة في العالم وبين تلك التي تأتي من ينبوع النعمة. ثروة طائلة وقصور فخمة وعدد لا يحصى من الخدم تحمل في طياتها شهادة لعظمة الملك. بالنسبة للعالم فإن نتيجة الخوف من الخطيئة ومحبة الله هما في الحقيقة ما يظهر العظمة لقداسة الفرد وكذلك روعة وأصولية ذلك الفرد وثباته تكون المؤهلة لوصوله الي الله وطاعة وصاياه. عندما ظهر الملاك الذى أرسله الله لمريم وقال لها:” «سَلاَمٌ لَكِ أيا ممتلئة نعمة اَلرَّبُّ مَعَك”(لوقا28:1)، فهل هناك أكثر مجداً يمكن ان يقال لتلك العذراء؟ من المؤكد كل التسبيح من البشر والملائكة واجب لتلك التي قيل لها:” لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ.“(لوقا30:1). ولكن ماذا يعني ذلك لمريم بأن تجد انها “وجدت نعمة عند الله”؟. في الكتب المقدسة “وجدت نعمة” مع شخص ما يمكن ان تصف شخص ذو مكانة مرموقة ومملوء رأفة ومفضّل عند شخص اقل واضعا نفسه في دور مهم للقيادة، فمثلا عندما خدم يوسف الصديق كعبد في بيت فوطيفار في مصر يقول لنا سفر التكوين عنه “فَوَجَدَ يُوسُفُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ، وَخَدَمَهُ، فَوَكَّلَهُ عَلَى بَيْتِهِ وَدَفَعَ إِلَى يَدِهِ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ”(تكوين4:39-6). ان التعبير “وجدت نعمة عند الله” يذكرنا بالعديد من الشخصيات في العهد القديم الذين بصفة خاصة قد أختيروا من الله لرسالة هامة او دور مهم يجلب البركة للآخرين مثل ما حدث ليوسف والذي وُضع في مكانة بواسطو فوطيفار وقام بدور قيادي:” وَكَانَ مِنْ حِينِ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْتِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ، أَنَّ الرَّبَّ بَارَكَ بَيْتَ الْمِصْرِيِّ بِسَبَبِ يُوسُفَ. وَكَانَتْ بَرَكَةُ الرَّبِّ عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ فِي الْبَيْتِ وَفِي الْحَقْلِ، فَتَرَكَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ. وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ يَعْرِفُ شَيْئًا إِلاَّ الْخُبْزَ الَّذِي يَأْكُلُ.” ومثال نوح اول شخص في الأنجيل يمكن وصفه بنفس الطريقة ففي وسط عالم مضطرب عُرق بأنه “وجد نعمة عند الله ونتيجة لذلك فلقد تمت حمايته من الفيضان وأختير ليكون على رأس العائلة البشرية المجددة:” وَأَمَّا نُوحٌ فَوَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.”(تكوين8:6). كذلك ابراهيم كان وسيلة في يد الله قد استخدم ليجلب البركة للعالم أجمع وصوّر من انه وجد نعمة عند الرب:” وَظَهَرَ لَهُ الرَّبُّ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَقْتَ حَرِّ النَّهَارِ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا ثَلاَثَةُ رِجَال وَاقِفُونَ لَدَيْهِ. فَلَمَّا نَظَرَ رَكَضَ لاسْتِقْبَالِهِمْ مِنْ بَابِ الْخَيْمَةِ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ، وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلاَ تَتَجَاوَزْ عَبْدَكَ. لِيُؤْخَذْ قَلِيلُ مَاءٍ وَاغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ وَاتَّكِئُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَآخُذَ كِسْرَةَ خُبْزٍ، فَتُسْنِدُونَ قُلُوبَكُمْ ثُمَّ تَجْتَازُونَ، لأَنَّكُمْ قَدْ مَرَرْتُمْ عَلَى عَبْدِكُمْ». فَقَالُوا: «هكَذَا تَفْعَلُ كَمَا تَكَلَّمْتَ» (تكوين1:18-5).ِ وأيضا موسى قد “وجد نعمة” عند الله وأصبح وسيط العهد الذي يساعد لمصالحة الشعب الخاطي مع الرب على جبل سيناء: وَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «انْظُرْ. أَنْتَ قَائِلٌ لِي: أَصْعِدْ هذَا الشَّعْبَ، وَأَنْتَ لَمْ تُعَرِّفْنِي مَنْ تُرْسِلُ مَعِي. وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: عَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ، وَوَجَدْتَ أَيْضًا نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ. فَالآنَ إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَعَلِّمْنِي طَرِيقَكَ حَتَّى أَعْرِفَكَ لِكَيْ أَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ. وَانْظُرْ أَنَّ هذِهِ الأُمَّةَ شَعْبُكَ». فَقَالَ: «وَجْهِي يَسِيرُ فَأُرِيحُكَ». فَقَالَ لَهُ: «إِنْ لَمْ يَسِرْ وَجْهُكَ فَلاَ تُصْعِدْنَا مِنْ ههُنَا، فَإِنَّهُ بِمَاذَا يُعْلَمُ أَنِّي وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ أَنَا وَشَعْبُكَ؟ أَلَيْسَ بِمَسِيرِكَ مَعَنَا؟ فَنَمْتَازَ أَنَا وَشَعْبُكَ عَنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ». فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «هذَا الأَمْرُ أَيْضًا الَّذِي تَكَلَّمْتَ عَنْهُ أَفْعَلُهُ، لأَنَّكَ وَجَدْتَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ، وَعَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ»(خروج12:33-17). في كل من تلك الحالات فإن الشخص الذى وُجد انه مفضّل عند الله واختير خصيصا من قِبل الرب لمهمة خاصة في خطة الله الخلاصية، لهذا فعندما قال الملاك لمريم انها قد “وجدت نعمة عند الله” قهو بهذا يطمئنها من انها قد أختيرت من قِبل الرب. كما كانت مريم مضطربة متفكرة في نفسها ما عسى ان يكون كل هذا وما الذي سيسألها الملاك ان تقوم به ومن انها قد اختيرت لتحمل وتنفذ عمل خلاصي عظيم لشعب الله مثال نوح وإبراهيم وموسى وجدعون وغيرهم، فها هي أيضا “قد وجدت نعمة عند الله”. ان الملاك لم يكشف لها بعد عن دورها ومهمتها الخاصة وفي هذه النقطة فكل ما تعرفه مريم حتى الآن انها يجب ان تفرح لأن الله سيأتي لينقذ شعبه من اعدائه وانها ستقوم بدور خاص في خطة الله الخلاصية، فالرب سيكون معها وانها وُجدت مفضلة من قِبل الله، ولكن ما هي مهمتها؟ هذا ما سيُكشف عنه في الآيات الثلاث التالية من رسالة السماء. لقد كان وقت ظهور الملاك لمريم ان أغسطس قيصر وهيرودس يحتلان عروش ملكية دعت كل فرد يدعوهما بالعظمة وبالقوة وبالتحرر، ولكن ماذا يعني هؤلاء الملوك في نظر الله والذي هو وحده القاضي للعظمة الحقيقية؟ عذراء صغيرة مختفية في بلدة منعزلة في الناصرة بالتأكيد كانت أكثر استحقاقا لمثل ذلك التسبيح ومستحقة بحق لكل تلك الألقاب الأسماء التي عرفت بها مريم. ان العظمة الحقيقية لا تقاس طبقا لقواعد البشر الفارغة ولكن طبقا لقواعد الله، فهو وحده العظيم بذاته وفي رؤيته لا شيئ عظيم الا العلاقة معه. ياترى ما قيمة كل الأبطال المملوء بهم العالم ويحوزون إعجاب البشر اذا ما قورنوا مع أناس روحانيون يتمتعون بفضائل إلهية ويمارسونها؟ ان المسيحي الحقيقي ليس هو من نوع البطل الذي يمتلك البطولة تبعا للظروف وليس هو عن صدفة ولموقف ما اصبح بطلا بل هو بطل خلال حياته كلها على الأرض فبطولته ومجده هو في تخطي الموانع التي قد تقف في طريقه للوصول الي هدفه والذي هو ان يمتلك الله ويسكن معه للأبد. هل هناك أي شيئ آخر أعظم من ان نكون في الله وهو فينا ولنحيا معه الأبدية كلها؟ عندما تتحدث الكتب المقدسة عن إبراهيم وموسى وداود أعظم البشر على أرضنا ولقد عرفوا بأنهم خدام الله وهذا اللقب يشمل كل من يبذل ويقدم حياته الي الله “ لِذلِكَ وَنَحْنُ قَابِلُونَ مَلَكُوتًا لاَ يَتَزَعْزَعُ لِيَكُنْ عِنْدَنَا شُكْرٌ بِهِ نَخْدِمُ اللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً، بِخُشُوعٍ وَتَقْوَى.“(عبرانيين28:12). صلاة: عرّفينا يا أمّنا حقارة الأرض وبهاء السماء، لندرك مدى السعادة التي تنتظرنا. فيكون هذا العالم فقط مسرح جهاد يوصلنا للملكوت حيث السعادة الحقيقيّة بقرب خالقنا. فنستحقّ أن نشاهد مجده وعظمته، ويكون لنا شرف تسبيحه وتمجيده برفقة الملائكة والقدّيسين إلى دهر الدهور. آمين. اكرام: فكر مليا” في ضميرك عند قيامك بأي عمل : هل ترضى به أمنا العذراء ؟ نافذة: اجعليني أهلا” لان اقتدي بك يا سيدتي يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الخميس 13 مايو: نعمة الله للمتواضعين ان سر الحصول على هبات عظيمة من الله لك هو ان تكون دائما معترفا بأنك غير مستحق لنعمته تعالى ولهذا ينصحنا بطرس الرسول قائلا:” وَتَسَرْبَلُوا بِالتَّوَاضُعِ، لأَنَّ: «اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً».“(1بطرس5:5)، فالله لن يجد مساحة لنعمته في قلب مملوء بجب الذات. عندما ظهر ملاك الله لمريم وحياها بتحية عجيبة وبعدها حيتها نسيبتها اليصابات وهنأتها واطلقت عليها “أم ربي”، فانه من الصعب تخيل كيف استقبلت القديسة مريم لأي من تلك الكلمات العظيمة والتي تسبح كونها “مباركة بين النساء” بسبب الطفل الذي تحمله، ومباركة ثمرة احشائها وأيضا مباركة لأنها “أم ربيّ” وفوق كل ذلك فهي مباركة ومطوبة بسبب إيمانها. ترى كيف ستجاوب مريم على كل تلك الإعلانات والتطويبات والتهنئات؟ لقد اعادت بتواضع كل الإنتباه نحو الله معترفة بأنه هو المصدر الحقيقي لكل تلك البركات في حياتها. فقالت مريم:” فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي(لوقا46:1-47). ان رد مريم لأليصابات كشبه نشيد، والذي يعكس في الحقيقةجزء خاص وهام من حياة مريم الداخلية. ان الآيات التي ذكرها القديس لوقا في انجيله (لوقا46:1-55) والتي تعرف عامة ب “أنشودة التعظيم” والمترجمة من اللاتينية Magnificat anima mea Dominum (تعظم نفسي الرب)، واستخدمت الكلمة الأولى “تعظم” ولذا عرفت بانشودة التعظيم The Magnificat، وهذا فالكلمة “تعظم” في اليونانية megalunein تعني “تصنع شيئا عظيم او تسبح” وعندما تقول مريم ان نفسها تعظم الرب فهي بهذا تعبّر من كل اعماقها كيف انها ترغب في تسبحة الله وان تفعل ما في وسعها ليتتمجد ويتعظم. ا“فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَه”(لوقا46:1-50)ُ. يكشف هذا النشيد مدى الفرح الذي كان في قلب والدة الله، فهي في تواضع تعترف ان كل الأشياء العظيمة التي نالتها هي من الله وعبّرت عن هذا بفرح عميق لا يوصف. انه من العجيب ان نلاحظ ان “نفسها” و”روحها” تم ذكرهما في نشيد التسبيح هذا، فنفسها تعلن وروحها يكشف عن ابتهاجها بذلك النشيد. في جزء يكشف عن ان كلا من فعل خاص بها وفعل من الله، فنفس والدة الله تشير الي كل قدراتها البشرية في عقلها وارادتها ومشاعرها ورغباتها وهذا ما يجعلها بشر مثلنا وبتلك القدرات البشرية أعلنت عن عظمة الله. لقد قبلت في عقلها عظمة القدير وبإرادتها لعترفت واختارت ان تعلن عن عظمة الله القدير وفعلت هذا بكل مشاعرها وأحاسيسها ورغباتها فيمكن القول بأن بكل بشريتها قد استخدمتها للتعبير عن عظمة الله. وتعلن أيضا ان في روحها انها قد امتلئت بفرح ومجد عظيم وكما أعلنت عن عظمة الله قد غمرها الروح القدس وأثمر فيها ذلك ثمر الروح”الفرح”، فالفرح يأتي من الله ويعمل في حياتنا فهو ثمر الروح القدس وامنا مريم المباركة لديها الملء كله من ثمر الروح:” وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ”(غلاطية22:5-23)ٌ. هل ترغب حقا في تسبيح الله او ان تجعله عظيما في نفسك؟ التواضع يتضمن رؤية الحقيقة عن النفس ومريم أظهرت هذه الفضيلة بطرق كثيرة وملحوظة في أنشودتها. أولا فهي اعترفت بحقيقة مهمتها الفريدة والموكولة اليها والبركات الغير عادية التي نالتها ولم تنكر او بخست ما الذي صنعه الرب في حياتها، ففي الحقيقة الله صنع أشياء عظيمة لها ولذا فتعزي كل شيئ الي الله وتقول “كل الأجيال ستطوبني” بسبب ما صنعه الرب وبسبب تواضعها. ولكن مريم في نفس الوقت تعرف في اعمافها ان كل تلك البركات في حياتها ليست بعمل منها فهي لم تصبح “ممتلئة نعمة” وأم المسيّا و”مباركة في النساء” من خلال جهد خاص منها او بسبب بعض مواهب فطرية روحية فمريم تعترف بضعفها وانشودتها تبين ان كل ذلك جاء بنعمة من الله. لاحظ كيف ان كل شيئ تقوله عن نفسها في تلك الآيات مرتبطة بالله فهي لا تطلب ان تظهر نفسها ولكن لتعظم الرب (لوقا 46:1). لقد رأت نفسها ليس إلا آمة صنيعة الرب وخادمة للرب (doules) (لوقا48:1)، ولكن الله جاء كمخلص لها ونظر الي تواضعها (48:1)، فهو الله الذي صنع العظائم لها (49:1). انه يوجد فرق كبير بين التواضع اللفظي بكلمات والتواضع التجريبي فمن السهل لأي فرد ان يقول “انا ضعيف، انا خاطئ، انا اريد الله في حياتي”، ولكن مختلف تماما ان يختبر في حياة الشخص حقيقة انه ضعيف او كيف ان شخص يعتمد على الله كلية. لقد قال يسوع:” لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا”(يوحنا5:15)، فالشخص المتواضع يعرف في الحقيقة كيف ان هذه المقولة ماذا تعني ويعرف انها ليست فقط قاعدة روحية أساسية ولكنها خبرة شخصية يعيشها ويتحقق منها الفرد فهو لا يقدر بدون الله ان يفعل شيئا. ان مريم تعرفت على هذه الحقيقة للحالة البشرية وفهمت كيف انها صغيرة في الحقيقة امام عظمة الرب وعرفت انها لا شيئ من نفسها وانها تعتمد بالكامل على الرب. وهكذا أظهرت مريم تعليم المسيح ان التواضع هو ما اظهره يسوع منذ تجسده وطوال خدمته وحتى موته على الصليب وقيامته ولذا قال”وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.“(متى29:11). فقط عندما نكون مقتنعين مثال مريم كيف اننا لا يمكننا ان نفعل أي شيئ صغير بأنفسنا وكيف اننا نعتمد تماما على الله وكيف ان الرب يعمل بطرق عجيبة وعظيمة فينا ويقوينا ويرشدنا لما هو خير لخلاصنا. صلاة: يا الله لقد منحت القديسة مريم تلك النعمة التي بها استجابت لدعوتك وسلّمت نفسها “آمة” لك، فساعديني يارب ان أسلّم لك ذاتي بكليتها لتفعل بها ما تشاء. آمين. اكرام: مارس الرحمة والمسامحة مع من اساء اليك حبا” بمريم نافذة: انت الشفيع الاكرم عند ابنك يا مريم يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الحمعة 14 مايو: التواضع المسيحي هو مجد حقيقي ان كلمات الملاك لمريم لا تعكس ما دار في فِكرها فلقد اختبرت نفسها ارتباك مقدس مشمول ببعض الخوف من الذي يحدث أمامها فقد يكون وهم او زئير من روح مجربة للإنسان. لكن الملاك قال لها:” مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ»“(لوقا28:1) ولكنها تعتبر نفسها اقل من الكل ولم تفهم مثل ذلك التسبيح الذى وُهب لها. وقال لها الملاك أيضا:” لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ.“(لوقا30:1)، واذا ما قبلت ستصبح أماً لإبن”يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ»“(لوقا 32:1-33). ان التفكير في ذلك المجد المتوقع جعل مريم لا تفكر الا في كونها خادمة للرب وهذا وحده يكفيها فخرا ومجدا عن كونها ام العليّ. اذا ما كنت تلهث وراء المجد فالعذراء مريم تعلمك اين تجد ذلك المجد فالمجد الأصلي والحقيقي موجود في تواضعك وذلك ما علّمه الله لنا وكما هو مكتوب “أَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هكَذَا، بَلِ الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ، وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ.“(لوقا26:22). هذا النوع من العظمة قوي وثابت وأكيد فلا يمكن لأحد ان يجادلك او يأخذه منك. فإذا ما أصبحت الأقل ستصبح الأعظم. ان التفكير في انك لا شيئ سيجعلك تتضع وفي ذلك الفعل سيرفعك الله الذي تعترف انت ان كل العظمة والمجد هو منه وحده. ان التواضع سوف يحررك من الإحترام الزائف من الناس ومن الأفكار التي بلا قيمة ما بين البشر ويمكنك ان تقول مثل بولس الرسول:” وَأَمَّا أَنَا فَأَقَلُّ شَيْءٍ عِنْدِي أَنْ يُحْكَمَ فِيَّ مِنْكُمْ، أَوْ مِنْ يَوْمِ بَشَرٍ. بَلْ لَسْتُ أَحْكُمُ فِي نَفْسِي أَيْضًا. فَإِنِّي لَسْتُ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ فِي ذَاتِي. لكِنَّنِي لَسْتُ بِذلِكَ مُبَرَّرًا. وَلكِنَّ الَّذِي يَحْكُمُ فِيَّ هُوَ الرَّبُّ إِذًا لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ.“(1كورنثوس3:4-5). ان التواضع سيجعلك تنظر بعدم اهتمام لمجد العالم فخلفه يتربص وهم وفراغ، كذلك التواضع سيعلمك ان لا تشعر بالغيرة من قريبك او جيرانك ولكن تكرمه كلما رأيته يرتقي ويتقدم سواء في الدرجة او التقدير. ان الانسان الطبيعي ينظر الى التواضع كأساس لأنه يحكم كاملا طبقا للمشاعر والأحاسيس ولكل شيئ ملموس. حتى الآن فالتواضع هو أحد الفضائل الملائمة لتجعل الإنسان عظيما وذو قلب نبيل وفوق كل الفضائل فالتواضع هو واحدة الأكثر ثباتا والأكثر قوة لثبات النفس. ان يسوع كان متضعا ومحبا للتواضع لأنه عرف مقدار ذلك في عين أبوه السماوي وهذا نجده عندما اتضع فأعلن الأب اسماوي مسرّته بذلك:” « هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ” (متى17:3)، وأيضا عندما سبحت الملائكة قائلة عند مولده:” «الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ»“(لوقا14:2) فإذا ما أصبحت متضعا مثل يسوع فا، فهل يوجد أي شيئ أروع من ذلك؟. صلاة: يا سلطانة السماء، فيكِ تحققت النبوءة بشكل واضح “فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ.“(متى12:23)، وفي الحقيقة انكِ قد ارتفعت بسبب اتضاعك العظيم، فأحصلي لي يا مريم على النِعم التي أحتاجها لكي أحطم الكبرياء المسيطر عليّ وان ألبي دعوة الله كي اتضع على مثاله ومثالك. آمين. اكرام: ضع اعمالك ونشاطاتك تحت حماية مريم نافذة: يا حافظة الزروع احفظينا وباركي اعمالنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة السبت 15 مايو: النفس المتواضعة تحاول ان تخفي عن عيون الناس قيمتها الحقيقية في عيون الله ان الملاك الذي أُرسله الرب الي مريم لم يهز فيها أعظم تسبحة من المحتمل قبولها عندما قال لها انها ستصبح أم ابن الله، وفي ذاك الوقت لم تقل بعد لأي أحد ما الذي قاله الملاك لها. لم تتدعي ان تكون أماً للمسيّا او تبادر بالقيام بالإعلان انها أصبحت الشخص المختار الذي اختاره الله لتحقيق مواعيده، ولكن بالعكس تصرفت بشكل خارجي عادي لأي امرأة أخرى. على الرغم انها كانت تحترم خطيبها القديس يوسف وتتحادث معه كالمعتاد ولكنها لم تخبره عما حدث. عندما ذهبت القديسة مريم لزيارة اليصابات وجدت ان السر قد أُعلن وها هو الروح القدس يكشف عنه على لسان نسيبتها “وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟(لوقا42:1-43). كل هذا خرج من فم اليصابات قبل ان تكون لدى مريم اية فرصة لتقل كلمة عن زيارة الملاك لها في الناصرة وحبلها الإعجازي، ولهذا كيف عرفت اليصابات ان مريم تحمل بطفل في احشائها؟ وكيف عرفت ان مريم ليست بأم لطفل عادي ولكن اما للرب؟ بالطبع ومن المؤكد ان مريم لم ترسل لأليصابات خطابا او رسالة اليكترونية او غيرت حالتها في الFacebook؟ فكيف يا ترى عرفت اليصابات؟ لقد تركت مريم الأمر الي الله ليقرر متى يعلن ويكشف عن السر العجيب لمجده العظيم، وأما هي فظلت متضعة فالإنسان يجب ان يخبئ في أعين البشر قيمته الحقيقية في أعين الله وعن العطايا والنِعم التي قد يحصل عليها حتى لا تنتابه الكبرياء، فالفضيلة التي تختبئ ستكون آمنة دائما ويجب ان تترك كلية لمشيئة الله ليكشف عنها إذا ما أراد. لقد قالت مرثا لأختها:” وَلَمَّا قَالَتْ هذَا مَضَتْ وَدَعَتْ مَرْيَمَ أُخْتَهَا سِرًّا، قَائِلَةً: «الْمُعَلِّمُ قَدْ حَضَرَ، وَهُوَ يَدْعُوكِ».“(يوحنا 28:11) وهنا همست لها بالرسالة. ان الإنسان عندما يتكلم عن المقدسات يجب ان يعيي تماما كيف ولمن يكشفها وكما يقول القديس بولس:” وَلكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ”(1كورنثوس14:2). ان الروح القدس يتواصل مع الإنسان محدثاً إياه في قلبه وكاشفا اسراره والتي يجب ان تختزن داخل الإنسان الي حين ان الروح هو الذي يكشف ذلك. لقد أشار انجيل لوقا انه عندما سمعت اليصابات سلام مريم “فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ”(لوقا41:1). ان تلك الجملة التي ذكرها لوقا كما جاءت “امتلأت من الروح القدس” وردت في مواضع كثيرة من الكتاب المقدس واستخدمت لتصف كيف ان شخص يُعطى له ان يكشف عن نبؤة ما وهكذا فإن الروح القدس هو الذي كشف لأليصابات وجعلها تسبح مريم وحبلها الفريد وتحييها “وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ» (لوقا42:1-45). لو تأملنا أكثر في نغمة التحية، فهي من أعظم وأجمل التحيّات ومن السهل إدراك فرحة قلب اليصابات عند لقاءها بأم الرب وهي تحمل الرب القدير في رحم الوالدة البتول مريم. “من اين لي هذا”، تلك الجملة تكشف كيف ان اليصابات قد داخلها الفرح حقيقة واعتبرت هذا اللقاء بركة لا حدود لها، ومن العجيب ان اليصابات كانت اكبر سنا بكثير من القديسة مريم وكان من المتوقع حضور مريم لمساعدتها فكأن تلك الزيارة كانت أمر مفروض وليس بغريب ولكن اليصابات لم تتقبل الأمر بذلك الشكل المفروض بل اعتبرته عملا يستوجب الشكر العميق. أيضا من الواضح ان اليصابات لم تكن وحدها التي بُوركت من زيارة القديسة مريم أم الله مع طفلها الإلهي وهي حبلى بل طفل اليصابات، يوحنا المعمدان، والذي كان في احشائها امتلأ هو أيضا بالفرح و”ركض” كتعبير عن الفرح والسعادة بذلك اللقاء. هنا قد يتبادر سؤال في قلبك هل تشعر بحضور المسيح عندما يأتي اليك؟ إذا ما كان طفل اليصابات الذي لم يُولد بعد قد تصور قدوس الله فهل نحن أيضا يمكن ان نتصوره ونشعر بحضوره الإلهي عندما ندخل الي الكنيسة مثلا؟ هذا مع العِلم اننا نؤمن بذلك الحضور الإلهي لإلهنا والموجود في سر القربان الأقدس! وماذا عن حضوره الفعلي وقربه منا خاصة عندما نقبله في سر التناول المقدس فهل قلبك يكون مبتهجا بإستقبال قدوس القديسين فيك؟ ان هذا الأمر يتطلب إيمان مع عيون شاخصة ومتشوقة لمجيئ الرب. ان الروح القدس الساكن في قلب الإنسان الذي يُخضع مشيئته ذلك الإنسان للمشيئة الإلهية فلا يتفاخر او يتباهى بفعل أي شيئ كأنه صادر منه” كَيْ لاَ يَنْتَفِخَ أَحَدٌ لأَجْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الآخَرِ. 7 لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ؟ وَأَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ، فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ؟”(1كورنثوس 18:4). صلاة: أيّها الإله الأزليّ القدير، الذي أوحيت إلى القدّيسة مريم البتول، وهي حامل بابنك المتجسّد، أن تخرج إلى زيارة أليصابات وهي حامل بيوحنا وتخدمها، إجعلنا ننقاد إلى صوت الرّوح القدس، فتعظمك نفوسنا وتبتهج بك أرواحنا مع البتول أمّنا للأبد. بربنا يسوع المسيح ابنك الإله الحي، المالك معك ومع الروح القدس إلى دهر الدهور. آمين. اكرام: استعد استعدادا حسنا للاعتراف والتناول نافذة : ياشفاء المرضى اشفي امراضنا تلاوة سر من المسبحة الوردية -طلبة العذراء المجيدة الأحد 16 مايو: حكمة الإيمان جاء ان القديسة مريم “ فَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!»(لوقا29:1) عندما تكلم الملاك ونقل لها رسالة من الله لأنها كانت متضعة وايمانه عميق. انه ليس من المستغرب ان الأنجيل قال لنا ان مريم قد اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، ولاحظ هنا ان انجيل لوقا يقول لنا ان مريم لم تكن مضطربة من ظهور الملاك بل من “كلامه”:” فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!»(لوقا29:1). هذا مختلف تماما من قلق زكريا الكاهن في المنظر او الحادثة السابقة لهذ الظهور كما جاء في انجيل لوقا فكانت رد فعل زكريا هو الخوف من ظهور الملاك له في الهيكل:” فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ(لوقا12:1). مريم على العكس اضطربت من كلمات الملاك وفكّرت مدى تأثير ذلك الكلام على حياتها فلقد ايقنت ان شيئا ما هاما سيطلب منها مثل موسى وجدعون وآخرين الذين دعاهم الله فبنفس الطريقة جاءت الدعوة ولذا من المحتمل ان تساءلت ما عسى ان تكون تلك المهمة وهل في قدرتها إتمامها. كذلك ان ملاك الظلمة أحيانا يكشف نفسه كملاك نور وان روح الكذب قد يحمل رسالة غاشة، ولذا فلقد سألت الملاك “كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟» وانتظرت اجابته وعندها تحكم اذا ما اتفقت الإجابة بما كتب عنه الأنبياء عن المسيّا المنتظر وعن اسايبات إيمانها ونذرها للبتولية. وهكذا عندما تكلم الملاك قائلا: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ»، لم تحتاج لدليل آخر يرشدها الي ما يجب عمله ففي كلمات الملاك تعرفت على كلمة الله. هنا تكون لدينا الحكمة والتي تتحكم في طاعة الإيمان ولا تتعارض مع اساسيات الإيمان، فالحكمة تفتح أعين الشخص ليكون متأكدا ان الرؤية فد أعطيت وان الخضوع للإيمان يقرّبه أكثر لكي يؤمن بطريقة عمياء. يقول يوحنا الرسول:” لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟” (1يوحنا1:4)، ولذا فكل ما يتعلق بالدين يجب عليّ ان اؤمن فقط بما قاله الله لي إما مباشرة او من خلال ما تعلشّمه الكنيسة لأنها كَنِيسَةُ اللهِ الْحَيِّ، عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُه” (1تيموثاوس15:3). ان الله قد أعطانا الوسائل لنعرف ما الذي كشفه وأعلنه لنا فإذا ما تأكد الإعلان والذي لا يجب ان يتعارض البتة عما تعلمه وعلمته لنا الكتب المقدسة والكنيسة ولهذا حذرنا بولس الرسول قائلا:” وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا»!(غلاطية8:1). ولذا فلنقف قليلًا عند قول القديس بولس الرسول:” جربوا أنفسكم: هل أنتم في الإيمان؟ امتحنوا أنفسكم” (2 كورنثوس 13 : 5). لقد ورد في الكتاب أن من ثمر الروح: الإيمان (غلاطية 5: 23). كما ذكر الإيمان أيضًا ضمن مواهب الروح القدس (1كورنثوس 12: 9)، فالإيمان بمعناه الروحي يشمل الحياة كلها، أما الإيمان النظري، فيشبه إيمان الشياطين، كما قيل “أنت تؤمن أن الله واحد. حسنًا تفعل. والشياطين يؤمنون ويقشعرون” (يعقوب 2: 19). يؤمنون بوجود الله، ويقاومونه. لهذا فإنهم يقشعرون منه. إنما الإيمان الحقيقي، هو الذي يظهر واضحًا في حياتنا العملية، في ممارستنا، في علاقاتنا بالله والناس، هذا هو الإيمان العملي فالإنسان يظهر إيمانه في أعماله. كما يقول الكتاب “وأنا أريك بأعمالي إيماني” (يعقوب 2: 18). ولذلك قيل في الكتاب أكثر مرة “الإيمان بدون أعمال ميت” (يع 2: 17، 20). فعلينا اذن اما ان نطوّع آلامنا او معاناتنا لتعكس مدي تمسكنا بالله وبتعاليمه ووصاياه او نقع في براثن الشك. لقد عرف الرسول الإيمان بأنه الثقة بما يرجى، والإيقان بأمور لا ترى” (عب 11: 1) فنحن نؤمن بوجود الله، والله لا يرى وكذلك نحن نؤمن بالنعم غير المنظورة التي ننالها من خلال أسرار الكنيسة المقدسة، وكلها أمور لا ترى. ومع ذلك نحن نوقن بذلك كل الإيقان. على أن للإيمان علامات تظهره وتدل عليه. إن كان إيمانك حيًا، فلابد أن تظهر ثماره في حياتك. “لأن كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا، تقطع وتلقى في النار” (لو 3: 9). هكذا يقول الرسول “لا الختان ينفع شيئًا ولا الغرلة، بل الإيمان العامل بالمحبة” (غل 5: 6). والمحبة عبارة عن برنامج روحي طويل، يضم فضائل عديدة ذكرها في (ذكرها في (1كو 13). صلاة: يا قديسة مريم أمي المحبوبة انه بمثال تواضعك علمتيني كيف أسلك أمام عظائم الرب التي يمنحها لي بلا عدد ولا وزن ولا مقياس. آمين. اكرام: ردد بثقة وايمان صلاة “تحت ذيل حمايتك” نافذة: نجينا على الدوام من جميع المخاطر يامريم يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الاثنين 17 مايو الخضوع للإيمان عندما تأكدت القديسة مريم ان الله هو في الحقيقة الذي يتكلم معها من خلال فم ملاكه آمنت بشدة بأنه يريد ان يحقق كل ما قد أعلنه الملاك لها ولم تعد في حاجة الي اثباتات أخرى او شرح او تفسير. لم تسأل عن علامة او آية كما فعل آحاز في القديم (اشعيا7) ولم تشك كما فعل زكريا الكاهن (لوقا1) وكل ما قالته “كيف يكون هذا”(لوقا34:1). في نهاية منظر البشارة اعطى الملاك جبرائيل لمريم علامة حتى ولو ان مريم لم تطلب اية علامة، لقد أعلمها ان نسيبتها العجوز والعاقر هي حبلى بطريقة اعجازية. لم تكن تعلم مريم عن ذلك الحدث لأن اليصابات كانت تخفي نفسها لمدة تصل لخمسة أشهر”وَأَخْفَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ” و “وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ” (لوقا24:1و26).ان تلك العلامة تعني التأكيد لمريم بأن الله الذي حقق لتلك المدعوة عاقرا من ان تكون أما وان ما يمكن ان يكون مستحيلا في عين البشر هو مستطاع عند الله فهو يستطيع ان يصنع عملاً عظيما في حياة مريم جاعلا لها ان تحبل حتى ولو لم تكن تعرف رجلا. لقد شرح لها الملاك جبرائيل قائلا:” لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ»(لوقا37:1). كيف سيكون الطفل والذي ستصبح مريم أماً له يؤثر في عملية الخلاص؟ وما هي أساس مملكته؟ فلم يسمع الملاك من القديسة مريم مثل تلك التساؤلات ولم يرى فيها نوع من الفضول والتي قد تعكس نفس ضعيفة ولكنها خضعت تماما لذلك النير المطلوب منها. إن إجابة القديسة مريم لرسالة الملاك جبرائيل فريدة في كل التاريخ الأنجيلي، ففي مشاهد البشارة بالميلاد ومشاهد للدعوة كما جاءت في العهد القديم كان الله او رسوله السماوي يتكلم في نهاية البشرى او الدعوة قبل ان يغادر المكان. إبراهيم وسارة وزكريا ووالداي شمشون مثلا لم يعطوا مقولة عظيمة بموافقتهم بعد استقبالهم للبشارة عن أبنائهم، وكذلك أيضا موسى او جدعون عندما دعاهم الله للمهمة التي اختارها لهما. وقفت القديسة مريم لتعطي اخر كلمة في الحوار الذي دار مع الملاك وكلمات الموافقة والرضا يكشف كثيرا عن رغبة مريم ان تخدم الله. هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»(لوقا38:1). هنا أولا وصفت مريم نفسها على انها شخص ما قد سلّم نفسه بالكامل وسلّم أيضا حريته فسلّمت بكل تواضع حريتها. ان الكلمة اليونانية هنا والتي استخدمتها مريم ترجمت “آمة” (handmaid) او doule والتي في الحقيقة تعني خادم او عبد – شخص ما هو بالكامل ملك شخص آخر يمكنه ان يفعل به ما يشاء. هذا التعبير استخدم في العهد الجديد ليصف من هم قبلوا سلطة الله في حياتهم ليخدموا مشيئته “ وَعَلَى عَبِيدِي أَيْضًا وَإِمَائِي”(اعمال18:2) و” وَامْنَحْ عَبِيدَكَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكَ”(اعمال29:4) و ” «هؤُلاَءِ النَّاسُ هُمْ عَبِيدُ اللهِ الْعَلِيِّ”(اعمال17:16). كذلك القديس بولس تكلم عن نفسه بأنه عبد للمسيح: “بُولُسُ، عَبْدٌ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ“(رومية 1:1) و(فيليبي1:1) و(غلاطية 10:1) وأيضا عبد لله:” بُولُسُ، عَبْدُ اللهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ”(تيطس1:1). هذا هو التعبير الذي استخدمته القديسة مريم لتصف نفسها من انها عبدة doule – خادمة للرب واهبة نفسها بكليتها لتميم رغبات الله. لقد سمعت من الملاك كل ما يخططه الله لها واستجابت بوضع حياتها كلها في يد الله. انها لم تفكر ان تلك المهمة لنفسها هي ولكن وجدت نفسها مختارة وموكل اليها شيئا عظيما لمجد الله الأعظم. كخادمة للرب اختارت ان لا تستخدم حياتها لأغراضها الشخصية ولكن حسب مشيئة الله. لقد وجدت مريم نفسها الآن أسيرة الي خطة الله الذي يريد خلاص البشرية ولقد سئلت ان تعطي نفسها ومستقبلها كله ” للروح القدس .. وقوة العليّ”. كان يمكنها ان تبقى هي المتحكمة وصاحبة الأمر ولكن بدلا من ذلك وضعت نفسها ملكا للرب وطرقه كتعبير حقيقي وعملي عن إيمانها «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». ان قبولهالتلك الدعوة جعلها حسب رواية انجيل لوقا اول شخص يخاطر بكل شيئ من أجل يسوع المسيح وتكون اول المؤمنين به. ان هذا هو المفتاح داخل فكر وقلب مريم “الإيمان العملي” والذي سيُمدح فيما بعد من الروح القدس على لسان القديسة اليصابات”فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا45:1). بإتباع مثال أمنا مريم في تواضعها وخضوعها التام لمشيئة الله ولا نتردد في قبول الرسالة التي يدعونا اليها بلا تردد او شك طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا»(يوحنا29:20). ان هناك الكثيرين منا من يريدون ان يخدموا الله في حياتهم، ولكن فقط بطريقتنا نحن وبشروطنا نحن ونبني كل أنواع الحدود والقياسات والإشتراطات التي يمكن ان نسمح لله ان يقودنا. نحن نقول اننا نرغب ان نفعل مشيئة الله ولكن في الحقيقة جزء كبير منا يريد ان يتأكد اننا مازلنا يمكننا ان نبتغي بعض الأحلام والأشواق بينما نبتعد عن كل ما هو مخيف او مفروض علينا. نحن نريد ان نبقى في حالة تحكم ولو بشيئ ما في حياتنا ورغباتنا. ان مريم قد استسلمت وسلّمت ذلك التحكم ووضعت حياتها في يد الله بكاملها. انها ترغب ان تفعل مهما يريد الله منها ان تفعله وأن تذهب في أي مكان حيث يقودها هو. لقد رأت ان الحرية البشرية ليست شيئا يمكن ان تأخذ منه كيفما تريد او شيئا يمكن استخدامه فقط لأغراضها ورغباتها هي الشخصية ولكن كعطيّة تردها الي الله وتستخدم لخطته هو. بهذا اختارت بحرية ان تسلّم التحكم في حياتها وتحيا كعبدة – Doule- للرب واثقة كل الثقة في خطته من أجلها. في تعبير آخر لقد اختارت بحرية ان تحد حريتها وتحيا كاملة لخدمة مشيئة الله. انها تحيا حياتها كعطية من الله والى الله بكليتها. صلاة: يا أمنا المحبوبة يا من علّمتينا كيف ننظر لأعمال الله “متفكرين” و”محتفظين” بها في قلوبنا دون أن نتشكك او نيأس او نهتز بل نمجد ونسبح الله ونشكره على كل حال وفي كل حال ومن أجل كل حال. آمين. أكرام: لا تسرع في تلاوة الوردية بل صل باناة وتأمل بمعانيها السامية نافذة:يا سلطانة الوردية المقدسة صلي لاجلنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الثلاثاء18 مايو: الشوق لفبول يسوع في سر التناول قبل ان تستقبل القديسة مريم رسالة الملاك كانت غالبا ما تصلي كأي إنسان في حالة القداسة في إسرائيل ولكنها لم تفكر انها ستكون يوما ما تلك العذراء التي ستلد مخلص العالم” وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ».” (اشعيا14:7). ولكن عندما جاءتها بشرى السماء وتأكدت من انها من اختارها الله ان تكون أم “ابن العليّ وضعت نفسها وخضعت لمشيئة الرب وخطته الخلاصية من أجل البشر ولكم كانت فرحتها غامرة من انها ستحمل الله في احشائها. لقد أعطاها الملاك جبرائيل الصورة الكاملة كيف سيتم ذلك الأمر الغير عادي فقال لها:«اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ”(لوقا35:1). ان الملاك جبرائيل بدأ خطوة خطوة في كشف تلك الدعوة الغير عادية والتي يطلبها الله من مريم. في البداية قال الملاك لمريم:” وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا”(لوقا31:1)، وهذا وحده مثيراً للغاية. إذا ما علمت أي امرأة انها سيكون لها طفلا فهي مناسبة لا يمكن نسيانها ولكن القديسة مريم قريبة من ان تجد انها لن تصبح كأي أم عادية فلقد استمر الملاك ليكشف انها ستكون أعظم أم وأهم أم في تاريخ العالم لأنها ستحبل بإبن سيعيد تاريخ إسرائيل وتاريخ الجنس البشري كله الي مكانته، فإبنها سيملك على عرش داود الملك هذا الذي تنبأ عنه الأنبياء وبأنه سيعيد الشعوب الي مملكة إسرائيل ويجمع الأمم ويعيدها الي عهدهم مع الله. دعونا نقترب وننظر فيما قاله بالفعل الملاك لمريم عن ابنها:” هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ»(لوقا32:1-33). ان مثل تلك الكلمات ستكون مألوفة جدا لكثيرين من اليهود في القرن الأول الميلادي لأنها صدى لنص في العهد القديم هام جداً عن مملكة داود كما جاء في سفر صموئيل الثاني الإصحاح السابع عندما وعد الله داود بمملكة ابدية “وَكُنْتُ مَعَكَ حَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ، وَقَرَضْتُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مِنْ أَمَامِكَ، وَعَمِلْتُ لَكَ اسْمًا عَظِيمًا كَاسْمِ الْعُظَمَاءِ الَّذِينَ فِي الأَرْضِ.” (2صموئيا9:7) و”مَتَى كَمُلَتْ أَيَّامُكَ وَاضْطَجَعْتَ مَعَ آبَائِكَ، أُقِيمُ بَعْدَكَ نَسْلَكَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ. هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لاسْمِي، وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى الأَبَدِ. أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا. إِنْ تَعَوَّجَ أُؤَدِّبْهُ بِقَضِيبِ النَّاسِ وَبِضَرَبَاتِ بَنِي آدَمَ.”(2صموئيل12:7-14). تأمل في التشابه العجيب ما بين نص سفر صموئيل النبي( 2صموئيل 7) وما قاله الملاك جبرائيل عن إبن مريم كما جاء في انجيل لوقا (32:1). كما قيل لداود ان اسمه سيكون “عظيما” (2صموئيل9:7) هكذا قال الملاك لمريم ان طفلها سيكون “عظيما”(لوقا31:1). وكما ان التسلسل النسبي لداود وُصف بعلاقة فريدة بين أب وإبن مع الله (2صموئيل14:7) هكذا يسوع سيدعى ابن العليّ (لوقا32:1)، وكوعد الله من انه سيؤسس ويثبت عرش مملكة داود للأبد (2صموئيل13:6)، هكذا سيعطي الرب عرش داود ابيه ليسوع (لوقا32:1)، وكما قال الله لداود ان مملكته ستثبت الى الأبد (2صموئيل 16:7) وهكذا قال جبرائيل في بشارته لمريم ان ابنها سيملك على بيت يعقوب للأبد ولن يكون لملكه نهاية (لوقا33:1). هكذا فإن وصف الملاك جبرائيل لطفل مريم يصرخ بوعد الله الذي صنعه مع مملكة داود وإعادة التذكرة بموضوعات داودية عن العظمة والبنوة والعرش والبيت ومملكة آبدية فهنا يشير جبرائيل ان مريم ستحمل ابن ملكي لداود والذي سوف يتمم وعود الله لداود عن مملكة لا تزول. يقول اليهود ان ذلك الطفل قد طال إنتظاره وهو الممسوح ولذا فيطلقون عليه “المسيّا المنتظر”. تلك الكلمات كشفت الأصل الإلهي لذلك الطفل، وعلمت مريم انها لن تحبل من خلال علاقة جنسية طبيعية ولكن بالروح القدس. انه لم يكن على الإطلاق حبل مثل ذلك من قبل ويفوق كل تصور وقال لها الملاك جبرائيل ان طفلها سيُدعى “إبن الله” -ليس تماما بالإشارة الي وظيفته كمسيّا أومجازيا لسلالة الملك داود كإبن لله كما جاء “أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا”(2 صموئيل 14:7). ان طفل مريم هنا سيدعى إبن الله فيما يتعلق بالحبل به من الروح القدس. ان الله هذا عندما تجسد على الأرض ووحد نفسه ليكون قريبا من الإنسان وجاء في أحشاء العذراء أراد أيضا ان يتحد بنا من خلال سر التناول المقدس لان به الثبات فيه “من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه”(يوحنا56:6) وبه ننال الحياة الأبدية “أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء إن أكل احد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم” (يوحنا51:6) وبه ننال الخلاص والاستنارة “الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا” (كولوسي 14:1). ولكن هل لنا ذلك الشوق ان نستقبله وهو الذي يرغب في بذل جسده ودمه دائما من أجلنا؟. ان تراخينا وتواضعنا المزيف يضع أعذار وأعذار لنبقى بعيدا عن خبز الحياة وعن المائدة المقدسة وعن كأس البركة وكذلك العذر من الخوف ان نقترب منه والتحجج بعدم الإستحقاق يجب ان يتلاشى في الحب ويخضع لمن احبنا هو أولا ودعانا لحبه فهو القائل لنا: وَلَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ.“(امثال31:8). ربما قد يقول قائل انه بسبب خطاياي العديدة لا يمكنني الإقتراب من قدس الأقداس بصورة متكررة ولكن مهما كانت الروح ضعيفة فيسوع دائما يفعل المستحيل للإقتراب منها ليجذبها نحوه. وقد يقال أيضا انني لا يمكنني التناول من الجسد والدم الأقدسين لأنني غير مستحق ولكن عليك ان تقول انا أرغب في أن أكون مستحقاً بقدر استطاعتي لكي أستقبل التناول حتى استطيع ان أحصل على نِعم يسوع للأنفس الضعيفة لكي تتحد به وتثبت فيه فتحيا. ان عدم إنتظامك للتناول المقدس قد يكون بسبب خوفك من عدم ملائمتك لهذا السر المقدس وأيضا لضرورة الإلتزام بما يتضمنه. أنت تخاف من حياة الإلتزام المطلوبة اذا ما حصلت على التناول المقدس بصورة دورية وتخاف وتتحجج بضعف نفسك فلماذا لا تستفيد من العلاج المؤثر والفعّال المقدم لك من “خبز الحياة”(يوحنا35:6)؟ ان الرب يسوع يدعو الي وليمة سماوية “الْمَسَاكِينَ وَالْجُدْعَ وَالْعُرْجَ وَالْعُمْي”(لوقا21:14، فهو يعلم حالة الضعف والطبيعة الساقطة ولذلك فأسراره الإلهية تقدم لك الغذاء الذي يقويك ويشجعك على الثبات والتمسك به فتقدم بكل إنسحاق لسر المصالحة طالبا المغفرة وعندئذ تقدم لتناول جسد ودم الحياة فتنال قلبا جديدا وقوة للثبات فيه “مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ.“(يوحنا56:6). ان النفس التي لا تستطيع الإنتظار للحصول على الفرح بوجودها مع يسوع في السماء ستجد الفرح بالتمتع بوجوده وهي على الأرض من خلال التناول المتواتر من حسد ودم الرب. صلاة: أشكرك يا أماه على قبولك التسليم المطلق لمشيئة الله في حياتك فعلميني وقوديني لأن أقبل في استسلام لمشيئته المقدسة في حياتي. آمين. اكرام : اجمع افراد الاسرة واقرأ عليهم فصلا” من الانجيل المقدس نافذة : يا أم الله كوني أمنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة الأربعاء 19 مايو: فوائد سر التناول المقدس عندما تستقبل يسوع عند تقدمك من المائدة المقدسة ويصبح الآن هو مقيما في قلبك وتصبح بهذا على مثال القديسة مريم التي استقبلت يسوع في أحشائها. لا يمكن لأي عقل أو لسان بشري ان يتخيل تلك المشاعر التي كانت تحملها تلك الأم وهي حبلى بإبن العليّ وقدوس الله. إذا ما عرفت قيمة عطية يسوع الذي أعطى ذاته في التناول المقدس والمشاعر التي يحملها لنا لأدركنا عظمة هذا السر. هنا المخلوق يُزار من الخالق والفقير يأتي اليه ملك المجد والنفس المضطربة تأتيها تعزية سماوية والإنسان الخاطئ يتحرر ويشفى من قدوس القديسين. في هذا السر العجيب نحصل من يسوع على بركات لا تحصى ولا تُعد: 1- الثبات في المسيح حسب وعده الصادق “من يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت في وأنا فيه” (يوحنا 6: 56) فبتناولنا من هذا السر نصير أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه (أفسس 5: 30). كذلك نصير “شركاء الطبيعة الإلهية” (2 بطرس 1: 4). 2- يمنحنا عربون الحياة الأبدية كما قال له المجد “من يأكل جسدي ويشرب دمى، فله حياة أبدية وأنا أقيمة في اليوم الأخير”. كما قال “من يأكل هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبد” (يوحنا 6: 54، 58). 3- النمو في النعمة والكمال الروحي والحياة في المسيح يسوع كما قال له المجد “جسدي مأكل حق ودمى مشرب حق. كما أرسلني الآب الحي وأنا حي بالآب فمن يأكلني يحيا بي” (يوحنا 6: 55، 57). فكما أن الطعام الجسدي يجعل الجسد ينمو ويكون صحيحا كذلك الغذاء الروحي وهو التناول من جسد المسيح ودمه الأقدسين يجعل الروح قوية وصحيحة وتنمو في النعمة باستمرار. 4- منح الشفاء للنفس والجسد والروح، كما نقول في سر التقدمة “وليكونا (الجسد المقدس والدم الكريم) لنا جميعا ارتقاء (نموا) وشفاء وخلاصا لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا”. فكما أن التناول بدون استحقاق بسبب الضعف والمرض والموت حسب قول معلمنا بولس “من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون” (1 كورنثوس 11: 30) كذلك التناول باستحقاق واستعداد يسبب الصحة والشفاء والنمو للنفس والجسد والروح. لذلك يسميه الآباء: دواء عدم الموت. 5- الخلاص وغفران الخطايا: كما نقول في الاعتراف الأخير بالقداس الإلهي “يعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه”. فبالتوبة والاعتراف على الآب الكاهن ننال غفران الخطايا التي اعترفنا بها والتناول عموما هو غسيل وتبيض القلب التائب من كل خطاياه كما نقرأ في سفر الرؤيا عن المفديين والمخلصين الذين قيل عنهم “هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة (العالم بكل تجاربه) وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الحمل” (رؤيا 7: 14). 6- التناول يعطى الإنسان حصانة ضد الخطية. غذاء الجسد يعطيه صحة ومناعة وحصانة ضد الجراثيم والميكروبات التي تهاجمه، كذلك التناول من جسد المسيح ودمه الأقدسين يعطى الروح مناعة وحصانه ضد جراثيم الخطية وحروب الشيطان ولذات الجسد فيحيا الإنسان غالبًا منتصرًا في جهاده الروحي. والمرنم يقول “ترتب قدامى مائدة تجاه مضايقيّ” (مزمور 23: 5) وهى نبوة عن مائدة التناول وفائدتها في النصرة على الأعداء المضايقين. 7- نقول في مقدمة الأواشي بعد التقديس “اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا، لكي نكون جسدا واحدا وروحا واحدا ونجد نصيبا وميراثا مع جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء”. 8- يعطينا الميراث الأبدي مع كافة القديسين الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة، وهذا هو منتهى شوقنا وهدف كل جهادنا، والتناول يسهل لنا الوصول إلى هذا الهدف السامي. اكرام: فكر وتأمل كم من المرات تقدمت لسر التناول وأنت لم تعترف للكاهن قبلها نافذة: احضري عندنا في ساعة موتنا ايتها القديسة مريم. يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الخميس 20 مايو: محبة القريب بعد ان سمعت مريم بشارة الملاك وأخبرها ان نسيبتها اليصابات تلك العاقر هي حبلىفيذكر انجيل لوقا: “فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا(لوقا39:1). ان تلك الرحلة ليست نزهة نهاية الأسبوع فوعورة اكثر من 80 ميل من الناصرة الي جبال يهوذا والتي يمكن ان تأخذ حوالي 3-4 أيام بالأقدام وعادة مثل تلك الرحلة تكون مصحوبة بمسافرين آخرين. ان مريم رحلت الي جبال يهوذا وهي ليست فقط رحلة على الأقدام ولكنها تعني في الحقيقة رحلة روحية. أولا -فالقديس لوقا اعلمنا ان مريم “قامت” وذهبت لزيارة اليصابات والكلمة اليونانية لكلمة “قامت” arose هي anesteimi والتي تعني اكثر من “نهضت او قامت”، فهي استعملت مجازيا هنا لتصف بداية الي فعل او عمل جديد. في مكان آخر في انجيل لوقا الكلمة تصف أفعال تتضمن جهد روحي عظيم. ففي مثال الإبن الضال “قام” وعاد الي ابيه الذي رحب به بفرح وابتهاج عظيم (لوقا18:15و20)، وبالمثل لاوي جابي الضرائب عند دعوة يسوع له ترك كل شيئ و “قام-rose-anastasa” وتبع يسوع (لوقا27:5-28). وهكذا مريم أيضا بعد ان سمعت من الملاك دعوة الله لها ومن حياتها “قامت” وبدأت رحلتها لزيارة اليصابات. كما في مثل الإبن الضال ودعوة لاوي العشّار تحركت مريم نحو رحلة جديدة مع الرب حيث استلمت مهمتها الجديدة كأم للمسيّا. ثانيا- قامت مريم وذهبت الي ارض جبال يهوذا وهنا استخدم لوقا كلمة رئيسية غنية في معناها اللاهوتي في سرده للحدث، فالكلمة اليونانية ل “ذهبت”-poreuomai” في ذاتها تعني “تذهب او تمشي” ولقد استخدمها لوقا في أماكن أخرى لتصف رحلة لغرض إلهي والأكثر ملاحظة هي رحلة المسيح من الجليل الي اليهودية حيث رسالته المسيانية قد اكتملت (لوقا51:9و 22:13). مريم وهي حبلى بالطفل يسوع في احشائها كأنها تبشر برحلة ابنها فيما بعد من الجليل الي اليهودية وها هي تبدأها من ناصرة الجليل الي جبال يهوذا (لوقا39:1) حيث ستعلن الأعمال العظيمة للرب. بعد هذا اعلمنا القديس لوقا ان مريم قامت بتلك الرحلة “مسرعة” meta spoudes وهذه الجملة قد فهمت بطرق مختلفة، فالبعض فسّرها بأن أشار بانها طاعة مباشرة لرسالة الملاك عن امومة اليصابات الإعجازية، والبعض الآخر رآها بأنها تشير ان رغبة مريم هي ان تسرع لمساعدة نسيبتها المسّنة في مراحل حملها الأخيرة، أو بأن مريم تطلعت بشوق ان تشارك اليصابات برسالة الملاك لها. كل تلك التفسيرات قد تكون كخلفية ولكن الملاحظة التي ذات أهمية هي خاصة تلك الجملة المستخدمة “مسرعة” والتي يمكن ترجمتها ب “مع التفكير” او “مع الرغبة” والتي قد تجلب لنا فهما اعمق للمسألة او الفعل. من هذا المنظور الخاص ذهاب مريم بسرعة يشير الي فرحها تساءلها عما يحققه الله في إسرائيل وفي حياتها هي شخصيا بإرسال المسيّا- الملك. وهذة الخطة الإلهية والتي فيها ان مريم واليصابات الآن مرتطبتان بصورة قوية من خلال خبراتهم بحبلهما وامومتهما الإعجازية وباولادهما ورسالتهما. وهكذا بشكل عنيد وإصرار عجيب قامت مريم وانطلقت لترى العلامة التي أعطاها لها الملاك جبرائيل عن حبل اليصابات العجيب. هذا في الحقيقة مشابه لإستجابة الرعاة للعلامة التي أعطاها لهم الملاك عن المسيح “تَجِدُونَ طِفْلًا مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ»(لوقا12:2)، وبعدما سمعوا عن العلامة “فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ” ليروا تلك الأخبار المفرحة عن الخلاص والتي أعلنت لهم من الملاك. ان الرعاة لم يذهبوا ليتحققوا من ان قول الملاك كان صحيحا ولا انهم قد اخذوا امراً من الملاك بضرورة الذهاب لذلك الغرض، ولكن من مبادرة شخصية منهم كانت رغبة الرعاة الشديدة ليروا الذي كشفه الملاك واعلنه لهم:” قَالَ الرجال الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ»(لوقا15:2). هكذا مريم آمنت مثلهم برسالة الملاك وذهبت مسرعة لتشهد كأول شخص للأعمال العظيمة التي يقوم بها الله في حياة اليصابات وحياة البشرية كلها. وكما شرح احد اللاهوتيين ان سرعة مريم في الذهاب نبع من الفرح بدعوتها ومن الرجاء الذي بدأ في احشائها ففرح مريم ورجاؤها واستعدادها ذهب في البحث عن العلامات التي يرسلها الله الي شعبه وأيضا لتقدم الخدمة وإلا لما مكثت هناك” فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا.“(لوقا56:1). ترى ما تأثير تلك الزيارة المفرحة والمقدسة وما نتائجها؟ فلقد امتلأت اليصابات من الروح القدس ويوحنا المعمدان قد تقدّس وهو في رحم أمه وفيما بعد نطق زكريا بعد ان أصابه الخرس لعدم تصديقه لبشارة الملاك. اذا ما أحببت الله ستحب أيضا قريبك وعدوك وجارك فلا تكتفي بمشاعرك فقط للتعبير عن حبك لله ولقريبك بل بالفعل والعمل الصادق (مثل السامري الصالح). وان لم تستطع تقديم العون فأبحث عن من يمكنه تقديم المحبة والخدمة. ان الله نفسه قد علّمنا بمثاله ان نفعل كل شيئ حسنا لكل الناس عْطُوا تُعْطَوْا، كَيْلًا جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ».(لوقا38:6) و “ وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يُحِبُّونَ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ.َوإذا أَحْسَنْتُمْ إِلَى الَّذِينَ يُحْسِنُونَ إِلَيْكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا.(لوقا32:6-33). وأيضا علينا ان الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ.“(2كورنثوس4:1). صلاة: يا قديسة مريم مثال لكل فضيلة انا أسجد أمام قدميك وانا كلي خجل من فتوري وعدم شكري فصلي من أجلي ليسوع ابنك حتى يأتي الي قلبي ليسكن فيه ويمحو كل ضعف وخوف من قلبي ويعطيني قلبا محبا مثل قلبه وسخاء لأقدم الخير نحو كل شخص فيمجد الله في كل وقت ومكان. اكرام: لا تهمل اعترافك بالخطايا و حاول التناول في هذا الشهر نافذة: يا ملجأ الخطاة صلّي من اجلنا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الجمعة 21 مايو : عظمة الله انه من الصعب تخيل كيف استقبلت القديسة مريم لأي من تلك الكلمات العظيمة والتي قالتها القديسة اليصابات وهي ممتلئة من الروح القدس فتُسبح مريم لكونها “مباركة بين النساء” بسبب الطفل الذي تحمله، ومباركة ثمرة احشائها وأيضا مباركة لأنها “أم ربيّ” وفوق كل ذلك فهي مباركة ومطوبة بسبب إيمانها. ترى كيف ستجاوب مريم على كل تلك الإعلانات والتطويبات والتهنئات؟ لقد اعادت بتواضع كل الإنتباه نحو الله معترفة بأنه هو المصدر الحقيقي لكل تلك البركات في حياتها. فقالت مريم:” فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي(لوقا46:1-47). كان رد مريم لأليصابات كشبه نشيد، والذي يعكس في الحقيقةجزء خاص وهام من حياة مريم الداخلية. ان الآيات التي ذكرها القديس لوقا في انجيله (لوقا46:1-55) والتي تعرف عامة ب “أنشودة التعظيم” والمترجمة من اللاتينية Magnificat anima mea Dominum (تعظم نفسي الرب)، واستخدمت الكلمة الأولى “تعظم” ولذا عرفت بانشودة التعظيم The Magnificat، وهذا فالكلمة “تعظم” في اليونانية megalunein تعني “تصنع شيئا عظيم او تسبح” وعندما تقول مريم ان نفسها تعظم الرب فهي بهذا تعبّر من كل اعماقها كيف انها ترغب في تسبحة الله وان تفعل ما في وسعها ليتتمجد ويتعظم. يكشف هذا النشيد مدى الفرح الذي كان في قلب والدة الله، فهي في تواضع تعترف ان كل الأشياء العظيمة التي نالتها هي من الله وعبّرت عن هذا بفرح عميق لا يوصف. انه من العجيب ان نلاحظ ان “نفسها” و”روحها” تم ذكرهما في نشيد التسبيح هذا، فنفسها تعلن وروحها يكشف عن ابتهاجها بذلك النشيد. في جزء يكشف عن ان كلا من فعل خاص بها وفعل من الله، فنفس والدة الله تشير الي كل قدراتها البشرية في عقلها وارادتها ومشاعرها ورغباتها وهذا ما يجعلها بشر مثلنا وبتلك القدرات البشرية أعلنت عن عظمة الله. لقد قبلت في عقلها عظمة القدير وبإرادتها لعترفت واختارت ان تعلن عن عظمة الله القدير وفعلت هذا بكل مشاعرها وأحاسيسها ورغباتها فيمكن القول بأن بكل بشريتها قد استخدمتها للتعبير عن عظمة الله. وتعلن أيضا ان في روحها انها قد امتلئت بفرح ومجد عظيم وكما أعلنت عن عظمة الله قد غمرها الروح القدس وأثمر فيها ذلك ثمر الروح”الفرح”، فالفرح يأتي من الله ويعمل في حياتنا فهو ثمر الروح القدس وامنا مريم المباركة لديها الملء كله من ثمر الروح:” وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ”(غلاطية22:5-23)ٌ. هل ترغب حقا في تسبيح الله او ان تجعله عظيما في نفسك؟ اذا كان ذلك فمريم اعطتنا المثال في كيفية ان نعمل هذا في أنشودة التعظيم، ففي الجزء الأول من ذلك النشيد فنفس مريم تعظم الله بسبب تواضعها: “فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَه”(لوقا46:1-50)ُ. التواضع يتضمن رؤية الحقيقة عن النفس ومريم أظهرت هذه الفضيلة بطرق كثيرة وملحوظة في أنشودتها. أولا فهي اعترفت بحقيقة مهمتها الفريدة والموكولة اليها والبركات الغير عادية التي نالتها ولم تنكر او بخست ما الذي صنعه الرب في حياتها، ففي الحقيقة الله صنع أشياء عظيمة لها ولذا فتعزي كل شيئ الي الله وتقول “كل الأجيال ستطوبني” بسبب ما صنعه الرب وبسبب تواضعها. ولكن مريم في نفس الوقت تعرف في اعمافها ان كل تلك البركات في حياتها ليست بعمل منها فهي لم تصبح “ممتلئة نعمة” وأم المسيّا و”مباركة في النساء” من خلال جهد خاص منها او بسبب بعض مواهب فطرية روحية فمريم تعترف بضعفها وانشودتها تبين ان كل ذلك جاء بنعمة من الله. لاحظ كيف ان كل شيئ تقوله عن نفسها في تلك الآيات مرتبطة بالله فهي لا تطلب ان تظهر نفسها ولكن لتعظم الرب (لوقا 46:1). لقد رأت نفسها ليس إلا آمة صنيعة الرب وخادمة للرب (doules) (لوقا48:1)، ولكن الله جاء كمخلص لها ونظر الي تواضعها (48:1)، فهو الله الذي صنع العظائم لها (49:1). انه يوجد فرق كبير بين التواضع اللفظي بكلمات والتواضع التجريبي فمن السهل لأي فرد ان يقول “انا ضعيف، انا خاطئ، انا اريد الله في حياتي”، ولكن مختلف تماما ان يختبر في حياة الشخص حقيقة انه ضعيف او كيف ان شخص يعتمد على الله كلية. لقد قال يسوع:” لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا”(يوحنا5:15)، فالشخص المتواضع يعرف في الحقيقة كيف ان هذه المقولة ماذا تعني ويعرف انها ليست فقط قاعدة روحية أساسية ولكنها خبرة شخصية يعيشها ويتحقق منها الفرد فهو لا يقدر بدون الله ان يفعل شيئا. ان مريم تعرفت على هذه الحقيقة للحالة البشرية وفهمت كيف انها صغيرة في الحقيقة امام عظمة الرب وعرفت انها لا شيئ من نفسها وانها تعتمد بالكامل على الرب. وهكذا أظهرت مريم تعليم المسيح ان التواضع هو ما اظهره يسوع منذ تجسده وطوال خدمته وحتى موته على الصليب وقيامته ولذا قال”وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.“(متى29:11). فقط عندما نكون مقتنعين مثال مريم كيف اننا لا يمكننا ان نفعل أي شيئ صغير بأنفسنا وكيف اننا نعتمد تماما على الله وكيف ان الرب يعمل بطرق عجيبة وعظيمة فينا ويقوينا ويرشدنا لما هو خير لخلاصنا. نقطة أخرى ملفتة للنظر في انشودة التعظيم هو موضوع المضادات في النصف الأول والثاني من ذلك النشيد:” صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ»(لوقا51:1-55). في الجزء الأول من أنشودة التعظيم نرى مريم قد ركزّت على بركات الله التي منحها لها شخصيا وكيف ان الرب نظر الي تواضعها وصنع أشياء عظيمة لها (لوقا46:1-50). في الجزء الثاني سبّحت مريم الله فيما هو يعمله لأسرائيل شعبه يظهر رحمته لشعبه ومنقذا لهم من ضيقاتهم (لوقا51:1-55). تلك الحركة من الضعف الي الظهور – كلاهما كفرد (الجزء الأول) وفي الشعب ككل (الجزء الثاني)- هو مفتاح هام لكي نفهم انشودة التعظيم. لم ترى مريم ان البركات التي حصلت هي عليها هي شيئ لنفسها فقط ورأت ان عمل الله في حياتها هو مساهمة ومشاركة فيما يريده الله ان يعمله من اجل شعبه. فكما نظر الله الي تواضع مريم (48:1) وصنع أشياء عظيمة لها هكذا سينظر الي كل المتواضعين (52:1) ويخلصهم. في عملية الخلاص سيكون هناك هزة درامية في أرض إسرائيل الجائعون سوف يشبعون والمتواضعين سيرتفعون بينما المتكبرين سيتشتتون والأعزاء سينزلون والأغنياء سيذهبون فارغين. هكذا فأنشودة مريم تتنبأ عن رسالة إبنها العامة والتي ستعكس تلك المضادات الدرامية، فيسوع سيرفع المتواضعين بتغذية الجوعى وشفاء المرضى ومغفرة الخطايا للخاطئين ومد التبعية له لمن هم مضطهدين في المجتمع وكثير من القادة السياسيين والدينيين سيقاوموا المسيح وسيطردوا خارجا من مملكته. تنبأت مريم ان الله قد نظر برحمة الي ضيقات شعبه إسرائيل وسوف سيجمع كل المتعبين ويدخلهم الي ملكوت ابنه بينما المتكبرين والعظماء والأغنياء الذين يعاضون ويقاومون شعب الله سينزلون ويرذلون. ان العلاقة ما بين الجزءان من نشيد مريم واضح، فطريق الله في العمل في حياة مريم يتوقع عمل الخلاص الذي سيفعله لكل إسرائيل تماما كما نظر الله لتواضع مريم واختارها وميّزها هكذا سوف ينظر الرب برحمة الي جميع المتواضعين في إسرائيل ويرفعهم ليصبحوا ورثة للملكوت. في انشودة التعظيم أعلنت مريم ليس فقط الأشياء الصالحة الذي سيقوم بها الله في حياتها ولكن الأخبار السارة لكل شعب الله. لقد أنشدت مريم العذراء نشيدها هذا كنبيّة ولذا فتعتبر أخر نبيـة فى العهد القديم وأول أنبياء العهد الجديد. وهي تسبحة تبين ان مريم كان ذهنها مملوء من الأسفار المقدسة فهى تشابه تسبحة حنة ام صموئيل النبي (1 صموئيل 1:2-10) “فَرِحَ قَلْبِي بِالرَّبِّ. ارْتَفَعَ قَرْنِي بِالرَّبِّ. اتَّسَعَ فَمِي عَلَى أَعْدَائِي، لأَنِّي قَدِ ابْتَهَجْتُ بِخَلاَصِكَ. لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَكَ، وَلَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلهِنَا. لاَ تُكَثِّرُوا الْكَلاَمَ الْعَالِيَ الْمُسْتَعْلِيَ، وَلْتَبْرَحْ وَقَاحَةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ. لأَنَّ الرَّبَّ إِلهٌ عَلِيمٌ، وَبِهِ تُوزَنُ الأَعْمَالُ. قِسِيُّ الْجَبَابِرَةِ انْحَطَمَتْ، وَالضُّعَفَاءُ تَمَنْطَقُوا بِالْبَأْسِ. الشَّبَاعَى آجَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْخُبْزِ، وَالْجِيَاعُ كَفُّوا. حَتَّى أَنَّ الْعَاقِرَ وَلَدَتْ سَبْعَةً، وَكَثِيرَةَ الْبَنِينَ ذَبُلَتْ. الرَّبُّ يُمِيتُ وَيُحْيِي. يُهْبِطُ إِلَى الْهَاوِيَةِ وَيُصْعِدُ. الرَّبُّ يُفْقِرُ وَيُغْنِي. يَضَعُ وَيَرْفَعُ. يُقِيمُ الْمِسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ. يَرْفَعُ الْفَقِيرَ مِنَ الْمَزْبَلَةِ لِلْجُلُوسِ مَعَ الشُّرَفَاءِ وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ الْمَجْدِ. لأَنَّ لِلرَّبِّ أَعْمِدَةَ الأَرْضِ، وَقَدْ وَضَعَ عَلَيْهَا الْمَسْكُونَةَ. أَرْجُلَ أَتْقِيَائِهِ يَحْرُسُ، وَالأَشْرَارُ فِي الظَّلاَمِ يَصْمُتُونَ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِالْقُوَّةِ يَغْلِبُ إِنْسَانٌ. مُخَاصِمُو الرَّبِّ يَنْكَسِرُونَ. مِنَ السَّمَاءِ يُرْعِدُ عَلَيْهِمْ. الرَّبُّ يَدِينُ أَقَاصِيَ الأَرْضِ، وَيُعْطِي عِزًّا لِمَلِكِهِ، وَيَرْفَعُ قَرْنَ مَسِيحِهِ». لكن تسبحة حنة انتظار للمسيا واما تسبحة العذراء مريم فهى فرح بتحقيق هذا الأمل. أيضا تسبحة القديسة مريم تشبه ترنيمة التعظيم لاشعيا النبي “فرحا افرح بالرب تبتهج نفسي بالرب..”(اشعيا10:16-11). ها هى ابنة الناصرة القرية الفقيرة والحقيرة يحبها الله “نظر الى تواضع أمتـِه”. لقد ترك الله كل الخراف وبحث عن خروف واحد وعن درهم واحد وعن مريض واحد فى بركة. ولم تتكلم مريم عن الله باسمه ولكن بصفاته فها هى تدعوه القدير والقدوس وإله الرحمة. صلاة: يا الله ما الذي يمكن ان يقارن عظمتك وقوتك وسلطانك فلك المجد والتسبيح والسلطان وكل القدرة وها أنا أنطرح أمامك معترفا بعدم قدرتي وضعفي واحتياجي لك فأعن يا سيدي قلة إيماني واللهم ارحمني انا ابنك الذي قد ملّ طعم الخرنوب فأدخلني الي بيتي السماوي حتى احيا في نعيمك ومجدك. آمين. اكرام : اعط مثالا” صالحا” باحترامك يوم الرب وكمل كل ما تفعله بروح الله , فهذا طريق القداسة نافذة : اجذبيني وراءك ايتها العذراء القديسة يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة السبت 22 مايو: رحـمـة الرب الحنان والرحـمة هـى من صفات اللـه تعالـى. وإن الرحـمة الإلهيـة هـى قلب الكتاب الـمقدس فمن خلال أعمال الله وتعاليـمه التى اختبرهـا شعب الله فـى العهد القديـم سواء فرديـاً أو كجماعـة، وأيضاً فـى العهد الجديـد وكيف أن الله أظهـر عِظم مـحبـتـه ورحـمته لنـا فـى تجسده وموتـه على الصليب وقيامتـه ليعـطى الحيـاة الأبديـة لكل من يؤمن بـه فيـمكننا بتلك الثقـة أن نسأل رحـمتـه تعالـى وفـى نفس الوقت يلزم أن نثبت هذا عـمليـاً بأن نرحـم نحن الآخريـن، لهذا قال يوحنـا الرسول: “بهذا قد عرفنـا الـمحبّة أنّ ذاك قد بذل نفسه من أجلنـا فيجب علينـا أن نبـذل نفوسنـا من أجل الإخوة”(1يوحنا16:3). لقد أعلن الله لـموسى فـى العهد القديـم عن ذاتـه قائلاً لـه: أن “الرب إلـه رحيـم ورؤوف طويل الآنـاة كثيـر الـمراحم والوفاء”(خروج6:34). و”لأن الرب إلهك إلـه رحوم لا يخذلك ولا يُـبيدك ولا ينسى عهد آبائك الذى أقسم به لهم”(تثنية31:4). ورحـمة الرب “جديدة فى كل صباح”(مراثى ارميا22:3). وفـى قصة شعب الله الـمختار وتعامل الله معـهم وفى تعاليم الأنبيـاء نجد أنهـا تحمل معنـى واحد كيف أن الله مملوء رحـمة،فالشعب حتى وإن خان العهد مع اللـه كان يعود يرحمهـم: –”وفعل بنو اسرائيل الشر فى عيني الرب ونسوا الرب إلههم وعبدوا البعليم والعشتاروت. فإشتد غضب الرب على اسرائيل وباعهم الى يد كوشان ….فصرخ بنو اسرائيل الى الرب فأقام الرب لبني اسرائيل مخلصـاً فخلصهـم..”(قضاة7:3-9). البعليم والعشتاروت هما أوثان كانت تُعبد – صلاة سليمان عند تدشين الهيكل (3ملوك22:8-53). – صلوات ميخـا النبي:”من هو إلـه مثلك غافر للإثم وصافح عن الـمعصيـّة لبقية ميراثـه لا يُمسك الى الأبد غضبـه لأنـه يُحب الرحـمة. سيرجع ويرأف بنـا ويدوس آثامنـا ويطرح فى أعماق البحر جميع خطايانـا”(ميخا18:7-20). – “إذ قال إنهـم شعبي حقاً بنون لا يغدرون فصار لهم مخلصاً. فى كل مضايقهم تضايق وملاك وجهه خلصّهم. بـمحبتـه وشفقتـه إفتداهم ورفعهم وحملهم كل الأيام القديـمة”(اشعيا8:63). – “وقد دعاكِ الرب كامرأة مهجورة مكروبـة الروح وكزوجـة الصبـآء إذا استرذلت قال الرب. هنيهـة هجرتكِ وبـمراحم عظيـمة أضُـمكِ. فى سورة غضب حجبتُ وجهـي عنكِ لحظـة وبرأفـة أبديـة أرحمكِ قال فاديكِ الرب”(اشعيا6:54-8). وفـى العهد الجديد إزداد هذا الإعلان عن رحـمة الله ومحبـتـه فجاءت كلـمات القديس يوحنا:”لأنـه هكذا أحبّ الله العالـم حتى إنـه بذل ابنـه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن بـه بل تكون له الحيـاة الأبديـة”(يوحنا16:3). ولهذا جاءت أيضاً كلمات القديس بطرس:”مبارك الله أبو ربنا يسوع الـمسيح الذى على حسب رحمته الكثيرة ولدنـا ثانيـة لرجاء حي بقيامـة يسوع الـمسيح من بين الأموات لـميراث لا يبلى ولا يفسد ولا يضمحل محفوظ فـى السموات لكم”(1بطرس3:1-4). وجاءت أيضاً كلمات القديس بولس:”لكن الله لكونـه غنيّاً بالرحمة ومن أجل كثرة محبته التى أحبنا بهـا. حين كنّا أمواتـاً بالزلاّت أحيانا مع الـمسيح”(افسس4:2-5). رحمة الله التى أظهرهـا لنـا الـمسيح “الله لم يره أحد قطّ. الإبن الوحيد الذى فى حضن الآب هو أخبـر”(يوحنا18:1). الرحـمة الإلهيـة كانت تعنى قوة خاصة للحب تفوق الخطيـّة وخيانـة الشعب، فعندما يرى الرب ندامة وتوبـة كان يعيد الخاطئ للنعـمة أليس هو القائل:”أليس افرائيم ابنـاً لـي عزيزاً ولداً يلذّ لـي فإنـي منذ كلّـمته لـم أزل أتذكره فلذلك حنـّت أحشائـي إليـه. إنـّي سأرحـمه رحـمة يقول الرب” (ارميا20:31). وكان كلا من الشر الطبيعـي أو الأدبـي إذا ما أصاب الإنسان أحيانـا سبباً لأن يعود الخاطـئ الى اللـه، كما فعل داود وصرخ قائلاً:”قد خطئتُ إلـى الرب” عندما أخبره ناثان النبي بالشر الآتى عليـه نتيجة خطيئـته مع إمرأة أوريـا الحثي (2ملوك 1:12-15). وكقول نحميا عن الشعب “فصبرت عليهم سنين كثيرة وأشهدتَ عليهم بروحك على ألسنة أنبيائك فلم يصغوا فدفعتهم إلـى أيدي أمم الأرض….وأنت عادل فـى كل ما جُلب علينـا لأنك بالحق عـملتَ ونحن أثـمـنا”(نحميا30:9-32). وكما صرخ طوبيـا للرب قائلاً:”فالآن أذكرنـي يارب ولا تنتقم عن خطاياي ولا تذكر ذنوبـي ولا ذنوب آبائـي لأنـا لـم نطع أوامرك فلأجل ذلك أسلـمنا إلـى النهب والجلاء والـموت وأصبحنـا أحدوثـة وعاراً فى جميع الأمم التى بددتنـا بينهـا”(طوبيا2:3-4). وكما قال الرب على لسان هوشع النبي:””إنهـم فى ضيقهـم سيبتكرون إلـيّ هلّموا نرجع الى الرب لأنـه يفترس ويشفـي يجرح ويعصِب”(هوشع1:6-2). رحـمة الرب عظيـمة فهو القائل على لسان هوشع النبي:”إنـيّ أشفى إرتدادهـم وأحبهـم تبرعـاً لأن غضبي فارقنـي”(هوشع5:14) وأيضاً ” أنظروا الى الأجيال القديـمة وتأملوا. هل توّكل أحد على الرب فخزي أو ثبت على مخافتـه فخُذل أو دعـاه فأُهـمل. فإن الرب رؤوف رحيم يغفر الخطايـا ويُخلّص فى يوم الضيـق”(يشوع بن سيراخ11:2-13). فلنسأل الرحـمة من اللـه بثقـة فهو القائل: “إسألوا فتعطوا..لأن كل من يسأل يُعطى ومن يطلب يجد ومن يقرع يُفتح لـه”(متى7:7-8). وهو أيضاً القائل:” طوبـى للرحـماء فإنهـم يُرحـمون”(متى 7:5). وهـو أيضاً “أبو الـمراحم وإلـه كل تعزيـة”(2كورنثوس3:1). ويمتلئ الكتاب الـمقدس بالعديـد من الأمثلـة على رحـمة اللـه على الخطـاة، ففى سفر التكوين وعلى الرغم من أن الله قد أخرج على الفور آدم وحواء من جنّة عَدْن بعد السقوط والعري، إلا إنـه يُذكر أنـه قد “صنع الرب الإلـه لآدم وامرأتـه أقـمصة من جلد وكساهـما”(تكوين21:3). وبدلاً من أن يعاقب الله البشريـة على الفور بعد أن رأى “الرب أن شرّ الناس قد كثُـر على الأرض”(تكوين5:6)، إنتظر 120 عامـاً قبل أن يجلب الطوفان على الأرض. وبعد الطوفان يذكر الكتاب “فتنّسم الرب رائحة الرِضـى وقال الرب فـى نفسه لا أعيد لعن الأرض أيضا بسبب الإنسان بـما أن تصّور قلب الإنسان شريـر منذ حداثتـه ولا أعود أهلك كل حـي كـما صنعت”(تك21:8) مع أنـه يُذكـر ان الرب قال من قبـل “أمحو الإنسان الذى خلقت عن وجـه الأرض” (تك 7:6). الله رحيـم فهو الذى أعلن ذلك لشعبـه: ” الربّ الربّ إلـه رحيم ورؤوف طويل الأنـاة كثيـر الـمراحم والوفـاء يحفظ الرحـمة لألوف ويغفـر الذنب والـمعصيـّة والخطيئـة”(خروج 6:34-7). وفـى حوار الله مع إبراهيـم من أجل سدوم وعـمورة وكيف انـه كان من أجل عشرة باراً أن يصفح عن المكان كله (تك 26:18-33). وشفقة الرب فـى إنقاذ لوط وأسرتـه وأخرجهـم خارج الـمدينـة (تك16:19). وفـى خطيئـة داود الـملك الذى قتل أوريـّا الحثـيّ بالسيف وأخذ زوجتـه بتشبّع زوجـة لـه، نجد أن رحـمة الله قد شملت داود بعد أن عرف خطيئـته وقال “قد خطئتُ إلـى الرب”، فنقل الرب عنـه خطيئته ومات الـمولود ولـم يـمت داود (2ملوك 12). وبنو اسرائيل وعلى الرغم من تذمّرهـم على الرب وعلى موسى وهارون حتى أن الجماعـة قالت “ليرجـما بالحجـارة” وغضب الرب وقال:”هآنذا أضربهم بالوبـاء وأقرضهم”، إلاّ ان صلاة موسى لله التى يعترف فيهـا قائلاً:” إنك أنت الرب الطويل الأنـاة الكثير الرحـمة الغافر الذنب والإثـم”، جعلت الرب يقول:”قد صفحتُ بحسب قولك”(عدد13-14). ويونان النبـي الذى ذهب ليحذّر شعب نينوى من غضب الرب، ثار وساء الأمر لديـه من رحـمة الله فقال:”أيهـا الرب ألـم يكن هذا كلامـي وأنـا فـى أرضي ..فإنـي علمت أنك إلـه رؤوف رحيم طويل الأنـاة كثيـر الرحـمة ونادم على الشر”(يونان2:4). ولهذا أعلن الوحـي على لسان صاحب الـمزامير:” هو الذى يغفـر جميع آثـامك ويشفـي جميع أمراضك. يفتدي من الفساد حياتك ويكللّك بالرحـمة والرأفـة. الرب رؤوف رحيم طويل الأنـاة وكثيـر الرحـمة. ليس على الدوام يسخط ولا إلـى الأبـد يحقـد. لا على حسب خطايـانـا عاملنـا ولا على حسب آثامـنا كافأنـا بل بـمقدار إرتفاع السماء عن الأرض عظـمت رحـمته على الذيـن يتّقـونـه. بـمقدار بُعد الـمشرق عن الـمغرب أبعد عنـّا معاصينـا. كرأفـة أب ببنـيه رئف الرب بالذيـن يتّقونـه. لأنـه عالـم بجبلتنـا وذاكرُ أنـّا تُراب”(مزمور 102). وفـى مزمور آخـر يرنـّم قائلاً:”الرب رحيم رؤوف طويل الأنـاة وعظيم الرحـمة. الرب صالح للجميع ومراحـمه على كل صنائعـه”(مزمور8:144-9). ويقول أيضاً:”من رحـمتك يارب قد إمتلأت الأرض”(مزمور64:118)، وأيضاً: “الرب حـنّان وصدّيـق وإلهـنا رحيم”(مزمور5:114)، وأيضاً “الرب بـار فـى كل طرقـه ورحيـم فـى كل أعـمالـه”(مزمور17:144). يكفـى أن نتذكـر كلمات الرب يسوع لنيقوديـموس “لأنه هكذا أحب اللـه العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكى لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية”(يو16:3) ، “أنتم من الله أيها الأبناء وقد غلبتم أولئك لأن الذى فيكم أعظم من الذى فـى العالم”(1يو4:4). صلاة: يا يسوع الحبيب، إمنحني، إذا كان ذلك موافقاً لإرادتك الـمقدسة، وبشفاعة أمي الحبيبة القديسة مريم النعمة التى أطلبهـا بحرارة وهى……….أنـا لستُ أهلاً لرحمتك بسبب خطاياي الكثيرة ولكن أنظر بعين الرضى إلى تضحيات القديسة مريم التى وهبتْ حياتهـا لخدمتِكَ، واستجب لصلواتي التى أرفعهـا إليك بثقة الأطفال وتواضعهم. اكرام: قدم خدمة للقريب حبا”بالله واقتداء بمريم نافذة: اضرمي المحبة في قلوبنا يا ام المحبة الالهية يتلى سر من اسرار الوردية-طلبة العذراء المجيدة – الأحد23 مايو: “هذه هي أمك”- مهمة جديدة لمريم ” وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ».ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ”(يوحنا25:19-27). ان حدث وجود مريم عند الصليب يكشف أيضا مهمة جديدة قد أستدت لها، لقد رأي يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه، ثم قال لمريم:” ، هُوَذَا ابْنُكِ” وقال للتلميذ:” «هُوَذَا أُمُّكَ». ما اجمل من فعل المحبة والمقدّم من الإبن نحو امه القديسة مريم وهو يستعد ليلفظ أنفاسه الأخيرة فلقد كان همّه ليس فقط في نفسه وأيضا لم يكن في حاجة لكي يطلب رحمة من احد اوينتابه اليأس فلا يفكر إلا في حالته، لكنه كان مهتما بمن يحبهم. لقد تواصل أولا مع اللص اليمين واعدا إياه بالفردوس ثم ها هي أمه فسلّمها الي التلميذ الذي كان يحبه وهو يوحنا. على أساس مبدأي وفي تلك اللحظة الثمينة فكلمات يسوع الأخيرة تلك وهو على الصليب وتسليم أمه لعناية تلميذه تعكس حب يسوع وعنايته بأمه. ويسوع قبل موته يفكر كيف ستعيش أمه ومن يستطيع العناية بها بعد موته ومن يا ترى يمكن الوثوق به لتلك المهمة. هناك شيئ آخرمن حيث ان انجيل يوحنا ككل وخاصة سرده لقصة الآلام مملوء بالعديد من الرموز اللاهوتية والإهتمام بإتمام النبؤات فلا يمكن ان تكون تلك الكلمات كانت تعني فقط نقل رغبة يسوع وقلقه بخصوص طلبات مادية واحتياجات بشرية لأمه، لكن كل تفصيل في ذلك الحدث خاصة عند الصليب تشير لخطة الله واكتمالها بطريقة عجيبة فلنأخذ بعين الإعتبار ما يلي: أولا، قبل ان يوجه يسوع لمريم ويوحنا كلماته ذكر الأنجيل كيف ان الجنود نفذوا ليسوع نبؤات قد قيلت عنه واستمر لشرح ذلك كما جاء في نص النجيل بالقول” حتى يتم المكتوب”، لدرجة ان النص قد اقتبس مزمور 18:22 لكي يجعل الترابط واضح:” يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ” كما جاء في يوحنا24:19:” فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ نَشُقُّهُ، بَلْ نَقْتَرِعُ عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ». لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». هذَا فَعَلَهُ الْعَسْكَرُ”. ومثل آخر كما أشار يوحنا29:19:” وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعًا مَمْلُوًّا خَلًا، فَمَلأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ، وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ” وهو مأخوذ مباشرة من مزمور21:69″وَيَجْعَلُونَ فِي طَعَامِي عَلْقَمًا، وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي خَلاُ.”وثالث مثال بعد موت يسوع استمر يوحنا بطريقته ان يشيرالى ان الجنود لم يكسروا قدمي يسوع – وهكذا مات يسوع مثل ذبيحة حمل الفصح حيث لا يكسر عظامه:” وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ”(يوحنا33:19) وبما جاء في سفر الخروج:”فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ يُؤْكَلُ. لاَ تُخْرِجْ مِنَ اللَّحْمِ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى خَارِجٍ، وَعَظْمًا لاَ تَكْسِرُوا مِنْهُ”(الخروج46:12).ثم اقتبس يوحنا الإنجيلي نبؤة من سفر زكريا النبي:”«وَأُفِيضُ عَلَى بَيْتِ دَاوُدَ وَعَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ رُوحَ النِّعْمَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ، الَّذِي طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُونَ عَلَيْهِ كَنَائِحٍ عَلَى وَحِيدٍ لَهُ، وَيَكُونُونَ فِي مَرَارَةٍ عَلَيْهِ كَمَنْ هُوَ فِي مَرَارَةٍ عَلَى بِكْرِهِ.”(زكريا10:12) فكتب قائلا:” وَأَيْضًا يَقُولُ كِتَابٌ آخَرُ: «سَيَنْظُرُونَ إِلَى الَّذِي طَعَنُوهُ»(يوحنا37:19). اقتباس الكثير من النبؤات من خل يشربه وعظام تركت بلا كسر ومطعون بحربة كما جاء في انجيل يوحنا فلم تكن فقط تحمل حقائق تاريخية فكل نقطة مملوءة بمستوى عميق من الرمز زمعنى لاهوتي، وفي وسط كل تلك الأحداث يعلن عن خطة الله وتحقيقها فيقول لمريم:” «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ» مما يعطي دلالة على ان هناك شيئا آخر وليس مجرد تسليم أمه لتلميذ يحبه ولكن يسوع هنا يقدم لنا اعلان لخطة الله الخلاصية. مفتاح جديد لكي نفهم المعنى العميق لإعطاء يسوع أمه لتلميذه وتلميذه لأمه لكي نفحص دور الشخصية الثالثة التي ذكرت في هذا النص. حسب التقليد فالتلميذ المحبوب عُرف بأنه يوحنا الرسول او ما يطلق عليه يوحنا اللاهوتي. وهو ابن زبدي من بيت صيدا في الجليل ولقد دعاه يسوع مع أخيه يعقوب ليكونا من تلاميذه ويبدو أنه كان على جانب من الغنى لان أباه كان يملك عددًا من الخدم المأجورين (مر 1: 20). أما سالومة أمه فقد كانت سيدة فاضلة نقية وكانت شريكة النساء اللواتي اشترين الحنوط الكثير الثمن لتكفين جسد يسوع، وقد اتخذ مهنة الصيد حرفة، لأن عادات اليهود كانت تقضي على أولاد الأشراف أن يتعلموا حرفة ما. وكان يوحنا من تلاميذ المعمدان ومن تلاميذ يسوع الأولين. وكان وأخوه شريكي سمعان في الصيد وكان معروفًا لدى قيافا رئيس الكهنة. وكان وأخوه حادّي الطبع سريعيّ الانفعال والغضب فلقبهما يسوع “بوانرجس” أي “ابني الرعد” أو الغضب. وفي قائمة الرسل يذكر يوحنا دائمًا بين الأربعة الأولين وكان أحد الرسل الثلاثة، الذين اصطفاهم يسوع ليكونوا رفقاءه الخصوصيين، وهم بطرس ويعقوب ويوحنا. فهؤلاء وحدهم سمح لهم أن يعاينوا إقامة ابنة يايرس، والتجلي، وجهاده في جثسيماني. وظل يوحنا أمينًا لسيده، ملازمًا له حتى النهاية وعند الصليب ظل أمينًا، فأخذ من يسوع اجل وديعة، إذ أوصاه بالعناية بأمه وعندما قصد القبر الفارغ في بكور يوم القيامة، كان أول من آمن بقيامة المسيح ولهذا دعي دون غيره بـ”التلميذ الحبيب“. والآن دعونا نأخذ بعين الإعتبار ذلك الدور الرمزي الذي قام به يوحنا في الأنجيل الرابع، فانجيل يوحنا غالبا يستعمل شخصيات مفردة ليمثلوا ويرمزوا لمجموعات كبيرة، فمثلا في الأصحاح الثالث نجد نيقوديموس ككاتب “رجل فريسي” و” معلّم لليهود” والذي جاء ليسوع ليلاً ولم يفهم تعليم يسوع (يوحنا1:3)، فبعض شرّاح الكتاب المقدس رأوا ان نيقوديموس يمثل كثير من الفريسيين وقادة يهود آخرين الذين لم يتفهموا المسيح وتركوه مثل نيقوديموس وظلوا في الظلمة. بالمثل المرأة السامرية في يوحنا 4 والتي وجدت صعوبة في فهم كلمات يسوع وبعدها وببعض من الإيمان مثّلت العديد من السامريين الذين سقطوا من اليهودية ولكنهم سيؤمنوا بالمسيح. بنظرة أكثر قرباً للتلميذ الحبيب إشارة بأن هذا يمثل أكثر من فرد يتبع المسيح، فهو يقف كتلميذ مثالي، فالتلميذ المحبوب هو الشخص القريب من يسوع والذي اتكأ على صدر المعلّم في العشاء الأخير “فَاتَّكَأَ ذَاكَ عَلَى صَدْرِ يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، مَنْ هُوَ؟»(يوحنا23:13)، وهو الرسول الذي ظلّ مع يسوع حتى والمحاكمة والمعاناة وأما الأخرون هربوا أما التلميذ الحبيب هو فقط الذي تبع يسوع في كل الطريق حتى الصليب “فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا”(يوحنا26:19)، والتلميذ الحبيب هو أول من آمن بقيامة المسيح “فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضًا التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلًا إِلَى الْقَبْرِ، وَرَأَى فَآمَنَ”(يوحنا8:20)، وهو أول من حمل شهادة قيامة المسيح الرب”فَقَالَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: «هُوَ الرَّبُّ!»(يوحنا7:21). لذلك بينما التلميذ الحبيب قد عرف من التقليد بيوحنا الرسول، هو أيضا خدم كرمز يمثل كل التلاميذ المؤمنون، فالتلميذ الحبيب يقف عن كل من يتبعون المسيح حتى في وسط المصاعب وعن كل من يؤمن بيسوع ويشهد بأنه الرب، وبمعنى آخر هذا الشخص الحبيب في انجيل يوحنا يمثل كل نلاميذ يسوع المحبوبين. أم كل المسيحيين في آخر عمل قام به يسوع قبل موته هو انه قد سلّم للتلميذ الذي يحبه أمه ولكي يحول علاقته بمريم الي مستوى آخر. بنظرة روحية أعمق ومن حيث ان التلميذ الحبيب يمثل كل التلاميذ المؤمنين. ما اجمل من فعل المحبة والمقدّم من الإبن نحو امه القديسة مريم وهو يستعد ليلفظ أنفاسه الأخيرة فلقد كان همّه ليس فقط في نفسه وأيضا لم يكن في حاجة لكي يطلب رحمة من احد اوينتابه اليأس فلا يفكر إلا في حالته، لكنه كان مهتما بمن يحبهم. لقد تواصل أولا مع اللص اليمين واعدا إياه بالفردوس ثم سلّم امه الحبيبة الي التلميذ الذي كان يحبه يوحنا. ” قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ».ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ».وفي تلك اللحظة الثمينة حولت ام الله عيونها عن يسوع ونظرت بحب نحو يوحنا ابنها الجديد في النعمة، ذلك التلميذ الوحيد الذي ظل مع يسوع طوال فترة معاناته وحتى الموت وأيضا من ظل مع القديسة مريم وهي واقفة عند الصليب واخذ هو أيضا ينظر بحب نحو امه الجديدة في النعمة. ان هذا الفعل للعطاء ليس يعني فقط لمريم ويوحنا ولكنه يعني لنا نحن أيضا جميعا كوصية فنحن مدعوون ان نكون حاضرين ومتواجدين عند الصليب بشخصنا كذلك التلميذ الحبيب الذي يمثل كل المؤمنين وها هو يسوع ينظر الينا جميعا من على الصليب قائلا لنا:” هوذا امك” ووجه امه القديسة لكي تنظر الينا في عطف وحنان وحب لترى فينا ابنها الغالي في شخص كلا منا. ان القديسة مريم هي خواء الجديدة، ام كل الأحياء في حياة النعمة الإلهية. لقد شُبهت مريـم العذراء من العديد من أبـاء الكنيسة وعلماؤهـا بأنهـا “حواء الجديدة”، أو “حواء الثانيـة”، كما أن الـمسيح هو آدم الثاني:”فكما فى آدم يموت الجميع كذلك فى المسيح سيحيا الجميع”(1كورنثوس22:15). وحواء العهد القديم هى أم كل حي كما دعاها آدم (تكوين20:3)، والعذراء هى أم كل مؤمن بإبنهـا يسوع فلقد ولدت المسيح الإله الـمتجسد فصارت به أمـاً لكل الأعضاء المتحدة بجسده:”نحن الكثيرين جسد واحد فى المسيح”5:12). اذا ما رغبنا ان نكون بحق أبناء تلك الملكة العظيمة يجب ان نقبل بحب ان تكون مريم هي امنا الجديدة السماوية. صلاة: “أيها السيد الإله العظيم الرهيب حافظ العهد والرحمة للذين يحبونك ويحفظون وصاياك إنّا خطئنا وأثمنا ونافقنا وتمردنا وزِغنا عن وصاياك وأحكامك. لك أيها السيد العَدل ولنا خزى الوجوه..فإنّا لسنا لأجل برِنا نُلقي تضرعانا أمامك بل لأجل مراحمك الكثيرة.أيها السيد اسمع. ايها السيد أغفر. أيها السيد أصغ واصنع. لاتبطئ. وذلك لأجلك يا إلهي”(دانيال4:9-19). اكرام: امتنع عن التلفظ بالكلام الجارح او البذيء ولا تحلف باسم الله بالباطل نافذة: يا سلطانة الرسل علمينا طريق الخير يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الاثنين 24 مايو: مريم كللت بالمجد وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيْكَلِهِ، وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَزَلْزَلَةٌ وَبَرَدٌ عَظِيمٌ. وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا، وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ. وَظَهَرَتْ آيَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: هُوَذَا تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ. وَذَنَبُهُ يَجُرُّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ فَطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ. وَالتِّنِّينُ وَقَفَ أَمَامَ الْمَرْأَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَلِدَ، حَتَّى يَبْتَلِعَ وَلَدَهَا مَتَى وَلَدَتْ. فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ، وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا. وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ وَلَمْ يَقْوَوْا، فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي السَّمَاءِ. فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ. وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلًا فِي السَّمَاءِ: «الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلًا. وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ. مِنْ أَجْلِ هذَا، افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا. وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ نَزَلَ إِلَيْكُمْ وَبِهِ غَضَبٌ عَظِيمٌ! عَالِمًا أَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلًا». وَلَمَّا رَأَى التِّنِّينُ أَنَّهُ طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، اضْطَهَدَ الْمَرْأَةَ الَّتِي وَلَدَتْ الابْنَ الذَّكَرَ، فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ، مِنْ وَجْهِ الْحَيَّةِ. فَأَلْقَتِ الْحَيَّةُ مِنْ فَمِهَا وَرَاءَ الْمَرْأَةِ مَاءً كَنَهْرٍ لِتَجْعَلَهَا تُحْمَلُ بِالنَّهْرِ. فَأَعَانَتِ الأَرْضُ الْمَرْأَةَ، وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَمَهَا وَابْتَلَعَتِ النَّهْرَ الَّذِي أَلْقَاهُ التِّنِّينُ مِنْ فَمِهِ. فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَعِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ”(رؤيا19:11و1:12-17). لقد رأت الكنيسة الكاثوليكية عبر الأجيال في نص سفر الرؤيا هذا لحظة تكليل مريم العذراء، فمن البشارة حتى الصليب رحلة إيمانها قد أخذتها من خلال العديد من التجارب و الضيقات ولكن في كل وقفة في الطريق قد أثبتت انها خادمة مؤمنة للرب. لقد حفظت كل هذا متفكرة به في قلبها حتى ولو لم تفهم. لقد تعلمت ان توافق حياتها أكثر وأكثر لمهمة إبنها والتي هي من مشيئة الأب السماوي، ولقد فعلت هذا حتى وان خطة الأب قد يسبب لها الألم. كنتيجة لذلك فليست هي فقط ام ليسوع ولكن أيضا تلميذة أمينة بارزة لكل تابعيه حتى الصليب. في سفر الرؤيا تظهر مريم في السماء بمظهر ملكي رائع “ملتحفة بالشمس” وعلى رأسها اكليل من 12 كوكبا او نجماً. ان رحلتها مع الرب قد قاد مريم لنهايتها السعيدة فلقد عبرت عتبة المجد وشاركت ملك ابنها السماوي “كملكة فوق كل الأشياء” كما تعلّم الكنيسة الكاثوليكية. فمثل القديس بولس، مريم يمكنها أن تقول:” قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا”(2تيموثاوس7:4-8). يؤمن الكاثوليك في مريم الملكة – امتياز فريد لتملك مع المسيح على السموات والأرض- لا يجب ان يُرى منفصل من حياتنا، فإن عظمة مريم ليس شيئا يعجب به تماما من بعيد كما لو انه ابتعد عن خبراتنا الشخصية، ولكن بدلا من ذلك مركزها الملوكي يخدم كتذكرة مهمة ان أتباع المسيح قد دعيوا لكي يشاركوا في ملكه فوق الخطيئة والشر. هكذا مريم تقف كما تدعوها الكنيسة “علامة اسكاتولوجية”- علامة تشير للمسيحين للطريق الذي يكشف ما الذي يريده الله لتحقيقه في كل حياتنا. مرة أخرى فمريم تشارك في ملك المسيح ويمكنها ان تقول مع بوليس الرسول ان “اكليل البِر” ينتظر ليس فقط مريم ولكن لكل من يحب المسيح (2تيموثاوس4:8). ولكي نتفهم هذه الوقفة الهامة في رحلة مريم للإيمان يجب ان نراها كثمرة لكل ما عمله الله في حياة مريم. في هذهخ الوقفة سنتطلع للخلف ونأخذ في الإعتبار كيف ان الكتاب المقدس كشف عن مريم كمثال للتلميذ المؤمن من البداية حتى النهاية، وبعدها سنعتبر كيف لتلك المرأة الملكة الغامضة المذكورة في اصحاح 12 من سفر الرؤيا تعكس نورا على مريم وجائزتها:”اكليل البِر”. صلاة: أيها الآب الأزلي، يا من رحمته غير محدودة وكنوز شفقتـه لا تنضب، أنظر إلينـا نظرة عطف،وضاعف فينـا أعمال رحمتِك حتى لا نيأس ولا نضعف أبداً، أمام التجارب الصعبـة،بل إجعلنـا نخضع بثقة متزايدة لإرادتك الـمقدسة. آميـن اكرام :سلم ارادتك دائما ً لله في السراء والضراء فهو أب رحوم نافذة: لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الثلاثاء 25 مايو: سماع كلمة الله والعمل بها نصريحان مما أعلنه يسوع هما يسببان الحيرة بخصوص مريم نجدهما في أثناء خدمته العامة، ففي انجيل لوقا افاد بأنه في احدى المران جاءت مريم لزيارو ابنها وفور سماعه بأن أمه حضرت لتراه أجاب يسوع بطريقة قد يفهمها بعض القراء انه غير مهتم بأن يراها. “وَجَاءَ إِلَيْهِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ لِسَبَبِ الْجَمْعِ. فَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: «أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا، يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ». فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا»(لوقا19:8-21). من الوهلة الأولى لا تظهر تلك على انها طريقة حارة ليستقبل بها أمه وقد يراها البعض انها تنكر يسوع لأمه وأسرته. وفي وقت آخر في مهمة المسيح العلنية جاءت أمرأة لم يفصح عن اسمها معلنة اعترافها بعظمة ومعترفة ومطوبة لأمه:” وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا، رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا»(لوقا27:11)، فكلمات المرأة تسبح مريم في كونها أم ليسوع بالجسد، ودور أمومة مريم هو في الحقيقة جدير بالتسبيح. فمن خلال أمومتها لأبن الله أصبح انسانا متخذا الجسد البشري – جسد ودم مريم. ولكن يبدو يسوع انه غير مرتاح من ان يكون هذا المديح يمكن ان يُفهم على انه مبني فقط على علاقة اسرية طبيعية، ولكن بدلا من ذلك لفت نظر الجميع الي التلميذ الأمين والذي يطيع كلمة الله:” أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ»(لوقا28:11). من نحن حتى يمكن ان نضع تلك العلامات او الملاحظات عن مريم؟ في كلا النصان عندما توجد فرصة لا ندخل أم يسوع في دورها المستحق الإشادة به كأمه ولكن بدلا من هذا يسوع يركّز على من هم يسمعون كلمة الله ويحفظونها -انهم هم الذين يطوبون– «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ»، وهم من سيكونون جزء من اسرة روحية جديدة من التلاميذ “«أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا»(لوقا21:8). في نفس الوقت ان بيان يسوع يجب ان لا يُرى على انه اقصاء مريم من الذين يجب يحسبوا “مباركين” في ملكوت المسيح، ولا أيضا يجب ان ينظر اليه على ان يسوع يبغد نفسه عن أمه، لكن بدلا من ذلك فكلا الحالتان تشير الي نوع جديد من العلاقة بينه ومريم خاصة مع بزوغ خدمة يسوع العلنية. كما شرح البابا يوحنا بولس الثاني ان يسوع يرغب في تحويل الاهتمام من مفهوم الأمومة فقط كرابطة جسدية لكي يوجه الي الروابط السريّة للروح من سماع وحفظ كلمة الله. ويمكننا ان نرى ذلك عندما وُجد يسوع ذو ال 12 عاما في الهيكل وولائه الأعلى ان يعمل إرادة ابيه السماوي والتي اخذت الأولوية فوق العلاقات البشرية والإعتبارات العالمية:” أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟»(لوقا49:2). والآن في خدمته العلنية من إعلان ملكوت الله فإنجاز يسوع لمشيئة أبوه السماوي تضيف بعداً جديدا للعلاقات البشرية، فالكل يجب ان يتمركز في عمل عمل الأب السماوي. ممكن ان تكون مريم قد قالت “نعم” لتكون أماً للمسيّا عند البشارة ولكن الآن في إعلان يسوع عن ملكوت الله – لبقية إسرائيل وشعب الله فهي مدعوة ان تكون جزء من العائلة الروحية من التلاميذ الذين يكونهم يسوع. ان المعياران اللذان وضعهما يسوع لأن يكون الشخص “مباركا” في ملكوته ويكون ضمن عائلته الروحية هو سماع كلمة الله وطاعتها. صلاة: يأمي المحبوبة علميني ان أقول دائما “نعم” لمشيئة الأب السماوي وأن أكرّس كل حياتي من أجل مجد أسمه القدوس كما قدمت أنتِ نفسك بكليتها. آمين. اكرام: تأمل بمريم الحزينة تحت الصليب خاصة في وقت المحن نافذة: يا أم الاحزان عزّي الحزانى يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. الأربعاء 26 مايو – اول تلميذ قال يسوع: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ»، و«أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا»(لوقا21:8). لقد طابقت مريم هاتان المعياران أكثر من أي شخص آخر كما نجده في انجيل لوقا، فهي اول من سمعت كلمة الله وحفظتها ويمكن ان نتصور كما كتب القديس البابا يوحنا بولس الثاني ان مريم هي اول من دعاها الله وأول تلميذه ليسوع حتى قبل ان يبدأ يسوع في دعوة تلاميذه الإثنا عشر قائلا لكل منهم “اتبعني”(يوحنا43:1). عند البشارة تسمع كلمة الله عن طريق الملاك وتجيبه بـ”نعم” ووصفت نفسها بأنها خادمة للرب وبفرح سلّمت نفسها لخطة الله من أجلها:” فليكن لي بحسب قولك”(لوقا38:1). أكثر من هذا استمرت مريم “تسمع” و “تحفظ” كلمة الله من خلال كل حياتها فنحن نرى طاعة مريم لكلمة الله في الزيارة بطريقتان: أولهما تسمع رسالة الملاك عن حبل اليصابات الإعجازي وتؤمن بذلك وتذهب مسرعة لزيارتها (لوقا36:1 و39)، وثانيا سبحت اليصابات مريم خاصة كواحدة “مباركة” لأنها آمنت “فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا45:1). هكذا في انجيل لوقا فلقد عُدت مريم ضمن “المباركين” لأنها سمعت وحفظت كلمة الله. ونحن نرى أيضا طاعة مريم لكلمة الله في تسمية الطفل حسب كلام الملاك (لوقا21:2)، واكثر من هذا فعند ظهور الملائكة للرعاة وحضورهم للمغارة وسردهم لكل ما قيل او أعلن ذُكر “وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا”(لوقا19:2) وعند فقد يسوع في الهيكل ووجوده بين العلماء فلقد جاء:” وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا”(لوقا51:2). لقد استمرت مريم في إيمانها حتى بدء خدمة يسوع العلنية وفي قانا الجليل أمرت الخدام ان يصغوا لكلمة ابنها ويطيعوها “مهما قال لكم فافعلوه”(يوحنا5:2) واحتفظت طوال مسيرة حياتها في طاعة كلمة الله والعمل بها حتى النهاية ووقفت عند صليب ابنها في لحظات موته وفي النهاية ذهبت مع يوحنا الحبيب الى بيته حسب أمر إبنها وأيضا بعد القيامة ذهبت الى الجليل مع باقي الرسل حسب طلب يسوع (متى 16:28) وبقيت مع الرسل فى أورشليم عند حلول الروح القدس فى الخماسين (أعمال 14:1). ان كان من يحفظ الشريعة ووصايا الله قد طُوّب كما جاء فى سفر الأمثال:”الذى يحفظ الشريعة طوبى له”(امثال18:29)،”طوبى لمن يحفظ اقوال الكتاب”(رؤيا7:22)، فكم تكون مريم التى حافظت على تطبيق الشريعة (لوقا22:2و41) وكانت “تحفظ ذلك الكلام كله فى قلبها”(لوقا51:2)؟ صلاة: يا الله ساعديني ان أقدم مشيئتك على رغباتي وميولي وأشواقي ولتك مشيئتك لا مشيئتي. اكرام: شجع الكتب الدينية واقتنيها واقرأها وضعها في متناول ذويك نافذة: من كان للعذراء مكرّماً، لن يدركه الهلاك ابدا يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. ً . الخميس 27 مايو المرأة الملتحفة بالشمس وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا، وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ. وَظَهَرَتْ آيَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: هُوَذَا تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ. وَذَنَبُهُ يَجُرُّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ فَطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ. وَالتِّنِّينُ وَقَفَ أَمَامَ الْمَرْأَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَلِدَ، حَتَّى يَبْتَلِعَ وَلَدَهَا مَتَى وَلَدَتْ. فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ”(رؤيا1:12-5). في تقليد الكنيسة الكاثوليكية المرأة في هذا النص غالبا ما ترتبط بالقديسة مريم ولكن فسّر الكثيرين بأن المرأة ليست الا رمز لأسرائيل او الكنيسة، ولكي يمكن تعريف بدقة هذه المرأة الغامضة يجب ان نأخذ في الإعتبار ثلاث شخصيات رئيسية في ذلك المشهد: المرأة وطفلها الذكر والتنين. المرأة تضع مولودا ذكرا حيث سيهاجم من التنين والإبن الذكر قد رُفع الي الله وجلس على العرش بينما التنين يُهزم ويُطرح الي أسفل(رؤيا1:12-9). اثنان من الثلاث شخصيات من السهل التعرف عليهما، التنين قد عُرف بصراحة في الآية 9 حيث جاء عنه “ فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ”(رؤيا9:12)، والمولود الذكر قد وُصف بأنه” عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ”(رؤيا5:12) – إشارة الي الملك المسياني كما جاء في المزمور” «أَمَّا أَنَا فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي عَلَى صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي». إِنِّي أُخْبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضَاءِ الرَّبِّ: قَالَ لِي: «أَنْتَ ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. اسْأَلْنِي فَأُعْطِيَكَ الأُمَمَ مِيرَاثًا لَكَ، وَأَقَاصِيَ الأَرْضِ مُلْكًا لَكَ. تُحَطِّمُهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ. مِثْلَ إِنَاءِ خَزَّافٍ تُكَسِّرُهُمْ»(مزمو6:2-9).وعلاوة على ذلك من حيث ان المولود الذكر قد رُفع الي الله ويجلس على عرشه فمعظم مفسروا الكتاب المقدس عرفوا هذا الطفل بأنه المسيح. صلاة: يا رب مجدني بالمجد الذي عندك للذين يعظمون أسمك وحسب وعدك الإلهي. آمين. اكرام: اشترك بالأعمال الخيرية في كنيستك حبا ً بمريم نافذة: يا أم النعمة الألهية أفيضي علينا نعم السماء يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الجمعة 28 مايو – امرأة سفر الرؤيـا تعريف “المرأة” ليس واضح ولكي نتعرف على تلك المرأة يجب ان نأخذ في الإعتبار خمس حقائق تعلمناها عنها في سفر الرؤيا اصحاح 12: أولا – المرأة لها اكليل من 12 نجم والذي يذكرنا بال 12 رسول وال 12 سبط في إسرائيل. ثانيا – ان المرأة ولدت طفلها بألم الولادة وهذا يذكرنا بنبؤات إبنة صهيون كما جاءت في العهد القديم، فصهيون هي جبل اورشليم وقد شخّصت كصورة أم تتألم قبل ان تلد طفلا. صورة امرأة صهيون تلد أصبحت رمز قوي كيف ان الشعب اليهودي المؤمن سيعاني من معاناة كثيرة في فترة تقود الى عهد المسيّا:” كَمَا أَنَّ الْحُبْلَى الَّتِي تُقَارِبُ الْوِلاَدَةَ تَتَلَوَّى وَتَصْرُخُ فِي مَخَاضِهَا، هكَذَا كُنَّا قُدَّامَكَ يَا رَبُّ. حَبِلْنَا تَلَوَّيْنَا كَأَنَّنَا وَلَدْنَا رِيحًا. لَمْ نَصْنَعْ خَلاَصًا فِي الأَرْضِ، وَلَمْ يَسْقُطْ سُكَّانُ الْمَسْكُونَةِ. تَحْيَا أَمْوَاتُكَ، تَقُومُ الْجُثَثُ. اسْتَيْقِظُوا، تَرَنَّمُوا يَا سُكَّانَ التُّرَابِ. لأَنَّ طَلَّكَ طَلُّ أَعْشَابٍ، وَالأَرْضُ تُسْقِطُ الأَخْيِلَةَ”(اشعيا17:26-19) و ” أَنْ يَأْخُذَهَا الطَّلْقُ وَلَدَتْ. قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهَا الْمَخَاضُ وَلَدَتْ ذَكَرًا. مَنْ سَمِعَ مِثْلَ هذَا؟ مَنْ رَأَى مِثْلَ هذِهِ؟ هَلْ تَمْخَضُ بِلاَدٌ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، أَوْ تُولَدُ أُمَّةٌ دَفْعَةً وَاحِدَةً؟ فَقَدْ مَخَضَتْ صِهْيَوْنُ، بَلْ وَلَدَتْ بَنِيهَا!(اشعيا7:66-8). وعامة في العهد القديم تسستخدم عبارة ” ابنة صهيون ” مرادفة ” لابنة أورشليم ” ( 2 ملوك 19 : 21 ) ويستخدم إشعياء عبارة ” بنت صهيون ” ست مرات بهذا المعنى ، كما يستخدمها إرميا إحدى عشرة مرة أيضاً ، كما يستخدمها ميخا وصفنيا وزكريا بهذا المعنى أيضاً: “ابتهجي يا بنت صهيون واهتفي يا بنت اورشليم هوذا ملكك يأتيك صديقاً مخلّصـاً وديعاً راكبا على آتان وجحش ابن آتان”(زكريا9:9)، و”ترنـمي وافرحي يا بنت صهيون لأني هآنذا آتـي وأسكن فى وسطك يقول الرب. فأسكن فى وسطك فتعلـمين ان رب الجنود قد ارسلني اليكِ”(زك10:2-11)، و”ترنّمي يا ابنة صهيون، اهتف يا اسرائيل. افرحي وابتهجي بكل قلبك يا ابنة اورشليم قد نزع الرب الأقضية عليكِ..أزل عدوكِ.مَلَك اسرائيل الرب فى وسطكِ”(صفنيا14:3). ثالثا- المرأة تلد المسيّا ذاك الذي “ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ”(رؤيا5:12) ومزمور9:2). رابعا- ابن المرأة يحقق ما قاله الرب في سفر التكوين 15:3 متنبئ ان المرأة سيكون لها نسل وهو الذي سيسحق الشرير. اصحاح 12 من سفر الرؤيا يشبه بطريقة درامية إتمام تلك النبؤة من ان التنين (الشيطان) يطرح الي اسفل الي الأرض مهزوما بينما ابن المرأة الذكر “ وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ”(رؤيا5:12). خامسا- تختبر المرأة الخروج الجديد فبعد إنتصار ابنها على الشرير طارت المرأة الي البريّة حيث عالها الله وأنقذت على أجنحة الملائكة:” وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا” و ” وَلَمَّا رَأَى التِّنِّينُ أَنَّهُ طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، اضْطَهَدَ الْمَرْأَةَ الَّتِي وَلَدَتْ الابْنَ الذَّكَرَ، فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ، مِنْ وَجْهِ الْحَيَّةِ. فَأَلْقَتِ الْحَيَّةُ مِنْ فَمِهَا وَرَاءَ الْمَرْأَةِ مَاءً كَنَهْرٍ لِتَجْعَلَهَا تُحْمَلُ بِالنَّهْرِ. فَأَعَانَتِ الأَرْضُ الْمَرْأَةَ، وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَمَهَا وَابْتَلَعَتِ النَّهْرَ الَّذِي أَلْقَاهُ التِّنِّينُ مِنْ فَمِهِ. فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا”<(رؤيا6:12و 13-16) – صور للتذكرة بقصة الخروج والتي فيها قد أحضر إسرائيل الي البريّة حيث اعال الله الشعب بالمن السماوي (الخروج4:16-5) وحفظت بأجحنحة الملائكة حيث قال الله لهم:” أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِالْمِصْرِيِّينَ. وَأَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ النُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ”(خروج4:19). مع كل تلك الخلفية يمكننا ان نفهم لماذا “المرأة” تُرى كرمز للكنيسة فمثل الكنيسة المرأة في اصحاح 12 من سفر الرؤيا قد تم حمايتها وتم اعالتها من الله والصورة كما جاءت في رؤيا13:12-16 تصف ان الله يحمي شعبه في العهد الجديد. ويمكننا أيضا ان نفدّر التفسير بأن “المرأة” هي رمز لشعب إسرائيل في العهد القديم، وتلك النظرة منطقية عن أمرأة متوجة بأثني عشر نجما والتي تذكرنا بأسباط إسرائيل ال 12، وأيضا تشرح صورة الولادة بألم والتي تذكرنا بنبؤات إبنة صهيون وعن الضيقات التي واجهت شعب الله. هل هناك مكان لنرى مريم العذراء في ذلك المشهد؟ بينما ان “المرأة” قد تظل لها بعض المعنى الرمزي تشير الى إسرائيل او الكنيسة، يجب ان نحتفظ في فكرنا على انها صورة لأم المسيّا وحيث انها ترجع كونها أماً للمسيّا أفلا سيقودنا هذا الي مريم؟. انه يبدو من المستحيل ان المسيحيون الأوائل لم يروا مريم في كل هذا المشهد للمرأة. لقد كتب احد علماء الكتاب المقدس ” انه من غير الممكن ان آباء الكنيسة في نهاية القرن الأول الميلادي قد تكلموا وكتبوا عن أم المسيح وتغافلوا عن مريم العذراء؟” أكثر من هذا حيث ان الشخصيتان الأخريتان الرئيسية في نص سفر الرؤيا قد تم معرفتهما كشخصيتان مفردتان (مولود ذكر= يسوع، والتنين=الشيطان)، فيبدو انه من غير المحتمل ان الشخصية الرئيسية الثالثة “المرأة”، ليست فرد على الإطلاق ولكن فقط رمز لمجموعة جماعية، بل بالأحرى اذا كان الشيطان والمولود يمثلان شخصيتان فالمرأة من المحتمل ان تمثل هي الأخرى فرد أيضا. غلاوة على ذلك، إعطاء فكرة كتابية عن افراد يمثلون مجموعات من الناس (كما بينا في الجزء الخاص “بالتلميذ الحبيب”) فالمرأة في سفر الرؤيا الاصحاح ال 12 يمكن ان تفهم على انها كل من فرد (مريم) وممثلة لشعب الله ككل (إسرائيل و/او الكنيسة). ومريم تصبح بهذا الشخص المناسب يحمل كلا من القديم والجديد لشعب العهد من حيث انها تقف كمعبر ما بين القديم والجديد. اذا ما كانت هناك امرأة واحدة في تاريخ الخلاص من تستطيع ان تمثل احسن تمثيل كلا من وعد وعهد إسرائيل القديم وبداية وعد وعهد جديد لشعب الله فمن المؤكد ان تكون “مريم العذراء أم يسوع”. صلاة: يا الله أعن ضعف إيماني وساعدني أن أقف أمام الوحش والتنين وكل قوات العدو في محاولاتهم لإضعاف ثقتي وإيماني بك وحدك. لقد صلي يسوع من أجل بطرس ليثبت إيمانه فلذا أدعوك ياإلهي أن تقويني وتثبت إيماني. آمين. اكرام: اقصد ان تصلي يوميا ً صلاة خاصة بمريم والتزم بقصدك نافذة: يا باب السماء صلّي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. السبت 29 مايو أمرأة سفر الرؤيا ومريم الواقفة تحت الصليب في انجيل يوحنا الاصحاح ال 19 نرى من منظور بشري ما يحدث عند جبل الجلجلثة: يسوع بيصلب من الرومان بينما أمه والتلميذ المحبوب واقفان عند قدم الصليب. في سفر الرؤيا يعطينا نفس المشهد ولكن من منظور سماوي لكي يمكننا ان نرى بعيون الملائكة ما الذي يحدث في الحقيقة في يوم الجمعة العظيمة: الجلجلثة عرض كوني ما بين الله والشرير والقوة الحقيقية خلف صلب المسيح ليس هي الرومان او قادة اليهود في أورشليم ولكن الشيطان، بينما يوحنا 19 يظهر جنود يصلبون يسوع على الصليب. رؤيا 12 يظهر لنا ان التنين يهاجم بقوة ابن المرأة (رؤيا4:12-5) والأبن ينتصر ويجلس على العرش في السماء بينما الشرير يسحق ويهزم ويلقى لأسفل (رؤيا7:12-9). في وسط تلك المعركة النهائية تقف “المرأة” في كلا المشهدان. يوجد أربع مفاتيح متوازية ما بين طريق تصوير المرأة في رؤيا 12 وطريقة تصوير مريم عند الصليب في يوحنا 19 تم وصفهم ومعا تلك العناصرتلقي الضوء على الرابط ما بين المرأة في سفر الرؤيا ومريم العذراء: “المرأة” تماما كما جاء في سفر الرؤيا 1:12 فهي تمثل صورة يطلق عليها “المرأة” والتي توصف بطريقة على انها اماً للمسيّا 5:12، وهكذا دُعيت مريم في يوحنا25:19-27 بأنها “امرأة” وتقف عن الصليب كأم للملك. 2. “آلام الولادة”: كلا النسوة قد تم تصويرهن في المشهد تتضمن “ابنة صهيون” وموضوع آلم الولادة، وهذا واضح مع امرأة سفر الرؤيا1:12-2، ولكن المشهد عن مريم عند الصليب كما جاء في يوحنا 19 يعطينا صورة تخيليةلآلم الولادة وهو مرتبط بصورة ذاك التشبيه عندما قاله يسوع عند العشاء الأخير في يوحنا20:16-21:” اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ. أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ، وَلكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ. اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ، وَلكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ، لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ.”ْ في ذلك التشبيه “المرأة” عند “ساعتها” تلقي بظلها لمشهد ألم المسيح وموته. هذه الرمزية تقف على خلفية لمنظر مريم عند الصليب-مشهد مشابه يتضمن مريم مدعوة ب “امرأة”(يوحنا26:19) في ساعة آلام المسيح. 3. “هزيمة الشيطان”: كما ان المرأة في سفر الرؤيا 12 تلد مولودا ذكرا والذي ارتفع بإنتصار الي العرش في السماء بينما الشرير قد هزم وألقي “فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ، وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا. وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ وَلَمْ يَقْوَوْا، فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي السَّمَاءِ. فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ.”(رؤيا5:12-9)، هكذا مريم في يوحنا 19 تقف عند الصليب مع ابنها المسيّاني المرأة في سفر الرؤيا 12 هي أم ليس فقط المسيفي “ساعته”- والذى صور انجيل يوحنا كساعة إنتصار عندما يُرفع على الصليب والشرير يطرح لأسفل:” اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ!». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ، وَأُمَجِّدُ أَيْضًا!». فَالْجَمْعُ الَّذِي كَانَ وَاقِفًا وَسَمِعَ، قَالَ: «قَدْ حَدَثَ رَعْدٌ!». وَآخَرُونَ قَالُوا: «قَدْ كَلَّمَهُ مَلاَكٌ!». أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: «لَيْسَ مِنْ أَجْلِي صَارَ هذَا الصَّوْتُ، بَلْ مِنْ أَجْلِكُمْ.اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا”(يوحنا27:12-31). 4. “أمومة ثنائية” رابعا كلا المرأتان تم وصفهما كأم ليسوع وكمن لها علاقة بأمومة خاصة مع كل اتباع ومؤمنوا المسيح. المرأة في سفر الرؤيا 12 هي أماً ليست فقط المسيّا بمفرده (رؤيا5:12)، ولكن أيضا المسيحيين :” فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَعِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ”(رؤيا17:12)، بينما مريم عند الصليب تم تقديمها ليست فقط كأم يسوع ولكن أيضا كأم للتلميذ الحبيب (يوحنا25:19-27)- صورة من يمثل كل التلاميذ المؤمنون (كما ذكرنا في الفصل السابق). كل تلك المتوازيات ما بين المرأة في سفر الرؤيا 12 ومريم في يوحنا 19- “المرأة” آلام الولادة، هزيمة الشيطان، أم المسيح وأم أتباع المسيح- تظهر وحدة في الفكر نحو صورة المرأة في كتابات يوحنا. لذلك اذا ما كانت المرأة في يوحنا 19 تفهم بوضوح ان تكون مريم العذراء فأيضا المرأة في سفر الرؤيا يجب ان ينظر اليها بانها مريم العذراء أيضا. صلاة: يا عذراء العذاري مريم أمي ويا أم الرحمة اننا نريد ان نعترف أمامك بطبيغتنا الشريرة ونريدك ان تقديمها لإبنك يسوع ليطهرنا ويعيد لنا تلك النعمة التي تمتع بها آدم وحواء فيا ممتلئة نعمة املأينا بنعمتك وقودينا نحو السماء حيث نباركك ونمجد اسمك الي الأبد. آمين. اكرام : تعلم صلاة (( السلام عليك يا ملكة يا أم الرحمة )) وعلمها لأهل بيتك , ورددها دائما ً نافذة: يا مريم القديسة، يا شفوقة يا حنونة يا حلوة تضرعي لأجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الاحد 30 مايو – مريم المكللة بالمجد بمجرد ان المرأة في سفر الرؤيا 12 تم التعرف عليها على انها مريم العذراء يمكننا ان نرى كيف ان النص يكشف اين رحلة مريم مع الله في النهاية قادتها: ان تكلل بالمجد في السماء وان تشارك في ملك المسيح طبقا للوعد الذي اعلنه لكل التلاميذ المؤمنون. سفر الرؤيا الاصحاح ال 12 قدّم لنا مريم صورة مريم كملكة عظيمة عاكسا حالتها الملكية الممتازة:” وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا”(رؤيا1:12). هذه الآية تكشف ملك مريم الرائع بثلاثة طرق: أولا، انها ترتدي اكليل يرمز الي مكانتها الملوكية في السماء. ثانيا، المرأة تحت رجليها القمر وهذا أيضا يشير الي ملوكيتها فالكتاب المقدس اذا ما كان شيئا تحت قدمي يعكس قيادة ملوكية ونصر على أعداء الشخص مثال ما جاء:” قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ»(مزمور1:110). ثالثا، ان الصورة الثلاثية السماوية للمرأة ملتحفة بالشمس والقمر تحت رجليها ومتوجة بإكليل من اثنا عشر كوكبا توضح أيضا سلطانها الملكي. صورة مشابهة يمكن ان نجدها في حلم يوسف الصديّق في العهد القديم والذي فيه الشمس والقمر و11 كوكبا سجدوا أمامه رامزا الى السلطة الملوكية والذي ستكون ليوسف الصديق على ابوه وامه (مرموز بالشمس والقمر) وفوق اخوته (يرمز بال 11 نم او كوكب)” ثُمَّ حَلُمَ أَيْضًا حُلْمًا آخَرَ وَقَصَّهُ عَلَى إِخْوَتِهِ، فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ حَلُمْتُ؟ حُلْمًا أَيْضًا، وَإِذَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا سَاجِدَةٌ لِي». وَقَصَّهُ عَلَى أَبِيهِ وَعَلَى إِخْوَتِهِ، فَانْتَهَرَهُ أَبُوهُ وَقَالَ لَهُ: «مَا هذَا الْحُلْمُ الَّذِي حَلُمْتَ؟ هَلْ نَأْتِي أَنَا وَأُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ لِنَسْجُدَ لَكَ إِلَى الأَرْضِ؟»(تكوين9:37-10). وفي سفر الرؤيا اصحاح 12 شبهت مريم العذراء بمثل تلك الصور الثلاثية السمائية وهكذا تظهر سلطتها الملكية متذكر ما جاء عن يوسف الصديق. لذلك ففي هذا الكتاب الأخير من الأنجيل المقدس تظهر مريم في السماء بمنظر ملكي رائع مشتركة في مملكة ابنها المنتصر. هذا ناتج من ايمانها الثابت خلال حياتها -من البشارة الي اجتماعها مع الكنيسة في الصلاة قبل الخماسين وحلول الروح القدس على الرسل. لقد كوفئت بأكليل البِر وشاركت في ملك ابنها، ولكن كما نلاحظ في نهاية هذا الاصحاح حالتها الملوكية لا يجب ان ترى على انها منفصلة عن كل مسيحي مؤمن تبع المسيح في حياته بأمانة. ان ملك مريم لا يعني أن يُعجب به فقط من بعيد، فإيمانها وخدمتها للرب يجب ان يُحتذى به من كل مؤمن فهي أم لنا ومثال لنا. ان العهد الجديد يعلمنا ان كل مسيحي مؤمن بالمسيح سيشترك في ملكه، فلقد قال يسوع لرسله هذا الوعد:” فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ”(متى28:19-30)، وبالمثل وعد تلاميذه الذين سيبقوا معه في تجاربه سيحكمون إسرائيل الجديدة:” أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ»(لوقا28:22-30).والقديس بولس عكس ذلك التعليم مشيرا لتلميذه تيموثاوس قائلا:” صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا”(2تيموثاوس11:2-12). في سفر الرؤيا لن تكون مريم الشخص الوحيد الذي يُعطى له الأكليل، فصور الأكليل ترجع للمشاركة في ملكوت المسيح والذي أعطي لكل القديسين كثواب او جائزة لثباتهم في الإيمان للنهاية من خلال التجارب والضيقات والإضطهادات:” كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ”(رؤيا10:2)، “هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ”(رؤيا11:3)، “وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشًا. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخًا جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ”(رؤيا4:4)، “فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ”(رؤيا2:6) و “ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا سَحَابَةٌ بَيْضَاءُ، وَعَلَى السَّحَابَةِ جَالِسٌ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ”(رؤيا14:14).وحيث ان العهد الجديد قد بيّن لنا ان مريم العذراء هي مثال وأنموذج لتلميذ ليسوع ومن يسمع لكلمة الله ويحفظها ويعمل بها:” فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»(لوقا38:1)، “فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا45:1)، “فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا»(لوقا21:8) و”أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ»(لوقا28:11)، وأيضا لشخص ظلّ امينا طوال حياتها:” هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ(اعمال14:1) وحتى ثابتة معه حتى موته على الصليب (يوحنا25:19-27). ان سفر الرؤيا يعكس تماما ان مجدها الملكي ومشاركتها في ملك المسيح ومتوجة بأكليل على رأسها من اثنا عشر كوكبا هو تحقيق لكل الوعود التي اعلنها السيد المسيح. ومريم العذراء هى أيضاً مثال لشعب العهد الجديد ومُلكه كما جاء عنه:”اما انتم فجيل مختار وكهنوت ملوكي وامة مقدسة وشعب مُقتنى لتخبروا بفضائل الذى دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب. وانتم لم تكونوا حيناً شعباً اما الآن فشعب الله” (1بطرس9:2-10)، “وجعلنا ملوكا وكهنة لله ابيه“(رؤيا6:1)، “وجعلتنا لإلهنا ملكوتاً وكهنة ونحن سنملك على الأرض“(رؤيا10:5)، وايضاً حسب وعد الله فى القديم للشعب”وانتم تكونون لي مملكة احبار وشعباً مقدساً”(خروج6:19). وشعب العهد الجديد هذا هم الذين سيملكون مع السيد المسيح كما جاء “وان صبرنا فسنملك معه“(2تيموثاوس12:2) وهم “يملكون الى دهر الدهور“(رؤيا5:22). مريم العذراء لأنهـا كانت رسولـة وتلميذة كاملة تبعت تعاليـم السيد الـمسيح وعـملت إرادة الآب السماوي فإستحقت أن تدخل ملكوت السماوات (متى21:7) وأن تنال إكليل الحياة (رؤ10:2)، وإكليلاً لا يفنى (1كورنثوس25:9)، وأن تجلس معه على عرشه حسب وعد السيد المسيح للمؤمنيـن”أؤتيـه أن يجلس معي على عرشي” (رؤيا21:3) وتحقيقا لما جاء في مزمور داود يُعظّم الـملك والـملكة القائـمة عن يـمينه “قامت الـملكة عن يـمينك بذهب أوفيـر“(مزمور10:44). ومريم العذراء بعد ان انهت مجرى حياتها على الأرض قد انتقلت الى ملكوت ابنها الحبيب. ومُلك العذراء مريـم يجب أن يُفهم على انـه فـى الحب والخدمـة وليس للدينونـة والحُكم، ومريم أمضت كل حياتهـا فى الأرض فـى تواضع وخدمـة مستـمرة “هـا أنـا آمـة الرب”(لوقا28:1)، ومع يسوع إبنـها وخضوعهـا التام لـه ولرسالتـه حتى الصليب والقيامـة،وحتـى بعد موتهـا واصلت خدمتهـا نحو أبناءهـا لتساعدهـم للوصول للحياة مع الله وذلك عن طريق ظهوراتها وتجلياتها فى الكثير من بلدان العالم وما ترسله من رسائل روحية لحث المؤمنين للرجوع الى الله. مع كل تلك الخلفية يمكننا ان نرى ان مريم قد توجت بالمجد تقف كمذّكر ثابت لنا وعلامة ان الله يريدنا ان نحقق مشيئته في كل حياتنا كما فعلت امنا مريم. إذا ما كنا تلاميذ مؤمنين وأمناء مثل مريم وان كنا ثابتين في طريق حياتنا الإيمانية ونستعمل حياتنا لنخدم خطة الله، نحن أيضا سنشترك في ملك المسيح الإنتصاري. ويجب ان نثق ونؤمن ان ملكتنا السماوية ترشدنا دائما في رحلتنا على الأرض وتتشفع لنا دائما في السماء حتى يمكننا ان نتحد بها وبإبنها وحتى كما قال القديس بولس جاهدنا الجهاد الحسن وأنهينا السباق نتحد بها في سماء ابنها وملكوته وننال اكليل البر والمجد. وكما كانت مريم كإمرأة في رحلة غربتها على الأرض وفي مسيرة إيمانها واجهت الإضطهادات وعدم التأكيد والتجارب والصعوبات لكنها ظلّت قريبة جدا من أبنائها الروحيين وهم مازالوا على الأرض فهي أكثر إلماما بما نعانيه وكأم هي قادرة على توجيهنا وإرشادنا نحو ابنها يسوع فهي ليست ببعيدة عنا فلنلتجئ دائما اليها ملتمسين شفاعتها وصلواتها من أجلنا. صلاة: يا سلطانتي وأميّ، إنّي أقدّم لكِ ذاتي بكلَّيتِها، وإظهاراً لصدق خدمتي لك، أكرّس لك اليوم، نظري وسمعي وفمي وذاتي بكلَّيتِها. وبما أنّي خاصّتك، أيتها الأمّ الحنون، احفظيني وحامي عني كعبد لك وخاصّتك. آمين. يا يسوع ويا مريم ويا مار يوسف أشكركم على كل النِعم التى وهبتموهـا لـي اليوم وأطلب الـمغفرة عن كل جحودي. آمين. اكرام: ضع نفسك في حماية العذراء ولتكن كل ايامك مريمية نافذة: يا سلطانة السماء والأرض تضرعي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. الاثنين 31 مايو –كلماتها الأخيرة – السير مع مريم في حياتنا اليومية ان أوامر مريم للخدام في غُرس قانا الجليل:”مهما قال لكم فافعاوه”(يو5:2)- هي اخر كلماتها المسجلة في الأنجيل المقدس، وهي كأنها آخر رغبة ومقولة لجميعنا لمن يرغب ان يتبع المسيح. من خلال تلك الكلمات تطلب منا مريم ان نثق في يسوع بالكامل كما سلّمت هي نفسها لخطة الله خطوة بخطوة خلال حياتها كخادمة متواضعة للرب. أولا، كلمات مريم للخدام في حفلة العُرس في قانا هي طاعة نموذجية مقدمة من شعب الله يحيون تحت العهد في العهد القديم، فمثلا موضوع عمل “كل ما يقول لك” يظهر ثلاث مرات عندما اسسوا العهد مع “يهوة” على جبل سيناء، فعندما اعلن موسى أولا للشعب مهامهم وواجباتهم كما اعلنها لهم الرب كشعب مختار كانت مجاوبتهم لها هي:” فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ مَعًا وَقَالُوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ»(خروج8:19)، وعندما أسس الله هذا العهد مع إسرائيل في احتفال شفهي في سيناء اعلن موسى بشكل رسمي كلمات الرب للشعب و جمهور الشعب مرة أخرى أجاب مرتان:” فَجَاءَ مُوسَى وَحَدَّثَ الشَّعْبَ بِجَمِيعِ أَقْوَالِ الرَّبِّ وَجَمِيعِ الأَحْكَامِ، فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ وَقَالُوا: «كُلُّ الأَقْوَالِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ نَفْعَلُ»(خروج3:24) و “وَأَخَذَ كِتَابَ الْعَهْدِ وَقَرَأَ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ، فَقَالُوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ وَنَسْمَعُ لَهُ»(خروج7:24). نفس الكلمات قد تم تكرارها في تاريخ شعب إسرائيل عندما جدد الشعب غهدهم في ارض الموعد:” فَقَالَ الشَّعْبُ لِيَشُوعَ: «الرَّبَّ إِلهَنَا نَعْبُدُ وَلِصَوْتِهِ نَسْمَعُ»(يشوع24:24)، وبعد ذلك عندما بدء في إعادة بناء أورشليم بعد السبي في بابل “فَقَالُوا: «نَرُدُّ وَلاَ نَطْلُبُ مِنْهُمْ. هكَذَا نَفْعَلُ كَمَا تَقُولُ»(نحميا 12:5)، وهكذا ففي اللحظات المحورية في تاريخ إسرائيل- العهد في سيناء والدخول الى ارض الميغاد وفي إعادة بناء اورشليم- يُفعل مهما قال الله هو أساس ومرتبط عن فرب بعد الطاعة. هذا يلقي بظل نوره على كلمات مريم قي عُرس قانا، ففي فجر عهد المسيّا وهو نقطة تجول في تاريخ إسرائيل قد بدأ. كما ان المسيّا قريب ان يقوم بأولى عجائبه وبهذا يبدأ رسالته الجهورية العامة نحن هكذا مرة أخرى نواجه بموضوع القول بفعل مهما قال الله. تقول مريم للخدام ” اعملوا كل ما يقوله لكم” وبتلك الكلمات تردد صدى الإعتراف بالإيمان من شعب إسرائيل في جبل سيناء. ان مريم تجسد بطريقة ما شعب إسرائيل في سياق العهد وتقف كممثلة لشعب إسرائيل. يوسف ويسوع ثانيا، كلمات مريم تجدها متوازية وقريبة مع ما فاله يوسف الصديق في سفر التكوين، ففي المجاعة القاسية في مصر وضع فرعون يوسف مسؤولا لتخزين القمح اثناء الحصاد في سنوات الرائعة قبل المجاعة وتوزيعه في حالة نقص الغذاء أيام القحط. عندما لجأ شعب الأرض وصرخوا الى فرعون لتوفير القمح لهم قال لهم فرعون:” «اذْهَبُوا إِلَى يُوسُفَ، وَالَّذِي يَقُولُ لَكُمُ افْعَلُوا»(تكوين55:41)- تعبير تقريبا مشابه لما قالته مريم فيما بعد في قانا. هذا الترابط الأنجيلي ما بين القول افعلوا مهما قال لكم يوسف و والقول افعلوا مهما قال لكم يسوع لهو مهم جداً لأنه هناك عدة متوازيات ما بين يوسف ويسوع في هاتان المشهدان. فكما تغلب يوسف على نقص الغذاء اثناء المجاعة بمخازنخ للحبوب هكذا يسوع تغلب على نقص الخمر في حفل العُرس بتغييره لحجم كبير من الماء الي خمر، وكما قدم يوسف بأنه به روح الله في بدء عمله “فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِعَبِيدِهِ: «هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هذَا رَجُلًا فِيهِ رُوحُ اللهِ؟(تكوين38:41)، هكذا يسوع قد قُدم بأن الروح قد حل ّ عليه قبل بدء خدمته” «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلًا مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ(يوحنا32:1).وكما كان يوسف عمره ثلاثون عاما عندما بدأ في تخزين الحبوب للشعب “وَكَانَ يُوسُفُ ابْنَ ثَلاَثِينَ سَنَةً لَمَّا وَقَفَ قُدَّامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ”(تكوين46:41) هكذا كان يسوع عمره ثلاثين سنة عندما بدأ يوفر الخمر للمدعوين في عُرس قانا”وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً”(لوقا23:3) وكما كانت كلمات فرعون عن يوسف –”افعلوا كل ما يقول لكم”- عندما جاء يوسف ليقف لبدء قيادته في مصر، هكذا كلمات مريم- افعلوا كل ما يأمركم به”- جاء عندما بدأ يسوع خدمته العامة بصنع اول معجزة في مهمته الملوكية. ثقة بلا تردد أخيرا، دعونا نأخذ في الإعتبار كيف ان وصيّة مريم «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ» لها تأثيرات لاحقة على الخدام الهمتهم للثقة في يسوع بطريقة عجيبة. ضع نفسك فقط في مكان الخدام ويسوع يقول لهم ان يأحذوا الستة أجران المستخدمة للتطعير عند اليهود ويملأوها بالماء ويغترفوا ويقدموا للمدعوين في الحفل فتلك الأجزان الحجرية قد تم استخدامهم لتطهير وغسيل اليدان، ولكن من المستغرب ان يسوع يقول للخدام ان يملأوا تلك الأجران بالماء وبعدها يقدموا ذلك الماء الي رئيس المتكأ أي رئيسهم ثم بعدها يقدموه للمدعوين. ان ذلك يحتاج في الحقيقة الى شيئ من الإيمان، فتخيل ماذا كان يفكر الخدام:” املأ تلك الأجران؟ بالماء؟ ثم قم بالتقديم للضيوف؟ كيف سيحل ذلك المشكلة؟. فمن الوجهة البشرية المحضة خطة يسوع ليس لها معنى ولا تُفهم فأولا وفي المقام الأول يسوع يسأل الخدام ان لا يفهموا خطته ولكن فقط يثقوا به. ولقد وثق الخدام في يسوع فأنجيل يوحنا أشار ان الخدام اسنجابوا بإيمان كتلاميذ مؤمنين يتبعون وصايا المسيح مهما كان عجيبة تلك الوصايا كما تظهر لهم. يسوع قد أعطى أمران للخدام، أولا ان قال لهم:” «امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً» وجاء في انجيل يوحنا انهم أطاعوا أمر المسيح وأدوه بالتمام “فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ”(يوحنا7:2). ثانيا،قال لهم يسوع:” «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ»، وانجيل يوحنا ذكر انهم “فَقَدَّمُوا”(يوحنا8:2). لاحظ كيف انجيل يوحنا استمر بطريقته ليقول لنا ان الخدام فعلوا بالتمام كما قيل لهم. في وضوح هؤلاء الخدام اتبعوا نداء مريم «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ» فكانوا تلاميذ مؤمنين اطاعوا لكلمات المسيح. بشكل كبير يقدهم انجيل يوحنا ليس فقط عبيد زلكن كخدام بمعنى تلاميذ. بدلا من استعمال الكلمة اليونانية للعبيد doilois انجيل يوحنا وصق هؤلاء الرجال كخدام diakonois الكلمة اليونانية في انجيل يوحنا ترجع الى التلاميذ الخقيقيين ليسوع. في يوحنا 26:12 مثلا “”إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي (diakonei) فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي diakonos. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ. وهكذا يمكننا ان وصية مريم «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ» لها تأثير قوي؟، فمريم راقبت الخدام لكي يلبوا مثل نموذج لتلاميذ مؤمنون يعطون طاعة فورية ليسوع. ان كلاماتها الأخيرة في قانا تعني تشجيعنا في هذه الأيام فنحن مدعوون ان نكون مشابهين للخدام في ذلك الحفل نثق تماما في الله في حياتنا ونقدم طاعة تامة للمسيح كما فعلوا عؤلاء في الماضي. نحن أيضا يمكن ان لا نفهم دائما عمل يسوع في حياتنا وقد لا نرى بوضوح اين يقودنا الرب لكن علينا فقط بالثقة والإيمان. مع كل تلك الخلفية يمكننا ان نرى كيف ان كلمات مريم «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ» يجب ان تحثنا وتلهمنا لإيمان عجيب ، وفي الحقيقة هذه ليست أمر قانوني يجب ان يطاع او مقولة روحية جذابة ولكنها كلمات واثقة ولدت عن خبرة. طوال حياتها من الناصرة حتى الصليب فمريم عاشت بمثل ذلك الأساس من الثقة والطاعة وهي قد تعلمت ان تسلّم نفسها مهما يكن ما يسأله الله منها وتعلمت أيضا ماذا يعني ان تسير مع الله. بتذكر كيف انها وثقت بدون تردد دعوة الرب عندما ظهر لها الملاك في الناصرة. ان الإيمان البسيط والبدائي قد وُضع تحت الإختبار عدة مرات وكما احتفظت وفكرّت فيما عسى ان يكون فقر ابنها وتواضعه ورفضه عند مولده وكيف انعكست كلمات سمعان الشيخ القاسية عليها من سيف يخترق قلبها، وكيف اختبرت قلة فهمها عن لماذا يسوع قد فقد منها لمدة ثلاثة أيام في الهيكل. بهذا المعنى مريم لم يكن لها بشارة واحدة فقط او مهمة محددة، ففي كل لحظة من حياتها سواء اختبرت فرح، مرافقة، ووضوح او معاناة وظلمة زصليب فمريم قد أعطيت العديد من الفرص لتؤكد أول “نعم” قالتها الى الله في الناصرة. والآن بعد سفرها حتى الآن في رحلة ايمانها، بثقة مقدسة تحثنا القديسة مريم ان نحيا ما قد خُدم كأساس ثابت وقوي في حياتها وما قد اختبرته هي شخصيا الا وهو «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ» فإذا ما اتبعنا خطوات مريم وخبرتها كتلميذة مؤمنة وآمينة للرب سنجد كما وجدت هي نتيجة وجزاء وثمرة التصاقها بالرب من سعادة ومجد وحياة آبدية فالمسيح هذا وعده وهو صادق وآمين وهذا ما ينتظر كل المؤمنين من مجد في السماء. صلاة: نعظّمك يا أم النور الحقيقي ونـمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله لأنك ولدت لنا مـخلّص العالم، أتـى وخلّص نفوسنا،الـمجد لـك يا سيدنـا وملكنا الـمسيح، فخر الرسل إكليل الشهداء، تهليل الصديقين ثبات الكنائس، غفران الخطايا، نبشر بالثالوث الـمقدس، لاهوت واحد نسجد لـه ونـمجده. السلام لك أيتها العذراء الـملكة الحقيقية، السلام لفخر جنسنا، إشفعي فينا أمام المسيح الذى ولدتيه لكى ينعم لنا بغفران خطايانـا. السموات تطوبك أيتها الـممتلئة نعمة، العروس التى بلا زواج، ونحن أيضا نـمجد ميلادك الغيـر مُدرك ياوالدة الإلـه، يا أم الرحمة والخلاص تشفعى من أجل خلاص نفوسنا يا باب الحياة العقلي،يا والدة الإله الـمكرمة خلّصي الذين التجأوا إليك بإيـمان من الشدائد لكى نـمجد ميلادك الطاهر فى كل شيئ من أجل خلاص نفوسنا. انتِ هى سور خلاصنا يا والدة الإله العذراء الحصن الـمـنيع غيـر الـملثم، ابطلي مشورة الـمعاندين، وحزن عبيدك ردّيه إلـى فرح وتشفعى عن سلامة العالم. يا والدة الإلـه إذ قد حوينا الثقة بكِ فلا نخزى-بل نخلص وإذ قد إقتنينا معونتك ووساطتك أيتها الطاهرة الكاملة، فلا نخاف بل نطرد أعداءنا فنبددهم ونتخذ لنا ستر معونتك القويـة فى كل شيئ نظير الترس، ونسأل ونتضرع إليك هاتفين يا والدة الإله لكي تخلصينا بوسائلك وتنهضينا من النوم الـمظلم إلى التمجيد بقوة الإله الـمتجسد منك. أيتها العذراء الطاهرة اسبلي ظلك السريع المعونة على عبدك وأبعدي أمواج الأفكار الرديئة عنى وأنهضي نفسي الـمريضة للصلاة والسهر لأنها استغرقت فى سبات عميق فإنك أم قادرة رحيمة معينة والدة ينبوع الحياة ملكي وإلهي يسوع المسيح رجائـي. هيئـي لى أسباب التوبة أيتها السيدة العذراء فإليك أتضرع وبك أستشفع وإياكِ أدعو أن تساعديني لئلا أخذى، وعند مفارقة نفسي من جسدي إحضري عندى، ولأبواب الجحيم أغلقي لئلا يـبتلعوا نفسي يا عروسة بلا عيب للختن الحقيقي. أنت هى الـممتلئة نعمة يا والدة الإله العذراء نسبحك لأن من قِبل صليب إبنك إنهبط الجحيم، بطُل الـموت، أمواتا كنا فأنهضنا واستحققنا الحياة الأبدية، ونلنا نعيم الفردوس الأول من أجل هذا نـمجد بشكر الغير مائت المسيح إلهنـا. يا والدة الإله أنت الكرمـة الحقيقية الحاملة عنقود الحياة، نسألك أيتها الـمملوءة نعمة مع الرسل من أجل خلاص نفوسنا، مبارك الرب إلهنا، مبارك الرب يوما بيوم يهيئ طريقنا لأنه إله خلاصنـا. ياوالدة الإله أنت هـي باب السماء إفتحي لنـا باب الرحـمة. آميـن. اكرام: ضع نفسك في حماية العذراء ولتكن كل ايامك مريمية نافذة: يا سلطانة السماء والأرض تضرعي لاجلنا يتلى سر من اسرار المجد -طلبة العذراء المجيدة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تاريخ الشهر المريمي |
كيهك الشهر المريمي |
ما هو «الشهر المريمي»؟ |
الشهر المريمى |
الشهر المريمى |