|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"سبعون أُسبوعًا قُضِيت على شعبك، وعلى مدينتك المقدَّسة، لتكْميل المعْصية وتتْميم الخطايا ولكفاَّرة الإثم، وليُؤتى بالبرّ الأبدي ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القُدُّوسين" [24]. حُددت هذه المدة (سبعون أسبوعًا) لتحقيق غرض خاص له ست نتائج، ثلاثة منها سلبية، والثلاثة الأخرى إيجابية، وقد تحققت هذه كلها فعلًا بمجيء السيِّد المسيح: أ. تكميل المعصية، أي إزالتها من أمام عيني الله، وذلك بالكرازة بإنجيل الخلاص والتمتع بعطية الروح القدس التي وهبها الله لكنيسته في استحقاقات الدم الثمين، إذ صارت معصيتنا كأنها غير موجودة أمام الله. كان السبي تأديبًا عن معاصي إسرائيل ويهوذا، لكنه لم يكن قصاصًا عادلًا عنها، وليس للسبي القدرة على محو الخطية وإزالتها، لذا كانت هناك حاجة إلى ذبيحة الصليب، حيث يُقدم السيِّد المسيح نفسه كفارة عن خطايا العالم كله (1 يو 2: 1). ب. تتميم الخطايا، وتترجم "إنهاء". إذ قدم السيِّد المسيح نفسه ذبيحة خطية مرة واحدة عن العالم كله، هذا الذي لا يوجد عيب في نفسه أو في جسده، وضع للخطية نهاية. ج. لكفارة الإثم، وتعني ضمنًا أن الضرورة تقتضي تقديم ذبيحة للمصالحة أو الكفارة. هذه هي النتائج السلبية حيث تُنزع لعنة المعصية والخطايا والإثم، هذه التي حجبتنا عن الله، ودخلت بنا إلى العداوة فصرنا في حاجة إلى مصالحة. الآن يحدثنا عن النتائج الإيجابية الثلاث. د. جلب البرّ الأبدي الذي يجلب سلامًا دائمًا، حيث يأتي به المسيا ويُقدمه هبة إلهية، يُقدم نفسه برًا فنتبرر به. يؤتى إلينا بالبرّ من خارج طبيعتنا، إذ هو عمل الله فينا بالمسيا البار. وإذ يعلق القديس أثناسيوس الرسولي على نبوة دانيال النبي في هذا الأصحاح يقول: [هذا هو السبب لكل نبواتهم، أعني إلى أن يأتي البار الحقيقي، ذاك الذي صار فدية عن خطايا الكل]. وكما يقول القدِّيس بولس الرسول: "المسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبرّ وقداسة" (1 كو 1: 30). إذ نقل مونتجمري الذي تَبَنَّى آراء النقاد الحديثين بعض آراء علماء اليهود في تفسير هذه النبوة ذكر بأن الحاخام موسى هادرشان Haddershan يقول: "البرّ الأبدي هو الملك المسيا". ه. الختم على الرؤيا والنبوة، حيث تتحقق نبوات العهد القديم والرؤى الواردة فيه بمجيء المسيا، والإعلان عن شخصه وعمله الفدائي ومجده الأبدي. لقد تمتع دانيال وغيره من الأنبياء برؤى ونبوات لحساب شعب الله، لكنه يأتي وقت لا تكون هناك حاجة إلى ذلك، حيث يحل كلمة الله نفسه في وسطنا، ويتحدث معنا فمًا لفمٍ. وكما يقول البابا أثناسيوسأنه متى جاء السيِّد المسيح لم تعد هناك حاجة إلى النبوات والرؤى عند اليهود. [لأنه متى توقفت النبوة والرؤيا عن إسرائيل إلاَّ عندما جاء المسيح، قدوس القدِّيسين؟ فإن هذه علامة وبرهان قوي على مجيء كلمة الله أن أورشليم لا تقف بعد، ولا يقوم بعد نبي، ولا تُعلن لهم رؤيا، هذا أمر طبيعي جدًا. لأنه ما قد عُني به قد جاء، فما الحاجة بعد إلى أية إشارة إليه؟ إذ جاء الحق، أية حاجة بعد إلى الظل...؟ هكذا إذ جاء قدوس القدِّيسين بالطبيعة يُختم على الرؤية والنبوة وتنتهي مملكة أورشليم. كان الملوك يُمسحون من بينهم فقط حتى جاء قدوس القدِّيسين الذي مُسح. يتنبأ يعقوب عن مملكة اليهود أنها تتأسس إلى مجيئه، إذ قيل: "لا يزول حاكم (قضيب) من يهوذا، وأمير (مشترع) من بين رجليه حتى يأتي (شيلون)، والذي تتوقعه الأمم" (راجع تك 49: 10). وصرخ المخلص نفسه قائلًا: "الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبأوا" (مت 11: 13؛ لو 16:16). لو أنه وُجد الآن بين اليهود ملك أو نبي أو رؤيا لكانوا حسنًا ينكرون أن المسيح قد جاء]. و. مسح قدوس القدِّيسين، إذ قدَّس ذاته لأجلنا، مقدمًا نفسه رئيس كهنة وذبيحة فريدة وشفيعًا عنا. وكما يقول السيِّد المسيح في صلاته الوداعية: "لأجلهم أُقدس أنا ذاتيّ ليكونوا هم مُقدّسين في الحق" (يو 17: 19). كأن لا غاية له سوى الدخول بكل نفس إلى الأمجاد الأبدية، والتمتع بالميراث السماوي. وفي ترجمة أخرى "مسح قدس الأقداس"، أي مسح المكان الكلي القداسة، أي أقدس موضع في الهيكل. لاحظ القديس جيروم أن الله يقول لدانيال النبي: "شعبك، مدينتك المقدسة" ولم يقل: "شعبي، مدينتي المقدسة"، ذلك لأن الله قد طلَّق شعبه، ورفض مدينته بسبب معاصيهم. هكذا تحدث الله مع موسى النبي حينما كان الشعب مُصرًّا على الخطية. ولعلَّه هنا يُعلن الله لدانيال الذي يُحب شعبه اليهودي ومدينة أورشليم، أنه إذ سيأتي السيِّد المسيح ويحقق الخلاص، لا تقبله خاصته، ولا تؤمن به، فيصير شعبًا مرفوضًا، ومدينة تحت التأديب! |
|