|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَذْكُرُ رَهَبَ وَبَابِلَ عَارِفَتَيَّ. هُوَذَا فَلَسْطِينُ وَصُورُ مَعَ كُوشَ. هَذَا وُلِدَ هُنَاكَ [4]. ذُكرت رهب في المزمور 89: 10؛ إش 51: 9. وهي تشير إلى مصر حيث كانت مرهبة ولها عظمتها، وتعني الكبرياء أو القوة وأحيانًا العنف. بابل: كانت إمبراطورية عظيمة لها سلطانها، غالبًا ما كانت في موقف التنافس مع مصر، وكانت إسرائيل في موقف لا تُحسد عليه بين الدولتين. كوش: كانت تشير إلى أثيوبيا، أو إلى كل المناطق جنوب مصر، وبصفة عامة يُنظر إليها أنها الدول التي في الجنوب. من هو هذا الذي وُلد في هذه الدول؟ يرى البعض أن المرتل يشير إلى كنيسة العهد الجديد التي ضمت الكثيرين من الأمم الوثنية، حيث يُقدم الإيمان كطفلٍ حديث الولادة. يرى الأب أنسيمُس الأورشليمي أن رهب هنا تشير إلى الاتساع (رحب) كما إلى الكبرياء، وبابل تشير إلى البلبلة والارتباك، وكورش إلى النفوس المظلمة، وصور إلى عبادة الأوثان. وكأن الأمم التي كانت تعبد الأوثان متسعة في الخطية ومرتبكة في التعاليم ومتعجرفة ومظلمة، صارت عارفة لله بدخولها في الإيمان الحقيقي، أي صارت أورشليم العقلية الروحية، بل الله عرفهم وحسبهم خاصته. * تعال معي الآن إلى فئة أخرى خلصت بالتوبة. قد تقول امرأة ما: لقد ارتكبت الزنا والدعارة ودنست جسدي بكل أنواع الترف والإفراط، فهل لي خلاص؟ حولي عينيك إلى راحاب، وتطلعي أيضًا إلى الخلاص. إن كانت زانية عامة تزني علنًا خلصت بالتوبة، أفما تخلص بالتوبة والصوم من سقطت في الزنا قبل قبولها النعمة؟! اسألي كيف خلصت؟ إنها فقط قالت: "الرب إلهكم هو الله في السماء من فوق وعلى الأرض من تحت" (يش 2: 1). إنها تقول: "إلهكم" دون أن تجسر لتنسبه لنفسها بسبب حياتها المملوءة ضلالًا. وإن أردت التأكد من خلاصها بشهادة من الكتاب المقدس، فإنك تجد في سفر المزامير: "أذكر راحاب وبابل بين الذين يعرفونني"[10] (مز 87: 4). يا لعظمة حنو الله المترفق، فإن الكتاب المقدس يشير حتى إلى الزانيات. إنه لا يقول: "اذكر راحاب وبابل" فقط بل يكمل "بين الذين يعرفونني"، فالخلاص نبلغه بالتوبة سواء كنا رجالًا أو نساء على قدم المساواة . القديس كيرلس الأورشليمي أفاض القديس جيروم في الحديث عن رهب، التي قي ذهنه تعني راحاب الزانية، الأممية التي خبأت جاسوسي يشوع، وكأنها قد قبلت الإيمان بيسوع (المخلص). وقد أبرز القديس النقاط التالية: أ. أنها أممية إشارة إلى قبول الأمم للإيمان. ب. خبأتهما على السطح، فإيمانها كان ساميًا ومرتفعًا. ج. خبأتهما تحت عيدان الكتان، والكتان الأبيض يشير إلى النقاوة، مع أنها كانت قبلًا زانية. د. ينمو الكتان من التربة السوداء، وبلا جمال، لكن إذ يُسحب من التربة ويُعالج يصير باهرًا ببياضه الناصع. هـ. أوصتهما أن يبقيا ثلاثة أيام ثم ينطلقا، ويرى القديس أن هذه الأيام تشير إلى التمتع بالاستنارة. ز. طلبت منهما ألا يسيرا في السهول بل يصعدا على الجبل (يش 2: 16)، هكذا لا يوضع إيمان الكنيسة في السهول بل يرتفع. ح. اسم "رهب" معناه "متسع" أو "كبرياء"، فقد كانت قبلًا تسلك في الطريق الواسع بكبرياء، المؤدي إلى الهلاك (مت 7: 13). * الآن يتحدث المزمور عن دعوة الأمم "أذكر رهب وبابل بين الذين يعرفونني". ليكن الخاطي في سلام، فإن الرب كان يذكر رهب. أقصد يكون في سلام إن رجع إلى الرب... "أذكر رهب"، أي راحاب الزانية التي خبأت جاسوسي يشوع، هذه التي عاشت في أريحا (يش 2)... راحاب الزانية وحدها استقبلتهما، وخبأتهما لا في الدور الأرضي، بل في مخزن علوي على السطح، أي في سمو إيمانها. * هذه التي كانت قبلًا في الطريق الواسع المؤدي إلى الهلاك صارت بعد ذلك تصعد إلى ذاكرة الله. * أولئك الذين كانوا قبلًا غرباء، الذين كانوا في ضيق، يسكنون في وسط البحر (إذ يُقال أن صور تقع في قلب البحر)، هؤلاء الذين كانوا أولًا في البحر تضربهم الأمواج وُجدوا أخيرًا في الكنيسة. القديس جيروم * معنى "بابل" ارتباك". لا أذكر فقط رهب وإنما أيضًا بابل، أي كل نفس حتى إن كانت مرتبكة بالأخطاء والخطايا. العلامة أوريجينوس |
|