|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"فرؤى رأسي على فراشي هي إنيّ كُنت أرى، فإذا بشجرة في وسط الأرض وطولها عظيم. فكبرت الشجرة وقويت، فبلغ علوها إلى السماء، ومنظرها إلى أقصى كل الأرض. أوراقها جميلة، وثمرها كثير، وفيها طعام للجميع، وتحتها استظل حيوان البر، وفي أغصانها سكنت طيور السماء، وطعم منها كُلِ البشر. كُنتُ أرى في رؤى رأسي على فراشي، وإذا بساهرٍ وقدوس نزل من السماء، فصرخ بشدة وقال هكذا: اقطعوا الشجرة، واقضبوا أغصانها، وانثروا أوراقها، وابذروا ثمرها، ليهرب الحيوان من تحتها، والطيور من أغصانها. ولكن اتركوا ساق أصلها في الأرض، وبقيد من حديد ونُحاس في عشب الحقل، وليبتل بندى السماء، وليكن نصيبهُ مع الحيوان في عشب الحقل. ليتغير قلبه عن الإنسانية وليُعطَ قلب حيوانٍ، ولتمضِ عليه سبعة أزمنةٍ [10-16]. كان نبوخذنصَّر مُحبًا لأشجار لبنان، يذهب ليتمتع بها، ويُحضر منها الأخشاب للبناء، لذا شبهه الله بالشجرة الضخمة التي يُعجب بها. غالبًا ما يُشير الأنبياء إلى العظماء والرؤساء بأشجار، كما جاء في (حز 17: 5-7؛ 31: 3الخ.، إر 22: 15؛ مز 1: 3؛ 38: 35). ويذكر المؤرخ هيرودوت (هيرودوت 7: 19) Herodotus أن أحشويرش رأى حلمًا أنه تُوج بشجرة زيتون ملأت أغصانها الأرض كلها لكن ذبل التاج من على رأسه، فأدرك أن حكمه ينتهي حتمًا. يُريد الله من أصحاب السلاطين والعظماء كل القيادات، كما من الممالك، أن يكونوا كالأشجار التي يجد الكل فيها غذاءهم وراحتهم وأمانهم، لكن البشر والممالك أساءوا استخدام السلطة، فحولوها من الخدمة إلى التشامخ مع الاستغلال. لهذا كان لا بُد من اقتلاع هذه الأشجار لتغرس شجرة الصليب التي تبلغ بالحب والسلام الفائق والفرح الداخلي إلى كل قلب. في هذا الأصحاح يُحذر الله الملك نبوخذنصَّر مُعلنًا له في حلم أنه يسقط تحت التأديب القاسي بسبب عجرفته. وفي هذا التحذير نتلمس حنان الله في معاملاته مع الإنسان، حتى الملك الوثني المُتعجرف. فمن جانب يكشف له ما سيحل به من تأديب لعله يرجع عن شره فيُعفى منه، وأعطاه مُهلة لمدة عام كامل لمراجعة نفسه، لكنه عوض التوبة تشامخ. ومن جانب آخر حتى في الإنذار شبهه بشجرة نافعة تُقدم ظلًا لحيوانات البرية، وطعامًا للإنسان والحيوان، ومأوى لطيور السماء، كما تتسم الشجرة بالجمال. * يرتفع مثل هؤلاء الناس، لا بعظمة فضائلهم، بل بكبريائهم، لهذا يُقطعون ويهلكون. القديس جيروم |
|