|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مشابهة مريم لإبنها يسوع عندما نتأمل في مريم العذراء القديسة في ميلادها وحياتها وموتها ومجدها السماوي يمكننا ان نجد تشابه ما بينها وبين يسوع تجعلنا نتعجب. فالقديسة مريم كانت في اتحاد مع ابنها بإعلان سماوي ابدي«اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ”، هكذا تقول الحكمة الأزلية عن نفسها في الكتاب المقدس: مُنْذُ الأَزَلِ مُسِحْتُ، مُنْذُ الْبَدْءِ، مُنْذُ أَوَائِلِ الأَرْضِ.“ مَّا ثَبَّتَ السَّمَاوَاتِ كُنْتُ هُنَاكَ أَنَا”(امثال22:8-23 و27-28). ان هذه الآيات تتكلم بالطبع عن يسوع ولكن يمكن كما يقول احد الآباء تطبيقها على أم يسوع. كم من الوعود والنبؤات والرموز والشخصيات التي جاءت في العهد القديم تشير للعذراء التي منها سيأتي يسوع المخلّص. ان يسوع كان بلا خطيئة ولهذا فلقد وهب أمه نعمة التحرر من الخطيئة الأصلية فلا يعقل ان القدوس يسكن في رحم غير مقدس. ان كلمة الله عندما كان في رحم البتول لمدة تسعة أشهر وعند طفولته غذّته العذراء من دمها ولبنها. وفي أثناء حياة يسوع الغير علنية عاش معها لمدة ثلاثون عاما في نفس البيت ونفس الحالات ونفس نمط الحياة ونفس التردد على المجمع للصلاة ونفس الزيارات لأورشليم في عيد الفصح والمصاحبة في الصلاة العائلية. وعند بدء خدمة يسوع العلنية شاركت مريم ابنها في معاناته من الرفض والتشكيك. لقد صاحبت مريم يسوع في رحلته المسيانية حتى اقدام الصليب وما بعد القيامة فتشارك جماعة الرسل والكنيسة الأولى في الصلاة والرعاية. لقد جعل يسوع امه مريم تصاحبه في رحلته منذ التجسد حتى القيامة وحلول الروح القدس. لقد طابقت مريم معياران هامان، فهي اول من سمعت كلمة الله وحفظتها، وكما كتب القديس البابا يوحنا بولس الثاني قائلا:” ان مريم هي اول من دعاها الله وأول تلميذه ليسوع حتى قبل ان يبدأ يسوع في دعوة تلاميذه الإثنا عشر قائلا لكل منهم “اتبعني”(يوحنا43:1). عند البشارة تسمع كلمة الله عن طريق الملاك وتجيبه ب”نعم” ووصفت نفسها بأنها خادمة للرب وبفرح سلّمت نفسها لخطة الله من أجلها:” فليكن لي بحسب قولك”(لوقا38:1). أكثر من هذا استمرت مريم “تسمع” و “تحفظ” كلمة الله من خلال كل حياتها فنحن نرى طاعة مريم لكلمة الله في الزيارة بطريقتان: أولهما تسمع رسالة الملاك عن حبل اليصابات الإعجازي وتؤمن بذلك وتذهب مسرعة لزيارتها (لوقا36:1 و39)، وثانيا سبحت اليصابات مريم خاصة كواحدة “مباركة” لأنها آمنت “فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا45:1). هكذا في انجيل لوقا فلقد عُدت مريم ضمن “المباركين” لأنها سمعت وحفظت كلمة الله. ونحن نرى أيضا طاعة مريم لكلمة الله في تسمية الطفل حسب كلام الملاك (لوقا21:2)، واكثر من هذا فعند ظهور الملائكة للرعاة وحضورهم للمغارة وسردهم لكل ما قيل او أعلن ذُكر “وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا”(لوقا19:2) وعند فقد يسوع في الهيكل ووجوده بين العلماء فلقد جاء:” وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا”(لوقا51:2). لقد استمرت مريم في إيمانها حتى بدء خدمة يسوع العلنية وفي قانا الجليل أمرت الخدام ان يصغوا لكلمة ابنها ويطيعوها “مهما قال لكم فأفعلوه” (يوحنا5:2) واحتفظت طوال مسيرة حياتها في طاعة كلمة الله والعمل بها حتى النهاية ووقفت عند صليب ابنها في لحظات موته وفي النهاية ذهبت مع يوحنا الحبيب الى بيته حسب أمر إبنها وأيضا بعد القيامة ذهبت الى الجليل مع باقي الرسل حسب طلب يسوع (متى 16:28) وبقيت مع الرسل فى أورشليم عند حلول الروح القدس فى الخماسين (أعمال 14:1). ان كان من يحفظ الشريعة ووصايا الله قد طُوّب كما جاء فى سفر الأمثال: “الذي يحفظ الشريعة طوبى له”(امثال18:29)،”طوبى لمن يحفظ اقوال الكتاب”(رؤيا7:22)، فكم تكون مريم التى حافظت على تطبيق الشريعة (لوقا22:2و41) وكانت “تحفظ ذلك الكلام كله فى قلبها”(لوقا51:2)؟ لقد شابهت مريم ابنها في تنفيذ مشيئة الأب السماوي فاستحقت التطويب والمجد المعد لكل من يؤمن ويتمم مشيئة الله. ان العهد الجديد يعلمنا ان كل مسيحي مؤمن بالمسيح سيشترك في ملكه، فلقد قال يسوع لرسله هذا الوعد:” فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ”(متى28:19-30)، وبالمثل وعد تلاميذه الذين سيبقوا معه في تجاربه سيحكمون إسرائيل الجديدة:” أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ»(لوقا28:22-30).والقديس بولس عكس ذلك التعليم مشيرا لتلميذه تيموثاوس قائلا:” صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا”(2تيموثاوس11:2-12). وحيث ان العهد الجديد قد بيّن لنا ان مريم العذراء هي مثال وأنموذج لتلميذ ليسوع ومن يسمع لكلمة الله ويحفظها ويعمل بها،وأيضا لشخص ظلّ امينا طوال حياتها وحتى ثابتة معه حتى موته على الصليب وجاء سفر الرؤيا يعكس تماما ان مجدها الملكي ومشاركتها في ملك المسيح ومتوجة بأكليل على رأسها من اثنا عشر كوكبا :” وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا”(رؤيا1:12)، هو تحقيق لكل الوعود التي اعلنها السيد المسيح. صلاة: اشكرك أيها الرب يسوع لأنك وهبتنا أما هذا هو مجدها وكرامتها ان تكون مشابهة لك في تنفيذ مشيئة السماء فأجعلنا يارب نستحق ان نكون أبناء لها واخوة لك. آمين. نافذة: يا مريم أمي وسلطانتي قوديني لإبنك يسوع.ِ يتلى بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة. |
|