|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طريقة الدخول من الباب: "مَن لا يَدخُلُ حَظيرَةَ الخِراف مِنَ الباب بل يَتَسَلَّقُ إِلَيها مِن مَكانٍ آخَر فهُو لِصٌّ سارِق". (يوحنا 10: 1). في الشرق عادة الرعاة أن يجمعوا في المساء قطعانهم في حَظيرَةَ واحدة إمَّا داخل كهف أو مغارة أو سقيفة أو مكان مفتوح تحوطه أسوار من حجارة أو أغصان اشحر. يحرسها بوّاب واحد كما ورد في إنجيل لوقا " وكانَ في تِلكَ النَّاحِيَةِ رُعاةٌ يَبيتونَ في البَرِّيَّة، يَتناوَبونَ السَّهَرَ في اللَّيلِ على رَعِيَّتِهم"(لوقا 2: 8). لا يستطيع اللِصّوص أن يقتحموها إلاّ إذ تسلّقوا جدرانها. وفي الصّباح يعود الرعاة كعادتهم إلى الحَظيرَةَ فيفتح البّاب لهم الباب دون تردد. يميّز هذا المَثل بين طريقين في التصرّف: الراعي الذي يدخل بطريقة طبيعية من الباب، وأمَّا اللِصُّ فلا يدخل علانية؛ ولا يدخل من الباب، يتصرف بطريقة تعسفية مسيطرة لمنفعتهم الشخصية. يريد سرقة الخِراف وإلحاق الضرر بهم، ومثله الغريب لا يهمّه أمرهم، والأجير الذي يهتم بأجرته ويهرب أمام الخطر، ويعلق القديس أوغسطينوس "الراعي يُحب، والأجير يُحتمل، واللِصُّ يُحذر منه". ومن هم هؤلاء اللِصّ وص؟ "جَميعُ الَّذينَ جاؤوا قَبْلي لِصّ وصٌ سارِقون "يقول السيد المسيح. لا يدور الكلام على أنبياء العهد القديم، بل على الذين كانوا يدّعون معرفة الأمور الدينية والخلاص للبشر بوسائلهم الشخصية فقادوا الناس إلى الهلاك والدمار. فهؤلاء اللِصّ وص هم الفريسيون الذين اغتصبوا لأنفسهم حق مراكز القيادة وهم أيضا كهنة اليهود الذين حجبوا تعليم الله وأبدلوا وصايا الله بتقاليد الناس. فهم دجّالون وذئاب في ثياب حملان، هم غرباء وأُجراء ومسحاء كذبة، وكل من على شاكلتهم. ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم " لم يتكلم يسوع عن الأنبياء، فإنه إذ آمن كثيرون بالمسيح سمعوا للأنبياء واقتنعوا بهم. وكان المسيح هو رجاءهم وهم تنبأوا عن المسيح. والمسيح هو الذي أرسلهم وتكلموا باسمه. إنما يتحدث هنا عن ثودس ويهوذا (أعمال الرسل 5: 36-37) وغيرهما من مثيري الفتنة". فاللِصّ وص والسَّارِقون هم الذئاب الخاطفة يأتون من الخارج (متى 7: 16)، أمّا الأنبياء الكذبة والمسحاء الدجالون فهم الذئاب المقنعة في ثوب النعاج الذين يأتون من الداخل كما جاء في تعليم يسوع المسيح " والأَنبِياءَ الكَذَّابين، فإِنَّهم يَأتونَكُم في لِباسِ الخِراف" (متّى 7: 15). فهناك الأنبياء الكذبة والمعلمون الفاسدون، وهناك أيضاً الأنبياء الصّادقون والمعلمون الصّالحون. ونستطيع ان نميزهم بعضهم عن بعض من صفاتهم كما قال الرب يسوع المسيح "من ثِمارِهم تَعرِفونَهم" (متى 7: 16). لذا يسوع يُعرّف نفسه " بابُ الخِراف"، أي "باب السماء" (تكوين 28: 17)، وهو الباب المؤدي إلى ملكوت الله، باب دخول وخروج. الدخول إلى الحَظيرَةَ والخروج إلى المَرْعًى، باب نحصل بتجسده على الدخول إلى حضرة الآب واكتشاف المواهب السماوية والحصول عليها، وباب نخرج من خلاله إلى العالم من اجل الخدمة والحرية والحَياةُ والوحدة. يسوع هو الباب الذي به تدخل الخِراف فتصل إلى الله، (يوحنا 10: 7) فهو الطريق الوحيد إلى ملكوت الله. ويعلن يسوع انه قد نال خِرافه من الآب، وهو يحفظها، يسوع هو الباب الذي تدخل الخِراف فتصل إلى لله، الباب المفتوح يأذن بالمرور، بالدخول والخروج، ويتيح حرية الحركة، إنه يرحّب بالجميع على مثال أيوب البار "إِنَّه لم يَبِتْ غَريبٌ في الخارِج بل كُنتُ أَفتَحُ بابي لابنِ السَّبيل " (أيوب 31: 32)، ويعطي فرصة للجميع (1 قورنتس 16: 9). وبما أنَّ يسوع هو الباب المفتوح، فعذا يعني أن بوسع الإنسان أن يعبر من حياة العبودية وحياة الانغلاق داخل الأنانية، إلى حياة حقيقية وأبدية. وانَّ هذا الباب قد فتح وقت قيامة المسيح، فأصبح الفصح بابا للعبور من الموت إلى الحياة. لكن يسوع هو أيضا الباب المغلق الذي يمنع مرور الشر، إنه يحمي ويضمن الأمان (يوحنا 20: 19)، أو يُعبر عن رفض كما هو الحال في مثل العذارى "بينَما هُنَّ ذاهِباتٍ لِيَشتَرينَ، وَصَلَ العَريس، فدخَلَت مَعَه المُستَعِدَّاتُ إِلى رَدهَةِ العُرْس وأُغلِقَ الباب" (متى 25: 10). وفي اعتماد يسوع انفتحت السماء، وصار بذاته باب السماء الحقيقي، النازل على الأرض (يوحنا 1: 51)، الباب الذي يقود إلى مراعي الخيرات الإلهية (يوحنا 10: 9)، وبالتالي فقد أصبح الوسيط الوحيد الذي عن طريقه يقدم الله ذاته للناس، وبه يجد الناس سبيلهم إلى الآب كما جاء في تعليم يولس الرسول "لأَنَّ لَنا بِه جَميعًا سَبيلاً إلى الآبِ في رُوحٍ واحِد"(أفسس2: 18). وحدَّد يسوع بعض المتطلبات لدخوله: الاهتداء "فالباب الضيق" لا يؤتى إلا عن طريق التوبة كما جاء في تعليم السيد المسيح "أُدخُلوا مِنَ البابِ الضَّيِّق" (متى 7: 13)، و"باب الإيمان" (أعمال 14: 27) كما صرّح بولس الرسول " وبِه نَجرُؤُ، إِذا آمنَّا به، على التَّقرُّبِ إلى اللهِ مُطمَئِنِّين" (أفسس 3: 12). ويسوع المسيح هو ليس فقط الباب بل أيضا الراعي الصّالح (يوحنا 10: 11) ويعلق القديس أوغسطينوس "المسيح في الرأس هو الباب، وفي الجسد هو الراعي". والراعي الصّالح يبذل حياته مجاناّ عن الذين أوكلوا إلى عنايته، كما جاء في حزقيال النبي (34: 23)، ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم "عندما يحضرنا إلى الآب يدعو نفسه "بابًا"، وعندما يرعانا يدعو نفسه "راعيًا "؛ فهو يرعى الخِراف من اجل محبته والتزامه، يبذل نفسه عن الخِراف (يوحنا 10: 11-13)، ويُخرج خِرافه إلى المراعي الخصبة، حيث أنه يقود اتباعه إلى السعادة والفرح الحقيقي والغذاء الحقيقي. نستنتج مما سبق أنَّ هناك اللِصُّ السَّارِق هو الذي لم يدخل على وظيفته الرعائية من باب المسيح، بل "َتَسَلَّقُ إِلَيها مِن مَكانٍ آخَر " (يوحنا 10: 1). أمّا الراعي الحقيقي كما وصفه قال أحد اللاهوتيين: "إن الراعي الحقيقي بين البشر هو الذي يتقلّد هذه الوظيفة حباً للمسيح، ويقصد تمجيد المسيح، ويعمل عمله بقوة المسيح، ويعلّم تعليم المسيح، ويسلك في خطوات المسيح، ويسعى ليأتي بالنفوس إلى المسيح". |
|