|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من ضمن الظواهر الغريبة في الشارع المصري، حين يقوم قائد سيارة بإيقافها في وسط الطريق لأي سبب (مستني المدام - بيسلم على صاحبه)، ومع ذلك لا يُعطي المساحة اللازمة لأي سيارة آتية من خلفه أن تسير بجواره وتعبر الطريق، وحين تُظهر أنت أي امتعاض من هذه ”الرَكنة“ الغريبة، يُجيبك بكل سلام نفسي: تعال ... هاتجيبك. والعجيب أن هذا الشخص ”الراكِن“ في وسط الشارع، لا يُكلِّف نفسه أن يتحرك بعض السنتيمترات، لكي ”يوسِّع“ المساحة للسيارة الآتية من خلفه. لكنه يكتفي فقط بإعطاء النصائح لقائدها (يمين شوية - اعدل الدريكسيون - أيوه كده - طيب أنزل وأنا هاعديك)، مع أن الحل الأبسط معه هو وليس مع قائد السيارة الأخرى. والأكثر من هذا، أن هذا السائق المستبيح للشارع، لا يعرف ظروف السيارة القادمة من الخلف؛ ربما تخص أحد ذوي الهِمم محدود التحكم في القيادة، أو ربما تكون سيارة تعليم قيادة ولا يستطيع المتدرب أن يجتاز بها وسط الطريق المزدحم الضيق، أو ربما تكون سيارة كبيرة الحجم لا يمكن أن تعبر من المساحة المتاحة الضيقة. لكن صاحب السيارة الذي ركن في وسط الطريق لا يهمه كل هذا، ويكتفي بهذا التعبير: تعال يا بيه ... متخافش هاتجيبك. وهنا تبادر لذهني عدة ملاحظات روحية، أشاركك - عزيزي القارئ - بمُلخصها. الحدود الخارجية أول فكرة جالت في ذهني، هي عدم احترام هذا السائق لحدود الناس الآخرين؛ فظن أن الشارع ملكه وحده، وأنه الآمر الناهي فيه. وهو ما يرتبط بشكل كبير بنقص في فهم موضوع الحدود، والذي يحدِّد المطلوب مني والمطلوب من غيري. خاصةً أننا نعيش في هذه الأيام الأخيرة موجة غريبة من فساد العلاقات الإنسانية؛ فالأخ يقاطع أخيه بسبب خلاف على الميراث، والصديق يخون صديقه بسبب تنازع على فرصة، والابنة تشتكي أمها بسبب فهم خاطئ لكلمة، والابن يرفع قضية على أبيه بسبب فتنة من شخص خبيث. واندثرت كلمات الوفاء والإخلاص والعطاء في أغلب العلاقات بين البشر. ونحن نحتاج أن نسمع ونقرأ كثيرًا في موضوع الحدود الخارجية في العلاقات، والذي يقينا الكثير من المشاكل، ويخمد المصائب من بدايتها، و”يفلتر“ العلاقات الصحيحة من العلاقات المدمرة Toxic، مع أن كثير من هذه العلاقات يصعب التخلص منها؛ لأنهم قد يكونوا أقرب الناس إلينا!! والحقيقة أن موضوع الحدود الخارجية في العلاقات له مرجعية كتابية، فمثلاً أبونا إبراهيم وضع حدودًا مع ابن أخيه لوط، قبل أن تتحول المخاصمة التي جرت بين رعاتهما إلى مخاصمة بينهما هما شخصيًا. فقال إبراهيم (الأكبر مقامًا وسنًا): «لاَ تَكُنْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ رُعَاتِي وَرُعَاتِكَ، لأَنَّنَا نَحْنُ أَخَوَانِ. أَلَيْسَتْ كُلُّ الأَرْضِ أَمَامَكَ؟ اعْتَزِلْ عَنِّي. إِنْ ذَهَبْتَ شِمَالاً فَأَنَا يَمِينًا، وَإِنْ يَمِينًا فَأَنَا شِمَالاً» (تكوين١٣: ٨، ٩). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الزواج هو قمة العلاقات الإنسانية والرسمية |
إن كنا نعيش هذه الأيام الأخيرة حيث تندر الجماعات الأمينة للرب |
أننا نعيش في الأيام الأخيرة |
العلاقات الإنسانية |
العلاقات الإنسانية |