|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يُشْرِفُ عَلَى كُلِّ مُتَعَالٍ. هُوَ مَلِكٌ عَلَى كُلِّ بَنِي الْكِبْرِيَاءِ [34]. يختم وصفه بأنه في تشامخ يتطلع إلى كل الحيوانات الشرسة والعنيفة المتعالية أنها أقل منه، فهو يشرف عليها كملكٍ صاحب سلطان، ليس من حيوان يقدر أن يقاومه. الكل يخضع له، وهو لا يخضع لأحدٍ. يُدعى الأسد ملك الغابة أو ملك الحيوانات، إنه أحد أبناء الكبرياء، حيث يتشامخ بقدرته وإمكانياته. لكن أمام الحيوان المذكور هنا يفقد الأسد لقبه. * إنه يتطلع إلى أسفل كمن هو فوق الكل، الذين هم تحته. في صراعه ضد خالقه يستخف بأن يُحسب أحد مثله... في هذا حسنًا قيل بالنبي: "ويل للحكماء في أعين أنفسهم، والفهماء عند ذواتهم" (إش 5: 21). هكذا يقول بولس: "لا تكونوا حكماء عند أنفسكم" (رو 12: 16). * "هو ملك على كل بني الكبرياء" . لوياثان هذا لكي يسقط في كل الأمور السابق ذكرها، ضرب نفسه بالكبرياء... لقد هاجم مسحة خلودنا بذات السلاح، وذلك كما حطم حياته المطوّبة. لكن الله قدم هذا في نهاية حديثه، إذ بإشارته لكبرياء لوياثان هذا بعد ذكر كل شروره يشير إلى أنها أشر الخطايا جميعها... الإنسان الذي يتشامخ بلا خجل في ذهنه، يحل به الدمار سريعًا. مكتوب: "قبل الكسر الكبرياء" (أم 16: 18). البابا غريغوريوس (الكبير) * لقد سقطنا تحت سلطان أعدائنا - أي "مَلِكُ هذا الدهر” وأعوانه من قوَى الشر. نتيجة لهذا نشأت حاجتنا إلى الفداء بواسطة ذلك الذي يشترينا حتى نعود من حالة التغرب عنه. لذلك بذل مخلصنا دمه فدية عنا.... وإذ أن "مغفرة الخطايا”، وهي تتبع الفداء تصبح مستحيلة قبل أن يتحرر الإنسان، فلا بد لنا أولًا أن نتحرر من سلطان ذلك الذي أخذنا أسرى واحتفظ بنا تحت سيطرته، وأن نتحرر بعيدا عن متناول يده، حتى نتمكن من أن نحظى بغفران خطايانا وبالبُرْء من جراحات الخطية، حتى ننجز أعمال التقوى وغيرها من الفضائل.*والحق؛ أما إذا فضَّلنا الشهوة عن الله فتملُك الخطيَّة علينا، حيث يقول الرسول: "إذًا لا تملُكنَّ الخطيَّة في جسدكم المائت" (رو 6: 12). إذن ملِكان يبادران لكي يملُكا، تملُك الخطيَّة أو الشيطان على الأشرار، ويملُك العدل أو المسيح على الأبرار. إذ كان إبليس يعلم أن المسيح جاء ليغتصب ملكوته، ويُخضع لقوته وسلطانه أولئك الذي كانوا قبلًا خاضعين للمخادع، "أراه جميع ممالك المسكونة" وكل سكان العالم، أراه كيف يملك على الواحد بالشهوة، وعلى الآخر بالبُخل، وثالث بحب المجد الباطل، ويأسِر آخرين خلال جاذبيَّة الجمال... وكأن الشيطان يقول له: أتريد أن تملك على كل الخليقة؟! وأراه الجموع غير المحصية التي تخضع له، والحق يُقال لو قبلنا أن نعرف في بساطة بؤسنا ونُدرك مصيبتنا لوجدنا الشيطان يملك في معظم العالم، لذلك يسمِّيه الرب "رئيس هذا العالم" (يو 12: 31؛ 16: 11). وعندما يقول إبليس ليسوع: أترى جميع الشعب الخاضع لسلطاني؟ يكون قد أراه ذلك "في لحظة من الزمان"، إذ يحسب الوقت الحالي لحظة أن قورن بالأبديَّة... حينئذ قال إبليس للرب: أجئت لتصارع ضدِّي، وتنزع عنِّي كل الذين هم تحت سلطاني؟ لا، لا تحاول أن تقارن نفسك بي، ولا تعرض نفسك لصعاب هذه المعركة. انظر كل ما أطلبه منك، "إن سجدت أمامي يكون لك الجميع". بدون شك يريد ربَّنا ومخلِّصنا أن يملك، لكن بالعدل والحق وكل فضيلة... لا يريد أن يكلَّل كملكٍ بدون تعب (الصليب)... أجابه الرب قائلًا: "مكتوب للرب إلهك تسجد، وإيّاه وحده تعبد" (تث 6: 13). إرادتي هي أن يكون الكل لي يعبدونني، ولا يسجدون لغيري. هذه هي الرغبة الملوكيَّة. أتريدني أن أخطئ أنا الذي جئت لأبيد الخطيَّة وأُحرَّر الناس منها؟! لنفرح ولنبتهج نحن إذ صرنا له، ولنُصَلِ إليه ليقتل الخطيَّة التي ملَكت في أجسادنا (رو 6: 6) فيملك وحده علينا . العلامة أوريجينوس |
|