|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* "الذي تهطله السحب" [28]... في الكتاب المقدس تشير السحب أحيانًا إلى الناس المتقلبين، وأحيانًا إلى الأنبياء، وأخرى إلى الرسل. يعبر سليمان عن تقلب الفكر البشري بقوله: "من يرصد الريح لا يزرع، ومن يراقب السحب لا يحصد" (جا11: 4). إنه يدعو الروح النجس "ريحًا" والذين يخضعون له "سحبًا"، هؤلاء الذين يدفعهم إلى الوراء والأمام، إلى هنا وهناك، إذ كثيرًا ما تتعاقبهم التجارب في قلوبهم من عواصف الاقتراحات... أيضًا يقصد بالسحب الأنبياء، كما قيل بالمرتل: "ظلمة المياه في سحب الهواء" (راجع مز 18: 11)، أي أن الحكمة المخفية في الأنبياء. يُقصد أيضًا بالسحب الرسل كما قيل بإشعياء: "أوصي الغيم أن لا يُمطر عليه مطرًا" (إش 5: 6). إنهم كواكب، إذ يشرقون باستحقاقات حياتهم، وهم سحب إذ يروون أرض قلوبنا الظمأ بمجاري المعرفة السماوية. لو لم يكونوا سحبًا ما كان النبي يقول عند تطلعه إليهم: "من هم الطائرون كسحابٍ" (إش 6: 8)... "وتغطي كل شيء من فوق" [28]. عندما يغطي السحاب الهواء من فوق، فإننا إن رفعنا عيوننا إلى السماء، لا نرى السماء بل السحاب... لأننا جسدانيون عندما نسعى أن ننال السماويات، نرفع أعيننا إلى السماء، كأن نظرنا مرتبط بالأمور الجسدية، فنزيد بها أن نتعلم الروحيات. ولكن لا يُسمح لتعقلنا أن يعبر فوق الأمور الإلهية ما لم تتشكل أولًا بأمثلة من قديسين سابقين، لذلك فإن أعيننا كأنها تتطلع إلى السماء، لكنها ترى مما من خلال السحاب. أنها تطلب أن تدرك الأمور الخاصة بالله لكنها بالجهد تقدر أن تعجب بالأمور المعطاه للبشر. انظروا، فإننا ملتهبون بالغيرة نحو التكريس للرب وحبه، لكن نتشكل في هذا التكريس والحب بتأملنا في هذه السحب. فمن هو مكرس مثل بطرس؟ ومن هو مملوء حبًا مثل يوحنا؟ إننا نتغطى أيضًا بحياة الآباء (إبراهيم وإسحق ويعقوب ويوسف وموسى ويشوع وصموئيل وداود) مثل سحب تنتشر فوقنا، حتى نُروى وننتج ثمارًا وفيرة. ونحن نرى أولًا السحب عندما نتطلع إلى السماء، إذ نرى أولًا بعجبٍ أعمال الصالحين وبعد ذلك نتعمق بخبرتنا في الأمور السماوية. لكن حياة وفضائل هذه السحب، أي هؤلاء الآباء القدامى، ما كانت تُفتح لنا ما لم توضحها لنا سحب أخرى، أي الرسل، وذلك بنور كرازتهم. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|