|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لنصرخ إلى الله وسط الضيق وَلَمْ يَقُولُوا: أَيْنَ اللهُ صَانِعِي، مُؤْتِي الأَغَانِيِّ فِي اللَّيْلِ؟ [10] سرّ هذه المشكلة: أي عدم تدخل الله لإنقاذ المساكين من أيدي الظالمين هو أنهم لا يلجأون إلى الله، بل يلجأون إلى الشكوى والتذمر على الله، والاتكال على الأذرع البشرية. يقول أليهو إن هؤلاء الذين صاروا تحت أقدام القساة في نكبات مرة لا يصرخ أحد منهم قائلًا: أين هو إلهي الذي خلقتي ليحول ليلة النكبات إلى حفل بهيج وأغنية تملأ قلبي بالبهجة. الله مستعد للتدخل لكنه لا يُقحم نفسه؛ بل يترقب دعوته من المساكين ليهبهم تعزياته الإلهية ويحطم الشباك المنصوبة للمساكين (راجع أع 16: 25؛ مز 126: 1-2). يشير الليل في الكتاب المقدس أحيانًا للخطية، وأحيانًا للضيقات والنكبات التي تحول حياة الإنسان كما إلى ليلٍ مُظلمٍ مخيفٍ. جاءت الترجمة السبعينية: "الذي يقيم حراس الليل"، أي يرسل ملائكته وسط ليل النكبات لإنقاذ الذين يلجأون إليه. من يلجأ إلى الله في أفراحه وفي ضيقاته يتمتع بالسلام السماوي في النهار كما بالليل، وتتحول حياته إلى سيمفونية مفرحة، وتسبحة لا تنقطع. الَّذِي يُعَلِّمُنَا أَكْثَرَ مِنْ وُحُوشِ الأَرْضِ، وَيَجْعَلُنَا أَحْكَمَ مِنْ طُيُورِ السَّمَاءِ [11]. يحزن أليهو على ما بلغ إليه الإنسان العاقل بتجاهله خالقه واهب الفهم والحكمة، القادر أن يخلص إلى التمام. ففي غباوة يرفض تعليم الله وإرشاده وقيادته، فصار أقل من وحوش الأرض وطيور السماء. يقول الرب على لسان إشعياء: "الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه، أما إسرائيل فلا يعرفني، شعبي لا يفهم" (إش 1: 3). وحوش الأرض والطيور وأحيانًا السمك تعرف وتقدم تشكرات لليد التي تمتد لتطعمها، أما الإنسان العاقل الذي ينال الكثير من خالقه لا يبالي به، ولا يتطلع إلى يديه المترفقتين به. يدعونا الكتاب المقدس أن نتعلم حتى من النملة التي تسلك أحيانًا بحكمة أكثر من الإنسان صاحب العقل والقدرات الفائقة. ضربات عدو الخير خطيرة، فهو يود أن يسحبنا إلى الملذات الزمنية ويستعبدنا للشهوات خلال الحياة الجسدانية، فإن لم نتجاوب معه ونطلب المعرفة الصادقة يضرب قلوبنا بالكبرياء، فيفسد فهمنا وحكمتنا. لذلك يؤكد المرتل الحاجة إلى الفهم والحكمة مع التواضع. "إنسان في كرامة ولا يفهم يشبه البهائم التي تُباد" (مز 49: 20). ومن جانبٍ آخر يقول الرسول بولس: "لأنهم لما عرفوا الله لم يجدوه أو يشكروه كإله، بل حمقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي"... لذلك أسلمهم الله أيضًا في شهوات قلوبهم إلى النجاسة لإهانة أجسادهم بين ذواتهم" (رو 1: 21، 24). * وحوش الأرض هم أولئك الذين يطلبون السفليات خلال الحياة الجسدانية، وأما طيور السماء فهم الذين يطلبون العلويات في غيرة حب الاستطلاع المتعجرف. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أيوب | لنصرخ في تواضعٍ بلا تذمرٍ |
لنصرخ من قبر خطايانا بكلّ صدقٍ إلى الرّب |
أيوب تسبحة وسط الضيق! |
أمنا مريم أنشري السلام فينا |
يا أم النور أنشري السلا م فينا والمحبة علمينا منك يا ام النـور |