|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنِّي مَلآنٌ أَقْوَالًا. رُوحُ بَاطِنِي تُضَايِقُنِي [18]. يحمل المؤمن الحقيقي روحًا نارية، متشبهًا بالله النار الآكلة، أو نار حب لا تُطفأ (خر 24: 7؛ تث 4: 24؛ عب 12: 29)، فيصير كأحد خدام الله الذين قيل عنهم: "خدامه لهيب نار" (عب 1: 7). يحمل المؤمن كلمة الله - نار الحب المتقد - فيصير كمعلمنا بولس الرسول إذ كان "منحصرًا بالروح" (أع 18: 5)، مملوء غيرة روحية متفدة، يقول: "فإني أغار عليكم غيرة اللَّه، لأني خطبتكم لرجلٍ واحدٍ، لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2 كو 11: 1).ويصرخ مع إرميا النبي: "أحشائي، أحشائي، توجعني جدران قلبي، لا أستطيع السكوت" (إر 4: 19)، "فقلت لا أذكره، ولا أنطق بعد باسمه، فكان في قلبي كنارٍ محرقة، محصورة في عظامي، فمللت من الإمساك ولم أستطع" (إر 20: 9). هكذا شعر أليهو كمن يحصره روح الله، ويلهب نيران حبه نحو أيوب كما نحو أصدقائه وجميع الحاضرين، يطلب في غيرة متفدة من أعماقه ما هو لبنيانهم ومجدهم الأبدي. لقد صمت الأصدقاء الثلاثة ولم يجدوا كلمة ينطقون بها، لأنهم افرغوا الكلمات الصادرة عن حسدهم لأيوب، وصاروا كمن قاموا بتفريغ ما في جعبتهم، أما أليهو الذي صمت إلى حين، ففي داخله كلمات حب لا تفرغ، يود أن يتكلم لا كمن يشتهي التعليم، ولا من كرسي السلطة، ولكن من موقع الحب والحنو على الجميع، تفيض كلماته من أحشائه، أو كما يقول: "روح باطني". * يستخدم بولس هنا كلمة أقوى بكثير من "الحب" المجرد. فالنفوس الغيورة تلتهب بحماس من جهة المحبوبين لها. الغيرة تفترض عاطفة قوية. لذلك فلكي لا يظنوا أن بولس يطلب سلطة أو ثروة أو كرامة يضيف أن غيرته إلهية. فقد قيل عن الله إنه غيور، ليس بطريقٍ بشريٍ، وإنما لكي يعرف كل واحدٍ حقه في السيادة على مَن يحبهم، وأن ما يفعله هو من أجل نفعهم المتزايد. تقوم الغيرة البشرية أساسًا على الأنانية، أما الغيرة الإلهية فهي قوية ونقية. لاحظ الفارق بين العروس البشرية والكنيسة. ففي العالم المرأة العذراء قبل الزواج تفقد بتوليتها بزواجها. أما في الكنيسة فإن الذين كانوا بتوليين إلى حدٍ ما قبل رجوعهم إلى المسيح يتمتعون بالبتولية فيه. لذلك فإن الكنيسة كلها عذراء. * يقال أيضًا عن الله أنه غيور، فلا يظن أحد أن (اللاهوت) به هوى، وإنما لكي يعرف الكل أنه يفعل كل شيء ليس إلا من أجلهم هؤلاء الذين يغير عليهم، لا ليقتني شيئًا بل لكي يخلصهم. القديس يوحنا الذهبي الفم |
|