|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إِنْ كُنْتُ رَأَيْتُ هَالِكًا لِعَدَمِ اللِّبْسِ، أَوْ فَقِيرًا بِلاَ كِسْوَةٍ [19]. إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي حَقَوَاهُ، وَقَدِ اسْتَدْفَأَ بِجَزَّةِ غَنَمِي [20]. لم يقف اهتمامه بالفقراء عند تقديم طعام لهم، لكنه إذ يرى إنسانًا يئن من العري بسبب البرد أو الحر، ليس لديه كسوة، لا ينتظر أن يسأله، بل يحسب ذلك بركة له أن يقدم لهم ثيابًا ثمينة من الصوف الذي يُنسج من جزة غنمه. * إذ لم يحتقر الفقير أظهر فضيلة التواضع، وأيضًا يكسوه عن حنوٍ. فإن هاتين الفضيلتين يلزم أن تلتصقا ببعضهما البعض، ويسندهما العمل المتبادل بينهما. من جهة احتياج المخلوق الزميل، ليعين التواضع الحنو، ويعين الحنو التواضع، بطريقة بها متى رأيت شخصًا شريكًا معك في طبيعتك تنقصه ضروريات الحياة، يلزمك ألا تكف عن أن تكسيه لا في عدم حنو، ولا عن كبرياء لا تكرم من تكسيه. يوبخ يعقوب بقوة: "إن كان أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي، فقال لهما أحدكم: أمضيا بسلام استدفئا واشبعا، ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد، فما المنفعة؟" (يع 2: 15-16). هذا ما ينصح به يوحنا الرسول: "يا أولادي، لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق" (1 يو 3: 18). فإن الحب الحاني يلزم أن يظهر دائمًا بالكلام اللائق وفي نفس الوقت بخدمة العطاء... يقول بولس: "لكي تكون في هذا الوقت فضالتكم لإعوازهم، كي تصير فضالتهم لأعوازكم" (2 كو 8: 14). هذا يعني أننا في اهتمام نعتبر الذين نراهم الآن في عوزٍ نراهم في يومٍ ما في رخاءٍ، ونحن الذين نُرى في رخاء، إن أهملنا العطاء سنكون يومًا ما في عوزٍ... الآن ذاك الذي بلا ثوب هو أقل احتياجًا من ذاك الذي بلا تواضع. لهذا إذ نرى أولئك الذين هم شركاء معنا في طبيعتنا ليس لديهم أمور خارجية، فلنتأمل عوزنا لأمورٍ عظيمةٍ كثيرةٍ في داخلنا، بهذا لا تنتفخ أفكار قلوبنا على المساكين. هكذا نرى بالعين الثاقبة أننا نحن أنفسنا بالحقيقة في عوزٍ أشد بالنسبة لاحتياجنا الداخلي. حسنًا يقول الطوباوي أيوب في هذا: "إن احتقرت عابرًا ما لأن ليس لديه لباس"، فإنه بالنسبة للمخلوق الزميل الغير معروف لديه يظهر له حنوًا، إذ يدعوه "عابرًا". البابا غريغوريوس (الكبير) |
|