"صار عودي للنوح، ومزماري لصوت الباكين" [31]. ليؤخذ في الاعتبار أنه إن ضُرب وتر العود خفيفًا جدًا لا يعطي صوتًا، وإن ضُرب بشدة عظيمة يُصدر صوتًا فظًا. هكذا فإن فضيلة النسك تصير بكاملها كلا شيء إن لم يروض الإنسان جسمه قدر المستطاع. لكنها تُستخدم بطريقة خاطئة إن أرهق الإنسان جسمه أكثر مما يحتمل. فإنه بالنسك تتآكل نقائص الجسد، وليس الجسد نفسه، ويليق بكل أحدٍ أن يضبط نفسه بنظامٍ دقيقٍ، بحيث لا يتشامخ الجسد فيخطئ، ومع ذلك يُسند ليمارس البرّ. يقول الكارز العظيم: "أميتوا أعضاءكم التي على الأرض" (رو 3: 5). ومع هذا كتب إلى الكارز المحبوب لديه جدًا: "استعمل خمرًا قليلًا من أجل معدتك، وأسقامك الكثيرة" (1 تي 5: 23).