|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* "حي هو الله الذي ينزع حكمي، والقدير الذي يحضر نفسي إلى المر" [2]. بهذه الكلمات عينها يخبرنا أيوب عن ظروفه، ويقدم لنا صورة للكنيسة وهي تحت الضيق، إذ تحيط بها جسارة عدم المؤمنين وتتقاذفها مرارة المضطهدين. تُجرب الكنيسة من خصومها بطريقين: تُضطهد إما بالكلام أو بالسيوف. الآن تهدف الكنيسة المقدسة بجهادها العظيم نحو اقتناء الحكمة والصبر. تمارس الحكمة عندما تُجرب بالكلام، وتمارس الصبر عندما تُجرب بالسيوف. على أي الأحوال يتحدث الآن عن ذاك الاضطهاد الذي يُثار لا بالسيوف، بل بالعبارات الباطلة. نحن نعرف أن البعض في مواجهته لأمرٍ غير لائقٍ ينكرون وجود الله، والبعض يؤمنون بوجود الله، لكنهم يحسبونه أنه لا يهتم بشئون البشر. عن الأولين قال داود: "قال الجاهل في قلبه: لا إله" (مز 1:14). وأما عن الأخيرين فيقول: "كيف يعرف الله؟ هل من معرفةٍ لدى العلي؟" وأيضًا: "يقولون الرب لا يرى، ولا يبالي إله يعقوب" (مز 7:94). هكذا فإن هذا الشخص الذي حمل رمز الكنيسة المقدسة، إذ كان في وسط مرارة حزنه أجاب على الفريقين. فكما أن الحياة لها وجود، والموت ليس له وجود، يجاهر بأن الله موجود يقول: "حي هو الله"، وهكذا يخبر أيضًا أن الله مهتم بشئون القابلين للموت، فيضيف: "الذي ينزع حكمي، ويحضر نفسي للمرّ". فإنه يشهد بأن ما يعاني منه من شرورٍ لم يحدث مصادفة، وإنما بالله الذي يأمر بكل الأشياء، ولا ينسب أيوب قوة مرارته إلى مجربه بل إلى خالقه... إرادة الشيطان شريرة، لكن إذ يسمح الله بها، فإن قوته عادلة. فمن جهته (الشيطان) يطلب أن يجرب البشر ظلمًا بغير اكتراثٍ، أما المطلوبون أن يُجربوا، فإنهم إذ يُطلبوا هكذا لا يسمح لهم الله أن يجربوا إلا بعدلٍ. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|