|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خَفِيفٌ هُوَ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. مَلْعُونٌ نَصِيبُهُمْ فِي الأَرْضِ. لاَ يَتَوَجَّهُ إِلَى طَرِيقِ الْكُرُومِ [18]. بعد أن عرض الأشرار الذين يمارسون القتل والزنا والسرقة كأبناء ظلمة، يطلبون الليل ويخشون الصباح، ينتقل بنا أيوب إلى امتداد عملهم لا على الأرض كلها وإنما حتى في البحار. وكأن الأرض تصغر في أعينهم فينطلقوا إلى البحار. يرى البعض أن لصوص البحار يستخدمون سفنًا خفيفة على وجه المياه حتى يتمكنوا من الانطلاق بسرعة من قناة إلى أخرى، ومن الهجوم على سفينةٍ ليلحقوا بغيرها، فيسلبوا وينهبوا، أما العمل في الأرض خاصة فلاحة الأرض وغرس الكروم فمهنة مهينة لا تجلب منافع مثل السلب والنهب. يمكننا أيضًا القول بأن أيوب يتطلع إلى الأشرار من قتله وزناة وناقبي بيوت أنهم يبدون كعتاة مرعبين، لكن في الواقع في ضعفٍ شديدٍ كمن يسلكون على وجه المياه كسفنٍ خفيفةٍ وسط رياح عاصفة وأمواجٍ عنيفةٍ. تلعنهم الأرض فلا يجدون لهم مأوى حتى تحت الكروم، فيهربون نحو البحار لعلهم يختفون، لكن العواصف تدمرهم. أما الصديقون فيكونون بركة على الأرض يسلكون في طريق الكروم، أي طريق الخمر الروحي الذي يملأ النفوس فرحًا وتهليلًا. *"إنه خفيف على وجه المياه" [18]... ذهن الشرير "أخف من سطح الماء"، حتى أن أية نفخة لتجربة ما تلمسه تجتذبه دون أي تأخير ومقاومة. فإن كنا نتصور القلب غير الثابت لأي إنسانٍ شرير، ماذا نكتشف فيه سوى سطح ماء في مواجهة ريح؟ ففي وقت ما تجتذبه أية نفخة غضب، وفي وقت آخر نسمة كبرياء، ونسمة شهوة وحسد وبطلان؛ كل هذه النفخات تدفعه وتحركه. هكذا إنه خفيف على سطح الماء، تسحبه كل ريح للخطأ أمامها حين يحل الخطأ.... "ليُلعن نصيبهم على الأرض، وليته لا يسير في طريق الكروم" [18]. من يفعل ما هو مستقيم في الحياة الحاضرة ويواجه مصائب، يُرى بالحقيقة أنه يتمخض في ضيقه، إنه كامل، ولكن من أجل الميراث الأبدي. أما من يفعل ما هو شر...، ولا يمسك نفسه عن الأعمال الشريرة من أجل فيض البركات (الزمنية) التي ينالها، فيُرى أنه بالحق في ترفٍ، لكنه مربوط برباط اللعنة الأبدية. لذلك يُقال هنا بحقٍ: "ليُلعن نصيبهم على الأرض"... "طريق الكروم" هو استقامة الكنائس. لنفهم أن المبتدع أو أي إنسان جسداني يترك استقامة الكنائس أو طريق الكروم، عندما لا يتمسك بالإيمان المستقيم أو التدبير المستقيم للحي البار... لهذا فإن "السير في طريق الكروم" هو التمسك بآباء الكنيسة المقدسة مثل عناقيد كرمة معلقة حيث يسكر بكلماتهم في حب الأبدية. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|