|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَأَجَابَ بِلْدَدُ الشُّوحِيُّ: [1]. إِلَى مَتَى تَضَعُونَ أَشْرَاكًا لِلْكَلاَمِ؟ تَعَقَّلُوا وَبَعْدُ نَتَكَلَّمُ [2]. يلقى بلدد بسهمٍ في قلب أيوب، إذ يتهمه بأنه يتحدث بكلامٍ فارغٍ بلا تعقل. يضم في هذا مع أيوب آخرين، ربما قصد الصديقين أليفاز وصوفر، أو بعض الحاضرين الذين ربما دافعوا عن أيوب بين آن وآخر. لقد ملّ بلدد سماع الكلام، فإذ جاء دوره فرّغ كل ما في قلبه من ضيق بلا حنوٍ. للأسف غالبًا ما ظن بلدد أن الحكمة حكر على عقله دون غيره، فتسرع في هجومه بالكلام. يوصينا الرسول أن يكون "كل إنسانٍ مسرعًا في الاستماع، مبطئًا في التكلم" (يع 1: 19). بعد أن كان أيوب في رخائه يقول الكلمة النهائية القاطعة كرجلٍ حكيمٍ يحترم الكل آراءه، يُوجه إليه الآن هو ومن معه ألا يتكلموا إلا بعد أن يتعقلوا. * انظروا إلى أولئك الذين كانوا مشغولين بإدانته. تطلعوا إلى أولئك الذين يريدون أن يبكموا فمه. هذا ليس موقف أناسٍ يطلبون له التعزية، بل بالعكس من يثيرونه ويسخرون به... ألا ترون حسدهم؟ يحسبون الصمت عارًا، وقمة الغباوة. القديس يوحنا الذهبي الفم هنا يقدم بلدد -كممثلٍ للهراطقة- اتهامين ضد الكنيسة، الاتهام الأول أن آراءها غير أصيلة، والثاني أنها بلا فهم، إذ لا تدرك آراءهم وأفكارهم. في كل العصور، إذ تتمسك الكنيسة بالإيمان الحي دون تسيب، يتهمها البعض بالعجرفة والكبرياء والجمود، وإذ ترفض الآراء المنحلة يتهمونها أنها ضيقة الأفق، عاجزة عن أن تكون معاصرة، إذ لا تفهم ما يدور حولها. في تعليق القديس جيرومعلى كلمات الرسول بولس: "عاملين مشيئات الجسد والأفكار" (أف 3:2)، يميز بين خطية الجسد وخطية الفكر فيقول: [يوجد فارق بين خطية الجسد وخطية الذهن. خطية الجسد بلا احتشام وفيها خلاعة، وتعمل كأداة لتحقيق شهواته. أما إثم الذهن فيخص التعليم ضد الحق والانحدار الذي للهراطقة.] * يظن كل الهراطقة، أن الكنيسة المقدسة إذ تعرف بعض الأمور أنها مملوءة كبرياءً، بينما يحسبونها لا تفهم بعض الأمور التي يتوهمونها. هكذا كان بلدد الشوحي كمن يؤكد أن الطوباوي أيوب قد انكسر في كبرياءٍ، عندما أعلن أنه "ينشر الكلمات على نطاق واسع". لكن (بلدد نفسه) يحمل علامة على كبريائه، إذ انتفخ حاسبًا أن الطوباوي أيوب ينطق بأمور لا يفهمها. البابا غريغوريوس (الكبير) يعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على هذه العبارات قائلًا: [ننضج حين نبلغ إلى وحدة الإيمان، أي حين يُوجد مشاركون في الإيمان الواحد، فإن هذه هي وحدة الإيمان حين نصير جميعًا واحدًا، حين نعرف كلنا ذات الميثاق.] |
|