|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الاستعجال أتذكَّر جيدًا موقفًا تكرَّر كثيرًا في طفولتي وسِنِي مراهقتي عندما كان أبي العزيز يسألني عن شيء أو يخبرني بشيء، وكنت أتسرَّع في الإجابة قبل أن ينتهي من حديثه، فكان يردُّ عليَّ بهذه الآية: «مَنْ يُجِيبُ عَنْ أَمْرٍ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَهُ فَلَهُ حَمَاقَةٌ وَعَارٌ» (أمثال١٨: ١٣). أتذكَّر أيضًا أنني مِرارًا كثيرةً سمعتُ مِن والديَّ وأقاربي هذا المثل الشائع: “في التأنِّي السلامة وفي العَجَلة الندامة”. ربما لسبب ثقافة السُّرعة التي تغلغلت في نظام حياتنا وحضارتنا الحديثة حتى صارت جزءًا من كياننا، أصبحنا نَظُن أن التقدُّم في الحياة المسيحية يحدث عن طريق الضغط على زِر جهاز التحكُّم عن بُعد أو كما نفعل بِلَمْسَة بسيطة لشاشة الهاتف الذكي، ونتناسَى أن نمو أي كائن حي يحتاج إلى وقت طويل. وهكذا، صِرنا نستَثقِل التغيُّر البطيء في شخصيَّاتنا التي يعمل الله على تطويرها طوال حياتنا على الأرض. كما أن التسرُّع في اتخاذ القرارات أو التعَجُّل في الحُكم على المواقف والأشخاص قد يكون من مظاهر السطحية! قد يظهر الاستعجال في الكلام، وهو ما يعني أنني لا أفكِّر جيدًا في ما أقول ولا أحسب تأثيره على مَن يسمعني، ولذا فإن الوحي يحذِّرنا بأن الرجاء بالجاهل أكثر من الرجاء بإنسان عجول في كلامه (أمثال٢٩: ٢٠). بل حتى في حديثنا مع الله، سواءً في الخلوة الشخصية أو في الاجتماعات، ينصحنا الحكيم: «لاَ تَسْتَعْجِلْ فَمَكَ وَلاَ يُسْرِعْ قَلْبُكَ إِلَى نُطْقِ كَلاَمٍ قُدَّامَ اللَّهِ، لأَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاوَاتِ وَأَنْتَ عَلَى الأَرْضِ فَلِذَلِكَ لِتَكُنْ كَلِمَاتُكَ قَلِيلَةً» (جامعة٥: ٢). التعجُّل في اتخاذ القرارات أيضًا قد يُعَبِّر عن السطحية، فكثيرًا ما حذَّرني الرب بقول الحكيم: «أَيْضًا كَوْنُ النَّفْسِ بِلاَ مَعْرِفَةٍ لَيْسَ حَسَنًا، وَالْمُسْتَعْجِلُ بِرِجْلَيْهِ يُخْطِئُ» (أمثال١٩: ٢). إن هذا قد يُعَبِّر عن قِلَّة الثقة في الرب وعدم الرغبة في انتظاره. التسرُّع يظهر أيضًا في الغضب وعدم ضبط النفس: «لاَ تُسْرِعْ بِرُوحِكَ إِلَى الْغَضَبِ لأَنَّ الْغَضَبَ يَسْتَقِرُّ فِي حِضْنِ الْجُهَّالِ» (جامعة٧: ٩؛ اقرأ أيضًا أمثال١٤: ٢٩ ويعقوب١: ١٩و٢٠). وهذا ليس سهلاً، بل يحتاج إلى كثير من التدريب والتحكُّم في النفس وردود الأفعال، مع كثير من الصلاة وإفساح المجال لعمل الروح القُدُس داخلي لكي يملأني ويُظهِر فيَّ وداعة المسيح وحِلمه. هناك أيضًا الاستعجال إلى الغِنَى والسعي للكسب السريع، وهو ما يُعَبِّر عن عدم الإيمان وعدم الاتكال على الله؛ مصدر كل العطايا الصالحة. إن الوحي يُشجِّعنا على الاجتهاد، ولكن التسرُّع قد يأتي بنتيجة عكسية: «أَفْكَارُ الْمُجْتَهِدِ إِنَّمَا هِيَ لِلْخِصْبِ وَكُلُّ عَجُولٍ إِنَّمَا هُوَ لِلْعَوَزِ» (أمثال٢١: ٥). ولأني وكيل ولستُ مالِكًا، فالأهم هو أن أكون أمينًا فيما يمنحني الرب إياه، لأن «اَلرَّجُلُ الأَمِينُ كَثِيرُ الْبَرَكَاتِ وَالْمُسْتَعْجِلُ إِلَى الْغِنَى لاَ يُبْرَأُ» (أمثال٢٨: ٢٠). إن سطحية الاستعجال تكمُن في أنني أُريد أن أجعل مِن نفسي إلهًا لأحوالي ولا أعترف بأنه يوجد إله واحد، وهو ليس أنا! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
☦ الاستعجال في الصلاة |
الاستعجال يفسد كل شئ ... |
الببلاوي يتراجع ويطالب بعدم الاستعجال في اعتبار الإخوان منظمة إرهابية… ويشعل ثورة غضب ضده |