طريق المعرفة الإلهية
نظرة القدّيس إكليمنضسالفلسفيّة في معرفة الله وُجدت بوجه خاص في الكتاب الخامس من "المتفرّقات Stromata"، حيث أعطى إيمانًا ورجاءً في إدراك الذهن للأمور غير منظورة، والتي لا تستطيع الحواس أن تدركها. أمّا طريق المعرفة فيمر بمراحل ثلاث:
أ. المرحلة الأولى، وهي مرحلة التطهير من الخطيّة. يليق بالإنسان لكي يتمتّع بمعرفة الإلهيّات أن يتخلّص من أفكاره الخاطئة عن الله، التي هي ثمرة عبوديّته لأهوائه الجسديّة. خلال هذه الآلام يرى الإنسان في الأمور الماديّة هدفًا له، فيصير أبعد ما يكون عن الله.
[إذ التحف غالبيّة البشر بأمور قابلة للموت كالقواقع المغلفة في الصدَّف، منطوين حول شهواتهم كالقنافذ أشبه بالكرة. صاروا يفكّرون في الله الطوباوي غير المائت بذات التعبيرات التي يفكّرون بها عن أنفسهم...] لهذا يليق بالبشر أن يتخلّصوا من هذا الخطأ، فيتحرّرون من آلام النفس والمؤثّرات الأرضيّة لكي يدركوا الله.
ب. المرحلة الثانية هي التحليل المنطقي أو الابتعاد عن التفكير في الله بطريقة ماديّة جسدانيّة. فكلمات الإنجيل لا تفهم بطريقة حرفيّة؛ حين يتحدّث عن "يمين الله" مثلًا، لا يفهم أن لله يمينًا ويسارًا، بل هو فوق الزمان والمكان، فوق عالم الأسماء وفوق المفاهيم الأرضيّة.
ج. المرحلة الثالثة هي مرحلة الرؤيا. معرفة الله كهبة إلهيّة، لا يمكن بلوغها بدون نعمته. حقًا إن الفلسفة تسندنا، لأنها تعرفنا ما هو ليس الله، وهو أمر هام، به تزول الأفكار الخاطئة التي في أذهاننا والتي في أذهان الآخرين. أمّا إدراك الله فلا يمكن بلوغه إلا بالنعمة الإلهيّة وحدها، فوق حدود الفكر المنطقي.