* "تدخل قبرك في كمال (الشيخوخة)، ككدس (كومة) الحنطة في أوانها". ماذا يعني بالقبر سوى حياة التأمل، فإنها كمن تدفنا نحن الموتى عن العالم، وتخفينا في العالم الداخلي بعيدًا عن الشهوات الأرضية. فإن الذين هم موتى عن الحياة الخارجية هم أيضًا مدفونون بالتأمل، هؤلاء الذين يقول لهم بولس: "لأنكم قد متم، وحياتكم مستترة مع المسيح في الله" (2 كو 3:3)...
فمن يُخضع غطرسة الجسد فيه يترك له هذا العمل: أن يدرب العقل بتداريب مقدسة. ومن يفتح ذهنه في الكلمات المقدسة يسمو ويمتد متمتعًا بالتأمل الداخلي. فإنه ليس بكارز كامل من يتكرس للتأمل متجاهلًا الالتزام بالعمل الموكل إليه أو بسبب الالتزام بالعمل يترك الالتزام بالتأمل...
بالتأمل يقومون في حب الله، وبالكرازة يعودون إلى خدمة قريبهم...
وقت العمل يأتي أولًا وبعد ذلك التأمل. لهذا يلزم كل إنسان كامل أن يبدأ بتدريب فكره بالعادات الفاضلة وبعد ذلك يستلقي في أكداس حنطة الراحة... "أرجع إلى بيتك وحدث بكم صنع الله بك" (لو39:8)...بعد أن نُشفي يرسلنا الرب إلى بيتنا. إنه يأمرنا أن نروي الأمور التي صنعها معنا، حتى تنشغل النفس أولًا بالعمل وبعد ذلك تنتعش بالتأمل. تبعًا لهذا خدم يعقوب من أجل راحيل واقتنى ليئه. وقد قيل له: "ليس من عادة مكاننا أن تُعطَى الصغيرة قبل البكر" (تك 26:29)... ماذا يُعنَى براحيل سوى الحياة التأملية؟