منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 26 - 02 - 2023, 01:52 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

أيوب | الخطية تقتل الأغبياء


الخطية تقتل الأغبياء

لأَنَّ الْغَيْظَ يَقْتُلُ الْغَبِيَّ،
وَالْغَيْرَةَ تُمِيتُ الأَحْمَقَ [2].
يُحسب الخطاة أغبياء، إذ لا يقبلون حكمة الله. هؤلاء يقتلهم الغضب، وتُفسد الغيرة عظامهم. لعل أليفاز يقصد بهذا أن ما يحل بأيوب إنما ثمر طبيعي لغباوته، ناسبًا له الحماقة والغباوة.
يقول بأن المحتال خدعه فأثار فيه الغضب، وأنه سخر به ليقتل أيوب نفسه. وفي هذا يود أن يبرر نفسه لكن قد ظهرت غباوته.
* "الغضب يقتل الغبي، والحسد يميت الطفل" (راجع أي 2:5). يلزم ملاحظة أن الذي يغضب هو غبي، والذي يحسد يُحسب طفلًا. لأن الأول ليس بدون مبررٍ يعلن عن أنه غبي، إذ يجلب الموت على نفسه بإرادته، ويترك نفسه تُثار بالغضب. والأخير يبرهن بحسده على أنه طفل غير ناضج، لأنه حين يكون حاسدًا يشهد بأن من كان في وسعٍ يعذبه وهو أعظم منه .
القديس يوحنا كاسيان
* لا يوجد شيء يفوق الحب، وبالتالي لا يوجد شيء أدنى من الغضب. يلزمنا ألا نهتم بشيء مهما بدا نافعًا وضروريًا حتى نتجنب الغضب الذي يسبب اضطرابًا، ولا نرتبك بالأمور حتى التي نحسبها ليست كمالية حتى نحفظ هدوء الحب والسلام بغير نقصٍ، لأنه يلزمنا أن ندرك أن لا شيء مهلك مثل الغضب والتكدر، وليس شيء مفيدًا مثل الحب .
الأب يوسف
* ليس شيء أكثر خطورة من الحنق، ولا أقسى من الغضب!
* يوجد سُكر بالغضب أكثر خطورة من السُكر بالخمر!

القديس يوحنا الذهبي الفم
* لنتأمل في مدى خطورة خطية الغضب (الغيظ)، التي بها ننفصل عن الحنو، وتفسد التشبه بصورة العلي.
بالغضب تُطرد الحكمة، فنبقى في جهالة في كل ما نفعل، وما نلتزم بعمله، كما هو مكتوب: "الغضب يستقر في حضن الجهال" (جا 7: 9). فبانسحاب نور الفهم يُفسد الهياج الذهن.
بالغضب تضيع الحياة، حتى الحكمة تبدو محتجزة. كما هو مكتوب: "الغضب يحطم الحكماء" (أم 1:15)...
بالغضب يبطل البٌر، كما هو مكتوب: "غضب الإنسان لا يصنع بٌر الله" (يع 20:1)...
من لا يضبط مشاعره بالتعقل اللائق بالإنسان يلزمه أن يعيش في عزلة كحيوانٍ.
بالغضب يفسد الانسجام، كما هو مكتوب: "الرجل الغضوب يهيج الخصومة، وبطيء الغضب يسكن الخصام" (أم 15:18)...
بالغضب يُفقد نور الحق. كما هو مكتوب: "لا تغرب الشمس على غيظكم" (أف 26:4). لأن الغضب يجلب ظلمة التشويش. يخفي الله عنه أشعة معرفة نفسه. بالغضب يُغلق على بهاء الروح القدس. من الجانب الآخر كُتب حسب ترجمة قديمة: "على من يستقر روحي، إلا على من هو متواضع ومسالم والمرتعب من كلامي" (إش 2:66).
البابا غريغوريوس (الكبير)
* إن كان الشخص يغضب بكونه إنسانًا، فإنه يضع حدًا للغضب بكونه مسيحيًا.
القديس إيرونيموس
* من كان غضوبًا فهو خالٍ من طول الأناة والمحبة، يقلق سريعًا من الأقوال التافهة، ويثير الخصام لأمر يسير حقير، وحيثما لا يكون له مكان يطرح نفسه... فمن لا ينوح على مثل هذا؟ فهو مرذول عند الله والناس.
مار أفرام السرياني
* يُسمى الروح القدس سلام الروح، ويُدعي الغضب قلق النفس، فلذا يجب أن نستنتج أن لا شيء يُبعد عنا حضور (عمل) الروح مثل الغضب.
القديس يوحنا الدرجي
ليس بالأمر العجيب أن يتهم أليفاز أيوب بالغيرة أو الحسد وهما خطيتا أليفاز، إذ يُسقط أخطاءه عليه قائلًا: "وَالْغَيْرَةَ تُمِيتُ الأَحْمَق" [2].
* لا يعتبر الحسود الكوارث التي تحل به محنة، بل المحنة بالنسبة له هي الخير الذي يحل على غيره، وبالعكس النجاح ليس هو أن يكون سعيدًا، بل أن تحل المحن بغيره. يحزن الحاسد لرؤية الأعمال الطيبة للناس، ويُسر بالكوارث التي تحل بهم. ويقال إن الجوارح التي تلتهم الجثث الميتة تقضي عليها الرائحة الطيبة (العطر)، فإن طبيعتها تتفق مع ما هو شرير وفاسد. وأي شخص يقع تحت سيطرة هذا المرض (الحسد) تقضي عليه سعادة أقربائه وجيرانه، ولكنه إذا رأى تجربة شريرة يطير إليها ويضع منقاره المعوج فيها ويخرج الكوارث المخفية.
القديس غريغوريوس النيسي
*قبل كل شيء يليق بالإنسان الذي وُضع عليه النير أن يكون ثابتًا في إيمانه... ليطرد عنه الحسد والغضب، وينزع الشفاه المخادعة .
القديس أفراهاط الحكيم الفارسي
* يكون الضرر تافهًا والخطر بسيطًا عندما تُجرح الأطراف بسيفٍ، فيكون الشفاء هيّنًا مادام الجرح واضحًا ويُستخدم الدواء. فالقرحة التي تُرى يُمكن علاجها بسهولة. أما جراحات الحاسدين فهي خفيّة وسرّية، ولا تقبل علاجًا لشفائها، فتغلق على نفسها آلامًا مخفية داخل مكامن الضمير.
* مثل هؤلاء لا يهنأون بطعامٍ أو يتمتعون بشرابٍ.إنهم على الدوام يتأوّهون ويتنهّدون ويحزنون، فطالما لا يُطرد الحسد تتمزق قلوبهم نهارًا وليلًا بلا انقطاع.
كل الشرور لها حدود، وكل خطأ ينتهي بارتكاب الجريمة. فالزاني تنتهي معصيته عند حد ارتكاب التعدّي، واللص تقف جريمته عندما يقتل، والسالب يضع حدًا لجشعه، والمخادع يضع نهاية لغشّه، أما الحسد فليست له حدود.
إنه شر يعمل على الدوام، وخطية ليس لها نهاية.
الشهيد كبريانوس
*"الحسد يميت الضعيف (الأقل little one)" (راجع أي 5: 2). يستحيل علينا أن نحسد إلا من نظن أنهم أفضل منا في جانبٍ معينٍ. لذلك قيل "الأقل" يقتله الحسد. فإن الحاسد يحمل شهادة ضد نفسه أنه أقل من غيره، حيث يعذبه الحسد منه...
هكذا كان قايين الذي انحدر ليقتل أخاه، فقد جُن حين رُفضت تقدمته، من ذاك الذي قبل الله تقدمته وفُضل عنه (تك 4)...
وهكذا التهب عيسو باضطهاد أخيه، لأنه فقد بركة الباكورية، إذ حرم منها من أجل طبخة عدس (خضار) (تك 27: 38؛ 29:25)...
وهكذا باع الإخوة يوسف للإسماعيليين العابرين، إذ أُخفي عنهم سٌر الإعلان، فوضعوا أنفسهم في موقف المقاومة لتقدمه، فلا يكون رئيسًا عليهم (تك 5:37-11).
وهكذا اضطهد شاول خادمه داود بأن رماه برمحٍ، إذ خشي أن يبلغ الرجل إلى قامة أعظم منه، إذ أدرك بلوغه النمو اليومي في الفضيلة (1 صم 10:18-11).
فمن يقتله الحسد إنما هو الضعيف(الأقل)، فإنه لو لم يشعر بأنه الأقل لما حزن على صلاح الآخرين. إذ يُفسد الحسد الذهن يقتل كل ما يجده صالحًا. قال سليمان: "حياة الجسد هدوء (سلام) القلب، ونخر العظام الحسد" (أم 30:14)...
فمن اشتاق أن يكون كاملًا وصحيحًا فليتجنب سم الحسد، ويركز عواطفه على الميراث الذي لا يقل بكثرة الوارثين، هذا الذي هو ميراث واحد للكل، وكامل بالنسبة لكل أحدٍ. والذي يظهر ميراثًا أعظم كلما زاد عدد الذين يمنحونه... فحينما لا يشتاق الشخص إلى الأمور الرديئة لا يوجد شيء يقف أمام الحب.
البابا غريغوريوس (الكبير)


إِنِّي رَأَيْتُ الْغَبِيَّ يَتَأَصَّلُ،
وَبَغْتَةً لَعَنْتُ مَرْبِضَهُ [3].
يرى أليفاز أن أيوب سبق فتأصل ونجح، لكن إذ هو غبي لم يدم حاله. وها هو يلعن مربضه. وكأن أليفاز يقدم اتهامًا جديدًا ضد أيوب، فبجانب اتهامه بالرياء، وأنه يخفي وراء أعماله التي تبدو صالحة شرورًا خفية لا يعلمها غير الله، لهذا حلت به كوارث لم يُسمع عنها في تاريخ البشرية، فإنه كان غبيًا يجري وراء الغنى ومحبة العالم. اتهام أبعد ما يكون عن حياة هذا البار!
ربما لا يعني هذا أن أليفاز اشتهي دمار أيوب، وإنما إذ اكتشف - حسب فكره - أن ما حل به هو من قبيل غضب الله عليه بكونه شريرًا، أدرك أن هذا من قبيل عدل الله أن يسقط أيوب تحت اللعنة، ليستأصله من هذا العالم وكل غناه، لأن قلبه ارتبط به.
يحذرنا الكتاب من محبة العالم والتعلق به.

"لا تحبوا العالم، ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم، فليست فيه محبة الآب، لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم" (1 يو 2: 15-16). "أيها الزناة والزواني، أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله، فمن أراد أن يكون محبًا للعالم فقد صار عدوا لله" (يع 4: 4).
* يتأصل الغبي في الأرض ويتمسك بها، إذ هو متمسك بحب الأرض بكل شهوة قلبه. إنه يتشامخ بتأصله، عندما يتشبث في هذا العالم بالخيرات الزمنية، حتى ينال ما يرغبه، ولا يخضع لسلطانٍ، ويسود على الضعفاء دون مقاومة، ويقاوم الذين يمارسون السلطة حسنًا، ويبلغ ظروفًا أفضل بوسائل شريرة، حتى أنه بتركه الحياة الحقيقية، يعيش هذا الزمن في أكثر سعادة.
لكن إذ يرى الضعفاء أن الأشرار يزدهرون، يصيرون في ذعرٍ ويضطربون داخليًا، بما للخطاة من وسعٍ، وتترنح خطوات ذهنهم.
بنفس الطريقة أعلن المرتل: "أما أنا فكادت تُزل قدماي، لولا قليل لزلقت خطواتي، لأني غرت من المتكبرين، إذ رأيت سلامة الأشرار" (مز 2:73-3).
ولكن عندما يرى الأقوياء مجدهم للحال يثبتون أذهانهم على العقوبة (التأديب) الذي يتبعه المجد. وبفكر داخلي عميق للقلب يزدرون بالأمور التي تبتلع المتكبرين من الخارج بازدياد الغرور الباطل. حسنًا قيل: "رأيت الغبي يتأصل، وبغتة لعنت جماله". فإن لعن جمال الغبي هو إدانة مجده بحكم مدروس، فإنه قدر ما يغرق في العذابات يتعالَى بالأكثر في الخطية. فإن تشامخه مؤقت، لكن عقوبته دائمة.
من يبدأ طريقه بالكرامة ينتهي بالدينونة. على كل حالٍ كلما أوجد الشرير له طريقًا في هذا العالم سحب عددًا أكثر إلى الدمار، لذلك بحق قيل: "بنوه بعيدون عن الأمن". فإن أبناء الغبي هم الذين يقتدون به، يولدون في طموح هذا العالم. إنهم بعيدون عن الأمن، خاصة بالنسبة لممارستهم الشر إن قورن بتحررهم من الضعف.
البابا غريغوريوس (الكبير)
* تريد الآن أن ترث الأرض، حذار من أن ترثك الأرض.
إن كنت وديعًا ورثتها، أو قاسيًا ورثَتكَ...
سوف ترث الأرض حقًا متّى تمسكت بصانع السماء والأرض!
القديس أغسطينوس
* من ذاق حلاوة ثمار شجرة الحياة، ويريد أن يجري نحو ثمار (محبة) العالم النتنة؟
* كما أن النار لا تثبت في الماء، هكذا معرفة الله لا تثبت في القلب المشتبك بشهوات العالم.
* ليس من رذل العالم بالكمال، إلا ذاك الذي تتقد فيه نارك دائمًا يا رب .
القديس يوحنا سابا
* النفس التي أوشكت أن تقبل الكلمة اللوغوس، يجدر بها أن تموت عن العالم (غل14:6) وتُدفن في المسيح (رو 4:6، كو 12:2)، فلا تجد إلا المسيحَ، فهذا هو الاستقبال اللائق الذي يطلبه منها لنفسه .
القديس أمبروسيوس


بَنُوهُ بَعِيدُونَ عَنِ الأَمْنِ،
وَقَدْ تَحَطَّمُوا فِي الْبَابِ، وَلاَ مُنْقِذَ [4].
ربما كان الباب مرتفعًا فسقط على بني أيوب ومن في الوليمة يحسبون أنهم في سلام وأمانٍ. سقط بثقله فسحقهم تحته، ولم يوجد من ينقذ. فشر أيوب -في رأي أليفاز- قد حلّ على بنيه وأهلكهم.
* هذا معناه: لماذا أنت مرتعب من موت أولادك؟ فإن أبناء الأغبياء لا يهلكون بسبب عدم الخلاص، وإنما يحزنون وهم في الحياة... وليس من أحدٍ ينقذهم، إذ بعدلٍ جازاهم الله. أيضًا ربحهم الذي نالوه ظلمًا يأخذه منهم الأبرار، مادام لا يوجد من يخلصهم من الشر، وتضيع قوتهم كلها في الملذات وتنفد، تهلك بأمر الله.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
من هم الذين يظنون أنهم في أمان، قائمون داخل بيت به باب مغلق، ليس من يقدر أن يقتحمه ليؤذيهم؟ في نظر أليفاز أولاد وبنات أيوب الذين - في رأيه - هم أشرار ومراءون كأبيهم، وها هم يظنون أنهم سعداء في الوليمة، لا يتوقعون ضررًا يتسلل إليهم. إنهم في أمان، داخل الباب، وتحت حراسة خدمهم وعبيدهم! لكنهم ليسوا في أمان، بل الباب الذي هو مصدر أمانهم يسقط عليهم فيُهلكهم.
لقد حمل هذا القول نبوة عن السيد المسيح القائل: "أنا هو الباب، إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى" (يو 9:10). هذا الباب آمن به الأمم فدخلوا إلى الإيمان، وخرجوا إلى الحياة السماوية، فوجدوا مرعى إلهيًا. صار هذا الباب عينه عثرة لمن ظنوا أنهم في أمان، حيث تمسكوا بحرف الناموس، وظنوا أنهم دون غيرهم داخل الأبواب الإلهية.
لقد رفضوا الإيمان بالسيد المسيح، فصار الباب - مدخل المؤمنين - عثرة لهم، إذ يقول: "لو لم أكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطية، وأما الآن فليس لهم عذر في خطيتهم" (يو 22:15)
* ليتنا لا نرتبك أيها الإخوة في فهمه، إذ يحمل تشبيهات بكونه هو الباب وأيضًا البواب. لأنه ما هو الباب؟ طريق الدخول. من هو البواب؟ ذاك الذي يفتح الباب. إذن من هو ذاك الذي يفتحه إلاَّ هو نفسه حيث يكشف عن ذاته ليُرى؟

* هذه الخطية العظمى هي عدم إيمانهم بالمسيح الذي جاء خصيصًا لكي يجدد إيمانهم. لو لم يأتِ لتحرروا من هذه الخطية.
بمجيئه صارت حياة غير المؤمنين بالأكثر محفوفة بالدمار كما صارت لخلاص الذين يؤمنون. فإنه هو رأس الرسل ورئيسهم، صار كما أعلنوا: "للبعض رائحة حياة لحياة، وللبعض رائحة موت لموت" (2 كو 2: 16).
القديس أغسطينوس
* "وقد تحطموا في الباب..." كما أن مدخل المدينة يُدعى بابًا، هكذا في يوم الدينونة هو باب الملكوت، حيث يدخل منه كل المختارين إلى مجد مدينتهم السماوية... "ولا منقذ لهم" [4]. فإن الحق يخلص من الويل الأبدي هؤلاء الذين في حالتهم المؤقتة قد تضايقوا بالتأديب. من يرفض الضيق يُترك في ذلك الحين دون وجود وسائل للخلاص. فبالنسبة له (للمخلص) لم يهتموا أن يقبلوه أبًا لهم يدربهم، لذلك فإن الأشرار في وقت محنتهم لن يجدوه منقذًا لهم يعينهم.
البابا غريغوريوس (الكبير)
* الآن فلنتأمل ما تقوله الأناجيل في ضوء الوعود بالخيرات. ولا بُد لنا من القول: إن الخيرات التي يعلن عنها الرسل في هذه الأناجيل هي ببساطة "يسوع".
أحد الخيرات التي يعلنون عنها هي القيامة. ولكن القيامة، على وجه ما، هي يسوع، فهو القائل: "أنا هو القيامة"...
كما يقول إشعياء: "ما أجمل على الجبال أقدام المبشرين بالخير" (إش 7:52). إنه يرى كم هو جميل وملائم إعلان الرسل الذين قد ساروا (في المسيح)، وهو القائل: "أنا هو الطريق". يمتدح أقدام السائرين في الطريق المفكرين في يسوع المسيح، ويذهبون من خلال هذا الباب إلى الله (الآب).
إنهم يعلنون عن الخيرات، عن الأقدام الجميلة، أي يسوع.
العلامة أوريجينوس


الَّذِينَ يَأْكُلُ الْجَوْعَانُ حَصِيدَهُمْ،
وَيَأْخُذُهُ حَتَّى مِنَ الشَّوْكِ،
وَيَشْتَفُّ الظَّمْآنُ ثَرْوَتَهُمْ [5].
صارت ثروة أيوب وبنيه نهبًا للسبائيين والكلدانيين. فقد اخترقوا الحواجز المصنوعة من الشوك، وسلبوا الثروة.
ربما يشير هنا إلى اللص الذي يسرق كل المحصول حتى المختلط بالأشواك، أو إلى العادة التي أشار إليها دكتور طومسون Thomson في شرحه لهذه العبارة حيث يقول إن الفلاحين بعد دراسة الحبوب غالبًا ما يضعونها بجوار القش في مكان خاص، ويغطونها بشجيرات كثيفة مملوءة أشواكًا حتى لا تقترب إليها الحيوانات ويأكلوها، وإذ يريد اللصوص سرقة الحبوب يلتزمون بإزالة هذه الشجيرات المملوءة أشواكًا أولًا.
جاء في الترجمة اليسوعية (دار الشرق ببيروت): "يأكل الجائع حصيده، خطفًا من بين الأشواك، ويبتلع العطشى ثروته". فمن لا يفتح قلبه بالحب الداخلي الحقيقي للجائعين والعطشى والمحتاجين، يصير نهبًا للغير. يقتحم الجائع مخازنه، ويُسلب الحصاد من بين الأشواك، ويعطش كثيرون إلى ثروته، فيحسبون من حقهم أن يبتلعوا كل ما له ولا يتركون له شيئًا.
هكذا يتطلع أليفاز إلى أيوب وأولاده أنهم لم يكونوا أسخياء في الحب، إنما من أجل المظهر والمجد الباطل يعطون بسخاء، أما قلوبهم فكانت جافة وقاسية، فاستحقوا نهب ممتلكاتهم من الجائعين والعطشى.
في مرارة صرخ طوبيت إلى الرب، قائلًا: "لأننا أخطأنا إليك، ولم نطع وصياك، فأسلمتنا إلى النهب والجلاء والموت، وأصبحنا أحدوثة وأضحوكة وعارًا في جميع الأمم التي بددتنا بينها" (طو 4:3). ويقول المرتل: "تُرجعنا إلى الوراء عن العدو، ومبغضونا نهبوا لأنفسهم. جعلتنا كالضأن أكلًا، ذرَّيتنا بين الأمم، بعت شعبك بغير مالٍ وما ربحت بثمنهم... (مز 10:44-14). ويقول الرب: "ثروتك وخزائنك أدفعها للنهب، لا بثمنٍ، بل بكل خطاياك وفي كل تخومك" (إر 13:15 - راجع إر 3:17، 6:30، 37:50، حز 21:7، 46:23، إش 13:10).
* "ثروتك وخزائنك أدفعها للنهب، لا بثمنٍ، بل بكل خطاياك" (إر 15: 13). ماهيثروات الخطاة التي يدفعها الله للنهب في مقابل كل خطاياهم؟ هل الثروات التي يجمعونها على الأرض؟ كل إنسانٍ في الواقع يكنز لنفسه، إما على الأرض إن كان إنسانًا شريرًا، أو في السماء إذا كان إنسانًا صالحًا، كما يخبرنا الإنجيل (مت 19:6-20). هل يقول لهذا الشعب: إنه بسبب خطاياكِ أدفع خزائنك وثرواتك للنهب، قاصدًا بتلك الثروات الأنبياء مثل إرميا وإشعياء وموسى؟! لقد نزع الله هذه الكنوز عن هذا الشعب، وقال من خلال السيد المسيح: "إن ملكوت الله ُينزع منكم، ويُعطَى لأمة تعمل أثماره" (مت 43:21). هذه الأمةهي نحن، فقد دفع الله ثروات هذا الشعب (الأنبياء) إلينا.
هم أُستؤمنوا على أقوال الله أولًا (رو 2:3)، ثم أُستؤمنا نحن من بعدهم على هذه الأقوال؛ فقد نُزعت منهم وأُعطيت لنا. كذلك يمكننا أن نقول إن عبارة: "ملكوت الله يُنزع منكم وُيعطَى لأمة تعمل أثماره" التي قالها المخلص تحققت فيه. ليس أن الكتاب المقدس نُزِع منهم، بل أنهم حاليًا لا يملكون الناموس ولا الأنبياء، لأنهم لا يفهمون ولا يُدركون المكتوب فيه. توجد عندهم الأسفار، لذلك فإن ملكوت الله الذي يُنزع عنهم هو "معنى الأسفار المقدسة". إنهم لا يهتمون بمعرفة أي شرح للناموس والأنبياء، لكنهم يقرأونه دون فهم. وبمجيء السيد الرب تحققت بالفعل النبوة التالية: "فقال: اذهب وقل لهذا الشعب اسمعوا سمعًا ولا تفهموا، وأبصروا إبصارًا ولا تعرفوا. غلظ قلب هذا الشعب" (إش 9:6-10؛ مت 14:13-15). كما تحققت أيضًا نبوة إشعياء: "فإنه هوذا السيد رب الجنود ينزع من أورشليم ومن يهوذا السند والركن، كل سند خبز وكل سند ماء. الجبار ورجل الحرب، القاضي والنبي، والعراف والشيخ، رئيس الخمسين والمعتبر والمشير والماهر بين الصناع والحاذق بالرقية" (إش1:3-3). كل هذا قد نزعه الله منهم، ودفعه لنا نحن الذين جئنا من الأمم...
يقول: "لا بثمنٍ بل بكل خطاياكِ وفي كل تخومكِ"، كأنه يقول لهذا الشعب: إن خزائنك وثروتك أدفعها للنهب بسبب خطاياكِ التي ملأت كل تخومك، لأنه لا يوجد مكان عند هذا الشعب لم يمتلئ بالخطية. كيف لا تمتلئ كل تخومهم بالخطايا وهم الذين قتلوا الحق، بما أن السيد المسيح هو الحق، وقتلوا الحكمة، بما أن السيد المسيح هو الحكمة، وقتلوا العدل، بما أن السيد المسيح هو العدل؟ بحكمهم على ابن الله بالموت فقدوا كل ذلك الحق والحكمة والعدل. وحينما قام رب المجد يسوع من بين الأموات لم يظهر أبدًا للذين قتلوه... إنما ظهر فقط للذين آمنوا به، ظهر لهم وحدهم حين قام من الأموات.
"وأُعبِّرُك مع أعدائك (وأخضعك للعبودية في وسط أعدائك) في أرض لم تعرفها، لأن نارًا قد اشتعلت بغضبي تُوقد عليكم". لقد أُخضع هذا الشعب بالفعل للعبودية في وسط أعدائه وفي أرض لم يعرفها. وبعد كلام التهديد هذا الموجه للشعب، يواصل إرميا أو السيد المسيح صلاته ويضيف إلى أقواله السابقة هذه الكلمات: "أنت يا رب عرفت. أذكرني وتعهدني وانتقمليمن مضطهديَّ. بطول أناتك لا تأخذني" أو "لا تكن طويل الأناة عليهم" (LXX).
العلامة أوريجينوس
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
آمنت أنك عادل، لا تقبل الخطية
أيوب | الخطية تقدم الدمار الذي لها
لا تقبل أغراءات الشيطان بتجربة الخطية
مفاجأة.. لجنة الانتخابات تقبل أوراق ترشح أحمد عز
متياس نصر أمام لجنة تقصي الحقائق يتهم كلاً من بدين والدماطى بقتل الأقباط فى ماسبيرو


الساعة الآن 12:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024