|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نظرة الآخرين إن فَكَّرتَ مَلِيّاً بالأمر ستَجِد أنَّ نَظَرات الله للإنسان الخاطِئ هي أَمر مُربِك، أَمر لا يُريدهُ بَل يَخافهُ بشِدَّة لأنَّ الله بالنِّسبة لهُ هو القاضي الذي سَيَدينهُ ويُعاقِبهُ على خَطاياه، حتَّى قَد يَصِل الأمر بالبَعض إلى نُكران وُجود الله لكي يُخَدِّروا ضَمائِرهم ويَفعَلوا ما يَحلوا لَهُم دونَ حَسيبٍ أو رَقيب. في كِتابهِ “الوُجود والعَدَم” يَتحَدَّث الفَيلَسوف المُلحِد جان بّول سارتر عن “النَّظرة” وعن “الآخَرين” موضِحاً بَشاعَة نَظَرات الغُرَباء حينَ يُحَدِّقون بهِ حَيثُ خَصَّصَ جُزءاً من كِتابهِ “الكَينونة والعَدَم” للتَّحَدُّث عن هذا الأمر، وكيفَ أنَّ هوِيَّتنا قَد تُحَدَّد عبرَ نَظَرات الآخَرين لنا. فإنَّ تَحديق النَّاس لفَتَرات طَويلة باللَّوحات المَعروضة في المتحَف أو بالحيوانات المَوجودة في حَديقَة الحَيوان هو أَمر جَيِّد، لكن من غير المَقبول أن يُحَدِّق النَّاس ببَعضِهم البَعض أو أن يَستَمِرُّوا في التَّواصُل البَصَري لأكثَر من ثانيَتين أثناء المُرور في الشَّارِع أو الاِنتِظار في مَكانٍ ما. ونحنُ كبَشَر بطَبيعَتِنا نَرى أنَّ تَحديق الآخَرين بِنا بِشَكل مُبالَغ فيه هو أمر مُزعِج خاصَّةً إن كانَ في غير مَحَلِّه، فنَظَرات النَّاس تَجعَلنا مَحَطّ اهتِمامهم وتحتَ حُكمِهم، وبالنِّسبة لسارتر كَم بالحَري ستَكون نَظَرات الله لنا؟ فهذا الأمر لم يَكُن يَستَسيغه سارتر، وفي المَسرحِيَّة التي كتَبَها بعنوان “لا مَفَرّ” تَعيش ثَلاث شَخصِيَّات حَياتها بعدَ المَوت مَحكومة بالاِستِمرار تحتَ أنظار بَعضها البَعض إلى أن تَصِل إحدى الشَّخصِيَّات في نِهايَة المَسرحِيَّة للخُلاصة الوجودِيَّة لفَلسَفَة سارتر: “الجَحيم هو النَّاس الآخَرين”. |
|