|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ، كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ [65]. سرعان ما تمر فترة التأديب لينعم الشعب ببداية جديدة، حيث يهب شعبه قوة القيامة. يبدو الله كنائمٍ يستيقظ ليعمل بقوة في حياة شعبه. الرب لا ينعس ولا ينام (مز 3:121)، لكنه إذ يقوم للقضاء بعد فترة طويلة من الصمت في طول أناة يكون كمن استيقظ من النوم. في الغرب تستخدم هذه العبارة مع العبارة "وبنى مثل مقدسة مثل مركب الكركدن (وحيد القرن rehinoceros) كالأرض التي أسسها إلى الأبد" في ليتورجية عيد القيامة أو الفصح المسيحي في الصباح، حيث تعلن العبارتان عيد قيامة السيد المسيح كأنها استيقاظ من النوم، ليس للموت سلطان عليه. إنه يستيقظ كجبار غالب للموت وللشيطان، محطمًا سلطانه على المؤمنين. بقيامته أسس كنيسته المقامة في العالم كله لكي تشترك معه في المجد الأبدي. إنها تشبه قرن الكركدن وكما يقول البابا أثناسيوس: [الكركدن حيوان لا يُمكن انهزامه، لأن له في جبهته قرن به يقتل كل حيوان مفترس. هكذا يقول المرتل إنه عندما بُني هيكل الله خضعت الأمم، واستسلمت للقوة التي فيه.] * لقد سمعنا البعض يحاولون تبرير هذا المرض البالغ الضرر الذي يلحق بالنفس، ملتجئين إلى طريقة منفّرة في تفسير الكتاب المقدس لهذا التبرير، كقولهم بأنه ليس من الضرر في شيءٍ أن نغضب على إخوتنا الذين يخطئون، مادام الله ذاته، على حد قولهم، قد ذُكر عنه أنه يسخط ويغضب على أولئك الذين لم يعرفوه أو عرفوه ثم رفضوه، وفقًا للنص: "فحمي غضب الرب على شعبه، وكره ميراثه"، أو وفقًا لكلمات النبي وهو يصلي، قائلًا: "يا رب لا توبخني بغضبك، ولا تؤدبني بغيظك" (مز 6: 1)، غير مدركين أنهم إذ يريدون تلمس الأعذار لارتكاب خطية بالغة الأذية، ينسبون إلى العزة الإلهية ومصدر كل نقاء إحدى وصمات الانفعال البشري، لأن هذه الأشياء تُقال عن الله. فإذا فُسرت حرفيًا بصورة مادية يمكننا القول أيضًا أنه ينام، وفقًا للنص: "استيقظ يا رب لماذا تتغافى؟" (مز 23:44)، مع أنه قيل عنه في مكان آخر: "إنه لا ينعس ولا ينام حافظ إسرائيل" (مز 121: 4). وأنه يقف ويجلس، إذ يقول: "السماوات كرسيَّ والأرض موطئ قدميّ" (إش 1:66)، مع أنه "كال بكفه المياه، وقاس السماوات بالشبر". وهو "معيط من الخمر" حسب قوله "واستيقظ الرب كنائم، كجبارٍ معيطٍ من الخمر" (مز 65:78)، في حين أنه هو "الذي وحده له عدم الموت، ساكنُا في نور لا يُدنى منه" (1 تي 16:6). ولا داعي لذكر "الجهل" و"النسيان" اللذين كثيرًا ما يرد ذكرهما في الكتاب المقدس. وأخيرًا وصف أعضاء الجسد التي نُسبت إليه كما لو كان إنسانًا، كالشعر والرأس والأنف والعينين والوجه واليدين والذراعين والأصابع والبطن والقدمين. إذا عمدنا إلى أخذها جميعًا وفق معناها الحرفي العادي، يلزمنا أن نفكر في الله بما يتفق مع صورة الأعضاء وشكل الجسم، وهذا أمر بشع حقًا حتى مجرد الكلام عنه، ويتحتم أن نستبعده تمامًا عن أفكارنا... حين نقرأ عن غضب الرب وسخطه، ينبغي ألا نفهم اللفظ وفق معنى العاطفة البشرية غير الكريمة. إنما بمعنى يليق بالله، المنزه عن كل انفعالٍ أو شائبةٍ. ومن ثم ينبغي أن ندرك من هذا أنه الديان والمنتقم عن كل الأمور الظالمة التي ترتكب في هذا العالم. وبمنطق هذه المصطلحات ومعناها ينبغي أن نخشاه بكونه المخوف المجازي عن أعمالنا، وإن نخشى عمل أي شيءٍ ضد إرادته. لأن الطبيعة البشرية قد ألفت أن تخشى أولئك الذين تعرف أنهم ساخطون، وتفزع من الإساءة إليهم، كما هو الحال مع بعض القضاة البالغين ذروة العدالة. فالغضب المنتقم يخشاه عادة أولئك الذين يعذبهم اتهام ضمائرهم لهم، بالطبع ليس لوجود هذه النزعة في عقول هؤلاء الذين سيلتزمون بالإنصاف في أحكامهم. لكن بينما هم في غمرةٍ من هذا الخوف، فإن ميول القاضي نحوهم تتسم بالعدالة وعدم التحيز واحترام القانون الذي ينفذه. وهذا مهما سلك بالرفق واللطف، موصوم بأقسى نعوت السخط والغضب الشديد من أولئك الذين عوقبوا بحقٍ وإنصافٍ . القديس يوحنا كاسيان |
|