|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أما ثمر الكبرياء وعمله فينا فهو: أ. لقد أذل الكبرياء آشور وأخضعها لبابل، وأيضًا هكذا يفعل بفرعون مصر: "يستأصله الغرباء عتاة الأمم" [12]. حقًا إن نعمة الله تتخلى عن الإنسان المتكبر فيصير فريسة للشياطين، بهذا يستأصله هؤلاء الغرباء العتاة. أما الإنسان المتضع فتسنده نعمة الله، وتخضع له وحوش البرية، ويملك على الأرض. لهذا قيل: "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض" (مت 5: 5). ب. لا يقف الأمر عند هياج الشياطين ضده، إنما يفقد هو سماته الداخلية التي وُهبت له: "تتساقط قضبانه (فروعه) على الجبال وفي جميع الأودية، وتنكسر قضبانه عند كل أنهار الأرض، وينزل عن ظله كل شعوب الأرض ويتركونه" [12]. هذه صورة مُرّة للنفس، فإن هلاكها ليس نتيجة حرب خارجية، وإنما نتيجة موت داخلي، فتتساقط فروعها بعد أن تجف وتفقد كل حيوية أينما وجدت، سواء على الجبال العالية أو في الوديان المنخفضة، في البراري أو عند الأنهار. ينبع فساده في داخله مهما تكن الظروف، فيصير بلا أغصان، عقيمًا جافًا لا يستظل به أحد، ولا يستريح له إنسان، ويُترك وحيدًا. لقد كتب القديس يوحنا الذهبي الفممقالات كثيرة في هذا الشأن معلنًا أنه لا يقدر أحد أن يؤذي إنسانًا ما لم يؤذِ الإنسان نفسه. بالكبرياء يُحطم الإنسان حياته، معللًا فشله للظروف المحيطة به أو الأشخاص الذين يتعاملون معه. فالعيب في الشجرة التي حملت جفافها لا في الجبال أو الوديان أو الأنهار أو الشعوب التي تركتها. ج. عوض أن تطير إليه طيور السماء لتستريح في ظل أغصانه، وتهرب إليه حيوانات البرية لتلد تحت ظله قيل: "على هشيمه (الشجرة الساقطة) جميع طيور السماء وجميع حيوان البر تكون على قضبانه" [13]. صارت الشجرة هشيمًا لا نفع فيه، فتستقر عليه الطيور محتقرة إياه، ويأتي إليه الحيوانات كما إلى موضع خراب. تصير النفس حاملة طيور السماء أي روح العجرفة والتعالي، وتحمل حيوانات البر أو روح العنف والشراسة والحيوانية. د. تسقط في الهاوية فتصير عبرة للأشجار الأخرى: "لكيلا ترتفع شجرة ما... لأنها قد أسلمت جميعًا إلى الموت إلى الأرض السفلي في وسط بني آدم مع الهابطين في الجب" [14]. ه. يفقد الإنسان فرحه ويدخل به وبالمحيطين به إلى الحزن: "في يوم نزوله إلى الهاوية أقمت نَوْحًا. كسوتُ عليه الغمر، ومنعتُ أنهاره وفنيت المياه الكثيرة وأحزنتُ لبنان عليه وكل أشجار الحقل ذبلت عليه. من صوت سقوطه أرجفت الأمم عند إنزالي إياه إلى الهاوية" [15-16]. تفقد النفس سر فرحها، إذ تحرم من أنهار النعمة المقدسة وتجف المياه الحية بالنسبة لها، فتحزن عليها النفوس الأخرى، وترتجف أيضًا خوفًا على نفسها هذه التي تشترك معها في خطاياها. و. ختم حديثه عن نهاية المتكبرين بقوله: "يضطجع بين الغلف مع المقتولين بالسيف" [18]. ليس نهايته الموت البشع أي القتل بالسيف فحسب وإنما حتى في اضطجاعه يكون بين الغلف أي الدنسين، كأنه قد فقد حياته هنا على الأرض في أبشع صوره وهي القتل بالسيف، ويفقد حياته الأخرى بإحصائه مع الدنسين. هكذا تضيع كل عظمة، ويزول كل مجد، وتحرم النفس من ثمرة النعمة الإلهية التي قدمت لها مجانًا! هذا هو عمل الكبرياء! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حزقيال النبي | المجد الإلهي فينا |
حزقيال النبي | انزع عني الكبرياء |
الروح القدس وعمله فينا البابا شنودة |
عظة الروح القدس وعمله فينا - الأنبا رافائيل |
الروح القدس وعمله فينا |