كما أنَّ للمِلح وسيلة واحدة لإيقاف نزيف الجروح في الجسم المُصاب وتحفظ حياة المُصاب، كذلك على المسيحيِّين إعادة الحياة لعالم مليء بالخطيئة كونوهم شركاء لعمل يسوع الذي هو "الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة" (يوحنا 14: 6). وباختصار، يريد يسوع من المسيحيِّين أن يعطوا حياة البشر مذاقتها.
لم يكتف يسوع أن يقول لنا "أَنتُم مِلح الأَرض" بل يُحذّرنا لئلا نفسد، فلا نجد من يمِلحنا وينزع عنّا الفساد، فأضاف "إِذا فَسَدَ المِلح، فأيُّ شَيءٍ يُمِلحه؟ إِنَّه لا يَصلُحُ بَعدَ ذلك إِلاَّ لأَنْ يُطرَحَ في خارِجِ الدَّار فَيَدوسَه النَّاس". المِلح إذا فسد يصبح عقيم، هكذا التلميذ الذي يحتفظ بحياته لنفسه، خوفا من فقدانها، فلن يستطيع أن يلد حياة أخرى، بل هو نفسه يموت. ويُعلق القديس أوغسطينوس: "يشفع الكاهن لدى الله من أجل الشعب الخاطئ، ولكن ليس من يشفع في الكاهن (متى أخطأ)". وفي نفس المفهوم يقول القديس ايرونيموس "إن سقط الآخرون ربّما يستطيعون أن ينالوا العفو، ولكن إن سقط المعلّم، فإنه بلا عذر، ويسقط تحت انتقام غاية في القسوة". يا لها من مسؤولية كبيرة ألقاها يسوع على عاتق المسيحيين.