"فيُمَجِّدوا أَباكُمُ الَّذي في السَّمَوات" فتشير إلى المسيحيين الذين لا يعملون الأعمال الصَّالحة لتمجيد أنفسهم وطلب مدح النَّاس لهم كما كان يفعل الفريسيُّون، إنما لتمجيد الله كي يسبِّحوه ويحمدوه تعالى. ويُعلق القديس أوغسطينوس "لم يقل " لِيَرَوْا أَعمالَكُمُ الصَّالحة " فقط، بل أضاف " فيُمَجِّدوا أَباكُمُ الَّذي في السَّمَوات"، لأن الإنسان يُرضي الآخرين بأعماله الصَّالحة، لا لأجل إرضائهم في ذاته، بل لتمجيد الله في عمله، لأنَّه يليق بالذين يعجبون بالأعمال الصَّالحة أن يمجّدوا الله لا الإنسان، وذلك كما أظهر ربّنا عند شفاء المفلوج، إذ يقول متى الإنجيلي: "مَجَّدوا اللهَ الَّذي أَولى النَّاس مِثلَ هذا السُّلطان" (متى 9: 8). يقتضي أن يتَّخذ المسيحيون نُور الحق في هذا العالم المُظلم، كما يتخذ النَّاس السِراجٌ في بيوتهم فيُضيئوا للناس بقدوتهم وفضائلهم. في البَيْت المنير ليس المجد للأضواء بل لصاحب البَيْت، وفي المدينة العامرة ليس المجد للبناء بل للباني.