|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عندما يَفقد الإنسان رجاءه، يَفقد الطّاقة التي تدفعه نحَو الأمام" "ما هي توقّعاتك للعام الجديد؟".. سؤالٌ نسمعه يتردّد في بداية العام كما في كلّ عام ، وخصوصاً في البرامج التي ترصد أحوال الناس، والأمور التي حدثت والتي يُتوقّع حدوثها. وما يثير الانتباه أن الغالبية العظمى رازحة تحت تأثير أفكار وأوهام مرهقة ربما لن تحدث أبداً، يقفون عاجزين حيالها، يتوقّعون الأسوأ ويعيشون في اضطراب وقلق دون أدنى أمل بحياة أفضل في السنة الجديدة. إنّ القلق من جهة المستقبل واحتياجاته الماديّة ليس عدم ثقة بالله ومناهضاً للإيمان فحسب، بل هو أيضًا بلا نفع ويسلب الرّجاء من قلب المؤمن . والمسيح سأل في موعظته الشهيرة على الجبل: " وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟" .فأنه مهما حمّلنا أنفسنا بالهموم من جهة الأمور المستقبليّة؛ فأننا لا نقدر أن نغيّرها أدنى تغيير. لأن الله وحده هو القادر على ذلك. فالأليق بنا أن نتّكل عليه، تاركين الأمر بين يديه. ثم استخدم المسيح "طيور السّماء وزنابق الحقل" ليوضّح عناية الله بخلائقه. فالطّيور لا تزرع ولا تحصد ومع ذلك فالله يقوتها. فإن كنّا بحسب ترتيب الخليقة أسمى قيمة من الطّيور؛ فبالتأكيد أن الله يهتمّ باحتياجاتنا. وبعد ذلك يعالج الرّب عدم المنطق في القلق من جهة احتياجاتنا المستقبليّة للملبس. فإنّ زنابق الحقل، لا تتعب ولا تغزل ، ومع ذلك فإنّ جمالها يفوق جمال ملابس سليمان الملوكيّة. فإذا كان الله يستطيع أن يوفّر كساءً رائعًا كهذا للزهور البريّة الفانية التي تمضي لتُستخدم كوقود في التّنور، فهو بالتّأكيد يعتني بشعبه الذي يتعبّد له ويخدمه . لقد دعانا الله إلى حياة أفضل من ذلك، وعلينا ألا ندع أفكارنا تتعلق بأمور الحياة الفانية. فإن كان قد أعطانا الحياة، ألا يعطينا أيضاً كل ما تحتاج إليه أجسادنا الضّعيفة. هذه هي حياة الإيمان. والمسيح بدعوته لنا إلى عدم الاهتمام بالطعام وباللباس لدرجة القلق؛ لم يقصد أنه يَتَحتَّم علينا الجلوس بكسل، منتظرين حتى تُسَدَّ عنّا هذه الحاجات الضّروريّة. فالمسيحيّة لا تشجّع على الخمول والكسل. إنما في معرض تحصيلنا للمال لأجل ضروريّات الحياة ، علينا أن نحترز من جعل هذه الأمور تكتسب أهميّة أكثر من اللازم. فالحياة تنطوي على ما هو أهمّ من الطعام ومن اللباس. "لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ". فالرّبّ يصنع عهدًا مع أتباعه، وكأنّه يقول.." إذا وضعتم مصالح الله أولاً في حياتكم، فإنّي أضمن لكم احتياجاتكم المستقبليّة. إذا كنتم تطلبون أولاً ملكوت الله وبرّه، فسأرتّب الأمور بشكل لا يعوزكم معه شيء من الحاجات الضروريّة في حياتكم". يستطيع المؤمن أن يعيش أيامه القادمة بلا خوف، إن استطاع أن يؤسّس حياته على حقائق أربع عظيمة ويجذرها في قلبه. الحقيقة الأولى: "القناعة". إن اجتماع التّقوى مع القناعة هو تجارة عظيمة. وأن يتحلّى المرء بالتّقوى الحقيقيّة ويبقى في الوقت عينه قنوعًا بأحواله الشّخصيّة لهو أمر لا يقدّر بثمن. فمن الواضح أننا لم نأتي إلى العالم بشيء، ولا نقدر أن نخرج منه بشيء، لذلك يحثّ الرّسول بولس بالقول: "فإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ، فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا". إن كان لديك الملبس والمأكل ويسوع المسيح يملأ حياتك، فأنت غنيّ! لأن المسيح وحده من يستطيع أن يلبّي أعمق احتياج لقلبك. والحقيقة الثانية: "حضور الله". فنحن لا نعلم ما سوف نواجه في العام الجديد، لكن الحقيقة الأكيدة هو أن الله سيكون الحاضر الدائم ولن يتركنا قط. فإن كنت من أبناء الله ثق بأنك لن تواجه المجهول وحدك، بل سيكون هو المرشد في أي أمر محيّر وغير مفهوم، والسند في أي ضيق أو خوف. عندما تعدك كلمة الله بأن الله لن يتركك أبدًا ، فهذا يعني حرفيًا أنه لن يتخلّى عنك أبدًا. الحقيقة الثالثة: "صدق الوعود". فعندما تعدك كلمة الله بأن الله لن يتركك أبدًا ، فهذا يعني حرفيّا أنه لن يتخلّى عنك أبداً. إنّ الله كليّ القدرة وكليّ العلم وكليّ الوجود، وعلى ذلك نحن نبني ثقتنا على وعوده الصادقة والأمينة. فإن شعرت يوماً بالضّعف، أو حين يتملّكك الخوف، أو الحيرة، ستستمعه يقول لك بوعد صريح وأكيد: "لا أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ". الحقيقة الرابعة: "الرّاحة في حمايته". عندما تجد القناعة، وتختبر الرفقة الإلهيّة، وتثق بالوعود الصادقة والأمينة، ستجد في المسيح راحتك. فأنت لا تعلم ما سوف يحمله لك العام الجديد من أحداث. لكنك تستطيع أن تقول بجرأة . "الرّب مُعين لي، لذلك لن أخاف مما يمكن أن يفعله إنسان بي". منذ سنوات صدمت سفينة إحدى الغوّاصات، فغرقت في الحال. واحتجز الطاقم بأكمله داخل الغوّاصة. وبعد أن فشلت كلّ المجهودات الكبيرة التي بُذلت في سبيل إنقاذهم، وقبيل انتهاء تلك الرّحلة المؤلمة ، اقترب أحد الغوّاصين إلى أحد جوانب الغوّاصة وهو يلبس خوذه مزوّدة بسمّاعه ، وسمع قرعاً خفيفاً من الدّاخل. فأدرك أنها رموز مورس.. وكانت سؤالاً يُتلى ببطئ: "هل ...هناك...من...أمل؟" صديقنا، إن الغوّاصة تمثل الحياة، ونحن هم الأشخاص العالقون في الدّاخل. فإن كان يسوع هو ذاك الغوّاص، سيردّ على قرعنا بالقول:" لا...تضطربوا...أنا مُمسكٌ...بزمام...الأمور". كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّهُ قَالَ:«لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ» العبرانيين 13: 5 |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الراحة فيه |
لا تجد الراحة إلا فيه |
الراحة تحت ظله |
الراحة |
الراحة |